العامــل الأهــم هــو ذلــك المتعلــق بالإجــراءات المضــادة
ردة فعــــــــل طاقـــــــــم دبابــــــــة المعركــــــــة عنـــد استشعــــــــار خطـــــــر الهجــــــوم !!
ردة فعــــــــل طاقـــــــــم دبابــــــــة المعركــــــــة عنـــد استشعــــــــار خطـــــــر الهجــــــوم !!
سؤال كثيراً ما كان يتبادر إلى الأذهان هو ذلك المتعلق بردة فعل أطقم دبابات المعركة الرئيسة وكيفية استجابتهم عند إستشعار خطر الهجوم والإصابة في ساحة المعركة !! المنظرون العسكريون يؤكدون على بضعة عوامل يمكن أن تؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة المعركة ، مثل تدريب الأطقم ، التصميم العام ، الدروع السلبية ، الإجراءات المضادة التي يدخل ضمن مفهومها منظومات الحماية النشطة . بالنسبة للجزئية الأولى المتعلقة بالأطقم ، فيمكن القول أن أعضاء طاقم الدبابة يحرصون على العمل كفريق متكامل integrated team على الرغم من أن لكل واحد منهم له واجباته الأساسية . يعتمد نجاحهم على تأثيرهم وفاعليتهم في العمل كمجموعة واحدة في المعركة والاشتغال سوية لإبقاء وصيانة دبابتهم وأجهزتها . التدريب Training مهم جداً لجميع أفراد الطاقم ، خصوصاً تدريبات العبور والاشتباك ، لذا هم يمكن أن يعملوا في أي موقع . العوامل المهمة الأخرى لنجاح الطاقم مرتبطة بالقيادة الفعالة effective leadership والتحفيز العالي . التدريب يجب أن يهيئ الأطقم للعمل في أرض ذات قابلية عدائية من كافة الاتجاهات . أما بالنسبة لتصميم دبابة المعركة Tank design ، فهناك ثلاثة قواعد رئيسة يجب مراعاتها عند تناول هذا الأمر ، أولها القوة النارية Firepower . فتصميم دبابة المعركة يجب أن يوفر القدرات لمواجهة الأهداف في المسافات القصوى ، بحيث يمكن مشاغلتها بدقة نسبية معتبرة ، وكذلك مهاجمة الأهداف المتحركة وتدمير الأهداف المتعددة مع اختصار وقت المعالجة ، حتى في ظل الأضرار والعطل القائم . ثانياً الحماية Protection ، وهذه تعتبر العامل المهم الآخر في تصميم الدبابة ، من حيث اختيار نوع التدريع وطريق ترتيبه وكمية الحماية المطلوبة لكل موضع من جسم الدبابة . أخيراً قابلية الحركة والمناورة Maneuver ability . فتصميم دبابة يجب أيضاً أن يأخذ في الاعتبار المدى أو حدود التضاريس التي يتوجب تغطيتها ، كذلك حجم العقبات والموانع obstacles مثل الخنادق وبرك المياه التي يمكن التغلب عليه وتجاوزها ، والمسافة القصوى التي يمكن بلوغها وانجازها قبل أن تكون الحاجة لإعادة التزود بالوقود re-fuelling ضرورية وملزمة .
إن المساومة والتوفيق بين هذه المبادئ الثلاثة مهم جداً في تصميم الدبابة ، بحيث لا تؤثر خاصية على خاصية أخرى تفقدها أهميتها .. العامل الآخر الذي يمكن أن يقرر قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة هو الدروع السلبية Passive armour . فهذه المركبات مع أطقمها عرضة للتهديدات المختلفة مثل قذائف الطاقة الحركية المطلقة من الدبابات الأخرى ، الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات المقذوفة من المشاة أو الطائرات ، الألغام المضادة للدبابات ، قنابل الطرق الأكبر وضربات المدفعية المباشرة . لقد بدا أن دبابات المعركة الرئيسة يمكن أن توفر حماية نسبية جيدة من شظايا نيرات المدفعية والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات ، لكنها للأسف لا تستطيع توفير الحماية تجاه جميع التهديدات الأخرى المحتملة . فهي يمكن أن تعطل أو تدمر بالأنواع المختلفة الثقيلة من الأسلحة المضادة للدبابات على الرغم من درعها السميك .. أما بالنسبة للعامل الأخير الذي يمكن أن تؤثر إيجاباً على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة القتال فهو ذلك المتعلق بالإجراءات المضادة Countermeasures . الإجراءات المضادة هو سلوك يقصد منه القيام بتدابير واستعدادات معينة لدعم قابلية بقاء العربة وتخفيض قابلية الاستهداف من قبل المنظومات المعادية ، مهما كان مصدرها أو آلية عملها . هذه التدابير تتراوح ما بين الاستعانة بعناصر (1) وحدات التشويش (2) ستائر الدخان (3) مناورة الدبابة (4) نيران الإخماد (5) أنظمة الحماية النشطة .
