عندما سقط البيت الأبيض

أعماق المحيط 

مراسل لا يعني تبني الأخبار التي أنقلها
مراسلين المنتدى
إنضم
30 مارس 2018
المشاركات
49,270
التفاعل
115,053 814 1
الدولة
Saudi Arabia
FCBFE56A-058E-4EAC-889D-F875E09446D4.jpeg


عند الحديث عن البيت الأبيض في أي مكان في العالم تقريباً فمعظم الناس سيميزون أنه المنزل الرئاسي والمقر الرسمي لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، فالبناء الشهير قائم منذ أكثر من 200 عام، وكان مقر السكن والعمل لكل الرؤساء الأمريكيين بداية من عام 1800 وللرئيس جون آدامز (John Adams) والذي يعد أحد ”الآباء المؤسسين“ للبلاد.

على أي حال، فرمز القوة العالمية والهيمنة الإقتصادية والعسكرية وحتى الثقافية اليوم، لم يكن دوماً بمكانته الحالية خصوصاً مع بدايات الولايات المتحدة كدولة مستقلة في الفترة التالية للاستقلال وقبل الحرب الأهلية والتوسع نحو الغرب والجنوب. فخلال حرب عام 1812 أحرق البيت الأبيض واحتاج لإعادة الترميم، إلى جانب العديد من المباني المهمة الأخرى في العاصمة الأمريكية واشنطن.

على أي حال فلفهم تغير تأثير رمز القوة الحالي لابد من معرفة تاريخ بناءه وكذلك سقوطه الوحيد في التاريخ.

بناء واشنطن والبيت الأبيض

تاريخ العاصمة الأمريكية ليس بسيطاً تماماً، فالولايات المتحدة لم تكن دائماً بشكلها الحالي، وفي الواقع لم تتخذ شكلها الحالي حتى نهاية القرن التاسع عشر، ولم تكمل عدد الولايات الخمسين حتى عام 1959 مع تحول كل من هاواي وألاسكا إلى ولايات ذات سلطات تنفيذية.


ومع كون الولايات المتحدة عند استقلالها كانت لا تزال فتية للغاية (وأصغر بكثير من حجمها الحالي) فعند الاستقلال لم تمتلك أية عاصمة حقيقية، بل كان الكونجرس (المكون من المجلس النيابي ومجلس الشيوخ) يتنقل من مدينة لأخرى بشكل دوري بسبب حرب الاستقلال ضد الإنجليز.

أول مدينة يمكن اعتبارها عاصمة أمريكية كانت فيلاديلفيا – بنسلفانيا (Philadelphia – Pennsylvania) حيث اجتمع الكونجرس للمرة الأولى في تاريخه عام 1774، كانت المدينة أكبر المدن الأمريكية حينها مع عدد سكان يقارب 40 ألف نسمة، لكن ظروف حرب الاستقلال أجبرت الكونجرس على الانتقال لمرات عديدة أولها إلى مدينة يورك – بنسلفانيا (York – Pennsylvania) بين عامي 1777 و1778، قبل أن يعود إلى فيلاديلفيا ويتنقل 4 مرات إضافية إلى برنستون – نيوجيرسي (Princeton – New Jersey) وأنابوليس – مريلاند (Annapolis – Maryland) وترينتون – نيوجيرسي (Trenton – New Jersey) ولاحقاً مدينة نيويورك.

كانت مدينة نيويورك في الواقع أول عاصمة مقررة في التاريخ الأمريكي حيث حدد الدستور الخاص بعام 1787 المدينة كعاصمة المستعمرات المستقلة المكونة للولايات المتحدة حينها، حيث كتبت لائحة الحقوق وتمت مراسم تولي جورج واشنطن للرئاسة الأمريكية كالرئيس الأول للبلاد.

لكن بعد مدة قصيرة، وفي عام 1790، عاد الانتقال مجدداً مع قرار الكونغرس الانتقال إلى فيلاديلفيا ريثما يتم بناء عاصمة دائمة في مقاطعة كولومبيا (District of Columbia) بين ولايتي مريلاند (Maryland) وفرجينيا (Virginia).

مع عام 1790 بدأ إنشاء مدينة واشنطن الحالية (والتي لم يحكم منها جورج واشنطن أبداً) وبين عامي 1792 و1800 بني البيت الأبيض تحت اسم ”بيت الرئيس“ أو ”قصر الرئيس“ حينها، وفي نهاية عام 1800 انتقل جون آدامز (John Adams) إلى البناء ليكون أول رئيس أمريكي يحكم من واشنطن.

حريق واشنطن وسقوط البيت الأبيض


4CF0EF06-F6D1-41C8-8FF0-A59C04F5BE6C.jpeg


مع انشغال بريطانيا بحربها ضد نابليون والإمبراطورية الفرنسية خلال مطلع القرن التاسع عشر، شنت الولايات المتحدة الفتية حينها حرباً على البريطانيين في كندا عام 1812، حيث غزت المنطقة الجنوبية الشرقية (وهي أكثف مناطق كندا سكاناً حتى اليوم) رداً على قطع البريطانيين لطريق التجارة بين فرنسا والولايات المتحدة خلال مساعيهم لإضعاف نابليون.

وعلى الرغم من أن القوات البريطانية كانت تتمركز في أوروبا بعيداً عن ساحة القتال على الساحل الشرقي الأمريكي، فقد فشلت محاولات الغزو المتعددة للمدن الكندية، ولو أن الهجمات تسببت بأضرار كبيرة.

لاحقاً ومع انخفاض وتيرة الحرب في أوروبا، أرسل البريطانيون التعزيزات للقارة الامريكية، وقادت البحرية الملكية غارات عدة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ولعل أهمها الغارة على مدينة واشنطن (العاصمة الجديدة) والتي أسفرت عن إحراق المدينة وتضررها بشكل كبير على الرغم من أنها لم تستمر سوى ليوم واحد فقط.

أتت الغارة البريطانية نتيجة ضعف الدفاعات المحيطة بالعاصمة، كما أنها كانت خطوة ردعية للأمريكيين لمنعهم من محاولات غزو كندا مجدداً، فالتركيز البريطاني كان منصباً على الحرب الكبرى مع الفرنسيين في أوروبا، وحتى اليوم ترى الحرب الأمريكية الكندية من قبل البريطانيين كمعارك صغيرة على حافة حرب كبيرة لا على شكل حرب مستقلة.

على أي حال، أسفرت الغارة على واشنطن عن حرق البيت الأبيض ومبنى الكونجرس ومكتبته والعديد من المباني الحكومية الأخرى ضمن العاصمة الفتية.

لكن الغارة لم تستمر سوى ليوم واحد فقط (حوالي 28 ساعة) حيث أن عاصفة رعدية كبرى وإعصاراً مرا بالمنطقة بشكل مفاجئ أدى إلى إخماد حريق المدينة وإجبار البريطانيين على التراجع من واشنطن، التي كان قد هرب كل من الرئيس الأمريكي وأعضاء الكونجرس منها.


6CCC3D66-CDF7-47A8-8D03-530E4C841493.jpeg

البيت الأبيض كما بدا في أعقاب حريق 24 أغسطس 1814

ترميم البيت الأبيض وتاريخ التسمية

واحدة من الإشاعات شديدة الإنتشار؛ والتي تعامل كحقيقة من قبل الكثيرين اليوم، هي أصل تسمية البيت الأبيض بهذا السم، فالإشاعة تدور حول كون المبنى الشهير قد رمم ومن ثم طلي باللون الأبيض لإخفاء آثار الحريق عام 1814 ومنها اكتسب اسمه المعروف حتى اليوم، لكن على الرغم من أنه لم يسمى دوماً كذلك، فـ”البيت الأبيض“ كان دائماً أبيض اللون منذ إتمام بناءه عام 1800، إلا أنه لم يحمل الإسم إلا بعد ذلك بسنوات طويلة.

الإسم الأصلي للبيت الأبيض هو ”بيت الرئيس“ أو ”قصر الرئيس“، حيث كانت الأوراق الرسمية دائماً تنص على ذلك، إلا أن تسمية الأبيض سرعان ما ظهرت للمرة الأولى عام 1811 قبل الحرب مع الكنديين وإحراق المبنى حتى.

على أي حال فالاسم لاقى شعبية متزايدة ومع الوقت بات الإسم الأكثر استخداماً للمبنى عوضاً عن اسمه الأصلي اللي زال بشكل نهائي لاحقاً.


في عام 1901، ومع تولي تيدي روزفلت (Teddy Roosevelt) للرئاسة الأمريكية، تم تحويل اسم المبنى بشكل رسمي إلى البيت الأبيض، ومنذ ذلك الحين بات البيت الأبيض يرمز إما للمبنى الذي يقيم ويعمل فيه الرئيس الأمريكي، أو للرئيس الأمريكي والطاقم الذي يعمل تحت إمرته.


المصادر




جمع وترجمه
 
عودة
أعلى