الحرب البيزنطية الساسانية (الفارسية)
عن تغريدات Jad Rasi
هذه مجموعة من التغريدات عن الحرب البيزنطية الساسانية (الفارسية) لا أعرف ولكن هناك الكثير من التطابقات مع عالم اليوم.....
منذ معركة قاره في 53 قبل الميلاد حارب الإغريق ( البيزنطيين بعدها) الفرس ( الساسانيين بعدها) في معارك كثيرة بدأت قبل هذا التاريخ بكثير ولم تنتهي بعده
تلك المعارك الكثيرة لم تنتهي لمصلحة طرف على حساب الآخر بشكل كلي بل أدت إلى ما قد نسميه حاليا (توازن عسكري استراتيجي) حيث هناك توازن للقوة يمنع اي ن
إمبراطورية من محاربة الأخرى بشكل كامل مع أن العداء استمر والتوتر كان عاليا خصوصا في مناطق التماس بين الامبراطوريتين
مناطق التماس هذه تبدأ من بادية الشام وحتى أرمينيا وجورجيا شمالا كانت مناطق احتكاكات مستمرة ومعارك جانبية من الكر والفر دون أن تؤدي ولمدة طويلة إلى حرب شاملة بين الطرفين
في عام 570 ميلادية بدأت مرحلة جديدة حيث هاجم المناذرة العرب (التابعين لفارس) العرب الغساسنة ( التابعين لبيزنطة) وبنفس الوقت غزا الفرس اليمن طاردين الجيش الحبشي الموالي لبيزنطة منها ..تحرك البيزنطيين بإشعال ثورات في جورجيا وأرمينيا حاليا وعندما قمعت فارس الثورة استخدم البيزنطيون قمع الثورة كمبرر للاستيلاء على أرمينيا وجورجيا فدانت القوقاز للبيزنطيين..
كما قلنا سابقا أن المنطقة الأكثر خطورة بين الامبراطوريتين هي منطقة بادية الشام فهذه المنطقة كانت خاصرة رخوة لكلا الامبراطوريتين ولم تكن تحكماها بشكل مباشر بل كان ينوب عنهما قبائل عربية ذكرناها ، لذلك ولتأمين هذه الخاصرة تحرك الجيش البيزنطي باتجاه بادية الشام ولكن خسرو الأول ملك فارس استطاع وقف زحف البيزنطيين هناك واستولى على درعا .. استمرت معارك جانبية ولكن توازن القوة والخوف من الحرب الشاملة ابقى الحال على ما هو عليه لعقد اخر من الزمن
في 586 ميلادية قام البيزنطيون بهجوم مضاد استردوا به مناطق درعا الاستراتيجية فرد الفرس باحتلال ميترابوليس على حدود الأناضول في تحدي لبيزنطة في قلبها النابض ( الأناضول) ، لكن تمردا داخليا في فارس أوقف زحف جيوش فارس حيث قام جنرال فارسي اسمه بهرام بالإطاحة بالملك الساساني خسروا الثاني ففر خسروا الثاني إلى حدود
بيزنطة طالبا معونة بيزنطة ليسترد عرشه على أن يعيد الأراضي التي احتلها الفرس لبيزنطة أن أعادوا له عرشه..
بإعادة خسروا الثاني إلى العرش الساساني اعطى خسرو مناطق شاسعة في أرمينيا وجورجيا فترة التعاون استمرت فترة وجيزة من 591 م وحتى 602 م حيث أعطت هذه الفترة الفرصة للبيزنطيين لحل بعض المشاكل العالقة من تمردات متكررة في البلقان
نقل الجيش البيزنطي من محاربة الجيش الفارسي العتيد لمحاربة قرى متمردة في البلقان ومحاولة القيصر موريس تقليل مدفوعات الجيش نظرا للوضع الاقتصادي الصعب أدى لتمرد الجنرال فوكاس والذي انتزع العرش من موريس بعد أن سيطر على القسطنطينية
ولسخرية القدر هذه المرة يهرب موريس ورعاياه طالبين الامان عند خسروا الثاني ومطالبا إياه بمساعدته باسترداد عرشه..فتقوم الجيوش الفارسية بإعادة احتلال المناطق التي كان قد أعطاها خسرو لبيزنطة بعد مساعدتهم له باسترداد عرشه ( أرمينيا وجورجيا وجزء من شمال العراق) وأعاد احتلال درعا في 605 م .
هنا ظهر لاعب جديد على الساحة وهو هرقل حاكم شمال افريقيا والذي بدأ كموالي لموريس بداية حيث سيطر على مصر وامتد التمرد إلى فلسطين وسوريا .. فاستغل الفرس الحالة المتردية لبيزنطة واقتحموا الأناضول وصولا إلى بنيثيا القريبة من أنقرة في قلب الأناضول
بعد أن أحكم هرقل سيطرته على مصر والساحل السوري انقلب على موريس وأعلن أنه من يستحق العرش وليس ملك تحميه فارس ( موريس) أو جنرال متمرد على شاكلة (فوكاس ) فقام هرقل بمهاجمة القسطنطينية واستولى عليها وعلى العرش
توقع هرقل انسحاب الفرس من الأناضول وخصوصا أنه راسلهم للصلح ولكن كان الوقت قد فات فقد ايقن الفرس أن الفرصة مواتية لإخضاع بيزنطة بشكل كامل تحت سيطرتهم وهزيمتهم هزيمة شاملة . لم يكن لهرقل من بد سوى أن يواجه الفرس فقاد الجيش بنفسه ولكن الانتكاسات البيزنطية استمرت لا بل تضاعفت حيث سيطر الفرس على دمشق وبعدها على القدس في 614 م وفي القدس أحرقوا ودنسوا المقدسات المسيحية البيزنطية فتم هدم وإحراق كنيسة القيامة
السيطرة على العاصمة الروحية لبيزنطة واحراق كنيسة القيامة أدت لانهيار معنويات الجيش البيزنطي ومعنويات العوام فقد بدى ما يحدث وكأنه انتقام إلهي ..فوصلت طلائع الجيش الفارسي إلى كالسيدونيا على بعد مئات الكيلومترات من القسطنطينية وسيطروا عليها في 617 م ، أما جنوبا فاستمر الزحف الفارسي بالهجوم على مصر ( سلة غذاء الإمبراطورية البيزنطية) وسيطروا عليها 621 م وأصبحت مصر لأول مرة جزء من الإمبراطورية الساسانية الفارسية
حتى ذلك التاريخ خسرت الإمبراطورية البيزنطية مناطق التماس جميعها والساحل السوري ومدنها المقدسة وسلة غذائها ونبيذها في مصر ولكن بقي للبيزنطيين تفوق واضح في البحر ولكن هذا التفوق لم يستمر طويلا حيث استطاع الفرس وفي ظرف قصير من احتلال جزر يونانية في أرخبيل إيجة مكبلين حركة السفن
ومع إحكام الفرس لسيطرتهم البحرية على الشاطئ الشرقي للمتوسط بدا وكأن بيزنطة تعد أيامها وأن الضربة القاضية قادمة لا محالة ولأن خيارات بيزنطة بدت محدودة جدا قام هرقل بحركة متهورة حيث خرج مع جيشه من القسطنطينية ليضرب الجيش الفارسي في الأناضول
خاف الجنرالات الفرس من يتم محاصرتهم داخل الأناضول التي يمكن قطع طرقها بسهولة فيقطع طريق التموين والإسناد فتراجعوا من قلب الأناضول الى حدودها فطلب هرقل الصلح 624 م ورفض خسروا فهاجم هرقل أرمينيا ثم جورجيا حتى وصل أذربيجان وصار يهدد قلب فارس ( إيران حاليا) .
ارسل خسرو جيشاً إلى خازاقان ولا توجد تفاصيل كثيرة عن هذه المعركة ولكن تتفق المصادر التاريخية أن البيزنطيين انتصروا وأنهم قاموا بتدمير مجموعة من المعابد الزرادشتية الفخمة إنتقاما لإحراق كنيسة القيامة.
جمع خسرو قواته مرة أخرى محاولا هزيمة هرقل في أرض فارس عام 625م ولكن لم يفلح فقام بمحاولة يائسة حيث قام خسروا بتحضير جيشين أحدهما بقي في قلب فارس أما الآخر فهاجم القسطنطينية مباشرة محاولا إنهاء الحرب بضربة واحدة ..وفعلا وصل الجيش الفارسي القسطنطينية
عقد الفرس حلفا مع البلغار (الأفار) بحيث يهاجم الفرس القسطنطينية من الشرق ويهاجمها الافار من الغرب.. استمر الحصار أشهرا ولما أتى الشتاء القارص هاجم هرقل الجيش الفارسي المحاصر للقسطنطينية من الخلف واباده وهرب الأفار إلى البلقان وتم فك حصار القسطنطينية
وفي شتاء 627 اقتحم هرقل الأراضي الفارسية وقاتل شخصيا ( وهذه رواية كتب التاريخ وليس شهود العيان) مع جيشه جيش خسرو عند نينوى بشمال العراق وهزمه .. اشتعل التمرد في العاصمة المدائن على خسروا فقام نافاد ابن خسروا بالإطاحة به وبدأ مفاوضات مع هرقل في 628م
كانت الجهود العسكرية قد انهكت خزينة الإمبراطورية البيزنطية فقبل هرقل بالصلح وعادت جميع الأراضي التي استولى عليها الفرس لبيزنطة وأسرى الحرب وأن تدفع فارس تعويضات الحرب لبيزنطة
على الارض عادت الخريطة كما كانت فلم تستفد أي من الامبراطوريتين من أية أرض جديدة من الحرب بل عادت الأمور جغرافيا كما كانت قبل الحرب ولكن كلاهما كان منهكا مفلسا واكثر ضعفا من أي وقت مضى
شارك العرب الذين كانوا يعيشون على أطراف الامبراطوريتين بشكل واسع النطاق بهذه الحروب ولأن العرب وقتها لم يكتبوا تاريخهم ولصمت المراجع الفارسية والبيزنطية عن تفاصيل مشاركة العرب في المعارك بل اكتفت بالاشارة لوجودهم دون تفصيل...اكتسب العرب الخبرة العسكرية في اكتساح المدن وحصارها وساهمت الحرب بإبراز قادة عسكريين يعرفون كيفية قيادة الجيوش النظامية وكيفية تموينها وتفاصيل كثيرة لم يكن يعرفها العرب في حروبهم القبلية الصغيرة .. في 629 م ظهر الجيش الإسلامي في بادية الشام فجأة وتتفق المصادر الإسلامية أن هذا الجيش قدم من المدينة من عمق الصحراء
استطاع هذا الجيش خلال 20 عاما من 629 م من محو الإمبراطورية الساسانية عن الخريطة .. وقام بتحجيم بيزنطة داخل الأناضول حيث أخذ منها شمال افريقيا مصر وسوريا الطبيعية ومن ضمنها القدس ..
قامت الجيوش الإسلامية ببناء مدن للجنود في المناطق المفتوحة لتقليل الاحتكاك بالسكان الأصليين فبنيت مدن مثل الفسطاط والقيروان والكوفة والبصرة وهذا نهج يمكن ملاحظته في كل البلاد المفتوحة ما عدا بلاد الشام مما يدل على تواجد عربي مكثف في المنطقة
فما هي الأسباب التي دعت العرب في بلاد الشام والعراق لمناصرة الجيوش الإسلامية .. نعم الإجابة هي الإسلام ولكن لابد من تغيير تاريخي أيضا فما الذي دفع بتغيير تحالفات دامت مئات السنين في لحظة عابرة لم يعودوا يلتفتوا إليها بعد ذلك
عن تغريدات Jad Rasi
هذه مجموعة من التغريدات عن الحرب البيزنطية الساسانية (الفارسية) لا أعرف ولكن هناك الكثير من التطابقات مع عالم اليوم.....
منذ معركة قاره في 53 قبل الميلاد حارب الإغريق ( البيزنطيين بعدها) الفرس ( الساسانيين بعدها) في معارك كثيرة بدأت قبل هذا التاريخ بكثير ولم تنتهي بعده
تلك المعارك الكثيرة لم تنتهي لمصلحة طرف على حساب الآخر بشكل كلي بل أدت إلى ما قد نسميه حاليا (توازن عسكري استراتيجي) حيث هناك توازن للقوة يمنع اي ن
إمبراطورية من محاربة الأخرى بشكل كامل مع أن العداء استمر والتوتر كان عاليا خصوصا في مناطق التماس بين الامبراطوريتين
مناطق التماس هذه تبدأ من بادية الشام وحتى أرمينيا وجورجيا شمالا كانت مناطق احتكاكات مستمرة ومعارك جانبية من الكر والفر دون أن تؤدي ولمدة طويلة إلى حرب شاملة بين الطرفين
في عام 570 ميلادية بدأت مرحلة جديدة حيث هاجم المناذرة العرب (التابعين لفارس) العرب الغساسنة ( التابعين لبيزنطة) وبنفس الوقت غزا الفرس اليمن طاردين الجيش الحبشي الموالي لبيزنطة منها ..تحرك البيزنطيين بإشعال ثورات في جورجيا وأرمينيا حاليا وعندما قمعت فارس الثورة استخدم البيزنطيون قمع الثورة كمبرر للاستيلاء على أرمينيا وجورجيا فدانت القوقاز للبيزنطيين..
كما قلنا سابقا أن المنطقة الأكثر خطورة بين الامبراطوريتين هي منطقة بادية الشام فهذه المنطقة كانت خاصرة رخوة لكلا الامبراطوريتين ولم تكن تحكماها بشكل مباشر بل كان ينوب عنهما قبائل عربية ذكرناها ، لذلك ولتأمين هذه الخاصرة تحرك الجيش البيزنطي باتجاه بادية الشام ولكن خسرو الأول ملك فارس استطاع وقف زحف البيزنطيين هناك واستولى على درعا .. استمرت معارك جانبية ولكن توازن القوة والخوف من الحرب الشاملة ابقى الحال على ما هو عليه لعقد اخر من الزمن
في 586 ميلادية قام البيزنطيون بهجوم مضاد استردوا به مناطق درعا الاستراتيجية فرد الفرس باحتلال ميترابوليس على حدود الأناضول في تحدي لبيزنطة في قلبها النابض ( الأناضول) ، لكن تمردا داخليا في فارس أوقف زحف جيوش فارس حيث قام جنرال فارسي اسمه بهرام بالإطاحة بالملك الساساني خسروا الثاني ففر خسروا الثاني إلى حدود
بيزنطة طالبا معونة بيزنطة ليسترد عرشه على أن يعيد الأراضي التي احتلها الفرس لبيزنطة أن أعادوا له عرشه..
بإعادة خسروا الثاني إلى العرش الساساني اعطى خسرو مناطق شاسعة في أرمينيا وجورجيا فترة التعاون استمرت فترة وجيزة من 591 م وحتى 602 م حيث أعطت هذه الفترة الفرصة للبيزنطيين لحل بعض المشاكل العالقة من تمردات متكررة في البلقان
نقل الجيش البيزنطي من محاربة الجيش الفارسي العتيد لمحاربة قرى متمردة في البلقان ومحاولة القيصر موريس تقليل مدفوعات الجيش نظرا للوضع الاقتصادي الصعب أدى لتمرد الجنرال فوكاس والذي انتزع العرش من موريس بعد أن سيطر على القسطنطينية
ولسخرية القدر هذه المرة يهرب موريس ورعاياه طالبين الامان عند خسروا الثاني ومطالبا إياه بمساعدته باسترداد عرشه..فتقوم الجيوش الفارسية بإعادة احتلال المناطق التي كان قد أعطاها خسرو لبيزنطة بعد مساعدتهم له باسترداد عرشه ( أرمينيا وجورجيا وجزء من شمال العراق) وأعاد احتلال درعا في 605 م .
هنا ظهر لاعب جديد على الساحة وهو هرقل حاكم شمال افريقيا والذي بدأ كموالي لموريس بداية حيث سيطر على مصر وامتد التمرد إلى فلسطين وسوريا .. فاستغل الفرس الحالة المتردية لبيزنطة واقتحموا الأناضول وصولا إلى بنيثيا القريبة من أنقرة في قلب الأناضول
بعد أن أحكم هرقل سيطرته على مصر والساحل السوري انقلب على موريس وأعلن أنه من يستحق العرش وليس ملك تحميه فارس ( موريس) أو جنرال متمرد على شاكلة (فوكاس ) فقام هرقل بمهاجمة القسطنطينية واستولى عليها وعلى العرش
توقع هرقل انسحاب الفرس من الأناضول وخصوصا أنه راسلهم للصلح ولكن كان الوقت قد فات فقد ايقن الفرس أن الفرصة مواتية لإخضاع بيزنطة بشكل كامل تحت سيطرتهم وهزيمتهم هزيمة شاملة . لم يكن لهرقل من بد سوى أن يواجه الفرس فقاد الجيش بنفسه ولكن الانتكاسات البيزنطية استمرت لا بل تضاعفت حيث سيطر الفرس على دمشق وبعدها على القدس في 614 م وفي القدس أحرقوا ودنسوا المقدسات المسيحية البيزنطية فتم هدم وإحراق كنيسة القيامة
السيطرة على العاصمة الروحية لبيزنطة واحراق كنيسة القيامة أدت لانهيار معنويات الجيش البيزنطي ومعنويات العوام فقد بدى ما يحدث وكأنه انتقام إلهي ..فوصلت طلائع الجيش الفارسي إلى كالسيدونيا على بعد مئات الكيلومترات من القسطنطينية وسيطروا عليها في 617 م ، أما جنوبا فاستمر الزحف الفارسي بالهجوم على مصر ( سلة غذاء الإمبراطورية البيزنطية) وسيطروا عليها 621 م وأصبحت مصر لأول مرة جزء من الإمبراطورية الساسانية الفارسية
حتى ذلك التاريخ خسرت الإمبراطورية البيزنطية مناطق التماس جميعها والساحل السوري ومدنها المقدسة وسلة غذائها ونبيذها في مصر ولكن بقي للبيزنطيين تفوق واضح في البحر ولكن هذا التفوق لم يستمر طويلا حيث استطاع الفرس وفي ظرف قصير من احتلال جزر يونانية في أرخبيل إيجة مكبلين حركة السفن
ومع إحكام الفرس لسيطرتهم البحرية على الشاطئ الشرقي للمتوسط بدا وكأن بيزنطة تعد أيامها وأن الضربة القاضية قادمة لا محالة ولأن خيارات بيزنطة بدت محدودة جدا قام هرقل بحركة متهورة حيث خرج مع جيشه من القسطنطينية ليضرب الجيش الفارسي في الأناضول
خاف الجنرالات الفرس من يتم محاصرتهم داخل الأناضول التي يمكن قطع طرقها بسهولة فيقطع طريق التموين والإسناد فتراجعوا من قلب الأناضول الى حدودها فطلب هرقل الصلح 624 م ورفض خسروا فهاجم هرقل أرمينيا ثم جورجيا حتى وصل أذربيجان وصار يهدد قلب فارس ( إيران حاليا) .
ارسل خسرو جيشاً إلى خازاقان ولا توجد تفاصيل كثيرة عن هذه المعركة ولكن تتفق المصادر التاريخية أن البيزنطيين انتصروا وأنهم قاموا بتدمير مجموعة من المعابد الزرادشتية الفخمة إنتقاما لإحراق كنيسة القيامة.
جمع خسرو قواته مرة أخرى محاولا هزيمة هرقل في أرض فارس عام 625م ولكن لم يفلح فقام بمحاولة يائسة حيث قام خسروا بتحضير جيشين أحدهما بقي في قلب فارس أما الآخر فهاجم القسطنطينية مباشرة محاولا إنهاء الحرب بضربة واحدة ..وفعلا وصل الجيش الفارسي القسطنطينية
عقد الفرس حلفا مع البلغار (الأفار) بحيث يهاجم الفرس القسطنطينية من الشرق ويهاجمها الافار من الغرب.. استمر الحصار أشهرا ولما أتى الشتاء القارص هاجم هرقل الجيش الفارسي المحاصر للقسطنطينية من الخلف واباده وهرب الأفار إلى البلقان وتم فك حصار القسطنطينية
وفي شتاء 627 اقتحم هرقل الأراضي الفارسية وقاتل شخصيا ( وهذه رواية كتب التاريخ وليس شهود العيان) مع جيشه جيش خسرو عند نينوى بشمال العراق وهزمه .. اشتعل التمرد في العاصمة المدائن على خسروا فقام نافاد ابن خسروا بالإطاحة به وبدأ مفاوضات مع هرقل في 628م
كانت الجهود العسكرية قد انهكت خزينة الإمبراطورية البيزنطية فقبل هرقل بالصلح وعادت جميع الأراضي التي استولى عليها الفرس لبيزنطة وأسرى الحرب وأن تدفع فارس تعويضات الحرب لبيزنطة
على الارض عادت الخريطة كما كانت فلم تستفد أي من الامبراطوريتين من أية أرض جديدة من الحرب بل عادت الأمور جغرافيا كما كانت قبل الحرب ولكن كلاهما كان منهكا مفلسا واكثر ضعفا من أي وقت مضى
شارك العرب الذين كانوا يعيشون على أطراف الامبراطوريتين بشكل واسع النطاق بهذه الحروب ولأن العرب وقتها لم يكتبوا تاريخهم ولصمت المراجع الفارسية والبيزنطية عن تفاصيل مشاركة العرب في المعارك بل اكتفت بالاشارة لوجودهم دون تفصيل...اكتسب العرب الخبرة العسكرية في اكتساح المدن وحصارها وساهمت الحرب بإبراز قادة عسكريين يعرفون كيفية قيادة الجيوش النظامية وكيفية تموينها وتفاصيل كثيرة لم يكن يعرفها العرب في حروبهم القبلية الصغيرة .. في 629 م ظهر الجيش الإسلامي في بادية الشام فجأة وتتفق المصادر الإسلامية أن هذا الجيش قدم من المدينة من عمق الصحراء
استطاع هذا الجيش خلال 20 عاما من 629 م من محو الإمبراطورية الساسانية عن الخريطة .. وقام بتحجيم بيزنطة داخل الأناضول حيث أخذ منها شمال افريقيا مصر وسوريا الطبيعية ومن ضمنها القدس ..
قامت الجيوش الإسلامية ببناء مدن للجنود في المناطق المفتوحة لتقليل الاحتكاك بالسكان الأصليين فبنيت مدن مثل الفسطاط والقيروان والكوفة والبصرة وهذا نهج يمكن ملاحظته في كل البلاد المفتوحة ما عدا بلاد الشام مما يدل على تواجد عربي مكثف في المنطقة
فما هي الأسباب التي دعت العرب في بلاد الشام والعراق لمناصرة الجيوش الإسلامية .. نعم الإجابة هي الإسلام ولكن لابد من تغيير تاريخي أيضا فما الذي دفع بتغيير تحالفات دامت مئات السنين في لحظة عابرة لم يعودوا يلتفتوا إليها بعد ذلك
التعديل الأخير: