الأحد 02 ذو الحجة 1429هـ - 30 نوفمبر 2008م
الآن توريط مسلمي الهند
عبد الرحمن الراشدمائة وثمانون مليون مسلم هندي يواجهون تبعات أفعال الجماعات
الإرهابية، التي أسالت الدماء في مومباي، فهل بات قدر المسلمين
في كل مكان في العالم أن يلاحقهم المتطرفون من بني جلدتهم
لإفساد حياتهم؟
المسلمون في الهند أقلية تشكل 13 في المائة من إجمالي البلاد،
لكنهم يمثلون ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم، بعد إندونيسيا.
وهذا يجعل جريمة مومباي أبعد من مجرد حادثة إرهاب أخرى، فهل
يريدون إذكاء الحرب الدينية بين المسلمين وبقية الهنود، كما فعلوا في العراق بين الشيعة والسنة، وكما حاولوا في بريطانيا، وكما ظهر جليا
في بياناتهم الداعية للمواجهات مع شعوب العالم وأتباع الأديان الأخرى؟
*نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية
الآن توريط مسلمي الهند
عبد الرحمن الراشدمائة وثمانون مليون مسلم هندي يواجهون تبعات أفعال الجماعات
الإرهابية، التي أسالت الدماء في مومباي، فهل بات قدر المسلمين
في كل مكان في العالم أن يلاحقهم المتطرفون من بني جلدتهم
لإفساد حياتهم؟
المسلمون في الهند أقلية تشكل 13 في المائة من إجمالي البلاد،
لكنهم يمثلون ثاني أكبر تجمع للمسلمين في العالم، بعد إندونيسيا.
وهذا يجعل جريمة مومباي أبعد من مجرد حادثة إرهاب أخرى، فهل
يريدون إذكاء الحرب الدينية بين المسلمين وبقية الهنود، كما فعلوا في العراق بين الشيعة والسنة، وكما حاولوا في بريطانيا، وكما ظهر جليا
في بياناتهم الداعية للمواجهات مع شعوب العالم وأتباع الأديان الأخرى؟
الجريمة كبيرة على المستوي الدولي، إلا أنها لم تكن مفاجأة لنا، فلطالما
تحدث المتطرفون ضد الهند وتوعدوها، واستخدموها قميصا للتحريض والتجنيد
والتبرعات. والتي أربكت حسابات المتطرفين خلال السنوات القليلة الماضية،
الحرب الرسمية الباكستانية ضد متطرفيها من المسلمين، التي قادها
الرئيس السابق برويز مشرف. وحتى بعد اقصائه من الحكم استمرت قيادة
باكستان الجديدة في محاربة التنظيمات الإرهابية داخليا. فالرئيس الحالي
فقد زوجته بنازير بوتو في معركة مع الإرهاب ستبقى علامة مهمة في التاريخ
الباكستاني الحديث. وما تعانيه باكستان، التي لا يمر شهر من دون ان يقتل
فيها العشرات في حوادث إرهابية ضد المدنيين العزل، دليل على براءة
الباكستانيين والمسلمين عموما في وجه الاتهامات الهندية التي ترتاب في
وجود ارتباط بين الإرهابيين وباكستان. وهي اتهامات بلهاء لا تفهم ما يحدث
من صراع في أنحاء العالم بين المتطرفين والأغلبية المسلمة الكارهة لهم.
وبعد ان يضمد المومبويون جراحهم ربما تبرز بشكل مؤلم دعوات عنصرية ضد
المسلمين في الهند، الذين عاشوا بشكل عام في مجتمع متسامح، لم يخل
بطبيعة الحال، من اشتباكات متطرفين عمت جميع الطوائف. وبشكل عام
يعيش المسلمون في الهند في وضع سياسي أفضل حتى من كثير من
البلدان التي فيها المسلمون أغلبية، أعني من حيث الحقوق السياسية
والمكانة الاقتصادية.
وهنا يأتي دور المسلمين في الخارج، ان يساهموا في تطويق الأزمة الهندية
من خلال التعاون لمحاصرة المتطرفين. وقد سبق ان قدم عدد من الدول
العربية معلومات مهمة للسلطات الهندية في السنة الحالية والماضية، أدت
الى اعتقالات لجماعات متطرفة منظمة دخلت الهند. وجود مقاتلين مسلمين
هنود أمر غير مألوف يدلل على نجاح المنظمات الارهابية في تجنيد مواطنين
محليين بدل استيراد المقاتلين من الخارج كما كان يحدث في السابق. وكل
الانباء تحذر من ان الهند بدأت تعاني مما تعانيه الباكستان وبريطانيا والمغرب
وغيرها، زراعة جماعات ارهابية محلية، بتخطيط من الخارج في البداية. وهذا
سيضاعف من مشكلة الجالية المسلمة في الهند. الهند تقوم على التناغم
والتوازن داخل مجتمع سكاني هائل وهو أمر ليس بالهين، فالهند التي نراها
اليوم بناها فكر رجل عظيم هو المهاتما غاندي، الذي قتله واحد من ابناء
طائفته، هندوسي متطرف، لانه كان يدعو للتعايش السلمي. اغتيل غاندي
لكن عاشت الهند بعده نموذجا فريدا للسلم الداخلي، ومحط احترام العالم.
ولعب المسلمون فيها دورا ايجابيا كبيرا رغم الخلاف المستمر والنزاع
الحدودي بين باكستان والهند.
تحدث المتطرفون ضد الهند وتوعدوها، واستخدموها قميصا للتحريض والتجنيد
والتبرعات. والتي أربكت حسابات المتطرفين خلال السنوات القليلة الماضية،
الحرب الرسمية الباكستانية ضد متطرفيها من المسلمين، التي قادها
الرئيس السابق برويز مشرف. وحتى بعد اقصائه من الحكم استمرت قيادة
باكستان الجديدة في محاربة التنظيمات الإرهابية داخليا. فالرئيس الحالي
فقد زوجته بنازير بوتو في معركة مع الإرهاب ستبقى علامة مهمة في التاريخ
الباكستاني الحديث. وما تعانيه باكستان، التي لا يمر شهر من دون ان يقتل
فيها العشرات في حوادث إرهابية ضد المدنيين العزل، دليل على براءة
الباكستانيين والمسلمين عموما في وجه الاتهامات الهندية التي ترتاب في
وجود ارتباط بين الإرهابيين وباكستان. وهي اتهامات بلهاء لا تفهم ما يحدث
من صراع في أنحاء العالم بين المتطرفين والأغلبية المسلمة الكارهة لهم.
وبعد ان يضمد المومبويون جراحهم ربما تبرز بشكل مؤلم دعوات عنصرية ضد
المسلمين في الهند، الذين عاشوا بشكل عام في مجتمع متسامح، لم يخل
بطبيعة الحال، من اشتباكات متطرفين عمت جميع الطوائف. وبشكل عام
يعيش المسلمون في الهند في وضع سياسي أفضل حتى من كثير من
البلدان التي فيها المسلمون أغلبية، أعني من حيث الحقوق السياسية
والمكانة الاقتصادية.
وهنا يأتي دور المسلمين في الخارج، ان يساهموا في تطويق الأزمة الهندية
من خلال التعاون لمحاصرة المتطرفين. وقد سبق ان قدم عدد من الدول
العربية معلومات مهمة للسلطات الهندية في السنة الحالية والماضية، أدت
الى اعتقالات لجماعات متطرفة منظمة دخلت الهند. وجود مقاتلين مسلمين
هنود أمر غير مألوف يدلل على نجاح المنظمات الارهابية في تجنيد مواطنين
محليين بدل استيراد المقاتلين من الخارج كما كان يحدث في السابق. وكل
الانباء تحذر من ان الهند بدأت تعاني مما تعانيه الباكستان وبريطانيا والمغرب
وغيرها، زراعة جماعات ارهابية محلية، بتخطيط من الخارج في البداية. وهذا
سيضاعف من مشكلة الجالية المسلمة في الهند. الهند تقوم على التناغم
والتوازن داخل مجتمع سكاني هائل وهو أمر ليس بالهين، فالهند التي نراها
اليوم بناها فكر رجل عظيم هو المهاتما غاندي، الذي قتله واحد من ابناء
طائفته، هندوسي متطرف، لانه كان يدعو للتعايش السلمي. اغتيل غاندي
لكن عاشت الهند بعده نموذجا فريدا للسلم الداخلي، ومحط احترام العالم.
ولعب المسلمون فيها دورا ايجابيا كبيرا رغم الخلاف المستمر والنزاع
الحدودي بين باكستان والهند.
*نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية
التعديل الأخير: