أرشيف سرّي يفضح جرائم عثمانية جديدة في حق الأرمن
تظاهرة أمام القنصلية التركية في لوس أنجلس في الذكرى ال103 للمذبحة الأرمنية.(أرشيف)
24- ميسون جحا
الأحد 28 يوليو 2019 / 15:35
أشار روبرت فيسك، مراسل صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية إلى أدلة جديدة حول عمليات قتل ارتكبت بحق الأرمن في ولايات تركية قبل وقت طويل من بداية ما عرف باسم "ميدز يوجيرم" أو الجريمة العظمى بحق الأرمن. ويلفت فيسك إلى أن معظم المؤرخين ما زالوا يعتقدون أن العثمانيين بدأوا في تنفيذ الهولوكست الأرمني في إسطنبول في عام 1915.
ولاة محليين كانوا يقطعون أحياناً قرابة 1200 كيلومتر من العاصمة العثمانية كي يصلوا إلى أرض روم – ليحضروا لقاءات مشتركة بشأن عمليات القتل
لكن، حسب فيسك، كشف اليوم، وبشكل لا يصدق، عن أنه تم التحريض على تصفية أرمن مسيحيين من رجال ونساء وأطفال، في 1 ديسمبر(كانون الأول) 1914، في مدينة أرضروم أو إرزوروم، البعيدة جداً عن إسطنبول، لا في 24 أبريل( نيسان) 1915 الذي يحيي فيه الأرمن ذكرى أول عمليات حرب الإبادة بحقهم. وفي ذلك اليوم من ديسمبر(كانون الأول)، نظمت "المنظمة الخاصة" – النظير العثماني لمنظمة SS النازية الألمانية، تصفية فورية بحق أرمن" بزعم استعدادهم لتنفيذ هجمات ضد مسلمين.
إحصائيات مرعبة
ويشير كاتب المقال إلى أن العالم بات على علم بإحصاءات مرعبة حول مجزرتين نفذت الأولى باسم "ميدز يوجيرم" أو الجريمة العظمى بحق الأرمن، وقضى فيها مليون ونصف قتيل. وأما المجزرة الثانية فهي الهولوكوست اليهودي، الذي بدأ تنفيذه بعد أقل من ربع قرن، وأدى لقتل ما لا يقل عن ستة ملايين يهودي.
وحسب الكاتب، ارتكب الأتراك – وللأسف، الأكراد، تلك الجرائم ضد البشرية في الحرب العالمية الأولى. كما ارتكب الألمان، وللأسف – عدد من الشعوب السلافية لدول احتلها النازيون – تلك الجرائم ضد البشرية في الحرب العالمية الثانية.
الأتراك يرفضون الاعتراف
ويشير فيسك لعدم تقبل الأتراك مطلقاً – حتى يومنا هذاـ الاعتراف بمسؤوليتهم، ولكن الألمان اعترفوا. وما زلنا نسجل باحترام كيف "يتناقش الأتراك بحدة" بشأن مجزرتهم بحق الأرمن. ونشجب دوماً – وعن حق- الجناح اليميني في أوروبا الذي ينكر الإبادة الجماعية النازية لليهود.
لكن، وحسب الكاتب، يجب أن يدين العالم بالعرفان للمؤرخ التركي تانر أقسم، الذي كشف هذا الشهر، من منفاه الذي فرضه على نفسه في أمريكا، عن استهداف الأرمن وقتلهم، قبل 31 يوماً بالضبط من دخول الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى في 31 أكتوبر(تشرين الأول) 1914. وكان أول الضحايا الأرمن رجال فقط – وتبعه لاحقاً تعطش لقتل أسرهم- في ولايتي فان وبطليس. ولكن تلك الجرائم تكشف مدى عمق تلك الجريمة في مناطقة ريفية شرق تركيا، وفي مدن نائية بدلاً من أن تقع في العاصمة.
أمر سري
ويقول الكاتب إنه، بفضل بحث أجراه المؤرخ أقسم في الأرشيف العثماني لرئاسة الوزراء لم يكشف عنه حتى الآن، يظهر، ولأول مرة، بأنه صدر أمر سري من مقر حكومة أرض روم المحلية إلى ولاة فان وبطليس لاعتقال أرمن ممن يحتمل أن يكونوا زعماء متمردين. أو قد يهاجمون مسلمين ووجوب ترحيلهم إلى بطليس فوراً من أجل إبادتهم. ولم يتضمن الأمر عبارات منمقة، مثل العبارة النازية سيئة الذكر "الحل النهائي"، بل استخدم مسؤولون عثمانيون الكلمة التركية: إمحاء.
ويشير كاتب المقال لقتل جميع الذكور فوق سن العاشرة في بعض القرى القريبة من بلدة باسكيل. وبعد شهرين، في فبراير(شباط) 1915، أرسل نائب أرمني في البرلمان العثماني تقريراً من بلدة فان إلى طلعت باشا، وزير الداخلية العثماني في إسطنبول، الذي سيكون مسؤولاً عن حرب إبادة مليون ونصف أرمني، ليخبره بأن" مجازر ترتكب في بعض القرى والبلدات عند ضواحي باسكيل وساراي". ومن الواضح بأن مسؤولين عثمانيين محليين كانوا يحرضون على حرب الإبادة، ومن ثم يطلبون من أسيادهم في إسطنبول الموافقة على قراراتهم.
دليل مكتشف
وكشف أقسم عن دليل يثبت أن ولاة محليين كانوا يقطعون أحياناً قرابة 1200 كيلومتر من العاصمة العثمانية كي يصلوا إلى أرض روم – ليحضروا لقاءات مشتركة بشأن عمليات القتل، ومن ثم يرسلون قراراتهم إلى طلعت باشا. وقد سجل ضمن أحد تلك القرارات – الصادرة قبل أيام من التاريخ الذي يعتبره اليوم الأرمن بداية حرب الإبادة- أمر صدر من أرض روم إلى والي بطليس من أجل إرسال ميليشيات كردية لملاحقة الأرمن. وفي بعض الحالات، يبدو واضحاً أن ولاة أقاليم كانوا يجتمعون، في بداية القرن العشرين، حول آلة تلغراف واحدة في أرض روم ويتآمرون سوياً مع اسطنبول في ما يشبه حالياً ما يسمى مؤتمر بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي: لقاءات عبر تلغرام.
غاية في السرية
وحسب كاتب المقال، بالنظر لإدراك حكام الولايات العثمانية بالطبيعة الشريرة لأعمالهم، والدليل الواضح بأن طلعت باشا كان على علم بطبيعتهم الإجرامية – فقد انعكس ذلك في إعطاء أوامرهم عبر البرقيات صفة "سري للغاية"، و إرسالها عبر" شفرة لا يستطيع فكها سوى مستلمها". وورد في إحدى البرقيات بأن" نسخة منها أحرقت في مكانها، مع الرجاء التأكيد على اسطنبول بإحراق نسختهم فيها".
تظاهرة أمام القنصلية التركية في لوس أنجلس في الذكرى ال103 للمذبحة الأرمنية.(أرشيف)
24- ميسون جحا
الأحد 28 يوليو 2019 / 15:35
أشار روبرت فيسك، مراسل صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية إلى أدلة جديدة حول عمليات قتل ارتكبت بحق الأرمن في ولايات تركية قبل وقت طويل من بداية ما عرف باسم "ميدز يوجيرم" أو الجريمة العظمى بحق الأرمن. ويلفت فيسك إلى أن معظم المؤرخين ما زالوا يعتقدون أن العثمانيين بدأوا في تنفيذ الهولوكست الأرمني في إسطنبول في عام 1915.
ولاة محليين كانوا يقطعون أحياناً قرابة 1200 كيلومتر من العاصمة العثمانية كي يصلوا إلى أرض روم – ليحضروا لقاءات مشتركة بشأن عمليات القتل
لكن، حسب فيسك، كشف اليوم، وبشكل لا يصدق، عن أنه تم التحريض على تصفية أرمن مسيحيين من رجال ونساء وأطفال، في 1 ديسمبر(كانون الأول) 1914، في مدينة أرضروم أو إرزوروم، البعيدة جداً عن إسطنبول، لا في 24 أبريل( نيسان) 1915 الذي يحيي فيه الأرمن ذكرى أول عمليات حرب الإبادة بحقهم. وفي ذلك اليوم من ديسمبر(كانون الأول)، نظمت "المنظمة الخاصة" – النظير العثماني لمنظمة SS النازية الألمانية، تصفية فورية بحق أرمن" بزعم استعدادهم لتنفيذ هجمات ضد مسلمين.
إحصائيات مرعبة
ويشير كاتب المقال إلى أن العالم بات على علم بإحصاءات مرعبة حول مجزرتين نفذت الأولى باسم "ميدز يوجيرم" أو الجريمة العظمى بحق الأرمن، وقضى فيها مليون ونصف قتيل. وأما المجزرة الثانية فهي الهولوكوست اليهودي، الذي بدأ تنفيذه بعد أقل من ربع قرن، وأدى لقتل ما لا يقل عن ستة ملايين يهودي.
وحسب الكاتب، ارتكب الأتراك – وللأسف، الأكراد، تلك الجرائم ضد البشرية في الحرب العالمية الأولى. كما ارتكب الألمان، وللأسف – عدد من الشعوب السلافية لدول احتلها النازيون – تلك الجرائم ضد البشرية في الحرب العالمية الثانية.
الأتراك يرفضون الاعتراف
ويشير فيسك لعدم تقبل الأتراك مطلقاً – حتى يومنا هذاـ الاعتراف بمسؤوليتهم، ولكن الألمان اعترفوا. وما زلنا نسجل باحترام كيف "يتناقش الأتراك بحدة" بشأن مجزرتهم بحق الأرمن. ونشجب دوماً – وعن حق- الجناح اليميني في أوروبا الذي ينكر الإبادة الجماعية النازية لليهود.
لكن، وحسب الكاتب، يجب أن يدين العالم بالعرفان للمؤرخ التركي تانر أقسم، الذي كشف هذا الشهر، من منفاه الذي فرضه على نفسه في أمريكا، عن استهداف الأرمن وقتلهم، قبل 31 يوماً بالضبط من دخول الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى في 31 أكتوبر(تشرين الأول) 1914. وكان أول الضحايا الأرمن رجال فقط – وتبعه لاحقاً تعطش لقتل أسرهم- في ولايتي فان وبطليس. ولكن تلك الجرائم تكشف مدى عمق تلك الجريمة في مناطقة ريفية شرق تركيا، وفي مدن نائية بدلاً من أن تقع في العاصمة.
أمر سري
ويقول الكاتب إنه، بفضل بحث أجراه المؤرخ أقسم في الأرشيف العثماني لرئاسة الوزراء لم يكشف عنه حتى الآن، يظهر، ولأول مرة، بأنه صدر أمر سري من مقر حكومة أرض روم المحلية إلى ولاة فان وبطليس لاعتقال أرمن ممن يحتمل أن يكونوا زعماء متمردين. أو قد يهاجمون مسلمين ووجوب ترحيلهم إلى بطليس فوراً من أجل إبادتهم. ولم يتضمن الأمر عبارات منمقة، مثل العبارة النازية سيئة الذكر "الحل النهائي"، بل استخدم مسؤولون عثمانيون الكلمة التركية: إمحاء.
ويشير كاتب المقال لقتل جميع الذكور فوق سن العاشرة في بعض القرى القريبة من بلدة باسكيل. وبعد شهرين، في فبراير(شباط) 1915، أرسل نائب أرمني في البرلمان العثماني تقريراً من بلدة فان إلى طلعت باشا، وزير الداخلية العثماني في إسطنبول، الذي سيكون مسؤولاً عن حرب إبادة مليون ونصف أرمني، ليخبره بأن" مجازر ترتكب في بعض القرى والبلدات عند ضواحي باسكيل وساراي". ومن الواضح بأن مسؤولين عثمانيين محليين كانوا يحرضون على حرب الإبادة، ومن ثم يطلبون من أسيادهم في إسطنبول الموافقة على قراراتهم.
دليل مكتشف
وكشف أقسم عن دليل يثبت أن ولاة محليين كانوا يقطعون أحياناً قرابة 1200 كيلومتر من العاصمة العثمانية كي يصلوا إلى أرض روم – ليحضروا لقاءات مشتركة بشأن عمليات القتل، ومن ثم يرسلون قراراتهم إلى طلعت باشا. وقد سجل ضمن أحد تلك القرارات – الصادرة قبل أيام من التاريخ الذي يعتبره اليوم الأرمن بداية حرب الإبادة- أمر صدر من أرض روم إلى والي بطليس من أجل إرسال ميليشيات كردية لملاحقة الأرمن. وفي بعض الحالات، يبدو واضحاً أن ولاة أقاليم كانوا يجتمعون، في بداية القرن العشرين، حول آلة تلغراف واحدة في أرض روم ويتآمرون سوياً مع اسطنبول في ما يشبه حالياً ما يسمى مؤتمر بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي: لقاءات عبر تلغرام.
غاية في السرية
وحسب كاتب المقال، بالنظر لإدراك حكام الولايات العثمانية بالطبيعة الشريرة لأعمالهم، والدليل الواضح بأن طلعت باشا كان على علم بطبيعتهم الإجرامية – فقد انعكس ذلك في إعطاء أوامرهم عبر البرقيات صفة "سري للغاية"، و إرسالها عبر" شفرة لا يستطيع فكها سوى مستلمها". وورد في إحدى البرقيات بأن" نسخة منها أحرقت في مكانها، مع الرجاء التأكيد على اسطنبول بإحراق نسختهم فيها".