محمد بودية المثل مسرحي الجزائري الذي أرعب الموساد

akinaton

عضو
إنضم
13 سبتمبر 2019
المشاركات
556
التفاعل
1,005 2 0
الدولة
Algeria


كيف تحول الجزائري محمد بودية من مسرحي إلى "الرجل الذي دوخ الموساد"؟


 كيف تحول الجزائري محمد بودية من مسرحي إلى


قبل أيام احتفل الفلسطينيون في كل بيت وشارع ومدينة ومخيم وقرية بفوز الجزائر في كأس أمم أفريقيا، وكأن أحدا لا يحب الجزائر كما الفلسطينيين، لتثار أسئلة إيجابية حول طبيعة العلاقة بين الفلسطينيين والجزائريين، فهل هو التاريخ شبه المشترك المثقل بالاستعمار أم أن هناك تفاصيل أخرى. في رحلة البحث عن التفاصيل، لا بدّ وأن تقف أمام اسم وتفصيل بحجم الحب المشترك والقضية الفلسطينية، محمد بودية.

ولد بودية في أحد أحياء العاصمة الجزائر عام 1932، وتأثر بالتيار الوطني الاستقلالي، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه صب جل اهتمامه بالمسرح، وهاجر بعد اندلاع الثورة إلى فرنسا حيث انضم إلى فيدرالية جبهة التحرير، وشارك هناك في عدة عمليات فدائية كان أبرزها عملية تفجير أنابيب النفط في مارسيليا بفرنسا عام 1958، والتي اعتقل وحكم على إثرها لمدة 20 عاما، ليهرب من السجن عام 1961 وتكون تونس الملجأ.

بعد لجوئه إلى تونس، عمل في فرقة مسرحية، وما لبث طويلا حتى أصبح مديرا لأول مسرح أقيم في الجزائر بعد الاستقلال "المسرح الوطني".

بدأت علاقته مع الفلسطينيين، بلقائاته المتكررة مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر سعيد السبع، ثم التقى بالقيادي في الجبهة الشعبية ومسؤول عملياتها في الخارج وديع حداد، خلال زيارة له إلى كوبا. وعمل على تجنيد الشبان في الخارج من أجل العمل لصالح القضية الفلسطينية، وعاد مطلع السبعينات إلى باريس بوصفه قائد العمليات الخاصة للجبهة الشعبية في أوروبا، ولقب حينها بـ"أبو ضياء".

كان أول عمل له هو التنسيق مع الجماعات اليسارية الأوروبية، وكان المدبر الرئيسي لجميع عمليات الجبهة الشعبية في أوروبا، بحسب تقارير المخابرات الفرنسية والبريطانية والموساد والسي آي إيه، ومع ذلك لم يثبت ضده أي دليل يمكنه إدانته، خاصة وأنه كان يخصص معظم وقته للمسرح في الليل وفي النهار يمارس نشاطا عاديا، لكن ما لم تكن تعلمه الأجهزة الاستخباراتية هو أنه كان يعمل آخر الليل في العمل الذي تخشاه.

ختم حياته شهيدا من أجل قضية ما زالت مستمرة
من أبرز عملياته، التخطيط لإرسال ثلاث فتيات ألمانيات إلى القدس لتفجير عدة أهداف تابعة للاحتلال، وتفجير مركز تجمع يهود الاتحاد السوفيتي في النمسا، وكذلك تفجير مخازن صهيونية ومصفاة بترول في هولاندا، وتفجير خط أنبوب بترولي بين إيطاليا والنمسا عام 1972 مخلفا 2.5 مليار دولار خسائر وضياع 250 ألف طن من النفط.


أحمد بودية
أحمد بودية



رفض بودية، عدة عروض للعمل مع المخابرات الجزائرية، واستمر بالعمل مع الفلسطينيين، وقدم العون لمنظمة أيلول الأسود التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي كانت نتيجته عملية ميونخ عام 1972، وكان دوره يتمثل باستضافة أفراد الكوماندوز الفلسطينيين قبل العملية وتهريبهم وإخفائهم.

ظل بودية، الرجل الذي طالما حاول الموساد اغتياله لكن محاولات عديدة باءت بالفشل إلى أن تم اغتياله في أعقاب عملية ميونخ، حيث أمرت جولدا مائير رئيسة وزراء حكومة الاحتلال حينها، الموساد، بتنظيم عمليات لاغتيال القادة الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم اطلق عليها اسم "غضب الرب"، واستشهد على خلفية ذلك محمود الهمشري ووائل زعيتر وباسل الكبيسي وغيرهم، وكان رد بودية على هذه الاغتيالات أن قام بنشر إعلانات ممولة من جيبه نشرت في صحيفة اللوموند الفرنسية وجمع تواقيع لشخصيات مختلفة من بينها يهود ضد عمليات الاغتيال.

بعد ذلك خطط الموساد لاغتياله بتجنيد عملاء فرنسيين قاموا بزرع لغم ضغط تحت مقعد سيارته صباح 28 من حزيران عام 1973 في باريس، ودفنت جثمانه في مقبرة القطار بالعاصمة الجزائر.

يقول محمد تامالت، في كتابه العلاقات الجزائرية الإسرائيلية، إن بودية رجل جاهد مرتين في بلدين مختلفين لكنه اعتبر مسيرته واحدة وختم حياته شهيدا من أجل قضية ما زالت مستمرة إلى اليوم.

ووفقا لتامالت، فإن أحد الشبان الذين جندهم بودية لصالح القضية الفلسطينية خلال دراسته في روسيا "إلييتش راميريز سانشيز" ذو الأصول الفنزويلية، والذي أطلقت عليه أجهزة الأمن والاستخبارات "كارلوس الثعلب"؛ خلف بودية في منصبه، وأسمى عمليته ضد طائرات "العال" الإسرائيلية عام 1975 باسم "عملية الشهيد بودية" انتقاما له.

يشار، أن محمد بودية، كان صاحب فكر ثوري قبل انضمامه للعمل مع الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي والصهيونية، حيث أرسل العديد من رسائل التأييد خلال دراسته المسرح إلى حركات التحرر حول العالم، وخلال عمله في المسرح؛ خصص الموسم الصيفي عام 1964 دعما لكفاح الشعب الفلسطيني.

 
زمن محمّد بوديّة


محمد علاوة حاجي
1 سبتمبر 2015وقف الزائر الأربعينيّ ذو الشارب الكثّ يتأمّل المكان في صمت. من المؤكّد أنه طالما رغب في زيارة بلد "المليون ونصف المليون شهيد" الذي ألهمته ثورته؛ لكن لم يدُر بخلده أبدًا أنه سيتّجه رأسًا من المطار إلى المقبرة. أخرج سيجارًا كوبيًّا من معطفه الأسود السميك. وكان قد همّ بإشعاله حين نطق مرافقُه الشاب، للمرّة الثانية، منذ أن استقبله في المطار: "هل قلتَ شيئًا يا سيّدي"؟نفث الدخان الذي أحاط بوجهه كضباب لندني كثيف، وقال بما يشبه الابتسامة: "لم أره منذ خمس سنوات. كان ذلك بميونيخ.. وكان وعدًا عليَّ أن ألتقي به مجدّدًا".أمام قبرينلعلّ الشاب لمح دمعتين في عيني ذلك الكهل الغريب الأطوار، وقد وقف أمام القبر الذي كُتبت على أحد شاهديه العبارة التالية: "محمّد بوديّة، 1932- 1973". دنا منه وسأله إن كان بخير، فاكتفى هذا بإيماءة، ثمّ ربت بيده الغليظة على كتفه، قبل أن يعود بضع خطواتٍ إلى الوراء. ومن هناك، بات بإمكانه رؤيتهما معًا: قبر الابن وقبر الأمّ التي لحقت به بعد ثمانية أيّام من استشهاده.استغرق متأمّلاً، كمن هطل عليه سيلٌ من الذكريات. أطبق الصمت للحظات شخصت خلالها عينا المرافق في الزائر الغريب الذي فاجأه بطلب لا يقلّ غرابة: "المسرح! أريد الذهاب إلى المسرح".ولكن، هل ترغب في مشاهدة عرض مسرحيّ؟ اكتفى بطرح السؤال بينه وبين نفسه، وأكمل بصوت مسموع: "تقول التعليمات إنّك ستتّجه إلى مقرّ إقامتك لتأخذ قسطًا من الراحة". أجاب الزائر بنبرة هادئة، رغم الامتعاض الذي بدا على ملامحه: "سأفعل.. ولكن ليس قبل أن أذهب إلى المسرح".في ذلك المساء الشتوي من عام 1977، ركنت سيّارةٌ سوداء أمام مبنى المسرح الوطني بساحة "بور سعيد" وسط الجزائر العاصمة. أنزل محمّد داود عودة زجاج السيّارة وألقى نظره على الساحة التي تعجُّ بالباعة والمارّة، وصولاً إلى المبنى العتيق؛ حيث كان رفيقه، الذي يرقد الآن في مقبرة "القطّار"، مديرًا له قبل سنوات.في تلك اللحظة، شعر أبو داود، أحد مؤسّسي منظّمة "أيلول الأسود" والمشرف على عملية "ميونيخ" التي استهدفت اللاعبين الإسرائيليين في أولمبياد عام 1972، أنه أوفى بجزء من دين رفيقه الذي استضاف أفراد الكوماندوس الفلسطيني قبل تنفيذ العملية وأشرف على تهريبهم وإخفائهم. كانت زيارة قبره ثمّ مسرحه أوّل ما فعله بعد إطلاق سراحه في باريس بوساطة جزائرية. ومن المؤكّد أن مخيّلته رسمت مشاهدَ لرفيقه وهو يدخل إليه، أو يخرج منه.. وهو خلف المكتب مستغرقًا في عمله الإداري، أو على الخشبة متماهيًا مع أحد أدواره.كان ما يجمع بين الرجلين أكثر من اسمهما المشترك. فمن هذا المسرح الذي خصّص مداخيل موسمه الصيفي دعمًا لكفاح الشعب الفلسطيني عام 1962، خرج أحد أكثر الرجال الذين التقى بهم في حياته إثارة، وقرّر أن يُناضل على الأرض ويموت في سبيل القضيّة التي اعتنقها.تشي غيفارا الجزائريفي حيّ "باب الجديد" بالقصبة العتيقة في الجزائر العاصمة فتح محمّد بوديّة عينيه على جزائر يقترب عمر الاحتلال فيها من مائة عام. ولعه بالمسرح دفعه إلى الالتحاق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية عام 1954، لكن الثورة التحريرية ستندلع في العام نفسه، وسيهاجر إلى فرنسا ليلتحق بـ"فيدرالية جبهة التحرير الوطني" التي نقلت العمليات الفدائية إلى داخل الأراضي الفرنسية. هناك سيشارك في عدّة عمليّات، أشهرها تفجير خطّ أنابيب النفط في مرسيليا عام 1958. يُلقى عليه القبض ويُحكم عليه بالسجن عشرين سنة، لكنه يفلح في الهروب أواخر صيف عام 1961.الوجهة هذه المرّة هي تونس؛ حيث سينضمّ إلى فرقة "جبهة التحرير" المسرحية التي لعبت دورًا كبيرًا في التعريف بالقضيّة الجزائرية عبر العالم من خلال المسرح، ثمّ يعود إلى الجزائر بعد استقلالها، ويصبح أوّل مدير لمسرحها الوطني عام 1963 ويؤسّس عددًا من الصحف.كان تأثّر بوديّة بالأفكار اليسارية واضحًا، من خلال رسائل التأييد التي كان يبعث بها إلى الحركات التحرّرية عبر العالم، معبّرًا عن دعمه لها ومشجّعًا إيّاها على مواصلة الكفاح، مستدلاًّ بنجاح الثورة التحريرية. في عام 1964، بمناسبة عيد الثورة الكوبية، جمعه لقاء مطوّل بالثائر تشي غيفارا، انتهى بحوار لصحيفته "الجزائر هذا المساء"، التي كانت أوّل صحيفة مسائية تصدر في الجزائر بعد الاستقلال.في الشهر السادس من عام 1965، سيقود العقيد محمّد بوخرّوبة (الرئيس الراحل هوّاري بومدين) انقلابًا عسكريًّا ضدّ الرئيس أحمد بن بلّة، وسيجد محمّد بوديّة، المقرّب من الرئيس المعزول، نفسه ضمن تحالف ضمّ عناصر من "الحركة الشيوعية" ويسار "جبهة التحرير" تحت اسم "منظّمة المقاومة الشعبية" التي سعت إلى معارضة الانقلاب الذي يسمّيه أنصار بومدين "تصحيحًا ثوريًّا"، قبل أن يضطرّ إلى الهروب من الجزائر عبر الحدود التونسية نحو فرنسا مرّة أخرى؛ حيث سيواصل مقاومته العبثية للانقلاب الذي كان قد سيطر على الوضع وزجّ بمعارضيه في السجون. وأمام هذا الوضع سيعود بوديّة إلى الفن الرابع ويتولّى منصبًا في أحد المسارح الباريسية.في باريس، تبدأ حكاية جديدة مع القضيّة الفلسطينية. عام 1967، يلتقي محمّد بوديّة مسؤول دائرة العمليات الخارجية في "الجبهة الشعبية" وديع حّداد، ويشكّل معه "خلية العمليّات الخارجية بأوروبا"، التي نفّذت عددًا من العمليات في القارّة العجوز.يقول الباحث المتخصّص في تاريخ الثورة الجزائرية، محمّد عبّاس، إن "بودية تلقّى هزيمة يونيو 1967 كصدمة شخصية وكارثة قومية، لم يخفّف من وطأتها عليه سوى انتعاش الكفاح المسلح الفلسطيني في أعقابها. ولقاؤه بوديع حدّاد رفيق الدكتور جورج حبش في قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان منعرجًا حاسمًا، حيث تطوع لخدمة القضيّة الفلسطينية مع بقايا المنظّمة التي أُنشئت لمقاومة الانقلاب".ومن باريس إلى موسكو، التي يرحل إليها محمّد بوديّة لينتسب إلى جامعة "باتريس لومومبا". هناك يلتقي شابًّا فنزويليًّا جمعته به علاقة صداقة ولم يجد صعوبة في تجنيده لصالح القضية الفلسطينية. لم يكن ذلك الشاب سوى راميز سانشيز الشهير باسم "كارلوس"، الذي سيعبّر عن وفائه لرفيقه بطريقته الخاصّة، حين يسمّي عمليّتي مطار "أورلي" في باريس عام 1975 ضد طائرات إسرائيلية باسم"عملية الشهيد محمد بوديّة".