لوبوان: اعترافات مرتزق روسي من داخل "فاغنر" أكثر المليشيات سرية في العالم
لوبوان: طُلب من مارات إرسال مقاتلين سوريين لليبيا، وبعد إرسالهم تلقى مكالمة من زميل هناك يسأله "هل يمكن أن نستخدمهم كانتحاريين؟ (رويترز)
9/12/2020
لم يتمكن المقاتل الروسي، مارات غابيدولين، من الظهور علنا إلا لفترة وجيزة؛ إلا أنه مع ذلك وجد وقتا للإجابة على أسئلة موقع "ميدوزا" (Meduza) الناطق باللغة الروسية في لتوانيا، في مقابلة هي الأولى مع مرتزق روسي نشرت باسمه الحقيقي، وهو يروي فيها اندماجه في منظمة فاغنر ومعاركه وشكوكه وغضبه.
بهذه المقدمة افتتحت
مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية حديثها عن هذا المرتزق، الذي سرد قصة من داخل إحدى أكثر المليشيات سرية في العالم، وهي منظمة فاغنر، قبل أن يصاب بخيبة أمل لإلغاء إصدار كتابه، الذي يعتقد أنه يستطيع من خلاله تقديم شهادته.
حاول مارات غابيدولين (54 عاما) نشر كتاب بعنوان "نحن نستحم مرتين في النهر نفسه"؛ إلا أن نشره ألغي، ربما بقرار من الكرملين، قبل أن يختفي هو نفسه، كما ذكر كاتب مقال المجلة، مارك نيكسون.
حاول المرتزق ولوج المحرمات، حين تطرق إلى دور يفغيني بريغوزين (59 عاما)، مالك فاغنر الملقب "بطباخ فلاديمير بوتين"؛ لأنه كان في الماضي يقدم الوجبات الرسمية للرئيس الروسي، وهو الآن رجل أعمال، ويخضع لعقوبات أميركية بسبب تدخله في الحملة الرئاسية الأميركية لعام 2016.
وفي حديثه، يؤكد غابيدولين ما تنكره السلطات الروسية من نفوذ بريغوزين على رأس فاغنر، رغم الوجود المتزايد لهذه المليشيات خارج الحدود، في أوكرانيا وسوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق ومدغشقر.
صورة مشوهة
وحسب المجلة، لم يتوقع مالك فاغنر أن يكشف موظفه عن مزاجه، حيث يتساءل المرتزق "هل من الطبيعي أن يكون الجميع يعرف بوجودنا ونخفي الحقيقة عن الرأي العام لدينا؟".
بدأت مسيرة الجندي السابق مارات غابيدولين مع فاغنر عام 2015، وأرسل إلى سوريا -حسب المجلة- للمشاركة في استعادة آبار النفط التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وقد أبلغ ككل الوافدين الجدد فور اكتتابهم بمخاطر مهمتهم، "يمكن أن ينتهي الأمر بشكل سيئ للغاية بالنسبة لكم".
وبالنسبة لمارات غابيدولين، تعتبر المخاطر حاسمة؛ لأنه يراها مصدر دخل في المستقبل، وقد شارك في معركة تدمر، وسرعان ما أصبح قائدا لوحدة استطلاع، وأصيب بجروح خطيرة في مارس/آذار 2016، وشكر رئيسه على العناية التي لقيها منه.
وبحسب المجلة الفرنسية، فإن غابيدولين مع ذلك يشعر بمرارة بالغة، وهو غاضب بشكل خاص على ديمتري أوتكين، رجل المخابرات العسكرية السابق والرئيس الفعلي لشركة المرتزقة، التي أطلق عليها لقب "فاغنر"، ويتهمه بتشويه صورة المجموعة، بتغطيته أعمال 4 أعضاء فيها تم تصويرهم عام 2017، وهم يعذبون هاربا سوريّا من الخدمة العسكرية حتى الموت، قبل أن يقطعوا رأسه ويشعلوا النار فيه.
اعلان
ويضيف غابيدولين لقد "كان دميتري أوتكين هو الذي طلب منهم القيام بذلك لتخويف الجنود السوريين الآخرين، كما أنه هو من أمر بتصوير الفيديو، وجعل الجميع يعتقد الآن أن رجال فاغنر هم شياطين متعطشة للدماء".
نقص في الأسلحة
خيبة أمل أخرى للمرتزقة -كما تورد المجلة- تمثلت في انخفاض مستوى احتراف فاغنر، حيث نصف المجندين لم يعرفوا كيفية إطلاق النار قط، كما أن تدريبهم كان غير كاف، أما بالنسبة للمقاتلين ذوي الخبرة، فإن لديهم هدفا واحدا هو البقاء على قيد الحياة، "لم يعودوا يفكرون في النصر. كانت لدى أوتكين مجموعة من المصارعين، وهو الآن يقود جيشا من العبيد، وسيؤدي ذلك إلى زيادة عدد الضحايا، ويتعلق الأمر بنقص الأسلحة الناتج عن إهمال القيادة، التي تحجم عن طلب المال".
وفي هذا السياق، يتذكر غابيدولين أنه في عام 2019، طُلب منه إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا، وقد أطاع الأمر؛ إلا أنه بعد فترة وجيزة فاجأته مكالمة من أحد زملائه الموجودين هناك يسأله "هل يمكن أن نستخدمهم (المقاتلين السوريين) كانتحاريين؟"، ليقول متعجبا "كيف يمكن لشخص عادي أن يطلب مثل هذا الأمر؟".
وينسب المرتزق غابيدولين غزو تدمر إلى رجال فاغنر أكثر منه للجيش الروسي النظامي، الذي قصفهم عام 2016 بالخطأ من الجو، قائلا "مات الكثير منا في ذلك اليوم"، مشيرا إلى أن الجنرالات الروس مستاؤون من مآثرهم، وأن ذلك من أسباب تلقيهم أسلحة منخفضة الجودة.
وإلى جانب كتابه، يفكر مارات غابيدولين في إصدار فيلم يعتمد على قصته، قائلا إنه لا يخشى عواقب ما يكشف عنه من معلومات؛ لأنه "سيكون من الغباء ممارسة ضغوط جسدية علي"، إلا أن قرارا صدر رسميا بخلاف ما كان يطمح إليه المرتزق، واتصل هو نفسه بناشره لإبلاغه بتخليه عن نشر الكتاب.
المصدر : الصحافة الفرنسية
نشرت مجلة لوبوان الفرنسية مقابلة مع مرتزق يسرد تجربته من داخل “منظمة فاغنر” مسلطة الضوء على علاقة المنظمة بالسلطات الروسية، وبعض عملياتها في سوريا وليبيا.
www.aljazeera.net