إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْض

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,426
التفاعل
17,565 41 0
إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْض

د.محمد بسام يوسف
التمكين وفق الرؤية الإسلامية

(وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) (الكهف: 83).​
أولاً : إن قصة ذي القرنين مثل القصص الكثيرة الواردة في القرآن الكريم، تهتم بالدرس والعبرة، ولا تهتم بالمكان أو الزمان اللذَيْن وقعت فيهما القصة، بينما عبرها ودروسها صالحة لكل مكانٍ وزمان، شأنها شأن الإسلام ديناً ومنهجاً للحياة، فلذلك لا ضرورة للاستغراق بالزمان والمكان، بل بالفوائد المستقاة لفهم أسس سنن الله عز وجل في الأرض.
ثانياً : ليس صحيحاً ما يذكره بعض الناس بأن ذا القرنين هو الإسكندر المقدوني، وهذا من الدسّ الذي دُسَّ على القصة منذ القديم، فالفرق بين الرجلين واسع، ولا يمكن بحالٍ من الأحوال المقارنة بينهما، وعلينا أن نتنبّه إلى ذلك، لماذا؟!..
لأن ذا القرنين –كما ورد ذكره في القرآن الكريم- وأخبرنا عنه الله عز وجل في كتابه المبين الصادق الأمين.. ملك موحِّد، مؤمن، عادل، صالح .. بينما الإسكندر هو ملك إغريقي وثني، كافر، ظالم، فاسد!.. وشتان.. شتان، ما بين الرجلين!..
ثالثاً : لن ندخل في تفصيلات القصة، لكننا سنهتم بتحليل بعض المواقف والسياقات فنقول :
- كيف يمكن للمسلم أن ينفّذ منهج الله عز وجل في الأرض، فيحقق بذلك النصر والعدل والرخاء والسعادة للبشرية؟!.. وقبل ذلك يحرّر نفسه وأمّته من تسلّط الأرباب المزيَّفين، ومن هيمنة العدوّ وجبروته وطغيانه؟!..​
الجواب في قول الله عز وجل: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) (الكهف:84).
- إذن الجواب: بتمكين الله سبحانه وتعالى!..
- لكن ما عناصر التمكين التي يجب أن يمتلكها المسلم حتى يتحرَّر وينتصرَ على عدوّه ويظهرَ عليه؟!..​
- الله عز وجل يجيب: (.. وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)، أي : آتينا الملكَ الصالِحَ ذا القرنين أسباب التمكين كلها.. وقد أجملها المفسّرون بما يلي:
أ- قوّة الحكم والسلطة والسلطان.
ب- وقوّة الوسائل والأدوات اللازمة لحماية حكم الله في الأرض.
ج- وقوّة العلم والانفتاح على الكون واستخراج ما يمكن (بالعلوم المختلفة) أن يدعّمَ به الإنسانُ المسلمُ سلطةَ المنهج الربّانيّ في الأرض، حتى لا يتغلب عليه العدو في ذلك!..
إذن: لابد من توافر أمرين اثنين أساسيَّيْن متعاضدَيْن، لتحقيق الغلبة على العدو، هما :
1- تمكين الله عز وجل، ومدّ عباده المؤمنين المجاهدين في سبيله.. بالقوّة والتأييد والدعم غير المحدود!..​
2- استحقاق المسلم المجاهد لتمكين الله عز وجل له.. وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بالعمل واتخاذ كل الأسباب الممكنة للتغلب على العدو، وأول ذلك -كما قلنا- : الصلاح، والعدل، وامتلاك القوّة المادية التي أساسها: الرغبة بتنفيذ أمر الله عز وجل في (عمارة الأرض) وتحكيم منهج الله سبحانه وتعالى في هذه الأرض، لتحقيق سعادة الإنسان ورخائه!.. فلننظر إلى الكلام الدقيق المجمل الذي يختصر كل ذلك بأسلوبٍ قرآنيٍ إلهيٍ رائع: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ..) أي أيدناه ومددناه بالتمكين والعلوّ في الأرض، لكن كيف؟!.. (.. وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)!.. أي منحناه كل أسباب الظهور والعلوّ في الأرض (سنذكرها تالياً في سياق الآيات الكريمة إن شاء الله)!..
ولكي لا يظن المرء بأن الله منح ذا القرنين ذلك التمكين من غير تعبٍ ولا نصبٍ ولا بحثٍ عن أسباب القوّة.. نقول: إن ما حمله معنى الشق الثاني من الآية العظيمة هو: إن الملك الصالح ذا القرنين، كان عالِماً يمتلك العلم والقوّة المادية، وقوياّ غنياً، وعادلاً صالحاً.. فاستحق بذلك تأييد الله وتمكينه، لأنه امتلك كل الأسباب الضرورية لتأييد الله عز وجل، أكرر: فاستحق تأييد الله عز وجل.. فمكّنه الله وأيّده وأظهره على غيره من الناس، ونَصَرَه، فحكم بين الناس بالعدل والقسط، وبمنهج الله الواحد الأحد لا شريك له!..
والقرآن الكريم يريد أن يعلّمنا بأن كل أمرٍ في هذه الدنيا لا يمكن أن يسير إلا وفق مشيئته سبحانه وتعالى، وحسب قوانينه ودستوره فقال: (.. وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)!.. ولم يقل مثلاً: (وامتلك ذو القرنين كل شيءٍ سبباً)!.. أي أن المعنى ضمني بديهيّ، فبعد أن قام الملك الصالح باتخاذ الأسباب وفق سنن الله سبحانه وتعالى في أرضه.. استحق عندئذٍ التمكين، لأنّ كل شيءٍ يسير بعلم الله ومشيئته!.. وكل هذا التمكين حتى بعد اتخاذ الأسباب اللازمة من قبل المسلم.. هذا كله لا يتحقق إلا بمشيئة الله عز وجل وحده، لا بمشيئة أي قوّةٍ طاغيةٍ من البشر في الأرض مهما طغت وعَلت وتجبّرت، سواء أكان الطغاة داخليين على المستوى الوطني، أم خارجيين عالميين على مستوى العالَم!..
أولى خطوات النصر والتمكين :
الالتزام بشرع الله ودستوره ، وتحقيق العدل بين الناس

لقد فتح الله على الملك الصالح العادل (ذي القرنين) البلاد كلها: في الغرب والشرق، فكيف فتحها؟!.. وكيف دانت له وسلّمت لحكمه؟!..
القرآن العظيم يجيب: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً) (الكهف:87)، هذا من جهة، ومن جهةٍ ثانية: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً) (الكهف:88).
هكذا إذن: بتحقيق شرع الله عز وجل ومنهجه، وإعلان دستوره العادل الصالح لكل زمانٍ ومكان، وشرع الله سبحانه وتعالى لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه، فهو العدل المحض، والحق الخالص، كيف؟!..
1- الظالم المعتدي ينبغي أن يحاسَب ويعاقَب في الدنيا قبل الآخرة كلما كان ذلك ممكناً، ويُقتَصَّ منه ويجرَّد من كل مسؤوليةٍ أو منصبٍ أو مهمةٍ موكلةٍ إليه، لأنه ظالم لا يستحق أن يحكمَ الناس أو أن يسوسَهم أو أن يتحمّلَ مسؤوليتهم ومسؤوليةَ شعبٍ وأمة!.. والموالون للظالمين ظالمون مثلهم، لا يمكن أن يحققوا العدل والحرية لشعوبهم، لأنهم بدأوا أول ما بدأوا بطريق الظلم والكيد وتولي الكافرين والظالمين والغاصبين، لذلك فإقصاء هؤلاء الظلمة واجب شرعي لا يمكن أن يتحققَ تحرير ولا عدل ولا حرية من غيره، أي: من غير إقصاء الظالمين ومَن يوالونهم ويتحالفون معهم، ويتآمرون على الأمة بالاستقواء بهم، ويضربون بسيف الظلمة الفاجرين، الذين يتسلّطون على العباد أو يحتلّون البلاد!..
2- هل يكفي ذلك؟!.. لا .. لا يكفي!.. فمن دواعي تحقيق العدل أيضاً وتحقيق شرع الله عز وجل، لتحقيق شروط التمكين والنصر على العدوّ.. لكل ذلك.. لا بد أيضاً من أن يُستكمَلَ الشق الثاني من عملية تحقيق العدل وهو: إكرام المؤمنين المجاهدين، والإحسان إليهم، ومدّهم بأسباب القوّة، ودعمهم بكل ما يمكن من أبواب الدعم، والتحالف معهم تحالفاً مصيرياً لصالح الأمة كلها، ومعاملتهم المعاملة الطيبة، وحفظ غيبتهم، والدفاع عنهم، وتيسير مهماتهم الجهادية بشتى أنواعها وصنوفها!.. كما ينبغي على الحاكم أو ولي الأمر (إذا أراد أن يكون عادلاً مؤمناً حقاً).. عليه أن يقرّب شرفاء الناس الأكْفَاء إليه، ويسلّمهم المهمات والمسؤوليات للقيام بأعباء الأمة، وخدمتها، والدفاع عنها، وعمارة أرضها، وبناء إنسانها وأوطانها!..