في فرنسا التي يعود إليها بوديّة مجدّدًا بمنصب "قائد العمليات الخاصة للجبهة الشعبية في أوروبا"، سينسّق "أبو ضياء" (اسمه الحركي) مع عدد من المنظّمات اليسارية الأوروبية وغير الأوروبية، وسيصبح العقل المدبّر لعمليات "الجبهة الشعبية" في أوروبا، وهو ما يجعله مطلوبًا من المخابرات الفرنسية والبريطانية والأميركية والإسرائيلية، رغم عدم وجود أدلّة ضدّه.مشهد أخير- عزيزتي إيفلين؛ هذا ما دفعني للقيام بكلّ ما قمتُ به.. أقصد الإيمان بعدالة هذه القضية.ضمّت الفتاة الألمانية الشرقية الشقراء يديه وراحت تتأمّل ملامح هذا الوجه القادم من الجنوب. كان وجهًا تمتزج فيه صلابة الرجل الجزائري بطيف من الحنان. حدّقت في عينيه وضغطت على يديه: "أريد أن تثق فيَّ تماما. أنا مؤمنةٌ بالقضيّة تماما كإيماني بك". صمتت لبرهة ثمّ أضافت بنبرة من القلق: "لكنني خائفة عليك".ابتسم محمّد تلك الابتسامة التي تنمُّ عن الاستغراب، وربمّا عن السخرية من الأقدار التي تخبّئ في جعبتها الكثير من المفاجآت والمفارقات: "أنتِ من سيذهب إلى القدس، وأنا من يخافُ عليك. لكنني واثق بك تمام الثقة".- يوم السبت المقبل سنكون في القدس خمستنا؛ أنا والسيّد والسيّدة كلارك والأختان ناديا ومارلين برادلي. كل شيء مهيّأٌ ومضبوط بدقّة. لا مجال للخطأ.طبعت الآنسة إيفلين بارج قبلة على خدّه قبل أن تنسلَّ خارجة من حانة يحضنها شارعٌ باريسي مُغرق في الهدوء والصمت، يلتقيان فيه كل مساء، حيث لا يكون هو مدير المسرح، ولا هي مسؤولة صندوق المسرح.استرجع تفاصيل موعده الأخيرة مع إيفلين وهو متمدّد على فراشه. كادت عيناه تفيضان دمعًا: باءت مهمّتها بالفشل فحسب وأيقن أنه لن يراها مجدّدًا.في تلك الأثناء كان صوتُ مذيعة التلفزيون الفرنسي يحمل خبرًا غير سعيد: "تمّ ضبْط جماعة من المخرّبين في إسرائيل.. عندما وصلوا إلى المطار في الغد لم يوجد في حقائبهم أيُّ شيء يثير الشبهة، فقد وُجدت ملابس وأحذية وأدوات استحمام وقطن.لكن المحقّقين اكتشفوا أن الملابس والقطن تغلغلت فيهما مادة متفجّرة سائلة. جلب زوج الشيوخ معهما مفجّرات في مستقبِل راديو، وكان وصلها بالمادة المتفجّرة سيُنتج عددًا من القنابل. لقد كانوا ينوون وضعها في فنادق تل أبيب. في التحقيق معهم قاد المعتقلون المحقّقين إلى جزائري يُدعى محمّد بودية".كرجل مسرح؛ كان ينجح في تبديل هويّاته وملابسه وعناوينه بسرعة فائقة، لجعل ترصّده صعبًا. كان متيقّنًا أنه سيكون الهدف المقبل للموساد بعد أن أطلقت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير حملة الاغتيالات السياسية قبل عام، أي منذ حادثة ميونيخ الشهيرة. لكن محمّد لم يضع بالحسبان أن آلافا من المخبرين الذين يتشكّلون من رجال الموساد المدعّمين بطلاّب الجامعات الإسرائيليين يترصّدون خطواته.في ممر للمشاة تحت ميدان "أتوئيل" لُمح للمرّة الأولى، وعرفوا أنه يمرُّ من هناك كلّ صباح. لكن أحدًا لم يعرف أيّا من الأنفاق الاثني عشر سيسلك. ولم تكن كثيرٌ من الأيام قد مرّت حين فُجّرت سيارته صباح يوم الثامن والعشرين من حزيران/ يونيو عام 1973، أمام المركز الجامعي بشارع "فوس برنار" في باريس.ورغم أنه كان معارضًا لنظام الرئيس الراحل هوّاري بومدين، فإن الأخير استعاد جثمانه ودفنه في مقبرة "القطّار" بالعاصمة.. احترامًا لنضاله من أجل قضيّة فلسطين التي كان بومدين يؤكّد أن الجزائر معها ظالمًة أو مظلومًة.
(كاتب جزائري)
 
