بسم الله الرحمن الرحيم،
التاريخ أكتوبر 1973
الملك فيصل يقطع النفط عن العالم لكي لا يترك مصر وحيدة أمام المعتدين ولتستطيع استعادة أرضها المحتلة.
هنا بدأت مداولات الكونجرس وخرجت خطط في الصحافة مثل احتلال آبار النفط السعودية. ولأن السعودية ليست دولة هامشية قام زعيم الدبلوماسية السعودية الملك فيصل رحمه الله بعمل سياسي خطير كان مثل الصفعة بقالب من الاسمنت في وجه الغرب تسبب في أن يبدلوا خطتهم من الهلع. لا تصدقني؟ خذ التفاصيل
في الوقت الذي قطع الملك فيصل فيه النفط عن العالم حتى لا تكون مصر وحيدة أمام إسرائيل ومن يقف معها، كان العالم منقسما انقساما حادا للغاية بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي. كان خسارة أي بلد في العالم لصالح السوفييت يعتبر أمرا خطيرا ويبعث على أقصى درجات التوتر لدى الأمريكيين.
لأن التمدد السوفييتي يهدد بتقويض نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية والذي كان الغرب يستفيد منها كثيرا وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تتزعمه.
الكونجرس الأمريكي في ذلك الوقت أراد الضغط على السعوديين بإبراز خطط احتلال آبار البترول السعودية وحرمان السعوديين من القدرة على التحكم بسوق الطاقة في العالم.
يجب أن ننوه هنا أن السعودية كانت ولا تزال وستظل هي من تمتلك القدرة شبه الحصرية على تحديد أسعار النفط العالمية وهذا يعطيها نفوذ رهيب في العالم بل إن وجودها ضمن أي معسكر سواء الشرقي والغربي يعطي ثقلا هائلا لذلك المعسكر لأن التفاهم مع السعوديين يساوي النفوذ داخل سوق الطاقة.
خرجت الخطة الأمريكية في الصحافة، وفي قناعتي الشخصية لم يكن الأمريكيين يعنون ما يهددون بله بل هي محاولة للوصول لحافة الهاوية مع السعودية حتى يخافوا ويعيدوا ضخ البترول للعالم.
الرد السعودي:
قام زعيم الدبلوماسية السعودية، الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله بلخبطة كافة أوراق الغرب حيث أرسل رسالة تهنئة لنيكولاي بودغورني رئيس المجلس الشيوعي السوفييتي الأعلي مهنئا إياه ومتمنيا للشعب السوفييتي الصديق كل التقدم والرخاء.
هذه الرسالة عزيزي القاريء وفي تقييمي المتواضع كانت أثقل على الغرب من أي شيء. مجرد ملاطفة السعودية للمعسكر الشرقي يساوي خسارة بوابة الشرق الأوسط الأهم، خسارة قبة العالم الإسلامي المتفردة، خسارة النفوذ في سوق الطاقة يساوي الصعود الصاروخي للنفوذ السوفييتي في مواجهة الغرب.
يساوي اهتزاز نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية بشكل حاد جدا ويخلق كفة نفوذ أخرى خطيرة للغاية. هنا تبخرت فكرة احتلال آبار النفط السعودية، وجاء هينري كيسنجر ليتفاهم مع الملك فيصل.
لكن هذه المرة باحترام أكثر من العادة.
كان هذا التلويح إشارة عالمية واضحة على ولادة القوة الإقليمية الشرق أوسطية والتي مضت لتصبح عملاق الشرق الأوسط الوحيد ذو الذراع الدبلوماسية القادرة على التأثير وتحقيق المطلوب بنجاح حتى أمام دولة عظمى حتى داخل أزمة عالمية طاحنة. وبكل براعة تستحق الاحترام.
عاش هذا الوطن المقدس وأبناؤه الأوفياء.
تحية،،