باحثون أميركيون يكتشفون دليلاً على أن فيروس كورونا تفشى في شرق آسيا منذ نحو 20 ألف عام
اكتشف باحثون أميركيون دليلاً على أن فيروس كورونا، تفشى في شرق آسيا منذ نحو 20 ألف عام، وكان مدمراً بما يكفي لترك بصمة تطورية على الحمض النووي لأشخاص على قيد الحياة اليوم.
وقال الباحثون، إن الدراسة الجديدة التي نشرت الخميس، تشير إلى أن سلالة قديمة من فيروس كورونا اجتاحت المنطقة لسنوات عديدة. وربما يكون لهذا الاكتشاف تداعيات وخيمة على جائحة كوفيد-19، إذا لم تتم السيطرة عليه قريباً من خلال التطعيم، حسب صحيفة "
نيويورك تايمز".
من جانبه، قال ديفيد إينارد، عالم الأحياء التطورية بجامعة "أريزونا" الذي قاد فريق الدراسة، في دورية "كارنت بيولوجي"، إن هذا "يجب أن يثير ذلك قلقنا. ما يحدث الوقت الراهن قد يستمر لأجيال وأجيال".
حتى الآن، لم يستطع الباحثون البحث بعيداً جداً في تاريخ هذه الأسرة من مسببات الأمراض. على مدار العشرين عاماً الماضية، تكيفت 3 فيروسات كورونا لإصابة البشر، وتسبب أمراضاً تنفسية حادة؛ وهي كوفيد-19، وسارس، وميرس.
وتشير الدراسات التي أجريت على كل واحد من فيروسات كورونا الثلاث إلى أنها قفزت إلى البشر من الخفافيش أو ثدييات أخرى.
ويمكن لأربعة فيروسات كورونا أخرى أن تصيب الأشخاص أيضاً، لكنها عادة ما تسبب نزلات برد خفيفة فقط. ولم يلاحظ العلماء بشكل مباشر أن هذه الفيروسات التاجية أصبحت من مسببات الأمراض البشرية، لذلك اعتمدوا على أدلة غير مباشرة لتقدير وقت حدوث القفزات.
طفرات جديدة
تجدر الإشارة إلى أن فيروسات كورونا تكتسب طفرات جديدة بمعدل منتظم تقريباً، ولذا فإن مقارنة تنوعها الجيني يجعل من الممكن تحديد متى تشعبت من سلف مشترك.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن أحدث هذه الفيروسات التاجية الخفيفة، ويسمى HCoV-HKU1، عبر حاجز الأنواع في الخمسينيات من القرن الماضي، وأقدمها، يسمى HCoV-NL63، قد يعود تاريخه إلى 820 عاماً.
ولكن قبل هذه النقطة، اختفى أثر فيروس كورونا، حتى طبق الدكتور إينارد وزملاؤه طريقة جديدة للبحث. وبدلاً من النظر في جينات فيروسات كورونا، نظر الباحثون في التأثيرات على الحمض النووي لمضيفيهم من البشر.
وعلى مدى أجيال، تُحدِثُ الفيروسات كميات هائلة من التغيير في الجينوم البشري، وقد تعني الطفرة التي تحمي من العدوى الفيروسية الفرق بين الحياة والموت، وتنتقل إلى الأبناء.
لكن الفيروسات يمك ن أن تتطور أيضاً. يمكن لبروتيناتها تغيير شكلها للتغلب على دفاعات المضيف، وقد تحفز هذه التغييرات المضيف على تطوير المزيد من الهجمات المضادة، ما يؤدي إلى المزيد من الطفرات.
42 جيناً
وفي السنوات الأخيرة، بحث الدكتور إينارد وزملاؤه في الجينوم البشري عن أنماط التباين الجيني هذه من أجل إعادة بناء تاريخ مجموعة من الفيروسات. فعندما تفشى الوباء، تساءل عما إذا كانت فيروسات كورونا القديمة قد تركت بصمة مميزة خاصة بها.
قارن إينارد وزملاؤه الحمض النووي لآلاف الأشخاص عبر 26 مجموعة سكانية مختلفة حول العالم، ونظروا في مجموعة من الجينات المعروفة بأهميتها لفيروسات كورونا وليس الأنواع الأخرى من مسببات الأمراض.
وفي سكان شرق آسيا، وجد العلماء أن 42 من هذه الجينات لها نسخة سائدة، وكانت تلك إشارة قوية إلى أن الناس في شرق آسيا قد تكيفوا مع فيروس كورونا قديم. ولكن كل ما حدث في شرق آسيا بدا وكأنه اقتصر على تلك المنطقة.
بدوره، قال ياسين سويلمي، الباحث في جامعة أديلايد بأستراليا، وأحد مؤلفي الدراسة "عندما قارناهم بالسكان في جميع أنحاء العالم، لم نتمكن من العثور على الإشارة".
وأضاف أن العلماء الذين يبحثون عن أدوية لمحاربة فيروس كورونا الجديد قد يرغبون في فحص الجينات الـ42 التي تطورت استجابة للوباء القديم.
مدة التكيف
وحاول العلماء تقدير المدة الزمنية التي تكيف فيها سكان شرق آسيا مع فيروس كورونا، واستفادوا من حقيقة أنه بمجرد أن تبدأ نسخة مهيمنة من الجين بالانتقال عبر الأجيال، فإنها يمكن أن تكتسب طفرات عشوائية غير ضارة. مع مرور الوقت، يتراكم المزيد من تلك الطفرات.
وجد الدكتور إينارد وزملاؤه أن الجينات الـ42 جميعها لديها نفس العدد من الطفرات، وهذا يعني أنها قد تطورت جميعاً بسرعة في نفس الوقت تقريباً، وقال "هذه إشارة يجب ألا نتوقعها بالمصادفة".
وقدّر العلماء أن كل هذه الجينات قد طورت طفراتها المضادة للفيروسات في وقت ما بين 20 ألف و25 ألف سنة، على الأرجح على مدى بضعة قرون.
ووفقاً للصحيفة، يعد هذا اكتشافا مثير للدهشة، حيث لم يكن سكان شرق آسيا في ذلك الوقت يعيشون في مجتمعات كثيفة، ولكنهم شكلوا بدلاً من ذلك مجموعات صغيرة من الصيادين وجامعي الثمار.
الشرق للأخبار