مخاوفك من التعرض لطلقٍ ناري ليست يتيمة، فهناك الكثير يخشون الأمر ذاته، لكن لسوء الحظ فأعذارك مقبولة.
فالأسلحة تودي بحياة ما يقارب 100 شخص يومياً في أمريكا وحدها، والأسوأ من ذلك، ليست العيارات النارية المنطلقة من مختلف الأسلحة والبنادق فائقة الدقة كما تصوّرها هوليوود، على العكس تماماً، فهي فوضوية جداً وتُحدث الكثير من الضرر والأذى الداخلي
ما الذي تفعله الرصاصة بجسدك؟
كما هو معروف، تشق الرصاصة طريقها في الجسم بسهولة مطلقة، ولكن يبقى التساؤل المطروح: لماذا لم تتغير الأسلحة النارية بذلك القدر الملحوظ خلال القرون الأخيرة، والإجابة بكل بساطة هي أن هذه الأسلحة فعالة جداً، حيث تخفي هذه الفتحة الصغيرة التي تخلفها الرصاصة وراءها الكثير من الضرر.
دعونا نبسط الفكرة قليلا، عندما تخترق الرصاصة جسمك فإنّ هذا الأخير يمتص قدراً كبيراً من زخم حركتها، فعلى سبيل المثال؛ تنطلق رصاصات الـ9 ميليمتر المستخدمة من طرف رجال الشرطة بسرعة 900 ميل في الثانية، ولكن أين تتلاشى كل هذه الطاقة؟
بكل تأكيد يقوم الجسم بامتصاصها محدثة بذلك كمّاً هائلا من التخريب يتجسد في توسع الأنسجة، وخلق فجوة كبيرة لتعاود الارتداد على نفسها، ويسبب هذا الارتجاف بدوره ضرراً كبيراً للأعضاء والأنسجة على الرغم من غياب التماس المباشر بينها وبين الرصاصة.
بعد حدوث الحدث، واختراق الرصاصة لجسمك وأعضاءك، فمن المحتمل أن تبقى على قيد الحياة حتى لو تمت إصابتك بالعديد منها، ولكن يبقى المسار الذي اتبعته الرصاصة هو العامل الحاسم في ظل هذه الفوضى العارمة.
يقول ”كونور نارسيسو“؛ الطبيب الحربي السابق الذي أمضى سنوات خدمته في أفغانستان: ”لا تدع الأفلام تخدعك وتُسنِح لها الفرصة بإغوائك بأكاذيبها، فمجرد رصاصة واحدة في الذراع أو الفخذ كافية لقتلك.
ما هو السبب يا ترى؟ هو بالطبع النزيف ونقص كمية الدم، حيث يؤكد نارسيسو أنّ فقدان الدم يحتلّ المرتبة الأولى بمسببات الموت في أرض المعركة، فّإذا أصابت الرصاصة الشريان العضدي في ذراعك أو أحد الشرايين الإربية الثنائية في الفخذ، أو ربما الشريان تحت الترقوة فذلك سيتسبب بنزيف هائل، فالعضلات تمتلك بطبيعتها بعض آليات الدفاع المدمج لإيقاف النزيف،
ولكن هذا وحده لا يكفي في حال اختراق الرصاصة أحشاءك وتسببها بنزيف داخلي، وخاصة عند قطعها للأوردة والشرايين مباشرة بدون تنبيه العضلات للخطر المُحدق.
ويكمل نارسيسو بقوله عن أساطير الأفلام بخصوص الإصابات ”غير القاتلة“ بأنّه مجرد سرد من الأحداث غير الممكنة، والبعيدة كل البعد عن الحقيقة، حتى أنّ الجنود ورجال الشرطة لم يتم تدريبهم قط على مثل هذه الطريقة في نزع السلاح.
كما يتمثل الخطر الآخر بتلف الأعضاء الحيوية وتوقفها عن العمل نتيجة الإصابة الملحقة بها، ففي حال أصابت الرصاصة عضواً ما فهي بطبيعة الحال ستمزقه كما فعلت في اللحم الخارجي على حد سواء، وعلاوة على ذلك، باستطاعة الرصاصة الارتداد وتغيير اتجاهها بعد اصطدامها بعضو ما، جاعلة من الأعضاء الأخرى أهدافاً لها، ويعني هذا أنّ الرصاصة الواحدة بمقدورها إصابة أكثر من عضو عند اختراقها للجسم.
فمن غير الممكن التنبؤ بمسار هذه الرصاصة الهائجة، ولكنّه من المحتمل أن تبقى على قيد الحياة في حال تفادت الرصاصة المناطق الحيوية في جسمك أثناء اختراقها له، فعدد الرصاصات لا يهم مقارنة بالمسار المتّبع أثناء عبورها للجسم، ويمكنكم سؤال مغني الراب ”50 Cent“ عن صحة هذا الأمر.
ماذا عن المواد المضادة للرصاص مثل السترة الواقية من الرصاص ”الكيفلر“؟ فباستطاعتها منع الرصاصة من اختراق الجسم وتقليص الضرر الداخلي إلى حد كبير، ولكن لا يزال علينا التعامل مع زخم هذه الرصاصة وطاقتها الحركية الهائلة.
فعلى سبيل المثال؛ بإمكاننا اعتبار الرصاصة على أنّها كرة قدم في حين تكون بالمقابل ألياف ”الكيفلر“ شبكة المرمى، فالشبكة في الواقع لا ترد الكرة بل تمسكها وتقوم بالتقاطها.
وكذلك الأمر مع الرصاصة، وهذا بمقدوره أن يتسبب بالكثير من الأذى والضرر، إضافة إلى ذلك، باستطاعة المادة التي يصنع منها الكيفلر أن تكون فعّالة فقط ضد العيارات الصغيرة مثل رصاص المسدسات، أما في حالة العيارات الكبيرة كما في البنادق الآلية فسوف تشق طريقها بسهولة نافذة إلى الجهة الأخرى دون عناء مكلّف، ولهذا السبب تمت صناعة الدروع العسكرية من السيراميك المكثف لردع هذه الأسلحة الفتاكة ذات العيارات الكبيرة.
ما هي الإجراءات المتبعة في حال التعرض لطلق ناري؟
يتساءل العديد من الناس عن ذلك الشعور عند الإصابة بطلق ناري، حيث تتراوح الاجابات بين الإحساس الشديد بالاحتراق، وألم مبرح كما الناتج عن تلقي ضربة قوية على الرأس بمضرب بيسبول، أو حتى كالطعن بسكين مرات كثيرة، فالكثير من الضحايا عبرّوا أنّ الجزء الأصعب من هذه الحادثة يتمثّل بشعورهم بدمائهم الدافئة وهي تسيل على أجسامهم، باختصار، ليس الأمر ممتعاً على الإطلاق.
عندما تدرك بأنّك تعرّضت أو أي شخص آخر لطلق ناري، فأوّل ما يتوجب عليك القيام به هو الاتصال برقم الطوارئ في بلدك، فأنت هنا بأمس الحاجة لوصول المسعفين والمهنيين الطبيين إلى المكان بأسرع وقت ممكن، بعد ذلك يقول نارسيسو أنه يجب عليك إيقاف النزيف، تذكّر أنّ النزيف يُعد من الأسباب الرئيسية لموت معظم الناس في هذه الحالة.
لذلك يجب عليك أن توقفه من خلال البحث عن أي تورّم أو تلوّن للجلد وغيرها من علامات النزيف والضغط عليه محاولاً السيطرة عليه بشتّى الطرق والوسائل، إضافة إلى ربط قطعة من القماش أو عصابة أعلى الجرح وشدّها بإحكام، وذلك بعد تحديد موقع الجرح.
أمّا في حال التعرض لطلق ناري في الصدر، وحدوث جرح في التجويف الصدري، فمن المهم أن تمنع الهواء الخارجي من الدخول والتسرّب إلى داخله، وإلّا فإنّك، أو الضحية، سوف تعاني من ضغط استرواح الصدر أو الرئة المنهارة، وحينها ستنخفض قدرتك على التنفس إلى النصف، ولذلك فان أفضل طريقة لإغلاق الفتحة هي عن طريق وضع قطعة من القماش، أو الشاش والقليل من الفازلين من صندوق الإسعافات الأولية، أو أية وسائل متيسرة مثل الشريط اللاصق أو البلاستيك، لا يهم ما تستخدمه لسد الفتحة، وإنّما ما يهم هو سدها ومنع الهواء من التسرب إليها، لذلك فإنّ كل المواد الماصّة مثل الشاش بدون الفازلين لن تجدي نفعاً.
كان هذا جل ما يمكنك فعله في هذه المرحلة ولا يبقى لديك سوى الانتظار والتحلي بالأمل لحين وصول الطوارئ والمسعفين.
ماهي فرص نجاتك عند تعرّضك لطلق ناري؟
ربما يشعر أغلبية الناس بالخوف خلال هذه المرحلة، ولكن طبقاً لإحصائيات المجلس الوطني الأمريكي للسلامة فإنّ حظوظك في الموت جراء طلق ناري هذا العام هي واحد من 514000، وهي ضئيلة جدا، وخلال فترة حياتك كاملة تصبح هذه النسبة أقرب إلى واحد من أصل 6905 شخص، ولكن تذكّر أن هذه الإحصائيات تغطي جميع الوفيات الناتجة عن التعرض لطلقات نارية بما في ذلك حالات الانتحار، وحوادث التعامل مع الأسلحة، وحوادث الصيد، بالإضافة إلى حالات الاغتيال الفردية والجماعية، ومع ذلك، فإنّ ضحايا الطلقات النارية يمتلكون فرص عالية للنجاة والبقاء على قيد الحياة بشكل مدهش، على افتراض عدم تلقي الرصاصة في القلب أو الدماغ (والتي تتراوح فرص النجاة منها بحدود 9%).
يقول الدكتور ”فنسنت ج.م ديمايو“، كبير الأطباء الفاحصين السابق في مقاطعة بيكسار، بـتكساس وكاتب كتاب ”جروح الطلقات النارية: الجوانب العملية للأسلحة النارية، والمقذافية وتقنيات الطب الشرعي“، بأنّ فرصك للنجاة من طلق ناري والبقاء على قيد الحياة تتراوح ما بين 80-95% (95% تتمثل بوصولك إلى المستشفى بسرعة وقلبك لا يزال ينبض)، في حين وجد ديمايو أنّ 80% من مناطق الجسم غير مميتة إذا ما تلقت رصاصة، فالعامل المهم والمقرر لمصير حياتك في هذه الحالات هو مسار الرصاصة أثناء اختراقها للجسم، وهناك الكثير من المسارات التي تبقيك على قيد الحياة.
المصدر https://lifehacker.com/what-happens-when-you-get-shot-and-how-to-survive-it-1794896982
ترجمه https://dkhlak.com/how-to-survive-when-you-get-shot/