جرائم الإحتلال العثماني في نجد (حصار الرس)

حازم

عضو
إنضم
4 مايو 2018
المشاركات
10,198
التفاعل
37,725 536 5
الدولة
Saudi Arabia
حصار الرس


في عام 1231هـ سار إبراهيم باشا بالجيوش العظيمة من مصر متوجها إلى نجد بأمر من الوالي العثماني ،فلما قدم المدينة وأقام فيها مدة ثم رحل منها ونزل الحناكية في بداية عام 1232 ولما علم عبدالله بن سعود بقدومه سار مع جنوده من البادية والحاضرة بجيش كبير لمحاربة إبراهيم باشا في الحناكية، ولما علم الباشا بذلك أرسل القائد علي إزن ومعه عساكر من الترك وبوادي حرب وغيرهم ونزلوا (ماويّة) ولما علم عبدالله بن سعود بقدومه وكان في نَجْخ سار إلى موقع الترك وحصل بينهم قتال هُزِم فيه عبدالله بن سعود ومن معه من الرجال وهلك منهم نحو مائتي رجل بين القتل والأسر والظمأ وهذا أول وهن وقع للمسلمين وذلك يوم الجمعة 15/6/1232هـ رجع بعدها عبدالله بن سعود إلى نجخ ثم سار إلى الخبراء ثم رحل منها إلى عنيزة.
بعد ذلك سار إبراهيم باشا من الحناكية وقصد ماوية واجتمع بالعسكر الذين فيها ثم رحل بعد أن جمع عساكره ومعه من العدد والعدة والكيد الهائل مما ليس له نظير من المدافع والقبوس الهائلة التي يثور الواحد منها مرتين مرة في بطنه ومرة تثور رصاصته وسط الجدار فتهدمه.
ثم وصل إبراهيم باشا إلى الرس في 25/8/1232هـ وحاصرها حتى يو 12/12/1232هـ ( ثلاثة شهور وسبعة عشر يوما ) وضيّق عليهم الخناق فثبتوا وحاربوه وأرسل إليهم عبدالله بن سعود مرابطة مع حسن بن مزروع والهزاني صاحب حريق نعام فحاصرهم الترك أشد الحصار وتابعوا الحرب عليهم في الليل والنهار وحفروا تحت الأرض خندقين أدهما جنوبي البلدة والآخر شرقها وكانوا يحفرون ويحشونها بالبارود، وفي إحدى الليالي سمعت امرأة صوت الجنود وهم يحفرون فبلّغت الشيخ قرناس بذلك فقام بفتح فتحة صغيرة على الخندق وأحضر قطّا وربط في ذيله قبسا من النار وأطلقه في الفتحة إلى داخل النفق فثار البارود في الترك وقتل بعض الجنود وأكل الخيام.
وكانت الرس محصنة تحصينا جيدا وأبدى أهلها والمرابطين معهم ممن بعثهم الإمام لمساعدتهم شجاعة عظيمة وصمدوا أمام قوات إبراهيم بكل ما تملك من قوة واستعداد بقيادة البطل الشيخ قرناس فهم صابرون محتسبون يرجون النصر من الله، وكان الباشا ومعه الروم يسوقون كل يوم من القبوس الشئ الكثير لهدم السور، فأنزل الله السكينة على أهل الرس والمرابطون حول السور وقاتلوا قتال الأبطال لحماية الأهل والعيال وصبروا، وكانوا كلما هدمت القبوس السور بالنهار بنوه بالليل وكلما حفر الترك حفرا للبارود حفر أهل الرس بما يقابله فأبطلوه وأحيانا يثور بهم بدون علمهم، وذُكر أن الترك رموا سور الرس في ليلة واحدة بخمسة آلاف رمية بالمدافع والقنبر والقبس. فأهلكوا ما بداخل السور من النخيل وغيرها، ويروى بأن الباشا قال رجزا هو:
يا رس يا عاصي يا قوي الساس أقضيت ملحي ورصاصي
وكان أهل الرس كلما نزل عليهم قبسا من الترك وضعوه في أحواض الماء فأبطلوه ثم أخذوا منه الذخيرة واستعملوها ضد الترك.
ولما ضاق الأمر على أهل الرس أرسلوا إلى عبدالله بن سعود وهو في عنيزة يطلبون منه إما أن يصل ويناجز الترك وإما أن يأذن لهم بالصلح معهم فأذن لهم، ولما وصل المدد للباشا من الترك بالجنود والقبوس استعظم أمره وكثرت دولته وقع الصلح بينه وبين أهل الرس على دمائهم وأموالهم وسلاحهم وبلادهم.
ومن بنود صلح الرس ما يلي:
1ـ أن يرفع إبراهيم باشا الحصار عن البلدة.
2ـ ألا يدخل جنود الباشا الرس بعد الصلح.
3ـ أن تخرج الحامية السعودية بأسلحتها من الرس بأمان.
4ـ وأن يقف أهل الرس على الحياد حتى يتقرر مصير عنيزة حيث يوجد عبدالله ابن سعود وجنوده فإن خضعت للباشا انضموا له وإلا وقفوا ضده.
وكان يقود أهل الرس في تلك الحرب أمير الرس منصور العساف الذي جُرح أثناءها فتولى الإمارة من بعده علي بن إبراهيم بن سليمان بن شارخ كما تولى قيادة الحرب الشيخ البطل قرناس بن عبدالرحمن.
وقد قُتل من أهل الرس والمرابطين في هذه الحرب سبعين رجلا دفنوا في مقبرة الشهداء جنوب البلدة بينما قتل من الترك أكثر من ستمائة رجل. وروى الرافع (ص157) إن قتلى جيش إبراهيم (2400) جندي وقتلى الرس (160) رجلا.
ويقول الفاخري (ص 148) ( وقتل من الرس خلق كثير قيل إن عسكر الترك رموا أهل الرس في ليلة واحدة خمسة آلاف رمية بالقنابر والمدافع والقبوس ولما ايسوا من المدد صالحوهم ) كما ذكر ذلك المؤرخ الشيخ إبراهيم بن ضويان في تاريخه(ص 180).
