فِي حمأة الأزمة التي تعصفُ بالعلاقات المغربيَّة الجزائريَّة، هذه الأيَّام، ينبشُ الباحث الفرنسِي في قضايا الإرهاب والتاريخ العسكري، لوران توشَار، فِي صفحة حرب أكتوبر ، التِي وحدتْ الجاريْن المغاربيْن، في مواجهة إسرائيل، ما بين السادس من أكتوبر والرابع والعشرِين منه، عام 1973.
يعودُ الباحثُ الفرنسيُّ، بِمقالٍ لهُ فِي أسسبوعيَّة "جون أفريك"، إلى رصدِ ما أسفرتْ عنه نكسَة 1967، من فشلٍ ذريع للعسكر، وتبعاتها من الناحية الجيوسياسية، بصورة غذَّت مساعيَ الانتقام، فِي الأشهر التي تلت الهزيمة. وإنْ كان ذلك قدْ سار في بداية الأمر بشكلٍ مبهم،ٍ لم يتضح إلَّا مع خليفة عبد الناصر، الرئيس المصرِي المغتال، أنور السادات. مع أنور السادات تُرجمت المطامح العربيَّة، وفقَ توشار، إلى ثأرٍ بغرضِ استرجاع الأراضِي، التي احتلتها إسرائيل عامَ 1967، وهيَ حربٌ دخلتهَا دولٌ إفريقيَّة، راحَ ينسقُ معها، الفريق الشاذلِي، فِي زيارته إلى كلٍّ من المغرب والجزائر وليبيا.
في سعيِ مصر إلى تأمينِ سندٍ قوي، ساعتها، كَيْ لا تُمنَى بهزيمةٍ أُخرى، يحكِي روشار، كيف أنَّ الدولَ المغاربيَّة، استقبلتْ وقتها، فكرة الحرب، بإبداء الجاهزية للتضحية، حيثُ إنَّ الرئيس الجزائرِي، هوارِي بومدين، لم يتوانَ عن القول، وقدْ جاءهُ الجنرال سعد الدين الشاذلِي، محدثًا فِي أمرِ الحرب، "متَى ما اندلعتْ الحرب، سنبعثُ ما أمكنَ من جنودنَا، كيْ يقاتلُوا إلى جانبِ أَشِقَّائِهم المصريين، مما جعل الشاذلِي يتأثرُ بما عرض عليه.
وَلم يشترط بومدين على الشاذْلِي، سوَى أنْ يخطرهُ بموعد الحرب، قبل ثلاثة أشهرٍ من اندلاعها، كيْ تعد العدَّةُ لها، وهو شرطٌ رفضه السادات في بادئ الأمر، بشكلٍ قاطع، قبلَ أنْ يأتِي الشاذلِي، في نهاية المطاف، ليخبر بومدين في السابع عشر من سبتمبر 1973، ويخبر بأنَّ طبول الحرب تقرعُ في أشهر، بيدَ أنَّ بومدين، بدَا ساعتها محترزًا، فاستفهمَ حول ما بدَا من عوامل لا تسر في التهيئ للحرب، بعد السماع بتدمير اثنيْ عشرة طائرة (MiG)، غير أنَّهُ قبل بإجراء اتصالاتٍ مع السادات، والاستعلام حول تفاصيل مشاركة جيش بلادهِ فِي الحرب.
فِي التاسع من فبراير، عام 1972، حلَّ الفريق الشاذْلِي بالمغرب، ليشرحَ للملك المغربِي الراحل، كيفَ أنَّهُ بالإمكان استعادةُ سيناء بالقوة، ليردَّ الملكُ وقدْ أخذهُ الحمَّاس، "القواتُ المغربيَّةُ رهنَ إِشَارتكم، وكما حصلَ مع الجيش الجزائرِي، طلبتْ مصر أنْ تطلعَ على حالِ الجيش المغربِي، كيْ تحددَ ما تحتاجُ إليه من عتاده، فكان لها ما أرادت، وطلبتْ سريَّة مدرعات من طراز "F-5A" وفريقًا أرضيًّا. وهو ما وافقَ عليه الملك.
في سبتمبر من عامِ 1973، توجه الشاذلِي مباشرة إلى الحسن الثاني، بعدما التقى ثانية ببومدين، غيرَ أنَّ الحسن الثاني أخبر الفريق الشاذلِي، أنَّ ضلوع طيارين في محاولة الانقلاب التي استهدفتهُ في السادس عشر من يوليوز عام 1972، وإيقافهم جميعًا، سيحول دون تسليم مقاتلات (F-5). فيما كانت فرقة الجنود التي وعد بها الملك، قدْ حلتْ بِسوريا منذ صيف 1973، تحت إمرة الجنرال الصفريوِي، مع العلم أنَّ تنقلها إلى جمهورية "الأسد"، لمْ يكن من السهولة بمكان، بالنظر إلى الفترة الحرجة التي كانت تجتازها العلاقات بين دمشق والرباط.
انتقلَ الجنرال المغربي على متنِ طائرة، فيما سافرَ الجنود على متنِ باخرةٍ رست في اللاذقيَّة، في يوليُو من 1973، بينما تتحدث مصادر أخْرَى عن وصولها فِي يونيو، قبل أن يمد الجيش السوري الحربَ بثلاثين دبابَة، كانتْ طواقمها من المغاربة.
وبما أنَّ الشاذْلِي كانَ مدركًا للإمكانيات المهمَّة التي يتوفرُ عليها الجيشُ المغربي، سأل ملكَ المغرب عمَّا إذَا كانت هناك وحداتٌ أرضيَّة ستعززُ الجيوش العربيَّة، فردَّ الحسن الثاني بالإيجاب، ووضعَ رهنَ إشارته، سريَّة ثانيةً من المشاة، من أجل جبهة سيناء، هذه المرة. قبل حينُونة ساعة الصفر.
عمدِ الشاذلِي إلى إعلان عن الحرب في الفاتح من أكتوبر، إلَّا أنَّ الحسن الثاني رفض، وطلبَ مزيدًا من الوقت، وهو ما جعلَ السريَّة المغربيَّة، تنتقلُ إلى مصر وقدْ اندلعتْ المعارك سلفًا، في "قناة السويس".
فِي حمأة الأزمة التي تعصفُ بالعلاقات المغربيَّة الجزائريَّة، هذه الأيَّام، ينبشُ الباحث الفرنسِي في قضايا الإرهاب والتاريخ العسكري، لوران توشَار، فِي صفحة حرب أكتوبر....
www.hespress.com