الاتحاد الأوربي

معمر القذافى

عضو مميز
إنضم
8 أكتوبر 2008
المشاركات
2,471
التفاعل
81 0 0
[FONT='Arial','sans-serif']الاتحاد الأوربي[/FONT]​
[FONT='Arial','sans-serif'] تجربة التكامل والوحدة[/FONT]​

[FONT='Arial','sans-serif']المقدمة[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']1. إن التكامل ، هو عملية التقوية مــــن خلال التميز الذي يفترض أمكانية التعاون بين الدول ,[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أما التعاون، هو الفعل المشترك بين دولتـــين أو أكثر من اجل المنفعة المتبادلة، وهو نقيض[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الصراع. [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']2. ربطت التجربة التكاملية العربية في أطار الجامعة العربية بين الإبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية والإستراتيجية ، وقد حدث ذلك نتيجة هيمنة فكرة الوحدة السياسية بين العرب (القوميين العرب)، ولذلك لم يكن من الصدفة إن تتجسد أولى خطوات التكامل العربي في توقيع معاهدة الدفاع المشترك .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']3. أن التجربة الأوربية فيستحيل الحديث عن وجود قومية أوربية ولكن يوجد هناك نوع متميز من الهوية الأوربية تعود جذورها إلى الحضارة الإغريقية والرومانية والمسيحية والليبرالية المعاصرة، وقد مثلت هذه الثقافة إضافة إلى عوامل أخرى كانت سببا في أن يكون الهدف والتعبير النهائي لحركة التكامل الأوربي هو أنشاء الولايات المتحدة الأوربية أو ( الاتحاد الأوربي )[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الغاية [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']4. بيان تجربة الاتحاد الأوربي في[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']مفهوم[/FONT][FONT='Arial','sans-serif'] التكامل والوحدة .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']نظريات التكامل الدولي[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']5. يستخدم مفهوم التكامل للإشارة إلى نمط من التفاعلات ، ينشأ بين مجموعة عناصر تملك من أسباب التقارب ما يجعلها نواة لبناء واحد أو كيان مشترك ، فالتكامل بهذا المعنى له طابعه الاختياري الذي ينبع من أدراك الإطراف المعنية أن في اجتماعها مايكفل أداء أفضل لوظائفها ، أن التكامل لايعني ذوبانا للوحدات أو ألفاء بالضرورة لكل خصوصياتها ، أنما هو يعني ببساطة تغليبا لأوجه التشابه على سواه.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']6. خلال التاريخ المعروف للإنسان اتجهت المجتمعات البشرية إلى التطور والتكامل والاندماج وباختصار شديد إلى الاتساع، سواء كان ذلك في الرقعة التي تعيش عليها، أم في العلاقات الداخلية فيها، أم في العلاقات الخارجية لكل مجتمع مع ما يجاوره من مجتمعات، وهكذا عرف الإنسان الأسرة والعائلة والعشيرة والقبيلة ودولة المدينة والمقاطعات والإمبراطوريات والدولة القومية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] 7. في كل هذه الإشكال من الجماعات تطورت ولاءات الفرد لكي تشمل وحدات متنوعة أكثر شمولا من وحدته الأولى (الأسرة) وفي مجتمعنا الدولي المعاصر ، أصبح ولاء الإنسان لدولته القومية سمة رئيسية من سمات عالمنا ، ولكن اكتمال وجود الدولة القومية لم يعني نهاية التطور البشري ، فأن الاتجاه نحو مجتمعات بشرية أوسع وأعقد ظل مستمرا ، ورغم أن فكرة أنشاء ( حكومة عالمية) بغية حل مشكلات الصراع ، ظلت تراود الكثير من المفرين والإصلاحيين ، فأن هذه الفكرة لم يقدر لها أن توضع موضع التنفيذ ، ثم تواضعت الفكرة فغدت تهدف إلى أنشاء منظمات دولية مثل عصبة الأمم والأمم المتحدة ، وبعد الحرب العالمية الثانية ، وبعد أن أصبحت الحرب الباردة والصراع بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي حقيقة من حقائق العلاقات الدولية برزت فكرة التكامل الإقليمي لتمثل مركزا وسطا بين الوضع الحالي لانقسام العالم إلى دول ، وبين الوضع الذي يسمح بإقامة حكومة عالمية ، وهكذا يمكن القول أن الاهتمام بالتكامل يعود في جوهره إلى نظرة أخلاقية وقيمية تقوم على بناء نمط من التفاعلات بين دول في إقليم ، يؤدي إلى خلق أنماط جديدة للمجتمعات الإنسانية بطرقة سلمية وعلى درجة عالية من التنظيم ، وعلى هذا الأساس فأن موضوع التكامل والوحدة يستبعد أن تتم العملية من خلال استخدام القوة القهرية أو التهديد باستخدامها ، فالفكرة في الأساس تطورية طوعية تقوم على أساس التوسع السلمي لنطاق القيم المشتركة بين أعضاء الجماعات السياسية المختلفة ، وبذلك تستند إلى الإبعاد التعاونية في الطبيعة الإنسانية وفي العلاقات بين الدول وتعتمد على قوى التعليم والثقافة والتنمية الاقتصادية والتجارة الدولية والتقدم التكنولوجي كي يعزز من إمكانيات السلام الدولي والحريات الإنسانية.[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']هناك عدد من القواسم المشتركة لفكرة التكامل والوحدة ، أهمها: [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ا. أن عملية التكامل لاتسير دائما بخط مستقيم، أنما هي تمثل تعامل مع شروط محلية وإقليمية ودولية بهدف تجاوز العقبات التي تفرزها هذه الشروط، ورغم أن درجة ملائمة هذه الشروط تمثل ضرورة لنجاح التجربة، فأن قدرة النخب الحاكمة والسياسية على التعامل مع هذه الشروط ضرورة لاتقل أهمية ، ومن هنا فأن وجود قيم مشتركة بين هذه النخب التي تؤمن بالتكامل ضرورة لاغنى عنها أيضا لاتقل أهمية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ب .هناك قنوات عديدة عدا الدول تشارك بصورة مباشرة في السياسة التكاملية، فهناك المؤسسات الرسمية التي تتم من خلالها عملية التكامل، وهناك علاقات تقوم بين نخب غير حكومية مثل المنظمات عابرة القوميات والشركات والبنوك.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ج . تتميز العلاقات بين الدول التي تسعى إلى التكامل بدرجة عالية من الاعتماد المتبادل في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وبذلك يختفي موضوع الأمن بمعناه العسكري من قائمة الموضوعات في العلاقات بين الدول ، فالقوة العسكرية لاتستخدم فيما بين الدول في مثل هذه الحالة نظرا لطبيعة التحول السلمي للعملية التكاملية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']د . أن هناك قطاعا قائدا تدور حوله عملية التكامل الإقليمي، وتتركز حوله المؤسسات التي تعمل على توسيع هذا القطاع واستغلال نموه في اتجاه قطاعات أخرى، وفي معظم الأحوال فأن القطاع الاقتصادي يعد أكثر القطاعات كفاءة في هذه العملية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']8. وهناك خمسة مستويات للتكامل في المجال الاقتصادي تتراوح بين أنشاء منطقة للتجارة الحرة عند حدها الأدنى ، وبين أنشاء التكامل الاقتصادي الشامل عند حدها الأقصى وبين ذلك الاتحاد الكمر كي فالسوق المشتركة فالاتحاد الاقتصادي على التوالي.[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']ويمكن تقسيم نظريات التكامل والاندماج الإقليمي إلى نوعين:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ا. الأول ظهر في أطار علم السياسة ، لذا يطلق عليه النظريات السياسية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ب. والثاني ظهر في أطار علم الاقتصاد ويطلق عليه النظريات الاقتصادية.[/FONT]
النظريات السياسية
[FONT='Arial','sans-serif']9. وتقسم إلى أربعة أنواع هي:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']أ‌. [/FONT]النظرية الفدرالية.[FONT='Arial','sans-serif'] وتسعى إلى تطبيق نموذج الدولة الفيدرالية على المستوى الدولي بمعنى قيام الدولة الداخلة في عملية الاندماج بالتخلي عن سيادتها لصالح حكومة فيدرالية، وأن يتم توزيع جديد للسلطات بين الحكومة الفيدرالية والحكومات الاقايمية في المجالات المختلفة ويعطي أنصار هذا الاتجاه الولايات المتحدة الأمريكية كمثال ناجح للدولة الفيدرالية، ووسيلة تحقيق هذا الهدف هي عقد مؤتمر دستوري يضم ممثلين منتخبين لكتابة الدستور الفيدرالي، أو الاتفاق بين الحكومات المختلفة على شكل الفيدرالية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ب‌. [/FONT]النظرية الوظيفية [FONT='Arial','sans-serif']. وترتبط هذه النظرية ب( ديفيد ميتراني) الذي تقوم فكرته على ضرورة الفصل بين الجوانب السياسية والجوانب الوظيفية في عملية الاندماج والتركيز على التكامل الوظيفي في القطاعات الفنية المختلفة والتخلي عن فكرة الاتحاد السياسي، والتصور النهائي يقوم على أنشاء تنظيمات وظيفية دولية وتقوم الدولة بنقل جزء من سيادتها في هذه القطاعات إلى المؤسسات الدولية ، في حين تحتفظ بسيادتها السياسية ولايتم نقلها إلى أي مؤسسة فيدرالية.[/FONT]
ج .النظرية الوظيفية الجديدة[FONT='Arial','sans-serif']. وأهم منظريها هو( أرنست هاس) وقد بدأ هاس بنقد أفكارميتراني ، خاصة أمكانية الفصل بين الأمور السياسية والأمور الفنية بما فيها الاقتصادية ، حيث يقول أن الأمور الفنية عادة ماتصبح كذلك نتيجة القرار السياسي.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] لقد قدم هاس مفهوما جديدا هو مفهوم الانتشار ، لتفسير التداخل بين العملية السياسية والفنية حيث يرى أن التكامل في القطاعات الفنية سوف يؤدي إلى انتشار عملية التكامل بشكل تدريجي إلى مجالات أكبر بما فيها المجال السياسي. ولا تقدم هذه النظرية شكلا نهائيا لعملية التكامل ، لأنها تنظر أليها على أنها عملية مستمرة وذات نهاية مفتوحة ، ولكنها في الوقت نفسه تؤكد أهمية انتشار مؤسسات التكامل بدون تحديد شكل نهائي لهذه المؤسسات ، وتقدم هذه النظرية تعريفا لمفهوم ( فوق القومية) على أنه لايعني نقل سيادة الدولة إلى مستوى فوق مستوى الدولة ، ولكن يعني تجميعا لسيادة الدول المختلفة في مستوى أعلى، تتم ممارسة هذه السيادة بشكل مشترك وليس منفرد من خلال المؤسسات فوق القومية ، وكثيرا ماتستخدم هذه النظرية لتفسير تطورات الاتحاد الأوربي.[/FONT]
د. النظرية الاتصالية[FONT='Arial','sans-serif']. وترتبط بأفكار ( كارل دويتش) وتؤكد أهمـــــــــــية الاتصال بين[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الوحدات الدولية المختلفة كأساس لقيام التكامل ، والهدف النهائي هو أنشاء ما أطلق عليه[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ( مجتمع آمن) والذي يمكن أن يأخذ ثلاثة أشكال:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أولا . مجتمع اللاحرب ، الذي يتوافر فيه الحد الأدنى اللازم لحل المشكلات مــــن دون[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] اللجوء إلى العنف .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ثانيا. المجتمع ألتعددي ، الذي يتضمن أنشاء عدد محدد من المؤســــــــــــسات السياسية[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] المشتركة .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ثالثا. المجتمع التكاملي ، حيث يتم أنشاء مؤسسات مشتركة في قطاعات المجتمع كافة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']وقد قام دويتش بدراسة التفاعلات التي تمت في منطقة شمال الأطلسي من خلال عدد من المؤشرات الاتصالية مثل تبادل البريد ، حركة السياحة، الهجرة، المحادثات الهاتفية، وحجم الصادرات والواردات.وأهم أفكار دويتش ، هي ضرورة وجود أحساس بالانتماء الجماعي ، وهو مايطلق عليه بالثقافة السياسية للتكامل، أي ،أنه من دون توافر مجموعة مشتركة من القيم والمعايير والإحساس بالانتماء يكون من الصعب إضفاء شرعية على مؤسسات التكامل.[/FONT]
النظريات الاقتصادية
[FONT='Arial','sans-serif']10. وهذه النظريات ازدهرت في مرحلة تالية لازدهار النظريات السياسية ، فبعد ان استقرت الجماعة الأوربية في مسارها، وتحقق الهدف الرئيسي من إنشائها وهو منع قيام حرب أوربية جديدة، أصبحت المكاسب الاقتصادية هي الدافع الأساس لتطور عملية التكامل. وفي أطار هذه النظريات يتم تقسيم مستويات الاندماج الاقتصادي إلى ما يلي:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ا. منطقة التجارة الحرة . وتقوم على أساس إزالة الحواجز أمام حركة التجارة بين الدول الأعضاء (الكمارك والحصص) مع احتفاظ كل دولة بحقها في فرض رسوم جمركية خاصة بها تجاه الدول غير الأعضاء.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ب. الاتحاد الكمركي . ويتضمن بالإضافة لتحرير التجارة بين الدول الأعضاء في الاتحاد، فرض تعريفة جمركية مشتركة بين هذه الدول في مواجهة الدول غير الأعضاء.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ج. السوق المشتركة . وتتضمن بالإضافة إلى العنصرين أعلاه ، حرية حركة عناصر الإنتاج الأخرى بين الدول الأعضاء مثل العمل ورأس المال.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']د. الوحدة (الاتحاد) الاقتصادي . وتتضمن بالإضافة إلى كل العناصر السابقة، تنسيق السياسات المالية والاقتصادية وخلق مؤسسات فوق قومية في هذه المجالات تكون قراراتها ملزمة للدول الأعضاء.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']هـ .التكامل الاقتصادي الشامل. وفيها يتم توحيد السياسات والمؤسسات.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ومن هنا يمكن القول ،إن التكامل ، هو عملية التقوية من خلال التميز الذي يفترض[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أمكانية التعاون، والتكامل هو احد مسالك الاندماج.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']11. التعاون، هو الفعل المشترك بين دولتين أو أكثر من اجل المنفعة المتبادلة، وهو نقيض الصراع، ويعني العمل والاستعداد للعمل سوية. وهو أول صور التقارب بين الدول ، على إن التعاون يجب إن يكون متكافئا وهو لايشترط التشابه في المقومات لدى الدول.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] 12 . أن التكامل يسبق الاندماج أذا توافرت المقومات الرئيسية وصولا إلى التوحيد السياسي ، والتكامل يعني خلق حالة من التجانس والتماسك والانسجام بين المؤسسات وعناصر الدولة الرسمية ، وغالبا ما ينصرف المعنى إلى التكامل الاقتصادي.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']شروط التكامل[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']13. أن شروط التكامل هي .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ا. الجوار الجغرافي.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ب. التشابه الاجتماعي.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ج. المشاركة في القيم.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']د. وجود الدولة القائدة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']هـ .العدو الخارجي المشترك.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']و. وجود المنفعة المتبادلة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ز. الايديولوجية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ح.قبول الجماهير.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ط .العلاقة التاريخية (الودية).[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']ك. .الثقة المتبادلة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']نموذج مقارنة[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']مقارنة بين الاتحاد الأوربي وجامعة الدول العربية[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']14. لاجدال إن هذه المقارنة يحفها الكثير من المخاطر نظرا للظروف التاريخية والسياسية والاقتصادية الخاصة بكلا الإقليمين والوحدات المكونة لكل منهما. ويمكن إرجاع كثير من الاختلاف بين التجربتين إلى نمط التطور الذي حدث في كل منهما.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']15. بالنسبة للتجربة الأوربية، فقد حدث التطور بشكل متتال ومتراكم ،إذ نضجت الهوية القومية الخاصة بكل دولة أوربية على حدة خلال القرنين الماضيين وخلال الفترة نفسها أنجزت هذه الدول التحول من مجتمعات زراعية إلى استيعاب الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية وكذلك الثالثة ، مما حولها إلى مجتمعات صناعية بكل ما يعنيه ذلك من تبلور للطبقات الاجتماعية وتغييراتها السياسية والتنظيمية الممثلة في شكل أحزاب ونقابات وجمعيات ، وكذلك فأن هذه الدول قد انتقلت من دول يحكم ملوكها بالحق الإلهي المقدس إلى الشكل الديمقراطي في الحكم، وصفيت آخر مخلفات الديكتاتورية والشمولية ، وخلال ذلك تغير الكثير من قيم المجتمع الأوربي ذاته بحيث أنتقل من غيبيات القرون الوسطى إلى عصور العقل والتنوير ، وأخيرا فأن تجربة التكامل ذاتها لم يكن ممكنا تحقيقها ألا بعد استنفرت كل إمكانيات الصراع الناجم عن محاولة أحدى الدول التفوق على باقي أطراف الإقليم منذ محاولة فرنسا خلال الحروب النابليونية وحتى محاولة ألمانيا في حربها النازية ، وهكذا فأن التجربة التكاملية الأوربية جاءت لكي تتوج مراحل تاريخية تم هضمها واستيعابها على مستوى الدول والإقليم معا.