وذكر عبدالله الرشيد (الرس ص27) أن الباشا طلب بعد إتمام الصلح أن يدخل إلى البلدة فوافق أهل الرس بأن يدخلها يوم الغد وكان يوم جمعة. وفي الغد فتح أهل الرس البيوت على بعضها وألبسوا النساء ثياب الرجال وأخذوا يترددون في شوارع البلدة ومنازلها، وهم يرافقونه في شوارع البلدة ليوهموا الباشا بأن عددهم كثير بينما لا يوجد فيها بعد الحرب سوى ثمانين رجلا. فقال الباشا (يحق لكم الصبر لكثرتكم وما كنت أظن أن سكان الرس بهذا العدد الكبير) ثم حضر الباشا صلاة الجمعة وكان الشيخ قرناس يخطب وهو يلبس ثياب الحرب خطبة بليغة حث فيها على الوفاء بالعهد وعدم سفك الدماء. فلما انتهت الحرب قال إبراهيم باشا لقرناس (أنت ذئب خطيب) وولاه قضاء الرس. ثم رحل وجنوده عن الرس بعد الصلح ونزلوا الخبراء.
كما يروي عبدالله الرشيد أنه يوجد ورقة بخط إبراهيم باشا هذا نصها (من إبراهيم باشا إلى قرناس بن عبدالرحمن وكافة أهالي القصيم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: من كان عنده بئر فليَزرعها بأمان الله ثم بأمان السلطان ومن لم يزرعها فليُزرعها وإن وجدنا بئرا معطلة عاقبنا صاحبها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته) الختم.
وعندما عجز إبراهيم باشا عن احتلال الرس بعد حصار طويل وعقد مع أهلها صلحا اضطر بعده إلى مغادرتها معترفا بهزيمته ـ والحق ما شهدت به الأعداء ـ أرسل إلى والده محمد علي في استانبول كتابا يوضح فيه سبب تراجعه عن الرس وأسماه (الوثيقة الثالثة) أورده الدكتور منير العجلاني (تاريخ البلاد العربية السعودية 4/196) وننقل هنا نصّ الوثيقة :ـ
(حضرة صاحب الدولة والعناية والمرحمة سبب فيض الوجود ولي نعمتي أفندم. إن عبدالله بن سعود موجود في قرية تدعى عنيزة من قرى وادي القصيم وهو ساع لتقوية تلك الأطراف ولجمع العربان حول شخصه، ولما كان الأمر كذلك فإن إقامتنا بهذه الأطراف لم تعد واردة، بل يقتضي دخولنا إلى قرى وأراضي القصيم وقد حوّلنا يعد الإتكال على الله مركز الجيش الذي كنا شيدناه على بعد ثلاث مراحل (قوناقات) من الحناكية في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان الشريف وتحركنا صوب قلعة الرس وجعلناها هدفا للمدافع مدة خمسة أيام، وضربنا حصارا على القلعة المذكورة وهدمنا ثلاثة من أبراجها، وقسما من جدرانها، وأمرنا فصائل المشاة بالهجوم عند الصباح، وضبطنا أحد الأبراج التي جرى هدمها إلا أن (المقاتلين) الموجودين كانوا داخل القلعة كانوا قد جمعوا تحت البرج المذكور أغصان النخيل وأحرقوها، مما أدى إلى مضايقة العساكر المشاة الذين احتلوا البرج فحولناهم حالا إلى الخندق الخارجي وأدخلناهم فيه وهكذا أنقذناهم من هذا الكرب. وأما المائة والخمسون جنديا الذين كانوا داخل الخندق فلم يخرجوا منه، بل عادوا إلى المتاريس واستمرت المعركة فاستشهد أثناء هذه المحاربة نحو أربعين نفرا وجرح ستون أيضا.
وإذا كنا لحكمة الله تعالى لم نوفّق هذه المرة لاحتلال القلعة وجعلها بأيدينا فإننا بعد ذلك ركزنا المتاريس على خندق القلعة المذكورة عن طريق (قات) وبعد أن جرى تنبيه مجموع العساكر المشاة وإخلاء الخندق المذكور رتبنا أمر الزحف والهجوم مرة أخرى وبينما كنا نؤمل دخول القلعة وإذا بابن سعود المدعو (عبدالله) يخرج من عنيزة محل إقامته الواقع على بعد يوم ونصف من قلعة الرس ومعه عدد كبير من الخيالة والهجانة والمشاة والعربان... فيرسل قسما كبيرا من هؤلاء...إلى قرية تدعى حابرة ـ يقصد الخبراء ـ وبما أنه يوجد في قرية خربة بالقرب من حابرة ـ أي الخبراء ـ كانوا يقصدون الإغارة على قواتنا ونهب جمالنا وبوصول تلك القوة المؤلفة من أربعين نفرا ترافق الجمال شرعوا بالهجوم عليهم. وحالما علمنا بما وقع تركنا أمر الزحف على القلعة، وبعد أخذ عدد من الخيالة وصلت لامدادهم.. وبوصولي كان قسم من النجديين المنهزمين يستعدون للهرب فقطعنا عليهم الطريق لمنعهم من الخلاص وحملنا عليهم فقتل مائة وخمسون من أفراد مشاتهم وجرح عدد من خيالتهم أيضا. وبقية السيوف ارتدوا إلى الوراء وانهزموا. واستشهد منا أيضا بعض الخيالة وجرح بعضهم. وعدنا في اليوم المذكور نفسه دون تتبع (النجديين) ووصلنا إلى مراكز الجيش الكائنة بالقرب من القلعة وشرعنا حالا بالحصار. وبما أن هذه القلعة مبنية بالحجارة الصغيرة والتراب وهي على درجة عالية من المتانة والتركيز وكل جدران أبراجها ذو ثلاث طبقات ولذلك فإنه مالم تضرب كل طبقة منها بخمسين أو ستين قذيفة مدفع لايمكن هدمها. وقد تجمع داخلها عدد كبير من العربان، إلا أنني بفضل عناية وعون الله القدير وبحسن توجيه حضرة صاحب الشوكة والقدرة والمهابة مليكنا وأفندينا وببركات دعائكم الأبوي آمل أن أوفق لفتحها وتسخيرها وسأوافيكم إن شاء الله ببشائر عودتي مظفرا منصورا بحمد الله تعالى من المحاربة المذكورة. وللتشرف بعرض ماتقدم حررت هذه العريضة ورفعتها إلى مقامكم العالي مع عبدكم عثمان آغا أحد الأغوات الذي تسلمها باليد، وقد سبق شريف علمكم بالأحوال السائرة وما بقي من الأمور وذلك من كتاب هذا العاجز ومن تقارير خدامكم رجالي الذين عرضوا على دولتكم التفاصيل الواضحة، وإنني بحاجة دائما إلى حسن توجيه الحضرة الأبوية وإلى دعوات ولي النعم الخيرية، وعلى كل حال فإن الأمر لمن له الأمر أفندم) .
20 232 خاتم ابراهيم باشا
أقول: هذه شهادة واضحة من القائد العثماني يوضح فيها عجزه عن احتلال الرس واعترافه بقوة أهله وشجاعتهم وصبرهم، ومتانة تحصين بلدة الرس وصعوبة هدم سورها على ما معه من قوة من السلاح والعتاد والرجال والقنابل والقبوس وغيرها، ويروى بأن الباشا وجّه باختبار التربة التي بني منها السور واستعمال خراطيم المياه لهدمه ولكن حال دون ذلك عدم توفر المياه في المكان.
وقد تحدث المؤرخ ابن بشر (عنوان المجد 1/189) عن حرب الرس فقال:ثم رحل منها ـ أي الماوية ـ بجميع عساكره ومعه من العدد والعدة والكيد الهائل مما ليس له نظير كان مدافع وقبوس هائلة كل واحد يثور مرتين مرة في بطنه ومرة تثور رصاصته وسط الجدار بعدما تثبت فيه فتهدمه. فأقبل عساكر الترك مع باشتها إبراهيم ونزلوا الرس لخمس بقين من شعبان فثبتوا له وحاربوه وأرسل إليهم عبدالله مرابطه مع حسن بن مزروع والهزاني صاحب حريق نعام فحاصرهم الترك أشد الحصار وتابعوا الحرب عليهم في الليل والنهار كل يوم يسوق الباشا على سورها صناديد الروم بعدما يجعل السور بالقبوس فوق الأرض مهدوم. فأنزل الله السكينة على أهل البلاد والمرابطة وقاتلوا قتال من حمى الأهل والعيال. وصبروا صبرا ليس له مثال. فكلما هدمت القبوس السور بالنهار بنوه بالليل. وكلما حفر الترك حفرا للبارود حفر أهل الرس تجاهه حتى يبطلوه. وبعض الأحيان يثور عليهم وهم لا يعلمون. وطال الحصار إلى اثني عشر ذي الحجة وذكر أن الترك رموه في ليلة خمسة آلاف رمية بالمدافع والقنبر والقبس.وأهلكوا ما خلف القلعة من النخيل وغيرها).
ثم ذكر ابن بشر أن القتلى من اهل الرس والمرابطة سبعين رجلا ومن الترك ما يزيد على ستمائة رجل. ثم إن القتلى من أهل الرس دفنوا في مقبرة جنوب البلدة بجوار النفق الذي حفره الترك وتسمى اليوم (مقبرة الشهداء).
كما ذكر الدكتور العجلاني (4/84) بعضا من أقوال المؤرخين والقادة الغربيين الذين كانوا يرافقون إبراهيم باشا في حربه على الرس. ولأهمية حرب الرس في التاريخ السياسي ودور أهلها في الدفاع عنها واستبسالهم وشجاعتهم التي أشاد بها كل من قرأ عنها من المؤرخين العرب والغربيين وعلّقوا عليها وأوضحوا موقف إبراهيم باشا من تلك الحرب، نورد بعضا منها مع التعليق عليها إن أمكن:
يقول سادلير: إن إبراهيم باشا عندما وصل إلى ظاهر بلدة الرس أقسم أنه لن يدع فارسا من فرسانه يترجل ولا خيمة من خيامه تنصب قبل أن يدخل البلدة.. وتقدم رئيس مدفعيته إلى بُعد ثمانين خطوة من أسوار قلعة الرس وشرع برميها، وكان الجنود المصريون يتلقون رصاصا منهمرا من حماة القلعة فيقتل منهم عشرة أضعاف من يقتلون من النجديين.ثم قال واصفا الطريقة التي سلكوها لفتح القلعة: استطاعت المدفعية المصرية بعد رمي موصول خلال ثلاثة أيام أن تحفر ثغرة في البرج فأحضر الجنود أكياسا من القش وسعف النخل وملئوا بها جانبا من الخندق المحيط بالقلعة ليمروا فوقه إلى الثغرة ويزحفوا إلى القلعة.
كما قال سادلير متحدثا عن قوة أهل الرس في الدفاع عن بلدتهم: وقد أمر إبراهيم باشا ستمائة من خير مشاته بالزحف عبر الخندق المردوم إلى القلعة ففعلوا، ولكنهم لم يستطيعوا تسلق الأسوار، وكان الرصاص ينهمر فوقهم.. بينما لا يستطيعون التراجع لأن إبراهيم باشا أمر رجاله بقتل كل جندي منهم يتقهقر.. وقد رفض كذلك دفن الذين قُتلوا منهم.
أقول: هذا العمل يدل على شجاعة أهل الرس وعزيمتهم على هزيمة الباشا، كما يدل أيضا على جبروت الباشا وتضحيته بجنوده عندما رأى عجزه عن فتح قلعة الرس وما وجده من مقاومة لم يتوقعها، كما أنه يرى أن احتلال الرس مفتاحا لضم بقية المنطقة.
ثم استمر سادلير يصف بطولة أهل الرس وما خسره الباشا أمامهم وهي شهادة من رجل خبير بالحروب وشاهد عيان فقال: امتد حصار المصريين للرس ثلاثة أشهر ونصف الشهر، أظهر خلالها النجديون في الرس أنهم كانوا أكثر علما بالحرب من القائد التركي.ثم قال: استهلك إبراهيم باشا في رمي الرس بالمدافع ثلاثين ألف حلقة من القنابل، وأطلقوا من الرصاص ببندقياتهم حمولة أربعمائة جمل. وقدرت خسائر الجيش في محاولة الزحف التي قام بها بتسعمائة قتيل وألف جريح. ثم قال عن حيلتهم في الحصول على النصر: وصنعوا من أشجار النخيل ما يشبه البرج ونصبوا عليه المدافع ليرموا البلدة من علو فلم يُجْدِ ذلك. وأخيرا اقتنعوا بأن أسوار الرس مصنوعة من مادة لا تنفذ منها القنابل، ولم يبق أمام الباشا إلا رفع الحصار وترك الرس لأهلها.
أقول: هؤلاء هم أبطال الرس وشجعانه الذين صبروا وجاهدوا لتسلم بلدتهم من الاحتلال، رغم كل الحيل التي طرقها جيش الباشا لفتحها، حتى أنهم كانوا يقطعون نخيل البلدة ويأكلون جمّارها من قلة الطعام معهم، وكانوا يضعون جذوعها صروحا يرفعون عليها مدافعهم ويصعدون عليها لرمي الأهالي بالقنابل ولكنهم يشاهدون أهل البلدة وقد استعدوا لهم بالرد، كلما فتحوا ثغرة في السور بالنهار بناها أهل الرس بالليل.
كما روى انكليري (المصدر السابق 4/85) ما يلي: ذهب إبراهيم باشا إلى الرس في 8 يوليو، ولحقه إليها فيصل الدويش.. لم يعاين إبراهيم باشا بلد الرس ويختبر مواضع الضعف فيها، وكان هذا خطأ كبيرا منه، لأنه كان يطلق المدافع عليها دون هدى وربما فعل هذا لاعتلال صحته ورغبته في استعجال الأمور، ومع العجلة الزلل.
ثم قال: فَقَدَ إبراهيم باشا في الرس أكثر من ثمانمائة من رجاله وندم لما كان منه، وكان يمنّي الجنود ويعدهم بقرب وصول المدد من مصر وطال الحصار كثيرا..ولو أن عبدالله بن سعود جاء إلى الرس على تلك الحال لدحر المصريين ولكن عبدالله لم يفعل وكأنه هو أيضا كان ينتظر المدد.
كما أن العجلاني أورد رواية آثار الأدهار فقال: إن إبراهيم باشا سار من الماوية (في أربعة آلاف رجل وألف ومائتي فارس ما خلا التابعين من الأعراب، قاصدا مدينة الرس فنازلها ورماها بالكرات ستة أيام متوالية وهاجمها ثلاث مرات ولم يتمكن من اقتحامها، وكانت بينه وبين حاميتها معارك قتل فيها من عسكره زهاء 3400 مقاتل، ولم يهلك من عساكر الوهابية إلا نحو 160 مقاتلا وجرح منهم جماعة. ثم هادن أهل المدينة على أن يرحل عنها ولا يدخلها، فوادعوه على أن يكون له حق بإقامة طائفة من جنده إذا استولى على بلدة عنيزة)
أقول: وهذه شهادة ممن عاين تلك الحرب تفيد بأن أهل الرس قتلوا أكثر من نصف جند الباشا في تلك الحرب ولم يبق معه إلا القليل الذين خافوا من موقفهم الضعيف مع تأخر المؤن أمام أهل الرس الذين يبدون بسالة وشجاعة وصبر، مما جعل الباشا يتنازل عن جبروته وكبريائه ويعقد الصلح المشهور مع أهل الرس.
أما ما نقله العجلاني عن مانجان ( نفس المرجع) قوله: إن إبراهيم باشا أخفق مرارا في اقتحام الرس، وأنه عمد إلى حيلة ظنها ناجحة لحمل أهالي الرس على الاستسلام، وذلك أنه قتل عددا من النجديين ووضع جثثهم أمام سور الرس ليراها السكان ويخافوا ويستسلموا ولكنهم استمروا في مقاومتهم الباسلة. وقد كتب إبراهيم باشا إلى فيصل الدويش يستقدمه إلى الرس فحضر مع رجال من عشائره وقدّم المؤن ووسائل النقل. ثم أضاف: وفي النهاية صالحت حامية الرس إبراهيم باشا على عدم محاربته، وعلى القبول بدخول حامية مصرية إلى البلدة متى استولى المصريون على عنيزة.
ثم قال: خسر المصريون في حصار الرس 3400 رجل، ولم يخسر النجديون سوى 160 رجلا.
ثم أورد العجلاني (نفس المرجع 486) ما قاله قنصل فرنسا في القاهرة أن المستشار الحربي لإبراهيم باشا واسمه فيسير اخبره بأن خسائر المصريين في الرس بلغت ثلث مجموع قواتهم.
أقول: إن العدد المذكور سابقا من القتلى في صفوف جند إبراهيم باشا لا يدل على ضعف الجيش المصري بل لا يشك أحد بأنهم مدربون على الحرب قبل قدومهم وأنهم مسلحون بمجموعة من المدافع والقنابل والذخيرة المنوعة، ولكن قوة إيمان أهل الرس وشجاعتهم وبسالتهم مع قلة المؤن لديهم وقلة خبرتهم في الحروب وأنهم في موقف الدفاع عن بلدتهم وفقهم الله للنصر على عدوهم ودحر الظلم والعدوان، مع العلم بأن الذي يملك المبادرة في الحرب هو الذي يملك النصر ولكن إرادة الله ولطفه جعل النصر مع أهل الرس.
ثم أورد العجلاني (المصدر السابق 4/87) ما رواه الجنرال فيغان: إن إبراهيم باشا أخطأ في حصار الرس لأنه لم يعمل بنصيحة مستشاره فيسير، حيث أشار عليه باختيار المواضع المناسبة لمدافعه قبل رمي البلدة.
وقد أورد العجلاني مقولة للشيخ عبدالرحمن بن حسن في المقامات: إن إبراهيم باشا نزل القصيم وحاربهم قدر شهرين وأيدهم الله بالنصر لما كانوا مستقيمين صابرين وعزم الباشا على الرجوع عنهم لكن فيصل الدويش ـ قاتله الله ـ قوّى عزمه وطمّعه وخوّفه وبعد هذا صالح أهل الرس.
ويروي أهل الرس عن تلك الحرب مجموعة من القصص نذكر منها واحدة تدل على الحقد الذي يملأ قلوب الترك على أهل نجد، فعندما عجزوا عن احتلال الرس تركوها واتجهوا نحو الدرعية مقر ابن سعود وقاتلوا حتى سقطت الدرعية في أيديهم عام 1233هـ أراد إبراهيم باشا القضاء على مجموعة من أبطال الجزيرة العربية بسبب ما لقيه منهم من مقاومة وصبر وشجاعة عند التصدي له، فأرسل مجموعة من جنده إلى الرس وأوصاهم بقتل الشيخ قرناس بن عبدالرحمن حيث كان هو القائد الذي هزمه في حرب الرس، فأدركوه وهو يصلي بالناس، ثم إن الشيخ قرناس أحس وهو يصلي بالمسجد بأصوات غير معتادة وكان يقرأ جهرا في سورة القيامة ولما وصل إلى آية {يقول الإنسان يومئذ أين المفر} أخذ يرددها وكان المؤذن محمد بن عبدالله الخميس يفهم ما يقصده الشيخ قرناس فرد عليه بقوله (إلى أبان الحمر) موحيا له بالمكان الآمن للفرار دون أن يفهمها الجنود الترك، ثم سجد قرناس وأطال في سجوده وهرب من المسجد تاركا الناس ساجدين متجها إلى جبل أبان الحمر وبذلك نجا من القتل.
وقد خلّد بعض الشعراء تلك الحرب بأشعارهم، قال حمد بن دعيج:


وشب نار الحرب فوق الرس = ثلث السنة يضربهم بالقبس
وصبروا وصبرهم قربانا = أصبر في الهيجاء من أبانا
رجال صدق في اللقاء والباس = أعيانهم وشيخهم قرناس

وقال الشاعر مبارك البدري:
يا راكب من عندنا فوق ضامر = يشوق صبي العين حلوه هذيله
تلقى خيام بأيسر الحزم شيدت = وهذيك خيام العز واحبني له
أهل بيرق السلطان تاهو وتيهو = عزويلها ما باقي إلا قليله
لكن جثاياهم على جال حفرنا = خنز دودهم سحم الضواري تجي له
ساعة لفونا بالفواريع قطعوا = نخلنا وقزوا ورقنا عن مقيله
وإلى ضربونا بالقناتير ووجهوا = لوينا لمشقاص الفرنجي فتيله
فتى الجود قرناسنا إلى ما تعالت = بالأشوار يقعد تايهه مع دليله
مطوعنا ما جابت البيض مثله = الكرى للعين ما ينبغي لـه

وقال الشاعر صالح بن محمد العوض في ذلك قصيدة منها:
يوم جاء راعي الرقباء واجانيبه = من اسنبول يمشي به لما جانا

باشة لابس له فيس يومي به = نيته بس ياصلنا ويفضانا

حظبوا مدفع للحرب يرمر به = واللغم حظبه من تحت مبنانا

عزنا الله وولعنا مشاهيبه = ثار ملحه بعسكرهم ولا جانا

قل ... هرجه لا يدري به = يرفع الحس واللوم يتعدانا

من عصى أمرك وبانت لك مضاريبه = أدبه لا تشاورنا وتنهانـا

أنت أمير البلد تاخذ وتعطي به = وتهدانا على رأيك وتقدانـا

وقالت الشاعرة رقيه الدهلاوية من شاعرات الرس:
هيه ياراكب حمرا ظهيره = تزعج الكور نابية السنام
الفرنجي إلى قمنا نكيله = نلفظه مثل سيقان النعام
دون سوره تخلى كالمطيرة = لا تحلوى الردى حلو المنام
في يدينا سيوف شطيرة = تنزع الراس وتفصل العظام


الرس .. عبر التاريخ - تأليف: عبدالله بن صالح العقيل. 1425هـ.
(توثيق للحياة العسكرية والعلمية والاجتماعية)

 
الغزو العثماني ارتكب كثير من الفضائع ولكن ظلت جزيرة العرب بقبائلها الكريمة شوكة في نحر هذه الدولة القبورية اللتي حاولت نشر الشركيات وعبادة القبور والجهل وسرقة الآثار والثروات ..
 
الغزو العثماني ارتكب كثير من الفضائع ولكن ظلت جزيرة العرب بقبائلها الكريمة شوكة في نحر هذه الدولة القبورية اللتي حاولت نشر الشركيات وعبادة القبور والجهل وسرقة الآثار والثروات ..

جرائمهم في حصار الدرعيه وخيانتهم للعهود يحتاج لها عشرات المواضيع
 
انت حين تقول جرائم الجيش العثماني بذلك الوقت لازم تحدد هل تعني مصر ولا الشام ولا نجد او اليمن او الحجاز ولا العراق او الجزائر او تونس او البلقان او القوقاز او الاناضول لان الجيش العثماني كان مكون من كل تلك الاعراق والمناطق
 
انت حين تقول جرائم الجيش العثماني بذلك الوقت لازم تحدد هل تعني مصر ولا الشام ولا نجد او اليمن او الحجاز ولا العراق او الجزائر او تونس او البلقان او القوقاز او الاناضول لان الجيش العثماني كان مكون من كل تلك الاعراق والمناطق
نجد والحجاز لم يكن منها جنود للعثمانيين بل كانت على الدوم قبائلها تحارب العثمانيين وترفضهم حتى ان سلطة العثمانيين لم تتجاوز اسوار مكة والمدينة وحصل اثناء حرب القوقاز سبي لبعض ابناء الحجاز بالقوة وارسالهم للحرب والمقصود بجرائم العثمانيين كل من يواليهم بالبيعة وسفك في دماء المسلمين وافسد في مكة والمدينة ومقدساتها
 
نجد والحجاز لم يكن منها جنود للعثمانيين بل كانت على الدوم قبائلها تحارب العثمانيين وترفضهم حتى ان سلطة العثمانيين لم تتجاوز اسوار مكة والمدينة وحصل اثناء حرب القوقاز سبي لبعض ابناء الحجاز بالقوة وارسالهم للحرب والمقصود بجرائم العثمانيين كل من يواليهم بالبيعة وسفك في دماء المسلمين وافسد في مكة والمدينة ومقدساتها

مقابر جنود الاحتلال العثماني في الجزيرة العربية شاهده على مقاومة اجدادنا لهذا الاحتلال البغيض
 
حصار الدرعية وحصار المدنية نقطة سوداء في التاريخ العثماني
 
مقابر جنود الاحتلال العثماني في الجزيرة العربية شاهده على مقاومة اجدادنا لهذا الاحتلال البغيض
توجد جبال اسمها الاباهي لقبيلة مطير جنوب الحناكية بجانب قرية ام شكاعة توجد فيها قبور لجنود اتراك من ضمن حملة ارسلها الوالي العثماني على المدينة لتأديب القبيلة بسبب ان افراد منها عند خروجهم من المدينة ومرورهم بجانب احد وقريب من نقاط المراقبة التي وضعها الاتراك في الجبل وجدوا امراءة من المدينة وقد اغتصبها الجنود الموجودين في النقطة ورموها اسفل الجبل فقتلوا الجنود وتركوا واحد حي ليخبر كعادة العرب فتحرك الوالي بحملة يريد ماء لمطير يقيظون عليه اسمه الحشورية بجانب ام شكاعة فباغتوه عند وصوله لسهل العبلة الموجود بين الحناكية وام شكاعة وكما تذكر القصايد ويتذاكره الشيبان استغلوا سرعة الخيل العربية وثقل حركة الجيش العثماني في السهل المفتوح وعنصر المفاجاءة وقتلوهم شر قتلة والتجاء مجموعة منهم الى الجبال وقتلوهم البدو وهي القبور التي لازالت موجودة وبقية الجيش العثماني تشتت وفروا مع كل اتجاه ومن مر منهم بعرب قتلوه حتى انهم الفوا بيت على لسان الباشا
يانجد مافيك بطيخ
ولافيك سقا ينادي
مافيك غير التصابيح
وشلفٍ تشق الفوادي
وكذلك كل قبائل الجزيرة قاومت الترك ولم ترضخ لهم
 
وهذه قصيدة قالها الشاعر زويد ابن شليه الوسمي قائد المجموعة التي قتلت جنود نقطة المراقبة وشارك في المعركة ويصفها
يا ذيــب عيد في الأبــــاهى إلى الحـــــول

وإذا ضميـــت أشـــــرب من الحشــــوريـــة

وإذا ســـألــك غـليــمٍ صـــادق الـقــــول

قـلـه تــراي زويــــد بـــن شـــــلــيــه

جــونا جــنود التـــرك فرســـــان وخيــــول

المـــــوت معهــــم دايــــرات رحيــــــــه

عســـاكـــر الباشــــا يـدقـــون بـطبـــــول

جمـــوعـهم وردوا حيـــــاض المنيــــــــة

تـســـعين بالعبـلـــه طـــريحٍ ومقـتـــــول

وخمســـــة عشــر غــرب الحميمـــة شـــــويـه

ومن غيـرهم معنـــا ثــلاثـيــــن ناجـــــــول

عــونــي وميمـــونـــي ومعــهم بقـيــــــــه

وادي المخيــط من الدياحيـــن منــزول

ومعهم صعــوب أقــل منهم شــــويه

لو ما حمينـــــا الــدار والعــار والشــــول

يحـــرم علينـا عشــــــق جـــال ألثنيـــــــه

تحـــول الباشـــــا كســــــيرٍ ومخـــــــذول

وأفـــاد جمــلى بالعـــلــــوم الخـفيــــــة

يقـول أنـا يابنـــت ما نــي بمســــــــئـول

أبن ربيـــــق أهـــدى المصـــــايب عليـــــه

يا بنــت شــــفتي ما جــــرا لي من الهـــــول

باســـــبـابنا راحـــت نفـــــوسٍ بـريــــــــه

والله لــو جـــاني مــن البــــدو مرســــــــول

أعطيـتـــهم يا بنـــت ما فــي يـــديـــــــــه

يا ليتنـــي مــن ضمنـــهم مـــت مجهـــــــول

ما قالـــوا البـاشــــا مخـلــــي أخـويــــــه

ما يـــــدري أن المــال والعــرض مشــــــــعول

نحمـيـــــه في الإســـــــلام والجـــاهـلـيـــــة

يا باشــــا جيـــت بعقـــــل وأقفيـــت مذهــــول

ما بعــــدها ظنـــي تقـــــــود الســـــــريـــة

عســـاك بالرجعــــــة عن الجيــــــش معــــــزول

تقـــص للســــلطــــان حــــــال الـبـنـيــــــة

يا باشـــا منـــك الظلـــم ما هـــو مقبــــــول

والبــوق ذمـــــوه الوجـيـــــه النـقـيــــــــة
 
لكي تدرك سفاله هذه الدولة الهمجيه
التي ينطق بها زورا انها خلافه
اتحدا اي حزبي او متعاطف مع الخوازيق العثمانية
ان يذكر اسم خليفة عثماني ادى مناسك الحج وهي من اسس الاسلام
بما انها اسلاميه
يارجل لما ترى جمال عمارة المساجد الاسطنبولية والابداع في بناء القبور بها
وترى عدم اهتمام عمارتهم للمسجدين المكي والمدني
ستدرك ان هؤلاء الصوفية امتطوا ظهر الاسلام في غفلة عربية
 
لفتت انتباهي عبارة : وكان ذلك اول وهن للمسلمين !!!
يعني عدوهم كافر ؟؟
علماء العثمانيين اصدروا فتوة بتكفيرهم فكفروا كل العرب في الجزيرة وخارجها بسبب انهم اتبعوا دعوة التوحيد فطبيعي ان يتم تكفيرهم بالمقابل
 
هذه بعض الأبيات واللي يعرف قائلها لايبخل علينا بإسمه تحكي عن سنوات مقاومة الاحتلال التركي

قولوا للباشا مهو بسيد الجميع
لاهمني جمعه ولاجمـعٍ وراه
ان كان يبنون القلاع حتى نطيع
حنا براس الضلع بانيه الإلـه
 
قول "المسلمين" عندنا لا يلزم أن الاخر كافرا فهذا القول دارج عندنا قديم قدم الإسلام.

ولكن...من يصرف شيئا من محض عبادة لا تصرف إلا لله كدعاء الأموات بما لا يقدرون عليه أوالذبح لهم تقربا فهو كافر ولا شك. فإن كان حال ذلك الجيش كذلك فهو لائق بهم.
 
هذه بعض الأبيات واللي يعرف قائلها لايبخل علينا بإسمه تحكي عن سنوات مقاومة الاحتلال التركي

قولوا للباشا مهو بسيد الجميع
لاهمني جمعه ولاجمـعٍ وراه
ان كان يبنون القلاع حتى نطيع
حنا براس الضلع بانيه الإلـه



يقول الشيخ حذيفه بن جزاء الاحمدي الحربي بمناسبة​

بناء الاتراك للقلاع ويذكر لايوجد عند حرب سوى الجبال اللي خلقها الله عز وجل​

قولوا للباشا مهو بسيد الجميع
لاهمني جمعه ولاجمـعٍ وراه
ان كان يبنون القلع حتى نطيع
حنا براس الضلع بانيه الالـه​
 
ثورة جازان ..التاريخ الذي تم دفنه

ما إن حل عام 1911 إلا وقد كان السيد محمد بن علي
الأدريسي حاكم تهامة عسير اقوى رجل في تلك المنطقة ولم يكن ينازع سيادته أحد ودانت له أغلب المناطق والقبائل في المنطقة بعد أن طرد الاتراك في معركة الحفاير الشهيرة في يونيو من ذلك العام بعد مساعدة قوات القبائل والايطاليين كذلك الذين قاموا بضرب سفن الاتراك الرابضة في ميناء جازان وأمدوه بالسلاح والذخائر والمؤن وأصبح حينها أحد اقوى القوى في الجزيرة العربية مع الإمام يحيى حميد الدين عدوه اللدود وكذلك الشريف حسين شريف مكة وحاكم نجد الأميرعبدالعزيز والأمير سعود الرشيد حاكم إمارة آل رشيد في حائل وبعض القوى القبلية المتشرذمة في الجزيرة العربية

وفي فبراير 1915 وبعد أندلاع الحرب العالمية الأولى بثمانية اشهر وقع السيد محمد بن علي الإدريسي معاهدة مع الأنجليز ويعلن فيها ولائه لهم بدلا من الايطاليين وكذلك حصل الادريسي بمعاهدته تلك مع الانجليز على السلاح والذخيرة وعلى ميناء الحديدة الذي يدر له أموالا تكفيه للحفاظ على ولاءات القبائل المتقلبة ودفع اجور جنوده الذين يرابطون في مناطق متوترة بينه وبين إمام اليمن كجبال باقم وفي الأعوام التالية وطد الادريسي نفوذه وسلطانه حتى بين أوساط لم يبلغها اسلافه حكام المخلاف السليماني حيث وصل نفوذه حتى قبائل شمال عسير العنيدة كما أوضح السير كونواليس في كتابه عن عسير

في 1919 كان الملك عبدالعزيز قد توسع في مناطق كثيرة في الجزيرة العربية وتصاعدت قوته بل ووصل إلى تخوم مناطق الأدريسي وسيطر على أبها فاضطر الإدريسي إلى إرسال وفد من قبله إلى عبدالعزيز لعقد معاهدة حسن جوار لضمان عدم اعتدائه واستيلائه على أراضي الإمارة الادريسية وكي يتفرغ لخصمه اللدود الامام يحيى الذين كان يعد العدة لاستعادة الحديدة ميناء صنعاء التاريخي .

ولكن القدر لم يمهل السيد الإدريسي كثيرا حيث وافته المنية في مارس عام 1923 وبدأت إمارته في التهاوي شيئا فشيئا حيث تجلى ذلك في تنازع اخيه الحسن الادريسي وابنه علي بن محمد الادريسي على الحكم فحين رأى قسم من قبائل المنطقة تولي علي فإن قسما آخر قد رأى ضرورة تولي الحسن الادريسي لكن الخلاف حسم تقريبا لصالح الحسن الادريسي في حين استنصر علي الادريسي بالملك عبدالعزيز لضم الامارة الادريسية لمملكته الناشئة حينها لكن عبدالعزيز كان مترددا حيال ذلك وفي ديسمبر 1925 اشتدت الخلافات بين الحسن الادريسي وعلي بن محمد الادريسي فطلبا وساطة الملك عبدالعزيز حيال الأمر فبعث مندوبه ابن عسكر للوساطة ونجح في تثبيت الحسن الادريسي حاكما على المخلاف ولجأ علي الادريسي إلى مكة .

وفي خضم هذا الاضطراب زحف الامام يحيى حميد الدين بقواته على ميناء الحديدة واستردها بسهولة ولم يجد اي صعوبة في شراء ولاءات القبائل التي زحفت معه وساندته في السيطرة على بعض المناطق حول الحديدة فشعر الحسن الادريسي بالخطر خاصة وانه قد خسر حوالي ربع اراضي إمارته وباتت قوات الامام على بعد 80 كيلو متر من مدينة جازان فحاول الحسن الادريسي الحصول على مساعدة عسكرية من إيطاليا لكنه فشل وادارت له بريطانيا ظهرها ولم يبق أمامه إلا السلطان عبدالعزيز حيث نصحه مستشاروه بتوقيع اتفاقية حماية جازان من أي عدوان خارجي وإدارة شؤونها الخارجية في حين ترك الشؤون الداخلية يديرها الحسن الادريسي كان ذلك في أكتوبر 1926 وارسل عبدالعزيز مندوبين من قبله لمساعدة الحسن الادريسي في إدارة شؤون البلاد لكن مافتئ أولئك المندوبين يتدخلون في إدارة شؤون البلاد بشكل مباشر والحصول على ولاءات رجال القبائل لعبدالعزيز حتى يسحبوا البساط من تحت الإدريسي حيث منعوا ذكر اسمه في الخطبة وانزلوا علم الإمارة من مبنى الإمارة ورفعوا بدلا عنها علم عبدالعزيز وفي اكتوبر عام1930 فرض عبدالعزيز معاهدة أخرى على الحسن الادريسي تكون فيها سلطات الادريسي شكلية وتنص على انتقال السلطة إلى عبدالعزيز بعد وفاة الحسن الادريسي .

على الصعيد الدولي كان قد أنشى للتو حزب الأحرار الحجازي الذي كان يعارض سيطرة السلطان عبدالعزيز على الحجاز ويطالب بعودة اشراف الحجاز الذين قد تركوه إلى الاردن وفي أواخر 1930 ألتقى حسين الدباغ مندوب حزب الاحرار بالسيد الحسن الادريسي في بلدة ميدي الساحلية التي تقع اليوم ضمن الاراضي اليمنية واتفقوا على تزويد الادريسي بالسلاح والمؤن واعلان الثورة وهم بدورهم سيعلنون التمرد في مكة وشمال الحجاز لكن الادريسي تأخر في إعلان الثورة حتى نوفمبر 1932 حيث استطاع اقناع وحشد وتأليب القبائل المحاربة على حكم ابن سعود وقام باعتقال مندوبي عبدالعزيز ودخلت قواته مدينة جازان وتزامن ذلك مع اندلاع تمرد ابن رفادة شمال الحجاز قبلها بأشهر بسيطة وقام الادريسي بإرسال برقية لابن سعود يبرر فيها تصرفه وحبسه لمندوبيه فرد عبدالعزيز باقتراح تشكيل لجنة سعودية إدريسية لحل الخلاف بين الطرفين لكن اللجنة في الطرف السعودي في اللجنة تيقن ان الثورة ماهي إلا للتخلص من معاهدة اكتوبر 1926 ومحاولة من الادريسي لاستعادة زمام السلطة وإعادة سلطته على إمارته التي فقدها ضمنيا لصالح مندوبي عبدالعزيز فقام عبدالعزيز بإرسال قوات بقيادة خالد بن لؤي مجهزة بالسيارات والرشاشات الخفيفة والمدفعية واحدث العتاد العسكري الانجليزي واستطاعت بسهولة اجتياح أراضي الادريسي واحتلالها من القحمة وحتى مدينة جازان في أواخر نوفمبر من نفس العام .

وفي ديسمبر 1932 استطاع الادريسي مرة أخرى وبمساعدة بعض زعماء القبائل الرافضين للحكم السعودي حشد قوات القبائل عبر استنهاض عاطفتها واصطفت في بلدة المضايا جنوب جازان بقيادة الشيخ علي بن احمد الحكمي شيخ قبيلة الحكامية إحدى اكبر قبائل جازان وكانت تملك القوات القبلية بعض الاسلحة التي حصلت عليها من حزب الاحرار الحجازي وكذلك من تلقت مساعدة بسيطة ببعض البنادق والذخائر من قبل ألمانيا بالاضافة إلى الأسلحة البيضاء غير أن التسليح الذي حصلت عليه كان لايقارن ابدا بتسليح قوات السلطان عبدالعزيز التي كان يقودها سعد بن خالد بن لؤي المجهز بأحدث الاسلحة والعتاد الانجليزي الحديث واندلعت ماتسمى بمعركة المضايا لكن القوات القبلية الجازانية لم تصمد امام قوات الامير وانهارت مقاومتها وقتل منها من قتل واعتقل الشيخ علي وأرسل إلى الرياض حيث قضى تحت التعذيب كما يقول أحفاده وفر الادريسي إلى ميدي أولا ثم إلى صنعاء وواصل جيش عبدالعزيز اجتياح أراضي الامارة الادريسية ولم يجد أي مقاومة تذكر سوى عند الحدود الحالية حين تعرضت قواته لكمين اعده مقاتلون قبليون .

وبحلول فبراير 1933 كانت القوات الحكومية السعودية قد احكمت سيطرتها على كامل الإمارة الإدريسية وقضت على آخر جيوب المقاومة والثوار وفر الأدريسي وانصاره وحاشيته إلى ميدي أولا ثم إلى صنعاء لاجئا سياسيا فطلب عبدالعزيز من الإمام يحيى حميد الدين تسليم الادريسي فرفض الإمام وفي ابريل 1933 توغلت الإمام في نجران لتأديب قبائل يام التي اتهمها الإمام بمساعدة ثوار قاموا ضده في شمال اليمن وفي اكتوبر من نفس العام توغل قواته ايضا وسيطرت على بلدة بدر الجنوب وبدأ الأدارسة مرة أخرى في استنهاض قبائل جازان للثورة على ابن سعود مما أغضب عبدالعزيز ووجه إنذارا آخرا للإمام لإعادة الحدود كما كان وتسليم الإدارسة وفي تلك الاثناء كان عبدالعزيز قد حصل على قرض من شركة النفط بغرض شراء الأسلحة وفي فبراير ومارس 1934 عقد لقاء بين مندوبي عبدالعزيز والإمام في أبها لم يفض إلى نتيجة فأرسل عبدالعزيز جيشين الاول بقيادة نجله سعود ويقصد نجران والثاني بقيادة نجله فيصل ويقصد تهامة حيث تمكن فيصل من دخول الحديدة في أوائل مايو 1934 دون أي مقاومة تذكر بينما واجه سعود صعوبات في معاركه في الشريط الجبلي بسبب صعوبة تضاريس المنطقة لكن سفنا بريطانية وأخرى إيطالية بدات تقترب من ساحل الحديدة فاقتنع فيصل بصعوبة السيطرة على الحديدة وفي منتصف مايو وقع فيصل وعبدالله الوزير أقرب مساعدي الامام اتفاقية هدنة بين الطرفين انسحبت على اثرها القوات السعودية من الحديدة وسلم الامام الادارسة لعبدالعزيز الذي اكرم وفادتهم في جدة وأقاموا لديه وقرر لهم مخصصات شهرية .

وفي يونيو 1934 وقع السعوديون واليمنيون معاهدة الصداقة والاخوة بين السعودية واليمن تنص على اقامة علاقات سلمية ودبلوماسية بين البلدين وتخلي الإمام عن مطالباته ببقية أراضي الإمارة الإدريسية وأن يدفع الإمام مبلغ 100 ألف جنيه استرليني ذهبي كتعويضات الحرب مقابل أن تنسحب القوات السعودية من المناطق التي احتلتها في مايو 1934 وكذلك نصت المعاهدة على ترسيم الحدود بين البلدين الذي انجز في 1936 وهكذا تم اقتسام اراضي الإمارة الادريسية حيث سيطر عبدالعزيز على المنطقة من بلدة حلي وحتى بلدة الموسم وسيطر الإمام على ميدي وحتى الحديدة .

وهكذا أسدل الستار وانتهت حكاية الإمارة الادريسية في منطقة المخلاف السليماني وآلت إلى غياهب التاريخ والنسيان ودفنت في ذاكرة الكثيريين لكنها لا تدفنها الكتب .

مصادر : تاريخ العربية السعودية لأليكسي فاسيليف ، المخلاف السليماني لمحمد احمد العقيلي ، عسير قبل الحرب العالمية الأولى للسير كونواليس

الصور :

أراضي الإمارة الادريسية بعيد وفاة السيد محمد بن علي الإدريسي

بالأخضر : اراضي المملكة الحجازية ، بالازرق جبال عسير والتي كانت خاضعة للملك عبدالعزيز حينها ، بالاحمر اراضي الإمام يحيى حميد الدين وبالأصفر أراضي الإمارة الإدريسية.

ملاحظة : بعض المصادر والباحثين يسمون الإمارة الادريسية ( عسير )



علم الإمارة الادريسية

 
الاحتلال العثماني لأرضي العرب الذي أسمته الصحوه زورا وبهتانآ بالخلافة العثمانية هو أسوأ ما حصل للعرب في تاريخهم اجمع منذو اكثر من 10 الاف عام ،، لم تأتي دوله لتحتل ارض العرب وتجوعهم وتسعى على تجهيلهم وتخلفهم حتى اوصلت نسبة الأمية الى اكثر من 99.9% من امة اقرأ العربيه واخرتنا عن اللحاق بركب الامم واستمرت ل6 قرون كما فعلت الدولة العثمانية باسم الاسلام وباسم الحروب المقدسة ضد الصليبيين ،، هذه الدوله قتلت بشكل فعلي حضارة العرب ، ولو دفعوا لنا كل كنوز الارض لما عوضتنا عن دمار حضارتنا وموت شعبنا جوعا ومرضا وأخيرا تفتيته وتقسيمة الى 12 دولة ،، وسؤالي للمدافعين عنهم ،، لماذا لم يبنوا مدرسه واحدة في جزيرة العرب؟،، لماذا لم يوافقوا على إعطاء العرب حكم ذاتي حينما طلب العرب حكم انفسهم من طغيان ولاتهم وعسكرهم الفشله الذين لم يفلحوا الا على العرب العزل؟،،، لماذا لم يدافعوا عن اراضي العرب اذا كانوا يعتبروننا منهم فعلا امام الاستعمار الأوربي ؟،، ، لماذا شاركوا في سرقة اراضينا بعد الثوره وحموا الاناضول ولم يهتموا بمصير العرب ؟،، لماذا كانت الاناضول واحة غناء واراضي العرب فقر مدقع وتخلف وجهل ؟،،، لماذا كانوا يسرقون كل اصحاب المهن المهره من اراضي العرب الى الآستانة ؟،، لماذا قام عسكرهم بجرائم اغتصاب الحرائر من بنات العرب في الشام وبعض اجزاء الجزيرة العربيه ولم يحاسبوا ؟،،، في الحقيقة جرائم هذه الدولة القذرة في حق العرب لا تكفي مجلدات لسردة ،، واليوم وبرغم تفكك العرب الى دول وبرغم الحروب والتدخلات الخارجيه في بلادهم وبرغم احتلال اجزاء كثيره من اراضي العرب التاريخية ( المشرق العربي ) وبرغم المؤمرات والحرب الإعلامية لغسل الادمغة وتنازع الطوائف في بلاد العرب واستعانتها بالأجانب لنصرتها على أشقائها ،، الا ان العرب اكثر علما وقوه من ايام الاحتلال التركي لأراضيهم ،، ولكل امه كبوه وكبوة العرب طالت بسبب عظمة دينهم وثرواتهم الطائلة وشغفهم للعلم والتقدم وتأثيرهم الغير محدود في الشعوب الاخرى ،، العرب صناع حضارة ،، ولا توجد امه يجتمع الجميع على تفتيتها وإضعافها وإشغالها بالحروب والازمات عن مشروعها الحقيقي البناء والتقدم والوحدة كما هو حال امة العرب ،، اسأل الله تعالى ان يصلح حالنا ،،.
 
لماذا قام عسكرهم بجرائم اغتصاب الحرائر من بنات العرب في الشام وبعض اجزاء الجزيرة العربيه ولم يحاسبوا ؟،،، في الحقيقة جرائم هذه الدولة القذرة في حق العرب لا تكفي مجلدات لسردة
الله ينتقم منهم
 
عودة
أعلى