آليات التحليل الاستخباري / المنج/

انور المنج

عضو جديد
إنضم
10 مارس 2020
المشاركات
13
التفاعل
4 0 0
الدولة
Yemen
مايخبؤه العدو لنا.

فنحن نحتاج التحليل لنعرف المستقبل ونتجنب الحوادث غير المنظورة ولمنع التهديد والكوارث والانهيار والفشل ولتسهيل اختراق العدو , ويعتبر القرن 21 هو قرن السرعة والمخاطر المتلاحقة , فكلما واجه بلد ما مخاطر وتهديدات كبيرة , تزداد حاجته للتحليل وفهم الامور بشكل واضح من خلال غربلة المعلومات .

لقد اصبحت المعلومات متوافرة وسريعة ومتواصلة بسبب ثورة التكنلوجيا , واصبح سيل المعلومات الكبير والكثير والمتسارع بحاجة الى من يفهمه ويحلله ويبني عليه تصوراته بشكل جيد , فالمطلوب من المؤسسات الاستخبارية , بأنواعها , ان تدق جرس الانذار وتنبه الحكومة وصناع القرار للخطر.

فالحكومات تبغي , من تأسيس الاستخبارات , إخبارها عن الخطر والتهديد لغرض تجنب المباغتة , وهو مايتم عن طريق التحليل , لكونه حلقه الوصل بين المؤسسة الاستخبارية وصناع القرار.

ويتميز التحليل بانه يجمع المتفرق ويخلق انسجام بين المعلومات ويكشف الغايات والايحاءات الموجودة في المعلومات.

خطوات التحليل الاستخباري الإستخبارات

ان المعادلة العلمية لتدرج التحليل هي بالتسلسل التالي :

1- التقييم : ونعني به تقييم المعلومات المستلمة وفرزها والتأكد من قيمتها الاولية .

2- التركيب والانسجام : في هذه الخطوة يتم تركيب المعلومات القديمة والمستحدثة بعضها ببعض لكشف انسجامها او تناقضها , وتحديد الحاجة الى استكمالها من مركز جمع المعلومات ودراسة امكانية انسجامها مع الواقع والطلب احياناً لتأكيدها من اكثر من جهة.

3- التوصيف والتشريح: ونعني بها وصف الحالة وشرحها بشكل دقيق ووافي تمهيداً للبناء عليها.

4- التعليل : اي البحث عن الاسباب والمسببات التي ادت الى ورود تلك المعلومة .

5- الرؤية :اي استنتاج ماهو مستتر من المعلومة وما تعنيه , واستنتاج رؤية العدو للامور التي انتجت المعلومة .

6- الانذار : ويتم في هذه المرحلة تحديد الخطر الذي كشفته المعلومات بحسب التراتبية من الاشد خطورة الى الاقل خطورة وهي خطوة هامة تحدد بها الجدية التي ستتعامل بها الاستخبارات مع المعلومة من جهة ومع صانع القرار لاقناعه باهميتها من جهة اخرى.

7- الشواهد والمستجدات : تثبيت اجراءات العدو ومستجداته ضمن مستوعب يؤشر حركة العدو ويجعل المعلومة في مكانها الصحيح من قطع الاحجية الناقصة .

8- التقرير والتوضيح : بيان مايخبؤه المستقبل وتوضيح الخط البياني واهداف العدو , وهنا اساس التحليل.

ولكن احياناً يتم تجاوز تلك المراحل بسبب وضوح الرؤية عند التحليل , او بسبب طلب صناع القرار لتحليل خبر منفرد او محدد دون التحليل الشامل له , فيدرس الخبر وتقدم وجهة النظر الامنية او العسكرية او السياسية او الاستخبارية او الاقتصادية حوله .

مثال توضيحي

عندما سقطت الموصل , توافرت معلومات ليتم تقييمها ثم تركيب المعلومات بشكل منسجم ثم التوصيف والتشريح عن من هم داعش ؟ ماهي اعدادهم وسلاحهم وانتشارهم , ثم ياتي دور التعليل عن لماذا سقطت الموصل؟ وكيف ؟واين كانت الاخطاء ونقاط الضعف ؟ ثم وضع تصور لرؤية العدو واهدافه والى اين يريد وماهي اهدافه؟ بعدها يقوم التحليل بانذار القوات العسكرية مثلاً لكي تضع الاولوية في المحور الفلاني ثم الفلاني وان هدف داعش لاحقا هي المنطقة كذا اولا وكذا ثانيا وثالثاً , ثم يقوم التحليل (مستعيناً بأذرع المعلومات) برصد حركة وتصرفات واعمال ومستجدات العدو اليومية في كل القواطع ضمن جدوله , لمعرفة مؤشرات وميدان العدو , واخيراُ يشرع التحليل بتقديم التقارير والايضاحات والفرضيات والاحتمالات بشكل مستمر الى صانعي القرار وقادة المؤسسة الامنية والعسكرية .

وبالرغم من المثال الذي سقناه , الا ان سقوط الموصل وماقبله من احداث سوريا منذ 2011 تمثل للاسف صورة من صور فشل التحليل الاستخباري لدينا حيث كان يفترض الاستنتاج منذ ذلك الوقت الى ان العراق هو الهدف الرئيسي لداعش بدليل اسمها الذي يشمل العراق والشام.

