انزال النورماندي

الزعيم

صقور الدفاع
إنضم
20 يوليو 2012
المشاركات
8,456
التفاعل
375 1 0
بسم الله الرحمن الرحيم
.............................
معركة النورماندي (( Operation Overlord ))


اجتياح النورماندي كان أكبر عملية إنزالٍ برمائيةٍ على الإطلاق إنه أكبر هجومٍ برمائيٍ في التاريخ شاركت فيه وحداتٌ جويةٌ و بريةٌ مشتركة و قاده الجنرال الأميركي دوايد ايزنهاور كانت الخطةُ تقضي بإنزال نصف مليون رجلٍ على الشاطيء في فترةٍ قصيرة وعلى مساحةٍ صغيرةٍ نسبياً من خط الساحل كان الجنرال ايزنهاور يعلم أن الساعات القليلة الأولى للهجوم كانت الأهم إذا لم يتم الإنزال بنجاح فقد تمر أشهر أو حتى أكثر قبل التمكن من شن اجتياح آخر و لم يكن هتلر مكتوف اليدين ينتظر الأميركيين و البريطانيين ليهاجموه كانت وحدات البحرية الألمانية لا تزالُ قادرةً على مضايقة الحلفاء و تهديد أسطول الاجتياح حيث كان هناك خوفٌ من تكرار حادثةٍ مماثلة لكارثة تاراوا .

خلال عامين انتجت ألمانيا 47000 ألف دبابة و 58000 ألف طائرة حيث كانت عمليات القصف الجوية التي قام بها الحلفاء لم تستطع كبح جماح آلة الحرب الألمانية ولافعاليتها المدهشة .

جيوش الحلفاء تحتشد في بريطانيا أميركا ترسل ملايين الأطنان من المواد الاستراتيجية ومليونين من جنودها و البلاد بكاملها تستعد لهذا الإنزال الأوروبي لقد اختار الحلفاء الجزء الغيرمكتمل في النورماندي ليكون معبراً لقواتهم إلى البرالأوروبي .

على الجانب الآخر من القناة الإنجليزية يدرك الألمان بأن الحلفاء يدبرون شيئاً ما يتم في الخفاء هتلر يحتفظ بشكلٍ دائم بأربعين فرقة على الجبهة الغربية إنه لا يعرف متى ولا أين سيقع الغزوهل سيقع في النرويج أو بادي كاليه أم على ساحل النورماندي .

تابع الألمان تعزيز قواتهم على طول ساحل النورماندي أربع سنواتٍ و الألمان يحصنون الساحل من جنوب فرنسا إلى هولندا تحصيناتٌ منيعة تحمي المدافع العملاقة المهمة شاقة و هتلر يسمي هذه التحصينات بالجدار الأطلسي .

منذ تشكيل الجدار الأطلسي وهو هاجس هتلر الوحيد شارك آلاف العمال في صناعة مدافع الجدارومخازن المدافع الرشاشة والحواجز الاسمنتية ما شكل متراساً ضخماً استدعي المارشال رومل إلى فرنسا و الحائز على وسام هتلر لإدارة جولة تفتيش على مواقع الأطلسي الدفاعية وأمر بمضاعفة التحصينات استعداداً للمعركة الفاصلة بين الجيوش الألمانية و جيوش الحلفاء .

عندما حان الوقت لتعبر القوات الحليفة القناة الإنجليزية لبلوغ الشواطيء الفرنسية كانت الوحدات القتالية من الأوائل الذين واجهوا الألمان كانت مهمتهم الأولية تنظيف مناطق الإنزال لتتمكن سفن النقل الثقيلة من الإقتراب من اليابسة .

و عندما يتم تنظيف منطقة الشاطيء الأساسية وجب اختراق جدار الأطلسي المحصن جيداً استعمل الألمان بواردهم في تشغيل العبيد لبناءِ حواجز من الفولاذ و الإسمنت .

كان الغطاسون الألمان مصممين كالأميركيين و البريطانيين على هزم عدوهم حتى لحظة الاجتياح عملوا على تثبيت الألغام و الحواجز المضادة للدبابات في قعر البحر أكثر هذه الأدوات الغادرة إثارةً للخوف كانت تعرف بالبوابة البلجيكية و هي تركيبٌ متحركٌ من العوارض الفولاذية الملتحمة بواسطةِ ألغامٍ متفجرةٍ مرتبطةٍ فيما بينها كانت البوابة الواحدة كافيةً لوقف دبابةٍ أو مركب إنزال و قد سمحت للمدافع الألمانيةِ بإطلاق النار عبر فتوحاتٍ في الترتيب .

و قد سمي هذا الاجتياح بعملية السيد الأكبر و كان هدف الحلفاء منها هو الإنزال على شاطيء النورماندي ثم الإنطلاق داخل فرنسا و تحريرها و مهاجمة ألمانيا لإخراجها من الحرب .


ضرب المواقع الألمانية


و أخيراً حدد الحلفاء موعد الإنزال في النورماندي ليكون في 5/6/1944م أبلغت شبكات التجسس الإنجليزية و الفرنسية في فرنسا بموعد الهجوم دون أن تعرف موقعه و تصاعدت حملات التخريب التي يقوم بها الحلفاء خلف الخطوط الألمانية و أصبح نظام السكك الحديدية الفرنسية حطاماً و تم تدمير كل الجسور الممتدة فوق نهر السين بين باريس و البحر .

في صباح 5/6/1944م و بعد إعادة السفن إلى مراسيها بسبب سوء المناخ اتخذ الجنرال دوايد ايزنهاور القرار المؤلم بمباشرة العملية حيث قامت فرق الـ ( UDT ) بالتسلل إلى تحصينات الألمان القوية على شواطيء النورماندي و ذلك لتدمير المدافع المقامة على الشواطيء و التي كانت تشكل تهديداً كبيراً على أسطول القوات الحليفة و نجحت فرق الـ ( UDT ) بإلحاق خسائر جيدة بالألمان و دمرت مدافع مهمة تمهيداً للإجتياح الكبير .


الإنزال الجوي وراء الشواطيء


جاء الجنرال ايزنهاور ليلة الهجوم الكبير الخامس من يونيو عام 1944م لتفقد مظليي الحلفاء الذين سيهبطون في تلك الليلة فوق النورماندي في فرنسا التقط الألمان الرسائل الإذاعية الموجهة إلى المقاومة الفرنسية و التي تنبؤها إلى قرب وقوع الغزو فوضع الجيش الألماني في مدينة بادي كاليه في حالة تأهب و لم يبلغ بذلك الجيش الألماني في النورماندي كما لم يبلغ المارشال رومل الذي غادر إلى ألمانيا ليطلب تعزيزاتٍ لدفاعاته في النورماندي .

في ليل 5 و6/6/1944م بدأت العملية الأولى بإنزال المظليين و طائراتٍ شراعيةٍ وراء الشواطيء في الريف الموحل للنورماندي ففي ليلة 5/6/1944م كان المظليون من القوات الخاصة الحليفة هم أول من غادروا و سيتم إسقاطهم خلف الخطوط الألمانية في النورماندي .

كانت أولى طلائع قوات الحلفاء التي نزلت في النورماندي هي الفرقة 101 الأميركية و الفرقة البريطانية السادسة لقد كانت مهمة الفرقة البريطانية أن تؤمن الجانب الأيسر من الشواطيء و تستولي على الجسرين المقامين على نهر أورن قرب قرية بنيوفل و قناة ( كان ) أما في الجانب الأيمن للشواطيء فقد هبطت الفرقة 101 الأميركية و كان عليها أن تدمر عدة جسور لعرقلة جهود الألمان في تعزيز قواتهم و إرسال النجدات و تسكت بطارية المدفعية التي كانت قذائفها مصوبة على السواحل التي سيجري عليها الإنزال و من ثما احتلال موقعٍ معيق و صد هجوم الألمان المضاد .

