"فيروس كورونا" يرتدي قناع الرعب في مستشفيات ووهان الصينية
سيباستيان ريكي*(*أ.ف.ب)
يصف سكان ووهان الذين تسيطر على نفوسهم رهبة فيروس كورونا المستجدّ، المنهكون جراء الانتظار، الفوضى في مستشفيات المدينة الصينية بالقول: "ممرضون وأطباء غارقون في العمل، مرضى متروكون وطوابير انتظار مخيفة ولا تنتهي".
تخضع المدينة التي تأوي 11 مليون نسمة وهي مركز الوباء، بحكم الأمر الواقع، إلى الحجر الصحي منذ الخميس، بالإضافة إلى قسم كبير من مقاطعة هوباي في وسط البلاد. وأصبحت التنقلات داخل المنطقة المعزولة مقيّدة أكثر فأكثر.
في مستشفى الصليب الأحمر، يعرب مرضى التقت بهم وكالة فرانس برس عن سخطهم وعجزهم عن التحمل. وافق جميعهم على إعطاء شهاداتهم لكن من دون الكشف عن أسمائهم، خشيةً من العقوبات في بلد تخضع فيه المعلومات لمراقبة مشددة.
مساء السبت، كان رجل ثلاثيني حرارته مرتفعة في مستشفى يحاول الحصول على استشارة طبيب. يقول: "منذ يومين لا أنام وأنتقل من مستشفى إلى آخر"، مضيفاً: "بوصولي الآن، سيكون دوري في أحسن الأحوال صباح غد".
وخلق الوباء هوساً في المدينة، حيث اختار عدد كبير من المرضى التوجه إلى الطوارئ لمعرفة ما إذا أُصيبوا أم لا بالنوع الجديد من الفيروس.
عند مدخل المستشفى، يحاول المرضى الذين يقفون في طوابير طويلة التحلي بالصبر ويستعدّون لفترة انتظار طويلة جداً، سواء وقوفاً أو جلوساً على مقاعد بلاستيكية صغيرة. ولم يتردد بعضهم في استقدام كراسي طولية مثل تلك التي تُستخدم على الشواطئ.
لكن مقابل عدد المرضى الكبير، تبدو أعداد العاملين غير كافية؛ إذ إن الأزمة الصحية جاءت قبيل العطلة الطويلة بمناسبة رأس السنة الصينية، وهي الفترة التي يعود فيها ملايين العاملين إلى مناطقهم الأصلية.
تقول امرأة ستينية وإلى جانبها ابنها: "الممرضات شجاعات كثيراً لكن هناك فوضى في الإدارة فعلاً".
وانتظرت هذه المرأة المحظوظة "خمس ساعات" فقط لاستشارة طبيب. بعد بضع دقائق، يؤكد رجل مسنّ كان يعتمر قبعةً أنه انتظر طوال النهار وفي نهاية المطاف عاد إلى منزله "لعدم توفر سرير".
مريضة على الأرض
أقرّت اللجنة البلدية للصحة لصحيفة "الشعب"، التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، بأن المستشفيات في ووهان "ممتلئة". ويزيد تدفق المرضى إلى المستشفيات مخاطر انتقال المرض.
وجراء الازدحام الذي يشهده القطاع الطبي، باشرت سلطات المدينة بناء مستشفيين يضمّ كل واحد منهما ألف سرير، ويُتوقع أن تنتهي أعمال البناء في وقت قياسي، أقلّ من أسبوعين.
بحسب وكالة الصين الجديدة، تضمّ المدينة أربعة آلاف سرير مستشفى للمصابين أو للمشتبه بإصابتهم بالفيروس، وسيكون هناك ستة آلاف سرير آخر في نهاية الشهر الجاري.
يقول الرجل الثلاثيني: "ليس هناك مكان في الغرف، الموظفون غارقون في العمل، هناك نقص في بعض الأدوية والمرضى متروكون".
وعرض صورة على هاتفه الذكي تُظهر مريضة تضع جهازاً تنفسياً مستلقيةً على الأرض في ممر في مستشفى، رغم مخاطر العدوى. ولم يتسنّ لفرانس برس التحقق من صحة الصورة.
وأصاب الفيروس الذي نشأ في سوق في ووهان، منذ ديسمبر، قرابة ألفي شخص، بينهم 56 حالة وفاة، وفق حصيلة نشرتها، الأحد، السلطات الصينية. وأُبلغ عن معظم الحالات في مقاطعة هوباي. وأعلن رئيس بلدية ووهان أنه يتوقع تسجيل ألف إصابة إضافية بالمرض.
لكن عدداً من سكان ووهان يعتبرون أن الحصيلة المعلن عنها أقلّ مما هي فعلاً، كون عدد كبير من المرضى لا يمكنهم الانتقال إلى المستشفيات لعدم توفر وسائل نقل.
واعتبارا من منتصف ليل الأحد (16,00 ت غ السبت) مُنعت حركة السير غير الضرورية في ووهان في إطار الإجراءات المخصصة لمنع تفشي الفيروس.
وقال شاهد عيان: "هناك عدد كبير من حالات الوفاة في هذا المستشفى (...) إلى درجة أن بعض الجثث بقيت طوال اليوم وسط جوّ من اللامبالاة العامة". ووصف الوضع بأنه أشبه بـ"فيلم رعب".
يصف سكان ووهان الذين تسيطر على نفوسهم رهبة فيروس كورونا المستجدّ، المنهكون جراء الانتظار، الفوضى في مستشفيات المدينة الصينية...
www.hespress.com