مقاومة الحرب النفسية
الجزء الاول
التعريف :
عندما تحدث الرسول الأعظم محمد عن الجهاد كان مما قاله أن يكون (بأنفسكم وسيوفكم وألسنتكم ) في إشارة اللسان للحرب الدعائية والنفسية .، وعنها قال القائد الألماني روميل بأن : القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم ، وقال (تشرشل ) :كثيرا ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ !
يعرف د. حامد ربيع ، الحرب النفسية بقوله أنها (نوع من القتال لا يتجه إلا إلى العدو ولا يسعى إلا إلى القضاء على إيمان المستقبل بذاته وبثقته بنفسه ، وبعبارة أخرى هي تسعى لا إلى الإقناع والاقتناع ، وإنما تهدف إلى تحطيم الإرادة الفردية ، هدفها أكثر اتساعاً من الدعاية ، فهي تسعى للقضاء على الإرادة ولكنها لا تتجه إلا إلى الخصم أو العدو ). وقد استخدم العلماء الفرنسيون ثم د.حامد ربيع مصطلح التسميم السياسي في تعريف الحرب النفسية أو قريب منها .
ويعرفها اللواء الركن محمد جمال الدين محفوظ بأنها : الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة ، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة- التي توجهها- أهدافها .
ويمكن أن نعرّف الحرب النفسية أيضاً بأنها : عملية منظمة شاملة يستخدم فيها من الأدوات والوسائل ما يؤثر على عقول ونفوس واتجاهات الخصم بهدف تحطيم الإرادة والإخضاع ، (أو)تغييرها وإبدالها بأخرى بما يؤدي لسلوكيات تتفق مع أهداف ومصالح منظم العملية .
· الاتجاه : حالة استعداد عقلي انفعالي للسلوك نحو موقف أو شخص أو شيء بطريقة مطابقة لنموذج معين من الاستجابة سبق أن نظمت أو اقترنت بهذا المثير . (ميل لمناصرة أو معارضة ….. ) .
غايتها الرئيسية :
- شل عقل الخصم وتفكيره ونفسيته وتحطيم معنوياته وبث اليأس ، والتشجيع على الاستسلام والقضاء على كل أشكال المقاومة عنده . ( فرداً أو جماعة أو مجتمعاً ) .
خصائص الحرب النفسية :
أ)لا تسعى للإقناع بل تحطيم القوة المعنوية للخصم .
ب)موجهة أصلاً نحو الخصم (العدو ) .
ج) تسعى لزعزعة الخصم وثقته بأهدافه ومبادئه بتصوير عدم إمكانية تحقيق هذه
الأهداف والمبادئ .
د) تحطيم الوحدة المجتمعية والنفسية للخصم ، ببعثرة الجهود وبلبلة القوى السياسية
والسعي لتناحرها .
هـ)التشكيك في سلامة وعدالة الهدف أو القضية
و)زعزعة الثقة لدى الخصم بإحراز النصر وبقوته .
ز) استغلال أي انتصارات في إضعاف عقيدة الخصم .
ح)تفتيت حلفاء الخصم وكسب المحايدين .
ط) تحقيق أهداف ومصالح الطرف الأول في ذلك .
أدوات الحرب النفسية :
1. الدعاية السياسية : (بإيجاد المعارضة داخل الصفوف ..)
2. التسميم السياسي (تحطيم الإيمان بالعقيدة والتماسك النفسي ، وتمزيق مكونات الشخصية )
3. الشائعات : (خلق بلبلة والتشكك …. )
4. الاغتيالات : (قتل قادة الرأي والميدان والسياسة …)
5. تشجيع التمرد : (هلع ، قلاقل ، فتنة ….)
6. غسل الدماغ : ( خلق شخصيات جديدة )
7. استخدام الأقليات : (العرقية و الطائفية والعشائرية )
8. استخدام المنظمات : ( بشرائها مالياً ، عقائدياً ..)
9. التجسس : (معلومات ، وتشهير …. )
10. التزوير : (للعملة والجوازات والهويات … للإرباك )
11. الضغط الاقتصادي أو التلويح باستخدام العقوبات الاقتصادية .
12. تعطيل وسائل الاتصالات : ( ضربها ، تشويشها ..)
وسائل الحرب النفسية :
1. الإنسان من حيث كونه فرد في المجتمع مناصر أو معارض أو مذبذب أو محايد
أو عميل يستخدم لنشر البلبلة وتحطيم المعنويات .
2. استخدام المنظمات (السياسية والاجتماعية وغير الحكومية والجمعيات .. ) .
3. استخدام كافة وسائل الاتصالات (المؤتمرات ، الدعوات ، السفارات ، الندوات ،
المقابلات ، التلفاز ، الإذاعة ، المرئيات ، الإنترنت ، المعارض .. ) .
4. استخدام القوة العسكرية أو المظاهر الحربية .
مقاومة الحرب النفسية :
أولا: تتم بالتعرف والتحليل والاكتشاف (للأداة ) المستخدمة وغاياتها ، هل هي دعاية أم إشاعة أم تجسس ، والى ماذا ترمي، وماهي عناصرها ومكوناتها … الخ
ثانيا: بإثارة المشكلة تبدأ مرحلة الإعداد المركز لحملة المقاومة (الدعاية المضادة ..)
ثالثا : اختيار وسائل الهجوم :مرئية ، مسموعة ، مكتوبة ، لقاءات ، مهرجانات …الخ
رابعا : إطلاق الهجوم المباشر بغرض إضعاف الخصم ،
وخامسا:عند تحقيق نتائج أو انتصارات ولو ضئيلة يتم توظيفها في كسب الرأي العام المعادي أو تحييده
سادسا :أما في غسل الدماغ تحديدا فالعلاج طويل جداً.
إضـاءات
يقول المفكر الاستراتيجي كلوزفيتز أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل مختلفة إن السياسيين هم من يشنون الحرب وسياستهم هي التي تسببها وصنعتهم فن الممكن . والدعاية لا تعمل في فراغ منفصل من الحقائق الاجتماعية أو السياسية ، إنها وسيلة أساسية يحاول القادة بواسطتها أن يكسبوا التأييد العام من الجمهور لسياساتهم ، أو أن يتجنبوا بواسطتها المعارضة لتلك السياسات ، ويتوقف نجاحهم - أو من يخالف ذلك - في إنجاز هذا الهدف على مقدار مهارتهم في استغلال فن الدعاية .
* قال الكاتب الروماني (فيجينيوس) في القرن الرابع (أن من يستحق السلام يجب أن يكون مستعداً للحرب) .
* يقول المفكر الروسي (بليخانوف) (أن رجل الدعاية يقدم آراء كثيرة لفرد واحد أو لعدد قليل من الأفراد ، ولكن مثير الفتن يعرض رأياً واحداً أو آراء قليلة لجمع غفير من الناس ) .
* يقول (هتلر) ( إن أسلحتنا الاضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب الأعداء ، فعندما يتخاذلون في الداخل ويقفون على حافة التمرد وتهددهم الفوضى الاجتماعية تحين الساعة لنفتك بهم بضربة واحدة )
· يقول د. مصطفى الفقي : ( إننا غالباً ما نعجز عن الحصول على حقوقنا أو الوصول لأهدافنا لسبب مباشر هو قصورنا في التعبير عن وجهة نظرنا حتى لو كانت الفرصة متاحة لنا ، لذلك كان طبيعياً ألا نرى دائماً جماعات ضغط عربية في دول أجنبية لأننا قد تفرغنا لإجادة الحديث عن النفس (المونولوج) ، وانصرفنا تماماً عن التمرس بالحديث مع الآخر (الديالوج) وساعد على ذلك بالطبع افتقاد ما يمكن تسميته بثقافة الديمقراطية في وطننا العربي الكبير بحيث أصبح كافياً لدينا أن نقنع أنفسنا بدلاً من أن نركز جهدنا في إقناع الغير ، وتلك في ظني هي جريمة العقل العربي الكبرى وخطيئته التي لا تغتفر ).
· سنتعرض في هذه الورق للدعاية السياسية وغسيل الدماغ ونلحقها بورقة منفصلة عن الإشاعة في الحرب النفسية.
الدعاية السياسية
Political Propaganda
- عملية إثارة إعلامية ونفسية مخططة للتأثير في اتجاهات وعقول وعواطف ومواقف الجماهير وآرائهم وأفكارهم وسلوكياتهم .
- وسيلتها : نشر معلومات (حقائق أو أكاذيب .. ) باتجاه معين في محاولة منظمة للتأثير في الآخرين .
- والدعاية أيضا :الإقناع المنظم بالوسائل غير العنفية .
- ويعرّفها د. عبد القادر حاتم بأنها (فن التأثير والممارسة والسيطرة والإلحاح والتغير والترغيب بقبول وجهات النظر أو الآراء أو الأعمال أو السلوك ) .
- ويقول د. أحمد بدر أنها (الجهود الواعية التي يقوم بها الداعية لنشر أفكار وآراء أو معتقدات معينة للتأثير في الرأي العام وعلى السلوك الاجتماعي ، دون أن تفكر الجماهير في الأسباب التي دفعتها لتبني تلك الآراء ومنطقيتها)
__________________