خلّف مقالان صدرا بكل من صحيفة "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز " الأمريكيتين، وتضمنا إشارات عن وجود جنود أمريكيين على الأراضي الجزائرية، حالة من الاستغراب لدى المراقبين، لأن ما هو مؤكد أن الجزائر لا تقبل بتواجد أي جندي أجنبي على أراضيها، تماما مثلما تمنع أي مهمة لجنودها خارج حدودها، وفق ما تقتضيه نصوص الدستور.
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/551256.html
وجاء ذكر الصحيفة الأمريكية لهذه القضية في سياق قرار اتخذته مصالح وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، يقضي برفع منحة الخطر التي يستفيد منها الجنود الأمريكيون العاملون في القارة السمراء، إلى 225 دولار شهريا، وهو الإجراء الذي مس، بحسب الصحيفة ذاتها الجنود الذين يؤدون مهامهم في كل من الجزائر، بوروندى، تشاد، الكونغو، جيبوتى، مصر، اريتريا، إثيوبيا، كينيا، ليبيا، الصومال، السودان، جنوب السودان، تونس وأوغندا.
وجاء اعتماد قرار الرفع من منحة الخطر، في أعقاب الكمين الذي استهدف القوات الخاصة الأمريكية في الرابع من أكتوبر 2017 بدولة النيجر، والذي أدى، كما هو معلوم، إلى مقتل أربعة جنود من القوات الخاصة الأمريكية. وقد أدى هذا الحادث إلى توسيع دائرة الجنود المستفيدين من هذه المنحة إلى العاملين في دول أخرى، وهي كل من مالي والنيجر وشمال الكاميرون.
ويتضح من خلال القائمة الأولى، أن الجنود الأمريكيين كانوا متواجدين على التراب الجزائري منذ العام 1995، وخلال تلك الفترة زعمت العديد من الإشاعات وجود قوات أمريكية على الأراضي الجزائرية، فيما ذهبت ادعاءات أخرى إلى الترويج لأكذوبة وجود قاعدة عسكرية أمريكية لكن من دون أن تشير إلى مناطق تمركزها، وهي المعلومات التي سبق للجزائر أن نفتها في أكثر من مناسبة.
ولعل ما يؤكد زيف تلك المعلومات، هو الجدل الذي أثير حول القاعدة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، فقد تحدثت أوساط دبلوماسية وإعلامية عن محاولات واشنطن لإقامة هذه القاعدة في جنوب البلاد لقربها من منطقة الساحل حيث "يحاربون" الإرهاب، غير أن الطرف الجزائري رفض بشدة هذا المقترح، الأمر الذي اضطر الولايات المتحدة إلى نقل هذه القاعدة إلى ميونيخ بجنوب شرق ألمانيا.
وكان السفير الأمريكي بالجزائر، جون ديروشر، قد نفى بدوره وجود جنود أمريكيين على الأراضي الجزائرية، وأكد في تصريح سابق له أن الجزائر رفضت استقبال جنود من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) لتأمين سفارتها بالعاصمة، تحسبا لأي تهديد بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الكيان الصهيوني.
وبرأي الجنرال المتقاعد، عبد العزيز مجاهد، فإن ما تضمنه مقال صحيفة "واشنطن بوست"، قد يشير إلى الجنود الأمريكيين العاملين في سفارة بلادهم بالجزائر، وهو أمر معمول به في مختلف بلدان العالم، وفق القواعد التي تحكم سير عمل الممثليات الدبلوماسية.
غير أن حدود تحرك هؤلاء الجنود يجب ألا يتعدى الجدران الخارجية للسفارة، بحسب اللواء المتقاعد، الذي أشار إلى الأعراف الدبلوماسية تشير إلى أن أية سفارة تعتبر امتدادا لسيادة الدولة التي تنتمي إليها، فيما تتكفل الدولة المستضيفة بتأمين السفارة من الخارج.