3- وهكذا.. فالأمة التي يجد فيها الشريفُ العفيفُ المؤمنُ المجاهدُ.. الكرامةَ والتيسيرَ والحسنى والموقعَ الذي هو أهل له.. والتي لا يجد فيها الظالم الفاسد المعتدي الخارج عن أسس التعامل الأخلاقي والقِيَمي والإنساني بين البشر.. إلا القصاص والتحجيم والإبعاد عن المواقع الحساسة وغير الحساسة.. هذه الأمة التي يكون فيها العزيز كريماً، والوضيع شقياً مُهاناً (كما يستحق).. هذه الأمة تستحق نصر الله وتأييده وتمكينه، ولا تمنعها عن ذلك أية قوةٍ في الأرض مهما بلغت، لأن قوّة البشر والطغيان والاحتلال والاغتصاب مهما بلغت.. لن تصل إلى مستوى قوّة الله عز وجل القويّ الجبار!..
4- فلينظر المسلمون أي القوّتين يختارون؟!.. هل يختارون مثلاً التحالف مع قوّةٍ بشريةٍ طاغيةٍ باغيةٍ ظالمة، أم مع قوّة الله عز وجل التي لا تغلبها قوّة في هذا الكون؟!.. وهل يتجاهل المسلمون قوّة الله الأعظم، لتحقيق التحرير وعمارة الوطن والأرض، ويلهثون وراء القوى البشرية الطاغية؟!..
5- فالظالمون وأذنابهم، لن يحققوا شيئاً ولا نصراً ولا نجاحاً، لأنّ من سنن الله عز وجل الراسخة: أن يزولَ الباطل والظلم، وتنتصر قوّة الله الجبار المنتقم في النهاية.. والعاقبة للمتّقين، فلنكن على ثقةٍ تامةٍ راسخةٍ لا تتزعزع، بأن نصر الله –حين استحقاقه- آتٍ لا ريب فيه إن شاء الله مهما كانت الظروف قاسية، وما علينا إلا الانحياز إلى قوّة الله أولاً، والعمل الجاد لتحقيق شروط النصر والتمكين ثانياً!..
إيجاز الثمرة

إن ذا القرنين كان ملكاً صالحاً عادلاً، سعى إلى تنفيذ حكم الله ومنهجه ودستوره في الأرض، وركنه الأساس هو: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً)، أي: الاقتصاص من الظالم والفاسد والخائن والمنافق، وإبعادهم عن مواطن المسؤولية والقرار، ومواقع التحكم بعباد الله بغير حق، وابتعاده عن موالاة الطغاة المجرمين الظالمين.. وبالمقابل: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً)، أي: تقريب المحسن المجاهد الصالح التقي النقي الأمين المخلص لبلده وأمته، وتسليمه مواقع المسؤولية وأمانة الأمة ومواقع اتخاذ القرار، للحكم بما أنزل الله، ولعمارة الوطن والأرض لصالح الإنسان والشعب والأمة!..
لكن حين تختل الموازين، وتسير الأمور بعكس ما أمر به الله جل وعلا.. ما الذي يحصل؟!..​
يختلّ كل شيء، وتضطرب الأمور، فيصبح الظالمون الفاسدون الخائنون المجرمون.. هم المقرَّبين الحاكمين المتسلّطين على الناس!.. وبالمقابل يصبح المؤمنون المخلصون الأوفياء الصالحون.. هم المبعَدين المنبوذين المحارَبين المضطَهَدين!.. عند ذلك: ستتحوّل السلطات إلى أدواتٍ للشرّ والقهر والفساد والظلم والعذاب.. ويختل بذلك نظام الأمة والوطن، وتعمّ الفوضى، وينتشر الظلم، وتهوي الأمة إلى هاويةٍ ليس لها قرار، ويهوي الوطن إلى قبضة العدوّ وأعوانه وأذنابه، فتفقد الأمة والوطن هويّتهما وحرّيتهما وكرامتهما!.. وخير دليلٍ على ما نقول، هو ما نشهده اليوم بأم أعيننا في وطننا وبعض أوطان العرب والمسلمين.
ثلاثية النصر والتمكين :
الأخلاق الفاضلة .. والقوّة المادية والعلمية الممكنة .. والتوكّل على الله
ذو القرنين يصل إلى منطقةٍ بين السدّين، ويلتقي بقومٍ متخلّفين حضارياً، يعانون من عدوان يأجوج ومأجوج وطغيانهم وفسادهم.. هؤلاء القوم المتخلّفون الضعفاء يطلبون من الملك الصالح القويّ، أن يجدَ لهم الحل الأمثل لمنع عدوان المعتدين المفسدين في الأرض (يأجوج ومأجوج):
(قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً) (الكهف:94).​
ويرفض الملك الصالح أي مالٍ أجراً على بناء السد الذي سيحمي القومَ من المفسدين الطغاة، لأنه صاحب رسالة، وسبق أن أعلن أنه يسير على منهج الله عز وجل في إحقاق الحق وإبطال الباطل، فهذا واجبه بل فرضٌ من الله عليه، ومهمة أوكلها سبحانه وتعالى إليه، هي تحقيق العدل بين الناس، وتحريرهم من الخوف والاستعباد والعبودية لغير الله، وانتزاع حقوقهم، ومعاقبة المعتدين المتجبّرين عليهم، وصد أذاهم وطغيانهم!..
وهكذا.. فصاحب الرسالة ليس مرتزقاً، ولا يتقاضى أجراً على جهاده لإحقاق الحق وإبطال الباطل، إلا من الله عز وجل، وهو لا يجاهد في سبيل أحدٍ من البشر، بل في سبيل الله وحده لا شريك له، لذلك فالأجر لا يُستوفى إلا من الذي كلّفه بمهمة الجهاد والعمل الهادف، وهو الله سبحانه وتعالى:
(قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) (الكهف:95).​
فالتمكين هو من الله عز وجل أولاً وآخراً، وكذلك الأجر منه أيضاً وليس من أحدٍ سواه!..
نلاحظ هنا أن الملك الصالح ذا القرنين استخدم وسائل علميةً متقدمةً للتغلب على العدو المفسد، ومن ذلك أنه استخدم النحاس المذاب مع الحديد، وقد اكتشف الخبراء في عصرنا هذا، أنّ هذه الطريقة تُضاعف من صلابة الحديد ومقاومته إلى درجةٍ كبيرة، فهل نتعلّم ونتخذ العبرة؟!..
وبعد أن تغلّب ذو القرنين على العدوّ، لم يصبه الغرور، ولم يشعر بالجبروت، ولم يتكبّر على القوم الذين حماهم وصد عنهم ظلم الظالمين وفساد المفسدين وعدوان المعتدين.. بل أرجع ذلك كله إلى فضل الله عز وجل عليه وعليهم، لأنّ القوّة هي قوّة الله، والعلم هو علم الله، والنصر هو نصر الله وحده لا شريك له، الذي نصرهم على الطغاة المجرمين المعتدين الجبارين الفاسدين، الذين كان يظن الناس أن لا قوّة ستردّهم أو ستردعهم:
(قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً) (الكهف:98).
ما أعظم هذه الأخلاق، وما أروع هذه الرسالة.. فهل نستوعب الدرس!..​
لنلاحظ هنا أمراً في غاية الأهمية، هو أنّ أولئك القوم الضعفاء، انتصروا على عدوّهم على الرغم من ضعفهم لأسبابٍ مهمةٍ جداً، أهمها:
1- أنهم سلّموا أمرهم لقيادةٍ حكيمةٍ.. قادرةٍ.. قويةٍ.. تحكم بما أنزل الله!..
2- أنهم امتثلوا إلى شرع الله عز وجل، واقتنعوا بأن النصر من عنده وحده!..
3- أنهم فعلوا ما طُلِبَ منهم، وبذلوا ما عليهم من جهد، واتخذوا كل الأسباب الممكنة التي توافرت لهم (على تواضعها)، لرد العدوان عن ديارهم ووطنهم!..
4- أنهم لم يستكينوا لعدوّهم مطلقاً، ولم يتخاذلوا، ولم يتآمروا على أنفسهم وعلى قومهم، ولم يخونوا وطنهم وشعبهم وأمتهم تحت أية ذريعةٍ من الذرائع، بل استمروا في البحث عن تحرير أنفسهم من سطوة عدوّهم الفاسد وتسلّطه عليهم، إلى أن وجدوا الحل الأمثل المجدي!..
5- أنهم اعترفوا بقوة ربهم العظيمة، وسلّموا بذلك على لسان الملك الصالح ذي القرنين: (..فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً)!..
6- أنهم توكلوا على الله وحده لتحقيق النصر على أعدائهم، لأن النصر من عند الله وحده.​
فاعتبروا يا أولي الأبصار.. ألا هل نعتبر؟!.. وهل نتعلّم؟!.. وهل نستوعب سنن الله عز وجل في أرضه وعباده، التي لا تتغيّر ولا تتبدّل عبر الأزمان والقرون، ومهما تطاولت السنين؟!.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
عودة
أعلى