الاختراق الصهيوني للعراق

معمر القذافى

عضو مميز
إنضم
8 أكتوبر 2008
المشاركات
2,471
التفاعل
81 0 0
جنود أمريكيون يهود في العراق
"ستكون التوراة إلى جانبهم بينما يقومون بتحرير شعب آخر. خلال التاريخ اليهودي كانت التوراة دائماً إلى جانبنا. ونحن فخورون بجنودنا الذين يحملون التوراة معهم ويمكنون شعوباً أخرى من العيش بحرية".‏
جوزف بوتاسنيك، رئيس "مجلس حاخامات نيويورك"‏
"فوجئت برؤية كل هذه اليهودية في ساحة الحرب".‏
الملازم أول أبراهام فالكوفيتس‏
تكتسب مشاركة جنود أمريكيين يهود(1) في القوات الأمريكية أهمية خاصة في الإطار العام للعدوان على العراق من حيث الأهداف المعلنة أو غير المعلنة. فمن وجهة نظر إسرائيلية يعتبر اليهودي إسرائيلياً بالولادة، لهذا يمكن الافتراض أن الجنود الأمريكيين اليهود هم عملياً إسرائيليون شاركوا في العدوان على العراق وغزوه، وإن لم يذكر هذا الانتماء، أو يؤكد، علنياً. ولكن هناك حالات تشير إلى أن الجندي الأمريكي اليهودي كان مقيماً في إسرائيل، أو قضى فيها فترة طويلة، ما يعني أنه إسرائيلي قانونياً، وربما خدم في الجيش الإسرائيلي. مجموعة من الضباط اليهود يعملون كحاخامات لرعاية الجنود اليهود الملتحقين في فرق عسكرية مختلفة. وكان هؤلاء يقيمون قداسات أيام السبت والأعياد، كعيد الفصح، رأس السنة، عيد المظلـة، وعيد الأنوار، التي جاءت بدايتها بعد أسبوع واحد من سقوط بغداد في التاسع من نيسان. وأجريت هذه المراسيم الدينية في قواعد عسكرية في العراق، الكويت، وقاعدة باغرام الأمريكية في أفغانستان، وأحياناً في خيم خاصة نصِّبت لهذا الغرض وفي القصور الرئاسية في بغداد. دعم عدد كبير من المنظمات والجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، وخاصة ولاية نيويورك، هذه الاحتفالات الدينية بأشكال مختلفة، كتوفير الحاجات الطقوسية اللازمة والأغذية المناسبة. ويلاحظ التكاتف الذي أبدته هذه المنظمات والجماعات لرعاياها على اختلاف انتماءاتها، ولكن الأهم من ذلك هو أن هذه المنظمات التي تقدم الدعم "المعنوي" للجنود في الأعياد، تقوم بذلك خدمة لأغراض سياسية جوهرها دعم العدوان الأمريكي. هذا الدعم متبادل ويظهر في موقف وزارة الدفاع الأمريكية لتسهيل عمل هذه المنظمات. والكثير من تصريحات رجال الدين اليهود لا تخلو من توجهات عنصرية تنحاز إلى جانب اليهود واليهودية. ولن يخفى على العراقي أو العربي عنصرا الإهانة والتشفي اللذان يشوبان بعض هذه التصريحات، وهو ما يؤكد الطابع الانتقامي للعدوان على العراق بسبب مواقفه القومية تجاه القضية الفلسطينية.‏
"أيام عصيبة"‏
قبل بداية العدوان على العراق، انتاب الآباء والأمهات في أمريكا القلق على "المصير المجهول" الذي ينتظر أبناءهم اليهود، فقد التحق الكثير منهم بالخدمة في الجيش الأمريكي بمحض إرادتهم، كمايكل هينكن(2) وكايتس فينلي(3)، اللذين كانا قد وصلا إلى الكويت استعداداً لغزو العراق. فوالد مايكل الحاخام ألان هينكن(4) في إنكينو (كاليفورنيا) لم يكن متحمساً في البداية لالتحاق ابنـه في احتياط الجيش، ولكن الإبن رأى في الخدمة العسكرية "مغامرة وفرصة للتوحد مع رجال ونساء طيبين وأن يخدم بلاده"، ومنذ ذلك الحين اتخذ الأب "موقفاً داعماً" لما عزم ابنه عليه(5).‏
هذا الحاخام قال أن العائلات تمر بـ "أيام عصيبة"، وهم قلقون على أحبائهم، الذين "سيواجهون قريباً صدام، القائد القاسي، الذي قام بقتل شعبه بالغاز ومئات الآلاف الآخرين في حروب مع إيران والكويت". وقد تكون مشاعر الخوف أكثر حدة بالنسبة لعائلات وزوجات الجنود اليهود، أكثر من غيرهم، بالنظر لـ "عداء صدام الشديد للصهيونية، ويستطيع المرء التكهن بما سيحل بالجنود الأمريكيين اليهود إذا ما وقعوا في الأسر". ولهذا لم تشجع إحدى الضابطات الأمريكيات، أحجمت عن ذكر اسمها، الجنود اليهود على التحدث إلى صحيفة "جويش جورنال" اليهودية.‏
ولم تكن لدى الحاخام مورديخاي فينلي(6) من لوس أنجلوس، أي هواجس عندما حسم ابنه كايتس أمره فترك الكلية والتحق بالمارينز. فالأب نفسه خدم في المارينز بين الأعوام 1973 و1976، وثمّن هذه التجربة التي "منحته حساً بالهدف والانتظام"، بالرغم من أن زملاء كايتس في الكلية "كانوا في حيرة من أمرهم كيف يقدم شاب يهودي ذكي على سلوك هذا الدرب الخطر". ولكن بالنسبة للحاخام فينلي لا يوجد ما هو أعظم من خدمة الوطن "وخاصة إذا كان الهدف هو نزع أسلحة طاغية عنيف وعدواني كصدام". ومنذ التحاقه بالمارينز عام 2000 عمل كايتس إلى جانب الجنود الكينيين في أفريقيا ورأى العالم، وحصل على منحة حكومية لإكمال دراسته الجامعية(7). وسيحتفل الابن كايتس فيما بعد بعيد الفصح في بغداد، ويتجول بحرية في العراق ويكشف عن هويته الدينية أمام العراقيين بشكل متعمد وبدون أي حرج(8).‏
كما في إسرائيل‏
بداية نيسان 2003، وقبل الذهاب إلى العراق، كانت جوانا كوهين(9) من لونغ أيلاند (نيويورك) تتدرب في قاعدة عسكرية لم يكشف عن اسمها في ولاية أيوا. وفي أيوا سيتي تجولت كوهين بزيها العسكري ودخلت أحد المقاهي الجامعية، التي "تعبق بالدخان"، فصرخت بها "مجموعة هوجاء" من الطلاب: "ينبغي أن لا تكوني هنا"، وتقدم منها شباب للاعتراض شخصيـاً على الحرب المزمعة. وتقول كوهين أن أحداً لم يسألها عن رأيها، ولكن هذا لا علاقة لـه بالموضوع، فهي تقوم بواجبها، وتقوم بذلك "مرفوعة الرأس". لكن كوهين تصبح فجأة إسرائيلية: "بالتأكيد أشعر بالكبرياء، وهذا شيء لا يشعر به كل شخص في أمريكا، بخلاف إسرائيل. وفي الحقيقة أعتقد أن على أمريكا أن تلزم كل شخص بالتدريب العسكري بعد الانتهاء من الكلية. إن هذا يفتح الأعين على كيف يسير العالم، ويعلم المسؤولية". الجنود الآخرون كانوا يسألون كوهين عن آرائها السياسية، وخاصة في ضوء الإشارات المستمرة في وسائل الإعلام إلى إسرائيل. فتقول كوهين: "هذا ليس بالأمر السيئ ولكنه يحزنني أحياناً". الجنود الآخرون لا يعرفون الكثير عن إسرائيـل، ولكنهم يعرفون أنها وراء الكثير من المشاكل في الشرق الأوسط. وفي مواجهة هذا الوضع تقول كوهين: "أحياناً أمزح بأنه ربما ينبغي علي تغيير الصفيحة المعدنية التي تحمل اسمي، لأنني سأكون الهدف الأول في العراق. أنا أخشى أن أكون يهوديـة في العراق". وأخيراً تم إرسال كوهين باتجاه العراق، وكذلك الرقيب بينجامين روثمان(10) (نيو جيرسي)، الذي كان متمركزاً في القاعدة نفسها(11).‏
وجبات عيد الفصح‏
لم تجر الأمور كما ينبغي بالنسبة للجنود اليهود في الكويت والعراق أثناء عيد الفصح اليهودي، الذي ابتدأ يوم السادس عشر من نيسان 2003، ليس بسبب "المعارك"، التي كان الجيش الأمريكي ما زال يقودها في العراق، بل لأنه لم تكن هناك مؤن غذائية مناسبة وكافية لوجبات عيد الفصح، الذي يمتد إلى ثمانية أيام. فالرائد دافيد روزنر(12) ذكر أن وجبات العشاء ("سيدريم") في الكويـت احتوت على الحد الأدنى من مأكولات الكوشر(13). هذه القضية الحيوية، التي قد تؤثر على سير عملية "الحرية العراقية"، ألزمت جيرولد نادلر(14)، النائب الديموقراطي عن مانهاتن، على التدخل لدى "القوات الجويـة" لإرسال المزيد من الغذاء الكوشر إلى الكويت والعراق. ولكن النائب، بعد حصوله على إجابات متضاربة من تلك القوات و"مجلس الرفاه اليهودي"(15) المسؤول عن تزويد المؤن الغذائية، قرر أن عليه مناقشة هذه القضية لأهميتها القصوى مع دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي، والجنرال ريتشارد مايرز، رئيس الهيئة المشتركة للأركان الأمريكية. اليهودية ليا دون(16)، إحدى عناصر القوة الجوية في الكويت، لم تعرف على من تضع اللوم للنقص في أغذية الكوشر، وقالت أن المنظمات اليهودية قامت بجمع عشرات الآلاف من الدولارات حتى يقوم "مجلس الرفاه اليهودي" بإرسال مواد غذائية، وتضيف "بهذا المبلغ يمكن شراء الكثير، أين هذا كله؟ ليس لدينا كميات كافية من الغذاء لعيد الفصح ... لم يصلنا أي شيء على الإطلاق". ويقول بروس غرينفيلد(17) "إنه أمر مريع. هناك كل أولئك الناس، الذين اعتقدوا أنهم يشاركون في عمل خيري ("ميتسفاه") في غاية الأهمية وسيصابون بخيبة أمل كبيرة عندما يعلمون أن أغذية عيد الفصح لم تصل إلى هناك". ومهما كان الأمر، فقد تفقد المقدم ميتشل أكرسون(18) (بالتيمور)، الحاخام الأعظم في مسرح العمليات(19)، المؤن اللازمة بعد وصوله إلى الكويت في الأسبوع الأول من نيسان 2003(20)، فوجد أن "السلامي" المرسلة كانت كلها متضررة. وحسب رأيه الشخصي فإن ما هو متوفر من المؤن الغذائية غير كافٍ لوجبة عشاء ("سيدر") واحدة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة لبقية الأسبوع؟(21).‏
"وثنية"‏
بعد حوالي أسبوع أخذ الحاخام أكرسون يتنقل في جنوب العراق للتحضير لإقامة مراسيم عيد الفصح بين الجنود اليهود، في حيـن كان زميلاه الحاخامان إلسون وهويرتا يتحركان في منطقة غير محددة في الشمال(22). وأثناء وجوده في المنطقة زار الموقع الأثري أور ولم يكن بإمكانه تجنب رؤية "المعبد الوثني" في الموقع، ويقصد المعبد المرتفع المعروف باسم "الزقورة". وفي العادة هو لا يصرف الكثير من الوقت في التفكير بالمعابد الوثنية، على حد تعبيره، ولكن هذا المعبد أثار انتباهه بحجمه الهائل وموقعه المشرف على ما يصفه بأنه "قرية أور ببيوتها المنخفضة، التي لا يتعدى ارتفاعها طابقاً واحداً وطابقين في أفضل الحالات". هذه "القرية" هي أحد أكبر مواقع المدن الأثرية في العالم وأهمها، ولكن أكرسون يتساءل "مندهشاً" كيف خرج إبراهيم من هذا المكان الذي يطل عليه "المعبد الوثني" المهيب؟ وفجأة يجد الجواب، وهو أن إبراهيم استطاع أن يشق طريقه عبر هذا الظلام الوثني مهتدياً بنور التوحيد، ليصل إلى حران، ثم إلى ما يسميه بـ "أرض إسرائيل"، وهو الاسم الذي أعيد إحياؤه بعد أربعة آلاف سنة من الفترة التي يفترض أن إبراهيم عاش فيها. ويفكر الحاخام أن هناك اليوم وثنية من نوع آخر لا تتماشى مع قيم التوراة، كما يقول، وهي: "وثنية المال، السلطة، الجشع والثقافة الشعبية". ولا يحدد أين توجد هذه الوثنية المعاصرة، وإن كان أفضل مكان تتجسد فيه هو البلاد التي جاء منها ويدافع عن قيمها في أكثر من مناسبة. (23)‏
وربما بالقرب من ذلك "المعبد الوثني"، نصبت خيمة الكنيس للاحتفال بعيد الفصح بالرغم من عاصفة رملية هبت في المكان، ولكن الزوبعة هدأت، لحسن الحظ، قبل البدء بوجبة العشاء (السيدر). حضر إلى الخيمة أربعة عشر جندياً في الليلة الأولى، وعشرين في الليلة الثانية. كانوا خليطاً من الجنود الفعليين، الاحتياط، الضباط، والمنتسبين، وأحدهم كان من صحيفة "النيويورك تايمز". مكونات وجبة عشاء العيد جاءت من متبرعين عديدين: "مجلس الرفاه اليهودي"، "مؤسسة ألف"(24) (فلوريدا)، "أكاديمية سان دييغو العبرية"(25)، "مجلس حاخامات بالتيمور"(26). وتكلم الجميع عن "الحرية، الديموقراطية، والعدالة، وأن هذه هي المثل العليا للشعب اليهودي". وكل واحد من هؤلاء كان يغني بحيوية: "العام القادم في القدس، التي أعيد بناؤها"(27).‏
"الرب معي، فلا يروعني شيء"‏
يقول الملازم أول أبراهام فالكوفيتس(28)، الذي كان يحتفل بعيد الفصح في إحدى الخيم في العراق: "فوجئت برؤية كل هذه اليهودية في ساحة الحرب". هذا الاحتفال نظمه الرائد جوناس فوغلهوت، الذي كان يقيـم في البداية قداسات يوم السبت (الشابات) في الكويت(29)، بعد أن خرج من مكانه السري يرافقه رجلا الدين ياكوفاتس(30) وواينيك(31) ليصلوا إلى موقع اسمه "أوبجيكتيف غرادي"(32). وكان في استقبالهم هناك رجل الدين كارلوس هويرتا ومجموعة من عشرة جنود يهود من "الفرقة 101 المحمولة جواً". واشتملت المجموعة على مشاة، طيارين، أطباء، وسائقي سيارات شحن. وأفسحت هذه المناسبة المجال للتأمل بـ "التاريخ" واستخلاص العبر. يقول فوغلهوت: "نحن الشعب اليهودي كنا مرةً عبيداً. وبشكل مشابـه، وعلى مدى جيل، تعرض الشعب العراقي للاضطهاد من قبل صدام حسين. والآن كلانا أحرار. الويلات التي أنزلها الرب بالفرعون المصري، أنزلها بصدام حسين: الحصار، القيود، الحرب، وربما الموت. والآن، كاليهود الذين عبروا البحر الأحمر، على العراقيين أن يقوموا بإعادة بناء حياتهم وتعليم الحرية لأطفالهم". وعندما جلس الجميع في الخيمة كانوا يفتقدون العائلة والأصدقاء في باسادينا (كاليفورنيا)، بيتسبورغ (بنسلفانيا)، فينيكس (أريزونا)، بروكلين (نيويورك)، وأورلاندو (فلوريدا). وأنشد الجميع الأغاني والمزامير، كالمزمور 118، الذي استشهد منه الحاخام هويرتا بالعبارة التالية: "الرب معي، فلا يروعني شيء"(33).‏
"تحرر وتحرير"‏
رجل الدين إرفينغ إلسون(34) شعر من خلال احتفاله بعيد الفصح في العراق أنه، بالإضافة إلى أنه "تحرر"، قام أيضاً بـ "تحرير" الشعب العراقي. قبل أربعة أيام من بداية العيد كان إلسون مع فرقته في العراق، وذهب إلى "معسكر كوماندو" في الكويت ليحضر مؤن عيد الفصح التي تبرع بها "مجلس رجال الدين اليهود"(35) و"العديد من المنظمات اليهوديـة الأخرى"، بالإضافة إلى ما أرسلته العائلة والأصدقاء. فرقة المارينز الأولى(36)، التي اتخذت من مجمع الحرس الجمهوري العراقي في بغداد مقراً لها، أقامت لليهود في أفواجها أربعة احتفالات لعيد الفصح(37)، أحدها في "مكان الإقامة الرسمي لوزير الإعلام، بوب بغداد الشائن"، ويقصد رجل الدين بذلك وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف. اكتسب هذا الاحتفال معانٍ خاصة بالنسبة لإلسون، كما يقول. ففي الموقع كانت الكهرباء والمياه مقطوعة، فأضيئت القاعة بالشموع التي أحضرها الأب بيل ديفاين(38) وخوفاً من القناصة أغلقت النوافذ. لم يكن لديهم الأغذية المناسبة للعيد، ولكنهم فتحوا ما توفر من رزم أغذية الكوشر اللذيذة، وكانت من بينها علبة من الخضروات المخللة أرسلها لإلسون "أحدهم من إسرائيل". كان الحاخام يحتفل مع رعيته بـ "عيد الحرية" ويحيط بهم "أناس بدؤوا بتذوق حلاوة الشعور بأنهم شعب لم يعد مضطهداً". ولدى عودته إلى الكويت استقل مروحية، وأثناء تحليقها أخذ يتأمل الريف العراقي ويفكر بما "أنجزه المارينز، الجنود، والطيارون. كنا شركاء مع الرب العظيم، الذي فعل للشعب العراقي ما فعله معنا في مصر. هذا حقاً موعد مع الحرية والخلاص"(39).‏
حيرة بين بزتين‏
في الأول من نيسان 2003 اتصل الحاخام إلسون بعائلة العريف مارك إفنين(40) في برلينغتون (فيرمونت) ليستفسر أين يجده في ساحة المعركة. لم يكن إفنين كبقية الأمريكيين، فقد كان كـ "صبرا"(41)، مهتماً منذ طفولته بالجيش. ويتذكر جده لأمه ماكس وال(42): "كان عنده شعور متأصل بأن عليه أن يخدم وطنه، ولكن السؤال الوحيد هو أي بزة عسكرية كان عليه ارتداؤها" الأمريكية أم الإسرائيلية، ولا يبدو أن هناك فرقاً بين الاثنتين. تقول أمه: "بعدما أصبح من المارينز والتقى جنوداً إسرائيليين كان يتكلم عن الذهاب إلى إسرائيل يوماً ما ليلتحق بالجيش الإسرائيلي"، دون أن توضح أين وكيف التقى ابنها بالجنود الإسرائيليين. وتضيف: "أنا متأكدة أن الأمر الذي كان يعنيه هو أنه يقوم بشيء سيساعد، على الأغلب، إسرائيل الآن". وعندما كان في الكشافة كان يصر على ارتداء القلنسوة، بالرغم من أنه لم يكن متديناً، فقد كان "يهودياً وطنياً، آمن بوطنه وأحب إسرائيل". تلقى إفنين تدريبـه العسكري في "معسكر ليجون"(43) (نورث كارولاينا)، وقبل إرسالـه إلى الكويت كان في "معسكر بندلتون"(44) (كاليفورنيا). وتتذكر أمه أنه ورفاقه في المارينز كانوا يقرؤون كتب هاري بوتر(45)، وتقول: "يعجبني أنهم كانوا يقرؤون كل هذه الأشياء الحلوة، لأنهم يبدون كأولئك القتلة". وفي العراق كانت المهمـة الحاسمة لـه هي الكشف عن القناصة العراقيين(46) وقيادة عربة باتجاه بغداد فيها قناص أمريكي والصحافي جون كوبمان(47) من "السان فرانسيسكو كرونيكل". في الثالث من نيسان 2003 تعرضت قافلة إفنين في مدينة الكوت لإطلاق نار فأصيب ولقي حتفه أثناء نقله من المكان(48).‏
"اليهود ... نور الشعوب"‏
عندما عاد أكرسون إلى الكويـت، بعد أسبوع ونصف قضاها في "بغداد وضواحيها"، أخذ يتأمل بما رآه هناك، وإلى واقع الخراب الذي تسببت به الحرب والقصف وإطلاق النار طوال الليل وتذكر ماريو كوؤمو(49) عندما استشهد بمطلع رواية تشارلز ديكينز "قصة مدينتين": "كانت أفضل الأزمنة، كانت أسوأ الأزمنة". وربما فكر رجل الدين أن "تحرير العراق" كان "أفضل الأزمنة" لإسرائيل، و"أسوأ الأزمنة" للعراق. الحاخام تأمل أيضاً في بعض "قصور صدام"، ونام في أحدها، لترد إلى ذهنه مقولة للفيلسوف الأمريكي جورج سانتايانا كان يطلب من تلاميذه أن يحفظوها: "من لا يتذكر الماضي مدان بأن يكرره"، والعبارة نفسها ذكرها تشرشل، مستبدلاً "يتذكر" بـ "يتعلم من". فالأمريكي أو اليهودي، لا فرق بالنسبة لأكرسون، عليه أن "يتذكر الماضي" أو "يتعلم منه"، حتى لا يكون موضع إدانة. ففي الماضي البعيد من لا يتذكر "تمادي اليونان، أو هيرود؟ وماذا عن الرومان؟ أو الصليبيين؟". وكذلك في جيلنا "هناك هتلر، عيدي أمين، آية الله، ستالين، تشاوشيسكو، وعرفات، وغيرهم". ويوضح لنا أكرسون فلسفته: "لدينا رئيس وقوات مسلحة لم تتذكر فحسب، بل تعلمت أيضاً من الماضي ورأوا في حسين ما رفض الغير رؤيته". وفجأة يصبح ضمير "نحن" عائماً، عندما يبدأ بالحديث عما يتذكره اليهود، ليقول: "نحن نستطيع القول هذه المرة، وعلى الدوام، أننا نحمل على عاتقنا مسؤولية إصلاح العالم وإبعاد الشر عن وجهـه". وها هو يجعل "اليهود" يعلون فوق كل شيء في هذا العالم، كما كانت تفعل النازية بالنسبة للشعب الألماني، إذ يكمل "تأملاته" بالقول: "كيهود علينا أن نصفق لما حصل هنا فنحن نتذكر أكثر من الآخرين". وعندما يستخدم الحاخام كلمة "إسرائيل" فهو يخلط بشكل مقصود بين مفهومين، قديم وحديث، ليؤكد أن "إسرائيل" أيضاً تعلو فوق كل شيء: "فكما تذكر الرب(50) وعده لنا، علينا نحن أيضاً أن نتذكر التزاماتنا، أن نكون نوراً للشعوب، لتذكيرهم بالتاريخ ودروسه، حتى لا ندان بالشر، وحتى نكافأ بأيام طوال من السلام لنا ولإسرائيل ولكل العالم ... إلى الأبد"(51).‏
السبت (الشابات) في بابل‏
الكولونيل أفروهام هوروفيتس(52) ترعرع ودرس الديانة اليهودية في القدس، يخدم في المارينز، وهو حاخام آخر دعي من "معسكر كوماندو" في الكويت ليجري احتفالات يوم السبت (الشابات) في معسكر بابل في حزيران 2003، وتلك هي المرة الأولى التي يحضر فيها إلى بابل، وكان يتصل مع الجنود اليهود بالبريـد الإلكتروني. ويتعاون مع قادة المارينز حتى يتمكن الجنود اليهود من الحفاظ على حرمـة يوم السبت، وعندما سمع الجندي جون ليفين(53) (غارلاند، تكساس) عن إقامة القداس أصابه الحماس: "آخر مرة ذهبت إلى القداس كانت في آذار عندما كنت في معسكر كوماندو". ولم يتمكن ليفين من الحضور يوم الجمعة لحضور الاحتفال فوصل في اليوم التالي بعد أن خصصت ثلاث عربات لمجرد نقله إلى المعسكر حيث يقام القداس. وعمل هوروفيتس لم يقتصر على إجراء المراسيم الدينية فقط، فهو أيضاً "رسول لعقيدته"، فأثناء وجوده في العراق تمكن، مع حاخامات آخرين، من زيارة "ضريح النبي حزقيال" في الكفل، جنوب غرب الحلة، ولكنه لا يشير إلى "مرقد ذي الكفل"، الاسم الفعلي للموقع، بل يصفه بأنه "الكنيس القديم الذي كان يستخدمه المسلمون للصلاة" وأنه كان قبل خمسين سنة "سوقاً يهودياً". وهناك تحدث مع رجل الدين المسلم المسؤول عن المرقد، الذي ربما أخبره أن "ذي الكفل" هو إحدى الشخصيات المذكورة في القرآن. وهوروفيتس الـ "كثير التجوال"، يقول أنه "أولاً، رجل دين في وحدته وحاخام في الوقت نفسه ويقضي معظم وقته بالعناية بوحدته"، وأنه "كالنبي حزقيال يمنح الأمل ليس للجنود في كتيبته فحسب، بل أيضاً لأي شخص يخدم في عملية الحرية العراقية"(54). وأثناء وجوده في بابل أدلى لأحد مراسلي المارينز بمعلومات حول بابل التاريخية(55)، ولكنه أطلق على فلسطين تسمية "إسرائيل" عندما وقع السبي البابلي في القرن السادس ق. م.، بالرغم من أن "إسرائيل" لم تكن موجودة في تلك الفترة. كما أبلغ الجنود اليهود والمارينز بأن لهم الحق بارتداء القلنسوة(56). وهكذا امتدت استباحة العراق لتشمل رموزاً دينية كالقلنسوة.‏
"تفاح وعسل"‏
كان من الضروري أن يحتفل الجنود اليهود العاملون في الكويت والعراق بالأعيـاد على أفضل وجه، لهذا تطلب الأمر عدداً من التحضيرات، من بينها "مبادرة" لـ "شبكة المربين اليهود"، التي حشدت لهذا الهدف "حاخامات، سياسيين، متطوعين، ومسؤولين عسكريين". وتقول ميريديث فايس(57)، رئيسة الشبكة ومؤسستها: "كنا نريد لقواتنا أن تحتفل بالأعياد اليهودية بالشكل المناسب، وأن يشعروا بأننا هنا نفكر بهم في هذه المناسبة الخاصة". وقد بدأت فكرة إرسال بعض أطعمة الكوشر قبل أشهر عندما كانت فايس تتبادل الرسائل بالبريد الإلكتروني مع "المارين اليهودي"، الرائد دافيد روزنر، وتحولت الفكرة إلى عملية كبرى أطلق عليها اسم "تفاح وعسل"، في إشارة إلى بداية طقوس عيد رأس السنة اليهودية(58). وتدخل المقدم ميتشل أكرسون لترسل رسائل إلى "المئات من الحاخامات في الولايات المتحدة" للمساهمة في المشروع. وبرزت الرغبة في الحصول على لفافات توراة أصلية، أي تلك المكتوبة بخط اليد على الرَّق، وليس نسخاً ورقية عادية(59). وشارك في جهود التنسيق مع "شبكة المربين اليهود" الحاخام جوزف بوتاسنيك(60)، رئيس "مجلس حاخامات نيويورك"(61)، فاختار لفافات التوراة التي سترسل للقداسات في الكويت والعراق، وقام بتغطية تكاليف التأمين التي بلغت عشرة آلاف دولار. ولم يكن من السهل تأمين هذه اللفافات في منطقة حروب، ولكن هيرب ليبين(62) من شركة "غراميرسي إنشورانس"(63) تمكن من إقناع شركة لويد في لندن بتقديم بوليصة تأمين تشمل جميع المخاطر، بما في ذلك "الإرهاب"(64). ويشعر بوتاسنيك بالعرفان لـ "الأمريكيين، الذين قاموا بتحرير عائلته من المحرقة"، ويقول أن غطاء إحدى هذه اللفافات يحمل إهداء لذكرى عائلته التي ستكون فخورة بالجنود الأمريكيين اليهود: "ستكون التوراة إلى جانبهم بينما يقومون بتحرير شعب آخر"، ويضيف: "خلال التاريخ اليهودي كانت التوراة دائماً إلى جانبنا. ونحن فخورون بجنودنا الذين يحملون التوراة معهم ويمكنون شعوباً أخرى من العيش بحرية"(65). ولكن بوتاسنيك أو غيره من الحاخامات لم يسأل تلك الشعوب ما إذا كانت تريد من التوراة أو ممن يحملها أن يقوم بتحريرها، أو بالأحرى استعبادها من قبل القوى، التي تقف وراء الحاخامات. وما ينبغي تحريره ليس الشعب العراقي، وإنما التوراة، التي كانت وما زالت تستغل في خدمة الاستعمار.‏
"شبكة المربين اليهود"، التي نظمت مشروع "تفاح وعسل"، منظمة يهودية أمريكية جديدة تضاف إلى العشرات من المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة. تستهدف المنظمة "المربين" اليهود، الذي يعملون في مدارس عامة أو خاصة، وتقوم بتنظيم ورشات عمل لهم للتعامل مع "عداء السامية" بين الطلاب، وتعزيز صورة إيجابية لـ "العالم اليهودي" في بيئة المدارس الأمريكية، متعددة الثقافات. وتعمل على تطوير برنامج لربط "المربين" اليهود الأمريكيين مع زملائهم في إسرائيل، وترى أن هذه الروابط تعمل على "تكثيف الدعم لإسرائيل بين الجمهور الأمريكي، بالإضافة إلى نقض الأساطير والتشويهات الإعلامية حول إسرائيل"(66).‏
التوراة في مسرح المعارك‏
وافقت طوائف يهوديـة سريعاً على تأمين لفافات التوراة وكتب الصلوات و"مواد تربوية عبرية" ستساهم بـ "تحرير" الشعب العراقي. فلفافات التوراة قامت بإقراضها طوائف يهودية في منطقة نيويورك(67) وتوراة صغيرة من حركة "خَبَد لوبافيتش"(68). ويقول الحاخام بروس غينزبورغ(69): "سيضمن هذا المشروع أن يقوم أخوتنا وأخواتنا الجنود في العراق والكويت بسماع قراءات صحيحة من التوراة وأن يتمتعوا بوجبات الأعياد"(70). ولأن التفاح لا يمكن أن يبقى طازجاً لفترة طويلة في حر العراق القائظ، قرر "مجلس رجال الدين اليهود" تحضير حلويات بنكهة التفاح وجرار عسل. كما وزعت على رجال الدين العاملين في المنطقة بطاقات عيد رأس السنة اليهودية(71). وقامت إيمي، زوجة الحاخام ميتشل أكرسون، بحملة تبرع لجمع "بطاقات هاتف" لتوزيعها على الجنود اليهود حتى يتمكنوا من الاتصال بذويهم في فترة الأعياد. وقد ساهم بجمع هذه البطاقات "الاتحاد الأرثوذكسي" (نيويورك) بالتعاون مع "مجلس الرفاه اليهودي"(72). وقامت طائفة "جماعة إسرائيل"(73) (سينسيناتي، أوهيو) بالتبرع بمئات من كتب الصلاة للجنود اليهود في العراق، الكويت وأفغانستان. الرائد ألان كباكوف(74) هو أحد أعضاء تلك الطائفة ويخدم في العراق كضابط شرطة، وتأمل زوجته أن يتمكن من الاحتفال بعيد رأس السنة هناك(75). وتبرع أحد مراكز طائفة خَبَد في ميلبورن (نيوجيرسي) بشمعدانات وسلاسل ورقية لنجمة داود، التي ربما ستزين القصر الرئاسي في بغداد أثناء الاحتفال بعيد رأس السنة اليهودية. وأرسل أطفال من كنيس أرثوذكسي في بالم بيتش (فلوريدا) بطاقات وزينة لعيد المظلة(76).‏
"انتصار على الفوضى"‏
قام بنقل لفافات التوراة الثمينة إلى الكويت رجل الدين، الكولونيل جاكوب غولدستين(77)، ووضعت تحت الحراسة المسلحة طوال الوقت. وبعمل "دؤوب" ساهمت النائبة هيلاري كلينتون بتسهيل إجراءات التأمين والنقل وأجرت استفسارات مهمة وأساسية في الدوائر الأمريكية المعنية. وأرسلت "شبكة المربين اليهود" "1200 وجبة عشاء" و"800 وجبة غذاء" كوشر ومواد دينية. ويقول أكرسون حول هذه الحملة لدعم "محرري العراق": "يثبت هذا المشروع، وجميع من قام به، أن أحداً لم ينس العسكريين البعيدين عن الوطن الذين يعرضون حياتهم للخطر من أجل هدف أكبر". هذا "الهدف الأكبر" دفع ديبي أستور(78)، والدة أحد جنود المارينز من اليهود(79) الذي عاد من "خدمته" في العراق، إلى القول: "جنودنا اليهود يستحقون الاحترام وينبغي النظر إليهم بجدية. إن الجهد المبذول من أجل الأعياد هو انتصار على الفوضى في عالمنا"(80). وأستور تساهم بشكل فعال في الجهود المبذولة للقضاء على الفوضى في العالم، فقد أسست في شهر شباط 2003 "الشجاع"، وهي قائمة بريدية إلكترونية لتحقيق التواصل مع الجنود اليهود. وبدأت الفكرة عندما تذكرت أن ابن الحاخام مورديخاي فينلي، هو أيضاً جندي في القوات الأمريكية. ويقول موريس كابروف(81)، الحاخام المناوب في الأسطول الأمريكي السادس في البحر الأبيض: "نريد للعالم أن يعرف أن اليهود موجودين في الجيش 365 يوماً في السنة وليس في فترة الحرب فقط". ويستضيف القائمة موقع "الكنيس المتحد لليهود المحافظين". وأستور هي أيضاً المديرة التنفيذية لـ "معبد إسرائيل"(82) في بلدة شارون، ماساتشوسيتس(83).‏
مهرجان الكوشر‏
من بين الأغذية التي أرسلت للجنود اليهود في العراق والكويت، مواد تبرع بها "مهرجان الكوشر"(84)، وهو "المعرض التجاري الدولي لخدمات وأغذية الكوشر"(85) في نيويورك التي تعتبر، بعد إسرائيل، أكبر منتج ومستهلك لهذه الأغذية، ويبلغ حجم سوقها ثلاثة بلايين دولار، كما أفاد مكتب جورج باتاكي(86)، حاكم ولاية نيويورك. وكان باتاكي قد صرح في آب عام 2002، وبمناسبة الإعلان عن نقل هذا المعرض من نيوجيرسي إلى نيويورك، "عندما نركز على أغذية الكوشر، نقوم في الوقت نفسه بتسليط الضوء على الدولة اليهودية، وهو أمر حيوي في هذه الفترة التي تعاني فيها إسرائيل من الهجمات الانتحارية الإجرامية. ومع اقترابنا من عيد رأس السنة وصلاتنا من أجل السلام في الشرق الأوسط، فإن على سكان نيويورك أن يقوموا بكل ما في وسعهم لإظهار تكاتفهم مع إسرائيل"(87).‏
"غذاء الجسد والروح"‏
وهكذا وصل الحاخام جاكوب غولدستين إلى الكويـت، في شهر أيلول عام 2003(88) قادماً من نيويورك ومعه أربع لفافات توراة، توراة صغيرة، خمس مجموعات من سعف النخيل والنارنج للاحتفال بعيد المظلة(89)، وأرغفة خبز وكعك بالعسل وغيرها من المؤن لإضفاء البهجة على الأعياد التي سيحتفل بها الجنود الأمريكيون اليهود في الكويت والعراق وأفغانستان. وأحضر معه أيضاً "ثلاث مظلات كبيرة وسبع صغيرة لاستخدام المئات من اليهود المنتشرين في الكويت والعراق"(90). ولم ينس أن يحضر معه "أعداداً لا تحصى" من علب سلامي البقر. كل هذا "بفضل وزارة الدفاع، فهي لم تدخر وسعاً لتأمين الحاجات الدينية للجنود اليهود"، كما قال غولدستين. وشحنت "مؤسسة ألف" أكثر من مائة ثوب صلاة(91)، أردية لرجال الدين، وخمسمائة علبة عسل، وغيرها من المؤن(92).‏
وقد أستدعي غولدستين لأن هناك "نقصاً" في رجال الدين اليهود في الخدمة العسكرية الفعلية، وقبل مغادرتـه نيويورك صرح قائلاً: "لدينا غذاء الجسد والروح. وسأتولى أنا خدمة القداس في عيد رأس السنة لجميع القوات اليهودية في الكويت". وأشار إلى أنه يوجد كنيس صغير ثابت في الموقع، أي في الكويت. وهكذا أصبح هناك ثلاثة رجال دين احتياط واثنان في الخدمة العسكرية الفعلية من رجال الدين اليهود للمساعدة في إقامة القداس للجنود اليهود .. في "العراق وإيران"، على حد تعبير "ذي جويش ويك"، التي ربمـا، في خطأ مطبعي ذي دلالة، وجدت أن "الكويت" لا تستحق كل هذا العناء، فاستبدلتها بـ "إيران". وعندما سأل عن شعوره إزاء تركه عائلته عشية الأعياد، أجاب: "إنهم فخورون بما أقوم به، وقلقون على سلامتي. ولكن ليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها استدعائي إلى منطقة معارك ... لقد كنت في أفغانستان في عيد الفصح 2002 وفي عملية عاصفة الصحراء"(93). وفي الكويت أقام غولدستين احتفال عيد رأس السنة لمائة من الجنود اليهود العاملين هناك(94).‏
"أمريكا وإسرائيل والرب"‏
كانت الأسابيع الأولى من شهر أيلول "محمومة" بالنسبة للحاخام ميتشل أكرسون، فقد كان يعمل على التحضير لعيد رأس السنة اليهودية في العراق، ولكن الأحداث هذه المرة أضفت بعداً جديداً على طابع "التأمل" الذي يتصف به هذا الشهر عادةً. فأثناء العمل على الترتيبات النهائية للعيد التقى مجموعة من الجنود اليهود من "الفرقة المدرعة الأولى"(95) كان معظمهم "مهاجرين من الاتحاد السوفياتي سابقاً، ولكن كانت هناك أيضاً شابة لطيفة من البرازيل وأخرى من أمريكا اللاتينية". وقد اغتنم الفرصة ليتحدث مع هؤلاء حول مفهوم العدالة في اليهودية، أي كيف "نتعلم أن العدالة التي لا تمارس بعدل، هي ليست عدالة، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة في اليهودية". وناقش الجميع أن الجيش الأمريكي هو "الأداة لتحقيق العدالة في العالم وأننا نتصرف بعدل ونلاحق هؤلاء، الذين لا يفعلون ذلك". ومن جديد تتوحد إسرائيل وأمريكا، عندما يعقب الحاخام الصالح قائلاً: "حقاً، إن الولايات المتحدة وإسرائيل هما البلدان الوحيدان اللذان دخلا حرباً حقيقية على مدى الأربعين سنة السابقة، ويستطيعان فعلاً القول أنهما تقيدا بمواثيق جنيـف (وبالتأكيد لم يفعل ذلك البلجيكيون، الفرنسيون، أو غيرهم في أفريقيا وأماكن أخرى)". أكرسون مطلع على التاريخ الأفريقي الحديث، أي ما أنزله الاستعمار من ويلات بالقارة السوداء، لكن ما جرى ويجري في فلسطين والعراق على أيدي الإسرائيليين والأمريكيين يختلف عما قام به الفرنسيون والبلجيكيون، فلم يقم أي من هؤلاء المستعمرين بما قام به الإسرائيليون، أي طرد شعب من وطنه والاستيلاء على هذا الوطن بدعـم من أمريكا التي "تتقيد فعلاً" بمواثيق جنيف. وربما بسبب هذا الدعم المطلق تجد أمريكا مكاناً فخرياً لها في اليهودية، يؤكده أكرسون عندما يكتـب: "أمريكا تؤمن بصنع عالم أحسن، أي ما نسميه نحن ‘إصلاح العالم’(96)، شاكرين، ليس فقط أمريكا أو الجنود الذين يموتون دفاعاً عنها، ولكن أيضاً الرب الذي منحنا الحياة والهدف"(97).‏

 
الصعود" في القصر الرئاسي‏
أخيراً أقيم احتفال رأس السنة اليهودية ("روش هاشاناه") في أحد القصور الرئاسية في بغداد، يوم الجمعة، السادس والعشرين من أيلول من عام "تحرير العراق"(98). الحاخام ميتشل أكرسون، نفخ في الشوفار ليتردد صوت يعلن بداية طقوس العيد في أرجاء القصر المحتل. وتجول الجنود اليهود في القصر ينظرون إلى كل هذا الرخام، والذهب، والمقاعد الفاخرة. ويقول الحاخام أكرسون أن الأمر كان بديعاً وأنه "بإمكاننا في الواقع استخدام هذه الأماكن بشكل مفيد". لقد أراد أن تبدأ فترة الأعياد بالنسبة للجنود الأمريكيين اليهود بـ "نشاط روحي مدوٍ". وتجمع أكثر من مائة يهودي للاحتفال بالمناسبة السعيدة في بغداد، ووقع شرف الاختيار على أحد الجنـود ليمارس "الصعود" (العَلِيه)(99) بتلاوة الدعوات قبل البدء بقراءات من التوراة. ولا ندري إن كان هذا الجندي يفكر بأن "صعوده" في بغداد يشبه "صعوداً" آخر أدى إلى اغتصاب فلسطين، ومهما كان الأمر، فالجنود لم يصدقوا أن لفافات توراة حقيقية أرسلت إليهم، فالكثير منهم لم يروا هذه اللفافات في حياتهم، والبعض منهم لم يشاهد "توراة حقيقية" أبداً. وعندما لم يكن "الجنود اليهود مستغرقين في مجموعات يقرؤون ويناقشون الكتب حول ‘رأس السنة ويوم الغفران’ فإنهم كانوا ينامون بهدوء في بيت صدام السابق". هذا الزخم الديني اليهودي في بغداد دفع إحدى الصحف اليهودية الأمريكية أن تكتب بداية عام 2004 بسخرية: "إن كنتم تبحثون عن المركز الأحدث لليهودية في العالم في العام الماضي فما عليكم إلا أن تنظروا إلى أحد قصور صدام حسين"(100).‏
"التخلص من الذنوب"‏
كتب الحاخام أكرسون رسالتين إلى ميريديث فايس، رئيسة "شبكة المربين اليهود"، بعد الانتهاء من احتفال الجنود بعيد رأس السنة في القصر الرئاسي(101). ويتبين من هاتين الرسالتين أن الاحتفالات أجريت أيضاً في تكريت والكويت، وكان عدد المشاركين في بغداد وتكريت مائة وخمسين. وحسب أحد المصادر شارك في الاحتفالات في العراق، الكويت، وقطر (الدوحة) ثلاثمائة من "العسكريين والمدنيين" اليهود(102). وقد كان الجنود الأمريكيون اليهود في غاية الإثارة، وهو ما يعكس أن للاحتفال، وفي القصر الرئاسي بالذات، هدف سياسي واضح. واللافت للنظر أن احتفال بغداد ضم "عشرة مدنيين"، بالإضافة إلى العسكريين، ولا يوضح أكرسون "هوية" المدنيين، الذين لم يكونوا من الجالية اليهودية في بغداد، لأن هؤلاء "لم يتمكنوا من الوصول بسبب التدابير الأمنية المفروضة على قاعدتنا". وما يدل على أن الاحتفال في القصر الرئاسي كان ذا أهمية خاصة بالنسبة لمنظميه، هو أن الجنود اليهود قد أحضروا من عدة أمكنة، ونام حوالي ستين منهم لمدة ثلاثة أيام في "قصر صدام". ولم يكن هناك من هو أعلى من رتبة كابتن، ما عدا أكرسون نفسه و"ضابط من الشؤون المدنية"(103). وعيد رأس السنة هو مناسبة للتخلص من الذنوب، فبعد ظهر اليوم الأول للعيد، وفي احتفال خاص، تلقى فتات الخبز بشكل رمزي في مياه جارية للتخلص من هذه الذنوب. وهذه المرة ألقيت الذنوب في "بركة" خارج القصر الرئاسي، لقصي وعدي، ابني الرئيس العراقي صدام حسين(104).‏
"عيد المظلة"‏
ابتداء من مساء العاشر من تشرين الأول 2003 كان الحاخام جاكوب غولدستين يردد الصلوات كل يوم، أمام مظلة أقيمت في الساحة المواجهة للقصر الرئاسي في بغداد. وكانت المظلة كبيرة "حتى يراها الجميع"، وكان هناك كل صباح يعلق النارنج وسعف النخيل، مما أحضره معه إلى الكويت قبل شهر، وقد احتفظ بمجموعة من سعفات النخيل والنارنج، ووزع ثلاث منها على بقية الحاخامات في العراق، وحمل بنفسه واحدة إلى باغرام، القاعدة العسكرية الأمريكية شمال كابول. وعلق على الاحتفال قائلاً: "كان الأمر رائعاً. كنت أتمنى لو كان صدام هنا حتى يرى المظلة (سوكاه) أمام البوابات الرئيسية لقصره. كان الأمر مدهشاً أين كنا وماذا فعلنا، وأننا اليوم هنا نبتهج بالتوراة في مقر الشر. وبطريقة ما قمنا بتحسين البيئة روحياً". ونام غولدستين في "أحد قصور صدام وسمح لـه أن يتجول في المكان بسبب رتبته والإعفاء الخاص الذي كان يحمله". والتقطت صور لـه وهو يحمل سعفة نخيل بإحدى يديه ونارنجة بالأخرى أمام "قصر صدام" في بغداد(105). كما احتفل مع ثلاثة عشر جندياً بعيد المظلة جنوب بغداد. وتناول الجميع وجبة العيد في الخيمة الحارة، "كما كان يفعل اليهود منذ أجيال"، في إشارة إلى ما جاء في التوراة من إقامة طقس المظلة في الصحراء(106). ولا يهم غولدستين أن كلمة "أجيال" تلغي آلاف السنين التي لم تعرف فيها فلسطين اليهود.‏
"الإيمان على خط النار"‏
الكولونيل جاكوب غولدستين(107)، أحد رجال الدين "الأسطوريين"(108)، من سكان بروكلين (نيويورك)، ينتمي إلى طائفة "خَبَد لوبافيتش"(109) وخدم منذ عام 1977 كرجل دين في "الحرس الوطني لولاية نيويورك". وفي نهاية عام 1998 أصبح مسؤولاً عن رجال دين الولاية في هذا الحرس(110)، وبهذا يكون "أول مسؤول عسكري يهودي" يتقلد المنصب. وبمناسبة هذا التعيين قال جورج باتاكي، حاكم ولاية نيويورك، "إن تعيين غولدستين كأول حاخام في هذا المنصب في أي ولاية أمريكية، ليس شرفاً لـه فحسب، بل أيضاً للحرس الوطني للجيش في ولاية نيويورك". شارك غولدستين في الخدمة الفعلية في عملية "الغضب المُلِّح"(111)، وهي التسمية التي أطلقت على غزو جزيرة غرينادا واحتلالها عام 1983. كما خدم في القوة الأمريكية التي كانت في إسرائيل، أثناء حرب الخليج عام 1991، لـ "الدفاع" عن صواريخ الباتريوت(112) التي نشرت هناك. وقبل الخدمة العسكرية في ولاية نيويورك تبوأ عدة مناصب في المدينة، من بينها نائب مدير دائرة تعنى بالإسكان وتطويره. وإلى جانب عمله في الحرس الوطني لولاية نيويورك، يعمل غولدستين كرجل الدين اليهودي لـ "المخابرات السرية للولايات المتحدة"(113)، وجمعية "المحاربين القدماء اليهود في أمريكا"(114) في الولاية. وعقب تفجيرات الحادي عشر من أيلول عام 2001، جرى تعيينه ليكون مسؤولاً عن مهمات رجال الدين في عمليات الإنقاذ التي قام بها الحرس الوطني في موقع "مركز التجارة العالمي"، ولتقديم الدعم المعنوي، وكان مسؤولاً عن ثلاثين فريقاً يمثلون "كل المعتقدات"، ويتألف كل فريق من رجل دين ومساعده. وصورته، التي كان يوزعها الحرس الوطني لولاية نيويورك، تظهره بلحيته البيضاء الضخمة أمام دمار "مركز التجارة العالمي" وقد كتب تحتها الكلمات التالية بالخط العريض: "الإيمان على خط النار"، وبكلمات أصغر: "حاخام يحمل المعونة الروحية لجنودنا"(115).‏
عيد الأنوار ("الحنوكة")‏
بين السابع عشر والرابع والعشرين من شهر كانون الأول 2003 تنقلت فرقة فنية أمريكية بين الكويت والعراق وأفغانستان وأوزبيكستان وقدمت خمسة عروض للترفيه عن الجنود الأمريكيين العامليـن في تلك البلدان. الكوميدي الأمريكي اليهودي آل فرانكن(116) قدم مع الممثلة كاري تيرنر(117) مقطعاً هزلياً حول إلقاء القبض على الرئيس العراقي صدام حسين. وزار أثناء وجوده في العراق تكريت لأنه كان يرغب بشدة في الذهاب إلى "حُجْر صدام". درس فرانكن العلوم السياسية في "كلية جون إف كينيدي"(118) التابعة لجامعة هارفارد. ورغم أنه لا يؤمن بـ "صحة الكتاب المقدس أو المستوطنات الإسرائيلية"، التي يصفها بأنها "أصولية دينية"، إلا إنه سيفتتح في واشنطن في آذار عام 2004 مؤتمر "الجماعات اليهودية المتحدة"(119) ليخاطــب "الآلاف من القادة اليهــود" في الولايات المتحدة. ومن بيــن المتكلمين فـي المؤتمر الدكتور سابي شابتاي، "الخبير العالمي في الإرهاب"(120)، وهذا المؤتمر بالذات يهدف إلى تحفيز المشاركين على جعل النشاط اليهودي أولويـة في حياة هؤلاء القادة(121). وبالرغم من علمانيته، احتفل آل فرانكن أثناء وجوده في بغداد بعيد الأنوار ("الحنوكة") في "قصر صدام"، وأشعل شمعات العيد في "قصر الديكتاتور الذي عرض بفخر لوحات صواريخ السكود وهي تضرب إسرائيل، وكراسي مذهبه تحمل كتابات تتبجح بالنصر على ‘الكيان الصهيوني’"(122).‏
"استخدام القوة"‏
أسبوعية "ذي جويش ويك" لاحظت أن الحاخام كارلوس هويرتا كان مراوغاً في إجابته عندما سئل عن مشاعره "تجاه العراق بسبب تأثيرٍ محتمل على إسرائيل" فقد أجاب: "هناك عدة بلدان، إسلامية ومسيحية، وبشكل واضح إسرائيل، تشارك في الحرب ضد مرض الإرهاب". ولم يحدد هويرتا ما إذا كانت إسرائيل تشارك بالعدوان على العراق، أو أنها مثل أمريكا تعتدي على الفلسطينيين "الإرهابيين"، وأن الاثنتين تتحدان في هدف واحد هو "الحرب على الإرهاب". وحسب مفاهيمه، تتطابق الهويتان القومية والدينية، وذلك حتى يمكن سحب هذا المبدأ على إسرائيل، التي لا يمكن إسقاط مفهوم القومية على "شعبها" وهو يحتل أرضاً سلبها من أصحابها. واستطرد قائلاً: "أنا فخور بالخدمة في الجيش [الأمريكي] ليس كأمريكي فحسب، بل أيضاً كيهودي أمريكي". كان هذا في بداية آذار وقبل أن يصل الرائد هويرتا إلى العراق مع "الفرقة 101 المحمولة جواً" لـ "يلبي الحاجات الروحية للجنود في الفرقة، بصرف النظر عن انتمائهم الديني"(123). ففي هذه الفرقة، التي خلدها المخرج اليهودي ستيفن سبيلبيرغ في مسلسل "رباط الدم"(124)، توزع نسخ من الكتاب المقدس تحمل صورة جمجمة بين جناحي خفاش. وعندما وصل هويرتا إلى الكويت، يوم الجمعة الرابع عشر من آذار 2003، أقام "صلاة صغيرة" مع جنوده في "معسكر نيويورك" في الكويت واستشهد فيها بعبارات من التوراة تفسر للجنود اليهود "لماذا الحرب ضد صدام ضرورية". ويقول جوشوا سلوتنيك(125)، أحد المشاركين في هذه الصلاة: "الوسيلة الوحيدة للإيقاع بهؤلاء الناس هي القوة المادية، عليكم استخدام القوة لإنقاذ الشعب العراقي"(126).‏
ولد هويرتا في بروكلين (نيويورك) والتحق بالجيش الأمريكي عام 1972 كضابط مدفعية وخدم في كوريا، تركيا، ألمانيا، وإيطاليا. وحصل على تأهيله الديني في "نور التوراة"، وهي مدرسة دينية في القدس. وإن كانت "ذي جويش ويك" لا تذكر الفترة التي قضاها في القدس، فإن مصدراً آخر يذكر أنه "عاش هناك لعدة سنوات"(127). وبعد الانتهاء من دراستـه، التحق عام 1994 بالدائرة الدينية العسكريـة، بناء على نصيحة الحاخام دافيد زاليس(128) ليخدم كحاخام في فورت سيل (أوكلاهوما) وهايدلبيرغ (ألمانيا). بالنسبة لهويرتا لا فرق بين "القيم التقليدية اليهودية والأمريكية أو القيم التقليدية للجيش"، وهي: "الولاء، الواجب، التفاني، الشرف، الاستقامة، الشجاعة الشخصية، الاحترام. هذه القيم هي مائة بالمائة يهودية"(129).‏
"ذرة رمل على شاطئ البطولات"‏
قبل أن يغادر هويرتا الولايات المتحدة ليشارك في عملية "الحرية العراقية"، كان يعمل في الأكاديمية الحربية في ويست بوينت (نيويورك). واليوم، لا يتعدى عدد الطلاب اليهود في الأكاديمية السبعين طالباً. ورغم ذلك، بإمكان كنيس الأكاديمية(130) أن يستوعب عدة مئات من المصلين. وإذا زار الأكاديمية أحد الضيوف، فإن هويرتا عادة ما يصحبه لزيارة قبر الكولونيل دافيد "مايكي" ماركوس(131) في المقبرة الحربية على مسافة قريبة من الكنيس. ماركوس هذا تخرج من الأكاديمية عام 1924، ومنح أوسمة بطولة من الحرب العالمية الثانية وشارك في "بناء الجيش الإسرائيلي من أجل حرب الاستقلال عام 1948"(132). والبطل الصهيوني ماركوس هو صاحب فكرة "ممر بورما"، الذي يصل منطقة الساحل بالقدس، الذي نقلت عبره معدات عسكرية في انتهاك واضح للهدنة الأولى، التي أبرمت في حزيران عام 1948، وأدى ذلك إلى انقلاب موازين القوى في منطقة القدس لصالح اليهود. وهويرتا، لدى وصوله إلى الكويت للشروع بالعدوان على العراق، صرح بأنه لا يريد أن ينظر إليه كبطل: "فهو ليس إلا ذرة رمل على شاطئ البطولات"(133).‏
هويرتا يتفقد الموصل‏
في إشارة إلى اليهود الأمريكيين الذين شاركوا بغزو العراق(134) يقول هويرتا "جميعهم فخورون بكونهم يهوداً ويخدمون بلادهم". ونفهم من ذلك أن "بلادهم" تعني الولايات المتحدة الأمريكية، لا إسرائيل. لكنه ذهب إلى الموصل نهاية تموز ليقوم بواجبه، ليس بصفته رائداً في الجيش الأمريكي ولكن لتفقد معالم الوجود السابق لليهود في المدينة. وما كتبه يعطي انطباعا بأن البلدة القديمة للموصل كانت تعج بالكنس والمدارس الدينية والمنازل اليهودية. فقد عثر بالصدفة (!) على مبنى مهدم تملأه "النفايات المتعفنة، البراز، ومياه المجاري"، لكن هناك كتابات بالعبرية على الجدران. ولم يكشف عن سبب اهتمامه بهذا الموقع للمواطنين الذين تجمعوا حوله، بل أوعز للمترجم المرافق بالكذب: "الجيش الأمريكي مهتم بمواقع أثرية قديمة من كل نوع". وعندما سألهم عن طبيعة المكان أجابوه بصوت واحد على الفور "إنه كان مكاناً يصلي فيه اليهود"، وأخبروه أن "جميع البيوت في الشوارع المحيطة بالكنيس كانت مليئة باليهود". وأخذه هؤلاء إلى "مدرسة دينية للأطفال"، تسكن فيها حالياً "عائلة متشردة". وبينما كان "يسير في الحي" قاده المواطنون إلى "ضريح النبي يونس، الذي كان في وقت ما كنيسا". وهنا يستولي هويرتا ليس على البلاد فحسب، بل أيضاً على تراثها لمجرد أن التوراة تربط "يونس" بنينوى، رغم أن يونس هو أحد الأنبياء المذكورين في القرآن(135). وأخذ يتخيل الحياة اليهودية في الموصل، وترقرقت الدموع في عينيه عندما مر بخياله أيضاً "الأطفال وهم يبكون، بنات صهيون اليانعات يتشبثن بثياب أمهاتهن ويتساءلن لماذا يقوم الأشرار بقتلهم ولماذا يجبرونهم على ترك بيوتهم منذ آلاف السنين"... الأشرار هنا هم العراقيون! ولكن من المؤكد أن مخيلة هويرتا الخصبة، التي رأت ما لم يحدث على الإطلاق، كانت هي الأمر الوحيد الواقعي.‏
"مقبرة يهودية دنست وأزيلت"‏
عاد هويرتا مع أفراد يهود من "الفرقة 101 المحمولة جواً" إلى "الحي اليهودي في الموصل القديمة" وعثروا على "خمسة كنس إضافية، والمزيد من المدارس الدينية والبيوت اليهودية". وأصاب الجميع "الحزن، ولكنهم كانوا جميعاً فخورين بانتمائهم إلى هذا التراث القديم والغني في مدينة نينوى التاريخية". ومن يقرأ هذا الكلام حول نينوى يخرج بانطباع أن هذه المدينة كانت يهودية أو لها علاقة باليهودية، علماً بأنها دمرت نهائياً عام 612 ق. م.، أي قبل السبي البابلي لمن يفترض أنهم كانوا من اليهود في فلسطين. وإذا كانت هناك في الموصل جماعة يهودية بهذا الحجم، كما يقول، فلا بد أن تكون هناك مقبرة يهودية كان الحاخام مصمماً على إيجادها، غير أنه لم يعثر على هذه المقبرة، وكل ما عثر عليه هو شاهد قبر عليه كتابة بالعبرية والإنجليزية، وكان ملقى في مكان ما في مقبرة عسكرية بريطانية تقع بالقرب من المقبرة المسيحية. ويرى هويرتا "أن هذا شاهد لجندي بريطاني شاب أسمه زيف. قام الجيش البريطاني، في حينها، بالاتصال بالجماعة اليهودية المحلية للإيعاز إلى نقاش من الموصل بنقش الاسم بالعبرية إلى جانب الإنجليزية. فهذه طريقتهم بتقدير واحترام رفاقهم". وقد أعاد "دفن الشاهد والصلاة عليه وعلى كل اليهود الذين دفنوا هنا"! ورغم أنه لم يجد المقبرة المزعومة، فقد ظل مصراً على: "أن المقبرة اليهودية هي في مكان قريب، ولكنها دنست وأزيلت من الوجود خلال الستين سنة السابقة"(136).‏
في الميتم‏
ميتشل أكرسون، الحاخام الأعظم لليهود في مسرح المعارك، تجول في كافة أنحاء العراق وكتب "موضحاً" الفرق بين عراق شهر نيسان، والعراق "المحرر" بعد ثمانية أشهر. فآنذاك كان "ما شاهدته كله رمال وصخور. التدمير والخراب في كل مكان، والبؤس هو القاعدة". أما اليوم: "فنشاهد حقولاً خضراء، إذ لم نقم بتنظيف أربعة عشر ألف ميل من الأقنية والأنابيب فحسب بل جعلنا أيضاً المياه تنساب فيها". ويستفيض في وصف ما أنجزه الأمريكيون في العراق، ليقول: "فعلنا الكثير حتى نجعل هذه بلاداً أفضل ومكانا للعيش فيه، ولكن هناك جانباً مظلماً لمساعدتنا". ماذا حصل؟ زار أكرسون الناصرية، التي يرمم فيها أحد الأفواج الأمريكية أربعة مياتم لأطفال "أصبحوا أيتاماً خلال حكم صدام، والبعض منهم أيتام حرب، لم يعد بإمكان أمهاتهم الاعتناء بهم(137)". ودون أن يوضح المقصود بالأمهات، "اللواتي لم يعد بإمكانهم الاعتناء بأطفالهن"، يصف هذه المياتم قبل أن يباشر الجيش الأمريكي برعايتها في أيار بأنها: "كانت قذرة وفيها القليل من الطعام ولا يوجد أثاث محترم والتجهيزات على وشك الانهيار". وشاركه في زيارته الثانية القسيس إليس(138)، الذي كان صليبه واضحاً على صدره، في حين لم تكن شعارات رجل الدين اليهودي، "الوصايا العشر ونجمة داود، واضحة تماماً". وبصرف النظر عن ظهور هذه الشعارات وما إذا كان قد أخفاها أثناء زيارته للميتم، فإنه شعر "أن موقف مديري المياتم من الأمر كان مبهماً، هم يحتاجوننا ويريدوننا، ولكنهم في الواقع لا يريدوننا. هم في حقيقة الأمر محرجون أننا كنا مضطرين للمجيء لمساعدتهم ومستاؤون أن هذا كان ضرورياً"، وأن "إخوانهم المسلمين لم يقدموا" على مساعدتهم. ولا يمكن تجاهل العنصرية في هذه الأقوال، عندما يفاضل الحاخام على ما يبدو وبدون مبرر بين ديانتين، اليهودية والإسلام. ولكنه يعي حجم الكراهية ويعلم لماذا عليهم، ربما كيهود، تحضير أنفسهم لـ "ردود فعل في المستقبل". إذ نراه يستعيد حالة أخرى لشعب ناكر للجميل، وهو تساؤل طرح في نقاش جرى في "المستشفيات الإسرائيلية مع أطباء إسرائيليين يقومون بزرع أعضاء للعرب، أو يقدمون لهم الخدمات الطبية. والتساؤل: هل سيحبوننا غداً؟"، ولكن هؤلاء الأطباء جميعهم يخبرون أكرسون: "إنهم يعيشون اللحظة الراهنة ولا يستطيعون الوقوف مكتوفي الأيدي". أطباء إسرائيليون يتحدثون مع حاخام أمريكي حول إنسانيتهم، وتجاه من؟ تجاه الفلسطينيين الذين سلبهم اليهود وطنهم لتقوم عليه دولة إسرائيل. لكن الحاخام الأمريكي يرى الأمر بشكل مختلف وهو أن "مساعدة" الطفل العراقي هي "مخاطرة، فمن نساعده اليوم سيحاول قتلنا غداً، ولكن لكل مخاطرة ثمن: نسبة الفائدة"(139). المسألة باختصار ليست إنسانية كما يدعي، بل تدخل في ميزان الربح والخسارة. ويبقى العدو عدواً، طفلاً كان أم لا، كما عبر بشكل مشابه زميل أكرسون الحاخام غولدستين: "رأيت الأطفال العراقيين وهم يشيرون إلى بطونهم وأفواههم. ينبغي أن تشعروا بالقلق من أجلهم، ولكن أيضاً بالقلق من أنهم ربما يحضرون كميناً لكم"(140).‏
"ليبارك الرب أمريكا والجميع"‏
وفي نهاية شهر تشرين الثاني 2003 تذكر الحاخام أكرسون بمناسبة "عيد الشكر" فيلم "رئيس الدولة"(141)، وهو لا ينصح أحداً يحترم نفسه بمشاهدته، إذ يقول فيه المرشح للرئاسة: "ليبارك الرب أمريكا ولا أحد غيرها"، لكن خصمه في الفيلم يجيبه بأن العبارة ينبغي أن تكون: "ليبارك الرب أمريكا والجميع". ويضيف أكرسون: "نحن، الأمريكيين، أكثر من أي دولة أخرى في العالم، نتشارك مع الجميع البركات التي وهبنا إياها الرب، وأحياناً تكون هذه المشاركة ضارة لنا". وبالرغم من هذا الأذى يبقى الهدف إشراك الأمم الأخرى بهذه "البركات": "ينبغي علينا كأمريكيين وكيهود أن نصلي لتحصل جميع شعوب العالم على رأفة الرب وإحسانه". فها هو أكرسون يقسم الهويات القومية في العالم إلى "أمريكيين"، "يهود"، وشعوب أخرى. وكأن المقصود أنه لا يمكن استيعاب "الهوية اليهودية" إلا في كيان يجسدها، وهو إسرائيل، التي تقوم هي وأمريكا بتوزيع "البركات" على الجميع. ويختتم رسالته بالقول: "في هذا العيد نصلي ليواصل الرب مباركة أمريكا والجميع"(142). في عيد الشكر، الذي بدأ احتفالا بالاستيلاء على كل الأراضي الخصبة التي عاش عليها الهنود الحمر لآلاف السنين، تتلى الصلوات شكرا للرب لما حققه للمستوطنين في القارة الأمريكية، ولما يرتجى تحقيقه لليهود في فلسطين ... وربما في العراق(143).‏
"يهودي في بغداد"‏
تحت عنوان "يهودي في بغداد"(144) سجل قائد الفصيل الملازم أول جوناثان زاغدانسكي انطباعاته على مدى ما يقارب ستة أشهر من العمليات العسكرية في العراق. وكان الفصيل جزءاً من الفرقة الثالثة مشاة التي قادت غزو العراق واستولت على بغداد. وكان قادة زاغدانسكي من السياسيين والعسكريين قد أخبروه قبل الغزو "أنهم لاعبون رئيسيون في الحرب على الإرهاب"، غير أن زاغدانسكي "الأمريكي اليهودي" اكتشف أثناء وجوده في العراق أنه "لا يحارب الإرهاب فحسب، بل شيئاً أكثر عمقاً".‏
مهمة زاغدانسكي في إحدى ضواحي بغداد، تلخصت في البداية "بالبحث عن الأسلحة التقليدية الثقيلة والذخيرة العسكرية، القبض على اللصوص، تحديد تمديدات الطاقة المخربة، وحفظ النظام"، وأثناء ذلك كان يدخل في نقاش مع "المتعلمين و‘المعتدلين’" من العراقيين حول "الحرب ضد العراق، إسرائيل، اليهود، وأمريكا"، وقد فوجئ بأن "معظمهم يحملون آراء لا عقلانية حول العالم. مثلاً، معظمهم يقسم بأن أرييل شارون هو من ضغط على الرئيس بوش المتردد لشن الحرب على العراق، وأن وكالة الاستخبارات المركزية هي من وضع صدام حسين في الحكم ليسمح للقوات الأمريكية بأخذ البترول العراقي وإفقار العراق. وأخيراً، أنهم كانوا مقتنعين بأن وكالة الاستخبارات المركزية هي منظمة يسيطر عليها الموساد، وأن الصهاينة الأقوياء يسيطرون على واشنطن". ويضيف أن معظم العرب في العالم يحملون هذه "الآراء الغريبة، التي جاءت نتيجة سنين من غسيل الدماغ المكثف الذي قامت به أنظمتهم التربوية، وسائل الإعلام، وقياداتهم السياسية والدينية. هذه المعتقدات حولت رجال أسرة عرب، متعلمين وأذكياء، إلى مختطفين يضربون أبنية بطائرات ركاب، ومنتحرين يقتلون أعداداً كبيرة من الإسرائيليين في حافلات".‏
"مرض عقلي خطير"‏
يكتب زاغدانسكي: "نحن لسنا في حرب مع الإرهاب، وإنما مع أيديولوجية أعتبر أنها جاءت نتيجة مرض عقلي خطير ابتلى به الملايين من العرب، الذين يعتقدون بأنهم من خلال تدمير العدو، أي، اليهود، دولة إسرائيل، و‘الشيطان الأكبر’ أمريكا، فإن بالإمكان إعادة العزة والعظمة العربية السابقة. هذا المرض العقلي يجر العالم ببطء، ولكن بتصميم، إلى حرب عالمية ثالثة". ومنظومة زاغدانسكي الفكرية متناسقة مع نفسها، فهو يعتقد أيضا أن الحرب العالمية الثانية جاءت نتيجة مرض عقلي مماثل "أصاب الملايين من الألمان وجعلهم يعتقدون أن إبادة اليهود وغزو الأمم غير الآرية ستوصلهم إلى عظمة وحرية لا حدود لهما". ولا يعود إلى الحرب العالمية الأولى ليقدم تفسيراً لها، ربما لأنه لا يمكن إقحام "اليهود" أو "إسرائيل" في الموضوع. ولكنه يقول أن "العرب، خلافاً للألمان، يقودون حرباً متعددة الأبعاد ضد أمريكا وإسرائيل"، ويرى أن الإرهاب، "ليس إلا سلاحاً واحداً من بين عدة أسلحة يستخدمها أعداؤنا ضدنا. فكل أمريكي وكل يهودي هو هدف للهجوم بهذا الشكل أو ذاك". لهذا يطالب، بالإضافة إلى الجهد العسكري، بحرب إعلامية شاملة ضد أعداء أمريكا وإسرائيل. وبالرغم من المنحى العنصري السافر لمقاله، فقد أعادت نشره على الأقل عشرة مواقع على الإنترنت، وهو ما يؤكد أن ما يطالب به من حرب إعلامية موجود فعلاً ومطبق منذ أمد بعيد.‏
"القيم الأمريكية واليهودية"‏
تحدث كايتس فينلي(145) عن تجاربه في العراق. فعندما كان في أحد الخنادق مرت فوق رأسه مباشرة قذيفة صاروخية، حتى أنه تمكن من قراءة الأحرف التي تحملها. ولكنه "أبعد كل الخوف الذي تملكه، ليحمل بندقيته ويمضي إلى العمل"(146)، أي قتل العراقيين. فينلي هذا في الواحدة والعشرين من عمره ورغم صغر سنه فهذه هي حربه الثانية، فقد شارك عام 2001 في العدوان على أفغانستان، واليوم يشارك في "تحرير العراق"؛ والدته إسرائيلية من أصل يمني. وحسب ما قال أبوه، مورديخاي فينلي، فقد خاض في البداية معارك قذرة، بشكلٍ خاص في الناصرية، الكوت، وبغداد. وسمع الأب عن "العنف، الخراب، والمعارك مع العدو حتى الموت. ولكن، بعد التقدم بين الجثث والخراب، هناك أيضاً قصص إنسانية حول مساعدة العراقيين ليجدوا أقرباءهم، وإسعاف الجرحى". والابن كايتس يتفق مع الأب بالرأي في أنه "كان يأمل أن يقابله الشعب العراقي كمحرر لـه ... ولا يعني ذلك أن تحقيق الأمن لأمريكا لم يكن هو القضية؛ ولكن إحساسه بالقيم الأمريكية واليهودية جعلت التحرير يصبح الفكرة الرئيسية في ذهنه". وعندما كان طفلاً كان يسأل أباه "لماذا لم يعد الرب يحرر المضطهدين بشكل مباشر"، كما فعل في "تحرير اليهود من العبودية" في مصر. فكان الأب الحاخام يجيب الابن كما يجيب الأطفال الآخرين: "فعل الرب ذلك مرة ليكشف لنا ما الذي يريده. والآن الأمر يعود إلينا". وبعدما كبر الطفل كان الأب والابن "يتناقشان مطولاً حول قسوة نظام صدام وما يعني أن يشارك هو في الحرب للقضاء على هذا النظام". ومع انتهاء "الحرب" تمركز فينلي في الحلة، محافظة بابل، مع فرقته التي وصل تعدادها إلى مائتي عنصر، وكانت تقع عليها مسؤوليـة "الأمن وإعادة البناء" في هذه المدينة، بالإضافة إلى "التنسيق" مع بقية الكتيبة المنتشرة في المنطقة(147).‏

 
