للمرة الأولى منذ ثورة العام 2011، لا تتخد تونس الآن موقفاً دفاعياً في معركتها مع تنظيمي “داعش” والقاعدة. وتعزّز هذا الادعاء البيانات المستمدة من العام 2019، إلى جانب مقاربة أشمل لمحاربة الجهاديين. وبشكل خاص، توسّع تونس مقاربتها لتتخطى كونها مجرد مقاربة عسكرية بحتة أو متعلقة بإنفاذ القانون وحده. وبسبب هذا التقدّم المحرز الذي تطوّر خلال السنوات القليلة الماضية، ستتاح أمام تونس و واشنطن فرص موسّعة للغوص في جوانب أكثر تعقيداً للإصلاح، والتي يمكنها أن تجعل من الجمهورية التونسية نموذجاً إقليمياً وعالمياً. صحيح أن التحديات الداخلية والخارجية ما تزال كبيرة، على غرار تلك القادمة من المقاتلين الأجانب في الخارج ونظام سجون مكتظ والتهديد الذي يطرحه الجهاد المنبعث في ليبيا المجاورة، لكنها لا يجب أن تقلل من أهمية هذه الإنجازات. ويمكن لتونس الآن الاستفادة من إنجازاتها، ومواصلة عملية الإصلاح بعد عقود من الحكم الاستبدادي.
النجاحات:
في بداية العام 2019، واستناداً إلى الأمم المتحدة، بقي 80 متمرداً جهادياً فقط في المنطقة الجبلية على طول الحدود التونسية مع الجزائر -50 من “كتيبة عقبة بن نافع”، الفرع التونسي لتنظيم القاعدة، و30 من “داعش”. وخلال الفترة المتبقية من العام نفسه، قلّص الجيش التونسي عدد الجماعتين أكثر فأكثر من خلال قتله عدداً من قادتهما:
• من “داعش”:
عز الدين العلوي، حاتم بسدوري، محمد بسدوري، منذر غرسلي، منتصر الغزلاني، محمد أمين محكوكة، محمد ناصر مباركي، لخضر ناصري، حسام الثليثي، غالي العمري.
• من كتيبة عقبة بن نافع:
الباي العكروف، الطاهر الجيجلي، صلاح الدين القاسمي، أسامة السالمي، مراد الشايب.
كما شهد العام 2019 تراجعاً في وتيرة الهجمات، على الرغم من أن الأرقام الإجمالية تظهر أنها على نفس مستوى العام 2018. وقبل انفجار عبوة ناسفة في كانون الثاني (يناير) 2020، لم يتمّ تسجيل أي اعتداء منذ أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، وهي فترة الهدوء الأطول منذ 2012-2013.
وتعكس أعداد المعتقلين، التي انخفضت بدورها، بدء الحكومة التونسية بتطبيق سياسة ضبط أمن أكثر ذكاءً والتي تقوم على المعلومات الاستخباراتية بشكل أكثر مباشرة في تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وكان أسلوب “حملات الاعتقال” السابق استمراراً لحقبة ما قبل الثورة.
والأهم من ذلك هو الزيادة الكبيرة في محاكمات الإرهاب في العام الماضي، مقارنة بالأفراد المتهمين الذين بقوا كانوا في السجن من دون محاكمة. ويشير ذلك إلى تنسيق أكثر فعالية بين سلطات إنفاذ القانون والسلطة القضائية، والذي يمكن أن يمنح النظام الأوسع نطاقاً شرعية أكبر من خلال عملية أكثر شفافية.
وفي ما يتخطى النهج العسكري ومقاربة إنفاذ القانون
في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أزال “فريق العمل المعني بالعمليات المالية” المشترك بين الحكومات تونس من لائحته الرمادية للنواقص الاستراتيجية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. واستند هذا القرار جزئياً إلى وضع تونس للائحة عقوبات محلية لمكافحة الإرهاب بدءاً من تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، والتي تخطت المتطلبات الفنية الدولية. واعتباراً من أوائل العام 2020، كان قد تم إدراج 108 فرداً وكياناً في قائمة العقوبات التونسية.
ساهمت الحكومة التونسية والمنظمات غير الحكومية المحلية في التقدّم من خلال تطبيق سياسات ومشاريع، فضلاً عن تعزيز قدراتها، في محاولة لاستكمال الأدوات العسكرية وأدوات إنفاذ القانون ضد الجهاديين بفعالية. وتشمل أحدث الجهود في هذا الإطار:
• كانون الأول (ديسمبر) 2019:
أقامت «كلية قوى الأمن الداخلي» ورشة عمل تستند إلى الدروس المستقاة دعت إليها وزارة الداخلية و «الحرس الوطني» وغطت “التجربة التونسية في مكافحة التطرف والإرهاب”.
• تشرين الثاني (نوفمبر) 2019:
افتتحت “المديرية العامة للسجون والإصلاح” ورشة عمل لدعم مساعي فك ارتباط وإعادة تأهيل وإعادة دمج وتعليم أولئك المسجونين في قضايا مرتبطة بالإرهاب. وانطلق ذلك من جهود “جمعية العمل ضد الإقصاء والتّهميش” التونسية بالتعاون مع وزارات الصحة والتعليم العالي وشؤون الشباب، التي أطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 مشروعاً هدف إلى إعادة تأهيل ودمج السجناء الشباب في المجتمع والحياة المهنية.
• تشرين الأول (أكتوبر) 2019:
أطلق “منتدى العلوم الاجتماعيّة التطبيقيّة” و”المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل” مشروع الرصد الإلكتروني والصمود الرقمي لمناهضة خطاب الكراهية والتطرف العنيف عبر الانترنت/خارج الشبكة العنكبوتية. ويهدف المشروع إلى توفير تعليم أفضل للجهات الفاعلة الحكومية وعلماء النفس والمؤثرين في المجتمع والواعظين والشباب حول كيفية استغلال المتطرفين للإنترنت واستهدافهم الأشخاص الضعفاء، مع تقديم وسائل لمكافحة هذا النشاط.
• آب (أغسطس) 2019:
أعلنت جمعية “أصوات نساء”، المنظمة غير الحكومية عن إطلاق مشروعها “سفيرات مناهضة التطرف العنيف” الذي يهدف إلى تطوير خبرة 45 امرأة عاملة في مجال السياسة حول مكافحة التطرف العنيف من خلال مقاربة تتركز على النساء والفتيات.
• تموز (يوليو) 2019:
منحت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” في تونس خمسة عقود بقيمة إجمالية قدرها 10 ملايين دولار إلى جمعيات المجتمع المدني من أجل تطبيق مشاريع محلية لمنع التطرف العنيف. وتشمل هذه العقود والمشاريع المرافقة لها عملية مراقبة وتقييم.
• نيسان (أبريل) 2019:
أقامت وزارة التعليم العالي منافسة وطنية لأفضل الدراسات في مجال مكافحة الإرهاب. كما وقعت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” والوزارة مذكرة تفاهم لدعم تسخير القدرات والموارد والكفاءات البحثية من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
• شباط (فبراير) 2019:
بدأت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” بتنظيم سلسلة من ورش العمل مع نشطاء من المجتمع المدني في كافة الولايات التونسية لزيادة التوعية وتنسيق الجهود بغية الحدّ من التطرف العنيف على المستوى المحلي.
• كانون الثاني (يناير) 2019:
أسست الحكومة التونسية قوة أمنية مشتركة خاصة جمعت قيادة قوات الشرطة في وزارة الداخلية والحرس الوطني.
التحديات المتبقية
على الرغم من أن بيئة التهديدات في تونس قد تحسّنت بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن بعض القضايا ما تزال بلا حل. ومن بينها المقاتلين الأجانب التونسيين الذين ما يزالون في الخارج. وفي حين أن بعض الرجال والنساء ضمن هذه المجموعة تعرضوا لخيبة أمل، كما أن الأطفال لا سلطة لهم لمنع أهلهم من السفر إلى الخارج، إلا أن منحى متشدداً وغاية في التطرف ما يزال قائماً. ولتخفيف أسوأ النتائج الممكنة، يجب على الولايات المتحدة أن تواصل الضغط على تونس لاستعادة الأطفال الذين يعيشون الان في مخيمات في سورية وليبيا. وفي الداخل التونسي، ليست هناك رغبة كبيرة في إعادة الرجال والنساء إلى البلاد بعد انخراطهم في الكثير من الأعمال العدائية، وبالتالي من غير المرجح أن يتمّ حل هذه المسألة على المدى القريب. غير أن هذا الوضع، إذا ظل بلا حل، يمكن أن يؤدي على المدى المتوسط والطويل إلى مشاكل، خاصة إذا قام تنظيم “داعش” بإخراج هؤلاء الأفراد من السجون والمخيمات في سورية.
إذا قررت تونس، برغم المعارضة الشعبية، إعادة هؤلاء الرجال والنساء إلى بلادهم، فيجب عليها توخي الحذر في إيواء هؤلاء السكان ضمن نظام السجون المكتظ أساساً. وكانت تقارير صادرة منذ آذار (مارس) 2016 قد أشارت إلى أن الجهاديين سيطروا بالكامل على السجون التونسية، بطريقة تشبه إلى حدّ بعيد ما تقوم به العصابات في أماكن أخرى، وأنهم يقومون بضرب أي شخص يتحدى سلطتهم. وفي نيسان (أبريل) 2018، وفقاً لما عرضه “التلفزيون العربي”، شرح سجين سابق يُدعى هشام كان قد سُجن بتهمة سرقة، أن: “المجنِّدين الجهاديين ينتشرون في كل مكان؛ في الأروقة والممرات والزنزانات. لقد تقربوا مني عشرات المرات وقالوا لي أنني إذا أردت أن تكون إقامتي سهلة، سيكون من الأفضل لي اتباع المسار الذي سيحددونه لي”. وكما يبيّن هذا التقرير، فإن إدخال المتمرسين في الجهاد السوري إلى السجون التونسية من دون إصلاح النظام القائم وإيجاد طريقة أذكى لاحتجاز الأفراد قد يؤجج المزيد من المشاكل ويلحق الضرر بالمشاريع الرامية إلى إعادة التأهيل وإعادة الدمج.
قد يمتد النشاط الجهادي الإضافي من الحرب الأهلية في ليبيا المجاورة إلى تونس. وفي هذا الصدد، لا بدّ من تذكر أن قتلة السياسيين التونسيين العلمانيين في العام 2013 تلقوا تدريباً في ليبيا، حيث تمّ أيضاً التخطيط للهجمات التي حصدت الكثير من الضحايا في المتحف الوطني بباردو وشاطئ سوسة في العام 2015؛ وعلى نحو مماثل، وُضعت خطط لمحاولة الاستيلاء على بن قردان في آذار (مارس) 2016 في ليبيا -حيث يمكن للديناميات المتغيرة تحرير مساحات إضافية لصالح تنظيم “داعش” في ليبيا. وبشكل خاص، قد تؤدي الحملة التي يشنها الجنرال خليفة حفتر حالياً للسيطرة على طرابلس إلى عمليات تجنيد محلية وتوفر في الوقت نفسه ميداناً آخر للتونسيين لكي يقاتلوا في الخارج.
الخطوات المستقبلية
لجميع الأسباب المبينة أعلاه، على واشنطن مواصلة إشراك تونس في التصدي لمجموعة من التحديات الجهادية التي تواجهها. وبشكل خاص، قد يكون من المناسب جداً أن تبني وزارة العدل الأميركية و”مكتب التحقيقات الفيدرالي” على الجهود القائمة لتيسير التعاون بين وكالات إنفاذ القانون التونسية والنظام القضائي. وسيكون أحد الأهداف النهائية في هذا المجال نشر لوائح اتهام وأحكام قانونية أخرى عبر الإنترنت، بهدف تحقيق شرعية معزّزة من خلال الشفافية. وثمة ضرورة أخرى تتمثل في إصلاح نظام السجون للحد من الاكتظاظ، وبالتالي توفير مساحة أكبر لمبادرات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج لتعمل بشكل صحيح، من دون أن يتعرض الأفراد لضغوط من جانب شبكات الجهاديين السجناء. وقد تشكّل هذه الإصلاحات، إذا أُضيفت إليها الجهود الواردة أعلاه التي بذلتها “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” لإشراك أصحاب المصلحة المحليين، ركيزة لإعادة دمج الأفراد في المجتمعات ومنع الانغماس مجدداً في أنشطة مماثلة. وفي الأثناء، ومن أجل منع عودة تنظيم “داعش” في ليبيا، يجب على الولايات المتحدة مواصلة تنسيق الضربات الجوية ومشاركة المعلومات الاستخباراتية مع شركائها في ليبيا. وسيساهم ذلك في تفكيك معسكرات التنظيم ومنع إعادة ظهوره كما حصل في العراق وسورية، الأمر الذي قد يعرقل التقدّم المحرز حالياً في تونس. وإذا وضعنا هذه التحديات جانباً، يجب على الولايات المتحدة أن تعترف علناً بالنجاحات التي حققتها تونس وتشيد بها، مما يشجع الاستقرار الإقليمي والعلاقات الأقوى في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
النجاحات:
في بداية العام 2019، واستناداً إلى الأمم المتحدة، بقي 80 متمرداً جهادياً فقط في المنطقة الجبلية على طول الحدود التونسية مع الجزائر -50 من “كتيبة عقبة بن نافع”، الفرع التونسي لتنظيم القاعدة، و30 من “داعش”. وخلال الفترة المتبقية من العام نفسه، قلّص الجيش التونسي عدد الجماعتين أكثر فأكثر من خلال قتله عدداً من قادتهما:
• من “داعش”:
عز الدين العلوي، حاتم بسدوري، محمد بسدوري، منذر غرسلي، منتصر الغزلاني، محمد أمين محكوكة، محمد ناصر مباركي، لخضر ناصري، حسام الثليثي، غالي العمري.
• من كتيبة عقبة بن نافع:
الباي العكروف، الطاهر الجيجلي، صلاح الدين القاسمي، أسامة السالمي، مراد الشايب.
كما شهد العام 2019 تراجعاً في وتيرة الهجمات، على الرغم من أن الأرقام الإجمالية تظهر أنها على نفس مستوى العام 2018. وقبل انفجار عبوة ناسفة في كانون الثاني (يناير) 2020، لم يتمّ تسجيل أي اعتداء منذ أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، وهي فترة الهدوء الأطول منذ 2012-2013.
وتعكس أعداد المعتقلين، التي انخفضت بدورها، بدء الحكومة التونسية بتطبيق سياسة ضبط أمن أكثر ذكاءً والتي تقوم على المعلومات الاستخباراتية بشكل أكثر مباشرة في تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وكان أسلوب “حملات الاعتقال” السابق استمراراً لحقبة ما قبل الثورة.
والأهم من ذلك هو الزيادة الكبيرة في محاكمات الإرهاب في العام الماضي، مقارنة بالأفراد المتهمين الذين بقوا كانوا في السجن من دون محاكمة. ويشير ذلك إلى تنسيق أكثر فعالية بين سلطات إنفاذ القانون والسلطة القضائية، والذي يمكن أن يمنح النظام الأوسع نطاقاً شرعية أكبر من خلال عملية أكثر شفافية.
وفي ما يتخطى النهج العسكري ومقاربة إنفاذ القانون
في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أزال “فريق العمل المعني بالعمليات المالية” المشترك بين الحكومات تونس من لائحته الرمادية للنواقص الاستراتيجية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. واستند هذا القرار جزئياً إلى وضع تونس للائحة عقوبات محلية لمكافحة الإرهاب بدءاً من تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، والتي تخطت المتطلبات الفنية الدولية. واعتباراً من أوائل العام 2020، كان قد تم إدراج 108 فرداً وكياناً في قائمة العقوبات التونسية.
ساهمت الحكومة التونسية والمنظمات غير الحكومية المحلية في التقدّم من خلال تطبيق سياسات ومشاريع، فضلاً عن تعزيز قدراتها، في محاولة لاستكمال الأدوات العسكرية وأدوات إنفاذ القانون ضد الجهاديين بفعالية. وتشمل أحدث الجهود في هذا الإطار:
• كانون الأول (ديسمبر) 2019:
أقامت «كلية قوى الأمن الداخلي» ورشة عمل تستند إلى الدروس المستقاة دعت إليها وزارة الداخلية و «الحرس الوطني» وغطت “التجربة التونسية في مكافحة التطرف والإرهاب”.
• تشرين الثاني (نوفمبر) 2019:
افتتحت “المديرية العامة للسجون والإصلاح” ورشة عمل لدعم مساعي فك ارتباط وإعادة تأهيل وإعادة دمج وتعليم أولئك المسجونين في قضايا مرتبطة بالإرهاب. وانطلق ذلك من جهود “جمعية العمل ضد الإقصاء والتّهميش” التونسية بالتعاون مع وزارات الصحة والتعليم العالي وشؤون الشباب، التي أطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 مشروعاً هدف إلى إعادة تأهيل ودمج السجناء الشباب في المجتمع والحياة المهنية.
• تشرين الأول (أكتوبر) 2019:
أطلق “منتدى العلوم الاجتماعيّة التطبيقيّة” و”المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل” مشروع الرصد الإلكتروني والصمود الرقمي لمناهضة خطاب الكراهية والتطرف العنيف عبر الانترنت/خارج الشبكة العنكبوتية. ويهدف المشروع إلى توفير تعليم أفضل للجهات الفاعلة الحكومية وعلماء النفس والمؤثرين في المجتمع والواعظين والشباب حول كيفية استغلال المتطرفين للإنترنت واستهدافهم الأشخاص الضعفاء، مع تقديم وسائل لمكافحة هذا النشاط.
• آب (أغسطس) 2019:
أعلنت جمعية “أصوات نساء”، المنظمة غير الحكومية عن إطلاق مشروعها “سفيرات مناهضة التطرف العنيف” الذي يهدف إلى تطوير خبرة 45 امرأة عاملة في مجال السياسة حول مكافحة التطرف العنيف من خلال مقاربة تتركز على النساء والفتيات.
• تموز (يوليو) 2019:
منحت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” في تونس خمسة عقود بقيمة إجمالية قدرها 10 ملايين دولار إلى جمعيات المجتمع المدني من أجل تطبيق مشاريع محلية لمنع التطرف العنيف. وتشمل هذه العقود والمشاريع المرافقة لها عملية مراقبة وتقييم.
• نيسان (أبريل) 2019:
أقامت وزارة التعليم العالي منافسة وطنية لأفضل الدراسات في مجال مكافحة الإرهاب. كما وقعت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” والوزارة مذكرة تفاهم لدعم تسخير القدرات والموارد والكفاءات البحثية من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
• شباط (فبراير) 2019:
بدأت “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” بتنظيم سلسلة من ورش العمل مع نشطاء من المجتمع المدني في كافة الولايات التونسية لزيادة التوعية وتنسيق الجهود بغية الحدّ من التطرف العنيف على المستوى المحلي.
• كانون الثاني (يناير) 2019:
أسست الحكومة التونسية قوة أمنية مشتركة خاصة جمعت قيادة قوات الشرطة في وزارة الداخلية والحرس الوطني.
التحديات المتبقية
على الرغم من أن بيئة التهديدات في تونس قد تحسّنت بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن بعض القضايا ما تزال بلا حل. ومن بينها المقاتلين الأجانب التونسيين الذين ما يزالون في الخارج. وفي حين أن بعض الرجال والنساء ضمن هذه المجموعة تعرضوا لخيبة أمل، كما أن الأطفال لا سلطة لهم لمنع أهلهم من السفر إلى الخارج، إلا أن منحى متشدداً وغاية في التطرف ما يزال قائماً. ولتخفيف أسوأ النتائج الممكنة، يجب على الولايات المتحدة أن تواصل الضغط على تونس لاستعادة الأطفال الذين يعيشون الان في مخيمات في سورية وليبيا. وفي الداخل التونسي، ليست هناك رغبة كبيرة في إعادة الرجال والنساء إلى البلاد بعد انخراطهم في الكثير من الأعمال العدائية، وبالتالي من غير المرجح أن يتمّ حل هذه المسألة على المدى القريب. غير أن هذا الوضع، إذا ظل بلا حل، يمكن أن يؤدي على المدى المتوسط والطويل إلى مشاكل، خاصة إذا قام تنظيم “داعش” بإخراج هؤلاء الأفراد من السجون والمخيمات في سورية.
إذا قررت تونس، برغم المعارضة الشعبية، إعادة هؤلاء الرجال والنساء إلى بلادهم، فيجب عليها توخي الحذر في إيواء هؤلاء السكان ضمن نظام السجون المكتظ أساساً. وكانت تقارير صادرة منذ آذار (مارس) 2016 قد أشارت إلى أن الجهاديين سيطروا بالكامل على السجون التونسية، بطريقة تشبه إلى حدّ بعيد ما تقوم به العصابات في أماكن أخرى، وأنهم يقومون بضرب أي شخص يتحدى سلطتهم. وفي نيسان (أبريل) 2018، وفقاً لما عرضه “التلفزيون العربي”، شرح سجين سابق يُدعى هشام كان قد سُجن بتهمة سرقة، أن: “المجنِّدين الجهاديين ينتشرون في كل مكان؛ في الأروقة والممرات والزنزانات. لقد تقربوا مني عشرات المرات وقالوا لي أنني إذا أردت أن تكون إقامتي سهلة، سيكون من الأفضل لي اتباع المسار الذي سيحددونه لي”. وكما يبيّن هذا التقرير، فإن إدخال المتمرسين في الجهاد السوري إلى السجون التونسية من دون إصلاح النظام القائم وإيجاد طريقة أذكى لاحتجاز الأفراد قد يؤجج المزيد من المشاكل ويلحق الضرر بالمشاريع الرامية إلى إعادة التأهيل وإعادة الدمج.
قد يمتد النشاط الجهادي الإضافي من الحرب الأهلية في ليبيا المجاورة إلى تونس. وفي هذا الصدد، لا بدّ من تذكر أن قتلة السياسيين التونسيين العلمانيين في العام 2013 تلقوا تدريباً في ليبيا، حيث تمّ أيضاً التخطيط للهجمات التي حصدت الكثير من الضحايا في المتحف الوطني بباردو وشاطئ سوسة في العام 2015؛ وعلى نحو مماثل، وُضعت خطط لمحاولة الاستيلاء على بن قردان في آذار (مارس) 2016 في ليبيا -حيث يمكن للديناميات المتغيرة تحرير مساحات إضافية لصالح تنظيم “داعش” في ليبيا. وبشكل خاص، قد تؤدي الحملة التي يشنها الجنرال خليفة حفتر حالياً للسيطرة على طرابلس إلى عمليات تجنيد محلية وتوفر في الوقت نفسه ميداناً آخر للتونسيين لكي يقاتلوا في الخارج.
الخطوات المستقبلية
لجميع الأسباب المبينة أعلاه، على واشنطن مواصلة إشراك تونس في التصدي لمجموعة من التحديات الجهادية التي تواجهها. وبشكل خاص، قد يكون من المناسب جداً أن تبني وزارة العدل الأميركية و”مكتب التحقيقات الفيدرالي” على الجهود القائمة لتيسير التعاون بين وكالات إنفاذ القانون التونسية والنظام القضائي. وسيكون أحد الأهداف النهائية في هذا المجال نشر لوائح اتهام وأحكام قانونية أخرى عبر الإنترنت، بهدف تحقيق شرعية معزّزة من خلال الشفافية. وثمة ضرورة أخرى تتمثل في إصلاح نظام السجون للحد من الاكتظاظ، وبالتالي توفير مساحة أكبر لمبادرات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج لتعمل بشكل صحيح، من دون أن يتعرض الأفراد لضغوط من جانب شبكات الجهاديين السجناء. وقد تشكّل هذه الإصلاحات، إذا أُضيفت إليها الجهود الواردة أعلاه التي بذلتها “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” لإشراك أصحاب المصلحة المحليين، ركيزة لإعادة دمج الأفراد في المجتمعات ومنع الانغماس مجدداً في أنشطة مماثلة. وفي الأثناء، ومن أجل منع عودة تنظيم “داعش” في ليبيا، يجب على الولايات المتحدة مواصلة تنسيق الضربات الجوية ومشاركة المعلومات الاستخباراتية مع شركائها في ليبيا. وسيساهم ذلك في تفكيك معسكرات التنظيم ومنع إعادة ظهوره كما حصل في العراق وسورية، الأمر الذي قد يعرقل التقدّم المحرز حالياً في تونس. وإذا وضعنا هذه التحديات جانباً، يجب على الولايات المتحدة أن تعترف علناً بالنجاحات التي حققتها تونس وتشيد بها، مما يشجع الاستقرار الإقليمي والعلاقات الأقوى في المجالات ذات الاهتمام المشترك.