لقد أقبل الليل بظلمته الحالكة في حين كان القمر يخترق بأشعته سُحب القيوم الكثيفة ليضيء صخور ساحل النورماندي و كان الحرس الألماني يخرج من مراكزه الدفاعية المنتشرة على امتداد الساحل ليقوم بنوبات الحراسة العادية و لكن و مع اشتداد ظلمة الليل هدرت السماء بضجيج قاذفات الحلفاء و تبع ذلك اهتزاز الأرض بدوي انفجارات القنابل التي أسقطتها الطائرات .

لقد عرف الجنود الألمان المدافعين عن الساحل مثل هذه الإغارات طوال الليالي و الأيام السابقة فأسرعوا إلى ملاجئهم و تحصيناتهم انتظاراً لإنتهاء الإغارة غير أن القصف تزايد كثافة ساعة بعد ساعة في النورماندي حتى وصل إلى درجة من الكثافة و الشدة لم يبلغها من قبل .

قبل ساعةٍ من الإنزال الجوي الكبير في ليلة 5/6/1944م أقلعت فرق الاستطلاع التابعة للحلفاء و قد وصلوا فوق الهدف و كان عليهم أن يهبطوا قبل القوة الرئيسية كي يقوموا سراً باستطلاع المنطقة و تحديد مواقع الإنزال و في الوقت نفسه كان على سرية مشاة أن تهبط فوق نهر أورن .

وعندما تجاوزت عقارب الساعة منتصف الليل أقبلت تشكيلات جوية ضخمة فغطت سماء فرنسا في الشمال و انطلقت بغتة آلاف الصورايخ و الشهب المضيئة من المضادات الأرضية فأنارت مساحات شاسعة في الأرض توجهت طائرات النقل إلى وراء الشواطيء حيث حملت الطائرة الواحدة 32 رجلاً أصبحت سماء النورماندي تزينه ألوف من مظليوا القوات الحليفة معلنةً بدء هجوم الحلفاء العام في الجبهة الغربية و هبط آلاف المظليين في الساعة الواحدة صباحاً و الطائرات الشراعية حملت طلائع المظليين لتنفيذ الاجتياح غير أنه كان من المحال عليها إيقاف الإنزال التي كانت تدعمه القوات الجوية التكتيكية و لقد خاضت القوات الألمانية معركة النورماندي بضراوة حاول المظليون الذين أنزلوا أن يقطعوا خطوط مواصلات العدو ووجد الألمان أنفسهم في حالة عجز تام عن القيام بهجوم مضاد فعال وهم الذين كانوا يجهلون ما يـدور حولهم .

لقد أدت الرياح العنيفة إلى بعثرت الطائرات فوق مواقع الإنزال لكن و لحسن حظ البريطانيين هبطت الطائرات الشراعية الست البريطانية بنجاح في موقع الإنزال و وقفت ثلاثٌ منها على بعد 45 متراً من جسر بنيوفل و خلال ربع ساعة تم الاستيلاء على الجسر و هو في حالةٍ سليمة و كانت الخسائر مقتل جنديين فقط .

لقد استطاع المظليون أن يعموا الفوضى في صفوف العدو و قاموا بتدمير الجسور كثيراً هي الوحدات التي هبطت بعيداً عن المواطن التي خصصت لها كما أن جنود الحلفاء قد قُتلوا بسبب اصطدامات جوية أو غرقوا في المستنقعات بعد أن أثقل الماء تجهيزاتهم التي كانوا يحملونها يضاف إلى ذلك أن مظليين آخرين علقوا بأغصان الشجر فاصطادهم الألمان و هم معلقون في الهواء عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم و جرت اشتباكات متوحشة في قرى (( Ste. Mere Eglise – Benouville و St. Marie-De-Mont )) وراء شواطيء النورماندي و حوصر بعض المظليين فيها بسبب المقاومة العنيفة التي كانت تبديها بعض الفرق الألمانية إلى أن انسحب الألمان .

لقد أدى هذا الإنزال المتفرق والمنتشر على مساحةٍ كبيرة إلى تضليل الألمان فاعتقدوا بأن هناك فرقاً أكثر مما كان فعلاً و لم يتضح لهم الموقع الفعلي لإنزال الحلفاء مع ذلك فقد استطاع هؤلاء المظليون أن يؤدوا مهمتهم بنجاح لا بأس فيه بعد أن قُتل منهم 2499 جندي مظلي .
.........................
يتبع
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
هجوم الحلفاء

في صباح 6/6/1944م أعطيت الإشارة و انطلقت مجموعة من الأساطيل تعداد سفنها خمسة آلاف تحمل مئات الألوف من الجنود مع كل ما يحتاجون إليه من الأسلحة الثقيلة و الخفيفة و الدبابات لتنزلهم جميعاً فوق شواطيء النورماندي و في الفجر و خلال الإنزال البحري الكبير دارت إشتباكات جوية عنيفة و في عرض البحر بدأت السفن الحربية لأساطيل الحلفاء المشتركة بالقصف التمهيدي ضد دفاعات الألمان الساحلية .

شن الحلفاء غاراتٍ جوية من حاملات الطائرات و من مطارات جنوب بريطانيا موجةً إثر موجة في هجومٍ ضارٍ لم يسبق له مثيل وشاركت في الهجوم تسعة آلاف طائرة أوقعت الدمار في خطوط الألمان و استطاعت الطائرات الحليفة أن تدمر معظم الطائرات الألمانية التي كانت تهاجم قوارب الإنزال و تمكنوا من السيطرة على جو الشواطيء و تمكن الجنود من الوصول إلى الشواطيء و التقدم في اليابسة و كان قد تم طرد الطيران الألماني بصورة كاملة .

نزول الجند

عند الفجر تعج القناة الإنجليزية بأضخم أسطولٍ بحريٍ للحلفاء يمكن حشده كانت المفاجأة تامة وفي 6/6/1944م حان اليوم المنتظر انطلق أسطول مكون من 5000 سفينة لإنجاز أعظم اجتياح في التاريخ آلاف المقاتلات و مئات من ناقلات الجنود تفاجأ الألمان بالاجتياح لأن هتلر كان مقتنعاً بأن الحلفاء سيشنون هجوماً على منطقة بادي كاليه حتى المارشال رومل لم يعتقد بحدوث اجتياح في ظل مناخ سيء كهذا فعاد إلى ألمانيا لإنجاز بعض الأعمال و أمطرت السفن المهاجمة المتجهة إلى الشواطيء دفاعات الساحل بوابل من الصواريخ و من خلفها جاءت سفن الإنزال المحملة بالجنود الذين كانوا سيقومون بتمشيط الشواطيء للموجات اللاحقة و بفرق الـ ( CDUS ) وحدات التدمير القتالية و خبراء الألغام الذين سينظفون الشواطيء من الألغام و العوائق كلما تقدم الجنود .

و في تمام الساعة السادسة و النصف أخذ الفوج الأميركي الأول يهبط إلى شاطيء أوماها أما الإنجليز و الكنديون فقد هبطوا في مناطق أخرى كان الهبوط فيها سهلاً في أوتاها و غولد و جونو و سوورد و رغم أنه تم التغلب على دفاعات الشواطيء الألمانية بسرعة في جميع مناطق الإنزال إلا أن القوات الأميركية واجهت في شاطيء أوماها مقاومةً شديدة من جنود الخط الأول الألماني في أقوى تحصيناتٍ هاجمها الحلفاء للألمان طيلة الحرب العالمية الثانية .

إنها لحظات قوةٍ و مجدٍ و تضحية إنه يوم (D-Day ) لا يزال الجنود يذكرون ذلك اليوم كأطول يوم في حياتهم ، الجندي فيلكس بريمن يقول في مذكراته : (( عشت عدة مآسٍ منذ بدأ يوم ( D-Day ) و لكني سأتذكر هذا اليوم ما حييت و قد يبقى في ذاكرة أحفادي إنه أكثر الأيام بؤساً التي عشتها في حياتي )) .

كانت لدى الألمان أربع فرق فإن واحدة منها فقط كانت تتمتع بكفاءة عالية ، إنها إحدى فرق شبيبة هتلر التي كان يتراوح أعمارهم بين 16 و 20 سنة على شاطيء النورماندي كتب على شبيبة هتلر أن يواجهوا ما يشبه ستالينغراد منذ الساعات الأولى للاجتياح شاركت فرقة شبيبة هتلر في المعركة و كانت تتمركز خلف شاطيء أوماها حيث كبدت الأميركيين خسائر فادحة في الدبابات و الأفراد و يقول أحد الجنود الألمان و اسمه فيلور عن فرقة شبيبة هتلر : (( شاهدنهم يقاتلون . . . كانت عيني على دبابةٍ أميركية توشك أن تضرب ، و إلى جانب خوفي رأيت جندياً ألمانياً يلوح بالبازوكا كي يوقفنا عن الرماية ، لقد فجر نفسه بالدبابة و قدم حياته ضرب ضربته عند أسفل الدبابة )) أصبحت جرأة فرقة الشبيبة أسطورية .

وكان شعار فرقة شبيبة هتلر كما يقول أحدهم : (( الموت من أجل الفوهرر و الشعب و الوطن إذا دعت الضرورة )) .

و سرعان ما تحولت المعركة في شاطيء أوماها إلى معركةٍ بين سفن الحلفاء و بين مدافع جدار الأطلسي و بدأت الحواجز التي زرعها المارشال رومل تعود بالفائدة على الألمان فيما كانت السريات الثمان تقترب من شاطيء أوماها نشبت معركة عنيفة دامية على شاطيء أوماها طوله ستة أميال تحيط به تلال بلغ ارتفاعها مائة قدم تسلقت بعض القوات الأميركية التلال تحت نيران ألمانية ثقيلة .

و يحكي لنا ريان عن هذا الإنزال : (( على بعد ميلين في داخل البحر كان الواصلون من الجنود يشاهدون فوق الماء الأحياء و الأموات و كان الأموات يتحركون بفعل حركة الأمواج يحملهم المد إلى الشاطيء كما لو أنهم في صميم الموت يسعون إلى رفاقهم أما الأحياء الذين كانوا يرتفعون فوق الموج و يهبطون فقد كانوا يصرخون ضارعين إلى رفاقهم أن يبادروا إلى مساعدتهم و كان الرقيب ريجي ماك كلوسكي و قد نجا مركبه الذي يحمل الذخيرة من الخطر قد شاهد رجالاً في الماء يصرخون و يطلبون المعونة و يمدون أيديهم إلينا و لكننا لم نكن قادرين على مساعدتهم .

أما الرقيب ماك كلوسكي فقد صر بأسنانه و أدار رأسه إلى الخلف في الوقت الذي كان فيه مركبه يمر أمام هؤلاء البائسين ثم لم تمض ثوانٍ قليلة حتى غلبه القيء

أما النقيب روبرت كانينغهام و رجاله فقد شاهدوا هؤلاء الغرقى يتخبطون . فتوجه بحارة المركب بدافع غريزي نحوهم و لكن سفينة حراسة حربية للحلفاء سريعة قطعت الطريق عليهم و تردد صوت يأمرهم بواسطة مكبر للصوت قائلاً : ( أنتم لستم مركب إنقاذ ! انزلوا إلى البر ! ) )) .

و يضيف الجنرال الأميركي ايزنهاور قائلاً : (( المكان الوحيد الذي قاومنا فيه العدو مقاومة فعالة هو الذي أطلقنا عليه اسم ( شاطيء أوماها ) .

لقد كانت المعركة هناك فوق الشاطيء الرملي معركة دامية قاسية و بسبب ضحالة الماء عند ذلك الشاطيء كان رجالنا يتخبطون تحت نار قاسية ترسلها رشاشات العدو عنيفة قاسية و قد تسمر جنودنا عدة ساعات عند الشاطيء و بفضل مدافع السفن الحربية التي كانت الطائرات تعين أهدافها لها استطاع جنودنا أن يتقدموا . كان البحر هائجاً باستمرار . و قد غرق عدد كبير من رجالنا كما فقدنا كثيراً من الدبابات )) .

انتقلت فرق التدمير لتدمير العوائق و التعزيزات على الشواطيء كان الهجوم الأول فتاكاً كما خشيه المخططون كان الألمان منظمين و فعالين وجهوا قصفا مدفعياًً سريعاً نحو الشواطيء و اطلقوا نيران الرشاشات على الجنود المهاجمين و بتوجيهٍ من طائرات الاستكشاف و سلاح الإشارة على الساحل أمطرت مدافع البحرية الدفاعات الثابتة الألمانية بوابلٍ من نيران قذائفها .

