في الحقيقة ظهور الدبابات في ساحة المعركة، ترك المشاة في حيرة وتردد لا يحسدون عليه، وتعلق الأمر في بدايته في كيفية مواجهة وهزيمة ماكينة ضخمة مدرعة وهي محصنة ضد غالبية الأسلحة التي بحوزتهم!! فحتى تلك الدبابات التي كانت مجهزة بدروع وصفائح غير سميكة نسبياً، كانت قادرة على الصمود تجاه أسلحة ونيران المشاة الخفيفة. فضربات البنادق والرشاشات والقنابل اليدوية بدت عاجزة عن تحقيق نتائج أو اختراقات مؤثرة، ومثلت مثل هذه الأسلحة في حقيقتها ترسانة أي كتيبة مشاة Infantry Battalion مثالية في بداية الحرب العالمية الثانية العام 1939.
الجيل الأول للأسلحة المضادة للدروع، أثبت قدرات محدودة وهامشية في أحسن الأحوال، هذا الوضع تبدل مع اشتداد المعارك على جبهات القتال الأوربية وظهور أسلحة أكثر كفاءة وفاعلية، ومثلت تكتيكات الهجوم القريب close assault tactics أحد أبرز صور هجمات المشاة المضادة استماتة تجاه الدبابات المعادية.
لقد كانت النصائح الرئيسة في الحرب تؤكد على وجوب فصل الدبابات عن مشاتهم المساند، وتوجيه الدبابات نحو مناطق القتل kill zones. وهكذا توفرت أسلحة على درجة كبيرة من التباين من حيث القدرات، القنابل اليدوية بنوعيها المتشظي والآخر المصمم كمضاد للدروع وفرت معظم القدرات النارية المتاحة تجاه الدبابات، وأضافت قنابل المولوتوف molotov قدرات إضافية، خصوصاً في المعارك التي جرت في المدن والقرى.
أثناء الحرب العالمية الثانية جرى تطوير تكتيكات المشاة المضادة للدبابات Antitank tactics، وطلبت القيادات العسكرية من جنودها آنذاك القيام بهجمات شخصية تجاه الدبابات المعادية ومن مسافات قريبة جداً. هذه التكتيكات استدعت نسبة عالية من مستويات التعرض للأسلحة المعادية مع فرصة محدودة لاحتمالات النجاة والهروب. ولكي ينجح المهاجم في عمله، فقد كان عليه أن يتحلى بأقصى درجات الشجاعة وأن يختار الموقع الجيد للهجوم، مع التقرب الخفي غير المنظور stealthy، وفي ظل نيران غطاء فعالة ولحد ما مع غياب مشاة العدو المرافق (دليل الجيش البريطاني للعام 1940 شبه هذه التكتيكات بإطلاق النار على نمر من وضع المشي على الأقدام !!).
استمر أفراد المشاة لكافة الأمم المتقاتلة في تقديم هذا النوع من الخدمات، وخلال معظم مراحل الحرب، كان يتولى إنجاز الهجوم المثالي مجموعة من الرجال وليس رجل بمفرده، لقد كانت شجاعة مشتركة. يومها أصدر الجيش الألماني أوامر كثيرة بشكل خاص لأفراد مشاته حول كيفية مهاجمة الدبابات الروسية، وفرض وسام معركة رفيع كمكافأة تقديرية للمتميزين في هذا الدور.
هذه القوات خططت للاستفادة القصوى وكسب أي أفضلية أو ميزة على أطقم الدبابات المعادية، من هذه كان حرمان وتجريد طاقم الدبابة من قدرات الرؤية المحيطة، فأثناء الهجوم كانت أطقم الدبابات دائماً تتقدم وتقاتل وكواتها مغلقة، وهذا يعني أن الوسيلة الوحيدة المتوفرة لهم للرؤية الخارجية كانت نوافذ الرؤية أو الشقوق الضيقة، هذا حدد فعلياً حقل الرؤية field of view المتوفر لديهم للمراقبة، ووفر فرصة أفضل لخصوم الدبابة للهجوم.