- إنضم
- 30 يوليو 2012
- المشاركات
- 11,392
- التفاعل
- الدولة
دحض ادعاءات نيويورك تايمز بخطأ الباتريوت السعودي في اسقاط الصاروخ الحوثي الإيراني
في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقال تحليلي بعنوان: "هل فشل الدفاع الصاروخي الأميركي في السعودية؟"، وقامت الصحف العربية بترجمة بعض الفقرات من المقال ونشره تحت عناوين مختلفة نوعاً ما عن عنوان مقال نيويورك تايمز، ومن ثم انتشر المقال كالنار في الهشيم. والأخ الكريم فادي الشام مشكوراً أدرج بالمنتدى عينة من المقال الذي نشر في صحف باللغة العربية نقلاً عن نيويورك تايمز، وتجدون الموضوع هــنــــــا.
والمراقب لواقع الصحف العربية، الذي لا ينفصل عن واقع ما يعانيه العالم العربي من مشاكل وأزمات على كافة الأصعدة، يجد من خلال ما تعكسه المواد الإعلامية العربية بأنه نقل لمقالات من الصحف الغربية وبالخصوص الأميركية في محاولة لاقناع القارئ العربي إزاء قضية ما ومن ثم تصديقها، لكن دون التمحيص والتدقيق في المعلومات التي وردت بالمقال الأصلي، هذا بالاضافة إلى افتقار الصحف العربية لقاعدة من الباحثين المتخصصين لاسيما في العلوم العسكرية، ولذا دائماً نجد المقال المترجم في الصحف العربية إما مجزأ ومبتور أو منقول بنواقصه وعلله من دون أن تقدم الصحف العربية مراجعة نقدية أو تحليل نقدي للمقال الأصلي، وهذا بسبب افتقارهم لمنهجية التحليل النقدي وعدم توافر باحثين متخصصين في العلوم العسكرية لدى هذه الصحف العربية للتقصي والبحث في المعلومات الواردة بالمقال الأصلي المنشور في الصحيفة الأميركية.
وفي هذا السياق فإن الصحف العربية بنقلهم مقال صحيفة نيويورك تايمز دون أي بحث وتقصي من جانبهم حول المعلومات فقد وقعوا في الأخطاء الفادحة التي احتوت عليها مقال صحيفة نيويورك تايمز، مثل عدم الدقة والتحليلات المتعجلة التي اكتفت بالاستدلال بفيديوهات وصور نشرها أناس عاديون على مواقع التواصل الإجتماعي.
إن مقال صحيفة نيويورك تايمز والذي أعده فريق من الباحثين والخبراء ليس إلا رؤية قسرية مبنية على افتراضات نظرية، قدموا فيه تحليل مبتسر وقاموا بالقفز فوق منهج البحث العلمي للوصول إلى استنتاجات مكتوبة مسبقاً وليست نتيجة لمعطيات الحدث.
وفي هذا الموضوع سنقوم بتوضيح الأخطاء التي وقع فيها مقال نيويورك تايمز، وسنقوم بدحض الادعاءات التي وردت في المقال:
أولاً: يجب التنويه أن مقال نيويورك تايمز كتبه مجموعة من الكتّاب بصحيفة نيويورك تايمز ومعهم مجموعة من الخبراء المتخصصين في العلوم العسكرية الذين يعمل القسم الأكبر منهم بمعهد ميدلبوري "ميدلبوري إينستيتيوت أوف إنترناشونال ستاديز" في مونتيري بكاليفورنيا Middlebury Institute of International Studies in Monterey, Calif، وهي مؤسسة أكاديمية. وبالإضافة إلى عملهم بمعهد ميدلبوري، أيضاً يعملون لدى مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي (CNS)، وكما لديهم مدونة بإسم "أرمز كونترول" ينشرون فيها مقالاتهم وتقاريرهم وكذلك يعقدون حلقات حوارية عبر الراديو وينشرونها على المدونة.
والخبراء الذين ساهموا في مقال نيويورك تايمز يترأسهم جيفري لويس، الخبير في مؤسسة "ميدلبوري إينستيتيوت" والخبير في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي وصاحب مدونة "أرمز كونترول"، وهو الذي أشرف على هذه الدراسة التي عن عدم فعّالية نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (باتريوت)، وثم قاموا بتسليم خلاصة الدراسة إلى صحيفة نيويورك تايمز لنشرها في شكل مقال.
ثانياً: شخصياً أعرف جيفري لويس وكذلك أعرف مجموعة الخبراء العاملين في معهد ميدلبوري، ومركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي (CNS) والمشاركين في مدونة "أرمز كونترول"، وهؤلاء لديهم خوف شديد إزاء ما يحدث مع صواريخ كوريا الشمالية، وازداد قلقهم وخوفهم بعد أن أجرت كوريا الشمالية عدة تجارب ناجحة لصواريخ باليستية وعدم تصدي هذه الصواريخ من قبل اليابان أو كوريا الجنوبية، ولذلك نجد أن جيفري لويس وفريقه يعقدون الندوات يومياً وينشرون المقالات يعبرون فيها عن امتعاضهم الشديد لعدم تصدي صواريخ كوريا الشمالية ومن شدة غضبهم يحاولون في جل مقالاتهم ومنشوراتهم تجيير استنتاجات بأن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي سيء وغيرمجهز لصد جميع أنواع الصواريخ وأن برنامج وزارة الدفاع الأميركية لتطوير منظومة الدفاع الصاروخي يجب اعادة تقييمه ويجب تمويله لكي يكون على قدر كبير من الجهوزية.
ثالثاً: هؤلاء الخبراء غالبيتهم لديهم مشكلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً، ولا يؤيدون سياساته، وميولهم تتجه نحو تيار اليسار المتطرف أو أقصى اليسار المتمثل في نهج وفكر أوباما والحزب الديمقراطي، ولذلك نجد في افتتاحية مقال نيويورك تايمز السخرية والاستهزاء بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، لاحظوا أول فقرتين في المقال تقول:
((خرجت رواية رسمية واضحة من قبل الحكومة السعودية تقول إن القوات السعودية أسقطت صاروخا باليستيا أطلقته جماعة الحوثيين اليمنية المتمردة الشهر الماضي باتجاه العاصمة السعودية الرياض. وكان ذلك بمثابة انتصار للسعوديين، وللولايات المتحدة التي زودت المملكة بنظام الدفاع الصاروخي باتريوت.
وقال الرئيس ترامب "ان نظامنا أخرج الصاروخ من الجو"، وهذا التصريح جاء في اليوم التالي أثناء تواجده على طائرته التابعة لسلاح الجو وهو في طريقه إلى اليابان، وأضاف إحدى الدول الـ 14 التي تستخدم هذا النظام: "لقد ضرب نظامنا الصاروخ من الجو، هكذا نظهر طريقتنا الجيدة، والآن يمكننا بيعه في جميع أنحاء العالم".)) افتتاحية المقال توضح كمية السخرية والاستهزاء من ترامب، رابط مقال نيويورك تايمز: [link to www.nytimes.com]
رابعاً: المقال يقول: "طلبنا تعليق من المسؤولين السعوديين ولكن لم يردو على الطلب". المسؤولين السعوديين لم يعلقوا على طلبهم، فماذا فعلوا؟؟، ذهبوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي بحثاً عن أي شيء نشر في تلك المنطقة والإطار الزمني، للبحث عن أدلة، فجلبوا مقاطع فيديوهات وصور نشرها أشخاص على حساباتهم في تويتر، وهذه الفيديوهات لا أحد يعرف متى صورت؟ وأين؟ وكيف؟؟. والمصيبة أن هذه الفيديوهات والصور اعتمدها جيفري لويس وفريقه كدليل دامغ وتعاموا معها بأنها صادرة من جهات رسمية سعودية لا لبس فيها، وتناسوا بأن هذه الفيديوهات والصور أخذت من حسابات تويتر لأشخاص عاديين.
يقول جيفري لويس في تغريدات على حسابه بتويتر "إنه حصل على الفيديوهات من حساب جريدة الرياض بتويتر ومن مداخلات المغردين على تغريدة حساب جريدة الرياض"،
وأضع لكم صورة من تغريدات جيفري لويس يقول بأنه أخذ الفيديوهات والصور من حساب جريدة الرياض ومن المغردين المعلقين على تغريدة جريدة الرياض:
خامساً: جيفري لويس، المحلل الذي قاد فريق البحث، وأرسل خلاصة نتائج البحث إلى صحيفة نيويورك تايمز، قال في المقال: "تكذب الحكومات بشأن فعّالية هذه النظم، أو أنهم قد تم تضليلهم، ويجب أن يقلقنا هذا حتى الموت".
في الحقيقة المحلل والخبير جيفري لويس لم يكن موفقاً في استخدام كلمة "تكذب"، ففي البحوث والدراسات لا يمكن لأي باحث محايد أن يستخدم كلمة "تكذب" إلا إذا كان لديه مصدر قوي ومحترم يدعم ادعاءه، ولذلك نتائج هذه الدراسة التي قام بها لويس وفريقه لا تتصف بالمنهجية العلمية، وفي الواقع هي مبنية على ما يدور في ذهن ومخيلة لويس وفريقه وغير مدعمة بالمصادر.
سادساً: جيفري لويس قال في المقال: "وقد بالغت الحكومات في فعّالية الدفاعات الصاروخية في الماضي، بما في ذلك ضد صواريخ سكود. وخلال حرب الخليج الأولى، ادعت الولايات المتحدة سجلا شبه كامل في إسقاط بدائل سكود العراقية، لكن التحليلات اللاحقة وجدت أن جميع عمليات الاعتراض قد فشلت تقريباً".
من الواضح أن لويس والفريق الذي معه قاموا باستدعاء حرب الخليج الأولى وأعادوا للأذهان أداء نظام باترويت الصاروخي إبان تلك الحرب، وبذلك فهم رجعوا إلى قبل قرابة 3 عقود، ومن المؤسف أنهم في المقال لم يتطرقوا لسلسلة التجارب والاختبارات التي مرت بها منظومة الباترويت طوال العقود الماضية. هذا التجاهل من قبل لويس وفريقه ليس له سوى معنى واحد وهو أنهم يتعلقون بأي شيء حتى لو كان قديم ومضى عليه عقود فقط لدعم استنتاجهم المكتوب مسبقاً بأن منظومة الباترويت السعودية لم تصد صاروخ الحوثي الإيراني. وكما هو معلوم أن البحوث والدراسات وفق المنهجية العلمية لا تستبق الاستتناج وإنما تصل إلى الاستنتاج بناءً على معطيات مدعمة بالمصادر.
سابعاً: جيفري لويس وفريقه ادعوا في المقال بأن: "هناك سبب آخر يدفعهم للاعتقاد أن الرؤوس الحربية استطاعت تجاوز الدفاعات الصاروخية، فقد حددوا مواقع بطاريات الباتريوت التي حاولت إصابة الصاروخ، ووجدوا أن الرؤوس الحربية قد تجاوزتها تماماً". حيث قام جيفري لويس وفريقه بتحديد موقع محدد في مطار الملك خالد الدولي في الرياض وأعدوا رسماً بيانياً "جيومتري" بناءً على معادلات رياضية وفيزيائية تحدد موقع الباتريوت وموقع تصديه للصاروخ، وهذا هو الرسم البياني الذي أعده جيفري لويس واعتمدت فرضية البحث عليه:
هذه الفرضية التي استند إليها لويس وفريقه والتي تبدو هي لب وجوهر البحث أو الدراسة التي قدموا خلاصتها لصحيفة نيويورك تايمز، استطاع خبير الصواريخ جيرمي بيني Jeremy Binnie أن يدحضها وينسفها، وجيرمي بيني هو غني عن التعريف ويعتبر من أهم الخبراء العسكريين المتخصصين في الصواريخ وأيضاً متخصص في الشرق الأوسط وأفريقيا ويكتب بشكل دوري في موقع جاينز Janes.
جيرمي بيني ناقش وجادل جيفري لويس ودحض الفرضية التي استند إليها لويس في بحثه حول موقع بطارية الباتريوت الذي حدده لويس وفريقه، جيرمي في تغريدة على حسابه قال: "بطارية باتريوت السعودية التي قال فريق لويس بأنها فشلت في اعتراض صاروخ بركان 2 لم تكن تعمل منذ أكثر من سنة. وأقرب بطارية كانت تعمل تقع على مقربة من مطار الملك عبدالعزيز".
هذه التغريدة لجيرمي كانت بمثابة القنبلة في وجه جيفري لويس وفريقه، لأن جيرمي بيني بالإضافة إلى خبرته الطويلة في مجال الصواريخ وأبحاثه ودراساته وتقاريره التي ينشرها عبر موقع جاينز أو عبر مراكز بحثية، هو أيضاً معروف وسط المحلليين الاستراتيجين والباحثين والخبراء بأن لديه صلاحيات واسعة للاطلاع والحصول على صور من الأقمار الصناعية الدقيقة والعالية الجودة والنادرة التي تلتقط لمواقع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهذه النوعية من الصور لا تتوفر لدى 99% من الباحثين والخبراء ومن المستحيل أن يحصلوا عليها ومن هؤلاء الباحثين والخبراء جيفري لويس وفريقه لا يمكنهم الحصول على تلك الصور من الأقمار الصناعية كالتي لدى الخبير جيرمي بيني.
وثم أضاف جيرمي تغريدة أخرى مع صورتين قال: الصورة توضح المواقع ذات الصلة وقاذفات الباتريوت تمت إعادة توجيهم إلى الجنوب، وهذه الصور التي وضعها جيرمي:
هذه التغريدة الثانية أضافت مصداقية لتغريدته الأولى، وعززت من موقفه المعارض لاستنتاجات لويس وفريقه في مقال صحيفة نيويورك تايمز.
جيفري لويس رد على جيرمي بنفس التغريدة وقال له: "لقد بحثنا عن كثب في تلك البطارية - ولكن الفيديو ليس من هناك. فمن المحتمل لربما أنه لم يكن هناك اعتراض أو صد للصاروخ على الإطلاق، وأن الفيديو من حدث في الماضي (أي أن الفيديو قديم)".
هذا الرد لجيفري لويس مضحك للغاية، ففي هذه التغريدة يتبنى فرضية جديدة مختلفة عن تلك الفرضية التي تبناها في مقال صحيفة نيويورك تايمز والفرضية الجديدة هي "لم يكن هناك اعتراض أو صد للصاروخ على الإطلاق". وعلاوة على ذلك يرمي اللوم على الفيديو الذي جلبه من حسابات لأشخاص عاديين وليسوا خبراء على مواقع التواصل الإجتماعي. لاحظوا في نهاية التغريدة يقول "لربما الفيديو من الماضي أي أن الفيديو قديم"
رد عليه جيرمي في تغريدة وقال له: "جيفري لا أستطيع أن أقول لك أين/ متى تم تصوير هذا المقطع (مقطع الفيديو)، لكن صور الأقمار الاصطناعية توضح بأن لم يكن هناك بطاريات باتريوت في موقعك الذي حددته في البحث الذي نشرت خلاصته في مقال نيويورك تايمز، لم يكن هناك باتريوت في 25 أكتوبر أو 28 نوفمبر، لذلك من المستبعد جداً أن في 4 نوفمبر (يوم اطلاق الحوثيين صاروخ على الرياض) كان هناك في موقعك بطارية باتريوت".
تغريدة جيرمي واضحة وضوح الشمس، يقول لجيفري أن الفرضية التي اعتمدتها في بحثك هي فرضية خاطئة وبالتالي استنتاجاتك عديمة الفائدة وغير صحيحة، والسبب لأن الموقع الذي أنت حددته في فرضية بحثك بأن يوجد في ذلك الموقع بطارية باتريوت هو موقع غير صحيح، وجيرمي يقول لجيفري بطريقة غير مباشرة وبأسلوب مهذب أنا معي صور الأقمار الاصطناعية أكثر دقة ووضوح وأنت تعلم بأنني خبير الصواريخ وعندي امكانيات الحصول على صور الاقمار الصناعية الدقيقة العالية الجودة والتي أنت لا تملكها.
رد عليه جيفري لويس بالقول: "من الممكن تماماً أنه لم يكن هناك اعتراض للصاروخ على الإطلاق".
في الحقيقة، جيفري لويس لا يريد الاعتراف بوضوح وبصراحة بأن فرضيته خاطئة وبالتالي استنتاجه خاطئ فقال "من الممكن لم يكن هناك اعتراض على الإطلاق"، عوضاً من أن يشرح لجيرمي صحة فرضية الموقع الذي حدده لمكان بطاريات الباترويت وهو الموقع الذي بنى عليه فرضيته في البحث وبالتالي توصل إلى الاستنتاج الخاطئ الذي يقول "قصور في نظام الدفاع الصاروخي السعودي".
انتهى النقاش، جيرمي بيني لم يرد على جيفري لويس، وهنا توقف النقاش بينهما.
ويبدو أن جيرمي لم يقتنع بكلام جيفري ولم يرغب بالاسترسال في النقاش، ولربما جيرمي سيكتب مقال تحليلي أو تقرير وينشره عبر موقع جاينز أو أحد المراكز البحثية، سنراقب جيرمي لربما خلال الأيام القليلة القادمة ينشر مقال أو تقرير يضع فيه تحليلاته.
صورة للحوار بين جيفري لويس وجيرمي بيني:
لكن المهم في هذا النقاش أن جيفري لويس فهم أن الفرضية التي اعتمدها في بحثه لموقع بطاريات الباترويت السعودية هي فرضية خاطئة وبالتالي الاستنتاج الذي نشر في مقال نيويورك تايمز غير صحيح وغير دقيق، ولذلك قام جيفري لويس بعقد حلقة نقاشية على الراديو الخاص بمدونة "أرمز كونترول" والذي هو وفريقه يشاركون فيها، وأضع لكم تسجيل للحلقة من إذاعة مدونة "أرمز كونترول"، استمعوا لما قاله جيفري لويس، بداية الحلقة من الدقيقة 1:00 إلى الدقيقة 16:58 هي تكرار لما جاء في مقال نيويورك تايمز، واستهزاء وسخرية وهو في الواقع استهزاء من ترامب بالدرجة الأولى، لكن المهم من الدقيقة 17:00 تقريباً إلى نهاية التسجيل 30:00.
رابط الحلقة الحوارية مع جيفري لويس عبر راديو مدونة "أرمز كونترول":
[link to Arms Control]
في الدقيقة 17:00 زميله يسأله عن مواقع بطاريات الباتريوت القريبة من مطار الملك خالد الدولي، وقال له في صيغة سؤال بأن هناك موقعين لقاذفات الباتريوت (طبعاً هو قرأ تغريدات جيرمي بيني ويعرف بأن كلام جيرمي صحيح) المهم هو يقول لجفيري لويس هناك موقعين للباتريوت وفي هذه الحالة هناك استفسارات جوهرية عن هذين الموقعين فما هي معطياتكم؟ أجاب جيفري لويس: "بالفعل هناك موقعين للباتريوت"، وبدأ يتكلم عن الموقعين كما أخبره جيرمي بيني في تغريدات أشرنا إليها سابقاً، لكن المهم في هذه الجزئية أن في مقال نيويورك تايمز لم يتطرق جيفري لويس وفريقه عن وجود موقعين لبطاريات الباتريوت، ففي المقال كل الفرضية تدور حول موقع واحد فقط. وهذا يؤكد لنا أن فرضية بحث جيفري لويس غير صحيحة.
وثم قام جيفري لويس بتغيير دفة الحوار وتحوير السؤال عن الموقعين لقاذفات الباتريوت، استمعوا إلى الدقيقة 17:40 يقول جيفري لويس: "أن وسائل الاعلام السعودية أفرجت عن فيديوهات عن اطلاق 5 صواريخ باتريوت وقاموا بنشر هذه الفيديوهات ونحن قمنا بالتدقيق في هذه الفيديوهات تدقيق شديد وقمنا بفحصها عن قرب، ولسنا متأكدين تأكد بنسبة عالية أو متوسطة ولكن بالأحرى لدينا تأكد بنسبة مقبولة بأن عمود الدخان الذي شاهدناه في الفيديو يأتي من جهة الغرب للمطار ولكننا لسنا متأكدين وعلينا عمل المزيد من البحث حول هذا .... ولكني متأكد بنسبة عالية أن هذا الفيديو التقط في المطار نظراً لشكل المباني في الفيديو يتوافق مع مباني المطار".
وثم في الدقيقة 19:00 يقول: "بأن هذه الفيديوهات والصور لسنا متأكدين منها، وأن خبير الصواريخ جيرمي بيني لديه صور من الأقمار الصناعية أكثر دقة وأكثر مصداقية من التي بحوزتنا.... الخ" وهذا يوضح مدى التناقض في كلام جيفري لويس فتارة يقول بأننا متأكدين أن الفيديو من المطار وثم يقول لسنا متأكدين وجيرمي لديه صور أكثر دقة.
وثم في نفس الدقيقة قال: بأن عمود الدخان الذي في الفيديو من المحتمل غير صحيح بناء على الصور التي بحوزة جيرمي بيني. وثم قام جيفري لويس بتبني فرضية أخرى جديدة "بأن لم يكن هناك بطاريات باتريوت اطلاقاً ولم يتم اعتراض صاروخ الحوثي الإيراني .... الخ"، وثم يضيف بأن جيرمي بيني خبير الصواريخ واثق ثقة تامة بأن الفيديوهات لا صلة لها بصاروخ الحوثي الذي أطلق على الرياض، وثم قال أعتقد بأن هذا صحيح أي كلام جيرمي صحيح ..... الخ، استمعوا إلى هذه الجزئية من الحديث حتى نهاية الحوار، وستجدون كمية من التناقضات التي أطلقها جيفري لويس في حواره.
ثامناً: استند المقال إلى صور حطام الصاروخ التي حصل عليها جيفري لويس وفريقه من مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات تويتر لأشخاص عاديين، وفي مقال نيويورك تايمز ادعوا بأن هذه صور الحطام وقد نشرها مسؤولون سعوديون، حتى أصبح قارئ المقال على قناعة تامة بأن المسؤولون السعوديون هم من نشروا صور حطام الصاروخ، لكن المفاجأة الكبرى جاءت عبر تصريح الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، حيث نشرت قناة تلفزيون NBC الإخبارية اليوم 12 ديسمبر 2017 نقلاً عن مصادر مسؤولة مطلعة أن نيكي هايلي المندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الأمن تعتزم تقديم أدلة تؤكد أن إيران تزود الحوثيين بالصواريخ وبأنها تشكل تهديداً للسعودية وحلفاء واشنطن الآخرين، وإنها تنوي أن تعرض خلال أسبوع في مقر الاستخبارات العسكرية الأميركية بواشنطن، مكونات لصواريخ قصيرة المدى، كان الحوثيون أطلقوها في وقت سابق باتجاه الرياض. وثم استطرد الخبر بالقول: "لقد عرضت وسائل الإعلام العربية صورة وصفت بأنها صورة لحطام الصاروخ".
"إلا أن الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الامم المتحدة قال لقناة تلفزيون NBC الإخبارية أن الحكومة السعودية لم تزود وسائل الاعلام بالصورة".
رابط الخبر [link to www.nbcnews.com]
في الحقيقة لا أعلم كيف هو حال جيفري لويس بعد أن قرأ تصريح الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة بأن الحكومة السعودية لم تزود وسائل الإعلام بالصورة.
هذا الخبر الذي نشرته قناة تلفزيون NBC الإخبارية اليوم 12 ديسمبر ينسف فرضية جيفري لويس الذي استند إلى الصورة التي جلبها من حسابات تويتر لأشخاص عاديين، وتصريح الوفد السعودي لدى الأمم المتحدة دحض صحة الصورة. هذا بالإضافة إلى أن جيفري لويس في بحثة الذي نشر خلاصته على صحيفة نيويورك تايمز استند إلى فرضية موقع بطارية الباترويت وثم اتضح بأن الموقع غير صحيح وقد دحض هذه الفرضية خبير الصواريخ جيرمي بيني.
وفي المجمل يمكننا القول أن دراسة جيفري لويس وفريقه من الباحثين والخبراء والتي نشرت خلاصتها في مقال بصحيفة نيويورك تايمز هي رؤية قسرية مبنية على افتراضات نظرية، وجاءت التحليلات مبتسرة لأنهم قفزوا فوق منهج البحث العلمي للوصول إلى استنتاجات مكتوبة مسبقاً وليست نتيجة لمعطيات الحدث مدعمة بمصادر محترمة.
في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقال تحليلي بعنوان: "هل فشل الدفاع الصاروخي الأميركي في السعودية؟"، وقامت الصحف العربية بترجمة بعض الفقرات من المقال ونشره تحت عناوين مختلفة نوعاً ما عن عنوان مقال نيويورك تايمز، ومن ثم انتشر المقال كالنار في الهشيم. والأخ الكريم فادي الشام مشكوراً أدرج بالمنتدى عينة من المقال الذي نشر في صحف باللغة العربية نقلاً عن نيويورك تايمز، وتجدون الموضوع هــنــــــا.
والمراقب لواقع الصحف العربية، الذي لا ينفصل عن واقع ما يعانيه العالم العربي من مشاكل وأزمات على كافة الأصعدة، يجد من خلال ما تعكسه المواد الإعلامية العربية بأنه نقل لمقالات من الصحف الغربية وبالخصوص الأميركية في محاولة لاقناع القارئ العربي إزاء قضية ما ومن ثم تصديقها، لكن دون التمحيص والتدقيق في المعلومات التي وردت بالمقال الأصلي، هذا بالاضافة إلى افتقار الصحف العربية لقاعدة من الباحثين المتخصصين لاسيما في العلوم العسكرية، ولذا دائماً نجد المقال المترجم في الصحف العربية إما مجزأ ومبتور أو منقول بنواقصه وعلله من دون أن تقدم الصحف العربية مراجعة نقدية أو تحليل نقدي للمقال الأصلي، وهذا بسبب افتقارهم لمنهجية التحليل النقدي وعدم توافر باحثين متخصصين في العلوم العسكرية لدى هذه الصحف العربية للتقصي والبحث في المعلومات الواردة بالمقال الأصلي المنشور في الصحيفة الأميركية.
وفي هذا السياق فإن الصحف العربية بنقلهم مقال صحيفة نيويورك تايمز دون أي بحث وتقصي من جانبهم حول المعلومات فقد وقعوا في الأخطاء الفادحة التي احتوت عليها مقال صحيفة نيويورك تايمز، مثل عدم الدقة والتحليلات المتعجلة التي اكتفت بالاستدلال بفيديوهات وصور نشرها أناس عاديون على مواقع التواصل الإجتماعي.
إن مقال صحيفة نيويورك تايمز والذي أعده فريق من الباحثين والخبراء ليس إلا رؤية قسرية مبنية على افتراضات نظرية، قدموا فيه تحليل مبتسر وقاموا بالقفز فوق منهج البحث العلمي للوصول إلى استنتاجات مكتوبة مسبقاً وليست نتيجة لمعطيات الحدث.
وفي هذا الموضوع سنقوم بتوضيح الأخطاء التي وقع فيها مقال نيويورك تايمز، وسنقوم بدحض الادعاءات التي وردت في المقال:
أولاً: يجب التنويه أن مقال نيويورك تايمز كتبه مجموعة من الكتّاب بصحيفة نيويورك تايمز ومعهم مجموعة من الخبراء المتخصصين في العلوم العسكرية الذين يعمل القسم الأكبر منهم بمعهد ميدلبوري "ميدلبوري إينستيتيوت أوف إنترناشونال ستاديز" في مونتيري بكاليفورنيا Middlebury Institute of International Studies in Monterey, Calif، وهي مؤسسة أكاديمية. وبالإضافة إلى عملهم بمعهد ميدلبوري، أيضاً يعملون لدى مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي (CNS)، وكما لديهم مدونة بإسم "أرمز كونترول" ينشرون فيها مقالاتهم وتقاريرهم وكذلك يعقدون حلقات حوارية عبر الراديو وينشرونها على المدونة.
والخبراء الذين ساهموا في مقال نيويورك تايمز يترأسهم جيفري لويس، الخبير في مؤسسة "ميدلبوري إينستيتيوت" والخبير في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي وصاحب مدونة "أرمز كونترول"، وهو الذي أشرف على هذه الدراسة التي عن عدم فعّالية نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (باتريوت)، وثم قاموا بتسليم خلاصة الدراسة إلى صحيفة نيويورك تايمز لنشرها في شكل مقال.
ثانياً: شخصياً أعرف جيفري لويس وكذلك أعرف مجموعة الخبراء العاملين في معهد ميدلبوري، ومركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي (CNS) والمشاركين في مدونة "أرمز كونترول"، وهؤلاء لديهم خوف شديد إزاء ما يحدث مع صواريخ كوريا الشمالية، وازداد قلقهم وخوفهم بعد أن أجرت كوريا الشمالية عدة تجارب ناجحة لصواريخ باليستية وعدم تصدي هذه الصواريخ من قبل اليابان أو كوريا الجنوبية، ولذلك نجد أن جيفري لويس وفريقه يعقدون الندوات يومياً وينشرون المقالات يعبرون فيها عن امتعاضهم الشديد لعدم تصدي صواريخ كوريا الشمالية ومن شدة غضبهم يحاولون في جل مقالاتهم ومنشوراتهم تجيير استنتاجات بأن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي سيء وغيرمجهز لصد جميع أنواع الصواريخ وأن برنامج وزارة الدفاع الأميركية لتطوير منظومة الدفاع الصاروخي يجب اعادة تقييمه ويجب تمويله لكي يكون على قدر كبير من الجهوزية.
ثالثاً: هؤلاء الخبراء غالبيتهم لديهم مشكلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً، ولا يؤيدون سياساته، وميولهم تتجه نحو تيار اليسار المتطرف أو أقصى اليسار المتمثل في نهج وفكر أوباما والحزب الديمقراطي، ولذلك نجد في افتتاحية مقال نيويورك تايمز السخرية والاستهزاء بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، لاحظوا أول فقرتين في المقال تقول:
((خرجت رواية رسمية واضحة من قبل الحكومة السعودية تقول إن القوات السعودية أسقطت صاروخا باليستيا أطلقته جماعة الحوثيين اليمنية المتمردة الشهر الماضي باتجاه العاصمة السعودية الرياض. وكان ذلك بمثابة انتصار للسعوديين، وللولايات المتحدة التي زودت المملكة بنظام الدفاع الصاروخي باتريوت.
وقال الرئيس ترامب "ان نظامنا أخرج الصاروخ من الجو"، وهذا التصريح جاء في اليوم التالي أثناء تواجده على طائرته التابعة لسلاح الجو وهو في طريقه إلى اليابان، وأضاف إحدى الدول الـ 14 التي تستخدم هذا النظام: "لقد ضرب نظامنا الصاروخ من الجو، هكذا نظهر طريقتنا الجيدة، والآن يمكننا بيعه في جميع أنحاء العالم".)) افتتاحية المقال توضح كمية السخرية والاستهزاء من ترامب، رابط مقال نيويورك تايمز: [link to www.nytimes.com]
رابعاً: المقال يقول: "طلبنا تعليق من المسؤولين السعوديين ولكن لم يردو على الطلب". المسؤولين السعوديين لم يعلقوا على طلبهم، فماذا فعلوا؟؟، ذهبوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي بحثاً عن أي شيء نشر في تلك المنطقة والإطار الزمني، للبحث عن أدلة، فجلبوا مقاطع فيديوهات وصور نشرها أشخاص على حساباتهم في تويتر، وهذه الفيديوهات لا أحد يعرف متى صورت؟ وأين؟ وكيف؟؟. والمصيبة أن هذه الفيديوهات والصور اعتمدها جيفري لويس وفريقه كدليل دامغ وتعاموا معها بأنها صادرة من جهات رسمية سعودية لا لبس فيها، وتناسوا بأن هذه الفيديوهات والصور أخذت من حسابات تويتر لأشخاص عاديين.
يقول جيفري لويس في تغريدات على حسابه بتويتر "إنه حصل على الفيديوهات من حساب جريدة الرياض بتويتر ومن مداخلات المغردين على تغريدة حساب جريدة الرياض"،
وأضع لكم صورة من تغريدات جيفري لويس يقول بأنه أخذ الفيديوهات والصور من حساب جريدة الرياض ومن المغردين المعلقين على تغريدة جريدة الرياض:
خامساً: جيفري لويس، المحلل الذي قاد فريق البحث، وأرسل خلاصة نتائج البحث إلى صحيفة نيويورك تايمز، قال في المقال: "تكذب الحكومات بشأن فعّالية هذه النظم، أو أنهم قد تم تضليلهم، ويجب أن يقلقنا هذا حتى الموت".
في الحقيقة المحلل والخبير جيفري لويس لم يكن موفقاً في استخدام كلمة "تكذب"، ففي البحوث والدراسات لا يمكن لأي باحث محايد أن يستخدم كلمة "تكذب" إلا إذا كان لديه مصدر قوي ومحترم يدعم ادعاءه، ولذلك نتائج هذه الدراسة التي قام بها لويس وفريقه لا تتصف بالمنهجية العلمية، وفي الواقع هي مبنية على ما يدور في ذهن ومخيلة لويس وفريقه وغير مدعمة بالمصادر.
سادساً: جيفري لويس قال في المقال: "وقد بالغت الحكومات في فعّالية الدفاعات الصاروخية في الماضي، بما في ذلك ضد صواريخ سكود. وخلال حرب الخليج الأولى، ادعت الولايات المتحدة سجلا شبه كامل في إسقاط بدائل سكود العراقية، لكن التحليلات اللاحقة وجدت أن جميع عمليات الاعتراض قد فشلت تقريباً".
من الواضح أن لويس والفريق الذي معه قاموا باستدعاء حرب الخليج الأولى وأعادوا للأذهان أداء نظام باترويت الصاروخي إبان تلك الحرب، وبذلك فهم رجعوا إلى قبل قرابة 3 عقود، ومن المؤسف أنهم في المقال لم يتطرقوا لسلسلة التجارب والاختبارات التي مرت بها منظومة الباترويت طوال العقود الماضية. هذا التجاهل من قبل لويس وفريقه ليس له سوى معنى واحد وهو أنهم يتعلقون بأي شيء حتى لو كان قديم ومضى عليه عقود فقط لدعم استنتاجهم المكتوب مسبقاً بأن منظومة الباترويت السعودية لم تصد صاروخ الحوثي الإيراني. وكما هو معلوم أن البحوث والدراسات وفق المنهجية العلمية لا تستبق الاستتناج وإنما تصل إلى الاستنتاج بناءً على معطيات مدعمة بالمصادر.
سابعاً: جيفري لويس وفريقه ادعوا في المقال بأن: "هناك سبب آخر يدفعهم للاعتقاد أن الرؤوس الحربية استطاعت تجاوز الدفاعات الصاروخية، فقد حددوا مواقع بطاريات الباتريوت التي حاولت إصابة الصاروخ، ووجدوا أن الرؤوس الحربية قد تجاوزتها تماماً". حيث قام جيفري لويس وفريقه بتحديد موقع محدد في مطار الملك خالد الدولي في الرياض وأعدوا رسماً بيانياً "جيومتري" بناءً على معادلات رياضية وفيزيائية تحدد موقع الباتريوت وموقع تصديه للصاروخ، وهذا هو الرسم البياني الذي أعده جيفري لويس واعتمدت فرضية البحث عليه:
هذه الفرضية التي استند إليها لويس وفريقه والتي تبدو هي لب وجوهر البحث أو الدراسة التي قدموا خلاصتها لصحيفة نيويورك تايمز، استطاع خبير الصواريخ جيرمي بيني Jeremy Binnie أن يدحضها وينسفها، وجيرمي بيني هو غني عن التعريف ويعتبر من أهم الخبراء العسكريين المتخصصين في الصواريخ وأيضاً متخصص في الشرق الأوسط وأفريقيا ويكتب بشكل دوري في موقع جاينز Janes.
جيرمي بيني ناقش وجادل جيفري لويس ودحض الفرضية التي استند إليها لويس في بحثه حول موقع بطارية الباتريوت الذي حدده لويس وفريقه، جيرمي في تغريدة على حسابه قال: "بطارية باتريوت السعودية التي قال فريق لويس بأنها فشلت في اعتراض صاروخ بركان 2 لم تكن تعمل منذ أكثر من سنة. وأقرب بطارية كانت تعمل تقع على مقربة من مطار الملك عبدالعزيز".
هذه التغريدة لجيرمي كانت بمثابة القنبلة في وجه جيفري لويس وفريقه، لأن جيرمي بيني بالإضافة إلى خبرته الطويلة في مجال الصواريخ وأبحاثه ودراساته وتقاريره التي ينشرها عبر موقع جاينز أو عبر مراكز بحثية، هو أيضاً معروف وسط المحلليين الاستراتيجين والباحثين والخبراء بأن لديه صلاحيات واسعة للاطلاع والحصول على صور من الأقمار الصناعية الدقيقة والعالية الجودة والنادرة التي تلتقط لمواقع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهذه النوعية من الصور لا تتوفر لدى 99% من الباحثين والخبراء ومن المستحيل أن يحصلوا عليها ومن هؤلاء الباحثين والخبراء جيفري لويس وفريقه لا يمكنهم الحصول على تلك الصور من الأقمار الصناعية كالتي لدى الخبير جيرمي بيني.
وثم أضاف جيرمي تغريدة أخرى مع صورتين قال: الصورة توضح المواقع ذات الصلة وقاذفات الباتريوت تمت إعادة توجيهم إلى الجنوب، وهذه الصور التي وضعها جيرمي:
هذه التغريدة الثانية أضافت مصداقية لتغريدته الأولى، وعززت من موقفه المعارض لاستنتاجات لويس وفريقه في مقال صحيفة نيويورك تايمز.
جيفري لويس رد على جيرمي بنفس التغريدة وقال له: "لقد بحثنا عن كثب في تلك البطارية - ولكن الفيديو ليس من هناك. فمن المحتمل لربما أنه لم يكن هناك اعتراض أو صد للصاروخ على الإطلاق، وأن الفيديو من حدث في الماضي (أي أن الفيديو قديم)".
هذا الرد لجيفري لويس مضحك للغاية، ففي هذه التغريدة يتبنى فرضية جديدة مختلفة عن تلك الفرضية التي تبناها في مقال صحيفة نيويورك تايمز والفرضية الجديدة هي "لم يكن هناك اعتراض أو صد للصاروخ على الإطلاق". وعلاوة على ذلك يرمي اللوم على الفيديو الذي جلبه من حسابات لأشخاص عاديين وليسوا خبراء على مواقع التواصل الإجتماعي. لاحظوا في نهاية التغريدة يقول "لربما الفيديو من الماضي أي أن الفيديو قديم"
رد عليه جيرمي في تغريدة وقال له: "جيفري لا أستطيع أن أقول لك أين/ متى تم تصوير هذا المقطع (مقطع الفيديو)، لكن صور الأقمار الاصطناعية توضح بأن لم يكن هناك بطاريات باتريوت في موقعك الذي حددته في البحث الذي نشرت خلاصته في مقال نيويورك تايمز، لم يكن هناك باتريوت في 25 أكتوبر أو 28 نوفمبر، لذلك من المستبعد جداً أن في 4 نوفمبر (يوم اطلاق الحوثيين صاروخ على الرياض) كان هناك في موقعك بطارية باتريوت".
تغريدة جيرمي واضحة وضوح الشمس، يقول لجيفري أن الفرضية التي اعتمدتها في بحثك هي فرضية خاطئة وبالتالي استنتاجاتك عديمة الفائدة وغير صحيحة، والسبب لأن الموقع الذي أنت حددته في فرضية بحثك بأن يوجد في ذلك الموقع بطارية باتريوت هو موقع غير صحيح، وجيرمي يقول لجيفري بطريقة غير مباشرة وبأسلوب مهذب أنا معي صور الأقمار الاصطناعية أكثر دقة ووضوح وأنت تعلم بأنني خبير الصواريخ وعندي امكانيات الحصول على صور الاقمار الصناعية الدقيقة العالية الجودة والتي أنت لا تملكها.
رد عليه جيفري لويس بالقول: "من الممكن تماماً أنه لم يكن هناك اعتراض للصاروخ على الإطلاق".
في الحقيقة، جيفري لويس لا يريد الاعتراف بوضوح وبصراحة بأن فرضيته خاطئة وبالتالي استنتاجه خاطئ فقال "من الممكن لم يكن هناك اعتراض على الإطلاق"، عوضاً من أن يشرح لجيرمي صحة فرضية الموقع الذي حدده لمكان بطاريات الباترويت وهو الموقع الذي بنى عليه فرضيته في البحث وبالتالي توصل إلى الاستنتاج الخاطئ الذي يقول "قصور في نظام الدفاع الصاروخي السعودي".
انتهى النقاش، جيرمي بيني لم يرد على جيفري لويس، وهنا توقف النقاش بينهما.
ويبدو أن جيرمي لم يقتنع بكلام جيفري ولم يرغب بالاسترسال في النقاش، ولربما جيرمي سيكتب مقال تحليلي أو تقرير وينشره عبر موقع جاينز أو أحد المراكز البحثية، سنراقب جيرمي لربما خلال الأيام القليلة القادمة ينشر مقال أو تقرير يضع فيه تحليلاته.
صورة للحوار بين جيفري لويس وجيرمي بيني:
لكن المهم في هذا النقاش أن جيفري لويس فهم أن الفرضية التي اعتمدها في بحثه لموقع بطاريات الباترويت السعودية هي فرضية خاطئة وبالتالي الاستنتاج الذي نشر في مقال نيويورك تايمز غير صحيح وغير دقيق، ولذلك قام جيفري لويس بعقد حلقة نقاشية على الراديو الخاص بمدونة "أرمز كونترول" والذي هو وفريقه يشاركون فيها، وأضع لكم تسجيل للحلقة من إذاعة مدونة "أرمز كونترول"، استمعوا لما قاله جيفري لويس، بداية الحلقة من الدقيقة 1:00 إلى الدقيقة 16:58 هي تكرار لما جاء في مقال نيويورك تايمز، واستهزاء وسخرية وهو في الواقع استهزاء من ترامب بالدرجة الأولى، لكن المهم من الدقيقة 17:00 تقريباً إلى نهاية التسجيل 30:00.
رابط الحلقة الحوارية مع جيفري لويس عبر راديو مدونة "أرمز كونترول":
[link to Arms Control]
في الدقيقة 17:00 زميله يسأله عن مواقع بطاريات الباتريوت القريبة من مطار الملك خالد الدولي، وقال له في صيغة سؤال بأن هناك موقعين لقاذفات الباتريوت (طبعاً هو قرأ تغريدات جيرمي بيني ويعرف بأن كلام جيرمي صحيح) المهم هو يقول لجفيري لويس هناك موقعين للباتريوت وفي هذه الحالة هناك استفسارات جوهرية عن هذين الموقعين فما هي معطياتكم؟ أجاب جيفري لويس: "بالفعل هناك موقعين للباتريوت"، وبدأ يتكلم عن الموقعين كما أخبره جيرمي بيني في تغريدات أشرنا إليها سابقاً، لكن المهم في هذه الجزئية أن في مقال نيويورك تايمز لم يتطرق جيفري لويس وفريقه عن وجود موقعين لبطاريات الباتريوت، ففي المقال كل الفرضية تدور حول موقع واحد فقط. وهذا يؤكد لنا أن فرضية بحث جيفري لويس غير صحيحة.
وثم قام جيفري لويس بتغيير دفة الحوار وتحوير السؤال عن الموقعين لقاذفات الباتريوت، استمعوا إلى الدقيقة 17:40 يقول جيفري لويس: "أن وسائل الاعلام السعودية أفرجت عن فيديوهات عن اطلاق 5 صواريخ باتريوت وقاموا بنشر هذه الفيديوهات ونحن قمنا بالتدقيق في هذه الفيديوهات تدقيق شديد وقمنا بفحصها عن قرب، ولسنا متأكدين تأكد بنسبة عالية أو متوسطة ولكن بالأحرى لدينا تأكد بنسبة مقبولة بأن عمود الدخان الذي شاهدناه في الفيديو يأتي من جهة الغرب للمطار ولكننا لسنا متأكدين وعلينا عمل المزيد من البحث حول هذا .... ولكني متأكد بنسبة عالية أن هذا الفيديو التقط في المطار نظراً لشكل المباني في الفيديو يتوافق مع مباني المطار".
وثم في الدقيقة 19:00 يقول: "بأن هذه الفيديوهات والصور لسنا متأكدين منها، وأن خبير الصواريخ جيرمي بيني لديه صور من الأقمار الصناعية أكثر دقة وأكثر مصداقية من التي بحوزتنا.... الخ" وهذا يوضح مدى التناقض في كلام جيفري لويس فتارة يقول بأننا متأكدين أن الفيديو من المطار وثم يقول لسنا متأكدين وجيرمي لديه صور أكثر دقة.
وثم في نفس الدقيقة قال: بأن عمود الدخان الذي في الفيديو من المحتمل غير صحيح بناء على الصور التي بحوزة جيرمي بيني. وثم قام جيفري لويس بتبني فرضية أخرى جديدة "بأن لم يكن هناك بطاريات باتريوت اطلاقاً ولم يتم اعتراض صاروخ الحوثي الإيراني .... الخ"، وثم يضيف بأن جيرمي بيني خبير الصواريخ واثق ثقة تامة بأن الفيديوهات لا صلة لها بصاروخ الحوثي الذي أطلق على الرياض، وثم قال أعتقد بأن هذا صحيح أي كلام جيرمي صحيح ..... الخ، استمعوا إلى هذه الجزئية من الحديث حتى نهاية الحوار، وستجدون كمية من التناقضات التي أطلقها جيفري لويس في حواره.
ثامناً: استند المقال إلى صور حطام الصاروخ التي حصل عليها جيفري لويس وفريقه من مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات تويتر لأشخاص عاديين، وفي مقال نيويورك تايمز ادعوا بأن هذه صور الحطام وقد نشرها مسؤولون سعوديون، حتى أصبح قارئ المقال على قناعة تامة بأن المسؤولون السعوديون هم من نشروا صور حطام الصاروخ، لكن المفاجأة الكبرى جاءت عبر تصريح الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، حيث نشرت قناة تلفزيون NBC الإخبارية اليوم 12 ديسمبر 2017 نقلاً عن مصادر مسؤولة مطلعة أن نيكي هايلي المندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الأمن تعتزم تقديم أدلة تؤكد أن إيران تزود الحوثيين بالصواريخ وبأنها تشكل تهديداً للسعودية وحلفاء واشنطن الآخرين، وإنها تنوي أن تعرض خلال أسبوع في مقر الاستخبارات العسكرية الأميركية بواشنطن، مكونات لصواريخ قصيرة المدى، كان الحوثيون أطلقوها في وقت سابق باتجاه الرياض. وثم استطرد الخبر بالقول: "لقد عرضت وسائل الإعلام العربية صورة وصفت بأنها صورة لحطام الصاروخ".
"إلا أن الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الامم المتحدة قال لقناة تلفزيون NBC الإخبارية أن الحكومة السعودية لم تزود وسائل الاعلام بالصورة".
رابط الخبر [link to www.nbcnews.com]
في الحقيقة لا أعلم كيف هو حال جيفري لويس بعد أن قرأ تصريح الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة بأن الحكومة السعودية لم تزود وسائل الإعلام بالصورة.
هذا الخبر الذي نشرته قناة تلفزيون NBC الإخبارية اليوم 12 ديسمبر ينسف فرضية جيفري لويس الذي استند إلى الصورة التي جلبها من حسابات تويتر لأشخاص عاديين، وتصريح الوفد السعودي لدى الأمم المتحدة دحض صحة الصورة. هذا بالإضافة إلى أن جيفري لويس في بحثة الذي نشر خلاصته على صحيفة نيويورك تايمز استند إلى فرضية موقع بطارية الباترويت وثم اتضح بأن الموقع غير صحيح وقد دحض هذه الفرضية خبير الصواريخ جيرمي بيني.
وفي المجمل يمكننا القول أن دراسة جيفري لويس وفريقه من الباحثين والخبراء والتي نشرت خلاصتها في مقال بصحيفة نيويورك تايمز هي رؤية قسرية مبنية على افتراضات نظرية، وجاءت التحليلات مبتسرة لأنهم قفزوا فوق منهج البحث العلمي للوصول إلى استنتاجات مكتوبة مسبقاً وليست نتيجة لمعطيات الحدث مدعمة بمصادر محترمة.
التعديل الأخير:
