المانيا
كدولة تتوسط القارة الاوروبية تعتبر المانيا من اللاعبين الاثقل وزنا فيما يخص القوة السكانية و الاثقل تقريبا فيما يخص تركيز الثروات.
بامتلاكها للعديد المسطحات الصالحة للزراعة , وفرة من العمالة الماهرة و الانهار الصالحة للملاحة تضمن المانيا ما يتعدي احتياجات الامن المائي و الغذائي لمواطنيها , بل بيئة خصبة للنمو و ميزة تجارية تنافسية لا مثيل لها فيما يتعلق بتكاليف النقل ما يجعلها قوة قابلة للتمدد خارج حدودها تجاريا , ثقافيا و حتي عسكريا
باختصار تمتلك المانيا كل ما يمكنها من بناء دولة قوية للغاية لكن و كمفارقة تشكل نفس العوامل كل اسباب انكشاف المانيا للتهديدات الخارجية من كل الانواع و الاطراف تقريبا
الموقع
بتوسطها للقارة الاوروبية تتمتع المانيا بافضل و اسواء ما يمكن ان تقدمه الجغرافيا علي حد سواء
يميز القطاع الجنوبي جزئيا الطبيعة الوعرة نتيجة لوجود جبال الالب, بينما يميز الشمال طبيعا سهلية في المجمل تجاور كل من بولندا , الدنمارك و بحر الشمال و تقارب منطقة البلطيق و الجيب الروسي في كاليننجراد , بالاضافة لتواجد الكثير من الغابات
يظل اكثر ما يميز الوضع الجغرافي لالمانيا هو الانتشار الكبير للانهار الصالحة لحركة البضائع و الركاب
فلالمانيا ما لا يقل عن 7 انهار صالحة لكافة النشاطات و لتلك الانهار اهمية مركزية فيما يتعلق بجغرافيا المانيا السكانية , البيئية , السكانية و الاقتصادية بل تحدد الانهار المستوي المادي للسكان بمناطقهم كما سنشرح لاحقا.
فعلي سبيل المثال لا الحصر يعتبر نهر الراين و للذي يصب ببحر الشمال من اكثر الانهار الشمال اوروبية ازدحاما بحركة النقل , و عليه يقدم الراين افضل قيمة للنقل مقابل التكاليف , ما يساهم لا فقط بسهولة النقل بل و بخفض التكاليف علي السواء ما يساهم بخفض سعر المنتجات الالمانية, و لجعل الامور افضل للالمان , يمر النهر باهم المدن الالمانية , و هي ميزة تتكرر مع تقريبا كل انهار المانيا فنهر الراين يربط ايسن , شتوتجارت , دوسلدورف ,فرانكفورت و الكثير
فيسر , ايلب و ممراتهم الفرعية من ممرات المائية الهامة ايضا و تكمن اهميتها بربط المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة كهامبورج , بريمن و هانوفر ببحر الشمال بينما تمكن الانهار الشرقية الاتصال بدول البلطيق
الدانوب من جهة اخري يضمن اتصال مدن صناعية كبري كميونخ بالبحر الاسود و منها لكل من روسيا شرقا و البحر الابيض جنوبا ( ان تطلبت الحاجة)
بالطبع هناك المزيد من الانهار لكن ما تم ذكره هو ما يشكل ما يمكن تسميته بقلب الارض الالمانية German Heartland
في هذا المقال سنعرض ببعض التبسيط فلسفة القوة الالمانية , كيف تطورت , كيف تشكل العقل الالماني و كيف يشكل واقعه و منهم نستنبط الاهداف الجيوسياسية
القسم الاول
بيت القوة
لعبت القوة الالمانية دورا كبيرا في تاريخ القارة العجوز , لكن و علي الرغم من قدم الدور الالماني , الا ان المانيا اللتي نعرفها لا يتجاوز عمرها المئتان عام بعد ان ادي تسلسل الاحداث الي تغيير واقع جيوسياسي شبه مشلول في القارة الاوروبية
تميزت تلك الفترة بالكثير من الصراعات , الدسائس السياسية , الابتكار , الاصلاحات الاجتماعية و المدنية و الكثير الكثير
و من تفاعل كل ما سبق ذكره , نشأت الوحدة الالمانية الاولي
الامة الجرمانية
قبل الوحدة الالمانية كانت الامارات الالمانية تقع ضمن تكتل اكبرعرف بالامبراطورية الرومانية المقدسة للامة الجرمانية و كان بالاساس تكتل سياسي بأراضي أوروبا الوسطى والغربية وُلد خلال العصور الوسطى المبكرة وتم حله رسمياً سنة 1806
جمع هذا التكتل مئات من الامرارت , البلديات , المدن و حتي الممالك ,كانت الامبراطورية الرومانية المقدسة تشبه عالم قائم بذاته للامة الجرمانية , علي الرغم من ذلك لم تكن طرق او انهار الامبراطورية مرتبطة كما الحال بالقلب الالماني , بل كانت تلك الانهار تقود لمدن و اسواق مختلفة , و اختلفت حتي مصبات تلك الانهار بين بحر الشمال , القنال الانجليزي , بحر السيلاتك , المحيط الاطلنطي , حتي بحر ايجة و البحر المتوسط
كان تاثير ذلك في الحركة الثقافية كبيرا , فمثلا كانت لامارات كامارة الساس لورين Alsace Lorraine تواصل شبه يومي مع فرنسا بينما كان لبفاريا Bavaria امتدادا داخل النمسا
كان لصعوبة التواصل اثر سياسي بالغ الاهمية تمثل في استقلالية الولايات الالمانية حيث تسببت صعوبة التواصل بتفضيل الحكام المحليين للادارة المنفردة , عوضا عن العودة للادارة المركزة
شملت تلك كل ما يخص الامن , الامور المالية و حتي الشؤن العمالية , لذلك و علي تاريخها , تحولت الولايات الالمانية لدول مستقلة فعلية داخل الكيان الامبراطوري
مع صعوبة الاتصال ايضا تولدت صعوبة الحصول علي الموارد المطلوبة لتطور تلك الولايات مضافا اليها المحددات الديموغرافية من حيث القوة البشرة , ما اجبرها علي ادارة اكثر كفائة لمواردها المحدودة , و مع هذا الظرف تحديدا ولدت الكفائة الالمانية
نشأت تلك الكفائة الالمانية من خلال خلق نظام اداري معقد و متقدم جدا بالنسبة لزمانه , حيث كان التركيز الاساسي لهذا النظام يتعلق بتوظيف المواهب و المهارات في المجالات الاكاديمية, البنكية , العسكرية الي اخره
باختصار , كون التفوق عدديا لم يكن مطروحا , اصبحت التفوق النوعي هو اساس الثقافة الالمانية
علي الرغم من كل ما ذكر من استقلالية الولايات الالمانية , الا ان بقائها في الامبراطورية الرومانية المقدسة اجبرها علي التورط في الكثير من الصراعات الداخلية و التحالفات داخل الامبراطوية ذاتها
ادت تلك الحالة لامبراطورية مفككة و غير قادرة علي الدفاع عن نفسها لكن في نفس الوقت كانت الولايات الالمانية اقوي من ان يتم احتلالها داخليا من قبل السلطة المركزية اما خارجيا فقد رات القوي المحيطة بالامراطورية الرومانية كالنمسا , بولندا , الدنمارك , السويد و روسيا فقد رأ ان الترتيب الاقليمي الحالي للولايات الالمانية في مصلحتهم كنطاق عازل يبقي السياسات الاوروبية تحت السيطرة
كل الطرق تؤدي الي بروسيا
مع بقاء الوضع شبه جامدا في الامبراطورية , كان لمملكة بروسيا وضع مختلف , فبالرغم من عدم تمتعها باي افضلية جغرافية او ديموغرافية ضد محيطها و اللذي شغلته مراكز قوي في الدنمارك , السويد , روسيا و بولندا , فقط استطاعت بروسيا و بتخطيط دقيق جدا لادارة مواردها البشرية خصواصا , و لتبيان لاي مدي اهتمت تلك المملكة بالمواهب و الجودة في كل مواردها حتي البشرية منها يكفينا ذكر السبق البروسي في التعليمكدولة تتوسط القارة الاوروبية تعتبر المانيا من اللاعبين الاثقل وزنا فيما يخص القوة السكانية و الاثقل تقريبا فيما يخص تركيز الثروات.
بامتلاكها للعديد المسطحات الصالحة للزراعة , وفرة من العمالة الماهرة و الانهار الصالحة للملاحة تضمن المانيا ما يتعدي احتياجات الامن المائي و الغذائي لمواطنيها , بل بيئة خصبة للنمو و ميزة تجارية تنافسية لا مثيل لها فيما يتعلق بتكاليف النقل ما يجعلها قوة قابلة للتمدد خارج حدودها تجاريا , ثقافيا و حتي عسكريا
باختصار تمتلك المانيا كل ما يمكنها من بناء دولة قوية للغاية لكن و كمفارقة تشكل نفس العوامل كل اسباب انكشاف المانيا للتهديدات الخارجية من كل الانواع و الاطراف تقريبا
الموقع
بتوسطها للقارة الاوروبية تتمتع المانيا بافضل و اسواء ما يمكن ان تقدمه الجغرافيا علي حد سواء
يميز القطاع الجنوبي جزئيا الطبيعة الوعرة نتيجة لوجود جبال الالب, بينما يميز الشمال طبيعا سهلية في المجمل تجاور كل من بولندا , الدنمارك و بحر الشمال و تقارب منطقة البلطيق و الجيب الروسي في كاليننجراد , بالاضافة لتواجد الكثير من الغابات
يظل اكثر ما يميز الوضع الجغرافي لالمانيا هو الانتشار الكبير للانهار الصالحة لحركة البضائع و الركاب
فلالمانيا ما لا يقل عن 7 انهار صالحة لكافة النشاطات و لتلك الانهار اهمية مركزية فيما يتعلق بجغرافيا المانيا السكانية , البيئية , السكانية و الاقتصادية بل تحدد الانهار المستوي المادي للسكان بمناطقهم كما سنشرح لاحقا.
فعلي سبيل المثال لا الحصر يعتبر نهر الراين و للذي يصب ببحر الشمال من اكثر الانهار الشمال اوروبية ازدحاما بحركة النقل , و عليه يقدم الراين افضل قيمة للنقل مقابل التكاليف , ما يساهم لا فقط بسهولة النقل بل و بخفض التكاليف علي السواء ما يساهم بخفض سعر المنتجات الالمانية, و لجعل الامور افضل للالمان , يمر النهر باهم المدن الالمانية , و هي ميزة تتكرر مع تقريبا كل انهار المانيا فنهر الراين يربط ايسن , شتوتجارت , دوسلدورف ,فرانكفورت و الكثير
فيسر , ايلب و ممراتهم الفرعية من ممرات المائية الهامة ايضا و تكمن اهميتها بربط المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة كهامبورج , بريمن و هانوفر ببحر الشمال بينما تمكن الانهار الشرقية الاتصال بدول البلطيق
الدانوب من جهة اخري يضمن اتصال مدن صناعية كبري كميونخ بالبحر الاسود و منها لكل من روسيا شرقا و البحر الابيض جنوبا ( ان تطلبت الحاجة)
بالطبع هناك المزيد من الانهار لكن ما تم ذكره هو ما يشكل ما يمكن تسميته بقلب الارض الالمانية German Heartland
في هذا المقال سنعرض ببعض التبسيط فلسفة القوة الالمانية , كيف تطورت , كيف تشكل العقل الالماني و كيف يشكل واقعه و منهم نستنبط الاهداف الجيوسياسية
القسم الاول
بيت القوة
لعبت القوة الالمانية دورا كبيرا في تاريخ القارة العجوز , لكن و علي الرغم من قدم الدور الالماني , الا ان المانيا اللتي نعرفها لا يتجاوز عمرها المئتان عام بعد ان ادي تسلسل الاحداث الي تغيير واقع جيوسياسي شبه مشلول في القارة الاوروبية
تميزت تلك الفترة بالكثير من الصراعات , الدسائس السياسية , الابتكار , الاصلاحات الاجتماعية و المدنية و الكثير الكثير
و من تفاعل كل ما سبق ذكره , نشأت الوحدة الالمانية الاولي
الامة الجرمانية
قبل الوحدة الالمانية كانت الامارات الالمانية تقع ضمن تكتل اكبرعرف بالامبراطورية الرومانية المقدسة للامة الجرمانية و كان بالاساس تكتل سياسي بأراضي أوروبا الوسطى والغربية وُلد خلال العصور الوسطى المبكرة وتم حله رسمياً سنة 1806
جمع هذا التكتل مئات من الامرارت , البلديات , المدن و حتي الممالك ,كانت الامبراطورية الرومانية المقدسة تشبه عالم قائم بذاته للامة الجرمانية , علي الرغم من ذلك لم تكن طرق او انهار الامبراطورية مرتبطة كما الحال بالقلب الالماني , بل كانت تلك الانهار تقود لمدن و اسواق مختلفة , و اختلفت حتي مصبات تلك الانهار بين بحر الشمال , القنال الانجليزي , بحر السيلاتك , المحيط الاطلنطي , حتي بحر ايجة و البحر المتوسط