وحدات التشويش jamming units مصممة لحماية دبابات المعركة من هجمات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM التي تستعين بمرسلة للإشعاع تحت الأحمر . ولكون هذه المشوشات النشطة غير قابلة للاستهلاك بشكل سريع ، فإنها قادرة على تزويد حماية دائمة وطويلة الأمد للدبابة في ساحة المعركة . تستخدم المشوشات باعثات أو مرسلات في الطيف تحت الأحمر infrared emitters لتقليد أو محاكاة تلك المستعملة في أغلب أنظمة صواريخ الجيل الثاني لتسهيل تعقبها أثناء الطيران . بهذه الطريقة ، نظام السيطرة على القذيفة سوف يصدر أوامر توجيه خاطئة إلى القذيفة ، مما يتسبب في انحرافها وضياعها عن هدفها المقصود . المشوشات تحت الحمراء لديها بضعة أنماط تشغيل operational modes لمواجهة التهديدات المختلفة ، ويمكنها أيضا أن تستخدم بالارتباط مع مجسات كاشفه . فعندما تكون الدبابة في وضع التوقف ، تبعث المشوشات شعاعها في اتجاه ثابت fixed direction ، نموذجياً باتجاه القوس الأمامي frontal arc وبتوافق مع السلاح الرئيس . هذه الطريقة تستعمل متى ما كان التهديد معروف المصدر والاتجاه ، والقذائف القادمة في هذه الحالة يمكن أن التشويش عليها بأسرع ما يمكن . أما في وضع حركة الدبابة ، المشوشات تصدر إشعاعها بينما تنفذ مسح أفقي منظم horizontal scan لكي تزيد إلى حد مضاعف من مساحة المنطقة المحمية . هذه الطريقة تستخدم متى ما كان التهديد غير محدد المصدر أو الاتجاه . تشتغل المشوشات عادة من خلال مصدر طاقة بقوة 28 فولت ، على الرغم من أن نسخ ونماذج أخرى مختلفة يمكنها العمل طبقا للتجهيز الكهربائي المتوفر على الدبابة .
أحد تدابير الإجراءات المضادة يتعلق بإنشاء ستارة حاجبة من الدخان smoke-screen . إذ يمكن استخدام الدخان لإخفاء حركة دبابات المعركة والعربات القتالية الأخرى وكذلك تغطية مواقع الوحدات العسكرية مثل المشاة أو الوحدات الداعمة الأخرى . أي ستارة دخان ستمكن الدبابة من أداء مناورات المراوغة والتملص evasive maneuvers لمواجهة تهديدات ساحة المعركة . وبشكل عام يمكن نشر غمامة الدخان بواسطة إما قذائف المدفعية أو بواسطة مطلقات خاصة على جانبي برج الدبابة . القذائف تصدر غيمة كثيفة جداً من الدخان الأبيض ، صممت لملئ المنطقة المحيطة حتى في ظل توافر رياح خفيفة . وبينما ستائر دخان تستعمل أصلاً لإخفاء نشاط الحركة عن تقنيات العدو البصرية الحديثة ، فإن ذلك عنى ببساطة أنهم متوفرون أيضاً بأشكال جديدة . هم يمكن أن يعرضوا ستارة حاجزة في طيف الأشعة تحت الحمراء بالإضافة إلى الطيف المرئي للضوء visible spectrum وذلك لمنع الكشف بالمجسات أو المناظير تحت الحمراء . كما يعرض الدخان حاجز إعاقة كثيف للدبابات تجاه ما يستخدمه العدو من معدات ليزرية ، مثل منظومات التعيين أو محددات المدى أو منظومات ركوب الشعاع laser beam-riding . الإجراءات المضادة المتوفرة حالياً في الأسواق التجارية تتضمن الدخان متعدد الأطياف المستمد من الفسفور الأحمر red phosphorus . فعالية هذا الإجراء المضاد اختبرت في تجارب بمجسات الليزر ، حيث أثبت دخان الفسفور الأحمر فاعليته في إخفاء وحجب منصة إطلاقه مع تخفيف وبعثرة طاقة الليزر .
مناورة الدبابة tank manoeuvre هي شكل آخر من أشكال الإجراءات المضادة لحمايتها من خطر الإصابة . فعندما يعمل نظام التحذير الليزر على تنشيط وتحفيز نظام الإجراء المضاد المثبت على الدبابة لكي يبدأ عمله بصورة آلية ، فإنه في ذات الوقت يعطي تحذير سريع إلى الطاقم لمباشرة المناورة المناسبة proper manoeuvre والخروج من موقعهم الأصلي أو التحرك بعيداً بالسرعة الممكنة . ولإنجاز هذا الأمر بالشكل المطلوب ، زمن الكشف يجب أن يكون قصير جدا لكي يأخذ الطاقم الوقت اللازم للقيام بمناورة المراوغة والتملص evasive manoeuvre . دبابة المعركة أثناء قيامها بالمناورة والسير المتعرج ، يجب أن تحرص على الدوام من إبقاء القوس الأمامي للبرج frontal arc وهو الأكثر سماكة وحماية باتجاه القطاع المحتمل للاستهداف أو الهجوم ، وهي بذلك تعطي فرصة أكبر لتعزيز عنصر البقائية والإفلات من هجوم السلاح المعادي المضاد للدروع .
من تدابير الإجراءات المضادة المهمة أيضاً اللجوء لنيران الإخماد suppressive fire . نيران الإخماد هو تعبير عسكري يشير لعملية إطلاق نيران الأسلحة باتجاه مواضع العدو بهدف إجباره على الاختباء أو الاحتماء وتخفيض قدراته على توجيه النيران المضادة ، وكما هو الحال عند مهاجمة مواقع العدو . نيران الإخماد إما أن تصوب نحو هدف منظور وظاهر مثل منصة إطلاق سلاح مضاد للدروع أو مجموعة جنود أو عربات توشك على الهجوم وهكذا ، أو أن تصوب على سبيل المثال باتجاه أحد المباني أو المواقع التي يشتبه في تواجد جنود العدو أو اختفائهم ضمن إطارها . ولكي تكون نيران الإخماد فعالة ومؤثرة ، فإنها يجب أن تكون متواصلة وواسعة الانتشار نسبياً . إخماد نيران العدو وأسلحته الموجهة المضادة للدبابات قضية حيوية أثناء حركة القوات ، خصوصا في الحالات التكتيكية tactical situations مثل التمركز أو الهجوم على مواقع العدو .