"ابتلاع الشركات".. إليك أهم صفقات الاستحواذ العالمية لعام 2017

YOOBA

عضو مميز
إنضم
3 أغسطس 2016
المشاركات
1,703
التفاعل
6,056 0 0
miscellaneous;ord=19876192847.902985;dc_seg=453467561








424

250

عماد أبو الفتوح
محرر





هل إلى خروج من سبيل؟ ربما هذا هو السؤال الأوحد الذي يفكـر فيه كل رائد أعمال مؤسس لشركة ناشئة مهما كان نوعها، حتى إذا تظاهر في مرحلة ما بأنه لا يهتم كثيراً بطرحه أو التفكير فيه. فما نهاية كل هذا؟ ما مصير هذه الشركة الناشئة في سوق مزدحم لا يهدأ تظهر فيه شركات جديدة كل يوم، وعناصر لعب جديدة تظهر في كل يوم ومعايير مختلفة كل حين، قد تجعل الجالسين على القمة يهوون فجأة إلى القاع، أو العكس.




في الغالب، تكون إجابة هذا السؤال ثلاثة خيارات، الأول: أن تحقق الشركة إيرادات مالية سائلة كافية لجعلها تستمر في السوق بشكل تصاعدي، وتوفر حياة كريمة لمؤسسيها. الخيار الثاني: أن تتحول أسهم الشركة إلى سيولة نقدية ببيعها أو طرحها في سوق الأسهم. أما الخيار الثالث، الذي يبدو دائماً الهدف الأسمى والمُنقذ لروّاد الأعمال الطامحين، فهو أن يتم الاستحواذ على الشركة بواسطة مؤسسات كبرى، وبالتالي تضمن بقاءها تحت مظلة شركة أخرى بإمكانيات أفضل وفرص أكبر.



في هذا التقرير نسلط الضوء على الخيار الثالث، باستعراض مجموعة من أهم عمليـات الاستحواذ التي وقعت في 2017 على الساحة العالمية، قامت خلالها شركات كبيـرة بـ"ابتلاع" شركات ريادية ناشئة بصفقـات كبـرى تتراوح أصفارها ما بين الثمانية والتسعة، تمثّل صفقات "فوز" متبادلة لكلا الطرفين؛ الشركات الكبيرة المُستحوذة تضمن المزيد من التطوّر والشركات الناشئة المُستحوَذ عليها تضمن البقاء.



سيسكـو تحلّق فوق السحاب
63872445-90be-4006-9d41-585b9b006245



تعدّ هذه الصفقـة من أكبر صفقات الاستحواذ التي شهدتها الشركات الناشئة عالمياً في 2017. شركة "آب دايناميكس " (AppDynamics) هي شركة ناشئة تأسست في 2008 كشركة تقدم المعلومات والحلول التقنية حول آداء التطبيقـات في الخدمات السحابية. منذ تأسيسها حازت الشركة على 5 جولات تمويلية بإجمالي 206 ملايين دولار، واحتلت الشركة المركز التاسع في قائمة "فوربس" العالمية لأفضل 100 شركة سحابية ناشئة.



في ينـاير 2017، أعلنت شركة "سيسكـ" العملاقة أنها بصدد الاستحواذ بالكامل على شركة "AppDynamics" مقابل 3.7 مليـارات دولار، قبل أيام معدودة من طرح أسهم الشركة الناشئة في الاكتتاب العام لسوق الأسهم. وتعدّ هذه الخطوة في نظر المحللين مؤشراً واضحاً على استمرار استراتيجية شركة "سيسكـو" الجديدة في التوسّع بكيفية أكبر في سوق البرمجيـات السحابية، انطـلاقاً من قاعدتها الكبيـرة التي كوّنتها في عالم الأجهزة.



وفي مارس/آذار من العالم نفسه، تم الإعلان عن اكتمال استحواذ "سيسكو" على "آب دايناميكس"، ثم أتبعتها في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه بضّم شركة "بيرسبيكا" (Perspica) الناشئة لتعليم الآلة "Machine Learning" إلى امبراطوريتها لتوفير الدعم لـ"آب ديناميكس" في المجال السحابي. ثم في الشهـر نفسه (أكتوبر) أعلنت "سيسكو" أنها توصلت إلى اتفاق للاستحواذ الكامل على شركة "برود سوفت" (Broadsoft) الشهيرة المتخصصة في البرمجة السحـابية بصفقة قدرها مليـار و900 مليون دولار. الخلاصة أن هذا العام تحديداً شهد اندفاعاً كبيراً لـ"سيسكو" نحو عالم البرمجة السحـابية، بهدف فتـح مساحات جديدة لها في هذا المجال. (1، 2، 3، 4، 5،6)



"أبل" تستحـوذ على "شازام"
f4bb2494-ee30-4857-ace9-e31e38e1b688



في ديسمبر/كانون الأول 2017، تم الإعلان عن استحواذ شركة "أبل" الأميريكية العملاقة على شركة "شازام" (Shazam) البريطانية اللندنية، التي تطوّر التطبيق الشهيـر الذي يقوم بالاستماع والتعرف على الأغاني والبرامج التلفزيونية والأفلام والإعلانات خلال ثوانٍ معدودة. وبلغت قيمة الصفقـة حوالي 400 مليون دولار وفق تقديرات إعلامية مختلفة.



واعتبر تطبيق "شازام" واحداً من أكثر التطبيقات انتشاراً على الإطلاق على متجر "أبل"، ما جعل صفقة استحواذ "أبل" عليه مؤشراً واضحاً على رغبة الشركة الاميريكية في الاستفادة من التقنية التي يقدمها التطبيق لتطوير المزيد من التطبيقات الموسيقية التي تطوّرها "أبل" وتعتبر أنها من قمة أولوياتها لجذب المستخدمين لها، على رأسها تطبيق أبل "ميوزيك"، إذ يساعده "شازام" في تحسين الخدمة، وبالتالي إشعال المنافسة مع تطبيق "Spotify" الموسيقي الأشهر في العالم.



رغم أن قيمة "Shazam" وصلت إلى مليار دولار بعد الجولة التمويلية الأخيرة، فإن الشركة رحّبت بالصفقة مع "أبل" بمبلغ 400 مليون دولار بسبب مواجهتها صعوبات في إيجاد نموذج عمل قوي خلال السنوات الأخيرة، إذ حققت عائدات قدرها 54 مليون دولار فقط في نهاية 2016، ما جعل صفقة "أبل" بالنسبة إليها بمثابة إحياء للمشروع الذي يعاني من عائدات منخفضة. (7، 8، 9)



"أتلاسيان" تستحوذ على "تريللـو"
57605ca0-9360-4a3d-9a13-396fd767f77f



في مطلع 2017، وبالتحديد في التاسع من يناير/كانون الثـاني، تم الإعلان عن صفقـة استحواذ شركة "أتلاسيـان" (Atlassian) الأستراليـة العالمية المتخصصة في تطوير منتجات البرمجيـات وإدارة الأعمال على شركة " تريللو" (Trello) الأمـريكية الناشئة بقيمة تقدر بـ425 مليون دولار، وهي صفقـة أكدت سعي الشركة الأسترالية إلى المنافسة بصورة أكبر في مجال برمجيات إدارة الشركات وبيئات الأعمال.



ويعدّ اسم "تريللو" (Trello) من أكثر المنصات شهـرة بين قطاعات واسعة من الموظفين حول العالم، خصوصاً العاملين المستقلين عن بُعد، إذ يقدم منصّة إدارة أعمال ومهام نموذجية تساعد فرق الأعمال والمدراء والتنفيذيين في التنسيق بكيفية أكثر كفاءة للتخطيط والتنفيذ للمهام المطلوبة. تأسست الشركة في 2011، واستطاعت الوصول بعد خمس سنوات إلى أكثر من 14 مليون مسجّل مستخدم حول العالم وحوالي مليون مستخدم نشط يومياً، وفقاً لما أعلنته الشركة في منتصف 2016. (10، 11، 12، 13)



"بايتيدانس" الصينية تستحوذ على "ميوزيكال لي"
a79acf1d-64ff-41e5-a625-8efe211ed5a2



منذ تأسيسه في 2014، استطاع تطبيق "ميوزيكال لي" (Musical.ly) الصيني الشهيـر المتخصص في تصوير الأغاني بشكل متزامن مع الشفــاه، أن يحصد نجاحاً هائلاً حول العالم، خصوصاً بين شريحة المراهقين في الولايات المتحدة وأوروبا والصين. هذه الشهـرة الكبيرة التي حققها التطبيق -رغم الصعوبات التي واجهها في بداية تأسيسه -جعـلت شركة "بايتيدانس" (Bytedance) الصينية العمـلاقة المتخصصة في مجال التقنية والإعلام تتقدم بعرض استحواذ على التطبيق وصلت قيمته إلى مليـار دولار.



وأقدمت الشركة الصينية "بايتينداس"، التي تدير شركة "Toutiao"، أكبر شركة صينية في مجال المحتوى المدعوم بالذكاء الصنـاعي والتعليم الآلي، والتي وصل عدد المستخدمين النشطين لخدماتها يومياً إلى حوالي 120 مليون مستخدم في شتنبر/أيلول 2017، على الاستحواذ على "ميوزيكال لي" باعتباره يشكل ملامح أول شبكة اجتمـاعية صينية تمتد خارج حدود الصين إلى العالم كله -وخصوصاً الولايات المتحدة- كمـا تعدّ أفضل تطبيق فيديو ناجح قادم من الصين حتى الآن.



وتتجلى فكرة "ميوزيكال لي" الرئيسية في تمكين المستخدمين من صناعة فيديوهات قصيرة ما بين 15 ثانية إلى دقيقة واحدة، ومن ثم اختيار الموسيقى أو الكلمات التي يريدون تركيبها على الفيديو، ويتكفل التطبيق بمزامنة الأغاني والكلمات مع مشاهد الفيديو بشريحة واسعة من الاختيارات. في صيف 2016، بلغ عدد مستخدمي التطبيق أكثر من 90 مليون مستخدم، بمتوسط 12 مليون فيديو جديد يومياً. وفي منتصف 2017 وصل عدد المستخدمين للتطبيق أكثر من 200 مليون مستخدم، ما عجّـل بصفقة الاستحواذ عليها في نونبر/تشرين الثاني من العام نفسه. (14، 15، 16، 17)



"فيرايزون" تنهي استحواذها على "ياهو"
aa461dba-dba8-4084-a0fe-f449cf280623



بعد مداولات طويلة استمرّت على مدار 2016 بين شركة "فيرايزون" الأميريكية للاتصالات وشركة "ياهــو" كان قد تمّ الإعلان عن صفقة استحواذ بقيمة 4.8 مليارات دولار تقوم بناءً عليها "فيرايزون" بالاستحواذ على "ياهو" بكامل خدماتها. ورغم ذلك لم يتم الإعلان رسميـاً عن إنهاء الصفقة وضم "ياهو" إلى "فيرايزون" إلا في منتصف 2017.



وسبب تأجيل إعلان الصفقة رسمياً إلى 2017 هو اعتراف "ياهو" بوقوع سلسة من الاختراقات الأمنية لحساباتها نتج عنها كشف ملايين البيانات الشخصية لعملائها حول العالم، ما ساهم في تأجيل الصفقــة قليلاً إلى حين إصلاح الخلل. وفي يونيو/حزيران تم الإعلان رسمياً عن شراء "فيرايزون" لـ"يـاهو" بهذا المبلغ المتواضع، بعد أن كانت قيمة "ياهو" منذ فتـرة ليست بعيدة قد تجاوزت الـ100 مليار دولار، في واحدة من أسوأ نماذج انهيارات الشركات التقنيــة على الإطلاق.



أعلنت "فيرايزون" بعد الصفقة أن الخطوة التالية ستكون دمج "ياهو" في شـركة "AOL" لتكوين مشـروع جديد هو "Oath"، الذي سيتضمن أكثر من خمس وسائل إعلامية ومواقع تقنية وخدمات إلكترونية مختلفة في كافة المجالات، وهي خطوة في طريق سعي الشركة إلى اكتساب مساحات جديدة في الواقع الافتراضي والذكاء الصناعي والجيل الخامس.



يذكـر أن "مايكـروسوفت" كانت قد سعت في 2008 إلى الاستحواذ على "ياهو" بمبلغ ضخم بقيمة 44 مليار دولار، والذي رفضته "ياهو" حينذاك بحجة أنه غير متناسب مع قيمتها السوقية. غير أنه بتراكم المشاكل، وبسبب الانهيارات الضخمة التي أصابت "ياهو" في السنوات الأخيرة، بالرغم من وجود العديد من المدراء التنفيذيين الذين حاولوا انتشالها من هذا المستنقع، انتهى بها الحال بصفقة متواضعـة للغاية لم تتخطّ الخمسة مليارات دولار. (18، 19)



صفقـة استحواذ تنقل "إنتل" إلى الصفوف الأماميـة
84076872-886c-45b8-9550-4fa0da99ae54



في مارس/آذار 2017، تم الإعلان رسمياً عن واحدة من أكبر الصفقـات في عالم الشركات الناشئة باستحواذ شركة "إنتل" العمـلاقة المتخصصة في صناعة الإلكترونيات الدقيقة، على شركة "Mobile eye"، الإسـرائيلية المتخصصة في صناعة السيارات ذاتية القيادة، في صفقـة قيمتها 15.3 مليـار دولار، ما جعل "إنتل" تحتل مكـاناً متقدماً في سباقها الشرس مع منافستيها التقليديتين (كوالكوم ونفيديا) في تطوير تقنيـات السيارات ذاتية القيادة.



وجاءت هذه الصفقـة ضمن توجّه عالمي محموم لتطوير سيارات ذاتية القيادة عالية الجودة في نهاية العقد الحالي، الأمر الذي يعتبر دمجاً بين التقنيات التي تطورها "إنتل" في قطاع مسارات وقيادة السيارات تلقائياً وبين ما تقدمه شركة "موبايل آي" في مجال الرؤية الإلكترونية، إذ تعمل الأخيرة في تصميم أنظمة تساعد في قراءة خرائط المركبات الذاتية وإدراكها والتفاعل معها. ويتوقّع أن الهدف من وراء الصفقة ليس فقط استفادة "إنتل" من الشركة الناشئة في مجال السيارات، وإنما توسيع تقنيـاتها لتشمل مجالات أخرى.



وتعدّ هذه الصفقة الأكبرَ من نوعها على الإطلاق في سوق الشركات الناشئة الإسرائيلية على مدار كافة السنوات السابقة، وتم إغلاقها بالكامل في أغسطس/آب من العام نفسه. (20، 21، 22)



الاستحواذ على متجر " شيوي" في صفقة ضخمة
8b9b4389-751a-4a1e-a868-e1c86b72e60a



في أبريل/نيسان من العام الجاري، تم الإعلان عن صفقـة ضخمة قامت على إثـرها سلسلة المتاجـر الاميريكية "بيت سمارت" (Pet Samrt) المتخصصة في صناعة وتوزيع وبيع أغذيـة الحيوانات المنزلية، بالاستحواذ على متجـر "شيوي" (Chewy) الناشئ في صفقــة ضخمة قدرت بـ3.35 مليـارات دولار، واعتُبرت من أكبر الصفقـات التي شهدتها الشركات الناشئة على مستوى العام.



وشركة "شيوي" هي شركة ناشئة تأسست في 2011 كمتجر إلكتروني متخصص في بيع أغذية ومنتجات الحيوانات المنزلية الأليفة، خصوصاً القطط والكلاب، بأكثر من 30 ألف منتج متنوّع. ومنذ تأسيسها، وعلى مدار خمس جولات تمويلية، استطاعت الشركة الناشئة حصد تمويل ضخم بقيمة 236 مليون دولار أتاح لها التوسع في كافة الولايات المتحدة باعتبارها واحدا من أهم المتاجر الإلكترونية وأسرعها نمواً على الإطلاق، ما أدّى إلى تنافس مجموعة من الشركات الكبرى على شرائها، حتى استطـاعت "Petsmart" الفوز بالصفقة الضخمة التي تم الإعلان عن إتمـامها في نهاية مايو/أيار من العام نفسه.



وقد أثارت الصفقة ضجة كبيـرة في الصحافة العالمية، بإعتبار أن قيمتها تتجـاوز صفقـة شهيـرة حدثت في العام الماضي، عندما استحوذت سلسلة متاجر "والمـارات" المعروفة على متجر "جيت دوت كوم" (Jet.com) بقيمة 3.3 مليارات دولار. والمثير أن شركة "بيت سمارت" نفسها تكبّدت مبلغاً طائلاً من وراء هذه الصفقـة قد لا يتماشى مع قيمتها السوقية التي تقدر بـ8.7 مليارات دولار. (23، 24، 25)

a28ed4e2-5175-4c38-94e6-d18257ab9e53




كان 2017 -بدون شك- واحدا من أكثر الأعوام ثراءً في صفقات الاستحواذ العالمية بكيفية تجعل من الصعب حصـرها. ولكن الاستقراء العام لحركة الاندماجات التي شهدها هذا العام يشير إلى توجّـه كبرى الشركات لدعم خططها التوسعية في اتجـاه التقنيات الذكية، وأبرزها التقنية السحابية والذكاء الصناعي والتجارة الإلكترونية بكيفية تجعل من المؤكد ظهـور نتائجها خلال الأعوام القليلة المقبلة.
 
miscellaneous;ord=3216246954850.3926;dc_seg=453467561

*





424

أكبرها "سوق".. أبرز الصفقات الريادية العربية لعام 2017
250

عماد أبو الفتوح
محرر


عند إلقاء نظرة بانورامية شاملة على واقع العالم الريادي في المنطقة العربية على مدار عام 2017 يبدو الانقسـام في الآراء إلى فريقين واضحا، فمع الصفقات المهمة التي شهدتها المنطقة، والإستراتيجيات الجديدة للشركات العربية في دعم الشركات الناشئة كجزء من خطتها التوسعية، وغيـرها من الأحداث الريادية، حيث يرى فريق من المراقبين أن كل هذه الأحداث تدخل في نطاق "التطور الطبيعي" للبيئة الريادية العـربية.




أما الفريق الآخر، يرى أن المنطقة على أعتاب تغيّـر مفصلي حقيقي في عالم ريادة الأعمال قد يساهم في نمو البيئة الريادية العربية بوتيرة متسارعة لا يمكن مقارنتها بأي وقت مضى. فإلى جانب التوسّع في حاضنـات الأعمال العربية، وميل الشركات في التوسّع إلى تنويع محافظها الاستثمـارية باحتواء مشروعات ناشئة، سـاهم انخفاض أسعار النفط مؤخرا في توجيـه المستثمرين الإقليميين نحو مجالات جديدة تدرّ أرباحا بديلة، من بينها الاستثمـار بشكل أكبر في المشروعات الريادية الناشئة.



لذلك، يمكن القول بناء على تحليلات مراقبين وروّاد أعمال إن المنطقة ككـل تتجه نحو حقبة ما بعد النفط والعقارات والبيع بالتجزئة، وهي حقبة تزداد فيها الثقة بلاعبي ريادة الأعمال وأسواق التكنولوجيا والشركات الناشئة، فضلا عن أن هذا الاتجـاه بات ضروريا للشركات التقليدية لتجنب التدنّي الحتمي للطلب المستقبلي على خدمـاتها بسبب الاتجاه العالمي إلى الأسواق الريادية، وبالتالي يعتبر الاستثمـار في هذا المجال -مبكـرا- أمرا حتميا، إما لإيجاد مصادر إيرادات إضافية من ورائها، وإما لحجز قدم في أسواق الغد. (1)



هنا، نلقي نظـرة علوية شاملة على أهم الأحداث التي شهدها العالم الريادي في المنطقة العربية خلال عام 2017 والذي يمكن وصفه -بلا مبالغة- بأنه من أهم الأعوام البارزة عربيا من حيث الأنشطة والصفقات والاستحواذات التي تمتلئ قيمتها بالأصفار على اليمين.



لا صوت يعلو فوق صفقة سوق دوت كوم
e9fa0f84-4a9d-4296-be2d-e8e8f76e84a5


ربما هذا هو الحدث الأبرز في ساحة ريادة الأعمال العربية لعام 2017، حيث أُعلن في (مارس/آذار) من هذا العام عن خبـر استحواذشركة أمازون العالميـة بالكـامل على شركة سوق دوت كوم بعد مفـاوضـات طويلة تم الإعلان عن خطـواتها على مدار عام 2016، تكلّلت الصفقة بنجـاح أخيرا بقيمـة تقدر غالبا بحوالي 650 مليون دولار على الأقل. قيمة الصفقــة لم يتم الإفصـاح عنها بشكل رسمي، ومع ذلك تظـل القيمة الأكبر على الإطـلاق على مستوى صفقات الاستحواذ العربية.


سوق دوت كوم شركة مقـرها الإمـارات تأسست في عام 2005 كموقع مزادات تابع لبوابة مكتـوب الرقمية، ثم تحوّلت في عام 2011 إلى منصة تجارة رقمية تخدم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "MENA"، واستطاعت في عام 2015 جمع 273 مليون دولار من مستثمـرين دوليين لتدشين خطط توسّع طموحة في المنطقة.



وصلت نسبة استحواذ سوق دوت كوم على سوق التجارة الإلكترونية العربية إلى نسبة تقارب 80%، ما جعلها بوابة التسوق الإلكتروني الأكبر في المنطقة، حيث أصبحت تقدم أكثر من 8 ملايين منتج في كافة المجالات، وتستقطب أكثر من 45 مليون زائر شهريا تتعـامل معهم عبـر مقراتها الرئيسة في الإمارات والسعـودية ومصر، ومراكز للتطوير التقني في الهند والأردن.



شهـدت المرحلة الأخيرة من المفاوضات بين أمازون وسوق دوت كوم دخول شركة إعمار الإماراتية كطرف ثالث ظهر فجأة مقدما عرض بقيمة 800 مليون دولار للاستحواذ على سوق دوت كوم، لكن الصفقـة انتهت أخيرا بانضمـام سوق دوت كوم إلى أمـازون، حيث تم الإعـلان عن اكتمـال اندماج سوق دوت كوم إلى أمازون في (يوليو/تموز) من نفس العام بعد مرور 3 أشهر من توقيـع الصفقة، وأصبح بإمكـان المستخدمين ولوج كلا الموقعين بنفس بيانات التسجيل. (2، 3،4)



إعمار تركز على التجارة الإلكترونية
6faa08bc-3c9c-4a24-829a-0d9c1fbec8d7


في (مايو/أيار) من عام 2017 أعلنت مجموعة إعمـار مولز الإمـارتية عن شراء حصـة الأغلبية في متجر "نمشي" (Namshi) الإلكتروني المتخصص في مجال الأزياء ومنتجات الأناقة والموضة والذي يعتبر من أبرز مواقع التسوق الإلكترونية العربية في السنوات الأخيرة. الصفقـة قُدّرت بـ 151 مليون دولار نقدا، تقوم على إثـرها إعمـار بشراء 51% من أسهـم الشركة (حصـة الأغلبية)، بينما تظـل الـ 49% الأخرى مملوكة بواسطة "جلوبال فاشون جروب" (Global Fashion Group) التي تملكها شركة روكيت إنترنت الألمـانية.


تأسست شركة "نمشي" في عام 2011 كمتجر رقمي متخصص في التسوق للأزياء والموضة، وكان التأسيس على يد كل من حسام عرب وهشام زرقا وفراز خالد. في نفس عام إطـلاقه استطاع "نمشي" اقتناص جولة تمويلية كبيرة بقيمة 10 ملايين يورو بواسطة شركة روكيت إنترنت الألمانية الرائدة في دعم مشروعات التسوق الرقمي، وفي عام 2012 حصدت الشركة تمويلا آخر بقيمة 13 مليون يورو من عدة شركات عالمية، ثم استثمـار ثالث بقيمة 5 ملايين يورو في عام 2014.



وصل عدد المتسوقين عبر متجر "نمشي" إلى حوالي مليون عميـل في تلك الفترة، معظمهم من الخليج ولبنان، واستطاع أن يحقق في عام 2014 مبيعات ضخمة قُدّرت بـ 170 مليون درهم، ارتفعت في عام 2015 لتصل إلى 440 مليون درهم، ثم أكثر من 550 مليون درهم في عام 2016 (أي أكثر من صافي إيرادات يُقدّر بـ 150 مليون دولار)، فضـلا عن تحقيق معدل نمو سنوي بقيمة 150% في أعداد الزبائن، ونمو سنوي بمعدل 200% في نسبة الإيرادات.





كانت هذه الأرقام والنمو الكبير الذي تحققه "نمشي" دافعا أساسيا في خطوة إقدام "إعمـار" على الاستحواذ على حصة الأغلبية للشركة، مع خططها المعلنـة في التوسّع بشكل كبير في مجال التجارة الرقمية، حيث جاءت هذه الصفقة فقط بعد مرور شهـرين من استحواذ أمازون على سوق دوت كوم، والذي حاولت شركة إعمـار اقتنـاصها بعرض يقدر بـ 800 مليون دولار، لكنها فشلت في الاستحواذ عليها.



تأتي هذه الصفقـة كجزء من خطـة إعمـار في التوسع في استثمـاراتها في هذا المجال، حيث أعلنت أيضا عن الاستحواذ على منصة البيع بالتجزئـة "جادو بادو" (JadoPado) بصفقــة لم يتم الإعـلان عن قيمتها، إلى جـانب إطـلاقها لمتجر "نون" الضخم الذي ينافس على الاستحواذ على حصة كبيـرة من مستقبل التجارة الرقمية في المنطقة، ويمتلك فيه صندوق الاستثمارات العامة السعـودية نسبة 50%. تم الإعلان عن بدء إطـلاق المتجر في أواخر عام 2016، وأعلن عن بدء تشغيله رسميـا في نهاية عام 2017، على أن يبدأ تشغيله لمواطني دولة الإمارات المتحدة ليمتد ليشمل بقية المنطقة العـربية في عام 2018. (5، 6، 7، 8، 9، 10)



كريم تدخل نادي أحادي القرن
073b03d1-1825-4b74-94cc-bcfed234e803


شهد العام الحالي أيضا واحدة من أكبر وأهم جولات التمويل للشركات العربية الناشئة، عندما استطاعت شركة "كريم" (Careem) المتخصصة في النقل الذكي للركاب جمـع جولة تمويلية ضخمة قدرت بـ 500 مليون دولار من طرف عدد من المستثمـرين، الأمر الذي رفع قيمتها السـوقية إلى مليـار دولار، وأدخلها نادي الشركات الناشئة المليـارية أحادية القـرن "Unicorn" (مصطلح يُطلق على الشركات الناشئة التي تصل قيمتها إلى المليار دولار).


شركة "كريم" (Careem) التي تأسست في عام 2012، ويقع مقرها الرئيس في دبي، خاضت جولتها التمويلية الخامسة في (ديسمبر/كانون الأول) من عام 2016، واستطاعت جمع تمويل قدره 350 مليون دولار بواسطة كل من شركة الاتصالات السعـودية "STC"، وشركة راكوتين اليابانية التي يعتبر أول دعم استثمـاري عملاق تقدمه إلى شركة في منطقة الشرق الأوسط، ارتفع لاحقـا في عام 2017 إلى نصف مليـار دولار، بعد مشاركة "المملكة القابضة" السعـودية بتمويل قدره 62 مليون دولار، إلى جانب مشاركة شركة دايملر إي جي الألمـانية وحزمة شركات أخرى في إغلاق الجولة التمويلية كواحدة من أكبر صفقـات التمويل في المنطقة على الإطلاق.



شركة "كريم" أصبحت مؤخرا لاعبا فاعلا في النقل الذكي في المنطقة العربية، حيث تحقق نموا شهريا بمعدل 30%، واستطاعت أن تتوسع خلال خمس سنوات منذ تأسيسها لتشمل 80 مدينة عبر 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "MENA"، إلى جانب التوسّع أيضا في تركيـا وباكستان، مما يجعل الشركة منافسا إقليميا بارزا في مواجهـة شركة أوبر المتصدرة عالميا.



الشركة التي تضم حاليا أكثر من 250 ألف سائق، وملايين المستخدمين المسجّلين في التطبيق، قامت أيضا في (أغسطس/آب) من عام 2017 بتوقيع شراكة مع شركة ديدي شوكينغ الصينية لحلول النقل، التي تعتبر إحدى أهم وأكبر شركات حلول النقل الذكي عالميا، والتي استحوذت على فرع أوبـر في الصين في عام 2016 بصفقة تقدر بـ 35 مليار دولار. وتهدف الشراكة إلى التوسّع في تحسين عمليات "كريم"، والاعتماد على تقنيـات الذكاء الاصطناعي الذي تطوّره الشركة الصينية. (11، 12، 13، 14، 15)



بعيدا عن الكبار.. شركات ناشئة تقود الثورة الصناعية الرابعة
124194c9-e9c8-4e51-a351-dfed999be121


بعد أن فرغنا من الصفقـات الكبيـرة في عالم ريادة الأعمال العربي خلال عام 2017، نأتي هنـا إلى الشركات الناشئة الصغيـرة التي تعتبر قاطرة العرب إلى عالم الثورة الصنـاعية الرابعة. أصبح مصطلح "الثـورة الصنـاعية الرابعة" من أكثر المصطلحات ترددا في أروقة المؤسسات والأبحاث التي تُعنى بمراقبـة الموجة التالية من الصناعات والأعمال والشركات التي نشهد إرهاصاتها حاليا. هذا المصطلح ببساطة يُطلق على نمط عصـري من الشركات والأعمال التجارية التي ترتبط بالتقنية والحوسبة والذكـاء الاصطنـاعي وعلم البيانات الكبيرة، وترتبط جميعها بشبكة الإنترنت في أوجهها المختلف، سواء عبر الأجهزة أو الهواتف أو التطبيقات.


أما سبب اعتبارها ثورة "رابعة" فلأن المـراقبين يعتبـرون أنها جاءت بعد ثلاث مراحل: طاقة المياه والبخار، الكهـرباء وخطوط تجميع المصـانع، ثم الحوسبة. يمكن القول إن هذه الثـورة تحمل في مجملها سمة العصـر الحالي في "أتمتة الصنـاعات" بكل تفاصيلها من حيث السرعة والبيانات الضخمة والاعتماد على سرعة التواصل العالمي، وكفاءة العمليات، واستخدام التكنولوجيا الفائقة لمجاراة الأحداث المتقلبة يوميا، وهو ما يجعلها مرحلة مختلفة تماما عن كل ما يسبقها، سواء في مميزاتها أو عيـوبها على السواء. (16،17)



في (مايو/أيار) من عام 2017، وأثناء انعقـاد المؤتمر الاقتصادي العالمي في البحر الميت بالأردن تم الإعـلان عن قائمة لأهم 100 شركة عربية ناشئة تعمل على قيادة الثـورة الصنـاعية الرابعة خلال المستقبل القريب. القائمة تم إعدادها بواسطة مجموعة من أهم المؤسسات الريادية في المنطقة، إلى جانب مجموعة من أهم حاضنات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونخبة من روّاد الأعمال.



ضمت القائمة 100 شركة عربية ناشئة، تم التركيز بشكل كامل على مجالاتها وإنجازاتها ومستوى توافقها مع معايير الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد بشكل كامل على السرعة والأتمتة والاعتماد على البيانات الكبيرة والعنصر الآلي والاتصال بالإنترنت. وهو ما أعطى الفرصة لبعض الشركات الصغيرة التي ما زالت في بداية مشوارها الريادي لتتبوأ مكانة في هذه القائمة بسبب أهمية مجـالها في هذا القطاع، مثل مجالات الذكاء الصناعي وتقنيات الاتصال، وتسهيل عمليات الدفع، ووسائل النقل الذكي واستخدام التكنولوجيا في الخدمات والمنتجات المختلفة.

0b3d6107-c2f0-49b0-ac9d-37137e5c0159




القائمة ضمت 100 شركة موزّعة على 17 دولة عربية، حازت الإمـارات والأردن ولبنان ومصر والسعودية أغلب المراكز، بينما ظهرت دول المغرب العربي بشكل متراجع نسبيا بإجمـالي 10 شركات من القائمة تغطي دول ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، مجتمعة. (18)



الفوربس 2017.. شركات ناشئة عــربية واعدة
في (أكتوبر/تشرين الأول) من عام 2017 أزاحت فوربس الشرق الأوسط الستار عن مجموعة من القوائم تضم عددا كبيرا من الشركات العربية الناشئة التي حققت إنجازات كبيـرة خلال السنوات الأخيرة في كافة المجالات. قوائم فوربس لهذا العام ركزت على ثلاثة تصنيفات: أفضل الشركات العربية من حيث التمويل، وأفضل الشركات الناشئة الواعدة التي لم تحصل على تمويل كافٍ بعد، وأبرز المؤسسات وصناديق الاستثمـار الريادية التي لعبت دورا في تمويل المشروعات العربية واحتضانها خلال السنـوات الأخيرة.


احتلت الإمارات مقدمة القوائم باستضافتها لأكبر عدد من الشركات العربية الناشئة من جنسيـات عربية مختلفة، كما جاءت كل من لبنان ومصر والأردن والسعـودية وفلسطين في مرتبة متقدمة أيضا من ناحية عدد الشركات التي تلقّت تمويلا كبيرا في السنوات الأخيرة، وأيضا من ناحية المؤسسات الاستثمـارية التي ساهمت في احتضان هذه المشروعات، بينمـا بدا واضحا الغياب شبه الكامل لدول المغرب العربي، باستثناء المغـرب بعدد ضئيل من الشركات في هذا العام. (19)



0911a521-4332-4a01-b2b8-0ef8e7828435


أخيرا، يمكن القول إن عام 2017 شهد طفـرة حقيقية في عالم ريادة الأعمال من حيث التنوع الاستثماري وحجم الصفقات، وإن هناك اتجـاها رياديا عربيا ملحوظا في اتجاه التجارة الرقمية خصوصا. هل سيشهد عام 2018 المزيد من التحولات الجذرية في عالم ريادة الأعمال كامتداد للأحداث الجوهرية التي حدثت خلال العام المُنقضي؟ بلغة الســوق وتطوّراته، الإجابة الوحيدة عن هذا السؤال ستكون: بالتأكيــد.
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى