سأخالفك في رأيك لأول مرة، فعادةً تعجبني ارائك
في الحقيقة يا استاذ كاهن، بعد الألفية الجديد اصبحت امريكا رسمياً القوى العظمى والوحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
امريكا ما زالت الى الان القوى العظمى الوحيدة التي تمتلك اقتصاد ضخم جداً، وتحالفات عسكرية واقتصادية وسياسية اكبر من منافسيها، وآلة عسكرية مهولة ومتطورة والاهم من هذا كله انتشاره الكبير في كل بقاع الارض ومحاصرته لاعداءهم الحاليين والمحتملين.
هل يستغير ذلك قريبا؟ وتصبح الصين القوى العظمى؟ كثر الجدال والمراهنه على ذلك، قد يؤول الامر الى ذلك او خلافه، لااحد يستطيع الجزم. ولكن بالنظر الى البيانات التاريخيه والتوقع من خلالها، الصين تنمو اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً بشكل سريع جداً ويتنبأ الكثيرين بأنهم سوف يلحقون بالامريكان عاجلاً او اجلاً.
امريكا الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات اقتصادياً وسياسية ضد من هم في المراكز التالية في قائمة القوى الكبرى، واقصد روسيا والصين.
ان تكون القوى العظمى ليس معناه ام تخضع الارض ومن عليها تحت إمرتك، من كان حليفك وصديقك او كان فقط حكيماً سيتجنب معاداتك، وان لم تقم دولةٌ ما بذلك، فسوف يتم محاصرتها ومحاربتها سياسياً واقتصادياً لدرجة انها حرفياً ستبقى في العصر الذي تم محاصرتها فيه، والمثال على ذلك، كوريا الشمالية وكوبا ما زلتا تعيشنا في الخمسينيات او الستينيات، وايران في الثمانينات.
وربما ما حدث للاقتصاد التركي مؤخراً وقبله الفنزويلي خير امثلة ايضا.
من الناحية الاقتصادية، وصول الاقتصادات المتقدمة الى مرحلة تكون فيها نسب النمو قليلة يعود الى الاسلوب الاجتماعي والاقتصادي الذي تنتهجها هذه الدول في ادارة شعوبها واقتصادها. ومثل على ذلك، توفير الرفاهيه والرعاية الصحية باهظة الثمن مقابل الاستثمار في مشاريع اقتصادية.
الكلام عن امريكا وباقي الدول الكبرى يطول، ولكني اجمالاً اتفق مع مقال الاخ فراس.
القوى العظمى يكون لديها غير استثمار قوتها..مسؤوليات تجاه العالم،
كدعم الاستقرار وتهيئة العالم لينمو اقتصاديا،
حالياً مسؤوليات أمريكا تجاه العالم كدولة عظمى،
تتعارض بل تتناقض مع استثمار قوتها،
فخياراتها الآن:
1_اما أن تستمر في تولي مسؤولياتها كدولة عظمى،
2_واما أن تستمر في استثمار قوتها للحفاظ على مركزها العالمي كقوة عظمى أولى.
هي تعمل في الجزء الثاني باندفاع قوي،
وتخلت تماما عن مسؤولياتها في منطقتنا كلها ماعدا الكيان الصهيوني،
فهي تتولى مسؤولية أمنه واستقراره مجانا وتدعمه أيضا،
مع أنه بؤرة صراع ولّدت أمراض لا أول لها ولا آخر على رأسها الإرهاب الاسلامي،
بقية مسؤولياتها في المنطقة لاتقوم بها مجانا دون مقابل،
وتركيزهم على الخيار الثاني الذي ذكرته يعني أن مركزها مُهدّد دوليا،
اما بمنافسة وإما بمشاركة واما بتنحية،
بالنسبة لتفوقهم اجتماعيا ومدنيا هذا صحيح،
لكن نظرية توينبي ان المجتمعات المتمدنة تسيطر عليها او تقضي عليها في نهاية المطاف المجتمعات حولها غير المتمدنة أو المتخلفة.
في الحضارة الإسلامية مثلا:
كل القوى التي أنهكتها حتى فككتها كانت متخلفة ثقافيا ومدنيا،
على رأسهم المغول،
والأندلس كان الاوربيون يستغربون ويتعجبون من الحمامات العامة فيها ومستوى النظافة العام !!
فهم قضوا على الوجود الاسلامي العربي في الاندلس مع انه كان متفوق عليهم مدنيا واجتماعيا
وفي كل شئ تقريبا ماعدا عسكريا بشكل محدود.
أيضا الدولة الرومانية وحضارتها الضخمة ومجالسها الديموقراطية،
تفككت بسبب الصراع المستمر والطويل مع قبائل الهون المتخلفة،
حاليا الذي يجعل تراجع الولايات المتحدة نتيجة حتمية،
هو صراعها المستمر اللامنتهي مع قوى متخلفة عنها بشكل كبير،
سواء كانت دول أو جماعات،
خذ مثلا الصراع مع الارهاب الاسلامي،
مستمرة فيه منذ 19 سنة تقريبا دون أن تسعى لحل أسباب نشوئه
بل تعززها باستمرار،
لذلك التراجع عن مركز القوة العظمى الوحيدة والمهيمنة أصبح مجرد وقت ليحصل،
وأنا برأيي المتواضع
أعتقد أنه مايحصل الآن في العالم