تخوفا من تغيير محتمل للنظام الجزائري، حليفه وراعيه الأساسي ورياح الثورة التي تهب على مخيمات تندوف، اختار زعيم الانفصاليين، إبراهيم غالي، الهرب من المخيمات والبقاء بالخارج.
في أقل من شهر، قام زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، بثلاث رحلات طويلة إلى الخارج.
الرحلة الأولى قادته إلى بريتوريا من أجل حضور مراسيم تنصيب الرئيس سيريل رامافوزا يوم 25 ماي الماضي. هذه الرحلة لمدة أربعة وعشرين ساعة تمت على متن طائرة فاخرة "غولف ستريم" التي وضعها الجنرال قايد صالح رهن إشارة زعيم الانفصاليين على حساب دافعي الضرائب الجزائريين الذين يطالبون منذ 22 فبراير الماضي برحيل المافيا التي تتحكم في مفاصل السلطة بالجزائر، بما في ذلك قائد الجيش الذي أصبح منذ سقوط بوتفليقة الماسك الحقيقي بزمام السلطة في الجزائر!
لم يستفد زعيم البوليساريو من الرحلة أي شيء باستثناء أخذ صور مع مسؤولي المؤتمر الوطني الأفريقي من بينهم زعيمه سيريل رامافوزا وبعض المقالات ذات النفحة الدعائية الفارغة التي لا تحسن تدبيجها إلا وكالة الأنباء الجزائرية ونظيرتها الانفصالية!
هذا دون الحديث عن "المواقف المبدئية" التي لا يتوانى المسؤولون بجنوب أفريقيا عن ترديدها والذين مازالوا رهيني خطاب سياسي عالمثالتي ومتحجر يناقض الوقائع الجيوسياسية الجديدة، بل ويناقض انتظارات الشعب الجنوب أفريقي المستاء من تفشي الفساد المؤسساتي والفقر وانعدام الأمن.
الحكاية لا تتوقف عند هذا الحد. فأسبوع بعد رحلة جنوب أفريقيا، قام زعيم البوليساريو دائما على نفقة دافعي الضرائب الجزائريين برحلة إلى السالفادور من أجل حضور مراسيم تنصيب الرئيس الجديد لهذا البلد، نجيب بوكيلة (37 سنة) الذي يسعى إلى إحداث تغيير في بلاده ومن هنا تسمية الحزب الذي يتزعمه "الأفكار الجديدة".
إلا أن رحلة السالفادور كانت سيئة للغاية بالنسبة لزعيم البوليساريو. فالبيان الذي نشرته وزارة الشؤون الخارجية لجمهورية السالفادور، حتى قبل أن تقلع طائرة إبراهيم غالي-عذرا طائرة الشعب الجزائري- من مطار سان سالفادور، كان واضحا عندما أعلن عن قرار الحكومة السالفادورية (حكومة يمينية براغماتية) الجديد القاضي بإعادة النظر بشكل جذري في العلاقات الخارجية الموروثة عن الحكومة اليسارية السابقة، وخاصة فيما يتعلق بـ"العلاقات الديبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية" المزعومة.
هذا البيان نزل كقطعة ثلج بارد على "الضيف" الانفصالي الذي لم يتوقع مثل هذه الصفعة بسبب قصر نظره الذي أصبح أمر مثيرا للقلق.
و كان على إبراهيم غالي أن ينزوي في مقر جبهته الانفصالية بالرابوني بعد هذه الصفعة القاسية. إلا أنه يبدو شخصا عنيدا. وهكذا، قام أمس الأربعاء بالسفر إلى أبوجا بنيجيريا من أجل حضور "يوم الديمقراطية" الذي ينظمه الرئيس محمد بخاري.
يتعلق الأمر كما ترون بـ"يوم الديمقراطية". ويبدو أن لإبراهيم غالي، المتابع من قبل المحكمة الوطنية الإسبانية من أجل ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، حصيلة مشرفة جدا يمكنها أن يعرضها في أبوجا بمناسبة هذا الحفل المخصص للديمقراطية!
أكملوا مسيرتكم، فلا شيء يستحق الرؤية. باستثناء أن زعيم البوليساريو في وضع حرج بسبب تردي الأوضاع في كل من الجزائر وتندوف، حيث رياح الثورة تهب والتي بإمكانها أن تجرف كل الرموز البئيسة لنظام فاسد وقمعي.
فإلى أي مدى سيصل هذا البطل البارع في سياسة الهروب إلى الأمام؟
النجدة...
المصدر