محمد بودية: تشي غيفارا الجزائر يعود هذا الأسبوع

صدر حديثًا عن دار النشر «الصباحات الأولى لنوفمبر» بفرنسا، كتاب يتناول حياة ونضال وأعمال الكاتب ورجل المسرح والمناضل الجزائري محمد بودية (1932-1973). الكتاب يحمل عنوان : «محمد بودية : كتابات سياسية، مسرح، شعر وقصص قصيرة» يقع الكتاب في 310 صفحة، من الحجم المتوسط. اشتغل على إعداده وتوثيقه ومراجعته، نخبة من المؤرخين والباحثين، إلى جانب شهادات من بعض أصدقائه وأقاربه، لعلّ من أهمها شهادة رشيد ابنه (1963) الذي لا يكاد يتذكر والده إلا نادرا، بسبب اهتمامات والده المسرحية ونضاله الوطني والإنساني، وهي الاهتمامات التي كانت تأخذ وقته كله أو تكاد، كما ألمح ابنه في شهادته.

 width=


إلى جانب شهادة ناشره الأول لأعماله المسرحية، والذي أشار في مقدمة الكتاب إلى أن «القضية الجزائرية احتلت صدارة اهتمام محمد بودية، وأن القضية الفلسطينية وقضايا التحرّر في العالم، صارت كذلك من صلب اهتمامه».

استعرض الكتاب مقالات محمد بودية التي سلط فيها الضوء على مختلف قضايا السياسة والاقتصاد والثقافة، والجزائر المستقلة تحاول أن تجمع شتاتها، بعد ليل استعماري طويل، موضحًا وجهة نظره ومواقفه منها. وقد سمحت له علاقته الوثيقة بالرئيس الراحل أحمد بن بله (1916-2012) بتمرير أفكاره الطلائعية، وتحقيق طموحاته في المسرح والكتابة والإعلام.

هكذا وضع أسس المسرح الوطني الجزائري سنة 1963، وفي السنة الموالية أشرف على إصدار جريدة «الجزائر هذا المساء» (Alger ce soir)، بوصفها أوّل جريدة يومية جزائرية، ناطقة باللغة الفرنسية، تصدر مساء كل يوم. إلى جانب تأسيسه لمجلة تحمل عنوان «نوفمبر» كان حزب جبهة التحرير الوطني يتولى إصدارها مطلع كل شهر.

كما نشر الكتاب، علاوة على نصوصه المسرحية، مجموعة من الأشعار والقصص النادرة والتي لم يسبق نشرها، كان قد كتبها الراحل خلال الفترة الممتدة من سنة 1962 إلى غاية 1973 تاريخ استشهاده.

 width=


للإشارة ولد محمد بودية بأعالي القصبة، في 24 فيفري 1932، انضم لثورة التحرير منذ انطلاق شرارتها الأولى. هكذا انخرط في صفوف اتحادية فرنسا التابعة لجبهة التحرير الوطني، وقام بإدارة خلية العمليات الخاصة المشكّلة من كومندوس مختص في عمليات التخريب الصناعي والمراكز العسكرية الفرنسية. لتلقي الشرطة الفرنسية عليه القبض، ويصدر في حقه حكم بـعشرين سنة سجنا نافذا. وسرعان ما تمكن بأعجوبة الفرار من السجن سنة 1961، ليلتحق بتونس، وينخرط في صفوف الفرقة المسرحية الفنية التابعة لجبهة التحرير الوطني.

عارض محمد بودية بشدّة، الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد بومدين ضد الرئيس بن بلة، في 19جوان 1965، وعبّر عن ذلك صراحة في كتاباته ومواقفه. هكذا اضطر أمام التهديدات التي تعرض لها إلى مغادرة الجزائر، واللجوء إلى فرنسا. هناك نسج علاقته المباشرة بالقضية الفلسطينية، انضم إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واضعاً خبرته النضالية المكتسبة في كفاحه أثناء الثورة الجزائرية في خدمة القضية الفلسطينية.

من بين العمليات الفدائية الكثيرة التي قام بها: التخطيط لإرسال ثلاث ألمانيات من ألمانيا الشرقية سابقا، إلى القدس لتفجير عدة أهداف إسرائيلية، قبل أن يكتشف أمرها فيما بعد. خطط أيضاً لتفجير مركز «شونو» بالنمسا، وكان يشكل مركزا لتجمع يهود روسيا المهاجرين إلى اسرائيل. كما خطط أيضا لتفجير مخازن إسرائيلية ومصفاة بترول في روتردام بهولاندا. أما أهم عملياته الفدائية الناجحة هي تفجير خط أنبوب بترولي يربط بين ايطاليا والنمسا سنة 1972، مخلفا خسائر مادية معتبرة. كما ساهم في عملية ميونيخ الشهيرة، أثناء احتضناها الأولمبياد عام 1972، تمثّل دوره أساسا في استضافة أفراد الكومندوس الفلسطيني قبل تنفيذ العملية، ثم بعد ذلك العمل على تهريبهم وإخفائهم عن الأنظار.

 width=


محمد بودية يحمل السلاح
عاد محمد بودية إلى باريس في مطلع السبعينيات بصفته قائد العمليات الخاصة للجبهة الشعبية في أوروبا. هكذا أطلق عليه الثوار الفلسطينيون اللقب الفلسطيني «أبو ضياء» نظير نضاله ومساهماته بقلمه وسلاحه من أجل القضية الفلسطينية.

استشعرت المخابرات الاسرائيلية المعروفة بالموساد، بالخطر الذي صار يشكله محمد بودية، القلم المدافع عن القضية الفلسطينية، والمناضل الثائر، الذي ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات الفدائية الموجهة ضد الصهاينة، في كل بقعة في العالم يتواجدون فيها. هكذا قررت الموساد التخطيط لتصفيته جسديا، باستهداف سيارته من نوع رونو 16، صبيحة 28 جوان عام 1973، في حدود الساعة 10 و45 دقيقة، يوم غادر محمد بودية منزله في باريس، وهو يهمّ ركوب سيارته.

 width=



سيارة بودية بعد عملية تفجيرها
كتاب : «محمد بودية : كتابات سياسية، مسرح، شعر وقصص قصيرة» كتاب مهم جدا، إلى جانب أنه جدير بالقراءة والتمعن، يستحق أن يعاد طبعه في الجزائر، و يوزع على نطاق واسع، وأن يترجم إلى اللغة العربية. كتاب يسلط الضوء على نضال وكتابات رجل، استطاع أن يجمع بين القلم والسلاح، بين الكتابة الملتزمة المدافعة عن قضايا الوطن والقضايا الإنسانية، والنضال الميداني.

كافح محمد بودية من أجل استقلال الجزائر، وناضل من أجل القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في العالم. صدح بالحق في وجه سلطان جائر، يوم سكت الجميع، في مواجهة سلطة استولت على الحكم في بلده بالقوّة. ودفع في سبيل مواقفه ونضاله وكتاباته، ضريبة اغتراب قاس، وتوجس من استهداف قد يطاله من الصديق قبل العدو، إلى أن سقط شهيدًا في 28 جوان 1973


 
ممثل مسرحي دوخ الموساد ؟!!!
:اخ:
إحترامنا للشعب الجزائري الشقيق , لكن التاريخ يقول أن دولة الجزائر عمرها ما كانت مصدر تهديد لإسرائيل , هي فقط تهدد جيرانها شرقا و غربا
 
ممثل مسرحي دوخ الموساد ؟!!!
:اخ:
إحترامنا للشعب الجزائري الشقيق , لكن التاريخ يقول أن دولة الجزائر عمرها ما كانت مصدر تهديد لإسرائيل , هي فقط تهدد جيرانها شرقا و غربا

ريحة الطاجين يفور
 
ممثل مسرحي دوخ الموساد ؟!!!
:اخ:
إحترامنا للشعب الجزائري الشقيق , لكن التاريخ يقول أن دولة الجزائر عمرها ما كانت مصدر تهديد لإسرائيل , هي فقط تهدد جيرانها شرقا و غربا

لو لم يدوخ الموساد لما قامو بتفخيخ سيارته و قتله فهو الا ممثل مسرحي


000_APP2001101507379.jpg
 
ممثل مسرحي دوخ الموساد ؟!!!
:اخ:
إحترامنا للشعب الجزائري الشقيق , لكن التاريخ يقول أن دولة الجزائر عمرها ما كانت مصدر تهديد لإسرائيل , هي فقط تهدد جيرانها شرقا و غربا
انتم جيش المجرة الذي يخافه الصهاينة
ي اخي استحي
أتفهم كرهك
خلي الموضوع رايق​
 
عودة
أعلى