وأمَّا قول القائل: ثالث الحرمين الشريفين، يريد به المسجد الأقصى، فهذا تعبير فيه خطأ ، وهو يوهم أن المسجد الأقصى حرم، فتكون المساجد المحرَّمة ثلاثة وليس كذلك، فما ثمَّ إلا حرمان مكة والمدينة ، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: " بأن الله حرَّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة " ( انظر البخاري 1834، ومسام1353) ، وأخبر : " بأن ابراهيم عليه السلام حرَّم مكة وأنه صلى الله عليه وسلم- حرَّم المدينة " (انظر البخاري 2129 ، ومسلم 1360) ، ومعنى تحريمها أي: أن الله حرَّم فيهما مالا يحرم في غيرهما، كقطع الشجر ، وقتل الصيد. وأمَّا المسجد الأقصى فليس فيه تحريم خاص، لكنه من المساجد الثلاثة المفضلة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام، ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ومسجد الأقصى" (البخاري 1189 ومسلم 1397 واللفظ للبخاري) ، فليتنبه إلى الفرق بين هذه المساجد ، فللمسجد الحرام ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- خصوصيَّة ليست لغيرهما من المساجد.