كيف واجهت مصر داعش
في يوم 28 يناير 2011 تعرض احد الاضرحة في العريش الي هجوم بقذيفة صاروخية , اختفي هذا الخبر في زحمه الاحداث الجسام التي مرت بها مصر و لكنه كان اعلانا عن توحيد و نشاه تنظيم جديد اطلق عليه انصار بيت المقدسبعد توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية بشروطها المعروفه التي جعلت شمال سيناء خالية من القوات المسلحة استغلت القوي الإسلامية المتطرفة هذه المنطقة لتكون مسرح لنشاطها مستغله الفراغ الامني فيه فكانت تفجيرات طابا و شرم الشيخ و دهب ثم أدت ثورة يناير وما صاحبها دفعه قوية الي هذه التنظيمات و أصبح تنظيم أنصار بيت المقدس شبه مسيطر علي المنطقة مستغلا الأنفاق و علاقه قوية مع حماس و اخوان مصر للتمويل و الحصول علي السلاح .
بداية الحرب
بعد ثورة 30 يونيو و الاطاحه بحكم الاخوان بدات الحرب الفعلية علي جماعه انصار بيت المقدس قبل ان تعلن انضمامها الي داعش و يمكن تقسيم هذه المعركة الي ثلاث مراحل :
الاولي هي مرحلة التواجد و إثبات وجود الدولة المصرية في هذه المنطقة
المرحلة الثانية كانت الدفاع و تلقي الضربات و زيادة التواجد الأمني و جمع المعلومات و اكتساب الخبرة .
ثم كانت المرحلة الثالثة و الأخيرة بالهجوم الكاسح في عملية سيناء 2018 .
ان الهدف الرئيسي لتنظيم داعش سيناء كان إعلان ولاية في شمال سيناء علي غرار العراق و سوريا , و هو هدف فشل فشلا ذريعا في تحقيقه في حين كان هدف الجيش المصري الأساسي هو هزيمة التنظيم و السيطرة علي شمال سيناء و بث الأمن و فرض سطوة الدولة فيها .
بدات المرحلة الاول بالدخول للقوات المسلحة في منطقه كانت غريبة بمعني انه لا سابق خبرة لإفراد القوات المسلحة بالتواجد هناك بمعني انك لا تعرف الارض التي تمشي عليها ولا تعرف من عدوك و من صديقك في بيئة كانت شديدة العدائية و صعبه و يسهل الاختباء فيها بين البشر و رمل الصحراء , ولا يوجد أي ثقل استخباراتي حقيقي في هذه المنطقة , لذا تسبب غياب المعلومات في البداية و قلة خبرة العديد من الأفراد في خسائر في صفوف القوات و المدنين بالاضافه الي شعور بالاستهانة الي حد ما لابد من الاعتراف به عند بعد القادة في التعامل مع التنظيم علي انه مجرد مجموعه من المسلحين يمكن سحقه في عملية واحدة و كانت هذه الفترة الي التي شهدت عمليات مثل استهداف أتوبيس الإجازات الذي أسفر عن استشهاد 20 جنديا و استشهدا 24 جندي من الشرطة علي يد جماعه عادل حبارة ( اعدم فيما بعد ) وهي عمليات نمت عن قلة خبرة و عدم استيعاب لخطورة التنظيم و قوتة و قم تم تلافي هذه الاخطاء فيما بعد , ثم عمليات الهجوم علي كرم القواديس و الكتيبة 101 وغيرها و كانت الأنفاق في ذلك الوقت رافد أساسي للسلاح و لهروب المقاتلين و ايضا لعلاجهم , كما انه في هذه الفترة افتقرت القوات المسلحة للعديد من الإمكانيات التي أصبحت بديهية الان مثل العدد الضخم من الدرونز و كذلك المقاتلة التراكتور التي يقع عليها عبأ كبير في مقاومة الارهاب لإمكانيتها الرهيبة بالاضافه الي عربات الام راب التي استلمتها فيما بعد من كلا من امريكا و الامارات و دخلت اعداد من المصنعه محليا كالتمساح . و اعتمد داعش في هذا الوقت علي تكيتيك موحد وهو الهجوم بالمفخخات الانتحارية يعقبها انغماسيين يستغلو فتره عدم التوازن بعد التفجير القوي لاكمال المهمة , في حين لم تكن الكمائن المصرية في البداية مسلحة بقوة ولا مجهزة هندسيا بما يوافق مثل هذا التكتيك الجديد .
مع الوقت اكتسبت القوات علي الارض خبرة اكبر و بدات القوات المسلحة المصرية في انشاء سلسلة كبيرة من التحصينات المحسنه و الاكمنة التي تهدف دائما الي قطع الطرق التي يستخدمها الارهابيين و ثاني شيء ان يتم تغطية كل كمين بكمين أخر قريب منه لسهولة الوصول الية و انقاذة , ترافق ذلك مع زيادة مضطرة في العتاد و الأفراد و بدأنا نري لأول مره تحليق للاف 16 في سماء العريش و تواجد دائم للدرونز في المنطقة و اصبح الدعم الجوي اكثر فاعلية و سرعة و امام هذا التواجد القوي للقوات المسلحة الذي اظهر أمام اهل سيناء ان التنظيم لم يعد هو المسيطر و الآمر الناهي بدأت محاولة كبري في عام 2015 للسيطرة علي الشيخ زويد و هي كانت الحلقة الفاصلة في الحرب بين القوات المسلحة و داعش , حيث خسر التنظيم المعركة و خسر الكثير من قوادة و مقاتليه امام استعداد مصري قوي و سرعه في وصول الدعم الجوي و تم سحق الدواعش حرفيا و كانت خسائرهم بالمئات و بعد هذه العملية توقفت تماما محاولة داعش عن اعلان الولاية و احلام السيطرة علي المنطقة و تحول داعش الي عمليات الاستنزاف المتمثلة اغلبها في استهداف العربات المقاتله بالعبوات الناسفة , في حين كثفت القوات المسلحة من هجماتها واختراقاتها المتكررة للتنظيم التي اسفرت عن مقتل معظم قياداته بضربات جوية دقيقة منهم ابو اسامة و ابو دعاء بالتوالي و ايضا الضباط الاربعه و هذه اقصه اخري هؤلاء الضباط الخونة في رأي هم اكثر من سبب الضرر للقوات المسلحة و الشرطة في شمال سيناء اولا لأنهم نقلو خبرتهم التدريبية لعناصر الانغماسيين و رفعو من مستوي كفاءاتهم و تدريبيهم و الامر الاخر انه كانو علي علم باماكن تواجد الشرطة و طرق التامين للكمائن و خلافه وهو تقريبا نفس التأثير السلبي للخائن هشام عشماوي علي القوات المسلحة في المنطقة الغربية , و كان المخطط لهم ان يتم استغلالهم اعلاميا لتحريض الاخرين لحذو حذوهم الا ان القوات المسلحة كانت اسرع وبدل من الاعلان الدعائي كان الإعلان الرثائي
و مع الوقت بدا تسليح الكمائن بأسلحة ثقيلة و أكثر تطورا مثل ال 23 ملم قواذف التاو و المناظير , حتي أصبحت عملية استهداف كمائن القوات المسلحة أكثر صعوبة بل أصبحت مميتة و اصبح تكتيك الدواعش محفوظا فلم تعد المفخخات المدرعة سلاحا مرعبا لا يمكن إيقافه و تم التصدي لها اكثر من مره بمدافع ال 23 ملم او بقواذف التاو و عندها كان يهرب باقي الدواعش بسرعه لانه بدون الصدمة و تاثير التفجير التي تسببة المفخخة لن يستطيع أي داعشي ين يصل الي أي كمين في سيناء , و عندها بدا العديد من افراد داعش بالخروج من شمال سيناء الي مناطق مثل الاسماعيلية و الظهير الصحراوي و لكنه كان كخروج السمك من الماء فما ان يتم خروجهم من المنطقة التي يجيدون الاختباء فيها حتي يتم اصطاديهم مثل مقتل قيادي كبير لداعش في مزرعه بالاسماعيلية و عمليات الاستهداف التي تتم للارهابيين في الظهير الصحراوي
و مع محاصرة التنظيم بحريا و بريا بقوة بدات المرحلة الاخيرة بعدد غير مسبوق من القوات في عملية سيناء 2018 و كانت عملية هجومية كاسحة و تضاعفت اعداد الكمائن للقوات المسلحة و الشرطة و بدات تنحسر بشدة العمليات الإرهابية تحت وطأة الضربات التي تقوم بها القوات , لذا لجا التنظيم في نهاية المطاف الي اهداف لا يمكن تخيلها وهي فقط لمجرد الايلام للشعب و عقابة مثل الهجوم الشهير علي مسجد الروضة الذي لم يكن يحتاج الا الي بضعه بنادق مع مجموعه من الشياطين البشرية لتنفيذ هذا الهجوم
و قبل الحادث الاخير الذي وقع في كمين جودة كانت الحياة تقريبا قد عادت الي طبيعتها في شمال سيناء و عادت المدارس لتعمل و بدا الناس في التنفس الصعداء قليلا
في الوقت الحالي و بلا أي شك او مواربة ان القوات المسلحة قد حققت انتصارا باهرا علي داعش و كسرت و افشلت الهدف الرئيسي للتنظيم الارهابي و من وراءة في اعلان ولاية سيناء التي تسمح فيما بعد بالتدخل الاجنبي في شمال سيناء في اطار مشروع اوسع
و و بفضل التضحيات و الشهداء التي قدمتها القوات المسلحة و الشرطة تمكنت الدولة المصرية في فرض سطوتها و تواجدها علي بقعه مهمه من ارض مصر تمهيدا لمن ياتي فيما بعد لتعميرها و و تطويرها حسب الخطة الموضوعه
و رغم ان حروب التمرد من اشرس انواع الحروب و أصعبها الا انه مع الأخطاء و تعلم الدروس بسرعة .. انتصرنا