ووضع الجنود الأميركيون أقدامهم فوق شاطيء أوماها في شاطيء أوماها كانت الحواجز إشارة بداية لنار العدو البالغة العنف و قفز الرجال فوق مياه عميقة بمتر أو مترين و لم تكن في رؤوسهم غير فكرة واحدة : الصعود إلى الملجأ الوحيد هو سفح الهضبة الصخرية الوعرة .

و لكنهم بسبب تجهيزاتهم التي يحملونها فوق ظهورهم و التي زاد ثقلها بسبب الماء عجزوا عن الإنتقال السريع وجدوا أنفسهم أهدافاًً سهلـة للرشاشـات و الأسلحـة الخفيفــة ...

كان الرجال يتساقطون أو يتدحرجون على امتداد الشاطيء بعضهم قتل مباشرة و البعض الآخر كان ينادي على الأطباء بصوت يمزق نياط القلوب بينما كان مد البحر يرتفع ليغرقهم دون رحمة أو شفقة .

التقدم كان بطيئاً في البداية حيث حصدت المدفعية الألمانية الموجة الأولى من الجنود الأميركيين في الساعة العاشرة و النصف صباحاً قتل 3000 آلاف جندي على الشواطيء التي نزل فيها الأميركيون .

أكثر من نصف الجنود نجوا من الموت حتى البر فقد التصقوا بسفح الهضبة الصخرية طوال النهار أما الضباط فقد قتل بعضهم و أصيب البعض الآخر بجراحٍ خطيرة أو اختفى .

كان وقتاً من الشجاعة و سفك الدماء كان الألمان يعرفون أنهم إذا لم يهزموا الحلفاء الآن فلن يربحوا الحرب أبداً عانا رجال وحدات التدمير إصابات تخطت الخمسين في المئة قضي على فرق بكاملها لكن في نهاية المطاف تمكن المشاة من النزول إلى الشاطيء و التقدم في اليابسة تمكن الحلفاء من احتلال شاطيء أوماها بعد قتالٍ مرير و إصاباتٍ عديدة تكبدها الجانبان و قد قتل على شاطيء أوماها في اليوم الأول 2200 جندي أميركي بعد معركة عنيفة .

لقد استطاع الحلفاء بالاستيلاء على شواطيء النورماندي تقدمت الجيوش الحليفة إلى الداخل و بدا أن قرار الجنرال ايزنهاور قد أثبت جدواه في نهاية يوم الإنزال الشهير بلغ عدد الجنود الذين احتلوا الشواطيء نحو 160000 ألف رجل ومع اندفاع الوحدات المتقدمة مسافة 3 كلم نحو الداخل أصبح ممكناً أخيراً جلب قواتٍ و معداتٍ جديدة إلى الساحل .

لكن القوات الألمانية وراء الشواطيء تمالكت نفسها بسرعة و بدأت بعددٍ من الهجمات القوية المضادة لقد كان الدفاع عن الجسور والنقاط المهمة التي استولى عليها مظليوا الحلفاء أثناء الليل امتحاناً لقدرة هذه القوة على التحمل في قتالٍ عنيفٍ استمر طيلة يوم 6/6/1944م .
......................................
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الموقف بعد معارك شواطيء النورماندي

حققت عملية إنزال قوات الحلفاء على شواطيء النورماندي توقعات هتلر الذي سعى طويلاً لتجنبها ألا و هي القتال على جبهتين شرقيةٍ و غربية ، و مع أن نزول الحلفاء كان متوقعاً منذ مدة إلا أن عمليات الإنزال الأولى فاجأة الألمان من حيث توقيتها و مكانها ، إذ كان الاعتقاد السائد عندهم هو أن ساحل بادي كاليه سيكون هدف هجوم الحلفاء ، فقاموا بتقويته على حساب قطاع النورماندي و نشروا فرقاً مدرعة بعيداً بحيث لم يستطيعوا جلبها للمشاركة في اليوم الأول من الإنزال ، و لم يستطع الجيش الألماني السابع الضعيف نسبياً المكلف بحماية قطاع النورماندي منع قوات الحلفاء من تعزيز الشواطيء التي سيطروا عليها ، مما أتاح للحلفاء بالاستمرار في إنزال الجنود و المعدات و تشكيل جيشٍ قوياً في النورماندي .

لقد برهن الغطاء الجوي للحلفاء خلال المرحلة الأولى للإنزال بأنه عصيٌ على الاختراق من قبل سلاح الجو الألماني الذي كانت غارات الحلفاء قد قضت على الجزء الأكبر منه خلال الربيع و لم يعد بمقدوره حتى الدفاع عن نفسه في فرنسا .

في النورماندي و بعد تخبطات و أخطاء اليوم الأول من إنزال الحلفاء تستعيد القيادة الألمانية روعها ، هتلر يأتي بدباباته من منطقة بريطاني جنوب غرب فرنسا و حتى من بولندا في محاولةٍ لرد الحلفاء و دحرهم إلى البحر .

الهجوم الألماني المعاكس وراء الشواطيء

الألمان يحاربون ببسالة و بدأوا يستردون ضبط النفس بسرعة و العمليات العسكرية للحلفاء يتأخر تنفيذها ، في 7/6/1944م شن الألمان هجوماً معاكساً وراء الشواطيء ، و نظراً لأن الإمدادات كانت تصل للقوات الألمانية بكمياتٍ قليلة فقد أخذت هذه القوات تلقي بمدرعاتها الاحتياطية إلى المعركة التي تحولت تدريجياً إلى معركةٍ دفاعية ، لقد كان الجنود الألمان الذين يتوجهون إلى الجبهة قد وصلوا إليها ممزقين متعبين ، و مع ذلك فقد كانوا ينقضون على الحلفاء جماعة وراء جماعة و لكن هذه الهجمات لم تفلح في رد الحلفاء إلى البحر حيث كان طيران الحلفاء سيد الموقف و لم ينسحب الجيش الألماني و ظل يقاتل بضراوة ، كل شيء بعد الهجوم الأول في النورماندي أصبح مرتبطاً بوصول النجدات و المؤن .


القتال المتلاحم في مدينة كان

( كان ) هي مدينة من مدن منطقة النورماندي ، أمر هتلر فرقة الشبيبة أن تسقط ( كان ) بأي ثمن ، ملأ وصول شبيبة هتلر الرعب في نفوس سكان ( كان ) ، و يقول أحد الفرنسيين اسمه فيكو الذي شهد معركة ( كان ) : (( جاءوا بطابورٍ بمحاذاة شارعٍ في ( كان ) خالٍ من المدنيين ، أطلقوا نيرانهم الرشاشة على كل نافذة ، على كل ستارةٍ ترفرف ، لقد كانوا حاسري الرؤوس ، يغنون في مدرعاتهم المغطاة بالجذوع ، كان بإمكانك الشعور بتصميمهم و تعصبهم المطلق ثم حوصروا تحت المدفعية البريطانية ، كانوا فعلاً رجال حرب )) .

شهدت الأسابيع التالية قتالاُ مريراً حال دون تحقيق التقدم المتوقع . و كان الجنرال البريطاني مونتغمري قد خطط للإستيلاء على مدينة ( كان ) في اليوم الأول من الغزو غير أن ثلاث هجمات على المدينة فشلت .

و في يوم 7/6/1944م وصلت الفرقة الـ ( 12 ) الألمانية إلى الغرب من مدينة ( كان ) و أوقعت خسائر فادحة بالكنديين ، غير أنها فشلت في اختراق صفوف الكنديين للوصول إلى البحر .

في اليوم نفسه شن الجنرال البريطاني مونتغمري هجوماً جديداً على مدينة ( كان ) حيث أمطر المدينة القديمة بـ 2500 طناً من القذائف التي سوت معظم أجـزاء المدينـة بالأرض .

كانت خطة الجنرال البريطاني مونتغمري تقضي بأن يخوض الجيش الإنجليزي معركته الحاسمة عند الجناح الأيسر حول مدينة ( كان ) حيث توجد أكبر تجمعات للجيش الألماني بالإضافة إلى إحدى فرق شبيبة هتلر ، بينما ينطلق الأميركيون في حملتهم على الجناح الأيمن . و لكن الأوضاع الجغرافية لمنطقة النورماندي لم تشجع على القيام بمثل هذا الهجوم رغم تفوق الحلفاء في الطائرات و المدرعات و أرغم الحلفاء على خوض معركة ( كان ) بالأسلحة الخفيفة و البنادق و الرشاشات .

استمر القتال الشديد حول مدينة ( كان ) بدون توقف و صد الألمان بثبات الهجمات التي تشنها الوحدات البريطانية و الكندية و البولندية ، كانت الأولوية عند الألمان احتواء قوات الحلفاء في منطقة المستنقعات حيث الأرض و التضاريس ملائمةً للدفاع ، و فيما استمر البريطانيون في تثبيت قوات الاحتياط و المدرعات الألمانية حول مدينة ( كان ) بدأ الأميركيون يزحفون نحو الغرب .

قطعت الإمدادات عن فرقة الشبيبة التي تقاتل في ( كان ) من قبل جنود التحالف ، المعركة الحاسمة في الغرب كانت تخوضها فرقة الشبيبة و يضيف فيكو قائلاً : (( أرسل الشبيبة إلى خط المواجهة ، تركوا أنفسهم يقتلون في حفرهم ، لم يدركوا أنهم خسروا الحرب ، لقد ضحوا بأنفسهم سداً ، كانوا أبطالاً أكثر منا )) . و يقول أحد الذين شهدوا المعركة : (( لقد كانوا شجعاناً لأنهم لم يفكروا فيما قد يحدث )) .

اتصال رؤوس الشواطيء ببعضها

وجد الألمان أنه من غير الممكن تحريك الجنود و الإمدادات أثناء النهار بسبب القصف الجوي العنيف ، لقد كانت الأماكن التي نزل فيها الحلفاء قد اتصلت مع بعضها و تحولت إلى منطقةٍ واحدة .


إغلاق جيب فاليز

في البداية نجح الألمان في احتجاز الحلفاء في النورماندي ، و ما لبث الجنرال الأميركي جورج باتون أن أقبل ، يقول كارلو ديستي : (( كان باتون يشبه رومل في حسه الغريزي بزمان المعركة و مكانها المناسبين ، كان يعرف متى يهاجم و أين ، كما كان يعرف موطن ضعف العدو )).

في 26/6/1944م سقطت شبه جزيرة شيربورغ بعد مقاومة عنيدة بيد الحلفاء ، لقد تقدم الحلفاء نحو الجنوب فتشكل نتيجةً لذلك جيبٌ انحصرت داخله قوات ألمانية كبيرة و كان الطريق الوحيد الذي يمكن للألمان أن يفلتوا من خلاله عبارةً عن منطقةٍ ضيقة عند قرية فاليز .


coupe_region_haute_normandi.gif


normandi_050505.jpg


normandi.jpg


normandi_birgdir_070505.jpg


normandi2.jpg


s320897.jpg


m1903.jpg
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
شكرا للاخوة على المرور وشكرا على الاضافة اخي الكلية الحربية
 
عرض مميز لعملية من أهم العمليات الحربية في التاريخ ....
 
يا حبذا لو كانت الصور منسقة مع فقرات الموضوع لمتابعة الاحداث بالصور


لكن هذا لا ينفي انه عرض شيق لهذه المعركة الصعبة
 
انزال فاشل بنظري ., قام فيه الحلفاء تماما بما عابو و انتقدو الصينين فيه في احداث الحرب الكوريه

استخدام تفوق عددي كاسح ضد عدو جيد التجهيز
 
موضوع جميل والله حروب العالمية كانت بلاوى سودة
 
الله يعطيك الف عافيه كفيت ووفيت .
فعلا يوم النورماندي كان اطول يوم في التاريخ .
وهو اكبر هجوم عسكري في الحرب العالميه الثانيه
 
عودة
أعلى