رشفة قهوة - يعد العنبر الأردني أقدم عنبر في العالم، إذ يتراوح عمره من 135 مليون سنة إلى 140 مليون سنة وفق ما قال الباحث عباس حدادين.
ويأتي بعد العنبر الأردني عمرا بحسب الباحث حدادين العنبر اللبناني وعمره 126مليون سنة، ثم عنبر بورما 100 مليون سنة، ثم الولايات المتحدة 90 مليون سنة، ومن بعده عنبر بحر البلطيق ويقدر عمره عمره ب40 مليون سنة، فالدومينيكان وعمره 25 مليون سنة.
وبين الباحث حدادين مكتشف العنبر الأردني أن العنبر الموجود في بلادنا من أجود الأنواع في العالم، مشيرا إلى أن ما يدلل على قدمه أنه عاصر الديناصورات التي عاشت قبل 230 مليون سنة إلى 65 مليون سنة، أي عاشت الديناصورات على الأرض 165 مليون سنة ثم انقرضت.
ويعرف العنبر وفق الباحث حدادين بأنه صمغ لأشجار كانت تفرزه عندما تجرح فيتجمد ويحمي النباتات من الأذى، ويحتوي في داخله على حشرات محنطة عندما كانت تلتصق في الصمغ.
ويضيف أن العنبر الأردني هو من أشجار عاريات البذور من شجر الأجث الذي ينتمي لعائلة الأوروكوريان، وهو من أحسن أنواع العنبر في العالم.
ولفت حدادين إلى أنه تم معرفة عمر العنبر الأردني بثلاث طرق هي :
الطريقة الأولى عمر الطبقات الجيولوجية حيث يوجد في طبقات الكريتاكي الأدنى، أي يوجد تحت رمل الكرنب بين الكريتاكي والجوراسي، وهذا العمر هو بداية الزمن الكريتاكي أي 135 مليون سنة.
فيما الطريقة الثانية بواسطة كربون 13 المشع، إذ فحص العنبر في جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا بواسطة العالم جورج بوينر وذكر العنبر الأردني في بحثه وكتابه.
أما الطريقة الثالثة فكانت عبر فحص الرنين المغناطيسي النووي من قبل العالم الأسكندر شدرنسكي ، والعالم ديفيد جريمالدي في متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك، وقد ذكرا العنبر الأردني في أبحاثهما.
العنبر والكهرباء الساكنة
وأشار الباحث حدادين إلى أن القدماء عرفوا العنبر خصوصا اليونانيون واستعملوه كمجوهرات، وعرفوا فيه الكهرباء الساكنة عندما كان يدلك بالصوف فيجذب الخيوط والأوراق الجافة والشعر، واليونانيون لم يعللوا هذه الظاهرة الكهربائية حيث سموه آنذاك (nortkelE )، ثم كتب عنه المؤرخ الروماني تاستيوس وقال إن العنبر هو صمغ بعض الأشجار، وفي عام 77م تحدث (بلني) بكتابه التاريخ الطبيعي عن العنبر وذكر أنه من منتوجات الأشجار، مشيرا إلى أن قطعة من العنبر المنقوشة كانت تشتري عبدا.
وبين أنه عثر على العنبر في قبور الفينيقيين قبل أربع الآف سنة حيث نقلوه من سواحل بحر البلطيق إلى بلادهم واستعملوه للزينة، واستعمله الرومان في المعابد والهياكل بحرقه، ويقول المؤرخون إن نيرون أرسل الجنود للبحث عن أماكن العبر حتى أن بعض محاربي الرومان اتخذوا من العنبر دبابيس في ملابسهم التي لبسوها في المعارك.
واستعملوه أيضا في الطب، فكان يعلق على الرقبة لشفاء التهاب اللوزتين والحمى والأوجاع، وكان مسحوق العنبر يعجن مع العسل للتداوي من العدوى وضعف البصر ويستعمل مراهم للجروح، وكان في التجارة يكافىء الذهب، فيما استعمله العرب كحرز لطرد الشياطين والأرواح الشريرة.
ويستعمل للدواء والزينة
أما عن فائدته في وقتنا الحالي فقد أوضح حدادين أنه يستعمل اليوم في صناعة الأدوية ثم يستعمل للزينة حيث يصقل ويستعمل للحلي وللسبحات، ويستعمل أيضا للدراسة العلمية لما يحتويه من حبوب اللقاح وغبار البعوض الرملية ورماد البراكين الثائرة وأوراق الأشجار ولحائها وبذورها وريش الطيور، ويحتوي على الحشرات مثل العث والنمل والبعوض والسوس ورعاش الجو والسحالي والعناكب والنحل والدبابير والضفادع وخيوط العنكبوت وريش الطيور، ويحتوي على فقاقيع من الهواء وقطرات الماء لدراسة ثاني أكسيد الكربون في الجو ونسبة الأكسجين.
ولفت الباحث حدادين أنه يوجد في العنبر الأردني أشياء عديدة لها أهمية كبرى في الأبحاث العلمية من أهمها الحشرات إذ يحتوي على 500 حشرة، ثمة عينات وجدت فيها نجد حشرة aretpiD قد أسرت في خيوط العنكبوت وهي أقدم في العالم قد أسرت وما زالت مأسورة إلى يومنا هذا، و حشرة edimonorihC وحشرة eadinogopotreC الحشرة الماصة التي تتغذى على دم الديناصورات، وهي مهمة للعلماء لاستنساخ الديناصورات، وحشرة الخنفسانة من نوع eadinilyhpatS وهي من آكلات الرمم، وهي egdiM و ylF enarC eadilupiT هي دبور psaW .
الحشرات في العنبر
وأشار الباحث حدادين إلى أن مجموعة الحشرات أكثر من عشرين عائلة قسم منها منقرض، وقسم آخر جديد لم يعرفه العلماء، لافتا إلى أن أحد العلماء قام بتسمية إحدى حشرات العنبر الأردني على اسمه وهي nidaddaH siralgerrahcB وبين أن اكتشافاته أثارت اهتمام علماء أجانب فقد زاره ثلاثة علماء ألمان من المتخصصين في علم الحشرات وهم : كلاوس بندل، وقد أجرى معه بحثا عن العنبر الأردني، وولف جانج، وجورج وندرلش المتخصص في دراسة العناكب.
إلى جانب علماء آخرين مثل العالم الروسي الأسكندر راسنتسيان وهو رئيس الجمعية العالمية للحشرات المستحثة ومقرها موسكو، وسجل الباحث حدادين عضوا فيها عام 2000.
وذكرته المصادر العلمية
ولفت إلى أنه أرسل إلى أشهر علماء الحشرات في العالم عينات من العنبر الأردني ذكروها في كتبهم، وذكروا اسم الأردن فيها، مشيرا إلى أن علماء آخرين طلبوا زيارة الأردن لإجراء بحوث، إلا أنه اعتذر لعدم توفر الإمكانيات المالية لذلك.
وقال إن لديه مشروعا إذا توفرت الإمكانيات لذلك وهو إعداد كتاب عن حشرات العنبر الأردني، إذ يتطلب الأمر صقل العنبر وتصوير الحشرات تحت المجهر وتصنيفها والبحث عن العينات وإخراجها من مكانها الموجودة في وادي الموجب والحسا وسيل الزرقاء، مؤملا من الجهات المختصة مساعدته لإنجاز هذا البحث، مشيرا إلى أنه لم يفرط في العينات لأي عالم رغم الإغراءات المالية لأنها ثروة كبيرة للأردن تعادل كما قال له أحد العلماء ثروة الديناصورات.
ونوه إلى أن هناك نباتات والبذور وريش الطيور التي توجد في العنبر وهناك حشرات الجبس وهي أول حشرات توجد في الجبس في العالم عمرها يقارب عمر العنبر الأردني.
وبين حدادين أن البيئة التي كانت موجودة قديما وتعيش فيها حشرات العنبر الأردني هي البيئة التي تقع على خط 7 درجات جنوب خط الاستواء وعلى هذا الأساس تكون هذه الحشرات موجودة في العنبر هي حشرات شبه استوائية أو المنطقة المدارية الحارة الرطبة.
وأوضح في السياق أن الأردن قبل 135 مليون سنة كان على خط عرض 7 درجات جنوب خط الاستواء، مشيرا إلى أن ثمة نظرية تقول إن القارات تزحف نحو الشمال الغربي كل سنة سنتمترين اثنين وعلى هذا الأساس فالأردن تحرك 2700 كم نحو الشمال الغربي فمر بعدة أقاليم مناخية بدرجة 7 جنوب خط الاستواء إلى 32 درجة عرض شمال خط الاستواء، وعليه مرت نباتات الأردن وحيواناته في ستة أقاليم مناخية وهي : المداري الرطب الحار، الاستوائي، الموسمي، شبه المداري، الصحراوي، والمعتدل.