اللواء طيار احمد الجواهرجي - قاذفات تي يو 16
أنه احد الطيارين الاكفاء الذين طاروا علي القاذفه تي يو 16 وقام بمهمات عديده في حرب اليمن ومهمه رئيسيه في حرب اكتوبر
وبكل أسي ننشر هذا الحوار مع سيادته بعد ايام من وفاه البطل وكنا قد نشرناه في موقعنا القديم وحصل علي اعلي مشاهدات في الموقع لما بالموضوع من اسرار ولتواصل سيادته مع اعضاء الموقع في حوار متصل بين سيادته وبين الاعضاء - نسألكم الفاتحه لسيادته فهو من الشخصيات التي تحبها من اللقاء الاول
الكليه الجويه
إلتحقت بالكليه الجويه سنه 1960 , و تخرجت و أنا عمرى عشرون سنه و كنت الأول على الدفعه فى الطيران و الثانى فى الترتيب العام ( الدفعة 14 طيران ) و تم توزيعى على تشكيلات القاذفات ، و لها حكايه .
عاده من يوم إنشاء كليه الطيران و حتى الآن دائما أول الطيران يتم توزيعه على المقاتلات ، و قد فوجئت قبل التخرج بحوالى شهر (وأنا فى نهائي ) سنة 63 بطائرة ضخمه كبيره جميله شكلها مرعب تهبط عندنا في قاعده بلبيس وعندما تسائلنا عنها ،
أخبرونا بأنه قائد لواء القاذفات TU 16 المقدم / محمد حسني مبارك ، جاء لينتقي الطياريين اللذين سيتم ضمهم تحت لوائه في القاذفات ( كانت الـ TU 16 وصلت مصر عام 62 ) ، و بعد أن إنصرف ،أستدعاني مدرسي و قائد السرب / وقال لى(إنت أول الدفعه و حسني مبارك حياخدك في القاذفات )، فحزنت جداً و توجهت إلى كبير المعلمين أساله ( حصل كذاو كذا ) !!! قال لي بالفعل هو محتاج طيارين مستواهم في الطيران عالي وهو كان مدرس فى كلية الطيران وجاء لكي يختار أسماء الطيارين الذين سيأخذهم و كان إختياره اول الدفعه هذه السنه و قال لى ” إنت مستواك مرتفع ً و مستقبلك في المقاتلات ” FIGHTERS ” و ما الداعي لذهابك لتشكيلات القاذفات ؟.
والدي لواء طيار / محمد صادق الجواهرجي تقلد عده مناصب .
قائد لواء لانكستر( قاذفات) / قائد لواء الكوماندو(مواصلات) و بدأ حياته فى سلاح الطيران الملكى فى أسراب الجلادييتور(المقاتلات) ، و في فتره تخرجى كان رئيس شعبة العمليات في القوات الجويه ( رئيس شعبة العمليات في الوقت ده كان الكل فى الكل)
و أشار علي كبير المعلمين بأن أطلب من الوالد التدخل فى أعاده توزيعى و الموضوع لن يكلفه سوي مكالمه تليفونيه ، فذهبت إليه و أخبرته بما حدث (( تم توزيعى على القاذفات و مش ده مستقبلي..)) و فؤجئت به بيقول لي” أن الخيرة فيما إختاره الله ” و نصحني ” إن ما يريده الله هو ما سيكون و ليس ما تريده أنت فلا تحاول إن تسيطر أنت على قدرك دعه لأنه ملك لله . الله يرحمه .
وتلك كانت بدايتي مع القاذفات
أذكر بعض من كانوا معي عام 63 أللى تم توزيعهم على القاذفات مباشره
(رفعت الجميل/محمد سالم/ عادل سلامه )الى تى يو 16 (محمد كريدى/يوسف رحمى/حسن صقر) اليوشن28
توجهت إلى قاعده غرب القاهره و أنضميت الى لواء القاذفات.
لمن يهمه بعض المعلومات عن الطائره تى يو 16 قاذفه
يتشكل طاقم الطائرة من 6 أفراد:-
طيار أول // مساعد طيار // ملاح اول // ملاح ثاني // فرد إتصالات (لاسلكي) // مدفعجي
الكابتن
قائد الطائرة و هو الآمر الناهي لكل من بالطائرة ، و المفترض علمياً أنه على علم بكامل العمل بالطائرة من كافة أجهزتها إلى وظيفة كل فرد من الطاقم المصاحب ، فلابد له من أن يكون ملماً بكل ما يدور بداخل الطائرة من ادق الأمور إلى أعقدها .و هو ألمسؤل ألأول
مساعد الطيار
يساعد الكابتن في إدارة أنظمة الطائرة ( أكسجين / ضغط / وقود / إتزان / …… و هكذا ) .
الملاح ألأول
إيصال الطائره للهدف و ألقيام بعمليه قذف القنابل و أستخدام ألرادار و ألأجهزه المساعده لتنفيذ الطلعه بنجاح .
الملاح الثاني
مساعد الملاح الأول و يقوم بعمل الملاحه كاملا بغرض المراجعة المزدوجه و التأكد من تطابقها و لتنبيه في حال ظهور اخطاء . كما أنه يقوم بتوجيه المدافع أعلا الطائره ( في الطراز TU16-KS يضاف إليه مسئولية رادار توجيه و إطلاق الصواريخ و تتم عملية الإطلاق إما عن طريقه أو عن طريق الكابتن كما سيحدد سلفاً ).
فرد إتصالات (لاسلكي)
ألقيام بتحقيق الأتصل اللآسلكى مع القاعده الأم و توجيه المدافع الموجوده أسفل الطائره .
المدفعجي
يوجد 4 مراكز للمدفعية بالـTU16 ، و بكل مركز 2 مدفع مذدوج 23 ملم ، و توزيعها كالتالي مركز بالأعلى و مركز بالأسفل و مركز خلفي و مركز امامي ، يتحكم المدفعجي في الثلاث مراكز العلوي و السفلي و الخلفي أوفي مركزين بالتبادل مع اللاسلكي ، أو منفرد كما ذكر سابقا أما المركز الرابع الموجود بمقدمة الطائرة فهو من إختصاصات الكابتن و لا يستخدم عادة لما يحتاجه من القيام بمناورات يصعب عملها بالطائرة .
يتكون اللواء من سربين ( السرب 22 تى يو16 قاذفات به 20 طائرة و سرب آخر …لا أذكر رقمه KS 20 طائره..)
كنا سبعه طيارين جدد . و أنعقدت فرقه لنا لدراسه الطائره و تعامل معنا المقدم حسنى مبارك على أننا مازلنا فى كليه الطيران .محاضرات طول اليوم و النزول أجازات الخميس و الجمعه.
أستمرت الأحوال على هذا المنوال لمدة شهرين متتاليين في محاضرات مكثفه جدا.
كل المحاضرات تخص فقط الطائره تي يو 16 .فهى طائرة معقده جداً و كبيره و ثقيله و ذات حجم كبير. و لا يوجد فى الطاقم “مهندس طيران” برغم أنه جميع الطائرات اللتى فى حجمها في العالم يكون فيها مهندس مختص ما عدا الـ تى يو 16 ألعبء كله على الطيارين ،
فيتوجب عليك أن تكون على إلمام تام بكتاب الطائره و هو كبير جدا و حجمه مذهل ، و دخلنا مرحلة الإختبارات ألنهائيه و حصلت على 93 %
وعندما عرف قائد اللواء حسنى مبارك بهذه النتيجه لم يصدق أن هناك طيار صغير ممكن من أول أمتحان يحصل على تلك الدرجه العاليه و قرر أعاده ألأمتحان ( لكي تعرف ما يتسم به من عناد ) و حدث ما يأتى:-
.استدعاني فى مكتبه..و قال لي (( يعني إيه تجيب 93 % — لا في مصر ولا في الإتحاد السوفيتي حد في الطياره دي يجيب 93 % ” من أول أمتحان؟؟؟))
أتذكر هذه القصه تماماً فقد كنت في مكتبه الساعه 9 صباحاً وطلب مني الجلوس على طاوله الأجتماعات و أحضر كتاب الطائره و طلب مني الكتابه ” إكتب … السؤال الأول . التاني . الثالث . الرابع …… حتى وضع عشر أسئلة !!!! و طالبني بإجابه ألأسئله .
طبعا فى مكتب قائد اللواء هناك حركه مستمره من ضباط تدخل لاستكمال اوراق ومكاتبات واوامر مستمره وضجيج و تليفونات واصوات طوال الوقت .
إستمر ألأمتحان من الساعه 9.00 صباحا تقريباً حتى الساعه 1.30 ظهرا. و عندما فرغت من الإجابه طلب حضور كلا من ” الرائد طيار مهندس / منير السيد والرائد مهندس جمال إسماعيل ، أساتذتنا اللذين درسوا لنا الطائره ” و طلب من كلاهما إستلام أوراق الإجابه خاصتي و أمرهم بتصحيح اللإختبار من مكانهم و إعلان النتيجه من فورهم .!
إستمرت عمليه التصحيح قرابه الساعه حتى فرغوا منها و وضعوا الأوراق أمامه .وكانت النتيجه 96 %
وبدهشه قال لي ..(( لأنك حصلت على هذه النتيجة ستكون ضمن طاقمي ، و أنا عندي طلعة ليلية أنهارده اختراق ضاحيه .. لمدة 3 ساعات و ستطير معي )).
ولم اكن حتي ذلك الوقت قد دخلت الطائره او اقتربت منها وكنت لا أراها الا وهي على الـترمك .
و أمر الرائد طيار منير أن يصحبني الى الطائره لاعطائي فكره عن كابينه القياده
( (.واقلع هو بالطائره ثم سلمها لي لاستكمال الرحله الطويله وحاولت خلال الطلعه التحكم فى الطائره فى وضع الطيران الأفقى المستقيم ولكن للأسف لم استطع وكل ما يتغير ألأتجاه او الأرتفاع يقوم بتصحيح الوضع ؟؟؟؟؟؟ (( لاهو زهق و لا أنا عرفت ضبطها لمده حوالى 3 ساعات.))
و هنا يتضح مقدارما كان يملكه من الصبر ..
.
طبعا ألفرق بين الطيران على الطائره الياك 18 فى الكليه و النقله مباشره الى التى يو كانت مثل قياده سيارة سيات صغيره ثم بعدها شاحنة بمقطوره
حرب اليمن
سنه 1962 سافر الى الأتحاد السوفيتى أربعه طيارين للحصول على فرقه طيار أول على الطائره التى يو 16 و هم ( حسني مبارك & أسامة صدقي& كمال درويش & فوزى شعبان) وبعد عودتهم الي مصر تم عمل فرقه للطيارين من الأليوشن 28 للتدريب علي التي يو 16
و بدأت حرب اليمن و الطائره جديده و خبره الطيارين عليها قليله و كانت أغلب الطلعات اللى تطلب لقذف أهداف فى اليمن يقوم بها حسنى مبارك.
سنه65 تقرر تمركز طائره واحده فقط فى مطار الحديده و كان حجم المطار صغيرا ، لأنه عباره عن ممر واحد طوله 3 كم و عرضه لايزيد عن 30 متر و لا يوجد فى المطار ترمك لانتظار الطائرات !!! مجرد منطقه أنتظار فى آخر الممر من كل ناحيه وكنا بعد الهبوط نضع الطائره فى اول الممر من جهه الهبوط والأقلاع عكس الهبوط وهكذا.
تم تعينى ضمن طاقم الرائد ط / عثمان الجندى للذهاب الى اليمن سنه 1965 و بدأنا فى طلعات قذف الأهداف التى تطلب منا لو كانت محدده على الخرائط و أما إن لم تكن محدده فكان ألأسلوب المتبع هو القيام بطلعه أستطلاع بطائره اليوشن 14 و معنا الدليل ( و هو شخص يمنى ) يوجهنا الى الهدف ومعه الملاحين!! طول الطريق يشير لهم على الخرائط
لتحديد خط السير (طريقه بدائيه للغايه ) !!
و بالنسبة لتلك الفترة فهناك حادثتين يعتبرا من أهم الأحداث التي واجهتها أثناء الطيران باليمن فبالرغم من تعدد الطلعات و كثرتها إلا أن هاتين الحادثتين ظلا في ذاكرتي ولا أستطيع أن أنساهم .
الطلعة الأولي :
كانت طلعه لضرب قرية تبعد حوالى 150 كم شمال صنعاء و كانت الحمولة/ 18 قنبلة زنة 500 كيلو و قيل لنا أن هذه القريه أحد منابع الثوار. و تقع بين جبلين ملتحمين معاً أشبه ما يكونا بالحضن الذي يحتضن القرية بداخلة (عملية القذف تكون على أرتفاع 6 كم و نقوم بعمل عدة دورات حتى نصل في أحداها إلى الوضع الأمثل الذي تتحقق معه أهداف المهمة دون إهدار للقنابل ) في أول دورة ضربنا قنبلتين أصابوا طرف الجبل و لم يكن لهما أي تأثير يذكر ، و ندور لثاني دورة قنبلتين أيضاً و لم يصيبا القرية أيضاً ، و نظراً لعدم وجود مدفعية مضاده للطيران او أيه دفاعات جويه على الأرض فقرر عثمان النزول بالإرتفاع لأقل إرتفاع ممكن ، فقد أهدرنا 4 قنابل دون تحقيق أيه نتائج من إجمالي 18 قنبلة فتوجهنا بإرتفاع 100 متر فقط من قمة الجبل بحيث تكون القرية أسفلنا بحوالي 400 إلى 500 متر كحد أقصى و نفتح باب القنابل و نضرب باقي القنابل الـ14 جميعها دفعة واحدة – و قد كانت حركة متهورة إلى حد ما ( فى ألأحوال العاديه يتم قذف القنابل على ارتفاع آمن للطائره بحيث تكون فى موقع بعيد عن تأثير ألأنفجارات أو أن تكون القنابل مجهزه للأنفجار ألمتأخر لو أرتفاع القذف منخفض لضمان سلامه الطائره) إلا أنه في هذا الإرتفاع المنخفض جدا كانت سرعة وصول القنابل إلى الهدف تتوازى مع سرعة الطائرة و لم نتمكن من مغادرة الموقع قبل بداية الإنفجارات التي لم تكد تبدأ إلا و أصابت الطائرة الإرتجاجات العنيفة و أصبح التحكم بها غاية من الصعوبة( كما لو أصابها مس من الجن) ، و بستر من الله مرت هذه الطلعة بسلام ( واضح أن القنابل كانت بدون وسيله الأنفجار المتأخر ) و بعد الهبوط أكتشفنا اصابتنا بشظية في الماكينة اليسرى يفصل بينها و بين خط الوقود الرئيسي المغذي للمحرك مسافه 2 بوصه ، ربنا ستر.
الطلعة الثانية :
ألأسلوب المتبع فى تحديد ألأهداف
فى اليوم السابق للطلعه يتم الأتصال بنا من غرفه العمليات و يتم تحديد الطلعات و الأهداف و فى بعض الحالات كان يطلب قذف اكتر من هدف فى الطلعه الواحده.
كان الهدف قلعه حصينه بها قوات معاديه و محققه خسائر كبيره فى قواتنا تقع القلعه شرق بلده تسمى ميدي بحوالي 30 ألى 40 كيلومتر ، و قد كانت المرة الأولى التي طلب أن تكون ألقنابل2 قنبلة زنة 3 طن للواحده و ذلك لضروره تدمير القلعه!!!!!! السخيف فى ألموضوع أنه كان يوم العيد الكبير . و كان تحديد القياده ضرب الهدف أول ضوء!!!!ولك أن تتخيل شعورنا كبشر أن نضرب مسلمين وقت صلاه العيد .
المهم أن ألأوامر لا زم تنفذ..لتقليل الخسائر فى قواتنا. (( كل أللى قدرنا نعمله أننا أخرنا ألأقلاع ألى ألساعه 8 صباحا بحجه و جودضباب كثيف على ألمطار ( فى ألحقيقه الجو كان رائع)) وذلك لتفادي الخسائر البشريه .
و صلنا فوق الهدف حوالى الساعه التاسعه و النصف و مررنا بأول دورة و ثاني دورة و تكررت الدوروات حتى يحدد الملاح اللحظة المناسبة للضرب و من ثم ضربنا اول قنبلة و لم تصب القلعة و شاهدنا القنبلة و غلالة الغبار التي أطلقتها عقب إنفجارها و كانت تشبة الغلالة التي تطلقها القنبلة الذرية ( الماشروم / عيش الغراب ) لكبر حجمها و في ذات الوقت أخطرتنا القوات الأرضية بالأسفل بأن القنبلة لم تصب الهدف فهدأناهم و أخبرناهم بأننا نمتلك قنبلة أخرى و سنعيد الكرة و تعددت الدورات مرة أخرى لتعيين الهدف و التصويب عليه بدقه دون خسارة القنبلة الثانية و الأخيرة ، و بتوفيق من الله ضربنا القنبلة فسقطت داخل القلعة و تم تدميرها بصوره كبيره .
وبذلك انتهي دوري في حرب اليمن لاعود الي مصر الي تمركز لواء القاذفات في قاعده غرب القاهره الجويه .
أنتقال السرب الى قاعده بني سويف الجويه
في أحد الأيام هبطت طائرة اليوشن 14 فى قاعده غرب القاهره لتقل كلاً من قائد اللواء / حسني مبارك و قائد السرب/ كمال درويش (السرب 88 / تغير رقم السرب من22الى88) بغرض الذهاب الى قاعده بنى سويف الجويه وهى تحت ألأنشاء. و عند عودة قائد السرب توجهنا إليه لسؤاله عن قاعده القاذفات الجديد ووصفها بأنها قاعدة جيدة و لها ممر جميل طوله أكتر من 3 كم و عريض بخلاف ممر غرب القاهرة حيث كان به العديد من المشكلات ، أما المباني و ميس الطيارين و التلقين للمحاضرات فجميعها تحت الإنشاء .
بعد هذه الواقعة بحوالي 15 يوم إلى شهر تقريباً تأتي التعليمات بإنتقال سرب كمال درويش بكامله ليتمركز ببني سويف !!!! .
إستعجب كمال درويش لإدراكه بعدم جاهزية القاعدة و طلب طائرة اليوشن 14 ليتوجه إلى القاعدة ليعاينها و عند عودته كان تعليقه بعدم صلاحية المطار لهبوط الطائرات الـ TU16 عليه في الفترة الحالية ، و لكن التعليمات قد صدرت بالتنفيذ فورا!!! وكان أعتراضه أساسا على عدم وجود برج مراقبه ولا أماكن للأعاشه و كانت أسلاك الهاتف ممدده على أعمده بأول ممر الإقلاع .
اخبرنا انه أول من سيهبط و وبعد هبوطه سيتحرك لأول الممر ليقوم بدور برج المراقبه لنتم عمليه الهبوط تباعا و أكد علينا من ضروره الهبوط بعد الثلث ألأول من الممر لتفادى سلك التليفون ؟؟؟؟؟.
و هبطت الست طائرات تباعاً ، و في هذه الطلعة لازمني مدرس نظراً لقلة خبرتي لنكون 2 كابتن على متن الطائرة .فى اليوم التالى كررنا نقل باقى الست طائرات .
كنا نقضي أسبوعاً كاملاً في المطار و ننزل أجازه يومي الخميس و الجمعة , كانت المعيشة بعنبر الجنود ما بين الطيارين و مساعديهم و الملاحين و كافة الأطقم حوالي 28 أو 29 فرد في عنبر واحد ، مما أتضرنا لجعل الأسرة متلاصقة , و كثيراً ما كننا نصحى بالليل على صراخ أحد الأفراد نتيجة لسعة عقرب ، لأن المطار ملئ بالعقارب و كنا نتغلب على ذلك بوضع أرجل الأسرة في آنية مملوءة بالماء حتى لا تستطيع العقارب الوصول إلينا ، و قبل النوم مباشرة كنا نحرص على التأكد من خلو الأسرة و المفروشات و الأغطية من أي شي ، فكانت حياتنا عبارة عن مأساة حقيقية .
طبعا فى أول أجازه ذهبت للوالد أستفسر منه على سبب ذهابنا الى بنى سويف و المطار غير جاهز على النحو السابق شرحه .
وقال لى بأن المشير عبد الحكيم عامر سأل مدير مكتبه و كان طيار (مقدم طيار فخر الأسلام على ما أذكر ) عن اخبار مطار بني سويف ، فأخبره بأنه تمام ، فأعاد سؤاله عن إذا ما كانت قد توجهت القاذفات إليه أم ما زالت بغرب القاهرة ؟ فاخبره بأنها إنتقلت إليه بالفعل !!!.
و هو ما لم يكن قد حدث فعلا فالمطار لم يكن جاهز بعد و لا القاذفات قد تمركزت به ، و عندما أتصل هذا المسؤل بالقوات الجوية ليسأل عن تمركز القاذفات ببني سويف ، بهتوا من سؤاله فأخبرهم بأنه قد أعطي تمام للمشير بتمركز القاذفات ببني سويف و جاهزية المطار ، و عليه يجب عليهم ان يتمركزوا فوراً ببني سويف (( عشان منظره قدام المشير يكون مضبوط ،طبعا آخر تهريج / و تدل الواقعه دى على مدى سوء التخطيط فى القوات المسلحه فى ذلك الوقت )).
إنتقلنا إلى بنى سويف بناءاً على ما حدث و بلا أي داع يذكر ، فالمطار لم يكن قد تم جاهزيته نهائياً ، و إستمر وضعه على هذا الحال لمدة ستة اشهر تاليه ، يتمركز به 12 طائره TU16 و لم يكن قد تم الإنتهاء من برج المراقبة فلم يكن بنى بعد ، و أصبح لزاماً علينا في كل طلعة تدريب أن يتوجه أحد الطيارين ليستقر ببداية ممر الإقلاع ليقوم بعملية توجيهنا ، و إستمر الحال على ما هو عليه حتى تحصلنا على سيارة لاسلكي للقيام بتلك المهمه بصورة بدائية ، و الجدير بالذكر أنه خلال هذه الفترة كانت كافة الطائرات تتمركز علي الترمك (مكان أنتظار الطائرات) في العراء متجاورة ، فلا توجد لها أي حماية كالدشم أو الهناجر أو حتى دراوى؟؟
أما طبيعة تدريباتنا فتنقسم إلى يومين للطيران الليلي يبدأ اليوم الساعة الثامنة صباحاً ثم يتم التلقين في العاشرة و لمدة ساعه ثم إعادة للتلقين في الساعة الثانية عشرة بعد تحضير الخرائط و المسارات الملاحيه و السؤال عن المهمة محل التدريب ، ثم التوجه لتناول وجبة الغداء في الثانية و النوم في الثالثة عصراً و بالأمر لمدة ساعتين ، و من ثم التوجه للسرب بعد الإستيقاظ في الخامسة و يتم عمل مراجعة سريعة لمده ساعة يعقبها التوجه للطائرات في السادسه للإقلاع بعد آخر ضوء لتنفيذ المهمة التدريبية .
أما عن الطاقم فكان المدفعجي و اللاسلكي من صف الضباط ، أما الملاحين فكانوا فى البداية من صف الضباط ثم تمت ترقيتهم لرتب الضباط ، و كانوا من خريجي مدرسة الملاحة بقاعدة الدخيلة بالإسكندرية ، حيث يتم تخريجهم برتية شاويش ثم تتم ترقيتهم تباعاً حتى يصلوا لمصاف رتب الضباط ، و بالمصادفة أن أول دفعة تم تخريجها من الكليه الجويه ملاحين برتبه ملازم ملاح كانت دفعتى الدفعه 14 طيران و الأولى ملاحه .
يعقب يوم الطيران الليلي يوماً للراحة بدون طيران و يوماً للطيران النهاري بإجمالي ثلاث أيام طيران أسبوعياً .
5 يونيه 1967
فى أوائل شهر مايو تم رفع حالة الإستعداد للقوات المسلحه للدرجه القصوي ، , وبدأت تحركات القوات البريه فى سيناء و أتخذت أوضاع الهجوم لتهديد أسرائيل
(كان المقصود بهذه المناورات تغيير أتجاه التهديد الأسرائيليى اللذى كان على سوريا . حسب ما قيل . )
وتم إغلاق مضيق تيران ، و في أحد الأيام صدر لنا أمر قتال بالإقلاع بالقاذفات من بني سويف و القيام بضرب ميناء و مطار إيلات مساء نفس اليوم ، و كانت قصة غريبة الشأن جداً .
الأقلاع بست طائرات و كنت سأرافق حسني مبارك كمساعد طيار في هذه الطلعة و بتشكيل ( متتابع ) يقوده بنفسه ، توجهنا للسرب و جهزنا الخرائط و تم تحميل القنابل و التموين بالوقود و أصبحنا مستعدين بنسبه 100 % للإنطلاق لتنفيذ المهمة فورا ، و كانت مهمة ليلية ، تمت كافة الإجراءات المتبعة في هذا النوع من العمليات ، و صلت الساعةالسادسة ثم السابعة فالثامنه و لم تصدر تعليمات بالتنفيذ و في الساعة العاشرة أتصل بنا العقيد حسني مبارك قائد اللواء و طلب منا التوجه للإستراحة بميس الضباط ، مع الحفاظ على تمام الجاهزية لتنفيذ المهمة فور صدور الأمر .
في حوالي الساعة الثانية عشر مساء ، إلا و يدخل علينا الجنود في حالة هلع و صراخ يطلبون منا الإنصات لإذاعة إسرائيل ، و قد كانت إذاعة متوفرة في هذا الزمان .
نفتح الراديو على إذاعة إسرائيل فإذا بجملة يتم تكرارها ……
أين أنت يا مبارك , و قاذفاتك الثقيلة ؟؟!!!!!!!!!! نحن في إنتظارك !!!!!!!!!!!!
بالطبع مفاجأة نزلت علينا كالصاعقه ، خيبة أمل ، توجس ، ماذا يحدث ؟ ، هل هناك بيننا جاسوس ؟ هل شعبة العمليات مخترقة ؟ أم عملية تنصت على الهاتف ؟؟؟؟؟ ألاف الأسئلة ….. حيرة ……
وقام مبارك بالأتصال بشعبة العمليات ليتساءل عما يسمعه بهذه الإذاعة ؟؟ فردوا بأنهم يسمعون ما يسمعه ، و ينتابهم ما به ، و سيتم تباحث الأمر فوراً . و بالطبع تم الغاء الطلعه؟؟
مر علينا فتره تذيد عن 15 يوم بدون طيران وفى هذه الحاله لابد من عمل طلعه تنشيطيه لكل الطيارين (حسب التعليمات) و كل يوم يتصل قائد اللواء بالعمليات طالبا ألسماح بأنزال القنابل من 6 طائرات للقيام بطلعات تنشيطيه للطيارين و يقابل طلبه بألرفض ( كل الطائرات ال20 محمله قنابل و الوقود كامل )
أستمر هذا الوضع حتى يوم 4 يونيه
و في هذا اليوم سمح لنا بالقيام بالتدريب فى اليوم التالى !!!!!!!!!!! مليون علامه أستعجاب .
( خد بالك فى اليوم التالى ) نقلع بسته طائرات من بني سويف ( حسني مبارك “قائد” / / …………… / و كنت أنا رقم 6 أحمد الجواهرجي و معى مدرس الرائد طيار/ كامل حسين ) للقيام بتدريب على الطيران فى وضع مشكل أيسر.