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']16. على العكس من ذلك فان تجربة الوطن العربي تشير إلى إن هذه التطورات ما زالت تحدث فيه بشكل متواز ولس بشكل متتال ، فلا تزال الكثير من الأقطار العربية تعيش مرحلة بناء الدولة، بمعنى انصهار جميع الولاءات العشائرية والقبلية في وحدة سياسية تحصل على ولاء المواطن. كذلك فأنها لاتزال تواجه مشكلة البناء السياسي واستيعاب الثورة الصناعية، هذا فضلا عن مواجهة التحدي الخارجي إلي بدا بمواجهة الاستعمار التقليدي ثم الجديد فضلا عن الهجمة الصهيونية على الوطن العربي واقتطاعها الأرض فلسطين واحتلالها الأراضي عربية أخرى.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']17. وخلال ذلك كله فان المجتمع العربي والمجتمعات القطرية لا تزال تواجه مشكلة تبلور الطبقات الاجتماعية وتعبيراتها السياسية، فضلا عن حل إشكالية التراث والمعاصرة والتنمية والتخلف والعلاقة بين ما هو قطري وما هو قومي. وهكذا فإذا فان التجربة العربية عاشت في الوقت نفسه عدد من التجارب التي تجاوزتها التجربة الأوربية خلال فترة تزيد عن قرنين من الزمان، وزاد عن ذلك إن التجربة العربية التكاملية والتي بدأت بإنشاء الجامعة العربية قد هيمنت عليها قضية الاستقلال والروابط القومي التي استندت إلى عناصر ثقافية ولغوية أكثر من استنادها إلى روابط هيكلية. هذا إضافة إلى إن الدول العربية تعاني من الاقتصاد المتخلف ومن عدم اكتمال تقسيم العمل الاجتماعي بداخلها ومن عدم انفصال الصناعة عن الزراعة، بمعنى أنها لم تنجز بعد عمليات التكامل الداخلية فيها ولم تشكل بعد سوقها الداخلية الواحدة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']18. وعلى الرغم من هذه الفروق الجوهرية بين التجربتين العربية والأوربية، فاغن المحاولة العربية لانجاز التكامل بين الأقطار العربية قد سار بشكل متواز تقريبا من الناحية القانونية لمسار التكامل الأوربي . فقد بدأت الخطوة العربية الأولى بتوقيع معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في أطار الجامعة العربية في 13 نيسان 1950 وهي المعاهدة التي أدت إلى تكوين المجلس الاقتصادي ، ورغم كثرة وتنوع الاتفاقيات التي هدفت إلى تحرير التجارة بين الأقطار العربية ، فأن هذه المحاولات لم تحرز نجاحا يذكر في أنشاء أي من الخطوات المتتابعة في التكامل الاقتصادي.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] 19. ولعل من المفيد ، التعرف على بعض مشكلات التجربة العربية من خلال المقارنة مع التجربة الأوربية ، عن طريق عدد من القضايا المهمة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ا. القومية والإقليمية . ينظر إلـــــى التجربة التكاملية العربيــــة من منظور قومي يربط بين[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']الأقطار العربية الأعضاء في الجامعة العربية ، مما يجعلها بذلك متميزة عن باقي التجارب[/FONT][FONT='Arial','sans-serif']التكاملية. أما في التجربة الأوربية فيستحيل الحديث عن وجود قومية أوربية ولكن يوجد هناك نوع متميز من الهوية الأوربية تعود جذورها إلى الحضارة الإغريقية والرومانية والمسيحية والليبرالية المعاصرة، وقد مثلت هذه الثقافة إضافة إلى عوامل أخرى كانت سببا في أن يكون الهدف والتعبير النهائي لحركة التكامل الأوربي هو أنشاء الولايات المتحدة الأوربية أو ( الاتحاد الأوربي ).[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ب.الاقتصاد والسياسة والأمن . ربطت التجربة التكاملية العربية في أطار الجامعة العربية بين الإبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية والإستراتيجية ، وقد حدث ذلك نتيجة هيمنة فكرة الوحدة السياسية بين العرب (القوميين العرب)، ولذلك لم يكن من الصدفة إن تتجسد أولى خطوات التكامل العربي في توقيع معاهدة الدفاع المشترك. ولكن في ضوء التجربة الأوربية فقد تم الفصل بين هذه الأبعاد الثلاثة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ج .التقدم والتخلف . تنتمي دول الاتحاد الأوربي وأقطار الجامعة العربية إلى مجموعتين من الدول هما الدول المتقدمة وتلك المختلفة أو النامية. إن هذا يعكس نفسه في مدى توافر البنية الأساسية في الدول الإقليمية للتعامل مع موضوع بالغ التعقيد مثل التكامل ، الذي يفترض إلى توافر لدى كل دولة الأجهزة والكوادر الفنية اللازمة لفحص ودراسة المشاريع التكاملية ومن ثم فان الأقطار العربية تشكو من ضعف مستوى التمثيل وعدم توافر الخبرة والقدرة على توفير المعلومات والإحصائيات اللازمة، مما ينعكس سلبا على عملية التكامل.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] د. المؤسسات : إن العمل التكاملي العربي قد جاء متوازيا مع التجربة الأوربية ورغم ذلك فقد كان الفارق في الانجازات بينها كبيرا ، ويعود ذلك في قسم منه إلى الضعف المؤسسات العربية مقارنة بتلك الأوربية:[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] أولا. في لوقت الذي يوجد فيه عدد من المؤسسات في الاتحاد الأوربي تتمتع بالصــــــفة[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] (فوق القومية) فانه لايوجد لها نظير مماثل في الجامعة العربية.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ثانيا. اعترف الاتحاد الأوربي بالتمايزات بين الدول الأعضاء سواء من حيث السكان أو نصيبها في التمويل ، وهذا أدى إلى إعطاء كل منها أصوات (موزونة) في مؤسسات الاتحاد. في المقابل فان الجامعة العربية قد اتبعت أسلوب المساواة بين الأقطار الأعضاء فأصبح لكل عضو في الجامعة صوتا واحدا، إضافة إلى إتباعها قاعدة الإجماع والتزام القطر فقط بما يوافق عليه.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] ثالثا. تأثرت التجربة الأوربية بالفكر الليبرالي الذي يســــــــتند إلى القانون والفصل بين[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] السلطات والرقابة الشعبية. إما بالنسبة إلى الجامعة العربية فان معظم أقطارها يفتقد[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] إلى ذلك.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] رابعا. يفتقد العمل العربي إلى المركزية وتميز بقدر كبير من التشتت وانعدام التنسيق ، [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] على العكس من الهيئة الأوربية التي مثلت الأداة المركزية والعمل المنسق لكل [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الاتحاد الأوربي .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] خامسا. الاتحاد الأوربي يركز على التحضير الجيد في العمل وانعقاد مؤسساته بصورة دورية ومتكاملة ومنتظمة، إما في الجامعة العربية فان كثير من القرارات تتخذ دون إعداد جيد مع اتخاذ القرارات حين يكون هناك موقف سياسي يستلزم بعضا من سد حاجة استهلاك الجماهير.[/FONT]

[FONT='Arial','sans-serif']الخاتمة [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']20. أصبح ولاء الإنسان لدولته القومية سمة رئيسية من ســــــمات عالمنا ، ولكن اكتمال وجود[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] الدولة القومية لم يعني نهاية التطور البشري ، فأن الاتجاه نحو مجتمعات بشرية أوســـــــع [/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif'] وأعقد ظل مستمرا.لاتزال الكثير من الأقطار العربية تعيش مرحلة بناء الدولة، بمعنى [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']انصهار جميع الولاءات العشائرية والقبلية في وحدة سياسية تحصل على ولاء المواطن.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']22.لقد نضجت الهوية القومية الخاصة بكل دولة أوربية على حدة خلال القرنين الماضيين وخلال الفترة نفسها أنجزت هذه الدول التحول من مجتمعات زراعية إلى استيعاب الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية وكذلك الثالثة ، مما حولها إلى مجتمعات صناعية بكل ما يعنيه ذلك من تبلور للطبقات الاجتماعية وتغييراتها السياسية والتنظيمية الممثلة في شكل أحزاب ونقابات وجمعيات . [/FONT]

[FONT='Arial','sans-serif']المصادر[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']1. [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']د. إسماعيل صبري مقلد / موسوعة العلوم السياسية .[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']2. [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']د. عبد المنعم سعيد /الجماعة الأوربية ..تجربة التكامل والوحدة.[/FONT]
[FONT='Arial','sans-serif']3. [/FONT][FONT='Arial','sans-serif']د. محمد مصطفى كمال / صنع القرار في التحاد الأوربي.[/FONT]
 
عودة
أعلى