البَارِجَة الحَرْبِيَّة سفينة حربية ضخمة، مزوَّدة بمدافع أكبر وأقوى، وبتسليح أضخم من أية سفينة قتال أخرى. ولا يفوق البارجة الحربية من بين سفن القتال إلا حاملة الطائرات.
والبوارج الحربية كانت المهيمنة على كثير من القوات البحرية في العالم. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م)، حلَّت محلها حاملات الطائرات. وفي أخريات الخمسينيات سحبت معظم القوات البحرية البوارج الحربية من الخدمة العملية. غير أنه في بداية الثمانينيات من القرن العشرين قامت بحرية الولايات المتحدة بتحديث وتجديد أربع بارجات حربية من نوع لوا وأعادتها إلى الخدمة.
تطوير البارجة الحربية. بدأ في القرن السادس عشر الميلادي، عندما أصبحت منصات للسلاح الثقيل، وعُرفت بسفن خط القتال. وكانت البارجة الحربية السابقة تماثل قلعة طافية على سطح الماء، ولها أبراج في مقدمتها ومؤخرتها، يقاتل منها الجنود بالطريقة نفسها التي يحاربون بها على سطح اليابسة. وفي أخريات القرن الثامن عشر الميلادي، كانت السفينة المقاتلة تحمل 74 مدفعًا، ولها جوانب من خشب البلوط السميك.
وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حلت المحركات مكان الأشرعة في البوارج الحربية، واستُبدِلت بالمدافع وقذائفها مدافع تطلق قذائف متفجرة. وكانت الجوانب البلوطية من سفن خط القتال لا تتيح الحماية الكافية ضد هذه القذائف. ونتج عن ذلك أن بدأت البحرية تبني سفنًا مغطاة بالحديد. وأول معركة استُخدم فيها هذا النوع من البوارج المغطاة بالحديد عام 1862م خلال الحرب الأهلية الأمريكية. وقد قاتلت السفينة مونيتر السفينة الاتحادية فرجينيا التي كانت تسمى سابقًا ميرماك.
وفي بدايات القرن العشرين أصبح للبوارج الحربية صفائح من الصلب، يصل سمكها إلى 41سم، تزودها بالطاقة محركات ذات كوابس قادرة على دفعها بسرعة 18 عقدة (العُقْدة وحدة السرعة البحرية وتساوي ميلاً بحريًا واحدًا في الساعة). وكانت هذه النوعية من السفن تحمل أربعة مدافع عيار 300ملم، وثمانية مدافع عيار 200ملم، والكثير من الأسلحة الخفيفة السريعة الطلقات. وبقدر ما كانت المدافع الكبيرة قوية كانت غير دقيقة إلى حد بعيد. وكانت المدافع ذات العيار المتوسط تحدث معظم الدمار في المعركة.
البارجة الحربية الحديثة. كانت السفينة المدرعة البريطانية التي اكتمل بناؤها عام 1906م أول بارجة حربية حديثة. وكانت مُدَجَّجة بسلاح أثقل وأكثر تحصينًا من أية سفينة حربية سابقة. وكانت السفينة المدرعة تزيح 18,800 طن متري من الماء، وبلغ طولها أكثر من 150م. وتسير بسرعة تصل إلى 21 عقدة. وفاقت مدافعها العشرة عيار 300ملم في دقتها المدافع الكبيرة السابقة. وعقب إدخال السفينة المدرعة في الخدمة بدأت دول أخرى كثيرة في بناء سفن مماثلة.
والمعركة الرئيسية الوحيدة في الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) التي استُخدِمَت فيها البوارج الحربية كانت معركة جتلاند التي جرت عام 1916م، بين الأسطولين البريطاني والألماني، وقد فقد كلا الجانبين بعض سفنه في المعركة، ولم تُسفِر عن انتصار واضح لأي منهما.
أدّى الاستخدام المتزايد للطائرات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية إلى تراجع أهمية البوارج الحربية. وفي الواقع فإن أكبر بارجتين حربيتين تم بناؤهما هما اليابانيتان ياماتو وموساشي اللتان أغرقتا بوساطة الطيران خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت هاتان البارجتان الحربيتان تزيحان 58,000 طن متري من الماء، وتحمل كلُّ منهما على متنها تسعة مدافع عيار 460ملم وبلغ سمك تحصينها 460ملم.
وخلال الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي، حُفِظَت سفن حربية عديدة في مخازن واقية. وآخر البوارج الحربية البريطانية، البارجة فانجارد تم تفكيكها عام 1960م. وفي عام 1968م أعادت الولايات المتحدة البارجة الحربية نيوجيرسي إلى الخدمة لتُستَخدم في حرب فيتنام.
بعث البوارج الحربية. قامت بحرية الولايات المتحدة بإعادة أربع بوارج حربية للخدمة بين عامي 1982، و1988م بهدف الحصول على قوة نيران إضافية خاصة لقصف الشواطئ؛ وهذه البوارج هي: نُيوجيرسي (1982)، آيوا (1984)، ميسوري (1988)، وسكنسن 1986. وقد زُودت كل منها بصواريخ وأجهزة رادار متقدمة، إضافة إلى أجهزة اتصالات إلكترونية وأجهزة دفاع جوي مضاد للطائرات. وحملت كل منها العديد من الحوامات. أخرجت البحرية آيوا من الخدمة في عام 1990م، عقب الانفجار الذي حدث أثناء التدريبات وقتل 47 من البحارة عام 1989. وتم اخراج نيوجيرسي من الخدمة في عام 1991م. واستخدمت ميسوري ووسكنسن كمنصات لإطلاق الصواريخ في حرب الخليج الثانية (1991) . خرجت وسكنسن من الخدمة في عام 1991، وتبعتها ميسوري في عام 1992م.
التعديل الأخير: