منذ عدة أشهر بدأت نبرة الاشقاء في مصر بالتغير تجاه سد النهضة بعد تعنت المفاوض الاثيوبي الذي رفض كل الطلبات المصرية وطلب إعادة التفاوض على كل شيء من الصفر بل اعتبر ان دخول البنك الدولي وواشنطن فرصة لتثبيت حقه ووضع اعلان مبادئ سد النهضة الذي وقعت عليه مصر في مضابط المؤسسات الرسمية هناك محققا نقطة سياسية ذكية وفرها له المصريين مجانا دون أن يشعروا.
النبرة الجديدة تلمح إلى عمل عسكري ضد سد النهضة. برزت هذه النبرة بعد لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أيام قليلة من بيانات حماسية من الخارجية المصرية. رسالة مصر المستترة واضحة: سوف نبدأ بالتعامل معكم بخشونة، عودوا للتفاوض أفضل للجميع.
شخصيا لا اشتري الرسالة المصرية (وبإمكان الاثيوبيين ان يقبلوا او يرفضوا هم احرار) لكن اذا قمت بتقييم الوضع بشكل موضوعي ستجد ان ما يقوم به المصريين هو محاولة الوصول لحافة الهاوية للحصول على عرض تفاوضي أفضل. لا أكثر من هذا. الاثيوبيين يتصلبون جدا وهذا لا يصح أبدا. فلا يمكن أن أقبل كإنسان عربي بأن تكون مصر فريسة لإثيوبيا تقوم بخداعها لتوقع على كل ما يشتهي الاثيوبيين، ثم تجرجرهم الى أن يضعوا الوثائق التي وقعوا عليها في خزانة في البيت الأبيض ثم ينسحبوا من التفاوض بعد ان حققوا كل ما يريدون من خلال المصريين. أرفض أيضا ان يتم تعطيش شعب من شعوب العرب.
لكن إذا نحينا عواطفنا وحبنا لمصر جانبا ونظرنا بشكل براجماتي للأمر، بإمكاننا تلخيص حقيقة ضعف الموقف المصري في ثلاث نقاط جوهرية لا يمكن تجاوزها.
أولا، جمهورية مصر العربية عاجزة عن تحقيق ضربة مؤثرة لسد النهضة. أنا أعلم أن هناك صور وفيديوهات للقوات الجوية المصرية منشورة على الانترنت وينسج حولها دعاية عظيمة عن قوة مصر الجوية وسطوتها وقدرتها الخ. لكن المشكلة تتضح عندما تبدأ في فحص الأمور على مستوى التفاصيل. لنتذكر أولا أن القوات الجوية المصرية تعاني من قصور خطير في قدرتها على شن عمليات بعيدة المدى. ظهر ذلك في التقييم الذي قمنا به بعد عمليات قصف درنة في ليبيا. ظهر القصور الخطير في قدرات ال F-16 المصرية على أن تحمل أكثر من قنبلتين صماء غير موجهة بالليزر لكل مقاتلة. مثل تلك القنابل لن تستطيع حتى تغيير لون بوية السد الخرساني الهائل. عدى عن عدم وجود الذخيرة المؤثرة لضرب السد، مصر حتى الأن لا تمتلك القدرة على إيصال الحمولة المتفجرة الى السد. فلا تمتلك مصر اليوم قدرات تزود بالوقود جوا نهائيا. وما صور الرافال التي تزود الرافال الأخرى بالوقود وال Mig-35 التي تزود اختها بالوقود الا محاولة لإرسال رسالة ان القدرات متوفرة وهذا غير حقيقي ومجرد دعاية لا أكثر.
هذا وحده كفيل بأن يلغي فكرة تزويد المقاتلات بعضها بالوقود جوا من أي حسابات إثيوبية كتهديد آني يجب التعامل معه.
باختصار: مصر لا تمتلك القدرة على الوصول لسد النهضة، ولا تمتلك القدرة على إيصال شحنة متفجرة مؤثرة في السد.
الخلاصة من النقطة الأولى هي: الدعاية الإعلامية المصرية مميزة، لكنها لا تعبر عن أي واقع فالواقع الحقيقي هو: ذراع مصر قصيرة، ذراع مصر ضعيفة. جويا أقصد.
ثانيا، الضغط السياسي من خلال أمريكا لن يفيد. يعقد الرئيس السيسي آماله على الرئيس ترامب أن ينقذ مصر من هذا المأزق الذي تسبب فيه توقيعه على إعلان مباديء سد النهضة الذي تعترف فيه مصر بحقوق اثيوبيا دون ان تقدم اثيوبيا شيئا في مقابل ذلك التوقيع الذي لا يقدر بثمن.
في الحقيقة ان الرئيس ترامب يمارس الدول الطبيعي لأي رئيس أمريكي في رعاية الأنهر والمضائق فلطالما كان ذلك جزءا من دائرة النفوذ الأمريكية. كما تدخل آيزنهاور لمنع احتلال قناة السويس سيتدخل بالطبع ترامب لمنع قطع النيل فكما قلت النيل حتى لو كان داخل مصر، ينظر له الأمريكيين كجزء من دائرة النفوذ الأمريكية وسيقومون بحمايته كما فعلوا في السابق.
لكن هذه المرة ترامب يواجه مصاعب داخلية تجعل من الضغط الأمريكي المطلق على اثيوبيا امرا مشكوكا في حدوثه. أمريكا قامت بتنسيق اللقاء وجمعت بين الفرقاء واعطت مصر فرصة للتفاوض مع اثيوبيا لكن الاثيوبيين وفي اللحظة الأخيرة ادركوا جيدا وزن مصر التفاوضي leverage وقرروا إعادة التفاوض من جديد. يدرك الاثيوبيون جيدا وضع مصر التفاوضي، ويدركون حقيقة التجاذبات الداخلية الامريكية التي تجعل قضية مصر قضية ليست من ضمن أولويات سياسة الرئيس ترامب حاليا. ففترة الانتخابات أقبلت، وأزمة الفيروس اشتدت، ومكاسب ترامب الاقتصادية تم وأدها كلها وبدأ الضغط يتعاظم عليه في ظل توحد جبهة الديموقراطيين ضده.
يشاهد الاثيوبيين هذا المنظر ويعلمون جيدا أن ما يحتاجونه موجود على الطاولة أمامهم. إنه الوقت!ترامب لن يتدخل بشكل حاد لفرض شيء على الاثيوبيين في هذا التوقيت. ومصر لا تستطيع فعل شيء في هذا التوقيت. فمن واجب السياسي الذكي ان يحاول أن يماطل قدر الإمكان حتى يصبح السد أمرا واقع ليفاوض على شروط جديدة من موقع جديد. وهذا بالضبط ما فعله الاثيوبيين.
ملحوظة: كنت أقول قبل سنتين ان المفاوض الاثيوبي مفاوض بارع. وكان ينظر لما أقول كتربص بالإخوة في مصر او عداوة او كراهية وهي ليست كذلك نهائيا. لقد واجه المفاوض المصري الآن حقيقة ما كنت أقول قبل سنيتن. لكن التعامل الان سيكون مع واقع جديد للأسف. هذه هي الحقيقة بغض النظر عن الدعاية.
ملخص النقطة الثانية هو: اثيوبيا الآن هي وحدها من يمتلك الوقت، وهو بالضبط كل ما تحتاجه. أمريكا ليس لديها الرغبة بالضغط عليهم حاليا ومصر لا تمتلك القدرة على إحداث تغيير درامي حاليا. لهذا اثيوبيا تستطيع الحصول على ما تريد باستغلال الأسابيع القادمة وبذل مجهود أكبر وأسرع لإنجاز السد والبدء بملئه بسرعة. والوقت في صالحها بالتأكيد.
ثالثا، ظروف مصر حاليا ليست أفضل الظروف.
في الحقيقة أن هذا هو السبب الأهم الذي يجعل مصر خائفة للغاية من أن تقوم بتصرف حاد في موضوع سد النهضة.
لنأخذ جرعة تاريخية سريعة. قامت مصر بعد تولي الرئيس السيسي بالعمل بشكل منظم في المحافل الدولية لتسويق وتبرير وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا. كانت مصر من الدول التي وافقت على المشروع الروسي في الأمم المتحدة والذي قبل الاحتلال الروسي لسوريا تحت دعوى إنقاذ الشعب السوري. هذه حقيقة fact.
قامت مصر أيضا بترك بوابتها في ليبيا دون تدخل مبكر بشكل خشن لحل الأزمة هناك. تركت ليبيا ودعمت من بعيد خشية أن تتدخل بنفسها. هذه حقيقة fact .
