قراءة | • 1971 صدمة نيكسون (Nixon shock) • 1973 صدمة النفط الأولى • 2013 صدمة أوباما • 2018 صدمة ترمب • 2019 صدمة أرامكو في غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية سنة1944 انعقد مؤتمر النقد الدولي الأول بحضور ممثلين عن 44 دولة، لوضع الخطط من أجل استقرار النظام
العالمي المالي بعد الحرب ونتج عن ذلك اتفاقية بريتون وودز (Bretton Woods) الاتفافية تنص على تنظيم سوق العملات وربطها بالذهب كمرجعية ومنها الدولار، ومن ثم بناءً على ذلك تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم قروضًا وتسهيلات للدول النامية والدول الأوروبية، تنامى الطلب سريعًا على
الدولار وساعد في ذلك إنشاء صندوق النقد الدولي وعززه أكثر تطبيق (خطة مارشال) حتى أصبح الدولار هو بذاته مرجعية، عمل الاتفاق جيدًا بكامل طاقته وأنعش الاقتصاديات العالمية، لكن ترك ذلك الولايات المتحدة عرضة لخسارة كامل احتياطياتها من الذهب، عندما بدأت دول أخرى في المطالبة باستبدال
مئات الملايين من الدولارات بالذهب ومن ضمنها فرنسا التي أطلقت صفارة الخطر عندما طالب الرئيس الفرنسي تشارل ديغول بتحويل الدولارات الأمريكية الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب - 191 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، وكان سعر الأونصة 35$ - عملًا باتفاقية Bretton Woods ،
أدّى هذا الأمر إلى عجز الولايات المتحدة لاحقًا عن تحويل أي دولارات إلى ذهب وفي عام 1971 وبسبب هذه المخاطر والثغرات الكبيرة بالإضافة إلى حرب فيتنام تأثرت أمريكا وعانت من معدلات تضخم حاد وبطالة عالية، في كامب ديفيد وبعد لقاء سري جمع الرئيس نيكسون بوزير خزانته ومسؤولين حكومته
قرر نيكسون كسر نظام بريتون وودز وتعليق قابلية تحويل الدولار إلى الذهب، هذه الخطوة شكلت صدمة كبيرة للشعب الأمريكي والعالم لذلك عرفت لاحقًا بصدمة نيكسون، وشعرت فرنسا والمجتمع الدولي أن خطوة نيكسون خدعة تمّ خداع العالم بأسره بها، فبعد أن كانت الحكومات تعمل لسنوات على تكديس الدولار
كاحتياطي للنقد الأجنبي لتستبدله بالذهب عندما تريد، أصبحت الآن غير قادرة على ذلك، والأسوأ أنها كانت ماتزال مجبرة على التعامل معه، لأنها لا يمكنها التخلّي عنه بعد أن قامت بتكديسه في الاحتياطي الأجنبي وإلّا ضاعت أدراج الرياح. رضخ العالم مجبرًا على ماسمي بالهيمنة العالمية للدولار
لاحقًا تسبب هذا الكسر بانخفاض الدولار وارتفاع الذهب وبسبب سلسلة من تحولات سياسية واقتصادية أخرى حدث الانهيار الكبير في أسواق البورصة العالمية سنة 1973 وعانى الاقتصاد العالمي كثيرًا وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط جزئيًا وزاد الاهتمام به كسلعة تسعير يمكن الاعتماد عليه بجانب الذهب
• 1974-1973 صدمة النفط الأولى: بسبب دعم أمريكا لإسرائيل قررت السعودية استخدام سلاح النفط وفي الحادثة المعروفة قطعت إمدادات النفط عن أمريكا مما أحدث شرخًا كبيرًا في الاقتصاد القومي الأمريكي كأكبر تهديد تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية في تاريخها أعادت بعض ولاياتها إلى الخيول
ارتفع سعر البرميل أربعة أضعاف من 3 دولار إلى 12 دولار وشكلت هذه الصدمة جرس إنذار للجميع فبسببها اليابان اتجهت بعيدًا عن النفط والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وضخت استثمارات ضخمة في صناعات مثل الإلكترونيات وفي نفس العام وزير خارجية الولايات المتحدة هنري كيسنجر يكشف النقاب عن خطة
مشروع الاستقلال لجعل الولايات المتحدة مستقلة للطاقة وبعد مرور عام على رفع الحظر، كتلة دول عدم الانحياز في الأمم المتحدة قدمت قرارًا يطالب بإنشاء (النظام الاقتصادي الدولي الجديد) الذي ينظم الموارد والتجارة والأسواق وتنمية دول الجنوب من قبل دول الشمال التي تستغل ثرواتها وإمكانياتها
كشفت وثائق بريطانية قديمة عن أن الولايات المتحدة الأمريكية رسمت خططًا حينها في استخدام القوة للاستيلاء على حقول النفط في الشرق الأوسط أثناء حرب أكتوبر 1973 إبان الحظر النفطي، لكن لصعوبة الأمر على أمريكا ولغلبة اللغة الدبلوماسية على اللغة العسكرية بدى وكأن هناك رضوخًا من الجميع
لمعالجة هذه التشوهات من أجل السلام العالمي. حمايةً لمصالحها قامت أمريكا بتوسيع نشر أساطيلها البحرية وقواعدها العسكرية حول العالم لمنع التمدد الشيوعي وحفظ السلام العالمي وتأمين مصادر الطاقة خصوصًا في الشرق الأوسط مقابل عدم الاضرار بالدولار وفسح المجال للحلول الدبلوماسية فالكل منهك
• 2013 صدمة أوباما: بقي هاجس الطاقة شأنًا يزعج أوروبا وأمريكا فأوروبا اتجهت للطاقة البديلة وأمريكا استثمرت كثيرًا في تقنيات التنقيب عن النفط الصخري والتقليدي حتى بشر الرئيس أوباما الشعب الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستصبح بحلول عام 2015 بلدًا مصدرًا للنفط والغاز وليس مستوردًا
مايعني وصول أمريكا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وهذا سيؤدي بدوره إلى تغيير السياسات الأمريكية في المنطقة، اتضحت بوادر ذلك التغيير في هجمة الربيع العربي وتخلي أمريكا عن حلفائها التقليدين وهجومها على بعضهم مثل الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطلق عبارته الشهيرة: المتغطي بالأمريكان عريان
من هنا انطلق جرس الإنذار الأول لدى السعودية والتي وقفت وحيدة بجانب مصر والإمارات والبحرين لدفع شر هذه الهجمة والتي وصفها الأمير محمد بن سلمان بالانتصار ضد أوباما عندما قال في لقاءه مع بلومبيرغ اكتوبر 2018 “اننا نجحنا وفشلت أمريكا في ظل رئاسة أوباما كما حدث في مصر على سبيل المثال”
• صدمة ترمب 2018-2019: في 2018 أكد ترمب أنه لن يدافع عن السعودية بلا مقابل وقال في تصريح جريىء وحاد أنه لولا الحماية الأمريكية لسقطت السعودية في أسبوعين، مما استدعى الرد عليه من قبل الأمير محمد بن سلمان مذكرًا إياه أن السعودية وجدت قبل وجود مايسمى بالولايات المتحدة الأمريكية
- قانون معاقبة التجمعات المنتجة والمصدِّرة للنفط «نوبك» NOPEC: No Oil Producing and Exporting Cartels هو مشروع قانون طرح لأول مرة عام 2007 وأعيد طرحه أكثر من 15 مرة بعد هذا التاريخ وواجه معارضة شرسة من قبل رؤساء أمريكا منهم بوش وأوباما لكنه أعيد للطرح 2018 في عهد الرئيس ترمب
وهو ما استوجب - بحسب رويترز- التوقيع مع ”جيبسون دان“ للاستشارات القانونية، ومقرها واشنطن، عقدًا مع السفارة السعودية هناك في أواخر أغسطس 2018، بحسب نسخة من العقد اُرسلت إلى وزارة العدل الأمريكية، وينص العقد على أن من مهام جيبسون دان ”معارضة نوبك وتقويض أي تحركات تتعلق بهذا الشأن“
- في يونيو الماضي 2019 قال الرئيس ترمب أيضًا “للولايات المتحدة مصالح استراتيجية محدودة في المنطقة ليس من ضمنها النفط، لا نبالي فنحن الآن أكبر بلد منتج للنفط وإن الأهداف الأمريكية فيما يخص إيران تتلخص في منعها من حيازة أسلحة نووية ومنعها من تبني الإرهاب فقط”
هذه التصريحات والمواقف والتهديدات بمثابة جرس إنذار ثانٍ للسعودية وروسيا ومنظمة أوبك، هذه الأجراس التي تقرع فوق رؤوس السعوديين والصدمات المتعاقبة على الاقتصاد القومي السعودي منذ 1973 لا يمكن ألا توقظ في نفوسنا استشعارًا للخطر قبل وقوعه ولا يمكن أن نتجاهلها تحت تأثير إدمان النفط
ولابد أنها خلقت حراكًا يستبق الأفخاخ المنصوبة ويتنبأ بتحركات حلفاء المصالح في ظل عالم مضطرب لا يملك رؤى وتطلعات، أوروبا العجوز توقف بها الزمن وبريطانيا تريد التخارج سريعًا وأمريكا في مرحلة إما أن نكون أو لا نكون، لا يوجد على وجه الكرة الأرضية اليوم دولًا تتطلع إلى المستقبل سوى:
السعودية (الشرق الأوسط) والصين (طريق الحرير) وأفريقيا والهند، فهم من لديهم مشاريع يعملون عليها ويتطلعون إليها، لذلك قفزت السعودية مباشرة إلى المستقبل وسعت سريعًا إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية عبر المشاريع التنموية الكبرى وعملت على زيادة الإيرادات غير النفطية عبر مسارين أساسيين
1- اعتبار الإصلاحات الداخلية مسألة بقاء وجودي وهي التي شملت على سبيل المثال لا الحصر: محاربة الفساد، تمكين المرأة، الحوكمة والإفصاح، السياحة، هيكلة الاستثمارات 2- طرح جزء من أسهم (أكبر شركة في تاريخ البشر) للإكتتاب العام. المسار الثاني هو الأهم والأصعب، فالمسار الأول وبسبب معوقات
وتحديات داخلية وخارجية قد تؤخر تحقيقه في وقته المحدد - مثل تهديدات إيران - يجب العمل سريعًا على تنفيذ المسار الثاني مما يؤكد للعالم اصرار السعودية على تنفيذ رؤيتها 2030 ، لا أضع هذا التسلسل التاريخي من أجل الدخول في نقاشات اقتصادية حول التقييم وطريقة الطرح، إنما وضعته لما رأيته
من تفسيرات غير منطقية لدى بعض خصوم المملكة وبعض المتأثرين بهم من مواطنيها، ولتلخيص المشهد: كان لديك سلاح - ميزة تنافسية - تهدد بها خصومك وترضخهم لمطالبك وبعد سنوات فقد سلاحك قدرته على التأثير كما هو في السابق لكنه لازال مؤثرًا حتى عام 2035 بحسب إحصائيات الطلب العالمي على النفط
فهل تبيع جزء من ذخيرته لتكمل صناعة سلاحك المؤثر الجديد (أوروبا جديدة) أم تنتظر حتى 2035 لتجد أن سلاحك بلا تأثير وذخيرته بلا قيمة والكل يوجه سلاحه الجديد عليك؟ هذا من وجهة نظري سؤال يختصر التسلسل التاريخي لطرح (5% من أرامكو-الذخيرة) التي تملك حقوق التنقيب عن (النفط - السلاح)
لا أنكر أبدًا وجود مخاوف - ضغوطات سياسية لدى أمريكا تجاه هذا النشاط السعودي لكني مطمئن أنه ليس لأمريكا خيار سوى دعمه لأن أي تخاذل أو تهديد يعني انحسار مناطق نفوذها في الشرق الأوسط لصالح روسيا التي تسعى للتوسع وزيادة إيراداتها غير النفطية، والصين التي تعمل على مشاريع الهيمنة
الاقتصادية ومهتمة كثيرًا بالخليج وأفريقيا، خسائر انحسار النفوذ كبيرة أقلها تهديد الوجود الإسرائيلي، لذلك من يقول لن تطرح أرامكو أو يقلل من حكمة القيادة السعودية في قراراتها هو لم يستشعر خطر تلك الصدمات التاريخية ويظن أن التاريخ السعودي السياسي والاقتصادي لم ينشأ إلا قريبًا !
https://rattibha.com/thread/1190714075585679361