المعلومات والتحليل

خبير الإستخبارات بشير الوندي ان النقاط الثمانية هي مراحل تخص الافادة الصحيحة من المعلومات , اياُ كان نوع المعلومات , سواء كانت معلومات اشارة ومثالها معلومة عن تجربة صاروخية للعدو , او معلومات استكمال , وهي اجابات عن اسئلة مركز التحليل لتلبية متطلبات ناقصة , اومعلومات معالجة , ونعني بها التهديدات السريعة التي تحتاج الى رد سريع , وغالبا لا توشر لدى التحليل ولكن شكلها الاجمالي يساعد كثيرا على تصور حركه وبرامج العدو , ومعلومات استراتيجية , وهذه المعلومات تقصر مسافة بناء الفرضيات وتطبيق المعلومات على الواقع والفعل عند التحليل , ومعلومات وصفية غالبا ما تستخدم في ذكر الجغرافيا او حالة الناس او حالة جنود العدو وتفيد في خلق تصور واضح عند التحليل , و معلومات كمية , وغالبا ماتشمل احصائيات تجعل التحليل يعرف قابليات الجهد وامكانيات العدو وادواته , ومعلومات دورية تذكر نشاطات جانب العدو اليومية وفعالياته , وهي توشر لدى التحليل مدى استعدادات العدو , ومعلومات اعلامية تشمل ما يصدر عن اعلام العدو , وهو ذو اهمية في تقييم الواقع والاعلام داخل العدو , ويساعد التحليل على معرفة حجم الفاصلة بين الحقيقه والواقع الذي يصطنعه العدو داخليا وخارجيا , ومعلومات نقطوية تتحدث عن هدف او موقع محدد , و قد لا تدخل في صلب التحليل ولكنها تخلق تصوراً عن قادة العدو وحياتهم وتفكيرهم وهواياتهم وحركتهم, واخيراً معلومات اعتراضية , وهي معلومات تكشف لنا حجم المعلومات والاسرار التي يعرفها العدو عن مؤسساتنا , وهنا نستطيع فهم قدرات جهده الاستخباري و تقييم عمل اجهزة مكافحة التجسس لدينا ومعرفة اولويات العدو ضدنا.

الاستخبارات الإستخبارات والمباغتة

ان الاستخبارات وجدت لمعرفة ما سوف يحدث قبل وقوعه , اما بعد وقوعه فليس استخبار , لان من اهم مؤشرات الفشل الاستخباري هي مباغتة العدو , لان المباغتة تعني الغفلة الاستخبارية .

ان تطوير التخمينات والتقديرات والفرضيات يقلل كثيرا من المفاجأة والمباغتة , من خلال جرس الانذار الذي تدقه التحليلات الاستخبارية عن المخاطر المحتملة , وبالتالي ينتج الاستعداد والتهيؤ والتخطيط والقوة , كما ان التقديرات والتحليلات الجيدة تقلصان الخطر بشكل كبير بل تؤديان الى وأده في مهده , كما لو ان الاستخبارات نبهت القيادة الى ان المعطيات التي لديها تشير الى ان هنالك هجوم سيحصل على النقطة الفلانية في التوقيت الفلاني , فحينها ستتهيأ القطعات ويتركز الاستطلاع ويقوم الجيش بضربات استباقية لتجمعات العدو مما يؤدي الى فشله .

وعندما نتحدث عن الانذار الذي تقدمه الاستخبارات لصانعي القرار , فاننا لانقصد من ذلك فقط الانذار بالهجوم من قبل العدو , فالانذار هنا يشمل كافة اشكال التهديدات كالخلل الامني والفكر المتشدد والتجسس والمخدرات والحرب والتمرد والعصيان والغليان الشعبي , وغيرها من المخاطر.

وللاسف , لو كانت لدينا في العراق قابلية التخطيط الامني المناسب والمتنوع المبني على اسس استخبارية صحيحة , لكانت لدينا خطط استباقية واحترازية وعشوائية واستدراجية ووقائية وهجومية واعتراضية ودفاعية وشعبية ورادعة وهادئة وصارخة و متشابكة وتراتبية وغيرها من الفنون الامنية الرقابية والعملياتية , و لكن للاسف اعتمد في امن المدن فقط على اسلوب السيطرات والافراط من الامن الوقائي فقط طيلة 14 عام , ان مايستحق ان نقلق بشأنه ان تعود حالة الارهاب السري , فيما لازلنا نعتمد اسلوب السيطرات البائس الذي يتفاداه الارهابيون بكل سهولة ويسر.

خلاصة

التحليل الاستخباري هو بمثابة مجهر توضع فيه المعلومة تحت المعاينة لكشف مافيها من زيف او حقائق , وتبيان ماتحويه من اشارات لمخاطر كبيرة او صغيرة , باسلوب علمي منطقي يدرأ المخاطر ويفشل مخططات العدو , ولايأتي التحليل الاستخباري بشكل اعتباطي او على يد شخوص مغرورين , وانما يأتي التحليل من خلال دراسات وسبر لعقلية العدو ورصد لكافة تحركاته واكتشاف لحيله ومناوراته , فالتحليل هو بحث بماسيكون لابماهو كائن , ولايتم ذلك الا من خلال حرب العقول التي تقودها الاجهزة الاستخبارية ومحلليها , والله الموفق
/ المنج ..
 
راجع قوانين النشر في الموقع
 
عودة
أعلى