لماذا أذكر هاتين الحقيقتين هنا؟ السبب أن هذه التصرفات المصرية هي من جلبت الأتراك على حدود مصر. ولو لم يستغل الاتراك تلك الثغرات لقلت أنهم أغبياء. قامت مصر بجلب الروس لسوريا ظنا منهم أن الروس سيراعون المصالح المصرية كون مصر هي من وقع على احتلال سوريا وهي من برر وهي من سوق وهي من شرعن وهي من واجه الدول العربية حماية لهذا الاحتلال الروسي الذي احرق السورييين ودمر مدمنهم.
قام الاتراك بكل براغماتية وعقدوا صفقة مع الروس وتجاهل الروس الرغبة المصرية ووجد المصريين الاتراك في سوريا!! قام المصريين بترك ليبيادون عمل حاد مؤثر، ليتمدد النفوذ التركي الى ليبيا ويعتمد حدودا بحرية مع ليبيا ويبدأ في ارسال المساعدات العسكرية لأتباعه هناك. أرسل الاتراك معدات عسكرية ومهندسين لليبيا حتى إن إشارة التشويش التركية لتختلط بالإشارات المصرية! ثم تمدد الاتراك في المتوسط ليكونوا تهديدا مباشرا على المصالح الاقتصادية المصرية.
مصر التي حاولت مد نفوذها، بسبب نظرتها المنقوصة و سوء تقييمها للوضع، تسببت في جلب الاتراك إلى سوريا والمتوسط وليبيا فأصبحت محاطة بعدو يجب التعامل معه الآن وليست مشكلة مؤجلة. لقد أحضرت البعبع وهاهي تركض لتملأ خزائن الدول الغربية بالمال لتحصل على معدات عسكرية على عجل علها تنجو منه.
في ظل هذه الظروف السيئة، ليس أمام مصر حاليا إلا تبريد الجبهات قدر الإمكان. بل إنني أقول بثقة أن إثيوبيا الآن في الوقت الذهبي لإنجاز سد النهضة بسبب الوضع الإقليمي الحالي.
ولهذا، ولهذه الأسباب الثلاث، ليس لدى الاثيوبيين ما يخشونه من الدعاية المصرية. وإن علا الصوت.
في نهاية المطاف تلك الأزمات سوف تحل. بشكل أو بآخر سوف تحل. الكثير من أصدقاء مصر مستعدون للتدخل لإنقاذها من مآزقها. كالعادة، وبكل سرور.
النبرة الجديدة تلمح إلى عمل عسكري ضد سد النهضة. برزت هذه النبرة بعد لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أيام قليلة من بيانات حماسية من الخارجية المصرية. رسالة مصر المستترة واضحة: سوف نبدأ بالتعامل معكم بخشونة، عودوا للتفاوض أفضل للجميع.
شخصيا لا اشتري الرسالة المصرية (وبإمكان الاثيوبيين ان يقبلوا او يرفضوا هم احرار) لكن اذا قمت بتقييم الوضع بشكل موضوعي ستجد ان ما يقوم به المصريين هو محاولة الوصول لحافة الهاوية للحصول على عرض تفاوضي أفضل. لا أكثر من هذا. الاثيوبيين يتصلبون جدا وهذا لا يصح أبدا. فلا يمكن أن أقبل كإنسان عربي بأن تكون مصر فريسة لإثيوبيا تقوم بخداعها لتوقع على كل ما يشتهي الاثيوبيين، ثم تجرجرهم الى أن يضعوا الوثائق التي وقعوا عليها في خزانة في البيت الأبيض ثم ينسحبوا من التفاوض بعد ان حققوا كل ما يريدون من خلال المصريين. أرفض أيضا ان يتم تعطيش شعب من شعوب العرب.
لكن إذا نحينا عواطفنا وحبنا لمصر جانبا ونظرنا بشكل براجماتي للأمر، بإمكاننا تلخيص حقيقة ضعف الموقف المصري في ثلاث نقاط جوهرية لا يمكن تجاوزها.
أولا، جمهورية مصر العربية عاجزة عن تحقيق ضربة مؤثرة لسد النهضة. أنا أعلم أن هناك صور وفيديوهات للقوات الجوية المصرية منشورة على الانترنت وينسج حولها دعاية عظيمة عن قوة مصر الجوية وسطوتها وقدرتها الخ. لكن المشكلة تتضح عندما تبدأ في فحص الأمور على مستوى التفاصيل. لنتذكر أولا أن القوات الجوية المصرية تعاني من قصور خطير في قدرتها على شن عمليات بعيدة المدى. ظهر ذلك في التقييم الذي قمنا به بعد عمليات قصف درنة في ليبيا. ظهر القصور الخطير في قدرات ال F-16 المصرية على أن تحمل أكثر من قنبلتين صماء غير موجهة بالليزر لكل مقاتلة. مثل تلك القنابل لن تستطيع حتى تغيير لون بوية السد الخرساني الهائل. عدى عن عدم وجود الذخيرة المؤثرة لضرب السد، مصر حتى الأن لا تمتلك القدرة على إيصال الحمولة المتفجرة الى السد. فلا تمتلك مصر اليوم قدرات تزود بالوقود جوا نهائيا. وما صور الرافال التي تزود الرافال الأخرى بالوقود وال Mig-35 التي تزود اختها بالوقود الا محاولة لإرسال رسالة ان القدرات متوفرة وهذا غير حقيقي ومجرد دعاية لا أكثر.
هذا وحده كفيل بأن يلغي فكرة تزويد المقاتلات بعضها بالوقود جوا من أي حسابات إثيوبية كتهديد آني يجب التعامل معه.
باختصار: مصر لا تمتلك القدرة على الوصول لسد النهضة، ولا تمتلك القدرة على إيصال شحنة متفجرة مؤثرة في السد.
الخلاصة من النقطة الأولى هي: الدعاية الإعلامية المصرية مميزة، لكنها لا تعبر عن أي واقع فالواقع الحقيقي هو: ذراع مصر قصيرة، ذراع مصر ضعيفة. جويا أقصد.
ثانيا، الضغط السياسي من خلال أمريكا لن يفيد. يعقد الرئيس السيسي آماله على الرئيس ترامب أن ينقذ مصر من هذا المأزق الذي تسبب فيه توقيعه على إعلان مباديء سد النهضة الذي تعترف فيه مصر بحقوق اثيوبيا دون ان تقدم اثيوبيا شيئا في مقابل ذلك التوقيع الذي لا يقدر بثمن.
في الحقيقة ان الرئيس ترامب يمارس الدول الطبيعي لأي رئيس أمريكي في رعاية الأنهر والمضائق فلطالما كان ذلك جزءا من دائرة النفوذ الأمريكية. كما تدخل آيزنهاور لمنع احتلال قناة السويس سيتدخل بالطبع ترامب لمنع قطع النيل فكما قلت النيل حتى لو كان داخل مصر، ينظر له الأمريكيين كجزء من دائرة النفوذ الأمريكية وسيقومون بحمايته كما فعلوا في السابق.
لكن هذه المرة ترامب يواجه مصاعب داخلية تجعل من الضغط الأمريكي المطلق على اثيوبيا امرا مشكوكا في حدوثه. أمريكا قامت بتنسيق اللقاء وجمعت بين الفرقاء واعطت مصر فرصة للتفاوض مع اثيوبيا لكن الاثيوبيين وفي اللحظة الأخيرة ادركوا جيدا وزن مصر التفاوضي leverage وقرروا إعادة التفاوض من جديد. يدرك الاثيوبيون جيدا وضع مصر التفاوضي، ويدركون حقيقة التجاذبات الداخلية الامريكية التي تجعل قضية مصر قضية ليست من ضمن أولويات سياسة الرئيس ترامب حاليا. ففترة الانتخابات أقبلت، وأزمة الفيروس اشتدت، ومكاسب ترامب الاقتصادية تم وأدها كلها وبدأ الضغط يتعاظم عليه في ظل توحد جبهة الديموقراطيين ضده.
يشاهد الاثيوبيين هذا المنظر ويعلمون جيدا أن ما يحتاجونه موجود على الطاولة أمامهم. إنه الوقت!ترامب لن يتدخل بشكل حاد لفرض شيء على الاثيوبيين في هذا التوقيت. ومصر لا تستطيع فعل شيء في هذا التوقيت. فمن واجب السياسي الذكي ان يحاول أن يماطل قدر الإمكان حتى يصبح السد أمرا واقع ليفاوض على شروط جديدة من موقع جديد. وهذا بالضبط ما فعله الاثيوبيين.
ملحوظة: كنت أقول قبل سنتين ان المفاوض الاثيوبي مفاوض بارع. وكان ينظر لما أقول كتربص بالإخوة في مصر او عداوة او كراهية وهي ليست كذلك نهائيا. لقد واجه المفاوض المصري الآن حقيقة ما كنت أقول قبل سنيتن. لكن التعامل الان سيكون مع واقع جديد للأسف. هذه هي الحقيقة بغض النظر عن الدعاية.
ملخص النقطة الثانية هو: اثيوبيا الآن هي وحدها من يمتلك الوقت، وهو بالضبط كل ما تحتاجه. أمريكا ليس لديها الرغبة بالضغط عليهم حاليا ومصر لا تمتلك القدرة على إحداث تغيير درامي حاليا. لهذا اثيوبيا تستطيع الحصول على ما تريد باستغلال الأسابيع القادمة وبذل مجهود أكبر وأسرع لإنجاز السد والبدء بملئه بسرعة. والوقت في صالحها بالتأكيد.
ثالثا، ظروف مصر حاليا ليست أفضل الظروف.
في الحقيقة أن هذا هو السبب الأهم الذي يجعل مصر خائفة للغاية من أن تقوم بتصرف حاد في موضوع سد النهضة.
لنأخذ جرعة تاريخية سريعة. قامت مصر بعد تولي الرئيس السيسي بالعمل بشكل منظم في المحافل الدولية لتسويق وتبرير وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا. كانت مصر من الدول التي وافقت على المشروع الروسي في الأمم المتحدة والذي قبل الاحتلال الروسي لسوريا تحت دعوى إنقاذ الشعب السوري. هذه حقيقة fact.
قامت مصر أيضا بترك بوابتها في ليبيا دون تدخل مبكر بشكل خشن لحل الأزمة هناك. تركت ليبيا ودعمت من بعيد خشية أن تتدخل بنفسها. هذه حقيقة fact .
لماذا أذكر هاتين الحقيقتين هنا؟ السبب أن هذه التصرفات المصرية هي من جلبت الأتراك على حدود مصر. ولو لم يستغل الاتراك تلك الثغرات لقلت أنهم أغبياء. قامت مصر بجلب الروس لسوريا ظنا منهم أن الروس سيراعون المصالح المصرية كون مصر هي من وقع على احتلال سوريا وهي من برر وهي من سوق وهي من شرعن وهي من واجه الدول العربية حماية لهذا الاحتلال الروسي الذي احرق السورييين ودمر مدمنهم.
قام الاتراك بكل براغماتية وعقدوا صفقة مع الروس وتجاهل الروس الرغبة المصرية ووجد المصريين الاتراك في سوريا!! قام المصريين بترك ليبيادون عمل حاد مؤثر، ليتمدد النفوذ التركي الى ليبيا ويعتمد حدودا بحرية مع ليبيا ويبدأ في ارسال المساعدات العسكرية لأتباعه هناك. أرسل الاتراك معدات عسكرية ومهندسين لليبيا حتى إن إشارة التشويش التركية لتختلط بالإشارات المصرية! ثم تمدد الاتراك في المتوسط ليكونوا تهديدا مباشرا على المصالح الاقتصادية المصرية.
مصر التي حاولت مد نفوذها، بسبب نظرتها المنقوصة و سوء تقييمها للوضع، تسببت في جلب الاتراك إلى سوريا والمتوسط وليبيا فأصبحت محاطة بعدو يجب التعامل معه الآن وليست مشكلة مؤجلة. لقد أحضرت البعبع وهاهي تركض لتملأ خزائن الدول الغربية بالمال لتحصل على معدات عسكرية على عجل علها تنجو منه.
في ظل هذه الظروف السيئة، ليس أمام مصر حاليا إلا تبريد الجبهات قدر الإمكان. بل إنني أقول بثقة أن إثيوبيا الآن في الوقت الذهبي لإنجاز سد النهضة بسبب الوضع الإقليمي الحالي.
ولهذا، ولهذه الأسباب الثلاث، ليس لدى الاثيوبيين ما يخشونه من الدعاية المصرية. وإن علا الصوت.
في نهاية المطاف تلك الأزمات سوف تحل. بشكل أو بآخر سوف تحل. الكثير من أصدقاء مصر مستعدون للتدخل لإنقاذها من مآزقها. كالعادة، وبكل سرور.