أزمة عرب الأحواز تطل برأسها لمناكفة الاستفزاز الإيراني
صلاح الأحوازي يؤكد أنه تقدم بطلب رسمي للأمين العام للجامعة العربية للمطالبة بمقعد يمثلهم فيها، ويعتبر إفشال المشروع الإيراني في المنطقة يبدأ بتحرير الأحواز.
العرب
محمد وديع [نُشر في 27/03/2015، العدد: 9869، ص(12)]
نهر كارون، أهم روافد مجرى دجلة التي قامت إيران بتغيير مساراتها من الأحواز إلى اصفهان
القاهرة - في ظل التوسع الإيراني في المنطقة العربية، بدأت قضية الأحواز تطل برأسها من جديد لمناكفة طهران، والتأكيد على أن طريقتها في العبث بأمن بعض الدول العربية والتدخل في شؤونها عن طريق إذكاء وتوظيف البعد الطائفي، يمكن أن تعاني منها إيران في الفترة المقبلة، إذا جرى تمديد خطوط سياسية مباشرة مع الشعب الأحوازي.
وصل إلى القاهرة قبل أيام وفد من عرب الأحواز، بقيادة صلاح الأحوازي نائب رئيس المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم)، وأمين عام الجبهة الديمقراطية الأحوازية، للمطالبة بمقعد يمثلهم في الجامعة العربية.
وتقدّم الوفد بطلب رسمي للأمين العام للجامعة العربية بهذا الخصوص، كما أوصل طلبا مماثلا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بصفته رئيسا للدورة الجديدة للجامعة.
وقال صلاح، المعروف بـ “أبوشريف الأحوازي”، لـ “العرب” إن المنظمة التي يمثلها مقرها كندا، ولها مكاتب في عدة دول، وأعلن عن تأسسيها في مصر عام 2010، ولديها ممثلون في أوروبا وأميركا الشمالية وبعض الدول العربية والعواصم العالمية.
ونوه الأحوازي إلى أن الهدف من إنشاء المنظمة الدفاع عن القضية الوطنية الأحوازية، وجمع كل حركات التحرر الأحوازية تحت مظلة واحدة، لكسب شرعية دولية وإقليمية وبالتحديد عربية، للوصول لتحرير إقليم الأحواز عبر الوسائل القانونية.
وشدد الأحوازي، في حواره مع “العرب”، بالقاهرة أن الاسم التاريخي للإقليم هو الأحواز، وليس الأهواز كما تدعي إيران، التي تمكّنت عبر وسائل غير مشروعة أن تروج لهذه الكلمة (الأهواز) كي تبعد عن المعنى الحقيقي للإقليم. واعتمدت سياسة تدمير التاريخ الأحوازي منذ فترة طويلة، وتعمدت تغيير الاسم، لأن له دلالة قوية على الهوية العربية، وتبنت الاسم الثاني وروجت له عبر مترجمين وكتاب في مجالات مختلفة.
وأضاف أن طهران اتبعت سياسة ممنهجة لمحو أسماء المدن والقرى الأحوازية، حتى المواليد تم فرض أسماء معينة بعيدة تماما عن الأسماء العربية، وعندما يراجع الأحوازي أي سفارة لإيران في الخارج يجد أن هناك قائمة للأسماء، على المواطنين الأحواز أن يختاروا منها فقط.
وهذا الإجراء الهدف منه توحيد ما يسمى بجغرافية إيران، وفرض هوية معينة على المكونات الأخرى، غير الفارسية بعد الاحتلال الذي تم للأراضي الأحوازية منذ عام 1925 وبدء سياسة التطهير العرقي، وكانت هذه السياسة تستلزم تغيير الهوية العربية للأحواز.
12 مليون عربي أحوازي يعانون من العزلة ويمنعون من الأسماء العربية والاحتفال بالأعياد والمناسبات
وتمارس السلطات الإيرانية تعتيما كبيرا على ما يجري داخل الأراضي الإيرانية الممتدة على مساحة 1648 ألف كم². وقد جعلتها هذه السياسة من بين أكثر دول العالم تجاهلا للأقليات وقمعا لحريات الفئات غير الفارسية، حيث تسلّط عليهم يد الحرس الثوري الطولى أينما وجدوا من شمال البلاد، حيث الحدود الإيرانية مع تركمانستان وأذربيجان، إلى الغرب المضطرب مع العراق وتركيا، فالشرق حيث تطل على أفغانستان وباكستان.
وأوضح الناشط الأحوازي أن إيران عملت على محو الهوية العربية ظنا منها أن هذه الممارسات تمكنها من محو وجود الشعب العربي الأحوازي، لكنها بالتأكيد فشلت وستفشل في المستقبل، طالما أن هناك دولا عربية تساند العرب الأحواز.
وانتقد صلاح الأحوازي لقاء بعض الحكومات العربية بالمعارضة الإيرانية، مثل مريم رجوي، ممثل منظمة مجاهدي خلق، وفتح الأبواب أمامها، مقابل عدم اللقاء مع المعارضة العربية، الممثلة في الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، مضيفا لو تم استقبال قيادات الجبهة من قبل أي دولة عربية بشكل رسمي وعلني كممثلين للمنظمة لاحتفل شعبنا وقام بمظاهرات في أماكن متعددة تأييدا لهذه الدول.
الأحواز متنفس إيران
القضية الأحوازية، باتت اليوم تشكّل تهديدا كبيرا لإيران، باعتبارها قنبلة موقوتة، سيؤدّي انفجارها إلى فقدان طهران منجم ذهب لا يقدّر بثمن. فإقليم الأحواز يحده من الغرب العراق ومن الجنوب الخليج العربي وبحر عمان من الشرق ومن الشمال إيران بحدود جبال زاغروس.
تزخر هذه الأرض بمواد خام وبالمياه، وتتميز بموقع جغرافي يزيد من صعوبة القضية وتعقيدها. فالأحواز تشكّل من الناحية الاستراتيجية مفتاح الضعف والقوة بالنسبة إلى إيران، وهي في نفس الوقت تشكّل بالنسبة إلى العراق والخليج العربي السدّ المنيع في وجه الأطماع الإيرانية.
عن الاختلاف الجغرافي الطبيعي بين الأحواز وفارس يقول الرحّالة السير أرنولد ويلسن في كتابه “جنوب غرب فارس“: إن الأحواز تختلف عن إيران اختلاف ألمانيا عن أسبانيا، إذ أن إيران عبارة عن هضبة تحيط بها حافات من السلاسل الجبلية الضخمة وتفصلها عن الخارج من جميع جهاتها تقريبا ولا سيما الجهة المحاذية للأحواز التي تتكون من عدد من السلاسل المتصلة شاهقة الارتفاع والتي ليس فيها ممرات سهلة الاجتياز بل تتخللها وديان ضيقة تنحدر بشدة نحو سفوحها.
في ذات السياق يوضّح الرحالة كريستين نيبور، الذي زار الأحواز في عام 1772: أن العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل البحرية للقسم الشرقي من الخليج العربي ويستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب موطنهم على الساحل.
حول دلالات زيارة وفد من الأحواز للقاهرة في هذا التوقيت، قال صلاح الأحوازي: جئنا لتسليم عدة رسائل للأمين العام للجامعة العربية والرئيس السيسي، للمطالبة بمقعد في الجامعة العربية، كما سلمنا رسائل لمكاتب شيخ الأزهر ودار الإفتاء المصرية ونقابة الأشراف ونقابة الصحفيين تؤكد على تمسك شعب الأحواز بعروبته.
كما التقى الوفد عددا من قيادات الأحزاب المصرية، مثل حزب التجمع ورموز من التيار الناصري وحزب الجبهة الشعبية، وعقدوا لقاءات مع شخصيات مختلفة، لعرض قضيتهم على القوى السياسية المؤثرة في مصر.
وتوقف الأحوازي عند الممارسات الفاشية منذ سيطرة إيران على الأحواز واتباع سياسة تهجير العرب إلى المدن الفارسية وإلى خارج الإقليم ومصادرة الأراضي والتغيير الديموغرافي لمئات الآلاف من الشعب ونهب ثروات السكان الأصليين.
وفي تقديره نهبت إيران منذ عام 1925 النفط الأحوازي والكثير من الثروات الطبيعية، وكان الإقليم أول منطقة عربية تم اكتشاف النفط فيه عام 1908، وتصديره بالاتفاق مع البريطانيين عام 1911. وقال “حتى هذه اللحظة إيران تنهب وتسرق دون أي مبرر شرعي لثروات الشعب الأحوازي”.
وسرد جانبا من المعاناة التي تعرض (ولا يزال) لها أبناء الأحواز على يد إيران قائلا: السلطات الإيرانية تمنع التحدث بالعربية وتغلق المدارس وترفض أن تكون هناك مكتبة عربية واحدة في الأحواز كله، وكانت أوقفت دخول أي صحف تأتي من الدول العربية، واعتبرت كل تنظيم أحوازي ممنوع من العمل في الأراضي العربية المحتلة، وغالبية الأحوازيين مطاردون ومتهمون بمحاربة الدولة.
وشدد على أن عودة الحق تعني السلام للعالم العربي، حيث أنهم أصحاب حق تاريخي ودماؤهم سقطت على أرض الأحواز لعدة قرون، ومنذ فترة طويلة وهم جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، ومجموع سكان الإقليم نحو 12 مليون نسمة، والمساحة تبلغ 375 ألف كم مربع، ولهم حق قانوني في إقامة دولتهم.
وقال أبوشريف الأحوازي إنهم دفعوا بمطالبهم للأمم المتحدة وهيئات دولية مختلفة، ولهم وفود في جنيف حضروا اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الدولي، وجاء وفد منهم للقاهرة للحصول على موافقة لتمثيل الأحواز في القمة العربية، وكلها محاولات لعرض القضية الأحوازية وفضح التصرفات القمعية، التي تمارس ضد الشعب العربي الأحوازي، لافتا إلى أن هناك تواصلا مع الاتحاد الأوروبي والعديد من برلمانات الدول الأوروبية، وهناك توسع في شرح القضية.
صلاح الأحوازي: "جئنا إلى القاهرة للمطالبة بمقعد يمثلنا في الجامعة العربية، وسلمنا رسائل لجهات مصرية كثيرة"
وطالب صلاح الأحوازي الدول العربية أن تقوم بواجبها القومي وتدعم هذه القضية، من منطلق أنها جزء من الأمن القومي العربي، لأن احتلال الأحواز شجع إيران على التوسع في لبنان والعراق واليمن وسوريا، إضافة لسعيها إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر، عبر رغبتها في السيطرة على مضيق باب المندب.
وطالب أمين عام الجبهة الديمقراطية الأحوازية الدول العربية بموقف موحد ومشترك تجاه قضية عرب الأحواز، لإفشال المشروع الإيراني في المنطقة.
وانتقد صلاح الأحوازي عدم وجود مشروع عربي يقاوم ويتصدى للتوسع الإيراني الواضح، مؤكدا أن الأحوازيين يعرفون سلطات الاحتلال الإيراني أكثر من غيرهم، ويعلمون جيدا حقدهم على العرب، والنهج الذي يمارسونه تجاه كثير من الدول العربية، من أجل تنفيذ مشروعهم الوهمي المتخفي في زي طائفي ومذهبي.
وأكد أبوشريف الأحوازي أنهم على استعداد للتطوع والانضمام للقوة العربية المشتركة المنتظرة، والمساهمة في أي قوة للدفاع عن الوطن العربي، مشددا على ضرورة نقل المعركة من العواصم العربية إلى داخل طهران وعلى مشارف أبوابها، بدلا من دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت.
وكانت قضية الأحواز أدرجت في جدول أعمال مؤتمر القمة العربية الأول المنعقد في القاهرة في عام 1964. ومن بين القرارات التي خرجت بها القمّة إدراج قضية الشعب الأحوازي العربي في المناهج المدرسية العربية وفي برامج الإعلام. وذلك لتسليط الضوء على الاضطهاد الذي يتعرّض له العرب – سنّة وشيعة - في هذه المنطقة، حيث يمنعون منعا باتّا من التحدّث باللغة العربية أو التعامل بها في المدارس والمؤسسات، واللغة الفارسية هي اللغة الرسمية المتداولة.
صلاح الأحوازي يؤكد أنه تقدم بطلب رسمي للأمين العام للجامعة العربية للمطالبة بمقعد يمثلهم فيها، ويعتبر إفشال المشروع الإيراني في المنطقة يبدأ بتحرير الأحواز.
العرب
نهر كارون، أهم روافد مجرى دجلة التي قامت إيران بتغيير مساراتها من الأحواز إلى اصفهان
القاهرة - في ظل التوسع الإيراني في المنطقة العربية، بدأت قضية الأحواز تطل برأسها من جديد لمناكفة طهران، والتأكيد على أن طريقتها في العبث بأمن بعض الدول العربية والتدخل في شؤونها عن طريق إذكاء وتوظيف البعد الطائفي، يمكن أن تعاني منها إيران في الفترة المقبلة، إذا جرى تمديد خطوط سياسية مباشرة مع الشعب الأحوازي.
وصل إلى القاهرة قبل أيام وفد من عرب الأحواز، بقيادة صلاح الأحوازي نائب رئيس المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم)، وأمين عام الجبهة الديمقراطية الأحوازية، للمطالبة بمقعد يمثلهم في الجامعة العربية.
وتقدّم الوفد بطلب رسمي للأمين العام للجامعة العربية بهذا الخصوص، كما أوصل طلبا مماثلا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بصفته رئيسا للدورة الجديدة للجامعة.
وقال صلاح، المعروف بـ “أبوشريف الأحوازي”، لـ “العرب” إن المنظمة التي يمثلها مقرها كندا، ولها مكاتب في عدة دول، وأعلن عن تأسسيها في مصر عام 2010، ولديها ممثلون في أوروبا وأميركا الشمالية وبعض الدول العربية والعواصم العالمية.
ونوه الأحوازي إلى أن الهدف من إنشاء المنظمة الدفاع عن القضية الوطنية الأحوازية، وجمع كل حركات التحرر الأحوازية تحت مظلة واحدة، لكسب شرعية دولية وإقليمية وبالتحديد عربية، للوصول لتحرير إقليم الأحواز عبر الوسائل القانونية.
وشدد الأحوازي، في حواره مع “العرب”، بالقاهرة أن الاسم التاريخي للإقليم هو الأحواز، وليس الأهواز كما تدعي إيران، التي تمكّنت عبر وسائل غير مشروعة أن تروج لهذه الكلمة (الأهواز) كي تبعد عن المعنى الحقيقي للإقليم. واعتمدت سياسة تدمير التاريخ الأحوازي منذ فترة طويلة، وتعمدت تغيير الاسم، لأن له دلالة قوية على الهوية العربية، وتبنت الاسم الثاني وروجت له عبر مترجمين وكتاب في مجالات مختلفة.
وأضاف أن طهران اتبعت سياسة ممنهجة لمحو أسماء المدن والقرى الأحوازية، حتى المواليد تم فرض أسماء معينة بعيدة تماما عن الأسماء العربية، وعندما يراجع الأحوازي أي سفارة لإيران في الخارج يجد أن هناك قائمة للأسماء، على المواطنين الأحواز أن يختاروا منها فقط.
وهذا الإجراء الهدف منه توحيد ما يسمى بجغرافية إيران، وفرض هوية معينة على المكونات الأخرى، غير الفارسية بعد الاحتلال الذي تم للأراضي الأحوازية منذ عام 1925 وبدء سياسة التطهير العرقي، وكانت هذه السياسة تستلزم تغيير الهوية العربية للأحواز.
12 مليون عربي أحوازي يعانون من العزلة ويمنعون من الأسماء العربية والاحتفال بالأعياد والمناسبات
وتمارس السلطات الإيرانية تعتيما كبيرا على ما يجري داخل الأراضي الإيرانية الممتدة على مساحة 1648 ألف كم². وقد جعلتها هذه السياسة من بين أكثر دول العالم تجاهلا للأقليات وقمعا لحريات الفئات غير الفارسية، حيث تسلّط عليهم يد الحرس الثوري الطولى أينما وجدوا من شمال البلاد، حيث الحدود الإيرانية مع تركمانستان وأذربيجان، إلى الغرب المضطرب مع العراق وتركيا، فالشرق حيث تطل على أفغانستان وباكستان.
وأوضح الناشط الأحوازي أن إيران عملت على محو الهوية العربية ظنا منها أن هذه الممارسات تمكنها من محو وجود الشعب العربي الأحوازي، لكنها بالتأكيد فشلت وستفشل في المستقبل، طالما أن هناك دولا عربية تساند العرب الأحواز.
وانتقد صلاح الأحوازي لقاء بعض الحكومات العربية بالمعارضة الإيرانية، مثل مريم رجوي، ممثل منظمة مجاهدي خلق، وفتح الأبواب أمامها، مقابل عدم اللقاء مع المعارضة العربية، الممثلة في الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، مضيفا لو تم استقبال قيادات الجبهة من قبل أي دولة عربية بشكل رسمي وعلني كممثلين للمنظمة لاحتفل شعبنا وقام بمظاهرات في أماكن متعددة تأييدا لهذه الدول.
الأحواز متنفس إيران
القضية الأحوازية، باتت اليوم تشكّل تهديدا كبيرا لإيران، باعتبارها قنبلة موقوتة، سيؤدّي انفجارها إلى فقدان طهران منجم ذهب لا يقدّر بثمن. فإقليم الأحواز يحده من الغرب العراق ومن الجنوب الخليج العربي وبحر عمان من الشرق ومن الشمال إيران بحدود جبال زاغروس.
تزخر هذه الأرض بمواد خام وبالمياه، وتتميز بموقع جغرافي يزيد من صعوبة القضية وتعقيدها. فالأحواز تشكّل من الناحية الاستراتيجية مفتاح الضعف والقوة بالنسبة إلى إيران، وهي في نفس الوقت تشكّل بالنسبة إلى العراق والخليج العربي السدّ المنيع في وجه الأطماع الإيرانية.
عن الاختلاف الجغرافي الطبيعي بين الأحواز وفارس يقول الرحّالة السير أرنولد ويلسن في كتابه “جنوب غرب فارس“: إن الأحواز تختلف عن إيران اختلاف ألمانيا عن أسبانيا، إذ أن إيران عبارة عن هضبة تحيط بها حافات من السلاسل الجبلية الضخمة وتفصلها عن الخارج من جميع جهاتها تقريبا ولا سيما الجهة المحاذية للأحواز التي تتكون من عدد من السلاسل المتصلة شاهقة الارتفاع والتي ليس فيها ممرات سهلة الاجتياز بل تتخللها وديان ضيقة تنحدر بشدة نحو سفوحها.
في ذات السياق يوضّح الرحالة كريستين نيبور، الذي زار الأحواز في عام 1772: أن العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل البحرية للقسم الشرقي من الخليج العربي ويستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب موطنهم على الساحل.
حول دلالات زيارة وفد من الأحواز للقاهرة في هذا التوقيت، قال صلاح الأحوازي: جئنا لتسليم عدة رسائل للأمين العام للجامعة العربية والرئيس السيسي، للمطالبة بمقعد في الجامعة العربية، كما سلمنا رسائل لمكاتب شيخ الأزهر ودار الإفتاء المصرية ونقابة الأشراف ونقابة الصحفيين تؤكد على تمسك شعب الأحواز بعروبته.
كما التقى الوفد عددا من قيادات الأحزاب المصرية، مثل حزب التجمع ورموز من التيار الناصري وحزب الجبهة الشعبية، وعقدوا لقاءات مع شخصيات مختلفة، لعرض قضيتهم على القوى السياسية المؤثرة في مصر.
وتوقف الأحوازي عند الممارسات الفاشية منذ سيطرة إيران على الأحواز واتباع سياسة تهجير العرب إلى المدن الفارسية وإلى خارج الإقليم ومصادرة الأراضي والتغيير الديموغرافي لمئات الآلاف من الشعب ونهب ثروات السكان الأصليين.
وفي تقديره نهبت إيران منذ عام 1925 النفط الأحوازي والكثير من الثروات الطبيعية، وكان الإقليم أول منطقة عربية تم اكتشاف النفط فيه عام 1908، وتصديره بالاتفاق مع البريطانيين عام 1911. وقال “حتى هذه اللحظة إيران تنهب وتسرق دون أي مبرر شرعي لثروات الشعب الأحوازي”.
وسرد جانبا من المعاناة التي تعرض (ولا يزال) لها أبناء الأحواز على يد إيران قائلا: السلطات الإيرانية تمنع التحدث بالعربية وتغلق المدارس وترفض أن تكون هناك مكتبة عربية واحدة في الأحواز كله، وكانت أوقفت دخول أي صحف تأتي من الدول العربية، واعتبرت كل تنظيم أحوازي ممنوع من العمل في الأراضي العربية المحتلة، وغالبية الأحوازيين مطاردون ومتهمون بمحاربة الدولة.
وشدد على أن عودة الحق تعني السلام للعالم العربي، حيث أنهم أصحاب حق تاريخي ودماؤهم سقطت على أرض الأحواز لعدة قرون، ومنذ فترة طويلة وهم جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، ومجموع سكان الإقليم نحو 12 مليون نسمة، والمساحة تبلغ 375 ألف كم مربع، ولهم حق قانوني في إقامة دولتهم.
وقال أبوشريف الأحوازي إنهم دفعوا بمطالبهم للأمم المتحدة وهيئات دولية مختلفة، ولهم وفود في جنيف حضروا اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الدولي، وجاء وفد منهم للقاهرة للحصول على موافقة لتمثيل الأحواز في القمة العربية، وكلها محاولات لعرض القضية الأحوازية وفضح التصرفات القمعية، التي تمارس ضد الشعب العربي الأحوازي، لافتا إلى أن هناك تواصلا مع الاتحاد الأوروبي والعديد من برلمانات الدول الأوروبية، وهناك توسع في شرح القضية.
صلاح الأحوازي: "جئنا إلى القاهرة للمطالبة بمقعد يمثلنا في الجامعة العربية، وسلمنا رسائل لجهات مصرية كثيرة"
وطالب صلاح الأحوازي الدول العربية أن تقوم بواجبها القومي وتدعم هذه القضية، من منطلق أنها جزء من الأمن القومي العربي، لأن احتلال الأحواز شجع إيران على التوسع في لبنان والعراق واليمن وسوريا، إضافة لسعيها إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر، عبر رغبتها في السيطرة على مضيق باب المندب.
وطالب أمين عام الجبهة الديمقراطية الأحوازية الدول العربية بموقف موحد ومشترك تجاه قضية عرب الأحواز، لإفشال المشروع الإيراني في المنطقة.
وانتقد صلاح الأحوازي عدم وجود مشروع عربي يقاوم ويتصدى للتوسع الإيراني الواضح، مؤكدا أن الأحوازيين يعرفون سلطات الاحتلال الإيراني أكثر من غيرهم، ويعلمون جيدا حقدهم على العرب، والنهج الذي يمارسونه تجاه كثير من الدول العربية، من أجل تنفيذ مشروعهم الوهمي المتخفي في زي طائفي ومذهبي.
وأكد أبوشريف الأحوازي أنهم على استعداد للتطوع والانضمام للقوة العربية المشتركة المنتظرة، والمساهمة في أي قوة للدفاع عن الوطن العربي، مشددا على ضرورة نقل المعركة من العواصم العربية إلى داخل طهران وعلى مشارف أبوابها، بدلا من دمشق وصنعاء وبغداد وبيروت.
وكانت قضية الأحواز أدرجت في جدول أعمال مؤتمر القمة العربية الأول المنعقد في القاهرة في عام 1964. ومن بين القرارات التي خرجت بها القمّة إدراج قضية الشعب الأحوازي العربي في المناهج المدرسية العربية وفي برامج الإعلام. وذلك لتسليط الضوء على الاضطهاد الذي يتعرّض له العرب – سنّة وشيعة - في هذه المنطقة، حيث يمنعون منعا باتّا من التحدّث باللغة العربية أو التعامل بها في المدارس والمؤسسات، واللغة الفارسية هي اللغة الرسمية المتداولة.