شيء مضحك"‏
يقول فينلي، الذي احتفل بعيد الفصح في "مقر المخابرات" التابع للحرس الجمهوري الخاص في بغداد، أن "العراقيين رحبوا بشكل عام بالقوات الأمريكية"، وكان يتعمد أن يخبرهم بأنه "يهودي يضحي بحياته حتى يحرر بلادهم". ولكن هذا "الإعلان" كان يستقبل بامتعاض، والكثيرون من العراقيين كانت وجوههم تصفر ويبتعدون عنه، وآخرون يطلبون منه مغادرة البيت بعد أن كانوا يرحبون به قبل لحظات. ومع الزمن أدرك أن تصميمه على كشف ديانته أمام العراقيين لن يجديه نفعاً، وأصبح لا يتكلم كثيراً عن يهوديته، فـ "هذا يعقد الأمور"(148). ومرة سأل أحد المدرسين كيف يشعر بالنسبة لليهود، وذلك قبل أن يخبره بأنه يهودي، فأجابه المدرس أن "القرآن علمه أن يقتل اليهود". وعندها كشف عن الصفيحة المعدنية حول عنقه التي تشير إلى ديانتـه قائلاً: "هذه سكيني، خذها، قم بما طلب منك واقتلني" ووقف ينتظر، ولكن المدرس، حسبما يقول، لم يستطع القيام بذلك. وقبل أن يذهب المدرس، قال لـه فينلي: "الحياة أقصر من أن يملأها تعصب كهذا". ويتناسى فينلي أنه تجاوز مهمته كجندي عندما كان يعلن أمام العراقيين عن يهوديته بكل عنجهية، مؤكداً بذلك الدوافع وراء التصرف الذي كان ينتقده عند العراقيين. القصة لم تنته هنا، ففي اليوم التالي عاد المدرس ليقول لـه: "الحياة أقصر من أن تملأها الكراهية". ويعلق الجندي الأمريكي اليهودي على ذلك: "تمكنت من تغيير حياة واحدة على الأقل". ويضيف: "شيء مضحك"(149).‏
في الحلة‏
الرسالة التي يحملها فينلي لإصلاح العالم، تنبع من إحساسه بـ "القيم الأمريكية اليهودية" المتلاحمة، التي تعود لتطفو على السطح باستمرار. ففي الحلة كلف بتدريب "الشرطة العراقية الجديدة" في "أكاديمية الشرطة"، بالإضافة إلى أشغال في "البنية التحتية للإطفائية ومدرسة ابتدائية، والأمن في مبنى البلدية". أما تكليفه بتأهيل رجال الشرطة العراقيين فهي بسبب ما يمتلكه من "تدريب في العمليات الخاصة". وهو لا يرى أن عليه أن يدرب شرطة عراق المستقبل على المهارات الشرطية واستخدام السلاح فحسب، بل أن يرسخ أيضاً "القيم الأمريكية واليهودية، المتمثلة باحترام الفرد واستخدام القوة بالقدر الضروري لإنجاز المهمة بسلام"، ولهذا أخذ يقضي المزيد من الوقت في "أكاديمية الشرطة" مع "قوة الشرطة الجديدة" ليضيف إلى منهج التدريس بشكل خاص "معالجة المشكلة المستمرة للبعثيين، الذين يحاولون زعزعة السلام في المدينـة". وكان يقوم بنشاطات إنسانية، فهو "يقدم الطعام يوميا للفقراء، ويأوي المشردين، ويحل الأزمات" ويحاول أن يقوم بدوره في "تعليم كيفية تأسيس المجتمع المدني، من وجهة نظر أمريكية، ومن وجهة نظره هو، أي يهودية"(150).‏
أثناء الإجازة‏
في نهاية أيلول 2003 عاد فينلي إلى الوطن في إجازة لمدة شهر(151) وزار تلاميذ مدرستين متوسطتين في كالاباساس (كاليفورنيا) كانوا قد تبنوه وظلوا على اتصال معه أثناء وجوده في ساحة المعارك. وقضى يوماً كاملاً مع التلاميذ الذين احتفوا به وبلغ عددهم 650 طالباً. وعندما سأله أحدهم فيما إذا مثل "صدام حسين تهديداً مباشراً للأمريكيين"، أجاب بالإيجاب، وأضاف أن صدام حسين "عذب وقتل مئات الآلاف" وأنه شاهد بنفسه المقابر الجماعية. وأجاب بعناية على كل الأسئلة، التي تراوحت بين كيف "بقي صامداً، وعن صعوبة القتال مع إمكانية قتل الآخرين". وعرض أمام التلاميذ علماً أمريكياً عليه تواقيع زملائه من المارينز. وقال التلميذ سام ليبرستين(152): "الأمر مدهش أنه تمكن من البقـاء على قيد الحياة وتحمل ألم كل هؤلاء الذين عذبوا". أما التلميذ ليون كاين(153) من الصف السابع فلم يكن من قبل يدعم الحرب، ولكنه أكتسب وجهة نظر مختلفة بعد سماع فينلي(154). وهكذا تمكن كايتس فينلي، على الأقل في الوطن، من تغيير أكثر من حياة واحدة وزرع الروح الوطنية الأمريكية اليهودية في جنود المستقبل الذين يقع على عاتقهم تحرير شعوب العالم!‏
(1) لا توجد أرقام مؤكدة لعدد الجنود اليهود، المتمركزين في المنطقة أو شاركوا في العدوان على العراق، وبعض المصادر تذكر رقم 1200 جندي، وهو ما قد يشمل أيضاً الجنود اليهود في أفغانستان، أنظر (The Jewish Week)، 10/10/2003. الرقم "1200" يذكره أيضاً موقع طائفة لوبافيتش، أنظر (Lubavitch News Service)، 10/10/2003. ولكن موقع "الاتحاد الأرثوذكسي" (Orthodox Union) يذكر "2000 إلى 3000" جندي؛ أنظر: ( ). قارن أيضاً (The Jewish Week)، 14/4/2003، التي تذكر رقم 2000؛ وبمناسبة الاحتفال بعيد راس السنة في أحد القصور الرئاسية في بغداد ذكر أن عدد الجنود اليهود هو خمسمائة جندي، أنظر (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(2) (Michael Henkin).‏
(3) (Kayitz Finley).‏
(4) مدير "اتحاد الطوائف العبرية الأمريكية" (Union of American Hebrew Congregations).‏
(5) (Jewish Journal)، 21/3/2003.‏
(6) (Mordechai Finley). رئيس "طائفة نور التوراة" (Or HaTorah) ورئيس "أكاديمية الديانة اليهودية" (Academy for Jewish Religion).‏
(7) (Jewish Journal)، 21/3/2003.‏
(8) أنظر أدناه ص 30.‏
(9) (Joanna Cohen).‏
(10) (Benjamin Rothman) من "فرق المهندسين" (Army Corps of Engineers).‏
(11) (Forward)، 11/4/2003.‏
(12) (David Rosner). روزنر كان أيضاً في العراق، أنظر موقع (Jewish Educators Network): (
(13) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(14) (Jerrold Nadler).‏
(15) (Jewish Welfare Board).‏
(16) (Leah Dunne).‏
(17) (Bruce Greenfield)، المدير التنفيذي لـ "منطقة مدينة نيويورك للكنيس المتحد لليهودية المحافظة" (New York Metropolitan Region of the United Synagogue of Conservative Judaism).‏
(18) (Mitchell Ackerson).‏
(19) حسب رسالة لـه في بداية شهر نيسان 2003 أرسلها إلى (Frum.org). "فروم" موقع صهيوني يديره "مايكل وينر" (Michael Winner). ويشار إلى أكرسون بأنه "حاخام أرثوذكسي ورجل دين عسكري" يتمركز في الكويت ويقوم برحلات إلى العراق، حسب موقع لـ "الاتحاد الأرثوذكسي" (Orthodox Union)، أنظر: (
(20) حسب الرسالة الأولى لـه في بداية شهر نيسان 2003 إلى (Frum.org).‏
(21) (The Jewish Week)، 14/4/2003.‏
(22) الإشارة إلى السون وهويرتا في رسالة أكرسون الأولى من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(23) رسالة أكرسون الثانية من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(24) (Aleph Institute).‏
(25) (San Diego Hebrew Academy).‏
(26) (Baltimore Board of Rabbis).‏
(27) رسالة أكرسون الأولى من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(28) (Abraham Falkowitz).‏
(29) (Jewish Telegraphic Agency)، 21/3/2003.‏
(30) (Yacovac)، من "الفرقة الثالثة مشاة" (3rd Infantry Division).‏
(31) (Waynick)، من "القيادة المساندة 24" (24th Support Command).‏
(32) (Objective Grady).‏
(33) (Jewish War Veterans of the United States of America)، خريف 2003، المجلد 56/4.‏
(34) (Irving Elson)، المقدم في قوة "طلائع المارينز الأولى". يخدم في العراق حسب (Jewish War Veterans of the United States of America)، الخريف، المجلد 56/4.‏
(35) (Jewish Chaplains Council)، التابع لـ "مجلس الرفاه اليهودي".‏
(36) (1st Marine Division).‏
(37) أجري الاحتفال الأول في رواق أحد أبنية مجمع "الحرس الجمهوري" والثاني في "مقر المخابرات العراقية"، وهذا الموقع الأخير ليس "مقر المخابرات" العام، الذي قصفته القوات الأمريكية؛ المقصود مقر المخابرات للحرس الجمهوري، كما يتضح من خطاب مفتوح للحاخام مورديخاي فينلي نشر في (ChronWatch)، 20/8/2003. جرى الاحتفال الثالث في "الأكاديمية العسكرية العراقية".‏
(38) (Bill Devine).‏
(39) (Jewish War Veterans of the United States of America)، خريف 2003، المجلد 56/4.‏
(40) (Mark Evnin)؛ كان إفنين يخدم في الكتيبة الثالثة، الفوج الرابع للفرقة الأولى للمارينز.‏
(41) مصطلح يطلق على اليهودي المولود في إسرائيل.‏
(42) (Max Wall)، الحاخام الشرفي في "كنيس أوهافي صيديق"(Ohavi Zedek Synagogue).‏
(43) (Camp Lejeune).‏
(44) (Camp Pendleton).‏
(45) (Harry Potter).‏
(46) مقال "الجويش ويك" يذكر أن إفنين نفسه كان قناصاً.‏
(47) (John Koopman).‏
(48) (Jewish Telegraphic Agency)، 8/4/2003؛ (The Jewish Week)، 11/4/2003.‏
(49) (Mario Cuomo)، حاكم نيويورك في الثمانينات من القرن الماضي. الديموقراطي كوؤمو في خطابه، الذي ألقاه في سان فرانسيسكو بتاريخ 16 تموز 1984 في رد على الرئيس رونالد ريغان: "سيدي الرئيس، ينبغي عليك أن تعرف أن هذه الدولة ليست ‘مدينة باهرة فوق هضبة’ هي قصة مدينتين".‏
(50) يستخدم أكرسون الكلمة العبرية "هاشيم" ("الاسم") بدلاً من "الرب".‏
(51) رسالة أكرسون الثالثة من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(52) (Avroham Horovitz). اسم الكولونيل حسب "هندرسون هال نيوز"، المصدر الآخر يذكر اسمه على نحو: أفروهوم. يتبع هوروفيتس الكتيبة الثالثة من فوج المدفعية السابع والعشرين لفورت براغ (Fort Bragg) (نورث كارولاينا)، ويخدم في العراق والكويت حسب (Veterans News and Information Service)، 28/6/2003.‏
(53) (Jon Levine).‏
(54) (Veterans News and Information Service)، 28/6/2003.‏
(55) (Henderson Hall News)، 20/6/2003. "هندرسون هال نيوز" (واشنطن) هي نشرة أنباء أمريكية للمارينز.‏
(56) (Veterans News and Information Service)، 28/6/2003.‏
(57) (Jewish Educators Network)، (Meredith Weiss).‏
(58) يؤكل التفاح بعد غمسه في العسل.‏
(59) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(60) (Joseph Potasnik).‏
(61) (New York Board of Rabbis).‏
(62) (Herb Lippin).‏
(63) (Gramercy Insurance)، ريغو بارك (الكوينز، نيويورك).‏
(64) (The Jewish Week)، 17/10/2003.‏
(65) حسب موقع (Jewish Educators Network)، أنظر (
(66) أنظر الهامش السابق.‏
(67) "طائفة أبناء إسرائيل" (Sons of Israel) تنتمي هذه الطائفة إلى "الكنيس المتحد" (United Synagogue)، أحد فروع "اليهودية المحافظة" (Conservative Judaism)؛ "روديلف شوليم" (Rodelph Sholem)؛ "كنيس سوتون بلاس" (Sutton Place Synagogue). أسماء الكنس الثلاثة حسب موقع "شبكة المربين اليهود".‏
(68) التوراة الرابعة حسب (The Jewish Week)، 17/10/2003. لوبافيتش موقع في روسيا البيضاء ازدهرت فيه حركة فكرية (حاسيدية) يهودية 1813-1915 تعرف باسم "خَبَد" (اختصار: الأحرف الأولى من كلمات "حَخماه" ["حكمة"]، "بيناه" ["إدراك"]، "دعت" ["معرفة"]). تستعمل الكلمتان، "خَبَد" (Chabad) و"لوبافيتش" (Lubavitch)، بشكل متبادل للدلالة على الحركة (Chabad)، وأحياناً "خَبَد لوبافيتش". بدأت الحركة نشاطها كمنظمة في بداية الأربعينات للعمل على "خدمة الشعب اليهودي حول العالم"، مقرها بروكلين، نيويورك، ولها العديد من الفروع في مختلف أنحاء العالم.‏
(69) (Bruce Ginsburg) من "طائفة أبناء إسرائيل" و"رئيس اتحاد اليهودية التقليدية" (Union for Traditional Judaism).‏
(70) حسب موقع "شبكة المربين اليهود".‏
(71) (Jewish Community Centers Association of North America)، 17/9/2003.‏
(72) أنظر موقع لـ "الاتحاد الأرثوذكسي" (Orthodox Union) : (
(73) (Adath Israel). المعلومة، التي توردها (The Jewish Week)، 10/10/2003، بأن "‘جماعة جيشورون’ (Adath Jeshurun) (سينسيناتي)" هي من قدم كتب الصلاة، مغلوطة. هذه "الجماعة" ليست موجودة في سينسيناتي، وإنما لويزفيل، كينتاكي.‏
(74) (Alan Kabakoff).‏
(75) (The Enquirer)، 26/9/2003.‏
(76) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(77) (Jacob Goldstein)، كبير رجال الدين في "الحرس الوطني لنيويورك".‏
(78) (Debbie Astor).‏
(79) لا تذكر المصادر اسم ابن السيدة ديبي أستور، وهو ملازم أول في المارينز كان متمركزاً في "معسكر بيندلتون" (كاليفورنيا) ووصل إلى الكويت نهاية شباط.‏
(80) موقع "شبكة المربين اليهود" (Jewish Educators Network).‏
(81) (Maurice Kaprow).‏
(82) (Temple Israel of Sharon).‏
(83) (Forward)، 11/4/2003؛ أنظر أيضاً (Jewish Telegraphic Agency)، 21/3/2003.‏
(84) (Kosher Fest). أنظر موقع "شبكة المربين اليهود".‏
(85) (International Kosher Food and Foodservice Trade Show).‏
(86) (George Pataki).‏
(87) المعلومات حول "كوشر فيست" وتصريح باتاكي منشورة في الموقع الرسمي لولاية نيويورك؛ أنظر (
(88) (The Jewish Week)، 10/10/2003.‏
(89) أنظر أيضاً (The Jewish Week)، 17/10/2003.‏
(90) أنظر أيضاً (Lubavitch News Service)، 10/10/2003: "دزينة من المظلات".‏
(91) أنظر أيضاً (Lubavitch News Service)، 10/10/2003.‏
(92) (The Jewish Week)، 10/10/2002.‏
(93) المرجع السابق.‏
(94) (Lubavitch News Service)، 10/10/2003.‏
(95) (1st armoured division).‏
(96) بالعبرية "تكون عولام".‏
(97) (Sarasota Manatee Jewish Federation)، أيلول، 2003.‏
(98) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(99) "عَلِيه" هي الكلمة المستخدمة أيضا للدلالة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين.‏
(100) (The Jewish Journal of Greater Los Angeles)، 9/1/2004.‏
(101) الرسالتان بتاريخ 29/9/2003؛ 1/10/2003؛ أنظر موقع "شبكة المربين اليهود".‏
(102) (The Jewish Week)، 17/10/2003.‏
(103) أنظر هامش 125.‏
(104) (The Jewish Week)، 17/10/2003؛ أنظر أيضاً (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(105) (The Jewish Journal of Greater Los Angeles)، 9/1/2004 وصورة غولدستين.‏
(106) (The Jewish Week)، 17/10/2003.‏
(107) المعلومات حول غولدستين من الموقع الرسمي لولاية نيويورك ( 21/12/1998.‏
(108) أنظر موقع (The Head Heeb)، 5/7/2003.‏
(109) (Lubavitch News Service)، 10/10/2003.‏
(110) (State Staff Chaplain of the New York Army National Guard).‏
(111) (Operation Urgent Fury).‏
(112) (Patriot Defender Joint Task Force).‏
(113) (United States Secret Service).‏
(114) (Jewish War Veterans of America).‏
(115) أنظر (Forward)، 21/9/2001. الصورة نشرت في أكثر من موقع، أنظر مثلاً: (
(116) حول "آل فرانكن" وديانته أنظر (The National Debate): ( ). حول زيارته للعراق، أنظر (CNN.com)، 2/1/2004؛ (Army News Service)، 23/12/2003.‏
(117) (Kari Turner).‏
(118) (John F. Kennedy School of Government). أنظر (Townhall)، 12/11/2003. حول هذه المدرسة وتعاونها مع "مؤسسة ويكسنر" (Wexner Foundation) الصهيونية أنظر هامش 192.‏
(119) (United Jewish Communities).‏
(120) (Sabi Shabtai). مؤلف وكاتب سيناريو استوحى مواضيعه من نشاطات الموساد. كان يعمل في المخابرات العسكرية ووزارة الخارجية الإسرائيلية. أنظر (San Diego Jewish Press-Heritage)، 23/4/1999.‏
(121) (United Jewish Federation of San Diego)، 23/1/2004.‏
(122) (The Jewish Journal of Greater Los Angeles)، 9/1/2004.‏
(123) (The Jewish Week)، 7/3/2003.‏
(124) (Band of Brothers).‏
(125) (Joshua Slotnick).‏
(126) (Reuters)، "معسكر نيويورك، الكويت"، 16/3/2003.‏
(127) (Virtual Jerusalem)، د. ت. أنظر (
(128) (David Zalis)، رئيس رجال الدين اليهود في احتياطي الجيش الأمريكي.‏
(129) (The Jewish Week)، 7/3/2003.‏
(130) قام بتصميم الكنيس ماكس أبراموفيتس (Max Abramovitz)، مصمم مبنى الأمم المتحدة في مانهاتن، "مركز لينكولن"، وجامعة برانديس الشهيرة .. بيهوديتها.‏
(131) (David “Mickey” Marcus).‏
(132) (Virtual Jerusalem)، د. ت.‏
(133) (The Jewish Week)، 7/3/2003.‏
(134) حسب هويرتا هناك في "الفرقة 101 المحمولة جواً" الكثير من الأمريكيين اليهود: "مشاة، رجال مدفعية، عاملون طبيون، طيارون، محامون، أطباء".‏
(135) حول مسجد النبي يونس أنظر عطا الحديثي وهناء عبد الخالق، القباب المخروطية في العراق. بغداد: مديرية الآثار العامة، 1974، ص ص 85-87. أنظر أيضاً أدناه ص 140.‏
(136) مقال لكارلوس هويرتا بتاريخ 24/7/2003 تحت عنوان "إعادة زيارة الموصل اليهودية: أسى وأمل يهودي في نينوى" نشر في مجلة (The Scribe)، عدد 76 (ربيع 2003)، عن (The Jerusalem Post).‏
(137) (whose mothers could not take care of them any longer).‏
(138) (Ellis).‏
(139) رسالة أكرسون الرابعة من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(140) (The Jewish Journal of Greater Los Angeles)، 9/1/2004.‏
(141) (Head of State).‏
(142) رسالة أكرسون الخامسة من الكويت، أنظر (Frum.org).‏
(143) حول المقارنة بين الهنود الحمر والفلسطينيين أنظر نورمان ج. فنكلستين، صعود وأفول فلسطين. دمشق: دار كنعان، 2000، ص ص 260-290.‏
(144) نشر المقال في (FrontPageMagazine)، 31/10/2003. كان زاغدانسكي أثناء مشاركته في غزو العراق قائد فصيل مشاة من 26 جندياً.‏
(145) عريف في "الكتيبة الأولى، المارينز الرابعة، الفرقة الأولى".‏
(146) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(147) المعلومات حسب خطاب مفتوح للحاخام مورديخاي فينلي نشر في (ChronWatch)، 20/8/2003.‏
(148) حسب ما ذكره أبوه الحاخام مورديخاي فينلي؛ المرجع السابق.‏
(149) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(150) أنظر هامش 171.‏
(151) (Jewish Telegraphic Agency)، 30/9/2003.‏
(152) (Sam Lieberstein).‏
(153) (Leon Cain).‏
(154) (The Acorn)، 23/10/2003.‏

 
اخي معمر كل الشكر على الموضوع الجميل وان كنت اتمنى منك اختصار بعض الفقرات
 
عودة
أعلى