تتابع الإقلاع بفاصل زمني دقيقتين بين الطائرات
أقلع قائد التشكيل في تمام الساعه 9.00 بالضبط
بعده بدقيقتين رقم 2 و هكذا حتى الساعه 9.10 دخلت الممر للإقلاع كأخر أفراد التشكيل , و ما أن بدأت أرفع مقدمة الطائرة من على أرض الممر، إلا و أجد طائرة ميراج في وضع هجوم من أعلى , و أراها تلقي بقنابلها على الممر أمام عيني و لم أكن قد تجاوزت منتصف الممر ، و أقلعت بالطائرة ، و ما أن تمت عملية الإقلاع إذا بي أسمع صراخ ضابط السيطره الموجود فى برج المراقبه الرائد طيار رؤوف حلمي بأنه فيه هجوم على المطار و تم أصابه الممر الرئيسى ، و على الفور أصدر حسني مبارك تعليماته للتشكيل بالأبتعاد عن المطار و الأتجاه الى الجنوب و الطيران على ارتفاع منخفض فقد كنا في طلعة تدريبية و لم يتم التموين بكامل الوقود و لا نحمل أية ذخائر ، و كان أدني إرتفاع للطيران مسموح به في حينها 400 متر ، فلم نكن نتدرب على إرتفاعات أدني من هذا ، و لكن مع الظروف الطارئة في هذا اليوم العصيب كنا نحلق بطائراتنا بإرتفاع قمم الأشجار ، و إستمر هذا الوضع لعشر دقائق نتخذ نفس إتجاه الجنوب و بالطبع كل منا يطير منفرد في نفس الإتجاه ، بعدها أتصل رؤوف حلمي ليوضح ما حدث ، و بأن الطائرات المهاجمة قد غادرت أجوائنا
و بأن الممر الرئيسي به ما بين الأربع و الخمس إصابات على الأقل و أصبح غير صالح للإستخدام في الهبوط ، و لكن الممر الفرعى سليم . أصدر قائد التشكيل لكل الطائرات الأمر بالعوده للمطار و الهبوط على الممر الفرعى و بالفعل بدأت فى الدوران فى أتجاه المطار و فى أقل من دقيقتين إلا و تعود الصيحات لتعلو بأن المطار يستهدف للمرة الثانية ، و عندها لم يتأخر حسني مبارك كقائد في إصدار أمره لجميع الطائرات بالتوجه لمطار الأقصر، و بالفعل تم التوجه لمطار الأقصر و هبطنا بالسته طائرات.(مطار الأقصر مطاراً مدنياً ليس به أى دفاعات جويه ) ، و بعد توقفنا وصلت طائرتين أنتينوف و بعدهم بقليل أربع طائرات اليوشن يليهم طائرتين مدنيتين تابعتين لمصر للطيران ، فأصبح المطار مكتظاً بكم متنوع من الطائرات ( وكلها حجم كبير ).
حاولنا ألعثور على عربات التموين لإعادة تموين الطائرات فى أقل وقت ممكن فأخبرونا بأن جميع العربات خارج المطار عدا عربة واحدة معدة لتموين الطائرات المدنية ، و لإختلاف طريقة التموين فكان خرطوم الإمداد بالوقود أقصر من أن يصل لفتحات التموين الموجودة أعلى الأجنحة ، بخلاف فتحات التموين بالطائرات المدنية المتواجدة على جانب جسم الطائره .
لم تنجح عمليه إعادة التموين ، و أكتشفنا تواجد مدفع مضاد للطائرات فى أحدى طائرات الأنتينوف نازل من اليمن للأصلاح ؟؟شد إنتباهنا جميعا حمولة الأنتينوف من ذلك المدفع ربما نستطيع إستخدامه ؟؟؟؟ و لنكتشف أنه بدون ذخيره.
تم إخلاء طائرتي مصر للطيران و تم توجيههم إلى السودان ، ثم إخلاء طائرات الإليوشن 14 و توجيههم إلى الواحات الخارجه او الداخله لاأتذكر ، و ظل بأرض المطار طائراتنا السته TU16 ، و طائرتي الأنتينوف ( كلهم بدون وقود تقريبا ).
فى تمام الساعه الواحده و الثلث تهاجم مطار الأقصر 3 طائرات فوتورعلى إرتفاع منخفض في تشكيل يأخد شكل حرف V يقومون بما يشبه الإستعراض فوق المطار ، فلا يوجد ما يستطيع إيقافهم أو إعتراضهم ، و لا بيد أي منا ما يمكنه من عمل شئ على الإطلاق ، و تربض على أرض المطار الفرائس الضخمه و لا يوجد من يدافع عنها .
و توالت هجمات هذا التشكيل بمنتهي البساطه ، إستمرت الهجمة الأشبه بالسيرك لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة .
و إنتهت الهجمة بتدمير الثمانى طائرات التي تبقت على أرض المطار، و بالرغم من ورود مكالمه لقائدنا حسني مبارك من غرفة عمليات القوات الجوية بمحاولة مغادره مطار الأقصربأي طريقة قبل هذه الهجمة بربع ساعه ، إلا أننا لم نتمكن من ذلك فلم نكن نستطيع التموين بالوقود الازم .
بعد إنتهاء هذه الهجمة ، تم إمدادنا بأوتوبيسين لنقل أفراد سربنا إلى محطة قطار الأقصر في الساعة الخامسة مساء ، ركبنا القطار و كان يسير لمده ساعة او ساعتين ثم يتوقف فجأه لعشر دقائق و أحيانا نصف ساعه و أحيانا يمتد توقفه لساعه و يتم إطفاء كافة الأنوار خوفاً من اي هجمات ثم يعاود المسير , و أنا أتذكر جيدا و لا أنسى ما أصابني من الضجر الشديد في هذه الرحله لجملة أحداثها فقد كان القائد حسني مبارك واقفاً على قدميه طوال الرحله في ممر القطار صامتاً تماماً و مشيحا بناظريه خارج القطار ، تنضح قسمات وجه بالكآبه الشديدة ، و أصدر أمره للطواقم بالإستراحة تماما لطول الرحله و ما سبق و عانيناه ، و لإننا سنستأنف العمليات من فورنا بما نملكه من طائرات متوفرة فى بنى سويف فور وصولنا ( على حد توقعه ) ، فمنا من إستلقى على الأرض و منا من إعتلي أرفف القطار و منا من نام على الكراسي ، فقد كان قطار من الدرجة الثالثة ، و من منا يستطيع النوم في مثل هذا اليوم و في هذه الحاله السريعة المواقف ، المتلاحقة الأحداث ، الجسيمة النتائج ، وقد أصابنا التوتر جميعا ، فمن الإرهاق الشديد ، و شدة الموقف العصيب ، و عدم تمكننا طوال تلك الفتره من الوصول لأي مأكل أو مشرب يعيننا على الإستمرار ، فنحن في يقظة تامه منذ الساعة السابعه من صباح اليوم و إستنفذنا كافة جهودنا منذ تلك الدقيقه التي بدأ فيها الهجوم و حتى اللآن .
سحابة من الكآبه الشديده تغطي جنبات القطار ، تزيد وطأتها مع إنطفاء الأنوار الداخلية ، و تكرر توقنا لمدد طويله ، و أصبحت الدنيا مظلمة في أعيننا .
حتى هذه اللحظه لم نستوعب ما حدث بالتفصيل ؟؟ فكل أملنا فى توفر الطائرات فى باقى المطارات و نتمسك جميعاً ببصيص من الأمل بأننا حين وصولنا سنجد طائرات بإنتظارنا لإستخدامها في الرد على هذه الهجمه ، فمطار بني سويف كان به حوالي 20 طائره ، لقد أقلعنا بسته منها تم تدميرهم في الأقصر ، يتبقى أربعه عشر طائره. ونعلم جيدا بأن قاعده بنى سويف عليها دفاع جوي جيد من الصواريخ و المدفعيه المضاده للطائرات ؟؟؟؟ .
خلال الرحلة من الأقصر …. توجهت لحسني مبارك لأستفسر منه عما حدث … يا أفندم : ماذا حدث ؟!
فأخبرني بأن كافة المطارات قد تم ضربها ،و صمت ، و صمتت ليعلق في نفسي ما علق …..
وصلنا محطه بنى سويف و نور الصباح قد سطع منذ قليل .
و كانت محطة قديمة ، رصيف عال ، و كشك خشبي مثل كشك الحديقة ، و نزلنا لميدان المحطة لنجد في إنتظارنا أتوبيس ماركه نصر ليقلنا و الأتوبيس مضروب بصاروخين أحدهما قسمه إلى قطاعين و الأخر مزق هيئته تماماً ، و تعرفت على السائق المتوقف بعيداً فهو السائق الذي يقلنا أثناء نزولنا في الأجازات ، فناديته لأسأله عن هذا الشئ الذي جلبه ليقلنا فيه ، فأخبرني بأنه الأتوبيس الوحيد الذي يتحرك – الوحيد الذي يتحرك – أين باقى الأتوبيسات ؟ أين السيارات ؟ أين الطائرات ؟! !!
فرد : طائرات إيييييه !!!!!! – لايوجد سوى هذا الأتوبيس و سيارة العقيد حسني كانت بعيده عن إتجاه الضرب – كله راح يا أفندم ……….
إستقل حسني مبارك سيارته و رحل ، و إذ بنا نستقل الأتوبيس المحطم و بالطبع كنا نعرف الطريق إلى القاعدة ، إلا أننا وجدناه يغير إتجاهه لإتجاه أخر سألناه إلى أين تتجه بنا ؟
فأخبرنا بأن التعليمات قد صدرت لنقلنا إلى مدرسة فى مدينه بنى سويف. دخلنا إلى مدرسة ثانوي ليكون الإستقرار بها ، فقد تملك القيادة الخوف علينا و الخوف من إستهدافنا تحديداً ، تم تجهيز عده فصول من المدرسة بالأسرة ، و حال إستقرار الوضع بدأت تتواتر الأخبار بما تم ضربه هنا و هناك .
طلبنا التوجه لقاعدتنا ببني سويف لإستطلاعها ، و كان الرفض التام هو الرد ، تنفيذاً لتعليمات حسني مبارك قائد القاعدة و قائد اللواء ، و كان الطيران الإسرائيلي بهذا اليوم 6 يونيو 1967 مستمر فى تدمير باقى المطارات .
وهنا لا بد أن أذكر من شاهد عيان على أحداث 5 يونيه 67 بأن القوات المسلحه المصريه بكافه أفرعها بريه و بحريه و جويه قد ظلمت ظلما بينا و نسب الها بأنها هزمت فى هذه الحرب
و للتارخ و الشهاده لله القوات المسلحه لم تحارب على الأطلاق فالقوات اللتي تمركزت فى سيناء تم أعاده تمركزها ( تحرك من موقع لموقع) لعده مرات و فى وقت قليل جدا مما جعلها تستهلك تقريبا (الدبابات على سبيل المثال تحركها من مكان الى مكان لا بد أن يتم على عربات مخصصه لنقلها ) و تم تحركها على الجنزير المحدود العمر و عدم أعطاء القوات البريه الفرصه لعمل أستحكامات للمواقع و التحصين الجيد و اصبحت مكشوفه فى العراء.
القوات الجويه كل طائراتها تصطف خط واحد على الترامك و بدون أى حمايه
و الأهم من كل ما سبق أن كل الدفاع الجوى المصرى كان مقيد
( عدم ضرب أى أهداف جويه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ) من الساعه 9 صباحا و لحين صدور موعد أنتهاء التقييد لأن السيد المشير عبد الحكيم عامر على متن طائره اليوشن 14 متوجه من مطار الماظه الى مطار المليز ( فى سيناء ) و الأهم أن كل قيادات الجيش تاركه قيادتها و فى أنتظاره فى ألمطار ؟؟؟؟؟و الأعجب و الأعجب و الأعجب!!!! تقييد الدفاع الجوى فى كل أنحاء الجمهوريه من المليز الى مرسى مطروح و من الأسكندريه الى أسوان ؟؟؟؟؟؟ شئ لا يصدقه عقل ؟؟؟؟؟؟
وبعدها يقول البعض أن القوات المسلحه المصريه هزمت فى 67 ؟؟؟؟
ثم صدور الأمر لكل القوات فى سيناء عند بدء الهجوم بالأنسحاب السريع بدون أى تخطيط الى المضايق و بدون أى تنظيم مما جعل القوات تتجمع عند المضايق و تكون هدف فى غايه السهوله و خصوصا مع عدم تواجد اى غطاء جوى معهم؟؟؟
مأساه من كل الوجوه مسؤل عنها قاده القوات المسلحه .
القوات المسلحه المصريه لم تهزم فى كل تاريخها و لن تهزم أبدا باذن الله و صدق رسول الله حين قال ( جند مصر خير أجناد الأرض )
بعد ما كان من تدمير لقواتنا في 5 يونيو 67 وصلت دفعة أخرى من الطائرات القاذفه و توجهنا بها إلى العراق
صوره من مدفع طائره اسرائيليه اثناء الهجوم علي قاعده بني سويف
التوجه للعراق
أقلعنا من بني سويف قبل أول ضوء بإتجاه الأقصر على إرتفاع 1 كلم ، ثم عبور البحر الأحمر ، و المرور بالمملكة العربية السعودية دون أي إخطار أو إتصالات تذكر على إرتفاع 2 كلم ، و من ثم الإنحراف في إتجاه الكويت مرتفعين لإرتفاع 6 كلم في سرية تامه أيضاً و دون إخطارات أو إتصالات من أي نوع و من الكويت الوصول لوجهتنا المعلومه قاعدة الحبانية – بغداد – العراق .
إستمر هذا الوضع لعدة أيام متتالية مع إستمرار وصول الطائرات من روسيا و من ثم نقلها إلى العراق حتى تم نقل كامل اللواء إلى العراق .
و جدير بالذكر أن هذه الطائرات كانت قد سبق إستخدامها في روسيا )مستعمله) و لكنها لم تكن مستهلكة ، فقد كانت من الطائرات العاملة بالتشكيلات الروسية ، و هذا ما إعتدنا عليه من الروس فلم نكن نتسلم منهم طائرات جديدة نهائياً ، فجميع ما يتم توريده لنا من طائرات مستعملة.
كان الإستقبال في العراق في منتهى الرحابة و معاملتهم لنا كانت تتميز بالرقي و الإحترام المتبادل ، و بعد وصولنا للعراق وجدنا أن القوات الجوية الأردنية تخلي مواقعها بالأردن لتصل إلى قاعدة الحبانية أيضاً ، و تستقر هي الأخرى.
و في حقيقة الأمر فإن قاعدة الحبانية ، تتكون من قاعدتين أحدهما معسكر جيش كبير تعسكر به فرقة بالكامل ، و بها ممر إقلاع يتمركز به سرب هوكرهنتر عراقي ، و هو الذي إنضم له السرب اللأردني و كان أيضا من الهوكر هنتر ، و كان يقوم على تدريب الطيارين العراقيين و الأردنيين بهذه القاعدة مجموعة من مدربي الطيران الباكستانيين . و بالطبع نشأت علا قات وطيده بيننا و بين الطيارين العراقيين و الأردنيين ومنهم صديقى العزيز اللواء طيار الركن فاروق عبدين اللذى مازلت على أتصال به حتى اليوم.
و بجوار الحبانية كان يوجد ما يسمى البلاتوه عبارة عن طريق يصل إلى هضبة بإرتفاع 100 م و بها قاعدة للقاذفات ، يستقر بها سرب قاذفات TU16 عراقي و به كان إستقرارنا الذي إستمر لما تبقى من عام 67 و عام 1968 و جزء من 69
إستمرت التدريبات و بكثافة على التشكيلات الهجوميه للتدريب على الطيران المنخفض و قذف القنابل من مختلف الإرتفاعات ( منخفض / متوسط / عال ) التدريب على المناورات وأختراق الضاحية على الأرتفاع المنخفض جدا و كافة التدريبات تتم ليليه و نهاريه على السواء ، تدريب شاق مكثف بدأ مع وصولنا و
مضت مدة 40 يوم منذ وصولنا العراق و لم يكن أي منا قد حصل على أجازة
وفى أحد ألأيام هبطت طائره أنتونوف و معها العقيد طيار أحمد عرفه ليخبرنا بأنه تعين قائد للواء و أن العقيد طيار حسنى تقرر ترقيته أستثنائيا الى رتبه العميد و نقل الى مدير الكليه الجويه
عام 1969
خلال تواجدنا بالعراق و أثناء قيامي بأحد الطلعات للطيران الليلي ، إتصل بي برج المراقبة ليخبرني بالعودة للقاعدة فورا ، قمت بإلغاء الطلعة و أتممت الهبوط و كان ذلك في حدود العاشره مساء ، توجهت لأحمد عرفه فأخبرني أننا في صباح الغد سنقلع بطائرتين في تمام السادسة صباحا .
فقد صدرت تعليمات بتمركز طائرتين Tu16 في مصر ، و قد قرر بأن كلانا سيقوم بهذه المهمة ، و لم أنا ؟؟؟ ( لا أعلم ) ، و الغريب أننا قد مر علينا سنتين في العراق تقريبا و لطول المده فقد قررت إستقدام زوجتي للإقامة برفقتي ، و قد تم توفير سكن ملائم بمنطقة العائلات و تشاء الأقدار أن نفس اليوم الذي سأغادر فيه العراق هو اليوم الذي ستصل فيه زوجتي في الحادية عشر ظهراً ، و لم يكن هناك أي وسيلة للإتصال بها في هذا الوقت ، و كانت عائلة العميد أحمد عرفه قد وصلت إلى العراق منذ شهر تقريباً ، و كان دائم التشجيع لي لإحضار عائلتي برفقتي ، فذكرته بالأمر و تناقشت معه في الأمر و بأن زوجتي ستصل اليوم فطمأنني بألا أقلق بشأنها و بأنه سيخطر زوجته للقاء زوجتي فى مطار بغداد الدولى و إصطحابها معها حتى عودتهما سوياَ للقاهره ، و بالطبع كان أحد المواقف الصعبه التي عشناها في هذه الفترة .
صدرت التعليمات لنا بأننا سنتلقى إخطار بجهة هبوطنا من قاعدة بني سويف بعد الإتصال بها لاسلكيا في رحلة العودة ، قمنا بالإقلاع في السادسة صباحاًو فور الإتصال بقاعدة بني سويف أخطرتنا بأن الهبوط سيكون في قاعدة أنشاص ، هل سنهبط بالـ Tu16 في قاعدة أنشاص ؟؟؟ قاعده جويه على الجبهه؟؟؟؟؟؟
أنشاص تبعد عن خط القناة حوالى 120 كم على أكثر تقدير مما يعني انه مطار جبهه معرض للقصف الجوي المعادي في اي وقت ، و قمنا بالهبوط في أنشاص ، و خرجنا من ممر الهبوط لنتوقف بالطائرتين على المدارج الفرعية ، و كان يتمركز في القاعدة لواء ميج 21 لنجد لقاء طياري اللواء المقاتلات مندهشين بشدة من هذا المشهد ، ما الذي جاء بهذه المصيبة إلى هنا ؟؟؟ و كان من طياري اللواء ( أحمد أنور – كامل المواوى(وهو زوج أختى) – و غيرهم ).و أخبرهم العقيد عرفه بأنه مستغرب أكثر منهم ؟؟؟؟
و بدأت تنهال التعليقات من كل نوع – يا أفندم وجود هذه الطائرات سيفتح علينا أبواب جهنم – بالطبع سنستهدف – هل ينقصنا هذا العبء ؟
فأفهمهم أنها تعليمات و قد صدرت و ما باليد حيلة .
و أخذنا الطائرات للبحث عن أي مكان نستطيع أن نواريها فيه ، و وجدنا هنجر كبير نسبياً فقمنا بوضع الطائرتين بجانبه وتم التمويه عليها بالشبك خوفاً من رصدها في أي عملية إستطلاع ، و بالطبع كانت عملية بدائية تستحق السخرية ، و لا يقال عليها شئ بخلاف هذا .
نحن لا نفهم سبب تواجدنا بهذه القاعدة ، و في اليوم التالي نجد سيارات محملة بالذخائر الخاصة بنا من القنابل ليتم تحميل الطائرات بها ، و تجهيزها للعمليات من وقود و خلافه .
لم نكن قد حصلنا على أية أجازات طوال فترة تواجدنا بأنشاص ، و من المواقف المضحكة أنه فور وصولي لأنشاص إتصلت بوالدي تلفونيا ليفاجئ و يتسائل عن كيفية إتصالي به من العراق فأخبرته بأني لست بالعراق و بأنني في أنشاص ، متى وصلت لأنشاص ؟ ماذا تفعل بأنشاص ؟ زوجتك ستصل للعراق الآن و قد أقلعت طائرتها في الصباح فماذا ستفعل ؟
فأخبرته بأنه صدرت التعليمات بأعاده التمركزولا اعلم ما سيحد ث أو ماذا أفعل!
و حتى هذه اللحظة لا أعلم سبباً لما قمنا به !!!
و كلما مرت مدة الخمسة عشر يوماً كنا نضطر لإفراغ طائرة من القنابل و تخفيض كمية الوقود للقيام بطلعة تدريبية واجبة ثم نعود لعملية الإخفاء الغريبة ليستمر هذا الموقف الهزلي العجيب لمدة ثلاثة أشهر في أنشاص .
والموقع يتشرف بوجود سياده اللواء معنا ليرد علي اسئله او تعليقات للزوار فلا تبخلوا بأسئلتكم او تعليقاتكم
عام 1970
صدرت التعليمات لتمركز سربنا Tu16 في بلبيس فتوجهنا بسرب بقيادة بدر دامير للتمركز بقاعدة بلبيس , و كانت بالقاعدة لواء مقاتلات قاذفة سوخوي
و تكرر نفس الموقف الذي لاقيناه من طياري أنشاص من طيارى لواء السوخوي
و كان السبب في ذلك بناء أقفاص حديديه مغطاه بألشباك للطائرات بداخل المزارع و بغرض التمويه، وهو تصرف غبى جدا لمن أعطى هذا القرار لأن هذه الأقفاص أرتفاعها أعلا بكثيرمن الأشجار المحيطه بها و بالطبع ممكن رصدها بسهوله فى الصور الجويه.
و بالرغم من ذلك و حتى يومنا هذا لو سألتنى عن سبب تمركز Tu16 في قاعدة بلبيس ؟؟!! لا أعلم !!! لأنه شيئ غير منطقى على الأطلاق!!!!
و بوصول بقية طيارينا من العراق أصبح تمركزنا ، سرب فى ببلبيس و السرب الأخر تمركز بقاعدة جناكليس بالإسكندرية ” و شيد لها أقفاص أيضاً “
بعد عده شهور صدرت تعليمات بالتمركز بالسرب فى قاعده بنى سويف .
و إستمرت تدريباتنا المعتادة في بني سويف و مضت الأحداث ما بين التدريب و الأجازات و الغارات المستمرة علينا طوال الليل ، و لبس الخوذ و الهرولة للخنادق بملابس النوم ، لقد عشنا فترة عصيبة جداً ، و كانت الطائرات مكشوفة في العراء في هذه الفتره فأين نستطيع إخفائها و أين سنذهب بها ؟؟؟
بحلول عام 1971 و بعد عودتنا من العراق أصبح هناك ضروره للحصول على طائرة تستطيع ضرب العمق الداخلي لإسرائيل ، و كان هذا التوجه نابع من شخص الرئيس السادات للرد بضرب العمق الإسرائيلي بعد ما كان منهم من جرائم ضرب أهداف فى العمق المصرى وخاصه المدنيه ( بحر البقر ، و مصانع أبوزعبل ، …. ) .
كان عرض الروس وقتها يتمثل في إمدادنا بالطائرة TU22 ، و في هذه الفترة كان حسني مبارك قد تم ترقيته أستثنائيا الى رتبه اللواء و تعيينه فى منصب رئيس الأركان ، و صدرت لنا التعليمات بدراسه هذه الطائرة ، و رفع تقرير عنها و كانت نتيجة الدراسة أن رفضناها رفضاً باتاً .
فقد كان يقال بأنها :
1. طائرة أسرع من الصوت ، و إتضح أنها دون سرعة الصوت
2. حمولة القنابل فوق التسعة طن ، و إتضح أن حمولتها تسعة طن
3. طائرة عجلات الهبوط بها أسفل جسم الطائره ( تندم ) مما يعقد عمليه تحميل و تفريغ الذخائر و يجعلها تحتاج لوقت أطول من المعتاد
4. طائرة لها طيار واحد دون مساعد ، و يرافق الطيار الملاح في مقدمة الطائرة ليساعده في الملاحة الجوية .
فلم يكن هناك ما يميزها في نظرنا عن TU16 ، بل على العكس فالـTU16 تتميز عنها بسرعة التحميل و طول المدى بخلاف تمرسنا التام عليها
أما الفارق الجوهري في هذه الطائرة الذي إتضح لنا أنها بالفعل تستطيع إختراق حاجز الصوت و لكن لتصل لهذه السرعه يجب أن تكون على إرتفاع 12 كلم ، أما في الإرتفاعات اللتى اقل من ذلك فهي في نفس سرعة الـTU16 .
أخذت الدراسة التي قمنا بها و توجهت لحسني مبارك و عرضت عليه ما توصلنا له من أن للطائرتين نفس المواصفات تقريباً و أننا نرجح الحصول على
الـ TU 16 KSلما سلف ذكره من أسباب. ( توصلنا الى المعلومات عن طريق كتب الطيران الأمريكيه و البريطانيه / الجينس ) .
وفى عام1972 تقرر أمدادنا بطائرات TU-16-KS و بصواريخ أحدث من اللتى كانت عندنا قبل 67 . كان أقتراح الروس أنعقاد الفرقه فى روسيا
و تم الإستقرار على طلب إستقدام المدربين الروس و تم تدريبنا بقاعدة أسوان .
تم إختيار ستة طيارين للحصول على هذه الفرقة و كنت رقم ( 5 ) في هذه المجموعة ، و لم أكن سعيدا للحصول على هذه الفرقة فقد وصلت لمركز رقم 3 فى الأقدميه في سرب القاذ فات و برتبة رائد لأجد نفسي أتراجع لرقم ( 5 ) في سرب جديد
في هذا الوقت كان حسنى مبارك رئيس ألأركان ، فتوجهت إليه بحكم ما جمع بيننا من علاقة خلال فترة عملنا سوياً لأسأله عن سبب نقلي لسرب Ks الجديد ؟؟ فأخبرني بأنه هو من إختار الطيارين المنتخبين للحصول على هذه الفرقة لتكوين سرب Ks ، بل هو من قام بترشيحي بنفسه ضمن هذا السرب .
و السبب في ذلك هو علمه بأن الروس لا يطلعونا على كافة المعلومات عن أي سلاح يمدوننا به و بأنهم يحتفظون لأنفسهم دائماً ببعض الأسرار حتى لا نستطيع الوصول لإمكانيات و قدرات الأسلحة بصورة كاملة في غير وجودهم (حسب نص كلامه ) و عليه فكان تكليفه لي و لرؤؤف حلمي بدراسة الطائرة بصورة جيدة لماوصفنا به بأننا ( شطار فى حفظ المعلومات ) لمعرفة كافة خبايا و خفايا الطائرة بحيث أنه و بعد رحيلهم نكون على علم بسلاحنا بصورة جيدة و في هذه الفترة الأقدميات غير ذات أهمية ، و الأهمية القصوى تكمن في تحضيرنا للحرب
و بالفعل بدأت تظهر بوادرالإستعداد للحرب في هذه الفترة بجدية .
توجهنا إلى أسوان للحصول على الفرقة و كانت تنقسم إلى قسمين ( نظري / عملي ) .
فالقسم النظري ينحصر في محاضرات يومية من التاسعة صبحاً و حتى الثانية بعد الظهر ثم راحة لمدة ساعة حى الثالثة لنستأنف المحاضرات حتى الخامسة مساءاً – دراسات نظرية بحته .
و قد علمنا أن هذه المرحلة قدر لها فترة ثلاث أشهر ، ثم الجزء العملي ( كورس الطيران ) و قدر له ما بين الخمس و الستة أشهر .