كان تاثير ذلك في الحركة الثقافية كبيرا , فمثلا كانت لامارات كامارة الساس لورين Alsace Lorraine تواصل شبه يومي مع فرنسا بينما كان لبفاريا Bavaria امتدادا داخل النمسا
كان لصعوبة التواصل اثر سياسي بالغ الاهمية تمثل في استقلالية الولايات الالمانية حيث تسببت صعوبة التواصل بتفضيل الحكام المحليين للادارة المنفردة , عوضا عن العودة للادارة المركزة
شملت تلك كل ما يخص الامن , الامور المالية و حتي الشؤن العمالية , لذلك و علي تاريخها , تحولت الولايات الالمانية لدول مستقلة فعلية داخل الكيان الامبراطوري
مع صعوبة الاتصال ايضا تولدت صعوبة الحصول علي الموارد المطلوبة لتطور تلك الولايات مضافا اليها المحددات الديموغرافية من حيث القوة البشرة , ما اجبرها علي ادارة اكثر كفائة لمواردها المحدودة , و مع هذا الظرف تحديدا ولدت الكفائة الالمانية
نشأت تلك الكفائة الالمانية من خلال خلق نظام اداري معقد و متقدم جدا بالنسبة لزمانه , حيث كان التركيز الاساسي لهذا النظام يتعلق بتوظيف المواهب و المهارات في المجالات الاكاديمية, البنكية , العسكرية الي اخره
باختصار , كون التفوق عدديا لم يكن مطروحا , اصبحت التفوق النوعي هو اساس الثقافة الالمانية
علي الرغم من كل ما ذكر من استقلالية الولايات الالمانية , الا ان بقائها في الامبراطورية الرومانية المقدسة اجبرها علي التورط في الكثير من الصراعات الداخلية و التحالفات داخل الامبراطوية ذاتها
ادت تلك الحالة لامبراطورية مفككة و غير قادرة علي الدفاع عن نفسها لكن في نفس الوقت كانت الولايات الالمانية اقوي من ان يتم احتلالها داخليا من قبل السلطة المركزية اما خارجيا فقد رات القوي المحيطة بالامراطورية الرومانية كالنمسا , بولندا , الدنمارك , السويد و روسيا فقد رأ ان الترتيب الاقليمي الحالي للولايات الالمانية في مصلحتهم كنطاق عازل يبقي السياسات الاوروبية تحت السيطرة
كل الطرق تؤدي الي بروسيا
فيما يخص التعليم , سبقت بروسيا كل اوروبا تقريبا بان جعلت التعليم الزاميا في اراضيها في العام 1717 , لم تتبني بريطانيا الزامية التعليم قبل مرور اكثر من مئة عام من هذا التاريخ
تبنت بروسيا ايضا اجرائات كانت سابقة لعصرها في ما يخص رسم السياسات , في زمن كانت اهواء الملوك و الاباطرة الاوروبيين و غير الاوروبيين تحكم كثيرا من قراراتهم , التزمت الحكومة البروسية في برلين باشراك كل الخبرات السياسية , المالية , العلمية , الصناعية و العسكرية في وضع سياسة الدولة
ربما كان اكبر مؤشر لمدي التقدم البروسي هو جيشها
فباستثناء الجيش المصري قديما و الجيش الروماني , كان الجيش البروسي هو الجيش الاوروبي الوحيد اللذي اعتمد علي قوات محترفة في الوقت اللذي كانت كل الجيوش الاوروبية تعتمد علي القرويين كعماد لقوتها البشرية
كانت احترافية الجيش البروسي عاملا حاسما طوال تاريخ تلك المملكة و المانيا فيما بعد
نابليون , فناء الامبراطورية و صحوة القومية الالمانية
في خضم تلك الحرب اصبحت الامبراطورية الرومانية المقدسة في حكم المنهارة و تراجعت سيطرتها من مئات الممالك و الامارات الي 39 امارة فقط
في تلك الظروف, ظهرت الافكار القومية في المناطق المتحدثة بالالمانية ,و مع حاجة المتحدثين بالالمانية لمن يملئ مكان الامبراطورية الرومانية المقدسة , تقدمت بروسيا لتصبح مركز القوة الاوروبي الجديد , بمساحة تبلغ ضعف ما كانت عليه قبل الحرب , و ازداد تعدادها بنصف مليون شخص
استفادت بروسيا ايضا من السلوك الغير منضبط لاسرة هابسبرج النمساوية , حيث اصبحت بروسيا ممثلة باسرة هوهونزوليرن الملاذ الامن لكل الامارات الالمانية , لما ظهر منها من فهم و تقدير للاحتياجات الامنية لتلك الامارات
يتبع .....