كانت المهمة الرئيسة لبوتين استعادة مكانة روسيا كدولة كبرى، من خلال الثبات على مواقف مستقلة ، دون رفض الماضي السوفيتي او التكفير عنه، لأنه جزء من الذاكرة الروسية الوطنية وعامل مؤثرفي تكوين المجتمع الروسي الحديث، ولهذا السبب عادت بعض الرموز القديمة للدولة السوفيتية بالظهور،ومنها العلم الاحمر كرمز للجيش الروسي والنجمة السوفيتية المذهبة والنشيد الوطني القديم بعد تعديل بعض كلماته مع الاحتفاظ باللحن القديم نفسه الذي كان يرمز دوماً الى عظمة روسيا وقدرتها على الصمود والمواجهة , وقد لاقت عودة هذه الرموز الترحيب من الغالبية العظمى في روسيا التي شعرت مجدداً بعزتها القومية. تزامن مع ذلك وقف التدهور الاقتصادي، مع زيادة معدلات، النمو بعد القضاء على التضخم والبطالة الواسعة، ومحاربة الجريمة المنظمة واستعادة هيبة الدولة.
حيث في بداية حكمه بدأ بوتين يقود حربه الداخلية على الحركات الانفصالية فأقنع الأولغارشية التي أوصلته للحكم بأهمية حسم المشاكل الداخلية وأهمها ملف الشيشان والإرهاب فدعم في حسمها وتم ذلك بدهاء استخباراتي وعسكري انتقائي دون زج القوات الروسية بشكل تقليدي و ضخم وإنشاء مليشيات محلية تابعة لموسكو وفي عام 2008 تطورت الاستراتيجية الروسية لتنفيذ مهام عمليات في شمال القوقاز، حيث أخذت الاستراتيجية الروسية منحى جديداً بين عامي 2008 - 2009 لتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب بشكل مشترك بين جمهوريات شمال القوقاز بمشاركة القوات الروسية في وقت واحد لتكون عملية مشتركة لحصار المقاتلين المسلحين في مناطق محدودة، ثم القضاء عليهم بالقوات والنيران البرية والجوية، خاصة بالمناطق الحدودية المشتركة مع أنغوشيا وداغستان، وعمليات أخرى جنوب الشيشان, ثم استدار بوتين للداخل فعزز لنفسه شعبية كبيرة لدى الشعب الروسي بعد القضاء على تمرد الشيشان و الإرهاب الذي سببه في الداخل الروسي كما يرى الروس حيث بلغت كلفة الحرب رسمياً بمئتي مليون دولار, ثم بدأ بالإدارات المحلية و إصلاح الدوائر الحكومية و العسكرية و الأمنية و إعادة هيكلتها مما مكنه من تضييق الخناق على الرأسمالية الروسية المرتبطة مع الغرب (الأوليغارشية) و بدأ بتشكيل ما يسمى الرأسمالية الروسية الوطنية المدعومة من السلطة وسيطر على الكثير من وسائل الإعلام, ثم قام بالتحرك لتقويض نفوذ (الأولغارشية) فقام بحملة السيطرة على شركات الطاقة (يوكوس) مدعوم من الأحزاب اليسارية والقومية الروسية على المستوى الشعبي و ألقى بمدرائها بالسجن مثل (خودوركوفسكي) وملاحقة البقية والقضاء عليهم لو اضطر لذلك فأصبح البطل المخلص ضمن العقلية الروسية التي تحب القائد القوي الحاسم ولو على حساب شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان التي ينادي بها الغرب و خصوصا بعد الفوضى التي كانت ستأخذ روسيا إلى الانهيار والتقسيم وكانت هذه هي الخطة الغربية كما تشير تحركات الناتو, وبعد سيطرته على الاقتصاد بدأت الميزانية الروسية تتعافى بدأ بتحسين الظروف المعيشية للمواطنيين حيث انه عالج مشكلات كثيرة، كانت تعترض طريق روسيا. مثل الدين العام وإعادة اطلاق مشاريع التنمية وبناء القدارت الروسية العسكرية المتجددة، ومحاربة وتصفية عصابات المافيا الروسية التي سرقت الكثير من المال العام، كما إنه اعاد الاستقرار النفسي للمجتمع الروسي الذي عصفت به مشكلات متعددة، هذا غير إعادته الثروات الوطنية تحت سيطرة الدولة واشرافها, وفي عام 2005م أطلق أربعة ((مشاريع وطنية)) كما وصفت في حينه وهي التعليم والرعاية الصحية والإسكان والزراعة وكانت هذه القطاعات تعاني نقص المخصصات الحكومية الخاصة بها و ذلك ضمن الإصلاحات الاجتماعية وأيضا بمكافحة الفساد الإداري, وركز بوتين جل اهتمامه بالاستثمارات الخارجية وسعى إلى تطمين رجال الأعمال الأجانب إلى حول تمسك روسيا باقتصاد السوق الليبرالي والانفتاح على العام والقيام باصلاحات تشريعية. وفي هذا الاطار, انكبّت وزارتا الشؤون الاقتصادية والمالية على وضع “برنامج اقتصادي” على مدى عشر سنين يهتم بالاستثمارات الأجنبية و شدّد على “ضرورة تطوير القطاع الخاص وحرية الاستثمار بأقصى سرعة”. ولكن, نظراً للعقبات العديدة التي تعترض تطبيق مثل هذا البرنامج, كما حدث في عهد يلتسين, فإن بوتين يشدّد على دور الدولة المركزية لفرض تطبيق القانون.
كما أعاد الهيبة الى القوات العسكرية التي كانت قد وصلت الى ادنى المستويات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بحيث عجزت الدولة عن دفع رواتب جنودها تزامن مع ذلك، إنه رتب المسرح السياسي لخليفته استمراراً للنهج الذي اختطه، دون خرق للدستور الروسي، مثلما كانت تتخوف الاوساط الغربية، مما اعطى الانطباع عن تمسك الجميع بالثوابت الوطنية التي يمثل الدستور قمتها القانونية، وهذا ما اسكت الابواق المعادية لروسيا، التي وصفت بوتين بـ(القيصر أوالدكتاتور الجديد)، وهو ما اشاع جواً من الارتياح والطمأنينة في المجتمع الروسي الذي سأم المتغيرات العنيفة والسريعة منذ تفكك الامبراطورية السوفياتية عام 1990م, وقام بتطوير المشاريع العسكرية الصاروخية التي رأى أنها من أهم وسائل الدفاع للأمن القومي الروسي واتبعه بإعادة وإنعاش الصناعة العسكرية وأهمها سلاح الطيران وقام بتسيير رحلات للمقاتلات الاستراتيجية في المحيط الهادئ والشرق الروسي بالإضافة لإطلاق الجيش لصاروخين بالستيَّين إلى مسافة 8 آلاف كلم بمناسبة انتخاب بوتين, وهذا يعني أن على الغرب أن لا ينسى أن روسيا ما تزال قوة عظمى, وقد قضى رئيسها الجديد ليلة رأس السنة في غواصة نووية. ثم أن ستة من المراسيم التي وقّعها في بداية العام 2000, تكشف عن عودة واضحة إلى تعزيز القوات العسكرية الروسية, فقد أمر بزيادة ميزانية الدفاع أكثر من خمسين في المئة فوراً, وألغى تعهّد روسيا بعدم القيام بالضربة النووية الأولى, أي بعدم الضغط على الزر النووي قبل أن يفعل الخصم ذلك. كذلك من أولى قراراته كرئيس بالوكالة, مرسوم يفرض ساعتين أو ثلاث ساعات في الأسبوع للتربية العسكرية في المدارس الحكومية. وقد نشر الشرطة العسكرية بين صفوف الجيش وأوكل إلى الـF.S.B)) المهام التي كانت تقوم بها الـ(K.G.B) ويقال إنه يسعى إلى جمع كلّ أجهزة الاستخبارات في جهاز واحد مركزي قوي يتلقى أوامره من الكرملين. أعلنت روسيا عن برنامج تسليحي حكومي طموح للفترة ما بين 2011 - 2020. وهو برنامج فريد في التاريخ الروسي المعاصر من حيث حجم التمويل. وبحسب البرنامج تبلغ الاعتمادات الإجمالية لاقتناء الأسلحة والمعدات الحربية للقوات المسلحة الروسية في السنوات العشر القادمة قرابة 700 مليار دولار، 80% منها لإنتاج وشراء الأسلحة الجديدة. فحتى عام 2020 من المقرر بناء 100 سفينة حربية ، بينها 20 غواصة، وكذلك 600 طائرة مقاتلة وألف مروحية. الأولوية الرئيسية، في البرنامج الحكومي المذكور، لتطوير القوات النووية الاستراتيجية. فمن المقرر في السنوات العشر القادمة بناء 8 غواصات ذرية استراتيجية مسلحة بصواريخ "بولافا" الباليستية العابرة للقارات. ومن المقرر أيضا تجهيز10 كتائب لأحدث المنظومات الصاروخية من طراز "أس- 500 " التي ستغدو بمرور الزمن أساساً لقوات الدفاع الجوي الروسي. فمن كل ما سبق كانت أول إشارة بصحوة الدب الروسي من سبات تفكك الاتحاد السوفياتي.