كان العميد طيار أحمد عرفه قد أصبح المسئول عن القاذفات بشعبة التدريب في هذا الوقت بعد نقله من قيادة اللواء فعرض عليهم تقليص المدة لأن الطيارين المختارين لهذا السرب من المستوى A و مختارين بعنايه لهذا السرب .
فقد كان النظام الروسي يصنف الطيارين الى ثلاث فئات A – B –C و يتم تمييز الطيارين عن طريق علامة زرقاء توضع على لباس الطيارين بها فئة كل طيار و جميعنا كنا من الفئة الأولي A (طيار ممتاز) ، و لاكنهم تشككوا فى هذا المستوى و أنه مماثل لما عندهم.
فعاد و إقترح عليهم إقتراح ظريف جداً بالرغم من كونه أدى إلى إستفزازنا ، فقد كنا في نهاية العام و بنهاية كل عام يتم إختبار الطيارين لتجديد الفئة لكل طيار ، و الإختبارات تتم بشقيها النظري و العملي و يجب أن نحصل على معدل فيما فوق 90 % للحاصلين على مستوى A و من لا يستطيع الحصول على النسبه المطلوبه يتم تخفيض فئته من A إلى B ، و عليه فقد اخبرهم بأننا لم نقم بالإختبارات حتى حينه ، فما رأيكم في القيام بإختبارهم بأنفسكم ؟؟؟ و عاد فأخبرنا بذلك ، و أكد علينا بأن الروس هم من سيقومون بإختباركم . و لكوننا فى فرقه دراسيه لم يقم أى منا بالطيران لمده شهر ، و هو عامل مؤثر للغاية حيث الطيران عملية تكتسب بالممارسة و كلما طال إبتعادك عنها تفقد كفائتك و حساسيتك تجاه الطائرة .
ألقى الروس محاضرة للتلقين ، ثم أعدوا الإمتحان النظري و تم توزيعه و كان يخص Tu16 القاذفة للقنابل و بحمد الله حصلنا جميعاً على معدلات تتخطى الـ 90 % المطلوبة .
و عليه حدد الروس اليوم التالي للقيام بأختبار الطيران نهاري و ليلي .
و كانت المشكلة الرئيسية أن من يقوم بهذا الإختبارمدرس روسي لا يتحدث لغتك و لا انت تتحدث لغته ، و عادة المدرس القائم بالإختبار يسأل المختبر عما يقوم به و أسبابه في ذلك و يعرض عليه مجموعة الحلول المختلفه ليصل إلى المعرفة التي يقيس بها قدرات الطيار محل الإختبار ، و لكن المدرس روسي و لا توجد بيننا لغة مشتركة و الشئ الوحيد الذي ساعدني إلى حد ما وجود ملاح مرافق لي كان قد حصل على فرقة الملاحة بروسيا و يستطيع إستنباط بعض الكلمات .
و إنتهت الإختبارات النهارية و الليلية ثم توجهنا لغرف التلقين و حضر جميع المدرسين الروس ليخطب فينا قائدهم خطبة عصماء و كان تعليقه بأن كافة المدرسين الستة الخاصين به و القائمين بإختبار الطيارين و هم من الذين يقومون بإختبار الطيارين في روسيا و تحديد فئاتهم قد أكدوا جميعاً بكون الطيار محل الإختبار أفضل من مدرسه .( اي افضل من المدرس نفسه )
و كانت شهادة منهم نعتز بها ، بالتالي فمن الغد سنجلس معكم للتدارس في كيفية تعديل الكورس الجديد المقرر لدراسة Tu16-Ks .
تم إختصار فترة التدريس النظري من ثلاثة أشهر إلى شهرين ، أما الستة أشهر طيران فتم إختصارهم إلى 30 يوماً بالضبط لكافة الطيارين .
و بدأت الدراسة و كان هناك عدة فروق بين طراز القاذف للقنابل (البومرز) و طراز Ks من حيث نظام الوقود و الرادار و فرق في وزن الطائرة ، فرق في وضع الطيران بدون صواريخ أو برفقه صاروخ واحد أو صاروخين .
فالصاروخ الواحد يماثل حجم طائرة ميج 15 و بوزن 3 طن فارغ ، و للإقلاع أو الهبوط بحموله من صاروخ واحد فالوضع غايه في الصعوبه و يحتاج لإحساس مختلف و تدريب مختلف عن الإقلاع بصاروخين و الهبوط بهما أو بدونهما ، فوضعك دائم التغير من وضع الإتزان لوضع مختلف الإتزان تحتاج فيه للكثير من الإحساس للسيطرة على الطائرة و التحكم فيها .
قد كنا جميعاً نحتاج على الأقل لعشرين طلعة متنوعة لكل منا ، و مع ذلك قام كل منا بطلعة إختبارية واحدة محملاً بصاروخ واحد . و يا لها من صعوبة ، و بسؤالهم عن سبب ذلك و لم لا نختبر بدايه بصاروخين ، فكان الرد بأنه لا يلزم فإذا قمت بالإقلاع و الهبوط محمل بصاروخ واحد فقد تم كل شئ كما ينبغي ، و لذا فلنبدأ بالصعب أولاً .
و ما أن قمت بطلعه واحده أستغرقت 15 دقيقة إقلاع و هبوط بصاروخ واحد إلا و حصلت على إجازتي بالطيران solo (منفرد) و نفس الوضع بألنسبه لباقى الطيارين ( رؤوف حلمى/محمد طموم/ فاضل فتحى/ جورج الجاولى/محمد كريدى/ يوسف رحمى/أحمد مصطفى ) .
و بعدها قمنا بإختبار أختراق الضاحيه ، و إطلاق الصواريخ ، و تمت جميع الإختبارات بنجاح .
أذكر هنا موقفاً حدث أثناء فترة الدراسة النظرية حيث فوجئنا بوصول طائرة على متنها رئيس الأركان اللواء ا حسني مبارك ليجتمع معنا و يخبرنا بأن الرئيس السادات سيصل غداً لز يارتكم و لرؤية الطائرة الجديدة ، و يجب أن تعدوا أنفسكم لذلك جيداً ، و المطلوب تجهيز طائرة داخل الهنجر محملة بنوعي الصواريخ و طلب مني القيام بعرض و شرح الطائرة للرئيس محمد أنور السادات ، و أن أعد نفسي بسرعه لأرافقة إلى فندق كاتاركت في أسوان لأشرح له ماهية هذة الطائرة و قدراتها .
رافقته إلى كاتاركت جلسنا في راحة و طلب مني شرح قدرات و إمكانيات الطائرة ، فشرحت له كل شئ عنها ، و ما ان إنتهيت ، إلا و وجدته قد بهته الأمر ، و رد بأننا لم نكن نعي دورها بهذه الصورة ، و أن ما أقوله كلام خطير ، فنحن نعتقد أن هذه الطائرة و بهذه الصواريخ تمكننا من ضرب أي هدف نرغب في تدميره داخل إسرائيل .!!!!
فأوجزت له الشرح مره أخري و بأنه للأسف لا نستطيع القيام بهذا الدور ، فطلب مني الأيضاح بالتفصيل و قمت بذلك ( و سيظهر تباعاً من خلال حديثنا كيفية عمل الطائرة و كيفية إطلاق الصواريخ المحملة بها ) .
فأعاد رده بان هذا الأمر مفاجئ كلياً له و للقيادة العامه ، و طلب مني التوجه لشرح هذا الوضع الى وزير الدفاع الفريق صادق ، حيث سيصل باكر قبل الرئيس الذي سيصل في حدود الواحدة ظهراً .
”فى اليوم التالى في تمام الساعة التاسعة تكن متواجداً بإستراحة
الفريق صادق ( وزير الحربيه ) “.
وصلت الإستراحة كما طلب مني في التاسعة صباحاً ، و دخلت إلى غرفه كبيره بهاالعديد من الصالونات هنا و هناك ، و أنتظرت لمدة عشر دقائق ، و إنفتح باب و دخل منه الفريق صادق ، و أغلق من خلفه بعد دخوله لينفرد بي الفريق صادق داخل هذا الصالون دون وجود اي فرد سوانا ، وقفت من فوري و أديت التحية العسكرية و طلب مني الجلوس ، و ظل واقفاً ، فتترددت لأنه ما زال واقفاً ، فامرني بالجلوس و كان مزاجه حاداً بعض الشئ ، فجلست ، و لك أن تستشعر مدى الرهبة في اللقاء !! فها هو وزير الدفاع الفريق صادق بكامل هيئتة و هيبته العسكرية بلبس أفرول الميدان و الفيلد بوت و قد كان يتحلى بجسد ضخم قوي ، و أنا رائد بالقوات الجوية و لأول مره أراه وجهاً لوجه .
فإنطلق الرجل في الحديث دون أن أنبس بكلمه ، قائلا ” انا مستاء من الروس ، ” دول قرف ” ، إنهم لا يعطونا ما نريده ، لا يقومون بمساعدتنا بشئ جدي ، إننا لن نستطيع القيام بالحرب طالما نتتبع خطاهم و مشورتهم ، هم سبب العجز في كافة قطاعات التسليح ( عدد المدافع ناقص ، عدد الكباري ، الذخائر ، كل الطلبات لا تجاب……….. ) و إستمر الرجل في شكواه ( مر الشكوى ) دون أن أتكلم و إنصب محور شكواه بأننا لن تقوم لنا قائمة طالما نتبع الروس ، ثم أشار إلى أنه يفهم ما انا قادم لإخباره ، و أستمر فى حديثه لمده لا تقل عن نصف الساعه ذاكرا كل مشاكل القوات المسلحه و بالتفصيل و أ لأرقام مما لا يجب أن أسمعه على الإطلاق ، فكان الرجل رحمه الله كمن يفرغ كبت هائل بداخله و هو يعلم بأني سألقي بيان عن الطائرة عما قليل للرئيس السادات ، فطلب مني بأن
أخبرالرئيس بكل ما أريد خلال هذا البيان ، و أكد على انى تفهمت ذلك ؟؟؟؟!!!
ثم اضاف – لا تحكي لي أي شئ – ،( فهمت بعد ذلك ما كان يحدث من صراع للقوى و قد كان الفريق صادق على إختلاف مع الرئيس أنور السادات و يريد أن يثبت له أن السلاح الروسي سئ للغاية بالمقارنه بالسلاح الأمريكانى )
وصل الرئيس السادات في الواحدة و دخلنا إلى الهنجر و الطائرة معدة بالكامل و الصواريخ محملة بها و الذخائر كاملة و المشهد كان جميلاً .
توجهنا لغرفة المحاضرات و كانت بها 400 فرد تقريباً شغل نصفها الخلفي المدرسين الروس و المهندسين و شغل النصف الأمامي أفراد القوات المصريه و في الأمام توجد منصة صغيرة وضع عليها منضدة و كرسيين أحدهم للرئيس السادات و عن يمينه الفريق صادق .
أمامهما مباشرة يستقر ستة أفراد على كراسيهم ( رئيس الأركان محمد حسني مبارك ، قائد القوات الجوية على بغدادي ، القادة الروس ) و وجدت حسني مبارك يمسك بيدي و يأمرنى بالوقوف عند مدخل الغرفه فى مكان ظاهر جدا .
ثم دخل الرئيس أنور السادات و الجميع إنتباه حتى إتخذ كرسيه و بدأ في حواره بطريقته الجميلة المحببة و في النهاية أشار بانه أحضر هذه الطائرة و طلبها من الإتحاد السوفيتي لضرب المثلث و نظر خلفه فلم يجد خريطة للشرح و قال مفيش خريطه فرد أحد الحضور بأنه سيحضر خريطه بسرعه فرفض و علل بأن الأمر لا يستدعي فهو سيخبرنا بما يريد فجميعكم طيارين تملكون الوعي و المعرفة ، أنا أرغب بضرب أى هدف داخل المثلث من إيلات لبير سبع لحيفا ، أريد ضرب أي هدف و كما قاموا بضرب عمقنا تقوموا بضرب عمقهم بهذه الطائرة و الصواريخ الخاصة بها.
فنظر إلى حسني مبارك و بأشاره يريدنى أن اتكلم فرفعت يدى طالبا الإذن بالتحدث ( بعد إذنك يا أفندم ) و كان الرئيس السادات ما زال واقفاً ممسكاً بعصاه المارشالية مشيراً بها على السبوره بشكل المثلث السابق الحديث عنه ، فطلبت الإذن بالتحدث للمرة الثانية فلم يكن قد سمعني للمره الأولى و كررت مرة اخرى بصوت أعلى عن إذنك يا أفندم ، فنظر إلى و برد تلقائي : نعم يا إبني .
فرددت بأننا لا نستطيع ضرب أي هدف كما أسلفت سيادتك ، و كان أحد المواقف العصيبة التي مررت بها ، و قد أصيب حلقى بالجفاف تماماً ،و أرتفع الأدرينالين في دمي ، و الموقف صعب فأنا أعلن هذا الأمر في حضور عدد كبير من الروس و قاداتهم ، و العديد من افراد القواات المصرية و قيادتها و على راسهم رئيس الأركان و وزير الحربية ،
فرد على الرئيس السادات : ماذا تعني بأنه غير ممكن ؟
فأخبرته بأن الأهداف التي نستطيع إصابتها أهداف لها نوعية محدده و ليست جميع الأهداف التي تتوقعها سيادتك فرد علي : طيب طيب ، سنتحدث سوياً .
و تماسك بطريقة تشير إلى انه لا يوجد ما يستدعي القلق على الإطلاق و إسترسل في حديثه حتى أنهى محاضرته ( ربنا يوفقكم ، و اعدكم بأننا سنحارب ، و سنستعيد حقوقنا و كرامتنا )
و هم ليغادر القاعه و بعد نزوله عن منصة المحاضرات أمسك بيدي : تعالى يا إبني .
خرجنا لممر ضيق متجاورين و هبطنا الدرج و توجهنا إلى الهنجر حيث الطائرة (وهو ممسك بيدى ) و توقف أمام مقدمة الطائرة ( و انا أحب السادات و أحترمه و أحترم عظمته العسكرية ).
و قد لاحظ ما اصابني من هول و أهمية الموقف فبادرني بالسؤال عن عدم تأدية واجب الضيافه معه حتى بكوب شاي ؟؟ و كان طلبه محاولة لإزاله ما اصابني من توتر ، فإرتبكت و كدت أتوجه لطلب الشاي . فرد بأنه عندما يطلب الشاي سيصل حتى مكانه ، و بأنهم سيحضرون كل شئ و بألا أقلق .
أنا فقط أطلب شرب كوباً من الشاي ، و لتظل أنت واقفاً معي ، ماذا كنت تريد ان تقول ؟
يحيط بنا في هذا الوقت كافة القاده أقربهم منا على بعد عشرة أمتار من موقعنا .
و قد سبق و حذرني حسني مبارك أنه حال لقائي بالفريق صادق سيطلب مني غالباً إخطار الرئيس السادات بالأمر كاملاً و أنت تعلم ان الرئيس السادات لا علم له بعلوم الطيران فيجب أن تركز حديثك و تختصره بحيث تستطيع إيصال المعلومة جيداً من أقصر طريق ، و لهذا أعددت عدد من النقاط و ركزت عليها و إحتفظت بها مرتبة في ذاكرتي و فور سؤال الرئيس ألقيت عليه هذه النقاط المحددة بالتتابع من شرح لنظام الطائرة ، لنظم الرادار ، لنظم الصواريخ ( و سيأتي تباعاً ما نوضح به الصوره كاملة ) و لم يقاطعني بأي سؤال حتى إنتهيت من الشرح.
فنظر إلى رئيس الأركان حسني مبارك و طلب تجهيز غرفة للإجتماع لأنه يرغب فى الأجتماع فورا بكل من / أكبر رتبة من الخبراء الروس / قائد مدرسة التدريس القائمة بتدريب طيارينا الروسى / فسأله هل نجهز مترجم ؟؟ فرفض الرئيس السادات وجود مترجم ، و ينضم للإجتماع الفريق صادق و الرائد أحمد الجواهرجي .
و طلب مني أن أستعرض له الطائرة الموجوده أمامنا ، لقد كان يتحلى بقوة أعصاب فولاذية عجيبه . وقام الرائد طيار طموم قائد ثانى السرب بشرح الطائره و قدراتها و كذلك انواع الصواريخ و مداها و ألأهداف اللتى يمكن أن تتعامل معها بأختصار.
جهزت غرفة متوسطه السعه يتوسطها منضدة و أربعة كراسي .
فتح الباب و دخل الرئيس و كان ممسكاً بيدي و جلس و طلب مني أن أظل واقفا بجواره بينه و بين الفريق صادق وجلس القادة الأربعة تباعاً و كان حسني مبارك و على بغدادي حاضرين الإجتماع وقوفاً أيضاً .
و فجأة دخل علينا فرد من الياوران ليميل على الرئيس السادات و يخبره بأمر ما فإستدرك : أه أه
القذافي سيصل الآن و طلب من علي بغدادي قائد القوات الجويه بالمغادره لإستقبال طائرة القذافي حال وصوله .
و ظللت واقفاً أنا و حسني مبارك و باقي الأفراد جلوساً و بدأ حديثه باللغة الإنجليزية موجهاً للروس .
إن طياري يخبرني بأن هذه الطائرة لا تستطيع ضرب الأهداف التي طلبتها و عليه قمتم بإمدادي بطائرة لا تحقق أهدافي المرجوة .
فرد كبير القادة الروس ( من خبراء وزير الدفاع الروسي ) سيدي الرئيس في الحقيقة الطائرة تقوم بضرب الأهداف المطلوبة و تقوم بكذا و كذا … و بدأ يعدد ما تستطيع القيام به مخالفا لكل ما قلته للرئيس و مغالطا تماما للحقيقه .
فقاطعته و بصوت عال إنه يكذب يا أفندم .
و إستمر القائد الروسي في السرد فكررت بأنه : يا أفندم أنه يقوم بالكذب على سيادتك .
فربت على الرئيس السادات ، و قال لي أنا أعرفهم جيداً جداً ، إطمئن أنا لا أشك في أي كلمة صدرت منك .
و عاد الرئيس السادات موجهاً كلامه للقائد الروسي : هل تفهم ما يقول طياري ؟؟
فرد بانه لا يتحدث العربية فأخبره الرئيس السادات : إنه يقول إنك كاذب ، فطلب من الرئيس السادات أن يكرر ما قال : فرد عليه أنت كاذب .
هاج الرجل مردداً أنا خبير وزير الدفاع الروسي و الرئيس يتهمني بالكذب.
و عاد الرئيس السادات ليسأله كم عدد الصواريخ المتوفرة من كل نوع من نوعي الصواريخ التي تقوم الطائرة بإطلاقهم ، فرد عليه بأنه لا بد أن يراجع قيادته
بالإتحاد السوفيتي و هنا صاح الرئيس السادات …….أنا ألقائد الأعلي للقوات المسلحه و رئيس الجمهوريه و لما أسألك سوال ترد عليه فورا ….وعلى الفور نطق الرجل بعدد الصواريخ المتوفر من كل نوع و هو فى شده الخوف.
و أستمر الرئيس فى أسألته و الرجل يرد بمنتهى السرعه.
و نهض الرئيس السادات منهيا الأجتماع و طلب الجميع بمغادره الغرفه و طلب منى الأنتظار ؟؟؟
و سألني : لماذا يدعي أن هذه الطائرة تستطيع القيام بهذا الدور ؟؟؟
فأخبرته بأنه لتقوم الطائرة بمهاجمه أى هدف مطلوب لا بد أن يتوفر معها الآتى:-
شوشره و أعاقه على رادارات العدو
شوشره و أعاقه على الدفاع الجوى المعادى بالكامل
مقاتلات حراسه مباشره و مرافقه للتشكيل المهاجم
مقاتلات فى مظلات قريبه من التشكيل للتدخل السريع للحمايه
بمعنى أوضح شل كامل للدفاعات الجويه للعدو
و بألطبع كل المطلوب غير متوافر لدينا ( متوافر عند الأتحاد السوفيتى )
فرد : أنا فهمت ، إنهم يكذبون على
و طالبني بأن أرافقه في طريقه للإنصراف و في طريقه قابلنا النقيب طيار مصطفى كامل ، و كان معروفاً بالتدين و كان يقوم بآذان الفجر يومياً بميس الضباط فخرج مهللاً.
يا سيادة الرئيس يا سيادة الرئيس : فرد عليه أيوه يا إبني
فرد بدوره : طول ما إحنا حاطين إيدنا في إيد الكفرة دول ربنا لا يمكن ينصرنا يا أفندم ، دول مشركين بالله ، إنهم عبدة الطاغوت يا أفندم .
فرد عليه الرئيس يا إبني أنا فاهم كويس : هل ترغب في قول شئ أخر ، فرد لا يا أفندم فرد عليه الرئيس : انا فاهم و الله .
و أستقل سيارته و أنا ما زلت أمامه و قال لي ستسمع أخباراً جيدة و ستكون سعيداً . و أعتقد أن هذه الزياره كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
الله يرحم الرئيس السادات فقد كان رجلا عظيما .
بعدها بحوالي خمسة عشريوم تقريبا قام الرئيس بطرد الخبراء السوفييت من مصر و لكنه أمر ببقاء المدرسين اللذين يقومون بتدريبنا على الطائرات لحين أنتهاء الفرقه .
فى أواخر 1972 أنتهت فرقه التدريب و غادر اللواء الروسى و تبقى منهم ( بناء على طلبنا ) قائد المدرسه ( طيار ) و معه 2 من الخبراء كل متخصص فى نوع من الصواريخ.
فالصاروخ K11 صاروخ مضاد لمحطات الرادار.
و الصاروخ K16 مضاد للدشم و الأهداف الصلبه يعمل بنظريه أختلاف التباين على الردار فيتم إستخدامه لضرب المباني أو السفن أو الكباري أو المطارات أوتجمعات المدرعات لو كانت فى العراء ؟
و يبلغ طول الصاروخ 6 أمتار بإرتفاع 1.5 متر تقريبا و له محرك صاروخي مكون من غرفة إحتراق يخلط بها الإكسجين السائل و النيتروجلسرين ليتم حرقهما سويا لتحقيق الدفع المطلوب وسرعته لا تتعدي 700 كلم على أقصى تقدير .
و تكوينهما كالتالي : رأس حربية TNT 3 طن ثم خزاني الأكسجين السائل و النيترو جلسرين السائل ثم المحرك الصاروخى ثم منطقة الذيل .
و تبلغ القوة التفجيرية للصاروخ 3 طن لكن مع إضافة مواد الإحتراق إذا تم توفيرها فقد تصل القوة التفجيرية إلى ما يقارب الـ 5 طن ، و توضيحا لهذه النقطه فإن إطلاق الصاروخ من نقطة أقصى مدى له سيعمل على إحتراق كامل مواد الإحتراق و بالتالي تكون قوته محدوده بقوة الرأس الحربية 3 طن ، و كلما إقتربنا من الهدف يتم توفير تلك المواد لعدم إحتراقها بالكامل فيزيد ذلك من القوة التفجيرية و تزيد قوة تأثيره .
تكمن خطورة هذة الأنواع من الصواريخ في وجود النيتروجلسرين السائل الذي من خصائصه شدية الخطوره .لأنه ماده شديدة الإنفجار تنفجر تلقائيا في حالتين إما إرتفاع درجة حرارته فوق الـ 40 درجة أو تعرضه للإهتزاز أو الإرتجاج
الشديد أيضاً .
و لك ان تتخيل ما تتعرض له طائرة مثل TU16 في الإقلاع و الهبوط من أهتزازات
لذا لابد من تفادى أي أهتزازات شديده أثناء ألأقلاع ، هذا بخلاف أنه في حالة عدم إطلاق الصاروخ فيمنع تماماً الهبوط به و طبقاً لما هو موصى به في كتيب الطائرة و يخصص مكان آمن للتخلص من الصواريخ .
في عام 1973 و خلال حرب أكتوبر هبط به العديد من طيارينا بالصواريخ الحيه
مع خطوره ذلك و بسبب قله عدد الصواريخ المتوفره ، و لكني لم أختبر هذه الخبره بنفسي ، و بحمد الله و توفيقه و رعايته لم تحدث أية حوادث البتة نتيجة ذلك .
6 أكتوبر 1973
كنت ضابط إستطلاع السرب برتبة رائد طيار ، و لي غرفة مستقلة بها عدة خرائط محدد عليها الأهداف المحتملة و صور جوية لها ، و سابدا معكم في سرد الأحداث .
يوم الخميس 4 أكتوبر 1973 الساعه 11 صباحا
مكالمة من برج المراقبة تبلغني بإقلاع طائرة أليوشن 14 من مطار الماظة متوجهه إلينا و على متنها اللواء طيار حسني مبارك قائد القوات الجوية – مطلوب من سيادتك إستقباله على الأرض – الوصول بعد 10 دقائق .
إستعجبت من ذلك الأمر فترتيبي رقم 5 في قادة السرب ، و الأمر الطبيعي أن مثل هذه المقابله تكون مع قائد السرب ، فما الذي يستدعي طلبه لي تحديداً بل و مجيئه بنفسه ، فساورتني الظنون بأن والدي قد وافته المنيه ، و قد كان قائدا لحسني مبارك و رئيس لشعبة العمليات . و أثناء حرب اليمن كانت قنوات الإتصال بينهم مفتوحه دائماً لمتابعة سير العمليات ، و قد كان محباً لوالدي و يوده فخرجت لإستقباله لأجد في إنتظاره العميد طيار حسام البشاري قائد قاعدة غرب القاهره ” و هو شخصية محترمة جداً “
– هبطت الطائرة و ما ان توقفت و نزل منها و أدينا التحية العسكرية إلا ان طلب مني أن أتبعه و توجه من فوره لداخل القاعدة فقد كان يعرفها جيداً منذ كان قائداً لها و كانت وجهته مكتب قائد القاعده و به طاولة إجتماعات في المنتصف فجلس عليها و طلب مني الجلوس و طلب من حسام أن يتركنا وحدنا – قام بإغلاق الباب و سالني : هل انت صائم ؟ فأجبته بنعم ، فطلب مني ان أفطر ، و قد كان متبعاً فيما سبق إذا ما كان هناك طلعات في رمضان فكان القائد يطلب منا أن نفطر ، و كنت اوافق فيعطينا قطع من الحلوى و يتأكد من اننا وضعناها في فمنا و كنت ألفظها فور إنصرافه لأكمل صيامي ، أما هذه المرة فالأمر كان مختلفاً ، و بطريقة تختلف عن أي مرة سابقه ، فأجبته بالتنفيذ ، فأمرني أن أطلب كوباً من الشاي فطلبته ، و جلست ، و ما زال صامتاً لمدة دقيقتين أو ثلاثة فتأكد حدثي بأن والدي قد أصابه مكروه لا محاله – يلف أرجاء المكتب حاله من الصمت الرهيب و المهيب – و صل الساعي حاملا كوب الشاي الذي طلبته ، فطلب مني ان أشربه ، فأخذت رشفة فبادرني بالسؤال : هل تعلم أين يقع مركز القيادة و السيطرة الإسرائيلي فى سيناء؟؟؟ فأجبته بعلمي به ” نعم أعلم ” موجود في أم مرجم .
( هناك خلط بين عدد غير قليل من المتحدثين عن الحرب فالبعض يقول بأن مركز القيادة و السيطره الإسرائيلي متواجد في أم مرجم و البعض الآخر يقول بأنه متواجد في أم خشيب و هنا وجب أن أوضح بأن مركز القياده و السيطره فى أم مرجم أما المركز المتواجد بأم خشيب فكان مركز الإعاقه و الشوشره – و سبب إختلاط الأمر في كونه جبل واحد به تبتين ) .
فأخبرني بأن يوم 6 اكتوبر ستقوم القوات المسلحه بكامل أسلحتها بعمل عسكرى ضد كل الأهداف اللتى فى مرمى قواتنا و سيتلوها عبور قناه السويس وسيتم مهاجمه كامل الأهداف المحتملة بسيناء بكافة طائرات القوات الجوية في أقصى مدي متاح لها ، سيتلوا ضربه الطيران ضربة للمدفعيه بطول الجبهه
و سيليها عبور للقناة – ضربة كامله – حمدت الله بأن والدى بخير – و إنصب تركيزي بالكامل في إتجاه العمليات المنتظره – صمت لعده دقائق ثم قال أنت طبعا عارف أهميه مركز القيادة و السيطرة ؟؟؟ فأجبته بأنني أعي ذلك تماماً – فقال لي : ضرورى لنجاح الهجوم أن يتم تدميره تماما ، و قد إخترتك أنت لتقوم بمهاجمته و رديت عليه : حاضر يأ أفندم ، و عندها قام بتنبيهي بانني غير مسموح لي بأن أعود بخبر عدم تدميره و بنص الحوار.
” ما ترجعش تقولي ده ما إنضربش ، لو حصل إنك رجعت و قلت ده ما إنضربش هتاخد صاروخين تانيين و ترجع تضربه في ظروف لا يعلمها إلا الله “
فلا يوجد أدنى إحتمال لعدم تدمير هذا الهدف – فأجبته إن شاء الله حاضر يا افندم ، و هنا بادرني بأسئلة اخرى : كيف ستنفذ العمليه ؟ فأجبت بأنني بعد الإقلاع سأطير على إرتفاع منخفض 100 متر و أتجه الى اليمين في إتجاه الهدف ……فقاطعنى … لا : بعد الإقلاع تتجه لوادي النطرون كتمويه بعمليه ضرب بالذخيره الحيه على التبه خوفاً من وجود أي رصد لحركة الطيران حول المطار و بعد الوصول للتبه تقوم بتعديل مسارك بإتجاه أم مرجم مباشرة على إرتفاع لا يتعدي 100 م لتضرب و تعود مباشرة ، في أثناء الإتجاه للهدف تقوم بحساب النقطة التي سترتفع فيها متسلقاً لأتخاذ الإرتفاع المناسب لوضعية إطلاق الصواريخ : و عاد ليسألني : كم الإرتفاع الذي سأصل إليه ؟ فأجبته 4 كلم يا أفندم ، و كم ستكون سرعتك ؟ فأجبت 400 كلم ، فتساءل إن كنت أستطيع زياده السرعة ؟ فأجبته بأنني لن أستطيع فإطلاق الصاروخ يتطلب أن تكون سرعتي بين 400 ألى 450 و لذا فسوف أكون على إرتفاع 4000 متر بسرعه 400 كم– فعاد ليسألني عن المدى الذي ساطلق منه ؟ فأجبت بأن أقصى مدى للصاروخ 120 كلم و أدنى مدى 60 كلم– ليعود فيسأل : ما المدة التي ستظهر فيها على الرادار المعادى ؟ فأجبت حوال 12 دقيقة من ساعه بدء التسلق حتى اطلاق الصواريخ. ثم عاود السؤال مطلوب كام صاروخ لتدمير الهدف ؟؟ فأجبت لابد من أطلاق 4 صواريخ لضمان 2 أصابه مباشره حيث أن مركز القياده مدافع عنه بعدد 3 موقع صواريخ هوك و مدفعيه 40 مم (أربع مواسير ) موجه بالرادار و سوف تتعامل مع الصواريخ ومماسبق مطلوب تنفيذ الطلعه بعدد 2 طائره.
سألنى :-
عندك أى أسأله لضمان تنفيذ العمليه بنجاح؟؟؟
وكان ردى ببساطه شديده و كأنه أمر مؤكد …أين سيتم لقائى بطائرات الحراسه من المقاتلات ؟؟؟؟؟؟
فأجاب….. مفيش طائرات حراسه…معنديش طائرات متوفره لحراستك ؟؟؟؟؟؟؟؟
وفى الحقيقه نزل هذا الرد عليا كألصاعقه و قلت …يافندم
1 – طائرة TU16 بطول 32 متر و عرض 32 متر.
2 – تطير على إرتفاع 4000 متر بسرعة 400 كم/ساعه
3 – رصد رادارات العدو لنا لمده تصل إلى 12 دقيقه
4- الإتجاه في مسار ثابت فى أتجاه مركز القيادة و السيطره الرئيسى للعدو
و موش طياره واحده دول أثنين و كل طياره شايله طائرتين مج 15
يافندم حنبان على الرادارات شرطه 3 سم يعنى صرصار ماشى على شاشه الرادار ؟؟؟حنكون هدف سهل جدا أصابته و خصوصا و أن كل موقع هوك
عنده عدد 3 لونشر (حماله صواريخ ) كل منها عليه 3 صواريخ زى ماسيادتك عارف ؟؟؟!!!! و حندخل فى مرمى 2موقع متداخلين..لمده لاتقل عن 5 دقائق؟؟
وسكت عن الكلام !!!!! و تابعت كلامى ….ظهورى على الرادار 12 دقيقه كافيه لأبلاغ مطار العريش لأقلاع طائرات مقاتلات لأعتراضى و منعى من تنفيذ المهمه …..12 دقيقه يافندم ؟؟؟؟؟ و صمتت !!!
فأعاد رده لا يوجد عندي طائرات ، هناك طائرات مظلات جويه ستكون موجودة و لو حدث أي شئ سيتم توجيهها لمعاونتكم .
فأجبت أنه بهذا السيناريو من المحتم سيتم ضرب طائرتي أو تدميرها إما بالصواريخ أو المقاتلات ، فآخر 120 كم في إتجاه الهدف سأكون داخل نطاق قاعدتين لإطلاق الهوك و نسبة إصابة الهوك للـ TU16 على هذا الإرتفاع و بمثل هذه السرعة مليون في المائة إصابة مباشره و ليس 100 % ؟؟؟؟
فطلبت طلباً آخربألتأكد من ضرب مواقع صواريخ الهوك لأتمكن من التنفيذ و أجابني بأن القاذفات المقاتله ستقوم بالدور!! فعدت لأستفسر منه بأنه من المعلوم أن القاذفات المقاتلة عند ضربها لمواقع الهوك يكون هدفها محطه الرادار الموجه للصواريخ أو مركز القيادة و لكنها لا تضرب منصات إطلاق الصواريخ و يتواجد هناك مركز قيادة و رادار موجه و 3 منصات إطلاق تحمل كل منصه 3 صواريخ ، و من الضرورى ضرب منصات إطلاق الصواريخ لأن أي صاروخ سيخرج منها موجه و بدون رادار قد يصيبني فأخبرني بأنه سيتم التنبيه عليهم ،
و تابعت بأنه أحتمال مهاجمتى وأصابتى و أنا فى طريقى الى الهدف أو أثناء العوده إما سيتم إصابتي بصاروخ أو ستهاجمني المقاتلات الإسرائيلية ففي حالة تمكنت من العوده و الطائره مصابه لمطار غرب القاهرة فقد أحتاج لعمل هبوط إضطراري و قد يستتبع ذلك إغلاق المطار، فأخبرني بأن هذا الأمر وارد و عليه يتم الهبوط فى مطار آخر فذكرت مطار جناكليس فرفض و قال فبه لواء طائرات ميج 21 فذكرت مطار بني سويف ورد بالرفض ، ثم سكت لبرهه و قال ” أنزل فى القاهره الدولى لأنه موش فى الخطه و غلق الدولى لا يشكل أى مشكله ” فقلت ..حاضر يافندم ..فقال” ألأمر مش بالسهوله التي تتصورها فأنت لن تكون مؤمناً عند دخولك مرمى الدفاع الجوى بكل أنواعه وأنت تدخل مجال ألقاهره لأنه ليس فى خطه التأمين مرورك فوق القاهرة ،، و إسترسل ” سوف أحاول تأمين مرورك و سأرسل لك من يبلغك قبل الطلعه أذا كان مرورك مؤمن أم لا ، و فى حاله عدم تأمينك و هو الأحتمال الغالب يبقى أرتفاعك لا يذيد عن 50 متر هرباً من دفاع جوي القاهرة لأنه سيفتح عليك نيرانه بالكامل “.ورديت – تمام يا أفندم .
فأضاف : لا أريد أن يراك أي من كان . ورددت حاضر يا أفندم
و انهى اللقاء بطلب خريطة مصغرة مرسوم بخط يدي عليها المسار الملاحي للمهمة و بالتوقيتات المحدده بالتنفيذ لأنها ستكون أمامه بغرفة العمليات ليعرف منها موقعي كل دقيقه متابعاً للمهمه و نتائجها و تبعاتها –
حاضر يا أفندم
إنصرف و توجهت لغرفتي و تناولت وجبة الغداء و جلست وحدي فقد إنصرف الجميع ، فإستخرجت خريطة و أستدعيت ملاحى الرائد حسين جاد المولى و أخبرته بالمهمه و أعددنا الخريطه المطلوبه و بألحسابات اللازمه أتضح أن الأقلاع سيكون فى تمام الساعه 1320 ( أى الواحده و الثلث ظهرا ).
لتكون أول شرارة في حرب أكتوبر 1973
إنتهيت من إعداد الخريطة و وضعتها بظرف أغلقتة بالشمع الأحمر و تم ختمه رسمياً بخاتم النسر و قمت بخياطته كما هو متبع ، و توجهت لرؤوف حلمي قائد السرب لأبلغه بكامل التكليف المنوط بى و انني سأتحرك بالجيب مع السائق متوجهاً لقائد القوات لتسليم ما طلبه ، و كانت الساعه حوالي الساعه السابعة مساءاً فقابلني هناك نوبتجى مكتب قائد القوات برتبة رائد فني – فأبلغته بأنه معي مظروف سري للغايه يجب تسليمه للقائد حسني مبارك ، فطلب مني أن يقوم بإستلامه لتسجيله بالسركي ، فرفضت ، و تعجب هو من الأمر حيث أنه يقوم بالإجراء المتبع طبيعياً ، فطلبت منه محادثة القائد – فهل تعتقد بعد ما مر على من أحداث هذا اليوم أن أسلم مثل هذه الأوراق لأي فرد أياً كان بخلاف قائد القوات ؟ فرفض أن أحادثه لوجوده بالمنزل فأصررت على طلبي و طلبت منه أن يطلبه هاتفياً ، فرفض و طلب مني أن أطلبه بنفسي و أحضر الهاتف الخاص و طلبه و أعطاني السماعه لأتكلم ، و رد على فعرفته بنفسي ” رائد أحمد الجواهرجي يا أفندم … خير يا أحمد … يا أفندم أنا جهزت الطلب …فأخبرني ان أسلمه للضابط النوبتجى … يا أفندم يعني الموضوع اللي حضرتك كلفتني بيه …..فاهم يا أحمد ، سلمه له ، فهو لا يفهم و لا يعلم شئ عن الأمر ، ألم تغلق المظروف و تؤمنه و توثقه كسري للغاية و ختمته.؟.. تمام يا أفندم .. سلمه له يا أحمد هو لا يعرف أي شئ ” .
سلمت الخطاب و وقع عليه بالإستلام ، و فكرت بأن امر لأري أطفالي فإبنتي الكبرى كانت تبلغ من العمر 4 اعوام و الصغرى 9 أشهر و كان من أصعب المواقف التي خبرتها بحياتي كلها ….
فقد دخلت المنزل في التاسعة مساءاً مما دعا زوجتي إلى الريبة فأخبرتها بأنني أرغب في رؤية الأولاد فقالت أنا مصدقت أنهم ناموا و لم يمضي على نومهم الكثير بلاش تصحيهم و أنت أجازتك يوم السبت كلها يومين ؟؟ لا كني صممت ، فأخبرتها بأنني كنت في مهمه عند قائد القوات و فكرت بالمرور للإطمئنان عليهم قبل عودتي لا أكثر ، و دخلت لأطفالي و قبلتهما و مضيت و أنا أستشعر أنها المرة الأخيرة التي سأراهم فيها !!!!! و طلبت منها البقاء فى منزل حماتى علشان أحتمال ما أنزلش أجازه لظروف المناورات ؟؟؟!!!.
توجهت لمطار غرب القاهرة و جافاني النوم يومها حتى الصباح تراودني المشاعر بأنني قد أستشهد أو أصاب و تتلاعب بي كافة المشاعر و الأحلام التي من الممكن أن تتخيلها أو لا تتخيلها .
ألجمعه 5 أكتوبر
الساعة الثامنة صباحاً كنت بالسرب أعمل على تجهيز الطائرات ، و قمنا بإخطار القاعدة باننا سندخل في مناورة بالذخيرة الحية و وجهتنا الضرب على التبه فى وادي النطرون .
أمضينا النهار في تجهيز الطائرات ، و تأكدنا من تمام التجهيز ، ثم طلبنا من الروس عمل مراجعة لما قمنا به ، فقاموا بها و كانوا يؤدون عملهم بصورة رائعة ، دخلت إلى سريري في الثامنة مساءاً لأصحوا في التاسعة صباحاً . و لم أكن قد نمت يوم الخميس لأنام يوم الجمعة كما لم انام في حياتي .
يوم ألسبت 6 أكتوبر 1973
قد كان نومي عميقاً و هادئأ جميلاً ، لأنهض ، و أدخل فأستحم و أتوضأ ، و أصلي ركعتين و البس أفرول طيران جديد مهيئاً نفسي تماماً .
توجهت الى غرفة التلقين ، لم يكن أحداً من الطيارين يعلم إطلاقاً طبيعة المهمة بخلافي و قائد السرب ، كانت الساعه قد قاربت العاشرة صباحاً .
بدأ التلقين و كان كلآتى: -
سيقوم السرب اليوم بعدد 7 طائرات بمهاجمه أهداف محدده داخل سيناء
ألأهداف هى:-
1- منطقه تمركز مدفعيه و مدرعات فى منطقه البالوظه ( شمال سيناء )
بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k16 قياده مقدم / رؤف حلمى
2- مركز القياده و السيطره فى أم مرجم بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k11 بقياده الرائد الجواهرجى
3- رادار فى منطقه راس سدر بطائره واحده و صواريخ k11 بقياده الرائد فاضل فتحى
4-رادار فى منطقه أم مخسه و صواريخ k11 بقياده الرائد جورج الجاولى
5- منطقه شؤن أداريه فى بئر العبد و صواريخ k16 بقياده الرائد محمد كريدى والمقدم محمد طموم فى غرفه العمليلت
وهنا لا بد أن أذكر واقعتين فى غايه الأهميه و تدل كل منها على بطوله و معدن المقاتل المصرى .
1- عندما ذكر أسماء الطاقم الخاص بى حدد الملاح الثانى و المسؤل عن تجهيز الصواريخ و كان من طاقم آخر غير طاقمى ؟؟؟؟
و بمجرد عدم ذكر أسمه قام النقيب ملاح على حجاج و قاطعه بأنه هو طاقم الرائد الجواهرجى و لابد أن يقوم هو بالطلعه….رد عليه قائد السرب بأن سبب تغييره بأنه معافى من الطيران من القومسيون الطبى لأصابته بأنزلاق غضروفى ؟؟؟؟؟ فقال أنا عارف ولازم أطلع مع طاقمى ؟؟؟؟ كان رده بصوره قاطعه لا تقبل المناقشه . ولا كن رؤوف أستمر …..لو أستخدمت الكرسى القاذف سوف تموت….فقال …أنا فاهم كويس العواقب ؟؟؟؟ يا إلهي على الشجاعه !!!.
2- بعد أنتهاء رؤف حلمى من التلقين و حدد تواجد قائد ثانى السرب الرائد محمد طموم ( حسب التعليمات ) هب طموم واقفا و قال بالحرف الواحد ” يارؤوف أول مره القاذفات تقوم بعمليات فعليه و أنا فى غرفه العمليات شيئ غير ممكن على الأطلاق أنا لازم أشارك” ….رد روؤف “أنت عارف التعليمات “
فقال طموم ” لو حدث ذلك سوف أغادر القاعده و أتوجه الى الصحراء و أستمر فى السير حتى أموت “.……يالها من شجاعه !!!!.
وتأزم الموقف مما جعل روؤف يقول له “ أطلع مع الجواهرجى قائد للتشكيل لمهاجمه مركز القياده و السيطره “
و عين الرائد يوسف رحمى فى غرفه العمليات و الرائد أحمد مصطفى فى برج المراقبه
و كان طاقمى فى هذه الطلعه :-
الرائد طيارأحمد الجواهرجي قائد الطائره
النقيب طيار سعيد الغرباوي مساعد طيار
النقيب ملاح حسين جاد المولى ملاح اول
النقيب ملاح علي حجاج ملاح ثانى – ا لمختص بتصويب الصواريخ
المساعد عبد الباقى مدفعجى
المساعد هجرس لاسلكى
مبنى السرب تقريبا أمام مكتب قائد القاعدة العميد طيار/ حسام البشاري و لم يكن على علم بما هو جارى ، ففور إنتهاء أعمالنا ، دخلت عليه و اديت التحيه العسكرية فرحب بي وقمت بوضع ورقة على مكتبه ليقوم بفتحها و يكتشف انها وصيتي و سلمته مفاتيح سيارتي و أوصيته بأولادي فتوتر الرجل و طالبني بألا أبشر سوءاً على نفسي ، فعرضت عليه الموقف و المهمة المنوطة بي و خطورتها ، فودعني قائلاً لا إله إلا الله ورديت محمد رسول الله وودعته و إنصرفت .
في نفس الوقت تم إرسال إثنان من الطيارين الغير مكلفين بعمليات يومها ، توجه احدهم لباب القاعدة لعدم دخول أو خروج أي فرد أو سياره بحجة وصول رئيس الجمهوريه متوجها في طلعه سرية و مقلعاً من قاعدتنا ، و الآ خر توجه لغرفة التليفونات لمنع أيه مكالمات ترد او تطلب بحجة عطل الخطوط
توجهت الى الطائره وهى واقفه داخل دروه لحمايتها و الصواريخ معلقه أسفل الأجنحه و شكلها يفرح . بمجرد اقترابى منها جائنى المساعد تلاوى و كان قائد الطاقم الأرضى و أدى التحيه و بدأ بالمرور معى على الطائره
و عند وصولى عند الصاروخ و جدت نفسى و بدون اى تفكير مسبق أنظر أليه لأجد معه قلم فى جيب الأفرول !!! و أخذت القلم و كتبت على الصاروخ
” بسم الله الرحمن الرحيم “
” و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى “
فنظر لي متعجباً و سأل عن سبب ما كتبت فأخبرته حينها أننا سنضرب به إسرائيل
فما كان منه إلا أن اخذني ليضمني في حضنه بقوه كاد ان يهشمني فيها
يا أفندم – ربنا يخليك – إنت بتتكلم جد ؟– هتروح تضرب إسرائيل ؟
فقلت له نعم هأروح أضرب إسرائيل . أنها الحرب.
و طلبت منه أن يصعد إلى الطائرة ليفك تيل السويتشات و انا أتفقد الطائرة ، فتيل السويتشات لا يتم فكها إلا في حالة الضرب بالذخيرة الحيه ، و في أثناء تفقدي للصاروخ الأيسر وجدته يهلل فرحاً الرائد أحمد هيضرب إسرائيل ، فأصبح الطاقم بالكامل كخلية النحل في التجهيز للعمليه . و كررت نفس الكتابه على الصاروخ اللآخر .
صعدنا إلى الطائرة و أدرت المحركات و تحركنا لبداية ممر الإقلاع و بعد ألأقلاع توجهنا لوادي النطرون – التبه – على أرتفاع منخفض 100 متر ثم الدوران فى أتجاه الهدف حسب خط السير و التوقيت المحدد تتملكني السكينة مع التأهب مركزاً بكل حواسي لإكتشاف أي مصدر قد يمثل خطراً على مهمتنا و قد إتسعت مقلة عيني عن اخرها لأستطلع كل ما أمامي و عقلي يعمل بكامل تركيزه على التنفيذ . الى أن وصلنا الى نقطه التسلق و عند الصول الى ارتفاع 2000 متر بدأ دخولنا فى مدى الكشف الرادارى للعدو . و أكملنا التسلق الى أرتفاع 4 كم
و بعد ها الحفاظ على هذا الأرتفاع و السرعه 450 كم/س . سألت الملاح الثانى علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم .
دقيقه أخري من الإستمرار على المسار
لأعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم – لا يظهر شئ .
كيف لا يظهر ؟ فرد بأنه لا يظهر أمامه لأنهم لم يشغلوا راداراتهم بعد فلا توجد إشارة لإلتقاط ترددها .
كيف يحدث هذا ؟ فرد بأن انظر إلى الرادار الخاص بإطلاق الصواريخ لأجده لا يسجل شيئاً إطلاقاً
كيف يحدث هذا ؟ ما الذي يحدث ؟ أنا الآن في مدي 170 : 180 كلم و لم يظهر شئ حتى اللحظة
فور وصولنا لمدى 120 كلم أعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ أيوه يا أفندم – الرادار يعمل .
ما الذي حدث لكي يقوم العدو بتشغيل الرادار الآن ؟! لقد كانوا مغلقين راداراتهم و كاد ذلك أن يؤدي بنا إلى الفشل ، فلم يراودني الشك أطلاقاً بأن الله معنا ، فخمس دقائق أخرى كانت كفيلة لخروجي من مدى إطلاق صواريخي و كانت تهدد العمليه بالكامل و يتغير السيناريو المعد . ولا يوجد أى تفسير سوى قول ألحق
” فأغشيناهم فهم لا يبصرون “
طلبت من علي توجيه الصواريخ على الهدف ، فنفذ الأمر و اخبرني بان الصاروخ الأيمن مصوب على الهدف و الصاروخ الأيسر أيضاً مصوب على الهدف و مستعد للأطلاق و أرى الطائرة الثانية جيداً ، و لو تمكنا من إطلاق صواريخنا في نفس التوقيت فلا يوجد ما هو أفضل من ذلك .
أطلقنا الصواريخ ، و كانت متناغمه بفارق عده ثوان تقريباً ، فكل منا اطلق الصاروخ الأول له في نفس التوقيت و نراها تنطلق مسرعه في إتجاه الهدف في صورة جميلة و مميزة و مفرحة .
قمنا بتعديل وضعيه الطائرات بعد إطلاق الصواريخ و ما يؤدي إليه ميل حاد نتيجة عملية الإطلاق و إتخذنا وضعيه إطلاق الصاروخ الثاني لكل منا ، لنطلق صواريخنا بنفس التناغم السابق .
و ما أن إنطلق الصاروخ الثاني و أصبحت الصواريخ الأربعه في طريقها للهدف لننفصل من وضع التشكيل، و نناور بالإنحراف بشدة مع فقد الأرتفاع حيث كنا قد وصلنا إلى فوق أبو صوير …..وأطلاق صاروخ أرض جو من العدو سيكون قاتلاً و نحن على هذا الأرتفاع… لنتم المناورة….. و أصل ألى إرتفاع 100 متر فوق سطح الأرض متوجهاً لغرب القاهرة ، و قد حذرني العميد أحمد عرفه مسبقاً ( قبل الأقلاع ) من عدم وجود أي حماية لي و لم يتم تأمينى من الدفاع الجوى المصرى فوق القاهره و أوصاني بالطيران على أدنى إرتفاع ممكن في طريق العودة ، و بالفعل ما ان إقتربت من غرب القاهرة إلا و نزلت
لأرتفاع 30 : 40 متر على أقصى تقدير متجه الى أهرامات الجيزة على أرتفاع اوطى من الهرم الأكبر و منه الى الطيران فوق شارع الهرم ، و من ثم كوبري الجامعة ،
سألنى مساعد الطيار حنشوف الممر … أزاى … مع تركيزى الشديد قلت له حنشوفه …. و عند كوبرى الجامعه بدأت أخفض عجل الطائره … ثم الطيران فوق شارع صلاح سالم و أنا على أرتفاع أقل من 50 متر ( أرتفاع عماره من 10 أدوار) بادرنى الملاح ألأول بألسؤال… حنشوف الممر أزاى ..؟…قلت له….يا حسين أحنا ماشيين فوق الشارع و فى آخر صلاح سالم مهبط 05 فى القاهره الدولى . لنهبط بالمطار دون أن يرانى برج المراقبه ، و أخرج من ممر الهبوط الخاص بالمطار للتوجة للممرات الجانبية ، و عندها يكتشف وجودى برج المراقبه ليصعقه ما رأى ، فلم يكن قد رآنى قبل هذه اللحظة ، ليتصل بى لا سلكيا و بحده ليقول : الطائرة TU16 أللى على أرض مطار القاهرة الدولي – سيادتك يا افندم مخالف للتعليمات .
و كان ردي المباشر عليه : أغلق جهاز الإتصال نحن في حالة حرب……!!!
فطلب أن أكرر ما قلت، و كنت حينها أمر بجوار طائرتين اليوشن من الأتحاد السوفيتى يصعد على متنها باقى الروس الموجودين فى مصر .
فأخبرته مرة أخرى : بأننا في حالة حرب و ليقطع الإتصال فرد : تمام ياافندم – حمدا لله على السلامة
توجهت في الممرات الداخلية إلى قاعدة شرق القاهرة الملاصقة لمطار القاهرة الدولي , و كانت قوة القاعدة من طائرات الأنتينوف ، لأتوقف بطائرتي أمام باب السرب ، فأنا لا أعلم أين أذهب بالطائرة الى أن خرج مقدم طيار أتذكر أسمه مصطفى و من خلال الإشارات أوضحت له بانني لا اعلم أين أتوقف فطلب إلى أن أتبعه حتى اوصلني لمكان ما و توقفت به .
أوقفت المحركات , و أصاب الصمت و السكون الطاقم بالكامل ، و لم أتحرك بعدها لعده دقائق …. ثم نزلت من الطائرة و توجهت له فسألني عن سبب هبوطي عندهم بمثل هذه الصورة ، فأخبرته بأن ينظر إلى جناح الطائرة ،
حيث كانت تتدللي منه السلاسل الخاصه بتأمين الصواريخ ( تبقى معلقه فى منصه أطلاق الصاروخ ) وتدل على أطلاقها … لأخبره بأن الهجوم الشامل على أسرائيل فى سيناء قد بدأ و بكل التشكيلات القتاليه فى القوات المسلحه
فكانت الفرحة العارمة التي شملتنا جميعاَ .
أصابت الأربعة صواريخ مركز القياده و السيطره بدقة تامه ، و ما أكد لنا ذلك أن إشارات الموقع قد إنقطعت عن الرادار ، ما يعني أن راداراتهم قد إطفأت تماماً مؤكدة تدمير الموقع .
وزياده فى التأكد من نجاح العمليه تم أرسال طائرات الإستطلاع لتؤكد نجاح تنفيذ المهمة ..وبالصور الجويه.
و تصلني رسالة على التلكس من غرفه عمليات القوات الجويه الى غرف عملياتنا تؤكد تمام المهمة ، و كان مضمونها : تم تدمير مركز القيادة و السيطرة في أم مرجم – تم تدمير 8 طائرات بمطار المليز ..
و بالطبع أحتفظ بها ، و قد كانت أول نتيجة تصدر للإستطلاع مؤيدة بالتصوير الجوي.
من الضرورى أن أتقدم بخالص الشكر الى زوجتى الحبيبه على تحملها مسؤليه تربيه بناتى و الحفاظ على عائلتى و لمده سته سنوات كامله كنت مشغولا فيها
با لتدريب و رفع الكفائه القتاليه و خاصه فى سن أطفالنا بين السنه و الست سنوات و هم أحوج ما يكونوا لتواجد رب الأسره!!!! فمساهمتها فى الحفاظ على العائله و على بناتى لا تقل عما قمت به خلال الحرب و أنتصارنا.
فيديو لسياده اللواء رحمه الله
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=C5GLlhZnSsw
أنه احد الطيارين الاكفاء الذين طاروا علي القاذفه تي يو 16 وقام بمهمات عديده في حرب اليمن ومهمه رئيسيه في حرب اكتوبر
وبكل أسي ننشر هذا الحوار مع سيادته بعد ايام من وفاه البطل وكنا قد نشرناه في موقعنا القديم وحصل علي اعلي مشاهدات في الموقع لما بالموضوع من اسرار ولتواصل سيادته مع اعضاء الموقع في حوار متصل بين سيادته وبين الاعضاء - نسألكم الفاتحه لسيادته فهو من الشخصيات التي تحبها من اللقاء الاول
الكليه الجويه
إلتحقت بالكليه الجويه سنه 1960 , و تخرجت و أنا عمرى عشرون سنه و كنت الأول على الدفعه فى الطيران و الثانى فى الترتيب العام ( الدفعة 14 طيران ) و تم توزيعى على تشكيلات القاذفات ، و لها حكايه .
عاده من يوم إنشاء كليه الطيران و حتى الآن دائما أول الطيران يتم توزيعه على المقاتلات ، و قد فوجئت قبل التخرج بحوالى شهر (وأنا فى نهائي ) سنة 63 بطائرة ضخمه كبيره جميله شكلها مرعب تهبط عندنا في قاعده بلبيس وعندما تسائلنا عنها ،
أخبرونا بأنه قائد لواء القاذفات TU 16 المقدم / محمد حسني مبارك ، جاء لينتقي الطياريين اللذين سيتم ضمهم تحت لوائه في القاذفات ( كانت الـ TU 16 وصلت مصر عام 62 ) ، و بعد أن إنصرف ،أستدعاني مدرسي و قائد السرب / وقال لى(إنت أول الدفعه و حسني مبارك حياخدك في القاذفات )، فحزنت جداً و توجهت إلى كبير المعلمين أساله ( حصل كذاو كذا ) !!! قال لي بالفعل هو محتاج طيارين مستواهم في الطيران عالي وهو كان مدرس فى كلية الطيران وجاء لكي يختار أسماء الطيارين الذين سيأخذهم و كان إختياره اول الدفعه هذه السنه و قال لى ” إنت مستواك مرتفع ً و مستقبلك في المقاتلات ” FIGHTERS ” و ما الداعي لذهابك لتشكيلات القاذفات ؟.
والدي لواء طيار / محمد صادق الجواهرجي تقلد عده مناصب .
قائد لواء لانكستر( قاذفات) / قائد لواء الكوماندو(مواصلات) و بدأ حياته فى سلاح الطيران الملكى فى أسراب الجلادييتور(المقاتلات) ، و في فتره تخرجى كان رئيس شعبة العمليات في القوات الجويه ( رئيس شعبة العمليات في الوقت ده كان الكل فى الكل)
و أشار علي كبير المعلمين بأن أطلب من الوالد التدخل فى أعاده توزيعى و الموضوع لن يكلفه سوي مكالمه تليفونيه ، فذهبت إليه و أخبرته بما حدث (( تم توزيعى على القاذفات و مش ده مستقبلي..)) و فؤجئت به بيقول لي” أن الخيرة فيما إختاره الله ” و نصحني ” إن ما يريده الله هو ما سيكون و ليس ما تريده أنت فلا تحاول إن تسيطر أنت على قدرك دعه لأنه ملك لله . الله يرحمه .
وتلك كانت بدايتي مع القاذفات
أذكر بعض من كانوا معي عام 63 أللى تم توزيعهم على القاذفات مباشره
(رفعت الجميل/محمد سالم/ عادل سلامه )الى تى يو 16 (محمد كريدى/يوسف رحمى/حسن صقر) اليوشن28
توجهت إلى قاعده غرب القاهره و أنضميت الى لواء القاذفات.
لمن يهمه بعض المعلومات عن الطائره تى يو 16 قاذفه
يتشكل طاقم الطائرة من 6 أفراد:-
طيار أول // مساعد طيار // ملاح اول // ملاح ثاني // فرد إتصالات (لاسلكي) // مدفعجي
الكابتن
قائد الطائرة و هو الآمر الناهي لكل من بالطائرة ، و المفترض علمياً أنه على علم بكامل العمل بالطائرة من كافة أجهزتها إلى وظيفة كل فرد من الطاقم المصاحب ، فلابد له من أن يكون ملماً بكل ما يدور بداخل الطائرة من ادق الأمور إلى أعقدها .و هو ألمسؤل ألأول
مساعد الطيار
يساعد الكابتن في إدارة أنظمة الطائرة ( أكسجين / ضغط / وقود / إتزان / …… و هكذا ) .
الملاح ألأول
إيصال الطائره للهدف و ألقيام بعمليه قذف القنابل و أستخدام ألرادار و ألأجهزه المساعده لتنفيذ الطلعه بنجاح .
الملاح الثاني
مساعد الملاح الأول و يقوم بعمل الملاحه كاملا بغرض المراجعة المزدوجه و التأكد من تطابقها و لتنبيه في حال ظهور اخطاء . كما أنه يقوم بتوجيه المدافع أعلا الطائره ( في الطراز TU16-KS يضاف إليه مسئولية رادار توجيه و إطلاق الصواريخ و تتم عملية الإطلاق إما عن طريقه أو عن طريق الكابتن كما سيحدد سلفاً ).
فرد إتصالات (لاسلكي)
ألقيام بتحقيق الأتصل اللآسلكى مع القاعده الأم و توجيه المدافع الموجوده أسفل الطائره .
المدفعجي
يوجد 4 مراكز للمدفعية بالـTU16 ، و بكل مركز 2 مدفع مذدوج 23 ملم ، و توزيعها كالتالي مركز بالأعلى و مركز بالأسفل و مركز خلفي و مركز امامي ، يتحكم المدفعجي في الثلاث مراكز العلوي و السفلي و الخلفي أوفي مركزين بالتبادل مع اللاسلكي ، أو منفرد كما ذكر سابقا أما المركز الرابع الموجود بمقدمة الطائرة فهو من إختصاصات الكابتن و لا يستخدم عادة لما يحتاجه من القيام بمناورات يصعب عملها بالطائرة .
يتكون اللواء من سربين ( السرب 22 تى يو16 قاذفات به 20 طائرة و سرب آخر …لا أذكر رقمه KS 20 طائره..)
كنا سبعه طيارين جدد . و أنعقدت فرقه لنا لدراسه الطائره و تعامل معنا المقدم حسنى مبارك على أننا مازلنا فى كليه الطيران .محاضرات طول اليوم و النزول أجازات الخميس و الجمعه.
أستمرت الأحوال على هذا المنوال لمدة شهرين متتاليين في محاضرات مكثفه جدا.
كل المحاضرات تخص فقط الطائره تي يو 16 .فهى طائرة معقده جداً و كبيره و ثقيله و ذات حجم كبير. و لا يوجد فى الطاقم “مهندس طيران” برغم أنه جميع الطائرات اللتى فى حجمها في العالم يكون فيها مهندس مختص ما عدا الـ تى يو 16 ألعبء كله على الطيارين ،
فيتوجب عليك أن تكون على إلمام تام بكتاب الطائره و هو كبير جدا و حجمه مذهل ، و دخلنا مرحلة الإختبارات ألنهائيه و حصلت على 93 %
وعندما عرف قائد اللواء حسنى مبارك بهذه النتيجه لم يصدق أن هناك طيار صغير ممكن من أول أمتحان يحصل على تلك الدرجه العاليه و قرر أعاده ألأمتحان ( لكي تعرف ما يتسم به من عناد ) و حدث ما يأتى:-
.استدعاني فى مكتبه..و قال لي (( يعني إيه تجيب 93 % — لا في مصر ولا في الإتحاد السوفيتي حد في الطياره دي يجيب 93 % ” من أول أمتحان؟؟؟))
أتذكر هذه القصه تماماً فقد كنت في مكتبه الساعه 9 صباحاً وطلب مني الجلوس على طاوله الأجتماعات و أحضر كتاب الطائره و طلب مني الكتابه ” إكتب … السؤال الأول . التاني . الثالث . الرابع …… حتى وضع عشر أسئلة !!!! و طالبني بإجابه ألأسئله .
طبعا فى مكتب قائد اللواء هناك حركه مستمره من ضباط تدخل لاستكمال اوراق ومكاتبات واوامر مستمره وضجيج و تليفونات واصوات طوال الوقت .
إستمر ألأمتحان من الساعه 9.00 صباحا تقريباً حتى الساعه 1.30 ظهرا. و عندما فرغت من الإجابه طلب حضور كلا من ” الرائد طيار مهندس / منير السيد والرائد مهندس جمال إسماعيل ، أساتذتنا اللذين درسوا لنا الطائره ” و طلب من كلاهما إستلام أوراق الإجابه خاصتي و أمرهم بتصحيح اللإختبار من مكانهم و إعلان النتيجه من فورهم .!
إستمرت عمليه التصحيح قرابه الساعه حتى فرغوا منها و وضعوا الأوراق أمامه .وكانت النتيجه 96 %
وبدهشه قال لي ..(( لأنك حصلت على هذه النتيجة ستكون ضمن طاقمي ، و أنا عندي طلعة ليلية أنهارده اختراق ضاحيه .. لمدة 3 ساعات و ستطير معي )).
ولم اكن حتي ذلك الوقت قد دخلت الطائره او اقتربت منها وكنت لا أراها الا وهي على الـترمك .
و أمر الرائد طيار منير أن يصحبني الى الطائره لاعطائي فكره عن كابينه القياده
( (.واقلع هو بالطائره ثم سلمها لي لاستكمال الرحله الطويله وحاولت خلال الطلعه التحكم فى الطائره فى وضع الطيران الأفقى المستقيم ولكن للأسف لم استطع وكل ما يتغير ألأتجاه او الأرتفاع يقوم بتصحيح الوضع ؟؟؟؟؟؟ (( لاهو زهق و لا أنا عرفت ضبطها لمده حوالى 3 ساعات.))
و هنا يتضح مقدارما كان يملكه من الصبر ..
.
طبعا ألفرق بين الطيران على الطائره الياك 18 فى الكليه و النقله مباشره الى التى يو كانت مثل قياده سيارة سيات صغيره ثم بعدها شاحنة بمقطوره
حرب اليمن
سنه 1962 سافر الى الأتحاد السوفيتى أربعه طيارين للحصول على فرقه طيار أول على الطائره التى يو 16 و هم ( حسني مبارك & أسامة صدقي& كمال درويش & فوزى شعبان) وبعد عودتهم الي مصر تم عمل فرقه للطيارين من الأليوشن 28 للتدريب علي التي يو 16
و بدأت حرب اليمن و الطائره جديده و خبره الطيارين عليها قليله و كانت أغلب الطلعات اللى تطلب لقذف أهداف فى اليمن يقوم بها حسنى مبارك.
سنه65 تقرر تمركز طائره واحده فقط فى مطار الحديده و كان حجم المطار صغيرا ، لأنه عباره عن ممر واحد طوله 3 كم و عرضه لايزيد عن 30 متر و لا يوجد فى المطار ترمك لانتظار الطائرات !!! مجرد منطقه أنتظار فى آخر الممر من كل ناحيه وكنا بعد الهبوط نضع الطائره فى اول الممر من جهه الهبوط والأقلاع عكس الهبوط وهكذا.
تم تعينى ضمن طاقم الرائد ط / عثمان الجندى للذهاب الى اليمن سنه 1965 و بدأنا فى طلعات قذف الأهداف التى تطلب منا لو كانت محدده على الخرائط و أما إن لم تكن محدده فكان ألأسلوب المتبع هو القيام بطلعه أستطلاع بطائره اليوشن 14 و معنا الدليل ( و هو شخص يمنى ) يوجهنا الى الهدف ومعه الملاحين!! طول الطريق يشير لهم على الخرائط
لتحديد خط السير (طريقه بدائيه للغايه ) !!
و بالنسبة لتلك الفترة فهناك حادثتين يعتبرا من أهم الأحداث التي واجهتها أثناء الطيران باليمن فبالرغم من تعدد الطلعات و كثرتها إلا أن هاتين الحادثتين ظلا في ذاكرتي ولا أستطيع أن أنساهم .
الطلعة الأولي :
كانت طلعه لضرب قرية تبعد حوالى 150 كم شمال صنعاء و كانت الحمولة/ 18 قنبلة زنة 500 كيلو و قيل لنا أن هذه القريه أحد منابع الثوار. و تقع بين جبلين ملتحمين معاً أشبه ما يكونا بالحضن الذي يحتضن القرية بداخلة (عملية القذف تكون على أرتفاع 6 كم و نقوم بعمل عدة دورات حتى نصل في أحداها إلى الوضع الأمثل الذي تتحقق معه أهداف المهمة دون إهدار للقنابل ) في أول دورة ضربنا قنبلتين أصابوا طرف الجبل و لم يكن لهما أي تأثير يذكر ، و ندور لثاني دورة قنبلتين أيضاً و لم يصيبا القرية أيضاً ، و نظراً لعدم وجود مدفعية مضاده للطيران او أيه دفاعات جويه على الأرض فقرر عثمان النزول بالإرتفاع لأقل إرتفاع ممكن ، فقد أهدرنا 4 قنابل دون تحقيق أيه نتائج من إجمالي 18 قنبلة فتوجهنا بإرتفاع 100 متر فقط من قمة الجبل بحيث تكون القرية أسفلنا بحوالي 400 إلى 500 متر كحد أقصى و نفتح باب القنابل و نضرب باقي القنابل الـ14 جميعها دفعة واحدة – و قد كانت حركة متهورة إلى حد ما ( فى ألأحوال العاديه يتم قذف القنابل على ارتفاع آمن للطائره بحيث تكون فى موقع بعيد عن تأثير ألأنفجارات أو أن تكون القنابل مجهزه للأنفجار ألمتأخر لو أرتفاع القذف منخفض لضمان سلامه الطائره) إلا أنه في هذا الإرتفاع المنخفض جدا كانت سرعة وصول القنابل إلى الهدف تتوازى مع سرعة الطائرة و لم نتمكن من مغادرة الموقع قبل بداية الإنفجارات التي لم تكد تبدأ إلا و أصابت الطائرة الإرتجاجات العنيفة و أصبح التحكم بها غاية من الصعوبة( كما لو أصابها مس من الجن) ، و بستر من الله مرت هذه الطلعة بسلام ( واضح أن القنابل كانت بدون وسيله الأنفجار المتأخر ) و بعد الهبوط أكتشفنا اصابتنا بشظية في الماكينة اليسرى يفصل بينها و بين خط الوقود الرئيسي المغذي للمحرك مسافه 2 بوصه ، ربنا ستر.
الطلعة الثانية :
ألأسلوب المتبع فى تحديد ألأهداف
فى اليوم السابق للطلعه يتم الأتصال بنا من غرفه العمليات و يتم تحديد الطلعات و الأهداف و فى بعض الحالات كان يطلب قذف اكتر من هدف فى الطلعه الواحده.
كان الهدف قلعه حصينه بها قوات معاديه و محققه خسائر كبيره فى قواتنا تقع القلعه شرق بلده تسمى ميدي بحوالي 30 ألى 40 كيلومتر ، و قد كانت المرة الأولى التي طلب أن تكون ألقنابل2 قنبلة زنة 3 طن للواحده و ذلك لضروره تدمير القلعه!!!!!! السخيف فى ألموضوع أنه كان يوم العيد الكبير . و كان تحديد القياده ضرب الهدف أول ضوء!!!!ولك أن تتخيل شعورنا كبشر أن نضرب مسلمين وقت صلاه العيد .
المهم أن ألأوامر لا زم تنفذ..لتقليل الخسائر فى قواتنا. (( كل أللى قدرنا نعمله أننا أخرنا ألأقلاع ألى ألساعه 8 صباحا بحجه و جودضباب كثيف على ألمطار ( فى ألحقيقه الجو كان رائع)) وذلك لتفادي الخسائر البشريه .
و صلنا فوق الهدف حوالى الساعه التاسعه و النصف و مررنا بأول دورة و ثاني دورة و تكررت الدوروات حتى يحدد الملاح اللحظة المناسبة للضرب و من ثم ضربنا اول قنبلة و لم تصب القلعة و شاهدنا القنبلة و غلالة الغبار التي أطلقتها عقب إنفجارها و كانت تشبة الغلالة التي تطلقها القنبلة الذرية ( الماشروم / عيش الغراب ) لكبر حجمها و في ذات الوقت أخطرتنا القوات الأرضية بالأسفل بأن القنبلة لم تصب الهدف فهدأناهم و أخبرناهم بأننا نمتلك قنبلة أخرى و سنعيد الكرة و تعددت الدورات مرة أخرى لتعيين الهدف و التصويب عليه بدقه دون خسارة القنبلة الثانية و الأخيرة ، و بتوفيق من الله ضربنا القنبلة فسقطت داخل القلعة و تم تدميرها بصوره كبيره .
وبذلك انتهي دوري في حرب اليمن لاعود الي مصر الي تمركز لواء القاذفات في قاعده غرب القاهره الجويه .
أنتقال السرب الى قاعده بني سويف الجويه
في أحد الأيام هبطت طائرة اليوشن 14 فى قاعده غرب القاهره لتقل كلاً من قائد اللواء / حسني مبارك و قائد السرب/ كمال درويش (السرب 88 / تغير رقم السرب من22الى88) بغرض الذهاب الى قاعده بنى سويف الجويه وهى تحت ألأنشاء. و عند عودة قائد السرب توجهنا إليه لسؤاله عن قاعده القاذفات الجديد ووصفها بأنها قاعدة جيدة و لها ممر جميل طوله أكتر من 3 كم و عريض بخلاف ممر غرب القاهرة حيث كان به العديد من المشكلات ، أما المباني و ميس الطيارين و التلقين للمحاضرات فجميعها تحت الإنشاء .
بعد هذه الواقعة بحوالي 15 يوم إلى شهر تقريباً تأتي التعليمات بإنتقال سرب كمال درويش بكامله ليتمركز ببني سويف !!!! .
إستعجب كمال درويش لإدراكه بعدم جاهزية القاعدة و طلب طائرة اليوشن 14 ليتوجه إلى القاعدة ليعاينها و عند عودته كان تعليقه بعدم صلاحية المطار لهبوط الطائرات الـ TU16 عليه في الفترة الحالية ، و لكن التعليمات قد صدرت بالتنفيذ فورا!!! وكان أعتراضه أساسا على عدم وجود برج مراقبه ولا أماكن للأعاشه و كانت أسلاك الهاتف ممدده على أعمده بأول ممر الإقلاع .
اخبرنا انه أول من سيهبط و وبعد هبوطه سيتحرك لأول الممر ليقوم بدور برج المراقبه لنتم عمليه الهبوط تباعا و أكد علينا من ضروره الهبوط بعد الثلث ألأول من الممر لتفادى سلك التليفون ؟؟؟؟؟.
و هبطت الست طائرات تباعاً ، و في هذه الطلعة لازمني مدرس نظراً لقلة خبرتي لنكون 2 كابتن على متن الطائرة .فى اليوم التالى كررنا نقل باقى الست طائرات .
كنا نقضي أسبوعاً كاملاً في المطار و ننزل أجازه يومي الخميس و الجمعة , كانت المعيشة بعنبر الجنود ما بين الطيارين و مساعديهم و الملاحين و كافة الأطقم حوالي 28 أو 29 فرد في عنبر واحد ، مما أتضرنا لجعل الأسرة متلاصقة , و كثيراً ما كننا نصحى بالليل على صراخ أحد الأفراد نتيجة لسعة عقرب ، لأن المطار ملئ بالعقارب و كنا نتغلب على ذلك بوضع أرجل الأسرة في آنية مملوءة بالماء حتى لا تستطيع العقارب الوصول إلينا ، و قبل النوم مباشرة كنا نحرص على التأكد من خلو الأسرة و المفروشات و الأغطية من أي شي ، فكانت حياتنا عبارة عن مأساة حقيقية .
طبعا فى أول أجازه ذهبت للوالد أستفسر منه على سبب ذهابنا الى بنى سويف و المطار غير جاهز على النحو السابق شرحه .
وقال لى بأن المشير عبد الحكيم عامر سأل مدير مكتبه و كان طيار (مقدم طيار فخر الأسلام على ما أذكر ) عن اخبار مطار بني سويف ، فأخبره بأنه تمام ، فأعاد سؤاله عن إذا ما كانت قد توجهت القاذفات إليه أم ما زالت بغرب القاهرة ؟ فاخبره بأنها إنتقلت إليه بالفعل !!!.
و هو ما لم يكن قد حدث فعلا فالمطار لم يكن جاهز بعد و لا القاذفات قد تمركزت به ، و عندما أتصل هذا المسؤل بالقوات الجوية ليسأل عن تمركز القاذفات ببني سويف ، بهتوا من سؤاله فأخبرهم بأنه قد أعطي تمام للمشير بتمركز القاذفات ببني سويف و جاهزية المطار ، و عليه يجب عليهم ان يتمركزوا فوراً ببني سويف (( عشان منظره قدام المشير يكون مضبوط ،طبعا آخر تهريج / و تدل الواقعه دى على مدى سوء التخطيط فى القوات المسلحه فى ذلك الوقت )).
إنتقلنا إلى بنى سويف بناءاً على ما حدث و بلا أي داع يذكر ، فالمطار لم يكن قد تم جاهزيته نهائياً ، و إستمر وضعه على هذا الحال لمدة ستة اشهر تاليه ، يتمركز به 12 طائره TU16 و لم يكن قد تم الإنتهاء من برج المراقبة فلم يكن بنى بعد ، و أصبح لزاماً علينا في كل طلعة تدريب أن يتوجه أحد الطيارين ليستقر ببداية ممر الإقلاع ليقوم بعملية توجيهنا ، و إستمر الحال على ما هو عليه حتى تحصلنا على سيارة لاسلكي للقيام بتلك المهمه بصورة بدائية ، و الجدير بالذكر أنه خلال هذه الفترة كانت كافة الطائرات تتمركز علي الترمك (مكان أنتظار الطائرات) في العراء متجاورة ، فلا توجد لها أي حماية كالدشم أو الهناجر أو حتى دراوى؟؟
أما طبيعة تدريباتنا فتنقسم إلى يومين للطيران الليلي يبدأ اليوم الساعة الثامنة صباحاً ثم يتم التلقين في العاشرة و لمدة ساعه ثم إعادة للتلقين في الساعة الثانية عشرة بعد تحضير الخرائط و المسارات الملاحيه و السؤال عن المهمة محل التدريب ، ثم التوجه لتناول وجبة الغداء في الثانية و النوم في الثالثة عصراً و بالأمر لمدة ساعتين ، و من ثم التوجه للسرب بعد الإستيقاظ في الخامسة و يتم عمل مراجعة سريعة لمده ساعة يعقبها التوجه للطائرات في السادسه للإقلاع بعد آخر ضوء لتنفيذ المهمة التدريبية .
أما عن الطاقم فكان المدفعجي و اللاسلكي من صف الضباط ، أما الملاحين فكانوا فى البداية من صف الضباط ثم تمت ترقيتهم لرتب الضباط ، و كانوا من خريجي مدرسة الملاحة بقاعدة الدخيلة بالإسكندرية ، حيث يتم تخريجهم برتية شاويش ثم تتم ترقيتهم تباعاً حتى يصلوا لمصاف رتب الضباط ، و بالمصادفة أن أول دفعة تم تخريجها من الكليه الجويه ملاحين برتبه ملازم ملاح كانت دفعتى الدفعه 14 طيران و الأولى ملاحه .
يعقب يوم الطيران الليلي يوماً للراحة بدون طيران و يوماً للطيران النهاري بإجمالي ثلاث أيام طيران أسبوعياً .
5 يونيه 1967
فى أوائل شهر مايو تم رفع حالة الإستعداد للقوات المسلحه للدرجه القصوي ، , وبدأت تحركات القوات البريه فى سيناء و أتخذت أوضاع الهجوم لتهديد أسرائيل
(كان المقصود بهذه المناورات تغيير أتجاه التهديد الأسرائيليى اللذى كان على سوريا . حسب ما قيل . )
وتم إغلاق مضيق تيران ، و في أحد الأيام صدر لنا أمر قتال بالإقلاع بالقاذفات من بني سويف و القيام بضرب ميناء و مطار إيلات مساء نفس اليوم ، و كانت قصة غريبة الشأن جداً .
الأقلاع بست طائرات و كنت سأرافق حسني مبارك كمساعد طيار في هذه الطلعة و بتشكيل ( متتابع ) يقوده بنفسه ، توجهنا للسرب و جهزنا الخرائط و تم تحميل القنابل و التموين بالوقود و أصبحنا مستعدين بنسبه 100 % للإنطلاق لتنفيذ المهمة فورا ، و كانت مهمة ليلية ، تمت كافة الإجراءات المتبعة في هذا النوع من العمليات ، و صلت الساعةالسادسة ثم السابعة فالثامنه و لم تصدر تعليمات بالتنفيذ و في الساعة العاشرة أتصل بنا العقيد حسني مبارك قائد اللواء و طلب منا التوجه للإستراحة بميس الضباط ، مع الحفاظ على تمام الجاهزية لتنفيذ المهمة فور صدور الأمر .
في حوالي الساعة الثانية عشر مساء ، إلا و يدخل علينا الجنود في حالة هلع و صراخ يطلبون منا الإنصات لإذاعة إسرائيل ، و قد كانت إذاعة متوفرة في هذا الزمان .
نفتح الراديو على إذاعة إسرائيل فإذا بجملة يتم تكرارها ……
أين أنت يا مبارك , و قاذفاتك الثقيلة ؟؟!!!!!!!!!! نحن في إنتظارك !!!!!!!!!!!!
بالطبع مفاجأة نزلت علينا كالصاعقه ، خيبة أمل ، توجس ، ماذا يحدث ؟ ، هل هناك بيننا جاسوس ؟ هل شعبة العمليات مخترقة ؟ أم عملية تنصت على الهاتف ؟؟؟؟؟ ألاف الأسئلة ….. حيرة ……
وقام مبارك بالأتصال بشعبة العمليات ليتساءل عما يسمعه بهذه الإذاعة ؟؟ فردوا بأنهم يسمعون ما يسمعه ، و ينتابهم ما به ، و سيتم تباحث الأمر فوراً . و بالطبع تم الغاء الطلعه؟؟
مر علينا فتره تذيد عن 15 يوم بدون طيران وفى هذه الحاله لابد من عمل طلعه تنشيطيه لكل الطيارين (حسب التعليمات) و كل يوم يتصل قائد اللواء بالعمليات طالبا ألسماح بأنزال القنابل من 6 طائرات للقيام بطلعات تنشيطيه للطيارين و يقابل طلبه بألرفض ( كل الطائرات ال20 محمله قنابل و الوقود كامل )
أستمر هذا الوضع حتى يوم 4 يونيه
و في هذا اليوم سمح لنا بالقيام بالتدريب فى اليوم التالى !!!!!!!!!!! مليون علامه أستعجاب .
( خد بالك فى اليوم التالى ) نقلع بسته طائرات من بني سويف ( حسني مبارك “قائد” / / …………… / و كنت أنا رقم 6 أحمد الجواهرجي و معى مدرس الرائد طيار/ كامل حسين ) للقيام بتدريب على الطيران فى وضع مشكل أيسر.
تتابع الإقلاع بفاصل زمني دقيقتين بين الطائرات
أقلع قائد التشكيل في تمام الساعه 9.00 بالضبط
بعده بدقيقتين رقم 2 و هكذا حتى الساعه 9.10 دخلت الممر للإقلاع كأخر أفراد التشكيل , و ما أن بدأت أرفع مقدمة الطائرة من على أرض الممر، إلا و أجد طائرة ميراج في وضع هجوم من أعلى , و أراها تلقي بقنابلها على الممر أمام عيني و لم أكن قد تجاوزت منتصف الممر ، و أقلعت بالطائرة ، و ما أن تمت عملية الإقلاع إذا بي أسمع صراخ ضابط السيطره الموجود فى برج المراقبه الرائد طيار رؤوف حلمي بأنه فيه هجوم على المطار و تم أصابه الممر الرئيسى ، و على الفور أصدر حسني مبارك تعليماته للتشكيل بالأبتعاد عن المطار و الأتجاه الى الجنوب و الطيران على ارتفاع منخفض فقد كنا في طلعة تدريبية و لم يتم التموين بكامل الوقود و لا نحمل أية ذخائر ، و كان أدني إرتفاع للطيران مسموح به في حينها 400 متر ، فلم نكن نتدرب على إرتفاعات أدني من هذا ، و لكن مع الظروف الطارئة في هذا اليوم العصيب كنا نحلق بطائراتنا بإرتفاع قمم الأشجار ، و إستمر هذا الوضع لعشر دقائق نتخذ نفس إتجاه الجنوب و بالطبع كل منا يطير منفرد في نفس الإتجاه ، بعدها أتصل رؤوف حلمي ليوضح ما حدث ، و بأن الطائرات المهاجمة قد غادرت أجوائنا
و بأن الممر الرئيسي به ما بين الأربع و الخمس إصابات على الأقل و أصبح غير صالح للإستخدام في الهبوط ، و لكن الممر الفرعى سليم . أصدر قائد التشكيل لكل الطائرات الأمر بالعوده للمطار و الهبوط على الممر الفرعى و بالفعل بدأت فى الدوران فى أتجاه المطار و فى أقل من دقيقتين إلا و تعود الصيحات لتعلو بأن المطار يستهدف للمرة الثانية ، و عندها لم يتأخر حسني مبارك كقائد في إصدار أمره لجميع الطائرات بالتوجه لمطار الأقصر، و بالفعل تم التوجه لمطار الأقصر و هبطنا بالسته طائرات.(مطار الأقصر مطاراً مدنياً ليس به أى دفاعات جويه ) ، و بعد توقفنا وصلت طائرتين أنتينوف و بعدهم بقليل أربع طائرات اليوشن يليهم طائرتين مدنيتين تابعتين لمصر للطيران ، فأصبح المطار مكتظاً بكم متنوع من الطائرات ( وكلها حجم كبير ).
حاولنا ألعثور على عربات التموين لإعادة تموين الطائرات فى أقل وقت ممكن فأخبرونا بأن جميع العربات خارج المطار عدا عربة واحدة معدة لتموين الطائرات المدنية ، و لإختلاف طريقة التموين فكان خرطوم الإمداد بالوقود أقصر من أن يصل لفتحات التموين الموجودة أعلى الأجنحة ، بخلاف فتحات التموين بالطائرات المدنية المتواجدة على جانب جسم الطائره .
لم تنجح عمليه إعادة التموين ، و أكتشفنا تواجد مدفع مضاد للطائرات فى أحدى طائرات الأنتينوف نازل من اليمن للأصلاح ؟؟شد إنتباهنا جميعا حمولة الأنتينوف من ذلك المدفع ربما نستطيع إستخدامه ؟؟؟؟ و لنكتشف أنه بدون ذخيره.
تم إخلاء طائرتي مصر للطيران و تم توجيههم إلى السودان ، ثم إخلاء طائرات الإليوشن 14 و توجيههم إلى الواحات الخارجه او الداخله لاأتذكر ، و ظل بأرض المطار طائراتنا السته TU16 ، و طائرتي الأنتينوف ( كلهم بدون وقود تقريبا ).
فى تمام الساعه الواحده و الثلث تهاجم مطار الأقصر 3 طائرات فوتورعلى إرتفاع منخفض في تشكيل يأخد شكل حرف V يقومون بما يشبه الإستعراض فوق المطار ، فلا يوجد ما يستطيع إيقافهم أو إعتراضهم ، و لا بيد أي منا ما يمكنه من عمل شئ على الإطلاق ، و تربض على أرض المطار الفرائس الضخمه و لا يوجد من يدافع عنها .
و توالت هجمات هذا التشكيل بمنتهي البساطه ، إستمرت الهجمة الأشبه بالسيرك لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة .
و إنتهت الهجمة بتدمير الثمانى طائرات التي تبقت على أرض المطار، و بالرغم من ورود مكالمه لقائدنا حسني مبارك من غرفة عمليات القوات الجوية بمحاولة مغادره مطار الأقصربأي طريقة قبل هذه الهجمة بربع ساعه ، إلا أننا لم نتمكن من ذلك فلم نكن نستطيع التموين بالوقود الازم .
بعد إنتهاء هذه الهجمة ، تم إمدادنا بأوتوبيسين لنقل أفراد سربنا إلى محطة قطار الأقصر في الساعة الخامسة مساء ، ركبنا القطار و كان يسير لمده ساعة او ساعتين ثم يتوقف فجأه لعشر دقائق و أحيانا نصف ساعه و أحيانا يمتد توقفه لساعه و يتم إطفاء كافة الأنوار خوفاً من اي هجمات ثم يعاود المسير , و أنا أتذكر جيدا و لا أنسى ما أصابني من الضجر الشديد في هذه الرحله لجملة أحداثها فقد كان القائد حسني مبارك واقفاً على قدميه طوال الرحله في ممر القطار صامتاً تماماً و مشيحا بناظريه خارج القطار ، تنضح قسمات وجه بالكآبه الشديدة ، و أصدر أمره للطواقم بالإستراحة تماما لطول الرحله و ما سبق و عانيناه ، و لإننا سنستأنف العمليات من فورنا بما نملكه من طائرات متوفرة فى بنى سويف فور وصولنا ( على حد توقعه ) ، فمنا من إستلقى على الأرض و منا من إعتلي أرفف القطار و منا من نام على الكراسي ، فقد كان قطار من الدرجة الثالثة ، و من منا يستطيع النوم في مثل هذا اليوم و في هذه الحاله السريعة المواقف ، المتلاحقة الأحداث ، الجسيمة النتائج ، وقد أصابنا التوتر جميعا ، فمن الإرهاق الشديد ، و شدة الموقف العصيب ، و عدم تمكننا طوال تلك الفتره من الوصول لأي مأكل أو مشرب يعيننا على الإستمرار ، فنحن في يقظة تامه منذ الساعة السابعه من صباح اليوم و إستنفذنا كافة جهودنا منذ تلك الدقيقه التي بدأ فيها الهجوم و حتى اللآن .
سحابة من الكآبه الشديده تغطي جنبات القطار ، تزيد وطأتها مع إنطفاء الأنوار الداخلية ، و تكرر توقنا لمدد طويله ، و أصبحت الدنيا مظلمة في أعيننا .
حتى هذه اللحظه لم نستوعب ما حدث بالتفصيل ؟؟ فكل أملنا فى توفر الطائرات فى باقى المطارات و نتمسك جميعاً ببصيص من الأمل بأننا حين وصولنا سنجد طائرات بإنتظارنا لإستخدامها في الرد على هذه الهجمه ، فمطار بني سويف كان به حوالي 20 طائره ، لقد أقلعنا بسته منها تم تدميرهم في الأقصر ، يتبقى أربعه عشر طائره. ونعلم جيدا بأن قاعده بنى سويف عليها دفاع جوي جيد من الصواريخ و المدفعيه المضاده للطائرات ؟؟؟؟ .
خلال الرحلة من الأقصر …. توجهت لحسني مبارك لأستفسر منه عما حدث … يا أفندم : ماذا حدث ؟!
فأخبرني بأن كافة المطارات قد تم ضربها ،و صمت ، و صمتت ليعلق في نفسي ما علق …..
وصلنا محطه بنى سويف و نور الصباح قد سطع منذ قليل .
و كانت محطة قديمة ، رصيف عال ، و كشك خشبي مثل كشك الحديقة ، و نزلنا لميدان المحطة لنجد في إنتظارنا أتوبيس ماركه نصر ليقلنا و الأتوبيس مضروب بصاروخين أحدهما قسمه إلى قطاعين و الأخر مزق هيئته تماماً ، و تعرفت على السائق المتوقف بعيداً فهو السائق الذي يقلنا أثناء نزولنا في الأجازات ، فناديته لأسأله عن هذا الشئ الذي جلبه ليقلنا فيه ، فأخبرني بأنه الأتوبيس الوحيد الذي يتحرك – الوحيد الذي يتحرك – أين باقى الأتوبيسات ؟ أين السيارات ؟ أين الطائرات ؟! !!
فرد : طائرات إيييييه !!!!!! – لايوجد سوى هذا الأتوبيس و سيارة العقيد حسني كانت بعيده عن إتجاه الضرب – كله راح يا أفندم ……….
إستقل حسني مبارك سيارته و رحل ، و إذ بنا نستقل الأتوبيس المحطم و بالطبع كنا نعرف الطريق إلى القاعدة ، إلا أننا وجدناه يغير إتجاهه لإتجاه أخر سألناه إلى أين تتجه بنا ؟
فأخبرنا بأن التعليمات قد صدرت لنقلنا إلى مدرسة فى مدينه بنى سويف. دخلنا إلى مدرسة ثانوي ليكون الإستقرار بها ، فقد تملك القيادة الخوف علينا و الخوف من إستهدافنا تحديداً ، تم تجهيز عده فصول من المدرسة بالأسرة ، و حال إستقرار الوضع بدأت تتواتر الأخبار بما تم ضربه هنا و هناك .
طلبنا التوجه لقاعدتنا ببني سويف لإستطلاعها ، و كان الرفض التام هو الرد ، تنفيذاً لتعليمات حسني مبارك قائد القاعدة و قائد اللواء ، و كان الطيران الإسرائيلي بهذا اليوم 6 يونيو 1967 مستمر فى تدمير باقى المطارات .
وهنا لا بد أن أذكر من شاهد عيان على أحداث 5 يونيه 67 بأن القوات المسلحه المصريه بكافه أفرعها بريه و بحريه و جويه قد ظلمت ظلما بينا و نسب الها بأنها هزمت فى هذه الحرب
و للتارخ و الشهاده لله القوات المسلحه لم تحارب على الأطلاق فالقوات اللتي تمركزت فى سيناء تم أعاده تمركزها ( تحرك من موقع لموقع) لعده مرات و فى وقت قليل جدا مما جعلها تستهلك تقريبا (الدبابات على سبيل المثال تحركها من مكان الى مكان لا بد أن يتم على عربات مخصصه لنقلها ) و تم تحركها على الجنزير المحدود العمر و عدم أعطاء القوات البريه الفرصه لعمل أستحكامات للمواقع و التحصين الجيد و اصبحت مكشوفه فى العراء.
القوات الجويه كل طائراتها تصطف خط واحد على الترامك و بدون أى حمايه
و الأهم من كل ما سبق أن كل الدفاع الجوى المصرى كان مقيد
( عدم ضرب أى أهداف جويه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ) من الساعه 9 صباحا و لحين صدور موعد أنتهاء التقييد لأن السيد المشير عبد الحكيم عامر على متن طائره اليوشن 14 متوجه من مطار الماظه الى مطار المليز ( فى سيناء ) و الأهم أن كل قيادات الجيش تاركه قيادتها و فى أنتظاره فى ألمطار ؟؟؟؟؟و الأعجب و الأعجب و الأعجب!!!! تقييد الدفاع الجوى فى كل أنحاء الجمهوريه من المليز الى مرسى مطروح و من الأسكندريه الى أسوان ؟؟؟؟؟؟ شئ لا يصدقه عقل ؟؟؟؟؟؟
وبعدها يقول البعض أن القوات المسلحه المصريه هزمت فى 67 ؟؟؟؟
ثم صدور الأمر لكل القوات فى سيناء عند بدء الهجوم بالأنسحاب السريع بدون أى تخطيط الى المضايق و بدون أى تنظيم مما جعل القوات تتجمع عند المضايق و تكون هدف فى غايه السهوله و خصوصا مع عدم تواجد اى غطاء جوى معهم؟؟؟
مأساه من كل الوجوه مسؤل عنها قاده القوات المسلحه .
القوات المسلحه المصريه لم تهزم فى كل تاريخها و لن تهزم أبدا باذن الله و صدق رسول الله حين قال ( جند مصر خير أجناد الأرض )
بعد ما كان من تدمير لقواتنا في 5 يونيو 67 وصلت دفعة أخرى من الطائرات القاذفه و توجهنا بها إلى العراق
صوره من مدفع طائره اسرائيليه اثناء الهجوم علي قاعده بني سويف
التوجه للعراق
أقلعنا من بني سويف قبل أول ضوء بإتجاه الأقصر على إرتفاع 1 كلم ، ثم عبور البحر الأحمر ، و المرور بالمملكة العربية السعودية دون أي إخطار أو إتصالات تذكر على إرتفاع 2 كلم ، و من ثم الإنحراف في إتجاه الكويت مرتفعين لإرتفاع 6 كلم في سرية تامه أيضاً و دون إخطارات أو إتصالات من أي نوع و من الكويت الوصول لوجهتنا المعلومه قاعدة الحبانية – بغداد – العراق .
إستمر هذا الوضع لعدة أيام متتالية مع إستمرار وصول الطائرات من روسيا و من ثم نقلها إلى العراق حتى تم نقل كامل اللواء إلى العراق .
و جدير بالذكر أن هذه الطائرات كانت قد سبق إستخدامها في روسيا )مستعمله) و لكنها لم تكن مستهلكة ، فقد كانت من الطائرات العاملة بالتشكيلات الروسية ، و هذا ما إعتدنا عليه من الروس فلم نكن نتسلم منهم طائرات جديدة نهائياً ، فجميع ما يتم توريده لنا من طائرات مستعملة.
كان الإستقبال في العراق في منتهى الرحابة و معاملتهم لنا كانت تتميز بالرقي و الإحترام المتبادل ، و بعد وصولنا للعراق وجدنا أن القوات الجوية الأردنية تخلي مواقعها بالأردن لتصل إلى قاعدة الحبانية أيضاً ، و تستقر هي الأخرى.
و في حقيقة الأمر فإن قاعدة الحبانية ، تتكون من قاعدتين أحدهما معسكر جيش كبير تعسكر به فرقة بالكامل ، و بها ممر إقلاع يتمركز به سرب هوكرهنتر عراقي ، و هو الذي إنضم له السرب اللأردني و كان أيضا من الهوكر هنتر ، و كان يقوم على تدريب الطيارين العراقيين و الأردنيين بهذه القاعدة مجموعة من مدربي الطيران الباكستانيين . و بالطبع نشأت علا قات وطيده بيننا و بين الطيارين العراقيين و الأردنيين ومنهم صديقى العزيز اللواء طيار الركن فاروق عبدين اللذى مازلت على أتصال به حتى اليوم.
و بجوار الحبانية كان يوجد ما يسمى البلاتوه عبارة عن طريق يصل إلى هضبة بإرتفاع 100 م و بها قاعدة للقاذفات ، يستقر بها سرب قاذفات TU16 عراقي و به كان إستقرارنا الذي إستمر لما تبقى من عام 67 و عام 1968 و جزء من 69
إستمرت التدريبات و بكثافة على التشكيلات الهجوميه للتدريب على الطيران المنخفض و قذف القنابل من مختلف الإرتفاعات ( منخفض / متوسط / عال ) التدريب على المناورات وأختراق الضاحية على الأرتفاع المنخفض جدا و كافة التدريبات تتم ليليه و نهاريه على السواء ، تدريب شاق مكثف بدأ مع وصولنا و
مضت مدة 40 يوم منذ وصولنا العراق و لم يكن أي منا قد حصل على أجازة
وفى أحد ألأيام هبطت طائره أنتونوف و معها العقيد طيار أحمد عرفه ليخبرنا بأنه تعين قائد للواء و أن العقيد طيار حسنى تقرر ترقيته أستثنائيا الى رتبه العميد و نقل الى مدير الكليه الجويه
عام 1969
خلال تواجدنا بالعراق و أثناء قيامي بأحد الطلعات للطيران الليلي ، إتصل بي برج المراقبة ليخبرني بالعودة للقاعدة فورا ، قمت بإلغاء الطلعة و أتممت الهبوط و كان ذلك في حدود العاشره مساء ، توجهت لأحمد عرفه فأخبرني أننا في صباح الغد سنقلع بطائرتين في تمام السادسة صباحا .
فقد صدرت تعليمات بتمركز طائرتين Tu16 في مصر ، و قد قرر بأن كلانا سيقوم بهذه المهمة ، و لم أنا ؟؟؟ ( لا أعلم ) ، و الغريب أننا قد مر علينا سنتين في العراق تقريبا و لطول المده فقد قررت إستقدام زوجتي للإقامة برفقتي ، و قد تم توفير سكن ملائم بمنطقة العائلات و تشاء الأقدار أن نفس اليوم الذي سأغادر فيه العراق هو اليوم الذي ستصل فيه زوجتي في الحادية عشر ظهراً ، و لم يكن هناك أي وسيلة للإتصال بها في هذا الوقت ، و كانت عائلة العميد أحمد عرفه قد وصلت إلى العراق منذ شهر تقريباً ، و كان دائم التشجيع لي لإحضار عائلتي برفقتي ، فذكرته بالأمر و تناقشت معه في الأمر و بأن زوجتي ستصل اليوم فطمأنني بألا أقلق بشأنها و بأنه سيخطر زوجته للقاء زوجتي فى مطار بغداد الدولى و إصطحابها معها حتى عودتهما سوياَ للقاهره ، و بالطبع كان أحد المواقف الصعبه التي عشناها في هذه الفترة .
صدرت التعليمات لنا بأننا سنتلقى إخطار بجهة هبوطنا من قاعدة بني سويف بعد الإتصال بها لاسلكيا في رحلة العودة ، قمنا بالإقلاع في السادسة صباحاًو فور الإتصال بقاعدة بني سويف أخطرتنا بأن الهبوط سيكون في قاعدة أنشاص ، هل سنهبط بالـ Tu16 في قاعدة أنشاص ؟؟؟ قاعده جويه على الجبهه؟؟؟؟؟؟
أنشاص تبعد عن خط القناة حوالى 120 كم على أكثر تقدير مما يعني انه مطار جبهه معرض للقصف الجوي المعادي في اي وقت ، و قمنا بالهبوط في أنشاص ، و خرجنا من ممر الهبوط لنتوقف بالطائرتين على المدارج الفرعية ، و كان يتمركز في القاعدة لواء ميج 21 لنجد لقاء طياري اللواء المقاتلات مندهشين بشدة من هذا المشهد ، ما الذي جاء بهذه المصيبة إلى هنا ؟؟؟ و كان من طياري اللواء ( أحمد أنور – كامل المواوى(وهو زوج أختى) – و غيرهم ).و أخبرهم العقيد عرفه بأنه مستغرب أكثر منهم ؟؟؟؟
و بدأت تنهال التعليقات من كل نوع – يا أفندم وجود هذه الطائرات سيفتح علينا أبواب جهنم – بالطبع سنستهدف – هل ينقصنا هذا العبء ؟
فأفهمهم أنها تعليمات و قد صدرت و ما باليد حيلة .
و أخذنا الطائرات للبحث عن أي مكان نستطيع أن نواريها فيه ، و وجدنا هنجر كبير نسبياً فقمنا بوضع الطائرتين بجانبه وتم التمويه عليها بالشبك خوفاً من رصدها في أي عملية إستطلاع ، و بالطبع كانت عملية بدائية تستحق السخرية ، و لا يقال عليها شئ بخلاف هذا .
نحن لا نفهم سبب تواجدنا بهذه القاعدة ، و في اليوم التالي نجد سيارات محملة بالذخائر الخاصة بنا من القنابل ليتم تحميل الطائرات بها ، و تجهيزها للعمليات من وقود و خلافه .
لم نكن قد حصلنا على أية أجازات طوال فترة تواجدنا بأنشاص ، و من المواقف المضحكة أنه فور وصولي لأنشاص إتصلت بوالدي تلفونيا ليفاجئ و يتسائل عن كيفية إتصالي به من العراق فأخبرته بأني لست بالعراق و بأنني في أنشاص ، متى وصلت لأنشاص ؟ ماذا تفعل بأنشاص ؟ زوجتك ستصل للعراق الآن و قد أقلعت طائرتها في الصباح فماذا ستفعل ؟
فأخبرته بأنه صدرت التعليمات بأعاده التمركزولا اعلم ما سيحد ث أو ماذا أفعل!
و حتى هذه اللحظة لا أعلم سبباً لما قمنا به !!!
و كلما مرت مدة الخمسة عشر يوماً كنا نضطر لإفراغ طائرة من القنابل و تخفيض كمية الوقود للقيام بطلعة تدريبية واجبة ثم نعود لعملية الإخفاء الغريبة ليستمر هذا الموقف الهزلي العجيب لمدة ثلاثة أشهر في أنشاص .
والموقع يتشرف بوجود سياده اللواء معنا ليرد علي اسئله او تعليقات للزوار فلا تبخلوا بأسئلتكم او تعليقاتكم
عام 1970
صدرت التعليمات لتمركز سربنا Tu16 في بلبيس فتوجهنا بسرب بقيادة بدر دامير للتمركز بقاعدة بلبيس , و كانت بالقاعدة لواء مقاتلات قاذفة سوخوي
و تكرر نفس الموقف الذي لاقيناه من طياري أنشاص من طيارى لواء السوخوي
و كان السبب في ذلك بناء أقفاص حديديه مغطاه بألشباك للطائرات بداخل المزارع و بغرض التمويه، وهو تصرف غبى جدا لمن أعطى هذا القرار لأن هذه الأقفاص أرتفاعها أعلا بكثيرمن الأشجار المحيطه بها و بالطبع ممكن رصدها بسهوله فى الصور الجويه.
و بالرغم من ذلك و حتى يومنا هذا لو سألتنى عن سبب تمركز Tu16 في قاعدة بلبيس ؟؟!! لا أعلم !!! لأنه شيئ غير منطقى على الأطلاق!!!!
و بوصول بقية طيارينا من العراق أصبح تمركزنا ، سرب فى ببلبيس و السرب الأخر تمركز بقاعدة جناكليس بالإسكندرية ” و شيد لها أقفاص أيضاً “
بعد عده شهور صدرت تعليمات بالتمركز بالسرب فى قاعده بنى سويف .
و إستمرت تدريباتنا المعتادة في بني سويف و مضت الأحداث ما بين التدريب و الأجازات و الغارات المستمرة علينا طوال الليل ، و لبس الخوذ و الهرولة للخنادق بملابس النوم ، لقد عشنا فترة عصيبة جداً ، و كانت الطائرات مكشوفة في العراء في هذه الفتره فأين نستطيع إخفائها و أين سنذهب بها ؟؟؟
بحلول عام 1971 و بعد عودتنا من العراق أصبح هناك ضروره للحصول على طائرة تستطيع ضرب العمق الداخلي لإسرائيل ، و كان هذا التوجه نابع من شخص الرئيس السادات للرد بضرب العمق الإسرائيلي بعد ما كان منهم من جرائم ضرب أهداف فى العمق المصرى وخاصه المدنيه ( بحر البقر ، و مصانع أبوزعبل ، …. ) .
كان عرض الروس وقتها يتمثل في إمدادنا بالطائرة TU22 ، و في هذه الفترة كان حسني مبارك قد تم ترقيته أستثنائيا الى رتبه اللواء و تعيينه فى منصب رئيس الأركان ، و صدرت لنا التعليمات بدراسه هذه الطائرة ، و رفع تقرير عنها و كانت نتيجة الدراسة أن رفضناها رفضاً باتاً .
فقد كان يقال بأنها :
1. طائرة أسرع من الصوت ، و إتضح أنها دون سرعة الصوت
2. حمولة القنابل فوق التسعة طن ، و إتضح أن حمولتها تسعة طن
3. طائرة عجلات الهبوط بها أسفل جسم الطائره ( تندم ) مما يعقد عمليه تحميل و تفريغ الذخائر و يجعلها تحتاج لوقت أطول من المعتاد
4. طائرة لها طيار واحد دون مساعد ، و يرافق الطيار الملاح في مقدمة الطائرة ليساعده في الملاحة الجوية .
فلم يكن هناك ما يميزها في نظرنا عن TU16 ، بل على العكس فالـTU16 تتميز عنها بسرعة التحميل و طول المدى بخلاف تمرسنا التام عليها
أما الفارق الجوهري في هذه الطائرة الذي إتضح لنا أنها بالفعل تستطيع إختراق حاجز الصوت و لكن لتصل لهذه السرعه يجب أن تكون على إرتفاع 12 كلم ، أما في الإرتفاعات اللتى اقل من ذلك فهي في نفس سرعة الـTU16 .
أخذت الدراسة التي قمنا بها و توجهت لحسني مبارك و عرضت عليه ما توصلنا له من أن للطائرتين نفس المواصفات تقريباً و أننا نرجح الحصول على
الـ TU 16 KSلما سلف ذكره من أسباب. ( توصلنا الى المعلومات عن طريق كتب الطيران الأمريكيه و البريطانيه / الجينس ) .
وفى عام1972 تقرر أمدادنا بطائرات TU-16-KS و بصواريخ أحدث من اللتى كانت عندنا قبل 67 . كان أقتراح الروس أنعقاد الفرقه فى روسيا
و تم الإستقرار على طلب إستقدام المدربين الروس و تم تدريبنا بقاعدة أسوان .
تم إختيار ستة طيارين للحصول على هذه الفرقة و كنت رقم ( 5 ) في هذه المجموعة ، و لم أكن سعيدا للحصول على هذه الفرقة فقد وصلت لمركز رقم 3 فى الأقدميه في سرب القاذ فات و برتبة رائد لأجد نفسي أتراجع لرقم ( 5 ) في سرب جديد
في هذا الوقت كان حسنى مبارك رئيس ألأركان ، فتوجهت إليه بحكم ما جمع بيننا من علاقة خلال فترة عملنا سوياً لأسأله عن سبب نقلي لسرب Ks الجديد ؟؟ فأخبرني بأنه هو من إختار الطيارين المنتخبين للحصول على هذه الفرقة لتكوين سرب Ks ، بل هو من قام بترشيحي بنفسه ضمن هذا السرب .
و السبب في ذلك هو علمه بأن الروس لا يطلعونا على كافة المعلومات عن أي سلاح يمدوننا به و بأنهم يحتفظون لأنفسهم دائماً ببعض الأسرار حتى لا نستطيع الوصول لإمكانيات و قدرات الأسلحة بصورة كاملة في غير وجودهم (حسب نص كلامه ) و عليه فكان تكليفه لي و لرؤؤف حلمي بدراسة الطائرة بصورة جيدة لماوصفنا به بأننا ( شطار فى حفظ المعلومات ) لمعرفة كافة خبايا و خفايا الطائرة بحيث أنه و بعد رحيلهم نكون على علم بسلاحنا بصورة جيدة و في هذه الفترة الأقدميات غير ذات أهمية ، و الأهمية القصوى تكمن في تحضيرنا للحرب
و بالفعل بدأت تظهر بوادرالإستعداد للحرب في هذه الفترة بجدية .
توجهنا إلى أسوان للحصول على الفرقة و كانت تنقسم إلى قسمين ( نظري / عملي ) .
فالقسم النظري ينحصر في محاضرات يومية من التاسعة صبحاً و حتى الثانية بعد الظهر ثم راحة لمدة ساعة حى الثالثة لنستأنف المحاضرات حتى الخامسة مساءاً – دراسات نظرية بحته .
و قد علمنا أن هذه المرحلة قدر لها فترة ثلاث أشهر ، ثم الجزء العملي ( كورس الطيران ) و قدر له ما بين الخمس و الستة أشهر .
كان العميد طيار أحمد عرفه قد أصبح المسئول عن القاذفات بشعبة التدريب في هذا الوقت بعد نقله من قيادة اللواء فعرض عليهم تقليص المدة لأن الطيارين المختارين لهذا السرب من المستوى A و مختارين بعنايه لهذا السرب .
فقد كان النظام الروسي يصنف الطيارين الى ثلاث فئات A – B –C و يتم تمييز الطيارين عن طريق علامة زرقاء توضع على لباس الطيارين بها فئة كل طيار و جميعنا كنا من الفئة الأولي A (طيار ممتاز) ، و لاكنهم تشككوا فى هذا المستوى و أنه مماثل لما عندهم.
فعاد و إقترح عليهم إقتراح ظريف جداً بالرغم من كونه أدى إلى إستفزازنا ، فقد كنا في نهاية العام و بنهاية كل عام يتم إختبار الطيارين لتجديد الفئة لكل طيار ، و الإختبارات تتم بشقيها النظري و العملي و يجب أن نحصل على معدل فيما فوق 90 % للحاصلين على مستوى A و من لا يستطيع الحصول على النسبه المطلوبه يتم تخفيض فئته من A إلى B ، و عليه فقد اخبرهم بأننا لم نقم بالإختبارات حتى حينه ، فما رأيكم في القيام بإختبارهم بأنفسكم ؟؟؟ و عاد فأخبرنا بذلك ، و أكد علينا بأن الروس هم من سيقومون بإختباركم . و لكوننا فى فرقه دراسيه لم يقم أى منا بالطيران لمده شهر ، و هو عامل مؤثر للغاية حيث الطيران عملية تكتسب بالممارسة و كلما طال إبتعادك عنها تفقد كفائتك و حساسيتك تجاه الطائرة .
ألقى الروس محاضرة للتلقين ، ثم أعدوا الإمتحان النظري و تم توزيعه و كان يخص Tu16 القاذفة للقنابل و بحمد الله حصلنا جميعاً على معدلات تتخطى الـ 90 % المطلوبة .
و عليه حدد الروس اليوم التالي للقيام بأختبار الطيران نهاري و ليلي .
و كانت المشكلة الرئيسية أن من يقوم بهذا الإختبارمدرس روسي لا يتحدث لغتك و لا انت تتحدث لغته ، و عادة المدرس القائم بالإختبار يسأل المختبر عما يقوم به و أسبابه في ذلك و يعرض عليه مجموعة الحلول المختلفه ليصل إلى المعرفة التي يقيس بها قدرات الطيار محل الإختبار ، و لكن المدرس روسي و لا توجد بيننا لغة مشتركة و الشئ الوحيد الذي ساعدني إلى حد ما وجود ملاح مرافق لي كان قد حصل على فرقة الملاحة بروسيا و يستطيع إستنباط بعض الكلمات .
و إنتهت الإختبارات النهارية و الليلية ثم توجهنا لغرف التلقين و حضر جميع المدرسين الروس ليخطب فينا قائدهم خطبة عصماء و كان تعليقه بأن كافة المدرسين الستة الخاصين به و القائمين بإختبار الطيارين و هم من الذين يقومون بإختبار الطيارين في روسيا و تحديد فئاتهم قد أكدوا جميعاً بكون الطيار محل الإختبار أفضل من مدرسه .( اي افضل من المدرس نفسه )
و كانت شهادة منهم نعتز بها ، بالتالي فمن الغد سنجلس معكم للتدارس في كيفية تعديل الكورس الجديد المقرر لدراسة Tu16-Ks .
تم إختصار فترة التدريس النظري من ثلاثة أشهر إلى شهرين ، أما الستة أشهر طيران فتم إختصارهم إلى 30 يوماً بالضبط لكافة الطيارين .
و بدأت الدراسة و كان هناك عدة فروق بين طراز القاذف للقنابل (البومرز) و طراز Ks من حيث نظام الوقود و الرادار و فرق في وزن الطائرة ، فرق في وضع الطيران بدون صواريخ أو برفقه صاروخ واحد أو صاروخين .
فالصاروخ الواحد يماثل حجم طائرة ميج 15 و بوزن 3 طن فارغ ، و للإقلاع أو الهبوط بحموله من صاروخ واحد فالوضع غايه في الصعوبه و يحتاج لإحساس مختلف و تدريب مختلف عن الإقلاع بصاروخين و الهبوط بهما أو بدونهما ، فوضعك دائم التغير من وضع الإتزان لوضع مختلف الإتزان تحتاج فيه للكثير من الإحساس للسيطرة على الطائرة و التحكم فيها .
قد كنا جميعاً نحتاج على الأقل لعشرين طلعة متنوعة لكل منا ، و مع ذلك قام كل منا بطلعة إختبارية واحدة محملاً بصاروخ واحد . و يا لها من صعوبة ، و بسؤالهم عن سبب ذلك و لم لا نختبر بدايه بصاروخين ، فكان الرد بأنه لا يلزم فإذا قمت بالإقلاع و الهبوط محمل بصاروخ واحد فقد تم كل شئ كما ينبغي ، و لذا فلنبدأ بالصعب أولاً .
و ما أن قمت بطلعه واحده أستغرقت 15 دقيقة إقلاع و هبوط بصاروخ واحد إلا و حصلت على إجازتي بالطيران solo (منفرد) و نفس الوضع بألنسبه لباقى الطيارين ( رؤوف حلمى/محمد طموم/ فاضل فتحى/ جورج الجاولى/محمد كريدى/ يوسف رحمى/أحمد مصطفى ) .
و بعدها قمنا بإختبار أختراق الضاحيه ، و إطلاق الصواريخ ، و تمت جميع الإختبارات بنجاح .
أذكر هنا موقفاً حدث أثناء فترة الدراسة النظرية حيث فوجئنا بوصول طائرة على متنها رئيس الأركان اللواء ا حسني مبارك ليجتمع معنا و يخبرنا بأن الرئيس السادات سيصل غداً لز يارتكم و لرؤية الطائرة الجديدة ، و يجب أن تعدوا أنفسكم لذلك جيداً ، و المطلوب تجهيز طائرة داخل الهنجر محملة بنوعي الصواريخ و طلب مني القيام بعرض و شرح الطائرة للرئيس محمد أنور السادات ، و أن أعد نفسي بسرعه لأرافقة إلى فندق كاتاركت في أسوان لأشرح له ماهية هذة الطائرة و قدراتها .
رافقته إلى كاتاركت جلسنا في راحة و طلب مني شرح قدرات و إمكانيات الطائرة ، فشرحت له كل شئ عنها ، و ما ان إنتهيت ، إلا و وجدته قد بهته الأمر ، و رد بأننا لم نكن نعي دورها بهذه الصورة ، و أن ما أقوله كلام خطير ، فنحن نعتقد أن هذه الطائرة و بهذه الصواريخ تمكننا من ضرب أي هدف نرغب في تدميره داخل إسرائيل .!!!!
فأوجزت له الشرح مره أخري و بأنه للأسف لا نستطيع القيام بهذا الدور ، فطلب مني الأيضاح بالتفصيل و قمت بذلك ( و سيظهر تباعاً من خلال حديثنا كيفية عمل الطائرة و كيفية إطلاق الصواريخ المحملة بها ) .
فأعاد رده بان هذا الأمر مفاجئ كلياً له و للقيادة العامه ، و طلب مني التوجه لشرح هذا الوضع الى وزير الدفاع الفريق صادق ، حيث سيصل باكر قبل الرئيس الذي سيصل في حدود الواحدة ظهراً .
”فى اليوم التالى في تمام الساعة التاسعة تكن متواجداً بإستراحة
الفريق صادق ( وزير الحربيه ) “.
وصلت الإستراحة كما طلب مني في التاسعة صباحاً ، و دخلت إلى غرفه كبيره بهاالعديد من الصالونات هنا و هناك ، و أنتظرت لمدة عشر دقائق ، و إنفتح باب و دخل منه الفريق صادق ، و أغلق من خلفه بعد دخوله لينفرد بي الفريق صادق داخل هذا الصالون دون وجود اي فرد سوانا ، وقفت من فوري و أديت التحية العسكرية و طلب مني الجلوس ، و ظل واقفاً ، فتترددت لأنه ما زال واقفاً ، فامرني بالجلوس و كان مزاجه حاداً بعض الشئ ، فجلست ، و لك أن تستشعر مدى الرهبة في اللقاء !! فها هو وزير الدفاع الفريق صادق بكامل هيئتة و هيبته العسكرية بلبس أفرول الميدان و الفيلد بوت و قد كان يتحلى بجسد ضخم قوي ، و أنا رائد بالقوات الجوية و لأول مره أراه وجهاً لوجه .
فإنطلق الرجل في الحديث دون أن أنبس بكلمه ، قائلا ” انا مستاء من الروس ، ” دول قرف ” ، إنهم لا يعطونا ما نريده ، لا يقومون بمساعدتنا بشئ جدي ، إننا لن نستطيع القيام بالحرب طالما نتتبع خطاهم و مشورتهم ، هم سبب العجز في كافة قطاعات التسليح ( عدد المدافع ناقص ، عدد الكباري ، الذخائر ، كل الطلبات لا تجاب……….. ) و إستمر الرجل في شكواه ( مر الشكوى ) دون أن أتكلم و إنصب محور شكواه بأننا لن تقوم لنا قائمة طالما نتبع الروس ، ثم أشار إلى أنه يفهم ما انا قادم لإخباره ، و أستمر فى حديثه لمده لا تقل عن نصف الساعه ذاكرا كل مشاكل القوات المسلحه و بالتفصيل و أ لأرقام مما لا يجب أن أسمعه على الإطلاق ، فكان الرجل رحمه الله كمن يفرغ كبت هائل بداخله و هو يعلم بأني سألقي بيان عن الطائرة عما قليل للرئيس السادات ، فطلب مني بأن
أخبرالرئيس بكل ما أريد خلال هذا البيان ، و أكد على انى تفهمت ذلك ؟؟؟؟!!!
ثم اضاف – لا تحكي لي أي شئ – ،( فهمت بعد ذلك ما كان يحدث من صراع للقوى و قد كان الفريق صادق على إختلاف مع الرئيس أنور السادات و يريد أن يثبت له أن السلاح الروسي سئ للغاية بالمقارنه بالسلاح الأمريكانى )
وصل الرئيس السادات في الواحدة و دخلنا إلى الهنجر و الطائرة معدة بالكامل و الصواريخ محملة بها و الذخائر كاملة و المشهد كان جميلاً .
توجهنا لغرفة المحاضرات و كانت بها 400 فرد تقريباً شغل نصفها الخلفي المدرسين الروس و المهندسين و شغل النصف الأمامي أفراد القوات المصريه و في الأمام توجد منصة صغيرة وضع عليها منضدة و كرسيين أحدهم للرئيس السادات و عن يمينه الفريق صادق .
أمامهما مباشرة يستقر ستة أفراد على كراسيهم ( رئيس الأركان محمد حسني مبارك ، قائد القوات الجوية على بغدادي ، القادة الروس ) و وجدت حسني مبارك يمسك بيدي و يأمرنى بالوقوف عند مدخل الغرفه فى مكان ظاهر جدا .
ثم دخل الرئيس أنور السادات و الجميع إنتباه حتى إتخذ كرسيه و بدأ في حواره بطريقته الجميلة المحببة و في النهاية أشار بانه أحضر هذه الطائرة و طلبها من الإتحاد السوفيتي لضرب المثلث و نظر خلفه فلم يجد خريطة للشرح و قال مفيش خريطه فرد أحد الحضور بأنه سيحضر خريطه بسرعه فرفض و علل بأن الأمر لا يستدعي فهو سيخبرنا بما يريد فجميعكم طيارين تملكون الوعي و المعرفة ، أنا أرغب بضرب أى هدف داخل المثلث من إيلات لبير سبع لحيفا ، أريد ضرب أي هدف و كما قاموا بضرب عمقنا تقوموا بضرب عمقهم بهذه الطائرة و الصواريخ الخاصة بها.
فنظر إلى حسني مبارك و بأشاره يريدنى أن اتكلم فرفعت يدى طالبا الإذن بالتحدث ( بعد إذنك يا أفندم ) و كان الرئيس السادات ما زال واقفاً ممسكاً بعصاه المارشالية مشيراً بها على السبوره بشكل المثلث السابق الحديث عنه ، فطلبت الإذن بالتحدث للمرة الثانية فلم يكن قد سمعني للمره الأولى و كررت مرة اخرى بصوت أعلى عن إذنك يا أفندم ، فنظر إلى و برد تلقائي : نعم يا إبني .
فرددت بأننا لا نستطيع ضرب أي هدف كما أسلفت سيادتك ، و كان أحد المواقف العصيبة التي مررت بها ، و قد أصيب حلقى بالجفاف تماماً ،و أرتفع الأدرينالين في دمي ، و الموقف صعب فأنا أعلن هذا الأمر في حضور عدد كبير من الروس و قاداتهم ، و العديد من افراد القواات المصرية و قيادتها و على راسهم رئيس الأركان و وزير الحربية ،
فرد على الرئيس السادات : ماذا تعني بأنه غير ممكن ؟
فأخبرته بأن الأهداف التي نستطيع إصابتها أهداف لها نوعية محدده و ليست جميع الأهداف التي تتوقعها سيادتك فرد علي : طيب طيب ، سنتحدث سوياً .
و تماسك بطريقة تشير إلى انه لا يوجد ما يستدعي القلق على الإطلاق و إسترسل في حديثه حتى أنهى محاضرته ( ربنا يوفقكم ، و اعدكم بأننا سنحارب ، و سنستعيد حقوقنا و كرامتنا )
و هم ليغادر القاعه و بعد نزوله عن منصة المحاضرات أمسك بيدي : تعالى يا إبني .
خرجنا لممر ضيق متجاورين و هبطنا الدرج و توجهنا إلى الهنجر حيث الطائرة (وهو ممسك بيدى ) و توقف أمام مقدمة الطائرة ( و انا أحب السادات و أحترمه و أحترم عظمته العسكرية ).
و قد لاحظ ما اصابني من هول و أهمية الموقف فبادرني بالسؤال عن عدم تأدية واجب الضيافه معه حتى بكوب شاي ؟؟ و كان طلبه محاولة لإزاله ما اصابني من توتر ، فإرتبكت و كدت أتوجه لطلب الشاي . فرد بأنه عندما يطلب الشاي سيصل حتى مكانه ، و بأنهم سيحضرون كل شئ و بألا أقلق .
أنا فقط أطلب شرب كوباً من الشاي ، و لتظل أنت واقفاً معي ، ماذا كنت تريد ان تقول ؟
يحيط بنا في هذا الوقت كافة القاده أقربهم منا على بعد عشرة أمتار من موقعنا .
و قد سبق و حذرني حسني مبارك أنه حال لقائي بالفريق صادق سيطلب مني غالباً إخطار الرئيس السادات بالأمر كاملاً و أنت تعلم ان الرئيس السادات لا علم له بعلوم الطيران فيجب أن تركز حديثك و تختصره بحيث تستطيع إيصال المعلومة جيداً من أقصر طريق ، و لهذا أعددت عدد من النقاط و ركزت عليها و إحتفظت بها مرتبة في ذاكرتي و فور سؤال الرئيس ألقيت عليه هذه النقاط المحددة بالتتابع من شرح لنظام الطائرة ، لنظم الرادار ، لنظم الصواريخ ( و سيأتي تباعاً ما نوضح به الصوره كاملة ) و لم يقاطعني بأي سؤال حتى إنتهيت من الشرح.
فنظر إلى رئيس الأركان حسني مبارك و طلب تجهيز غرفة للإجتماع لأنه يرغب فى الأجتماع فورا بكل من / أكبر رتبة من الخبراء الروس / قائد مدرسة التدريس القائمة بتدريب طيارينا الروسى / فسأله هل نجهز مترجم ؟؟ فرفض الرئيس السادات وجود مترجم ، و ينضم للإجتماع الفريق صادق و الرائد أحمد الجواهرجي .
و طلب مني أن أستعرض له الطائرة الموجوده أمامنا ، لقد كان يتحلى بقوة أعصاب فولاذية عجيبه . وقام الرائد طيار طموم قائد ثانى السرب بشرح الطائره و قدراتها و كذلك انواع الصواريخ و مداها و ألأهداف اللتى يمكن أن تتعامل معها بأختصار.
جهزت غرفة متوسطه السعه يتوسطها منضدة و أربعة كراسي .
فتح الباب و دخل الرئيس و كان ممسكاً بيدي و جلس و طلب مني أن أظل واقفا بجواره بينه و بين الفريق صادق وجلس القادة الأربعة تباعاً و كان حسني مبارك و على بغدادي حاضرين الإجتماع وقوفاً أيضاً .
و فجأة دخل علينا فرد من الياوران ليميل على الرئيس السادات و يخبره بأمر ما فإستدرك : أه أه
القذافي سيصل الآن و طلب من علي بغدادي قائد القوات الجويه بالمغادره لإستقبال طائرة القذافي حال وصوله .
و ظللت واقفاً أنا و حسني مبارك و باقي الأفراد جلوساً و بدأ حديثه باللغة الإنجليزية موجهاً للروس .
إن طياري يخبرني بأن هذه الطائرة لا تستطيع ضرب الأهداف التي طلبتها و عليه قمتم بإمدادي بطائرة لا تحقق أهدافي المرجوة .
فرد كبير القادة الروس ( من خبراء وزير الدفاع الروسي ) سيدي الرئيس في الحقيقة الطائرة تقوم بضرب الأهداف المطلوبة و تقوم بكذا و كذا … و بدأ يعدد ما تستطيع القيام به مخالفا لكل ما قلته للرئيس و مغالطا تماما للحقيقه .
فقاطعته و بصوت عال إنه يكذب يا أفندم .
و إستمر القائد الروسي في السرد فكررت بأنه : يا أفندم أنه يقوم بالكذب على سيادتك .
فربت على الرئيس السادات ، و قال لي أنا أعرفهم جيداً جداً ، إطمئن أنا لا أشك في أي كلمة صدرت منك .
و عاد الرئيس السادات موجهاً كلامه للقائد الروسي : هل تفهم ما يقول طياري ؟؟
فرد بانه لا يتحدث العربية فأخبره الرئيس السادات : إنه يقول إنك كاذب ، فطلب من الرئيس السادات أن يكرر ما قال : فرد عليه أنت كاذب .
هاج الرجل مردداً أنا خبير وزير الدفاع الروسي و الرئيس يتهمني بالكذب.
و عاد الرئيس السادات ليسأله كم عدد الصواريخ المتوفرة من كل نوع من نوعي الصواريخ التي تقوم الطائرة بإطلاقهم ، فرد عليه بأنه لا بد أن يراجع قيادته
بالإتحاد السوفيتي و هنا صاح الرئيس السادات …….أنا ألقائد الأعلي للقوات المسلحه و رئيس الجمهوريه و لما أسألك سوال ترد عليه فورا ….وعلى الفور نطق الرجل بعدد الصواريخ المتوفر من كل نوع و هو فى شده الخوف.
و أستمر الرئيس فى أسألته و الرجل يرد بمنتهى السرعه.
و نهض الرئيس السادات منهيا الأجتماع و طلب الجميع بمغادره الغرفه و طلب منى الأنتظار ؟؟؟
و سألني : لماذا يدعي أن هذه الطائرة تستطيع القيام بهذا الدور ؟؟؟
فأخبرته بأنه لتقوم الطائرة بمهاجمه أى هدف مطلوب لا بد أن يتوفر معها الآتى:-
شوشره و أعاقه على رادارات العدو
شوشره و أعاقه على الدفاع الجوى المعادى بالكامل
مقاتلات حراسه مباشره و مرافقه للتشكيل المهاجم
مقاتلات فى مظلات قريبه من التشكيل للتدخل السريع للحمايه
بمعنى أوضح شل كامل للدفاعات الجويه للعدو
و بألطبع كل المطلوب غير متوافر لدينا ( متوافر عند الأتحاد السوفيتى )
فرد : أنا فهمت ، إنهم يكذبون على
و طالبني بأن أرافقه في طريقه للإنصراف و في طريقه قابلنا النقيب طيار مصطفى كامل ، و كان معروفاً بالتدين و كان يقوم بآذان الفجر يومياً بميس الضباط فخرج مهللاً.
يا سيادة الرئيس يا سيادة الرئيس : فرد عليه أيوه يا إبني
فرد بدوره : طول ما إحنا حاطين إيدنا في إيد الكفرة دول ربنا لا يمكن ينصرنا يا أفندم ، دول مشركين بالله ، إنهم عبدة الطاغوت يا أفندم .
فرد عليه الرئيس يا إبني أنا فاهم كويس : هل ترغب في قول شئ أخر ، فرد لا يا أفندم فرد عليه الرئيس : انا فاهم و الله .
و أستقل سيارته و أنا ما زلت أمامه و قال لي ستسمع أخباراً جيدة و ستكون سعيداً . و أعتقد أن هذه الزياره كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
الله يرحم الرئيس السادات فقد كان رجلا عظيما .
بعدها بحوالي خمسة عشريوم تقريبا قام الرئيس بطرد الخبراء السوفييت من مصر و لكنه أمر ببقاء المدرسين اللذين يقومون بتدريبنا على الطائرات لحين أنتهاء الفرقه .
فى أواخر 1972 أنتهت فرقه التدريب و غادر اللواء الروسى و تبقى منهم ( بناء على طلبنا ) قائد المدرسه ( طيار ) و معه 2 من الخبراء كل متخصص فى نوع من الصواريخ.
فالصاروخ K11 صاروخ مضاد لمحطات الرادار.
و الصاروخ K16 مضاد للدشم و الأهداف الصلبه يعمل بنظريه أختلاف التباين على الردار فيتم إستخدامه لضرب المباني أو السفن أو الكباري أو المطارات أوتجمعات المدرعات لو كانت فى العراء ؟
و يبلغ طول الصاروخ 6 أمتار بإرتفاع 1.5 متر تقريبا و له محرك صاروخي مكون من غرفة إحتراق يخلط بها الإكسجين السائل و النيتروجلسرين ليتم حرقهما سويا لتحقيق الدفع المطلوب وسرعته لا تتعدي 700 كلم على أقصى تقدير .
و تكوينهما كالتالي : رأس حربية TNT 3 طن ثم خزاني الأكسجين السائل و النيترو جلسرين السائل ثم المحرك الصاروخى ثم منطقة الذيل .
و تبلغ القوة التفجيرية للصاروخ 3 طن لكن مع إضافة مواد الإحتراق إذا تم توفيرها فقد تصل القوة التفجيرية إلى ما يقارب الـ 5 طن ، و توضيحا لهذه النقطه فإن إطلاق الصاروخ من نقطة أقصى مدى له سيعمل على إحتراق كامل مواد الإحتراق و بالتالي تكون قوته محدوده بقوة الرأس الحربية 3 طن ، و كلما إقتربنا من الهدف يتم توفير تلك المواد لعدم إحتراقها بالكامل فيزيد ذلك من القوة التفجيرية و تزيد قوة تأثيره .
تكمن خطورة هذة الأنواع من الصواريخ في وجود النيتروجلسرين السائل الذي من خصائصه شدية الخطوره .لأنه ماده شديدة الإنفجار تنفجر تلقائيا في حالتين إما إرتفاع درجة حرارته فوق الـ 40 درجة أو تعرضه للإهتزاز أو الإرتجاج
الشديد أيضاً .
و لك ان تتخيل ما تتعرض له طائرة مثل TU16 في الإقلاع و الهبوط من أهتزازات
لذا لابد من تفادى أي أهتزازات شديده أثناء ألأقلاع ، هذا بخلاف أنه في حالة عدم إطلاق الصاروخ فيمنع تماماً الهبوط به و طبقاً لما هو موصى به في كتيب الطائرة و يخصص مكان آمن للتخلص من الصواريخ .
في عام 1973 و خلال حرب أكتوبر هبط به العديد من طيارينا بالصواريخ الحيه
مع خطوره ذلك و بسبب قله عدد الصواريخ المتوفره ، و لكني لم أختبر هذه الخبره بنفسي ، و بحمد الله و توفيقه و رعايته لم تحدث أية حوادث البتة نتيجة ذلك .
6 أكتوبر 1973
كنت ضابط إستطلاع السرب برتبة رائد طيار ، و لي غرفة مستقلة بها عدة خرائط محدد عليها الأهداف المحتملة و صور جوية لها ، و سابدا معكم في سرد الأحداث .
يوم الخميس 4 أكتوبر 1973 الساعه 11 صباحا
مكالمة من برج المراقبة تبلغني بإقلاع طائرة أليوشن 14 من مطار الماظة متوجهه إلينا و على متنها اللواء طيار حسني مبارك قائد القوات الجوية – مطلوب من سيادتك إستقباله على الأرض – الوصول بعد 10 دقائق .
إستعجبت من ذلك الأمر فترتيبي رقم 5 في قادة السرب ، و الأمر الطبيعي أن مثل هذه المقابله تكون مع قائد السرب ، فما الذي يستدعي طلبه لي تحديداً بل و مجيئه بنفسه ، فساورتني الظنون بأن والدي قد وافته المنيه ، و قد كان قائدا لحسني مبارك و رئيس لشعبة العمليات . و أثناء حرب اليمن كانت قنوات الإتصال بينهم مفتوحه دائماً لمتابعة سير العمليات ، و قد كان محباً لوالدي و يوده فخرجت لإستقباله لأجد في إنتظاره العميد طيار حسام البشاري قائد قاعدة غرب القاهره ” و هو شخصية محترمة جداً “
– هبطت الطائرة و ما ان توقفت و نزل منها و أدينا التحية العسكرية إلا ان طلب مني أن أتبعه و توجه من فوره لداخل القاعدة فقد كان يعرفها جيداً منذ كان قائداً لها و كانت وجهته مكتب قائد القاعده و به طاولة إجتماعات في المنتصف فجلس عليها و طلب مني الجلوس و طلب من حسام أن يتركنا وحدنا – قام بإغلاق الباب و سالني : هل انت صائم ؟ فأجبته بنعم ، فطلب مني ان أفطر ، و قد كان متبعاً فيما سبق إذا ما كان هناك طلعات في رمضان فكان القائد يطلب منا أن نفطر ، و كنت اوافق فيعطينا قطع من الحلوى و يتأكد من اننا وضعناها في فمنا و كنت ألفظها فور إنصرافه لأكمل صيامي ، أما هذه المرة فالأمر كان مختلفاً ، و بطريقة تختلف عن أي مرة سابقه ، فأجبته بالتنفيذ ، فأمرني أن أطلب كوباً من الشاي فطلبته ، و جلست ، و ما زال صامتاً لمدة دقيقتين أو ثلاثة فتأكد حدثي بأن والدي قد أصابه مكروه لا محاله – يلف أرجاء المكتب حاله من الصمت الرهيب و المهيب – و صل الساعي حاملا كوب الشاي الذي طلبته ، فطلب مني ان أشربه ، فأخذت رشفة فبادرني بالسؤال : هل تعلم أين يقع مركز القيادة و السيطرة الإسرائيلي فى سيناء؟؟؟ فأجبته بعلمي به ” نعم أعلم ” موجود في أم مرجم .
( هناك خلط بين عدد غير قليل من المتحدثين عن الحرب فالبعض يقول بأن مركز القيادة و السيطره الإسرائيلي متواجد في أم مرجم و البعض الآخر يقول بأنه متواجد في أم خشيب و هنا وجب أن أوضح بأن مركز القياده و السيطره فى أم مرجم أما المركز المتواجد بأم خشيب فكان مركز الإعاقه و الشوشره – و سبب إختلاط الأمر في كونه جبل واحد به تبتين ) .
فأخبرني بأن يوم 6 اكتوبر ستقوم القوات المسلحه بكامل أسلحتها بعمل عسكرى ضد كل الأهداف اللتى فى مرمى قواتنا و سيتلوها عبور قناه السويس وسيتم مهاجمه كامل الأهداف المحتملة بسيناء بكافة طائرات القوات الجوية في أقصى مدي متاح لها ، سيتلوا ضربه الطيران ضربة للمدفعيه بطول الجبهه
و سيليها عبور للقناة – ضربة كامله – حمدت الله بأن والدى بخير – و إنصب تركيزي بالكامل في إتجاه العمليات المنتظره – صمت لعده دقائق ثم قال أنت طبعا عارف أهميه مركز القيادة و السيطرة ؟؟؟ فأجبته بأنني أعي ذلك تماماً – فقال لي : ضرورى لنجاح الهجوم أن يتم تدميره تماما ، و قد إخترتك أنت لتقوم بمهاجمته و رديت عليه : حاضر يأ أفندم ، و عندها قام بتنبيهي بانني غير مسموح لي بأن أعود بخبر عدم تدميره و بنص الحوار.
” ما ترجعش تقولي ده ما إنضربش ، لو حصل إنك رجعت و قلت ده ما إنضربش هتاخد صاروخين تانيين و ترجع تضربه في ظروف لا يعلمها إلا الله “
فلا يوجد أدنى إحتمال لعدم تدمير هذا الهدف – فأجبته إن شاء الله حاضر يا افندم ، و هنا بادرني بأسئلة اخرى : كيف ستنفذ العمليه ؟ فأجبت بأنني بعد الإقلاع سأطير على إرتفاع منخفض 100 متر و أتجه الى اليمين في إتجاه الهدف ……فقاطعنى … لا : بعد الإقلاع تتجه لوادي النطرون كتمويه بعمليه ضرب بالذخيره الحيه على التبه خوفاً من وجود أي رصد لحركة الطيران حول المطار و بعد الوصول للتبه تقوم بتعديل مسارك بإتجاه أم مرجم مباشرة على إرتفاع لا يتعدي 100 م لتضرب و تعود مباشرة ، في أثناء الإتجاه للهدف تقوم بحساب النقطة التي سترتفع فيها متسلقاً لأتخاذ الإرتفاع المناسب لوضعية إطلاق الصواريخ : و عاد ليسألني : كم الإرتفاع الذي سأصل إليه ؟ فأجبته 4 كلم يا أفندم ، و كم ستكون سرعتك ؟ فأجبت 400 كلم ، فتساءل إن كنت أستطيع زياده السرعة ؟ فأجبته بأنني لن أستطيع فإطلاق الصاروخ يتطلب أن تكون سرعتي بين 400 ألى 450 و لذا فسوف أكون على إرتفاع 4000 متر بسرعه 400 كم– فعاد ليسألني عن المدى الذي ساطلق منه ؟ فأجبت بأن أقصى مدى للصاروخ 120 كلم و أدنى مدى 60 كلم– ليعود فيسأل : ما المدة التي ستظهر فيها على الرادار المعادى ؟ فأجبت حوال 12 دقيقة من ساعه بدء التسلق حتى اطلاق الصواريخ. ثم عاود السؤال مطلوب كام صاروخ لتدمير الهدف ؟؟ فأجبت لابد من أطلاق 4 صواريخ لضمان 2 أصابه مباشره حيث أن مركز القياده مدافع عنه بعدد 3 موقع صواريخ هوك و مدفعيه 40 مم (أربع مواسير ) موجه بالرادار و سوف تتعامل مع الصواريخ ومماسبق مطلوب تنفيذ الطلعه بعدد 2 طائره.
سألنى :-
عندك أى أسأله لضمان تنفيذ العمليه بنجاح؟؟؟
وكان ردى ببساطه شديده و كأنه أمر مؤكد …أين سيتم لقائى بطائرات الحراسه من المقاتلات ؟؟؟؟؟؟
فأجاب….. مفيش طائرات حراسه…معنديش طائرات متوفره لحراستك ؟؟؟؟؟؟؟؟
وفى الحقيقه نزل هذا الرد عليا كألصاعقه و قلت …يافندم
1 – طائرة TU16 بطول 32 متر و عرض 32 متر.
2 – تطير على إرتفاع 4000 متر بسرعة 400 كم/ساعه
3 – رصد رادارات العدو لنا لمده تصل إلى 12 دقيقه
4- الإتجاه في مسار ثابت فى أتجاه مركز القيادة و السيطره الرئيسى للعدو
و موش طياره واحده دول أثنين و كل طياره شايله طائرتين مج 15
يافندم حنبان على الرادارات شرطه 3 سم يعنى صرصار ماشى على شاشه الرادار ؟؟؟حنكون هدف سهل جدا أصابته و خصوصا و أن كل موقع هوك
عنده عدد 3 لونشر (حماله صواريخ ) كل منها عليه 3 صواريخ زى ماسيادتك عارف ؟؟؟!!!! و حندخل فى مرمى 2موقع متداخلين..لمده لاتقل عن 5 دقائق؟؟
وسكت عن الكلام !!!!! و تابعت كلامى ….ظهورى على الرادار 12 دقيقه كافيه لأبلاغ مطار العريش لأقلاع طائرات مقاتلات لأعتراضى و منعى من تنفيذ المهمه …..12 دقيقه يافندم ؟؟؟؟؟ و صمتت !!!
فأعاد رده لا يوجد عندي طائرات ، هناك طائرات مظلات جويه ستكون موجودة و لو حدث أي شئ سيتم توجيهها لمعاونتكم .
فأجبت أنه بهذا السيناريو من المحتم سيتم ضرب طائرتي أو تدميرها إما بالصواريخ أو المقاتلات ، فآخر 120 كم في إتجاه الهدف سأكون داخل نطاق قاعدتين لإطلاق الهوك و نسبة إصابة الهوك للـ TU16 على هذا الإرتفاع و بمثل هذه السرعة مليون في المائة إصابة مباشره و ليس 100 % ؟؟؟؟
فطلبت طلباً آخربألتأكد من ضرب مواقع صواريخ الهوك لأتمكن من التنفيذ و أجابني بأن القاذفات المقاتله ستقوم بالدور!! فعدت لأستفسر منه بأنه من المعلوم أن القاذفات المقاتلة عند ضربها لمواقع الهوك يكون هدفها محطه الرادار الموجه للصواريخ أو مركز القيادة و لكنها لا تضرب منصات إطلاق الصواريخ و يتواجد هناك مركز قيادة و رادار موجه و 3 منصات إطلاق تحمل كل منصه 3 صواريخ ، و من الضرورى ضرب منصات إطلاق الصواريخ لأن أي صاروخ سيخرج منها موجه و بدون رادار قد يصيبني فأخبرني بأنه سيتم التنبيه عليهم ،
و تابعت بأنه أحتمال مهاجمتى وأصابتى و أنا فى طريقى الى الهدف أو أثناء العوده إما سيتم إصابتي بصاروخ أو ستهاجمني المقاتلات الإسرائيلية ففي حالة تمكنت من العوده و الطائره مصابه لمطار غرب القاهرة فقد أحتاج لعمل هبوط إضطراري و قد يستتبع ذلك إغلاق المطار، فأخبرني بأن هذا الأمر وارد و عليه يتم الهبوط فى مطار آخر فذكرت مطار جناكليس فرفض و قال فبه لواء طائرات ميج 21 فذكرت مطار بني سويف ورد بالرفض ، ثم سكت لبرهه و قال ” أنزل فى القاهره الدولى لأنه موش فى الخطه و غلق الدولى لا يشكل أى مشكله ” فقلت ..حاضر يافندم ..فقال” ألأمر مش بالسهوله التي تتصورها فأنت لن تكون مؤمناً عند دخولك مرمى الدفاع الجوى بكل أنواعه وأنت تدخل مجال ألقاهره لأنه ليس فى خطه التأمين مرورك فوق القاهرة ،، و إسترسل ” سوف أحاول تأمين مرورك و سأرسل لك من يبلغك قبل الطلعه أذا كان مرورك مؤمن أم لا ، و فى حاله عدم تأمينك و هو الأحتمال الغالب يبقى أرتفاعك لا يذيد عن 50 متر هرباً من دفاع جوي القاهرة لأنه سيفتح عليك نيرانه بالكامل “.ورديت – تمام يا أفندم .
فأضاف : لا أريد أن يراك أي من كان . ورددت حاضر يا أفندم
و انهى اللقاء بطلب خريطة مصغرة مرسوم بخط يدي عليها المسار الملاحي للمهمة و بالتوقيتات المحدده بالتنفيذ لأنها ستكون أمامه بغرفة العمليات ليعرف منها موقعي كل دقيقه متابعاً للمهمه و نتائجها و تبعاتها –
حاضر يا أفندم
إنصرف و توجهت لغرفتي و تناولت وجبة الغداء و جلست وحدي فقد إنصرف الجميع ، فإستخرجت خريطة و أستدعيت ملاحى الرائد حسين جاد المولى و أخبرته بالمهمه و أعددنا الخريطه المطلوبه و بألحسابات اللازمه أتضح أن الأقلاع سيكون فى تمام الساعه 1320 ( أى الواحده و الثلث ظهرا ).
لتكون أول شرارة في حرب أكتوبر 1973
إنتهيت من إعداد الخريطة و وضعتها بظرف أغلقتة بالشمع الأحمر و تم ختمه رسمياً بخاتم النسر و قمت بخياطته كما هو متبع ، و توجهت لرؤوف حلمي قائد السرب لأبلغه بكامل التكليف المنوط بى و انني سأتحرك بالجيب مع السائق متوجهاً لقائد القوات لتسليم ما طلبه ، و كانت الساعه حوالي الساعه السابعة مساءاً فقابلني هناك نوبتجى مكتب قائد القوات برتبة رائد فني – فأبلغته بأنه معي مظروف سري للغايه يجب تسليمه للقائد حسني مبارك ، فطلب مني أن يقوم بإستلامه لتسجيله بالسركي ، فرفضت ، و تعجب هو من الأمر حيث أنه يقوم بالإجراء المتبع طبيعياً ، فطلبت منه محادثة القائد – فهل تعتقد بعد ما مر على من أحداث هذا اليوم أن أسلم مثل هذه الأوراق لأي فرد أياً كان بخلاف قائد القوات ؟ فرفض أن أحادثه لوجوده بالمنزل فأصررت على طلبي و طلبت منه أن يطلبه هاتفياً ، فرفض و طلب مني أن أطلبه بنفسي و أحضر الهاتف الخاص و طلبه و أعطاني السماعه لأتكلم ، و رد على فعرفته بنفسي ” رائد أحمد الجواهرجي يا أفندم … خير يا أحمد … يا أفندم أنا جهزت الطلب …فأخبرني ان أسلمه للضابط النوبتجى … يا أفندم يعني الموضوع اللي حضرتك كلفتني بيه …..فاهم يا أحمد ، سلمه له ، فهو لا يفهم و لا يعلم شئ عن الأمر ، ألم تغلق المظروف و تؤمنه و توثقه كسري للغاية و ختمته.؟.. تمام يا أفندم .. سلمه له يا أحمد هو لا يعرف أي شئ ” .
سلمت الخطاب و وقع عليه بالإستلام ، و فكرت بأن امر لأري أطفالي فإبنتي الكبرى كانت تبلغ من العمر 4 اعوام و الصغرى 9 أشهر و كان من أصعب المواقف التي خبرتها بحياتي كلها ….
فقد دخلت المنزل في التاسعة مساءاً مما دعا زوجتي إلى الريبة فأخبرتها بأنني أرغب في رؤية الأولاد فقالت أنا مصدقت أنهم ناموا و لم يمضي على نومهم الكثير بلاش تصحيهم و أنت أجازتك يوم السبت كلها يومين ؟؟ لا كني صممت ، فأخبرتها بأنني كنت في مهمه عند قائد القوات و فكرت بالمرور للإطمئنان عليهم قبل عودتي لا أكثر ، و دخلت لأطفالي و قبلتهما و مضيت و أنا أستشعر أنها المرة الأخيرة التي سأراهم فيها !!!!! و طلبت منها البقاء فى منزل حماتى علشان أحتمال ما أنزلش أجازه لظروف المناورات ؟؟؟!!!.
توجهت لمطار غرب القاهرة و جافاني النوم يومها حتى الصباح تراودني المشاعر بأنني قد أستشهد أو أصاب و تتلاعب بي كافة المشاعر و الأحلام التي من الممكن أن تتخيلها أو لا تتخيلها .
ألجمعه 5 أكتوبر
الساعة الثامنة صباحاً كنت بالسرب أعمل على تجهيز الطائرات ، و قمنا بإخطار القاعدة باننا سندخل في مناورة بالذخيرة الحية و وجهتنا الضرب على التبه فى وادي النطرون .
أمضينا النهار في تجهيز الطائرات ، و تأكدنا من تمام التجهيز ، ثم طلبنا من الروس عمل مراجعة لما قمنا به ، فقاموا بها و كانوا يؤدون عملهم بصورة رائعة ، دخلت إلى سريري في الثامنة مساءاً لأصحوا في التاسعة صباحاً . و لم أكن قد نمت يوم الخميس لأنام يوم الجمعة كما لم انام في حياتي .
يوم ألسبت 6 أكتوبر 1973
قد كان نومي عميقاً و هادئأ جميلاً ، لأنهض ، و أدخل فأستحم و أتوضأ ، و أصلي ركعتين و البس أفرول طيران جديد مهيئاً نفسي تماماً .
توجهت الى غرفة التلقين ، لم يكن أحداً من الطيارين يعلم إطلاقاً طبيعة المهمة بخلافي و قائد السرب ، كانت الساعه قد قاربت العاشرة صباحاً .
بدأ التلقين و كان كلآتى: -
سيقوم السرب اليوم بعدد 7 طائرات بمهاجمه أهداف محدده داخل سيناء
ألأهداف هى:-
1- منطقه تمركز مدفعيه و مدرعات فى منطقه البالوظه ( شمال سيناء )
بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k16 قياده مقدم / رؤف حلمى
2- مركز القياده و السيطره فى أم مرجم بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k11 بقياده الرائد الجواهرجى
3- رادار فى منطقه راس سدر بطائره واحده و صواريخ k11 بقياده الرائد فاضل فتحى
4-رادار فى منطقه أم مخسه و صواريخ k11 بقياده الرائد جورج الجاولى
5- منطقه شؤن أداريه فى بئر العبد و صواريخ k16 بقياده الرائد محمد كريدى والمقدم محمد طموم فى غرفه العمليلت
وهنا لا بد أن أذكر واقعتين فى غايه الأهميه و تدل كل منها على بطوله و معدن المقاتل المصرى .
1- عندما ذكر أسماء الطاقم الخاص بى حدد الملاح الثانى و المسؤل عن تجهيز الصواريخ و كان من طاقم آخر غير طاقمى ؟؟؟؟
و بمجرد عدم ذكر أسمه قام النقيب ملاح على حجاج و قاطعه بأنه هو طاقم الرائد الجواهرجى و لابد أن يقوم هو بالطلعه….رد عليه قائد السرب بأن سبب تغييره بأنه معافى من الطيران من القومسيون الطبى لأصابته بأنزلاق غضروفى ؟؟؟؟؟ فقال أنا عارف ولازم أطلع مع طاقمى ؟؟؟؟ كان رده بصوره قاطعه لا تقبل المناقشه . ولا كن رؤوف أستمر …..لو أستخدمت الكرسى القاذف سوف تموت….فقال …أنا فاهم كويس العواقب ؟؟؟؟ يا إلهي على الشجاعه !!!.
2- بعد أنتهاء رؤف حلمى من التلقين و حدد تواجد قائد ثانى السرب الرائد محمد طموم ( حسب التعليمات ) هب طموم واقفا و قال بالحرف الواحد ” يارؤوف أول مره القاذفات تقوم بعمليات فعليه و أنا فى غرفه العمليات شيئ غير ممكن على الأطلاق أنا لازم أشارك” ….رد روؤف “أنت عارف التعليمات “
فقال طموم ” لو حدث ذلك سوف أغادر القاعده و أتوجه الى الصحراء و أستمر فى السير حتى أموت “.……يالها من شجاعه !!!!.
وتأزم الموقف مما جعل روؤف يقول له “ أطلع مع الجواهرجى قائد للتشكيل لمهاجمه مركز القياده و السيطره “
و عين الرائد يوسف رحمى فى غرفه العمليات و الرائد أحمد مصطفى فى برج المراقبه
و كان طاقمى فى هذه الطلعه :-
الرائد طيارأحمد الجواهرجي قائد الطائره
النقيب طيار سعيد الغرباوي مساعد طيار
النقيب ملاح حسين جاد المولى ملاح اول
النقيب ملاح علي حجاج ملاح ثانى – ا لمختص بتصويب الصواريخ
المساعد عبد الباقى مدفعجى
المساعد هجرس لاسلكى
مبنى السرب تقريبا أمام مكتب قائد القاعدة العميد طيار/ حسام البشاري و لم يكن على علم بما هو جارى ، ففور إنتهاء أعمالنا ، دخلت عليه و اديت التحيه العسكرية فرحب بي وقمت بوضع ورقة على مكتبه ليقوم بفتحها و يكتشف انها وصيتي و سلمته مفاتيح سيارتي و أوصيته بأولادي فتوتر الرجل و طالبني بألا أبشر سوءاً على نفسي ، فعرضت عليه الموقف و المهمة المنوطة بي و خطورتها ، فودعني قائلاً لا إله إلا الله ورديت محمد رسول الله وودعته و إنصرفت .
في نفس الوقت تم إرسال إثنان من الطيارين الغير مكلفين بعمليات يومها ، توجه احدهم لباب القاعدة لعدم دخول أو خروج أي فرد أو سياره بحجة وصول رئيس الجمهوريه متوجها في طلعه سرية و مقلعاً من قاعدتنا ، و الآ خر توجه لغرفة التليفونات لمنع أيه مكالمات ترد او تطلب بحجة عطل الخطوط
توجهت الى الطائره وهى واقفه داخل دروه لحمايتها و الصواريخ معلقه أسفل الأجنحه و شكلها يفرح . بمجرد اقترابى منها جائنى المساعد تلاوى و كان قائد الطاقم الأرضى و أدى التحيه و بدأ بالمرور معى على الطائره
و عند وصولى عند الصاروخ و جدت نفسى و بدون اى تفكير مسبق أنظر أليه لأجد معه قلم فى جيب الأفرول !!! و أخذت القلم و كتبت على الصاروخ
” بسم الله الرحمن الرحيم “
” و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى “
فنظر لي متعجباً و سأل عن سبب ما كتبت فأخبرته حينها أننا سنضرب به إسرائيل
فما كان منه إلا أن اخذني ليضمني في حضنه بقوه كاد ان يهشمني فيها
يا أفندم – ربنا يخليك – إنت بتتكلم جد ؟– هتروح تضرب إسرائيل ؟
فقلت له نعم هأروح أضرب إسرائيل . أنها الحرب.
و طلبت منه أن يصعد إلى الطائرة ليفك تيل السويتشات و انا أتفقد الطائرة ، فتيل السويتشات لا يتم فكها إلا في حالة الضرب بالذخيرة الحيه ، و في أثناء تفقدي للصاروخ الأيسر وجدته يهلل فرحاً الرائد أحمد هيضرب إسرائيل ، فأصبح الطاقم بالكامل كخلية النحل في التجهيز للعمليه . و كررت نفس الكتابه على الصاروخ اللآخر .
صعدنا إلى الطائرة و أدرت المحركات و تحركنا لبداية ممر الإقلاع و بعد ألأقلاع توجهنا لوادي النطرون – التبه – على أرتفاع منخفض 100 متر ثم الدوران فى أتجاه الهدف حسب خط السير و التوقيت المحدد تتملكني السكينة مع التأهب مركزاً بكل حواسي لإكتشاف أي مصدر قد يمثل خطراً على مهمتنا و قد إتسعت مقلة عيني عن اخرها لأستطلع كل ما أمامي و عقلي يعمل بكامل تركيزه على التنفيذ . الى أن وصلنا الى نقطه التسلق و عند الصول الى ارتفاع 2000 متر بدأ دخولنا فى مدى الكشف الرادارى للعدو . و أكملنا التسلق الى أرتفاع 4 كم
و بعد ها الحفاظ على هذا الأرتفاع و السرعه 450 كم/س . سألت الملاح الثانى علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم .
دقيقه أخري من الإستمرار على المسار
لأعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم – لا يظهر شئ .
كيف لا يظهر ؟ فرد بأنه لا يظهر أمامه لأنهم لم يشغلوا راداراتهم بعد فلا توجد إشارة لإلتقاط ترددها .
كيف يحدث هذا ؟ فرد بأن انظر إلى الرادار الخاص بإطلاق الصواريخ لأجده لا يسجل شيئاً إطلاقاً
كيف يحدث هذا ؟ ما الذي يحدث ؟ أنا الآن في مدي 170 : 180 كلم و لم يظهر شئ حتى اللحظة
فور وصولنا لمدى 120 كلم أعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ أيوه يا أفندم – الرادار يعمل .
ما الذي حدث لكي يقوم العدو بتشغيل الرادار الآن ؟! لقد كانوا مغلقين راداراتهم و كاد ذلك أن يؤدي بنا إلى الفشل ، فلم يراودني الشك أطلاقاً بأن الله معنا ، فخمس دقائق أخرى كانت كفيلة لخروجي من مدى إطلاق صواريخي و كانت تهدد العمليه بالكامل و يتغير السيناريو المعد . ولا يوجد أى تفسير سوى قول ألحق
” فأغشيناهم فهم لا يبصرون “
طلبت من علي توجيه الصواريخ على الهدف ، فنفذ الأمر و اخبرني بان الصاروخ الأيمن مصوب على الهدف و الصاروخ الأيسر أيضاً مصوب على الهدف و مستعد للأطلاق و أرى الطائرة الثانية جيداً ، و لو تمكنا من إطلاق صواريخنا في نفس التوقيت فلا يوجد ما هو أفضل من ذلك .
أطلقنا الصواريخ ، و كانت متناغمه بفارق عده ثوان تقريباً ، فكل منا اطلق الصاروخ الأول له في نفس التوقيت و نراها تنطلق مسرعه في إتجاه الهدف في صورة جميلة و مميزة و مفرحة .
قمنا بتعديل وضعيه الطائرات بعد إطلاق الصواريخ و ما يؤدي إليه ميل حاد نتيجة عملية الإطلاق و إتخذنا وضعيه إطلاق الصاروخ الثاني لكل منا ، لنطلق صواريخنا بنفس التناغم السابق .
و ما أن إنطلق الصاروخ الثاني و أصبحت الصواريخ الأربعه في طريقها للهدف لننفصل من وضع التشكيل، و نناور بالإنحراف بشدة مع فقد الأرتفاع حيث كنا قد وصلنا إلى فوق أبو صوير …..وأطلاق صاروخ أرض جو من العدو سيكون قاتلاً و نحن على هذا الأرتفاع… لنتم المناورة….. و أصل ألى إرتفاع 100 متر فوق سطح الأرض متوجهاً لغرب القاهرة ، و قد حذرني العميد أحمد عرفه مسبقاً ( قبل الأقلاع ) من عدم وجود أي حماية لي و لم يتم تأمينى من الدفاع الجوى المصرى فوق القاهره و أوصاني بالطيران على أدنى إرتفاع ممكن في طريق العودة ، و بالفعل ما ان إقتربت من غرب القاهرة إلا و نزلت
لأرتفاع 30 : 40 متر على أقصى تقدير متجه الى أهرامات الجيزة على أرتفاع اوطى من الهرم الأكبر و منه الى الطيران فوق شارع الهرم ، و من ثم كوبري الجامعة ،
سألنى مساعد الطيار حنشوف الممر … أزاى … مع تركيزى الشديد قلت له حنشوفه …. و عند كوبرى الجامعه بدأت أخفض عجل الطائره … ثم الطيران فوق شارع صلاح سالم و أنا على أرتفاع أقل من 50 متر ( أرتفاع عماره من 10 أدوار) بادرنى الملاح ألأول بألسؤال… حنشوف الممر أزاى ..؟…قلت له….يا حسين أحنا ماشيين فوق الشارع و فى آخر صلاح سالم مهبط 05 فى القاهره الدولى . لنهبط بالمطار دون أن يرانى برج المراقبه ، و أخرج من ممر الهبوط الخاص بالمطار للتوجة للممرات الجانبية ، و عندها يكتشف وجودى برج المراقبه ليصعقه ما رأى ، فلم يكن قد رآنى قبل هذه اللحظة ، ليتصل بى لا سلكيا و بحده ليقول : الطائرة TU16 أللى على أرض مطار القاهرة الدولي – سيادتك يا افندم مخالف للتعليمات .
و كان ردي المباشر عليه : أغلق جهاز الإتصال نحن في حالة حرب……!!!
فطلب أن أكرر ما قلت، و كنت حينها أمر بجوار طائرتين اليوشن من الأتحاد السوفيتى يصعد على متنها باقى الروس الموجودين فى مصر .
فأخبرته مرة أخرى : بأننا في حالة حرب و ليقطع الإتصال فرد : تمام ياافندم – حمدا لله على السلامة
توجهت في الممرات الداخلية إلى قاعدة شرق القاهرة الملاصقة لمطار القاهرة الدولي , و كانت قوة القاعدة من طائرات الأنتينوف ، لأتوقف بطائرتي أمام باب السرب ، فأنا لا أعلم أين أذهب بالطائرة الى أن خرج مقدم طيار أتذكر أسمه مصطفى و من خلال الإشارات أوضحت له بانني لا اعلم أين أتوقف فطلب إلى أن أتبعه حتى اوصلني لمكان ما و توقفت به .
أوقفت المحركات , و أصاب الصمت و السكون الطاقم بالكامل ، و لم أتحرك بعدها لعده دقائق …. ثم نزلت من الطائرة و توجهت له فسألني عن سبب هبوطي عندهم بمثل هذه الصورة ، فأخبرته بأن ينظر إلى جناح الطائرة ،
حيث كانت تتدللي منه السلاسل الخاصه بتأمين الصواريخ ( تبقى معلقه فى منصه أطلاق الصاروخ ) وتدل على أطلاقها … لأخبره بأن الهجوم الشامل على أسرائيل فى سيناء قد بدأ و بكل التشكيلات القتاليه فى القوات المسلحه
فكانت الفرحة العارمة التي شملتنا جميعاَ .
أصابت الأربعة صواريخ مركز القياده و السيطره بدقة تامه ، و ما أكد لنا ذلك أن إشارات الموقع قد إنقطعت عن الرادار ، ما يعني أن راداراتهم قد إطفأت تماماً مؤكدة تدمير الموقع .
وزياده فى التأكد من نجاح العمليه تم أرسال طائرات الإستطلاع لتؤكد نجاح تنفيذ المهمة ..وبالصور الجويه.
و تصلني رسالة على التلكس من غرفه عمليات القوات الجويه الى غرف عملياتنا تؤكد تمام المهمة ، و كان مضمونها : تم تدمير مركز القيادة و السيطرة في أم مرجم – تم تدمير 8 طائرات بمطار المليز ..
و بالطبع أحتفظ بها ، و قد كانت أول نتيجة تصدر للإستطلاع مؤيدة بالتصوير الجوي.
من الضرورى أن أتقدم بخالص الشكر الى زوجتى الحبيبه على تحملها مسؤليه تربيه بناتى و الحفاظ على عائلتى و لمده سته سنوات كامله كنت مشغولا فيها
با لتدريب و رفع الكفائه القتاليه و خاصه فى سن أطفالنا بين السنه و الست سنوات و هم أحوج ما يكونوا لتواجد رب الأسره!!!! فمساهمتها فى الحفاظ على العائله و على بناتى لا تقل عما قمت به خلال الحرب و أنتصارنا.
فيديو لسياده اللواء رحمه الله
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=C5GLlhZnSsw