"الحرب حربنا، وسنفدي كل قطرة دم سالت من دماء أبنائنا... لدينا مسؤولية تجاه شهدائنا الأبطال"
بهذه الكلمات إستقبل أمر فيلق القوات الخاصة للجيش التونسي فريق موزاييك في مقر قيادة الفيلق ببنزرت أو ما يعرف بـ"G.F.S" حيث تمكنا من الاطلاع عن كثب من خلال تمارين تطبيقية لعمليات بيضاء على مهام نخبة نخب الجيش التونسي.
من منّا لم يتوقف ولو مرة واحدة عند الدور الكبير الذي تلعبه اليوم المؤسسة العسكرية في حرب تونس الشاملة ضد الارهاب المتواصلة منذ سنوات، ولكن العديد يجهل ما قامت به القوات الخاصة وما تزال في اكثر العمليات أهمية سواء كانت دفاعية أواستباقية أوهجومية لدحر الارهاب على اراضينا.
لمحة تاريخية
تأسس هذا الفيلق العريق منذ السنوات الاولى لدولة الاستقلال وقد كان ذلك تحديدا يوم 01 افريل 1965 حيث تم بعث اول وحدة وهي فوج الطلائع.
وفي سنة 1980 تم بعث لواء المظليين الطلائع الذي انظم سنة 1988 الى فوج الطلائع ليصبح "لواء القوات الخاصة للجيش التونسي" قبل ان يتحول الى فيلق في غرة اكتوبر 1993.
ولمواكبة التطورات والمتغيرات وخاصة تلك المتعلقة بالتهديدات والارهاب كان الفيلق محل اعادة هيكلة مستمرة ولعل اهمها اضافة وحدات جديدة لفيلق القوات الخاصة لتعزيز دوره في مقاومة الارهاب او تحطيمه كما يقول عناصر الفيلق.
مهام الفيلق
لفيلق القوات الخاصة ثلاث مهام أساسية:
أولها ذات طابع عام وتتمثل في المساهمة في حفظ النظام ونجدة المواطنين عند الكوارث الطبيعية على غرار بقية وحدات جيش البر.
ثاني هذه المهام تتعلق بالتكوين في مجال المظليين والطلائع والتدريبات الفنية الخصوصية لفائدة القوات المسلحة.
أما أبرزها فهو الدفاع عن حرمة تونس عن طريق تنفيذ العمليات القتالية ذات الطابع العسكري البحت في أي مكان من تراب الجمهورية بعد الانتشار حسب الحالة والظرف باستعمال كل الوسائل, البرية والجوية والبحرية منها.
وقد برزت قوة الفيلق بصفة خاصة من خلال التمارين التطبيقية التي واكبنا عينة منها. ففي عمليات بيضاء بالذخيرة الحية شاهدنا كيف يقع تحرير الرهائن وحماية الشخصيات علاوة على تدخلات ضمن مواجهات قتالية خاصة لمجابهة الارهاب والاشتباك خلف خطوط العدو والاستطلاع في العمق لجمع المعلومات.
فيلق جاهز للتدخل في 15 دقيقة 24/24 ساعة
يمثل العنصر البشرى حجر الزاوية في مقر القيادة ببنزرت من خلال اختيار النخبة من الأكادمية العسكرية ومن مختلف مدارس جيش البر. ويكون ذلك عن طريق تربصات واختبارات عديدة وصارمة للوقوف على مدى جاهزية العناصر واسعدادها بدنيا وذهنيا للالتحاق في مرحلة أولى بالمظليين قبل دخول تربص الطلائع.
وفي مرحلة ثالثة وبعد سنتين من التكوين يتم اختيار أحسن العناصر للانتماء للقوات الخاصة والتي تخضع لاختبار جديد للالتحاق بوحدة "وحدة التدخل" التي تعتبر نخبة النخبة ضمن فيلق القوات الخاصة للجيش.
وفي مقاومة الارهاب يعمل الفيلق حسب خطط عملياتية خاصة به تتمثل في البحث عن الارهابيين والمبادرة بالهجوم وعدم تمكينهم من الاستقرار في مكان واحد.
تركيبة فيلق القوات الخاصة للجيش التونسي
يتركب فيلق القوات الخاصة من لفيف متكامل يعمل بالتنسيق بين مختلف وحداته في كل مراحل العملية من الاستطلاع والعمل المعلوماتي الى الهجوم و"التحطيم".
- · عنصر القيادة: هي الوحدة الاساسية في الجانب العملياتي للتنسيق والاتصال المباشر مع كافة العناصر على الميدان.
- · عناصر الاستطلاع الخاص متكونة من تشكيلات يتغير عددها حسب خصوصية كل عملية تكون مهمتها الاساسية الانتشار في مسرح العملية للبحث عن العناصر الارهابية وتعقبها مع الحصول على المعلومات الأولى لما يجري في الميدان. وتتكون عناصر الاستطلاع الخاص من تشكيلتين، الاولى منها خاصة بالجبال والمرتفعات والغابات بينما الثانية في المناطق الصحرواية وبإمكان عناصر الاستطلاع الخاص المكوث في مسرح العملية لأسبوع كامل أو اكثر اذا اقتضى الأمر ذلك حتى تحقيق الهدف المرجو.
- · أما نخبة القوات الخاصة أو تشكيلات التحطيم فهي وحدة التدخل الخاصة لها من الخبرة والكفاءة والقتال ما يخول لها الهجوم على تجمعات الارهابين بالسرعة والمباغتة الضروريتين دون ترك المجال لها لرص الصفوف أو رد الفعل بشكل منظم.
تدخلات القوات الخاصة لا يحددها ظرف الزمان ولا عنصرالمكان (مناطق عمرانية جبال أودية, صحراء...) هي قوة ضاربة تحسن التدخل كذلك من الجو. عناصرها مدربة على القفز بالمظلات من علو يصل الى 4000 متر والنزول على سطح البحر أو البر للقتال مباشرة.
النصر أو الاستشهاد
وللقوات الخاصة شعارها "النصر أو الاستشهاد " وهي عقيدة ونمط حياة فيلق قدم لتونس 18 شهيدا و74 جريحا في مختلف عمليات التصدي للارهاب التي عرفتها بلادنا منذ 2011. عناصره منتشرة اليوم في ثماني مناطق من الجمهورية التونسية وهي على أهبة للتدخل في ظرف زمني لا يتجاوز 15 دقيقة مثلما كان الأمر في بن قردان ومتحف باردو ...
فيلق اكتسب من الخبرة والكفاءة وتكنولوجيات معلوماتية وقتالية متطورة ما جعله اليوم مصدر اعجاب واحترام من قبل جيوش من العالم التي شاركها خلال المنتصف الأول من هذه السنة 38 تربصا.
المبادرة والبحث عن الارهابيين "لتحطيمهم" وبعث الرعب في نفوسهم هو الهدف الأساسي لهذه النخبة التي لن يهدأ لها بال حتى تخليص تونس من أخر ارهابي على أراضيها.