*حرب التضليل النفسي، أم التظاهر بالإصابة والتماوت خوفاً من رد حزب الله القاسي*
✍? سعيد بشارات
الرقابة العسكرية سمحت مساء اليوم بنشر خطة الخداع التي أجراها اليوم الجيش خلال عملية القصف من الجانب اللبناني على مركبة عسكرية إسرائيلية وموقع لجيش الاحتلال، وسط انتقادات من عدة مختصين وإعلاميين لما تنطوي عليه هذه الخديعة من مخاطر، نتيجة استفزاز الطرف الأخر، لدرجة أن هناك من وصف الكشف عنها بالغباء الخطير.
القصة بدأت منذ أمس عندما أعلن الجيش عن إلغاء تدريب على مستوى القيادة العامة للجيش، وتأخير تسريح الناطق باسم الجيش من منصبه، مما أرسل إشارات لحزب الله دفعته إلى اتخاذ قرار الرد اليوم حسب تحليل أمير بوخبوط.
خلال رد حزب الله اليوم، بدأت مناورة الجيش التي أعد لها مسبقاً، حيث قام حزب الله بضرب مركبة طبية عسكرية، بعدها بدقائق هرعت إلى المنطقة طائرة عسكرية أوهمت لحزب الله الذي كان يراقب المشهد أنها أخلت مصابين، واكتمل المشهد بلعب مستشفى رامبام نفس الدور، حيث أظهر الطواقم الطبية التابعة له وهي تستقبل المصابين الوهميين وهم ينزفون.
بهذا المشهد اكتملت الصورة لدى حزب الله ، وهي الصورة التي أراد الجيش أن تصل حزب الله(هناك إصابات، وقتلى) والشاهد طائرات تنقل ومستوطنين يتبادلون مقاطع الإخلاء الوهمي) وفي الحقيقة، لم تقم الطائرة بإجلاء الجرحى لعدم وجود جرحى أصلاً.
حسب مانيلس، تم التخطيط لعملية الإخلاء بأكملها مقدمًا كعملية احتيال تهدف إلى جعل حزب الله يعتقد أنه قادر على إصابة الجنود، الجيش قام بالخداع عبر عملية منتاج عالية الجودة .
أمير بوخبوط هو الصحفي الذي نشر لأول مرة تفاصيل الكمين الذي أَوقع الجيش الإسرائيلي به كمين حزب الله، وحتى قبل أن يسمح مانيلس بذلك، فقد غرد على حسابه بعد دقائق من إعلان الجيش نهاية الحدث فقال " باختصار. أعد الجيش الإسرائيلي كمينًا لكمين حزب الله ، بعد جهد للمخابرات ، والنار ، وقوة الفتك.
هناك من اعتبر هذا الفصل المسرحي الخادع ضرب من العار نفذ خلاله الجيش الإسرائيلي عملية إجلاء لجنود جرحى لإرضاء نصر الله، كما يعتقدون.
استغرق الأمر ساعتين من بداية الحادث حتى أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه لم تقع أية إصابات للحفاظ على الغموض مقابل حزب الله - كي لا يعرف نتائج هجومه.
في المحصلة، نجحت التدريبات ولبنان أبلغ عن خسائر. لكن في إسرائيل أعلنوا رسمياً: لم تقع إصابات في الحادث، لا بل هناك من تعجل الإعلان عن عدم وجود إصابات كالوزير جالانت الذي وبخه نتنياهو لتصريحه الذي كاد أن يخرب اللعبة على حزب الله.
مسارعة نتنياهو لاحتواء تصريح جالانت دفعت حزب الله للإعلان أنه قد ضرب أهدافًا بنجاح ودمرها. وذكرت وسائل إعلام لبنانية أنه تم نقل الجنود الجرحى إلى مستشفى رامبام ، واحتفل حزب الله بالنجاح العملياتي ، لكنه في الواقع كان خدعة عسكرية جيدة التخطيط من قبل الإحتلال.
أول من أنكر تقرير لبنان عن الخسائر الإسرائيلية كان الوزير يوآف غلانت في مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وبعد ذلك بوقت قصير ، لم يُسمح لأعضاء مجلس الوزراء بإجراء مقابلات معهم ، وحوالي الساعة 6:30 مساءً ، أوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه: لا توجد خسائر في صفوف الجيش. بعد بضع دقائق ، رئيس الوزراء ووزير الدفاع نتنياهو قال: "في هذه اللحظة يمكنني أن أقدم إعلانًا مهمًا: ليس لدينا إصابات ، ولا جرحى ، ولا حتى خدش".
مستشفى رامبام هو الآخر أنهى من طرفه الإشارة بالإعلان عن وصول جنديين خرجا منه دون أن يراهم طبيب.
في النهاية، ما جرى حرب تضليل نفسية استمرت أيام منذ إعلان نصر الله عن نيته الرد، وتواصلت عندما أغلق الجيش الطرق المؤدية إلى الشمال أمام الجنود، وكانت ذروتها مساء السبت عبر المقاطع التي نشرها مانيليس لحشود عسكرية في الشمال، مروراً بالدمى التي وضعها الجيش في المركبات العسكرية على الحدود.
هل خرج الطرفان راضيين عن النتائج والإنجاز الذي حققه كل طرف مما حدث اليوم، خاصة وأن حزب الله أعاد الكرة إلى الملعب الإسرائيلي، منهياً من طرفه ركلة النهاية، وقد استقبلها الجيش الإسرائيلي بالإعلان عن خديعة المهاجم.
عيد مصلح المتابع للشأن الإسرائيلي كتب حول هذا التصرف من قبل الاحتلال فقال : أخذ جيش الاحتلال بالمثل الذي يقول :" الهروب ثلثين المراجل"، ونسي أنه معيب جدا أن تدعي أنك خامس قوة عسكرية في العالم وعند المواجهة تمثل أنك مصاب، لإقناع خصمك بالكف عن ضربك، ذُل ومهانة لا تليق بمن يدعي أنه كبير.