كيف نفهم المبارزة الاستراتيجية بين مصر والخليج وتركيا

إنضم
29 أغسطس 2019
المشاركات
2,899
التفاعل
11,373 70 0
الدولة
Egypt
image2-4-759x500.jpg

MARCH 2, 2020

إذا كان التاريخ سيذكر سمة قد لا يختلف عليها الكثيرين لنمط الانخراط التركي في المنطقة خلال قرن من الزمان منذ إعلان تأسيس الجمهورية التركية في أكتوبر 1923؛ ستكن تغيير جلد هويتها وخطابها القومي أكثر من مرة. مصطفي كمال أتاتورك، الذي يُلَقب بـ “أبو الأتراك”، والمدفون في ضريح كبير في أنقرة حيث دُفِن بين حِفَن من تراب جُمعت من جميع أنحاء تركيا؛ أراد لتركيا الوجاهة الأوروبية، فعمل على تنفيذ جملة من السياسيات الرامية لفصل ارتباط تركيا بالمكون والمحيط العربي والإسلامي، والدفع باندماج تركيا في بيئة ثقافية واجتماعية وسياسية أوروبية، بعد خمسة قرون من انخراط الدولة العثمانية في بُعد عربي وإسلامي حُكِم بالحديد والنار.

وإن كانت هناك سمة غالبة لنشاط تلك الدولة العثمانية فيما يخص سياساتها الاستعمارية، سنجد أنها “قفز عشوائي”، غير منظم، ولا يتبع مسار واحد، تجاه الأراضي والمناطق. فمثلاً، توسعت الدولة العثمانية تجاه البلقان وضمت أراضيه، دون أن تحكم سيطرتها الكاملة على أجزاء من الاناضول، وسيطرت على البلقان قرنا، قبل أن تستولى على القسطنطينية. وبينما تتوجه الدولة العثمانية للاستيلاء على مصر والشام، يظل العراق بعيداً عن سيطرتها لفترة من الزمن. وكذا بلاد المغرب العربي، أخضعتها الدولة العثمانية لسيطرتها بنفس أسلوب “القفز”، فسيطرت على الجزائر بعدما سيطرت على تونس.

لذا، فكان الزحف القادم من الأناضول تجاه محيطها قبل خمسة قرون، عشوائياً وبعيداً كل البعد عن الزحف القوسي المعتاد للإمبراطوريات والممالك منذ ذلك الوقت وقبله.



زحف عشوائي تجاه المناطق المحيطة، تبعه تغيير للهوية والخطاب القومي أكثر من مرة، سمتين رئيسيتين لقرن من زمن الأناضول، تُعبر عن تضارب واضح تعيشه هضبة الأناضول الباحثة عن دور تاريخي تطمح أن يكون صداه أكبر من محصلة الحضور التاريخي القصير عبر دولة توسعت واستمرت خمسمائة عام، ثم أصابها الضمور والعجز، حتى قدوم “أتاتورك”، ووضعه أسس وثوابت الجمهورية التركية الحديثة، العلمانية طبقاً للأيديولوجية الكمالية. التي لم تخف هي الأخرى نزعتها للهيمنة على جوارها، واصطدمت مراراً بسوريا والعراق في خمسينات القرن المنصرم وحاولت خنق البلدين مائياً. حتى وصول العدالة والتنمية لسدة الحكم وهيمنته على القرار السياسي منذ العام 2002. وتبنيه مشروع توسعي، قومي أممي، يتخذ من موروث الدولة العثمانية البائدة مرجعاً لتحركاته، وساعياً لشرعتنها، ولاسيما بعد تمكُّن سياسيو تركيا والعدالة والتنمية من احتواء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتوظيف أدوات الإسلام السياسي لخدمة المشروع التوسعي التركي الذي وجد وقته المناسب للخروج والإعلان عن نفسه، بعد بروز معضلة الإسلام السياسي في السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية، لما توهموا أنه يمكن أن يكون نموذج حكم معتدل يساهم في دحر التطرف والتنظيمات الإرهابية بعد مرحلة الحادي عشر من سبتمبر 2001.

ورغم احتفاظ المؤسسة العسكرية التركية آنذاك بموقعها الحارس لعلمانية الدولة، إلا أن ثمة محاولة جديدة لتغيير الهوية والخطاب القومي كانت على الأبواب. هذه المرة لم تكن موجهة للمكون الأوروبي، وإنما للمحيط العربي والإسلامي من موروث دولة عثمانية ثيوقراطية أهال عليها التراب مصطفي كمال أتاتورك قبل تسعين عاماً. مثلت المحاولة الجديدة لتغيير ثوب الهوية لتركيا الحديثة، المتمثل في مشروعها الإسلاموي التوسعي، تهديداً خطيراً ليس فقط على قيم علمانية الدولة، والديمقراطية الغربية، والمكون “الأتاتوركي” داخل أروقة الجيش فحسب، بل مثلت بنفس القدر وأكثر، تهديداً جسيماً لدول جوارها ومحيطها العربي والإسلامي. إذ لا يعرف المشروع الثيوقراطي الأممي حدوداً ولا يعترف بالسيادة الدولية، منطلقاً من أدبيات الحاكمية الإسلامية لأبو الأعلى المودودي وسيد قطب. لذا، تسعي الورقة لتفنيد طبيعة الانخراط التركي في مرحلة ما بعد هيمنة العدالة والتنمية، لتقييم مكامن الخطر ودرجاته على المحيط العربي، والتعاطي العربي ولاسيما (المصري – الخليجي) معه في بيئة أمنية معقدة منبثقة من انهيار كبير لموازين القوي في المنطقة، واستنباط واستشراف التحركات التركية المستقبلية في ضوء سياقات التنافس الإقليمي الحاد علي الدولة المركز، من خلال عدة محاور:

أولاً: مرحلة الانخراط الإيجابي النشط (2002-2010)


1fJeRjj8CAjZS5urc5ebTNThRmlVonUrO3OQJMU3ZGkFiJwrfGmigQjVEXTdCoLlwKsaz1mnF_WVyN_xVDjNZ6xC3G1vIq2VT0kGOGjG63kOhYmYaun6d8E7Nni7QF5cN2SUVqNQWz4zr4LMOA

رأت نخبة الحرية والعدالة، فور فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2002، في التحولات الهيكلية الآنية والمستقبلية للمنطقة العربية والإسلامية بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر؛ فرصة فريدة لتعزيز دور تركيا في المنطقة، من خلال تعزيز حضور مشروع الإسلام السياسي، ودعم صعود الأحزاب المنبثقة من بوتقة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وإشراكها في حكم بلادها تدريجياً. لم يتبن الانخراط الإيجابي النشط لتركيا خيارات مقوضة لنظام الدول القائم في الشرق الأوسط، بقدر ما اتجهت لتبني خيارات تعزيز النفوذ بواسطة أدوات وآليات تتيح تغلغل وتسرُب قوتها الناعمة عبر أبنية النظام الإقليمي القائم وليس بالتصادم معها. ومن أبرز أدوات تلك المرحلة:
  1. الإنتاج الدرامي
_2nvJDhCzr_0sCohegLS0FIOPHL2c73DPT2_9hbnMOgGtfa4XeX7HiYd2VcNlQmBbu8S21WvF-3wVb4ak9t_aU6pbr8neZZ0znb05Op5VwID5BL4rlnQofhZooZLm_PQKedGgFGxOOqdIG--cw

حيث أدارت الاستخبارات التركية المشهد من بعيد، ووظفت بشكل مباشر الأعمال الدرامية التركية في رسم صورة إيجابية عن الدولة والمجتمع والقيم، واتسمت أولي الأعمال الدرامية بالصبغة الاجتماعية، تلتها على الفور الأعمال التاريخية والدينية التي تخدم المشروع التركي وتقوم بتجميل صورة المؤسسين والسلاطين العثمانيين. وتعزز حرف الهوية الثقافية والوطنية لشعوب البلاد المستهدفة عن ميراثها الوطني المتجذر. كما تجدر الإشارة أن توظيف أداة الإنتاج الدرامي والسينمائي شهدت طفرة كبيرة بعد دخول تركيا بما لا يقل عن عشرة أعمال ما بين عامي 2017- 2019 لشبكة نتفليكس، وسوقت الكثير من الأعمال الإجراءات القمعية التي يقودها النظام التركي الحالي بحق المكون الكردي جنوب شرق البلاد؛ على أنها أعمال بطولية تهدف لمكافحة الإرهاب. هذا التغلغل من الممكن عدّه وجهاً جديداً لتطلعات الشخصية القومة التركية للهيمنة الإقليمية.
  1. إرساء شراكات قوية مع المنافسين التقليديين:
l7iF1hj4ZQj4ZjqLcg9A-JFGSnC4iYu7u6Z4N4BCg5M0WHRhSP8qIjciDhRrxbpXD3WdKgKs59RgTHwZbsMvgrM6e2VL_Qz43nbXBIxV1M0acnhuS59wvkQB2g1ehz6DTR1p2QlY0UVxesinvg

سارعت تركيا في رداءها الإسلاموي الجديد لخفض نبرة التنافس والتصعيد مع منافسيها التقليديين ولاسيما أصحاب الثقل الديني كالسعودية. إذ تعد المملكة العربية السعودية منافساً تقليدياً للجمهورية التركية، بالرغم من اكتساء الأولي برداء علماني غربي. وذلك إثر الخلفية التاريخية المشحونة بالصراع بين الدولة العثمانية والدولة السعودية عبر محطاتها المصيرية الثلاث. حيث يعود تأسيس المملكة العربية السعودية التي يعرفها العالم اليوم، إلى العام 1932 على يد الملك عبد العزيز آل سعود. كما أنّ هذه المملكة هي الدولة الثالثة لآل سعود؛ الأولى (1747-1818) والثانية (1818-1891)، وكلا الدولتان تم إسقاطهما عسكرياً على يد الأتراك العثمانيين، الأولى بشكل مباشر، والثانية بشكل غير مباشر عبر دعم الأتراك لآل الرشيد منافسي آل سعود.

ونتيجة لخفض وتيرة الخطاب العدائي، واتجاه العدالة والتنمية لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع الرياض، زار الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز تركيا، في عام 2006، لينهي قطيعة طالت لـ 40 عاماً، وكرر الزيارة في العام التالي. أما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان فقد زار المملكة أربعة مرات في الفترة الممتدة بين عامي (2006-2011).

ج- تمكين الأحزاب السياسية للإسلام السياسي:

IvicEhCWVDo_y-jtV1HpMVit4jep_aqrEgfEZ3VAfwa9J4stV2SMQ2d6SaXMkbbAW6as7bDSk2YndOfpvO9sYpIn2gVWRJmzLAdQWrTcZAcXRT0Sbjco6c05xHVM9RqGKAjPqbPTyLH2AQfF8g

بالتوازي مع النقطتين السابقتين، تبنت تركيا دعم حركات الإسلام السياسي من اقاصي الغرب الصيني “الحزب الإسلامي التركستاني”، وصولاً للمغرب العربي. واتسم ذلك الدعم بأنه غير مقوض للأنظمة الحاكمة في تلك المناطق، قدر تأهيلها لممارسة مهام الإدارة والتشريع بغية وصولها للحكم بعد عقد كامل ولعبها دور وظيفي في تنفيذ الأجندة التركية الأممية.

ثانيا: مرحلة الاشتباك الاستراتيجي

NJLpRAteZb0J_qvGEVzQLhHkuOP9lMeJ_G6seqw77_b6HHxBcDnnASrCB-RGzOZKPJEutOBB4OfM817Ls_QtiJWCRoq2eY1cSkAHYQjJ7bY1vsM9Wvb7AVcz04TSXVSE7rcA6-SfnIN9edthWQ

تلك المرحلة التي أعقبت تفجر الاضطرابات المجتمعية في الكثير من الدول الشرق أوسطية أواخر العام 2010، وتحول تلك الاضطرابات من اشكال التظاهر السلمي لموجة من الاقتتال الداخلي. حصدت تركيا ثمار مرحلة الانخراط الإيجابي النشط طيلة ثمان سنوات من العمل الدؤوب والمنظم، واستغلت حالة الانكشاف الأمني في الدول المركزية في النظام الإقليمي، في انتهاج سياسة أكثر خشونة، ولاسيما بعد إدراكها أن توازن القوي القائم حتى بعد تغلغل قوتها الناعمة في محيطها العربي والإسلامي وخروج العراق من معادلة التوازن، لم يكن ليمكنها من فرض خريطة إقليمية تتواءم ومساعيها للهيمنة. وعليه تكشّف الوجه الحقيقي لأنقرة وزادت حدة التكشف كلما سنحت بيئة مواتية لاستخدام القوة الخشنة وكذلك تصاعدت الجهود الرامية لتقويضها. حيث تبنت تركيا الآتي:
  1. دعم الفواعل العنيفة من غير الدول:
QpXrB6HTwt9879qPv4s6MlL6DXGu6Ayo_9u4kQTDf5KVnjG6GZOKqSqup_7v6A5H8PRnNeLiaYJkIi0J1jcAuUSL0YELHKUDWzOlaDtvoFVTTsFSfinBUitnHnHXVj0vZRxUuhFYl8KmX6HFbA

قدمت أنقرة منذ اليوم الأول للاضطرابات الاجتماعية بالمنطقة، الدعم لحركات الإسلام السياسي المنوه إليها سابقاً، في إطارها الحزبي بعد أن حان الوقت لقطف ثمار ثمان سنوات من الانخراط الإيجابي. ذلك الدعم وصل أيضاً للتنظيمات والفصائل المسلحة، بعد تشظي موجة المد الرابع لظاهرة العابر للحدود منذ تأسيس تنظيم القاعدة ثمانينات القرن المنصرم. وعلى الرغم من ارتكاب تلك الجماعات والفصائل المسلحة للفظائع الموثقة والمدانة من قِبل هيئات أممية كالجمعية العامة ومجلس الامن الدولي، إلا أنها احتفظت بخط دعم سخطي سياسي وعسكري ولوجيستي تركي.

فمثلا تدعم تركيا في إقليم الشرق الأوسط قرابة الثلاثين جماعة وتنظيم مسلح، من سوريا لليبيا، للصومال شرق إفريقيا، لدول الساحل والصحراء. ففي سوريا نجحت الاستخبارات التركية في تحشيد التنظيمات المسلحة شمال سوريا تحت كيان أطلقت عليه “الجيش الوطني السوري”، وذلك إثر فشل الجهود المبذولة لإبقاء ما يُسمي “بالجيش السوري الحر” على قيد الحياة، ورقماً هاماً في مشاريع التسوية السياسية. “الجيش الوطني السوري”، يبسط سيطرته على 30% من المنطقة الممتدة بين أرياف حلب وإدلب.

4R7AqKun1RbERKnZ4NLIYVWdG0TYnUA_XnNvUZHK9_IO60bSG6ec5u492dArbkaj45TvfBm9l4AriYhhU52t2d_TPw2kE3pp63I-jZqWSTHEU0QlAiqdb8IylcvbXV8F-VxMndCzO_IZDYW4rQ

فيما تتولي السيطرة علي المناطق المتبقية هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” التي باتت تواجه الآن قوات الجيش السوري بمعدات ومدرعات قدمتها لها تركيا، رغم إدراجها علي قوائم الإرهاب الدولي وفي كل من أنقرة وموسكو ودمشق.

وفي طرابلس، لم يختلف الوضع كثيراً، إذ تقدم تركيا دعماً لا ينقطع سياسياً وعسكريا لميليشيات حكومة الوفاق، رغم إدارة بعض فصائلها من قِبل أفراد مدرجين على قوائم الإرهاب الدولي. إذ تقيم تركيا جسراً جوياً وبحرياً تديره أجهزة الاستخبارات ووسطائها من شركات الأمن الخاصة التي تولت مهام التدريب وإعادة هيكلة القوات، وتوجيهها في المعارك على الأرض.

مكن الدعم السخي المقدم من أنقرة للتنظيمات المسلحة الموالية لها، من توسيع رقعة نفوذها، وكذلك من حجم التهديدات التي تواجهها من قبل الدول الوطنية التي مازالت تحتفظ بمعادلات ردع قادرة علي تقويض مشروعها التوسعي.
  1. محاولة بسط السيطرة على المضائق ومناطق الاختناق المرور البحرية:
تمتلك تركيا واحد من أفضل أساطيل بحريات القوي المتوسطة في العالم، نظراً لتجهيزاتها الأوروبية والأمريكية الحديثة، واهتمامها الملحوظ بحرب الأعماق، وسلاح الغواصات لتعويض الفارق في قطع السطح لديها مع خصومها ومنافسيها في الإقليم. تلك البحرية تُأمن لتركيا كافة مهام حماية وحراسة مياهها الإقليمية وأهدافها عالية القيمة من سفن تجارية وتنقيب وصولاً لمضيق البوسفور.

bdZzNbD_eBhSBbCnV0o4-6PP6ZIIji3jEAAkCh9ekZc5dLVhpoLcubF8tVHrnDf0FlUGfHeMPULOcT8TT3jFr8q_Ya72wMR7w510BkcJTtN_A91pYMUwAIHbwMnSSwUzo7tiRFOJYLGj08QIZg

لكن اللافت، هو انتهاج تركيا استراتيجية للسيطرة على الممرات والمضائق البحرية الهامة في المنطقة، حيث سارعت بإنشاء قواعد عسكرية في كل من قطر والصومال منتصف العام 2017، وتُصنّف كقواعد مأهولة. قادرة على استضافة وإعاشة أكثر من 10 آلاف جندي وبإمكانهما اجراء النشاطات الاستخباراتية وكذلك العمليات البحرية والجوية، وتدعيم قدرات النقل والتعبئة التركية خارج الحدود الدولية، عملاً بالنظرية الأمريكية الكلاسيكية للتأمين الديناميكي لرؤوس الجسور. كما دفعت التطورات اللاحقة اتجاه تركيا لإقامه قاعدة عسكرية لها علي البحر الأحمر في جزيرة سواكن السودانية بعد زيارة الرئيس التركي للسودان ولقاءه البشير في ديسمبر من العام 2017، الذي وافق بدوره على تخصيص الجزيرة للإدارة التركية، وهو الأمر الذي تلاشى فيما بعد قيام الثورة السودانية ضد نظامه.
  1. شن العمليات العسكرية:
_9qReIV9ab-yNRocE1aG0faBRYppBc0F3BDkitQbiXhVpahV3tBCKdmYDiF1kDn0w1myTHce9LAnusqOvoaarm7C15YYAh2PEuzjjaUxjMgRdy-yYxwV7cvL89EeOvX8vaw-FLu8lstiWBj7VA

علي الرغم من اعتماد تركيا علي وكلائها الميليشياويين في مهام التغيير الديمغرافي، وقضم مساحات كبيرة من أراضي دول الجوار “سوريا – العراق”، إلا أن ذلك الاعتماد لم ينجز الأهداف الاستراتيجية للنظام التركي علي الوجه المطلوب، إذ باتت التنظيمات المسلحة مخلب قوي لتركيا، لكنها كانت أضعف من تقديم “المنطقة الآمنة” في الشمال السوري لمخططي الاستراتيجية التركية، ما تطلب شن تركيا لثلاثة عمليات رئيسية في شمال سوريا منذ العام 2016 وحتي الآن، حيث نجحت في تفتيت وفصل الكنتونات الكردية عن بعضها البعض، من القامشلي لمدينة كوباني وصولا لعفرين بطول الشريط الحدودي، وإقامة منطقة حاجزة تحول دون قيام أي كيان سياسي كردي بتفعيل إجراءات وممارسات الحكم الذاتي بطول شمال سوريا.

zbWwU3htBNP_ElfyJk2j2ukoRs6jQq5ojGiPMKrLcpfgmgXIBOATsk1NaGIeFUW4MrCah0pTyP3HO_BxlartYsMtjqd3WQ1dpkbUDlhr8XPxVadDGNDVWH5viCqd2lIkChXHZTDZ-sjf_Fbc6w

العراق، شهد أيضاً تجاوزاً تركياً لسيادته التي أصبحت أمام نير التجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية. حيت عززت تركيا من تمركزها العسكري في بعشيقة شمال العراق، حيث تنتشر قواتها في أكثر من 20 قاعدة ونقطة عسكرية غير مأهولة. وكان آخر التدخلات العسكرية التركية في العراق والتي استخدمت فيها أنساق مشاة ميكانيكي – مدرع، في مايو 2019. كما ترفض تركيا الخروج من تلك النقاط والقواعد وتتجاهل طلبات بغداد الرسمية الرامية لإيجاد آلية لإنفاذ إفراغ المنطقة من كافة أشكال التواجد العسكري التركي.

إجمالا، يمكن القول إن سياسة تركيا في مرحلة الاشتباك الاستراتيجي عمدت إلى استغلال حالة الفوضى والسيولة الإقليمية وانهيار الدول المركزية وانكشاف الجناح الشرقي للمنطقة العربية، لتحقيق مزيد من التغلغل العسكري ولإطالة أمد الأزمات في تلك البلدان كونها توفر البيئة المُثلي للتدخلات التركية وتسهم في تحقيق مكاسبها ضمن خططها التوسعية الأممية. كما تحاول تركيا من خلال هذه السياسات فرض وقائع ميدانية بغية التعاطي معها والتفاوض عليها وليس ردعها. وبدلاً من العمل عبر آليات الاعتماد المتبادل المركب، التي تراعي في تحركاتها احترام القوانين والمواثيق الدولية، باتت تركيا عاملاً رئيسياً في إشاعة الفوضى، ودفعت باتجاه الاعتماد أكثر على آلية (الراعي – الوكيل)، لإدارة تنظيماتها المسلحة في أكثر من بؤرة بالمنطقة. وهي آلية تسهم في بزوغ حالات عدم الاستقرار الممتد وتتداخل مع غالبية الخطط الراعية للنشاط الإرهابي، كونه بالإساس يحتاج لراعِ يضمن من خلاله أسباب الدعم والبقاء في معادلات الصراع.

وبشكل عام، تعرضت الدول العربية لمخاطر وتهديدات جسامِ، نتيجة تلك السياسيات التركية، وخاصة بعد انهيار أحلام الانضمام للاتحاد الأوروبي، فتحول قوس الهيمنة وسهامه لصانع القرار في أنقرة، للمنطقة العربية التي كانت لطالما تأتِ في مراكز ثانية بعد دوائر أوروبا والبلقان، أصبحت الآن علي أولوية الأجندة التركية. وتأثرت دوائر الأمن القومي العربي والمصري خاصة بمثل هذه السياسات، ولاسيما بعد الارتباط العضوي بين تلك الدوائر. فعلي سبيل المثال تهديد أمن الخليج، يعني تهديداً للامن القومي المصري، والعكس صحيح.

وعليه فإن جملة التهديدات التركية طالت دوائر الأمن القومي المصري والعربي:
  • القرن الإفريقي، فبالرغم من تواجد تركيا هناك بقاعدة عسكرية في الصومال، إلا أن تأثير ذلك يصل لأبعد من بحر العرب والمحيط الهندي ومضيق باب المندب. حيث ثبُتَ مؤخراً دعم تركيا لجماعة شباب المجاهدين. في أدلة جديدة تشير إلى علاقة تركيا بالتنظيمات المتطرفة، كشفت معلومات مُستقاة من وثائق قضائية أن وكالة الاستخبارات التركية أرسلت مئات الآلاف من الدولارات إلى حركة الشباب الصومالية، عبر عميل كان سجينا سابقا في معتقل “غوانتانامو”.وتترافق هذه المعلومات التي كشفها مركز أبحاث في السويد، مع تقارير أمنية أميركية سابقة، أشارت إلى تمويل من قطر، حليفة تركيا الأولى في المنطقة، للمنظمات المتطرفة، ليكتمل المشهد الإرهابي في الصومال، البلد الأفريقي الغارق في الفوضى بسبب ممارسات أنقرة والدوحة المتحالفتين أيضا مع النظام الإيراني، في دعم المتطرفين. وذكر موقع “نورديك مونيتور”، التابع لشبكة الشمال للأبحاث والرصد المتخصصة في تتبع الحركات المتطرفة، أن الحكومة الأميركية اكتشفت عملية تحويل الأموال من الاستخبارات التركية إلى “الشباب”.

وأبلغت أنقرة بالأمر، وطالبتها بتحقيق لكشف الشبكة الإرهابية التي تعمل على تمويل الحركة المتطرفة. لكن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان أوقفت التحقيقات التي انطلقت بعد الإخطار الذي أرسله مكتب مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، ديفيد كوهين، في ذلك الوقت.
  • الخليج العربي، حيث أقامت تركيا قاعدة عسكرية كبيرة لها في الدوحة، وتطورت الخطط التركية هناك منذ شهور مضت لإنشاء قاعدة عسكرية ثانية، لها القدرة على إطلاق العمليات البحرية والجوية، فضلاً عن مهام حراسة القصر الأميري. وقد أشار موقع نورديك مونيتور السويدي المختص في دراسات الاستخبارات والتنظيمات المسلحة لاستخدام تركيا قواعدها في الدوحة لتنفيذ المهام الاستخباراتية في اختراق صريح للسيادة القطرية. تجدر الإشارة أن الخطاب العدائي التركي تجاه الرياض وأبو ظبي، تزامن رفع وتيرته مع انشاء تلك القواعد، التي باتت تضم قوات تركية مدرعة أصبحت على مقربة أميال من الحدود السعودية، في تهديد كبير لأمن الدول الخليجية.
  • شمال إفريقيا، حيث اثارت مذكرتي التفاهم الموقعة بين حكومة فايز السراج، والحكومة التركية، في نوفمبر من العام الماضي، الكثير من الجدل، كونها احتوت على مضامين دعم عسكري غير محدود لميليشيات حكومة الوفاق، وترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا بما يخالف القوانين الأممية المنظمة لها، كقانون البحار. مذكرتي التفاهم بدورهما مهدتا لإقرار البرلمان التركي لمشروع قانون يسمح بإرسال قوات تركية لميدان الحرب في ليبيا. ما يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وتحدياً أمام الجهود الميدانية للجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب وخاصة بعد نجاحاته الأخيرة في ضم معظم الجغرافيا الليبية لسيطرته، وتثبيت سيطرته النارية على المناطق الرخوة كالحوض الجنوبي، والحدود مع الجزائر وتشاد.
  • الساحل والصحراء، تنشط في دول الساحل والصحراء قوتيين دوليتين، هما الولايات المتحدة عبر قواعد عسكرية غير مأهولة لسلاح الطيران المُسير، وفرنسا التي تتواجد هناك منذ عقود في إطار عمليات مكافحة الإرهاب. ولأول مرة، تخطو الاستخبارات التركية أولي خطواتها في الصحاري الشاسعة هناك وتقوم بتعزيز ارتباطاتها بقبائل الطوارق.

التي تحكم سيطرتها هي الأخرى على مسارات التهريب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية ولها مكون في كل دول الإقليم. كما أزكت حالة العداء الفرنسي – التركي، والموقف الفرنسي المناهض للسياسات التركية في شمال شرقي سوريا، وشرق المتوسط، استخدام تركيا لورقة التنظيمات المسلحة في مالي وتشاد للضغط على الحكومة الفرنسية.



يُلاحظ أن دينامية تحرك المشروع التوسعي التركي الأممي، بعد وصول العدالة والتنمية لسدة الحكم، قد أدرك عوار دينامية التحرك العشوائي إبان الدولة العثمانية البائدة، الذي اتسم بـ “القفز”. وأصبحت تركيا بردائها الإسلاموي الآن تتحرك عن دراسة وخبرة تراكمية كبيرة، تعي بها قيمة المناطق الاستراتيجية الحاكمة، في المبارزة الاستراتيجية الدائرة منذ عقد تقريباً، كما يُلاحظ من مراقبة إحداثيات التحرك والنشاط التركي انها رمت للتطويق الفعلي للمنطقة العربية.



وعليه طورت الدول العربية المركزية ممثلة في مصر والدول الخليجية الثلاث (السعودية – الإمارات – البحرين) فيما بات يُعرف بالرباعي العربي، استراتيجية لاحتواء التهديدات التركية المباشرة، واستباقها. ومن أبرز ركائزها:

  • المقاطعة الشاملة لدولة قطر، حيث أعلنت الدول الأربع فجر يوم الخامس من يونيو 2017، مقاطعتها لكافة العلاقات مع الدوحة، ووجهت لها اتهاماتِ بالإضرار بالأمن القومي العربي، والعمل ضمن خطط مدروسة بعناية لتفتيت المنطقة العربية لصالح قوي إقليمية معينة، كما طالبتها بقائمة من 13 مطلباً، كان أبرزها خفض العلاقات مع إيران، والإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية. جاءت مطالب الدول العربية بعدما تموضعت قطر في محور (تركيا – إيران)، وباتت أداة وظيفية كتنظيم الإخوان المسلمين في البلاد العربية. فبشكل عام، تتموضع قطر في الاستراتيجية الإقليمية كونها موقعاً هاماً في إمبراطورية القواعد الأمريكية بالمنطقة، ومن جهة أخري قطب فاعل في المحور الإيراني التركي، على نحو أحدث تغييراً وتحولاً في مصفوفة الأدوار الإقليمية. تغييراً أثبت أن التداخل بين الدوحة وتنظيم الإخوان عميقاً لدرجة ينعدم مثول نظيره في النموذج التركي، بحيث أصبح بقاء التنظيم الدولي من بقاء الدوحة والعكس صحيح.
  • دعم الاستراتيجية المصرية في شرق المتوسط، نجحت مصر في انشاء تحالف استراتيجي يقوم على شراكات أمنية واقتصادية وسياسية مع كل من قبرص واليونان منذ العام 2014، حيث نجح الثلاثي في تقديم نموذج للتعاون الإقليمي المثمر ولاسيما في قطاعات الطاقة. إذ تزامن ظهور التحالف مع اكتشافات الغاز الضخمة بالمنطقة، وإحكام طوق العزلة المفروض على تركيا جراء انهيار سياسة “صفر مشاكل” مع غالبية دول الجوار التركي تقريبا. فلأول مرة تتجه الدول الخليجية لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع كل من قبرص واليونان. فمنذ سبتمبر الماضي تحركت السعودية لدائرة شرق المتوسط، وافتتحت أول سفارة لها في قبرص، تبعها خمس زيارات متبادلة من المسؤولين في كلا البلدين، تزامن ذلك أيضاً مع زيارات قام بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لليونان، في الـ 24 من يناير الفائت، تلاها زيارة رئيس الوزراء اليوناني، للمملكة مطلع فبراير الجاري. ولقاؤه الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كان ذلك قبل أن يتوجه لأبو ظبي للقاء الشيخ محمد بن زايد. أفرزت الزيارات المتبادلة بين الرياض – أبو ظبي – نيقوسيا – أثينا. إلي زيادة مستوي التنسيق الدفاعي بالمقام الأول، حيث أعلنت مصادر رسمية فور مغادرة رئيس الوزراء اليوناني للرياض، نشر اليونان لمنظومة باتريوت الصاروخية للدفاع الجوي، في السعودية وذلك لحماية المنشآت الحيوية في البلاد. كما دفع رفع مستوي التنسيق لزيادة الاستثمارات في قبرص تحديداً، التي تعد أضعف حلقة يمكن لتركيا من خلالها المحاولة لفك وإضعاف الارتباط الاستراتيجي بين مصر ودول الحوض، ولاسيما بعض دخول فرنسا وإيطاليا ضمن مصفوفة تحالف شرق المتوسط.
  • تنسيق أعمال الاستخبارات، حيث تسعي مصر والدول الخليجية، لتكثيف أوجه التعاون وتبادل المعلومات على مستوي أجهزة المخابرات. إذ تولي تركيا لمجمع استخباراتها الذي يضم عدة أجهزة، اهتماماً كبيراً وخاصة بعد احتياج نشاطاتها التوسعية والعدائية لجهاز استخبارات علي أعلي مستوي، يقوم برفع تكلفة مواجهة وتقويض مشروعها ضمن العديد من التكتيكات المبتكرة في مضمار حروب العصابات على سبيل المثال. وفي هذا الصدد أجري مدير جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير عباس كامل، عدة زيارات لدول في المنطقة العربية وشمال إفريقيا، قدم خلالها معلومات فائقة الحساسية، عن المخططات التركية في تلك الدول، والتي وصفها “كامل” بانها الأخطر ضد المنطقة العربية. وتناقلت وقائع الزيارات العديد من التقارير الاستقصائية، لكنها لم تتطرق للمعلومات فائقة الحساسية التي قدمها مدير جهاز المخابرات المصرية للدول التي زارها، وكانت ترتبط بالأساس بطبيعة التحركات التركية وأهدافها، وشبكات جواسيسها في تلك الدول. وعلى إثر تلك المعلومات الدقيقة المقدمة، نجح “الوزير عباس كامل” في “تكوين خلية أمنية عالية المستوي، شبيهة بغرفة عمليات تضم ممثلين رفيعي المستوي عن أجهزة أمن هذه الدول لمواجهة مخططات التمدد التركية”.وبدا واضحاً، أن التحرك المصري الاستخباري الأخير يأتي ضمن جملة تحركات مصرية هدفت لتعزيز دور القاهرة لتقويض النفوذ التركي، ومنعه من رفع مستوي التهديد في دوائر الأمن القومي المباشرة والغير مباشرة، ولاسيما بعد نجاح القاهرة في عدم الانجراف في معارك مع وكلاء أنقرة الميليشياويين كونه أحد الفخاخ التركية لاستنزاف القدرات البقائية المصرية وجرها لصراعات علي أنساق حروب الوكالة والعصابات وخاصة في ليبيا. كما استضافت القاهرة منذ أيام “المنتدى العربي الاستخباري”، بمشاركة رؤساء أجهزة المخابرات في الدول العربية، وأوضح المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية أن الاجتماع شهد مناقشة أبرز الموضوعات التي تم تناولها في إطار المنتدى، خاصةً مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والجريمة المنظمة، وكذلك أفضل الممارسات والسبل للمواجهة الفعالة لتلك التهديدات على نحو شامل يراعي الأبعاد والخصوصيات التنموية والاجتماعية والثقافية للدول العربية، ويحقق لها الأمن والاستقرار.
  • حشد دعم عربي وتحصين النظام الإقليمي العربي، رغم الموقف السعودي تحديداً من الأزمة السورية، الذي يجئ ضد الرئيس السوري وحكومته، وتباينه مع الموقف المصري، إلا أن السعودية عبرت عن إدانتها للتدخلات التركية في سوريا، التي كان آخرها عملية نبع السلام. وتُرجِم ذلك في موقف عربي موحد – عدا تحفظ قطر والصومال – في اجتماع الجامعة العربية على مستوي وزراء الخارجية، بعدما كان يتعذر أن تخرج الجامعة بقرارات تخص الأزمة السورية وتتقارب فيها المواقف لهذا الحد. تجدر الإشارة أن الإمارات أعادت فتح سفاراتها في دمشق، في ديسمبر 2018، وذلك بعد إغلاق دام لسبع سنوات. كما استقبلت القاهرة في أكتوبر الماضي السفير السوري، في مجلس النواب، معلنة عن رفضها للتدخلات التركية، في موقف قد يؤشر لتطورات إيجابية قد تعيد سوريا لمحيطها العربي ما يدفع بإيجاد مركز قانوني أقوي على صعيد الشرعية الدولية من شأنه تقويض السياسات التركية وجعل تكلفة استمرارها على هذا النحو مكلفة ومرهقة لصانع القرار في أنقرة.
  • ترسيخ معادلة ردع مستدامة، مع ارتباط دوائر الأمن القومي المصري والعربي، ونجاح القاهرة في خلق معادلة ردع إثر تطوير قدراتها العسكرية سريعاً وتدعيم شبكة تحالفاتها الاستراتيجية في محيطها ولاسيما في شرق المتوسط. تظهر الحاجة لربط قدرة الردع في مصر والخليج ببعضهما البعض عن طريق تحالفات تطال، بل وتركز على مسارح المواجهة البحرية، ولاسيما في البحر الأحمر، وذلك لخنق التواجد العسكري التركي في الصومال، الرامي أصلاً لدخول ساحة البحر الأحمر. وفي هذا الصدد شهدت المملكة العربية السعودية، الثاني من يناير الفائت، توقيع ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن. وفي مؤتمر صحفي بالرياض، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، توقيع الميثاق بمشاركة 8 دول عربية وإفريقية، هي: المملكة العربية السعودية مصر والأردن والسودان واليمن واريتريا والصومال الفيدرالية وجيبوتي، فيما ستصبح الرياض مقرًا للمجلس. وقال بن فرحان إن تأسيس المجلس “يأتي استشعارًا من قادتنا بأهمية التنسيق والتشاور حول الممر المائي باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيسي لدول شرق آسيا وأوروبا”. وعلى هامش إعلان تأسيس المجلس الجديد، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره السعودي، حسب بيان للخارجية المصرية. وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن الوزيرين تناولا التطورات المُتسارعة التي تشهدها الساحة الإقليمية، لاسيما في ليبيا، في ضوء الخطوة الأخيرة المُتعلقة بالتفويض الذي منحه البرلمان التركي لإرسال قوات تركية إلى ليبيا.واتفق الوزيران على رفض التصعيد التركي كونه “مُخالفة للقانون الدولي”، كما تطرق شكري وبن فرحان للأوضاع في العراق “والتدخلات الإيرانية والتركية في المنطقة”، إضافة إلى “التهديدات التي تتعرض لها الدول العربية في الخليج”، واتفقا على أهمية عدم السماح للتطورات على الساحة الإقليمية بالتأثير سلبًا على أمن واستقرار الخليج العربي. تلي ذلك المؤتمر بنحو شهر إجراء تدريب مصري – سعودي مشترك على صعيد القوة البحرية وكان مسرحه البحر الأحمر.
  • الوطنية مقابل الأممية، رغم كون المقوم القومي هو الدافع الأساسي لسياسات الهيمنة التركية عبر التاريخ سواء في الحقبة العثمانية البائدة أو في المرحلة الراهنة، استغلت تركيا خطاب الأممية الإسلامية مطية لتوظيف قوي الإسلام السياسي والسلفية الجهادية لتمرير أطماعها الإقليمية مثلها في ذلك مثل السياسات الإيرانية، مقابل هذا المشروع الطائفي الذي أفضي إلي تعزيز سياسات الانقسام وحالات التفكك والفوضى، تدعم مصر والدول الخليجية مشروع الدولة الوطنية، واحتكارها للقوة المسلحة، دون التنظيمات والميليشيات المسلحة أصحاب الانتماءات والولاءات دون الوطنية. وتخوض الدولة المصرية مع اشقائها في الخليج صراعاً كبيراً لدعم مشاريع الدولة الوطنية في كل من ليبيا وسوريا واليمن والعراق ولبنان والسودان.


ختاماً

تتبوء تركيا موضعا هاماً في النظام الدولي كقوة متوسطة، وقد حققت مكاسب كبيرة ضمن خططها التوسعية، بيد ان تلك المكاسب ومستقبل صعود مشروعها واجه تحدياً مصيرياً بعد ثورة الثلاثين من يونيو، في مصر، وهو ما يفسر العداء التركي للنظام السياسي المصري الحالي، والخليجي كذلك. لذا من المرجح أن تزداد الارتباطات التركية الإيرانية في الفترة المقبلة وكذا أوجه التنسيق والتعاون بينهما الرامي لتهديد المنطقة العربية ليس من جهة الشرق هذه المرة، بل من الجنوب، انطلاقا من دول الساحل والصحراء والغرب الافريقي الذي بات يشهد نشاطا ملحوظاً لتنظيمات داعش والقاعدة في الآونة الأخيرة.

 

دراسة سمك لبن تمر هندي .
الدراسة متشابهة جدا لدراسة نشرها الاتراك عن الفرق بين سياسات الكماليين و سياسة احمد داوود أوغلو صفر مشاكل و سياسة أردوغان التدخل الخشن في 2015 شكلك نايم 😂😂
 
الدراسة متشابهة جدا لدراسة نشرها الاتراك عن الفرق بين سياسات الكماليين و سياسة احمد داوود أوغلو صفر مشاكل و سياسة أردوغان التدخل الخشن في 2015 شكلك نايم 😂😂
لكن الدراسة ديه اكتر تفصيلا و دسامة
 
الدراسة متشابهة جدا لدراسة نشرها الاتراك عن الفرق بين سياسات الكماليين و سياسة احمد داوود أوغلو صفر مشاكل و سياسة أردوغان التدخل الخشن في 2015 شكلك نايم 😂😂
7693181E-7E1C-4B48-8F16-B0D441F201F8.png

 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى