الخارجية الأميركية تعرقل مبيعات الأسلحة لصفقة 110 مليار دولار السعودية
جوش روجين، واشنطن بوست
ترجمة: عبير البحرين
وصلت التوترات بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية حول كيفية التعامل مع الصراع القائم بين الدول الخليجية وقطر إلى نقطة الغليان، وذلك بسبب ما يعتبره البيت الأبيض أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أوقف بيع مجموعات كبيرة من مبيعات الأسلحة التي سبق وافق عليها الرئيس ترامب خلال شهر مايو الماضي.
أربعة مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، تحدثوا مع "الواشنطن بوست" على شرط عدم كشف هويتهم، لأنهم يريدون مناقشته ضمن التعاملات الإدارية الداخلية، وقالوا: منذ أشهر، وأجزاء ضخمة من حزمة مبيعات الأسلحة التي أعلنها ترامب خلال رحلته إلى المنطقة أصابتها بالفتور، بما في ذلك الصفقة التي قيمتها أكثر من 110 مليار دولار للمملكة العربية السعودية، وأن ترامب وفريقه في البيت الأبيض يشعرون بالإحباط بنحو متزايد تجاه وزير الخارجية تيلرسون. في حين الكونغرس علّق بعض الصفقات، فإن البعض الآخر كانت خطواتها بطيئة نظراً لمحاولة تيلرسون فرض نفوذ أثناء محاولته للتوسط في العداء العائلي الخليجي.
مسؤول كبير في البيت الأبيض، قال: ان "هناك مبيعات قابعة على مكتب وزير الخارجية، وأن القائمين في البيت الابيض يحاولون تنظيم ردودهم لإجبار وزارة الخارجية بالقيام بما ينبغي عليها القيام به منذ وقت طويل".
وفي هذا السياق، مسؤولو البيت الأبيض جادلوا بالقول: "إن وقف مبيعات الأسلحة ليس فعالاً فى الضغط على المملكة العربية السعودية لتقديم تنازلات لقطر. وعلاوة على ذلك، إن التأخير يعوق آلاف الوظائف في صناعة الدفاع الأميركية، ويقوّض مصداقية أميركا كمورد موثوق به لأسلحة الدفاع".
في الحقيقة، بالنسبة لترامب الأمر يتعلق إلى حدِ كبير بأنه أعطى كلمته عن الصفقات، والآن مسؤولو البيت الأبيض يرون أن وزير الخارجية الخاص بإدارته يخلف في كلمة ترامب. ووفقاً لمسؤول آخر فى البيت الأبيض، قال: ان الرئيس شخصياً يشعر بالإنزعاج لعدم تحقيق تقدم فى صفقات بيع الأسلحة، وأضاف المسؤول: "إن هذه التزامات تعهد بها الرئيس، وهو يسألنا بإستمرار عنها، ولا نعرف ماذا نقول له".
تلك الحزمة الكاملة الضخمة لمبيعات الأسلحة تمثل أكبر حزمة مبيعات أسلحة على الإطلاق من قبل الولايات المتحدة، ولكنها، في الواقع، هي تكتل لعدة مجموعات من مبيعات الأسلحة ولعدة ظروف مختلفة. وجزء كبير من المبيعات، التي تم الإعلان عنها في الرياض، استند إلى صفقات تم التوصل إليها خلال إدارة أوباما أو من ضمن المبيعات التي كانت فعلياً قيد الإنشاء.
وبعد قمة مايو مباشرة، وافقت وزارة الخارجية والكونغرس على بعض المبيعات الجديدة، بما في ذلك بيع مقاتلات من طراز F-16V إلى البحرين. لكن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر (جمهوري من ولاية تينيسي) أرسل إلى تيلرسون في أواخر يونيو الماضي خطاب يقول فيه "إنه لن يوافق على أي مبيعات أخرى من الأسلحة الفتاكة لحلفاء الخليج إلا إذا كان هناك مزيداً من الوضوح حول مسار حل الصراع الخليجي مع قطر".
ويعتقد البيت الابيض أن تيلرسون وكوركر يعملان معاً لوقف الصفقات. ووفقاً لمسؤول في البيت الابيض قال: ان من خلف الكواليس كلاهما، تيلرسون وكوركر، يلقيان اللوم على بعضهما البعض. والمصادر أكدت على أن تيلرسون كان على علم مسبق برسالة كوركر لوقف صفقات الأسلحة، وأنه أعرب عن تأييده، وأشار بأنه سيكون له تأثير إيجابي على زيادة نفوذه الدبلوماسي.
ووفقاً لمساعد السيناتور كوركر، قال: بأن في يوم 15 سبتمبر تحدث ترامب مع كوركر عن الحزمة الضخمة لمبيعات الأسلحة، ولكن موقف كوركر لم يتغير.
وأضاف مساعد كوركر: أن السيناتور كوركر سيبدأ مرة أخرى بتقديم موافقة غير رسمية على المبيعات المستقبلية عندما يتقدم مسار تسوية النزاع إلى الأمام، ويرى بأن هذه أداة لإدارة نفوذ إضافية.
كما يشعر مسؤولو البيت الأبيض بالانزعاج إزاء كوركر، لكنهم يعتبرون تيلرسون العقبة الرئيسية. ومسؤولون في البيت الابيض قالوا: ان تيلرسون شخصياً يحتجز بعض البنود التي تعتبر من أكبر بنود الصفقة الضخمة، مثل بيع منظومات الدفاع الصاروخي THAAD الى السعودية.
ومنذ أن بدأت أزمة الخليج، اتخذ تيلرسون وكوركر موقفاً مختلفاً عن البيت الأبيض، سعياً للضغط على السعودية والأطراف الأخرى للتفاوض على إنهاء "حصارهم" على قطر.
وقد انتقد ترامب قطر بشكل متكرر، وأعرب عن تأييده للمملكة العربية السعودية. وكان مستشار البيت الأبيض الكبير جاريد كوشنر، الذي لعب دوراً أساسياً في ترتيب صفقات بيع الاسلحة قبل قمة الرياض، أقام علاقات وثيقة مع القيادة السعودية وخصوصاً ولي العهد الجديد محمد بن سلمان.
ووفقاً للباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، الزائر لدى معهد المشروع الأميركي American Enterprise Institute أندرو بوين: "في عقول ترامب وجاريد، بأن كل شيء تم التعهد به من قبل القيادة السعودية. كل شيء يمر عبر السعوديين، والقطريون بحاجة لتحقيق النجاح".
وقد حاول تيلرسون التوسط بين الطرفين، لكنه يشعر بالقلق لأن تصرفات البيت الأبيض تقوّض جهوده الرامية للتوصل إلى موقف متوازن. على سبيل المثال، بعد أن سافر كوشنر إلى العديد من دول الخليج الشهر الماضي، دعا تيلرسون كل من وزراء خارجية تلك الدول للتأكد من أن كوشنر لم يرسل رسائل متضاربة حول السياسة الأميركية بشأن الأزمة، كما قال لي مسؤول كبير في وزارة الخارجية.
المتحدث بإسم تيلرسون، ومستشار الاتصالات بوزارة الخارجية، روبريت هاموند، أخبرني بأن الرئيس ترامب وتيلرسون بينهما "محادثات مستمرة" حول كيفية مساعدة الولايات المتحدة في توجيه دول مجلس التعاون الخليجي لحل الصراع. وقال "إن أحد نتائج هذا التعاون هو الدعوة التى وجهها الرئيس مؤخراً إلى قرار للحل". وأضاف "ان كلاً منهما يفهمان كيف سيتم استخدام نقاط الضغط الأخرى للتشجيع على الحل العاجل".
أما الخبراء قالوا: أن السعودية ودول الخليج الأخرى يعتمدون على البيت الأبيض لكبح جماح تيلرسون، ولذلك يقاومون محاولاته لدفع الضغط عليهم، وقد قال بريان كاتوليس، وهو زميل أول في مركز التقدم الأميركي Center for American Progress: "عندما تحصل على رسائل مختلطة من الولايات المتحدة، فإن النزعة تميل للنظر إلى البيت الأبيض". وأضاف "ان دولاً أخرى فى العالم وشركاؤنا الرئيسيين ترى هذا الأمر وثيق وشخصى ويختارون تجاهل ما لا يريدون سماعه، وهنا نقصد به هو رسالة تيلرسون".
ويعد هذا النزاع جزءاً من عدم الارتياح العام المتزايد لدى البيت الأبيض مع تيلرسون، الذى يزداد عزلة داخل الإدارة. ولا يعتقد المسؤولون الإداريون أن تيلرسون سيغادر منصبه قريباً، ولكن هناك حديث متزايد حول تعزيز السفير الامريكى لدى الأمم المتحدة "نيكي هالي" لقيادة وزارة الخارجية اذا ما استقال تيلرسون.
ويوم أمس الخميس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقي ترامب بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأعرب ترامب عن أنه يشعر وبشدة أن الأزمة سوف سيتم حلها سريعاً.
وفي الختام، كلما طال أمد هذا الصراع، فإن ما هو أسوأ سيكون عواقبه ليس فقط على بلدان المنطقة، بل أيضاً على العلاقة بين الرئيس الأميركي ووزير خارجيته.
المصدر
[link to washingtonpost.com]
ترجمة عبير البحرين
التعديل الأخير: