باعتراف فينوجراد ..[SIZE=+0]
حزب الله سحق إسرائيل
رغم أن التقرير النهائي للجنة فينوجراد حول الإخفاقات في الحرب الأخيرة على لبنان جاء مغايرا لما سبق ونشرته اللجنة ذاتها العام الماضي فيما يتعلق بتحميل أولمرت المسئولية المباشرة إلا أن الاعتراف بالهزيمة بقى الشيء الوحيد الذى لم يجرؤ أحد على التشكيك فيه خاصة وأن خسائر إسرائيل التى تناقلتها وسائل الإعلام مازالت ماثلة في أذهان القاصي والداني .
محيط - جهان مصطفى
وكان التقرير النهائي قد كشف عن فشل وتقصير على مستوى الجيش الإسرائيلي كما أكد أن إسرائيل عجزت عن تحقيق النصر على منظمة شبه عسكرية في إشارة إلى حزب الله .
ومع أنه بهذا حمل الجيش المسئولية الأولى إلا أن هذا لايعني أن حكومة أولمرت ستستقر لها الأمور فهناك مؤشرات قوية حول احتمال تصاعد حالة الغليان ليس داخلها فقط وإنما على مستوى إسرائيل بأكملها خلال الأيام المقبلة.
ومن الأمور التي ترجح صحة هذا الأمر أن وزير الحرب عن حزب العمل إيهود باراك يتعرض الآن لضغوط من داخل حزبه كي يفي بوعده الذى كان قد أطلقه قي أعقاب التقرير المبدئي للجنة فينوجراد وهدد خلال بإسقاط أولمرت بعد نشر التقرير النهائي .
وهذا ماعبر عنه بوضوح الأمين العام لحزب العمل إيتان كابل ، قائلا :" التقرير المبدئي للجنة طلب من أولمرت تحمل مسئولياته حول إخفاقات الحرب في لبنان صيف 2006 ، وقد منحته الطبقة السياسية فرصة حتى صدور التقرير النهائي، والآن لانستطيع الحديث عن معايير سلوك في ممارسة السلطة إذا لم يكن رئيس الوزراء شخصيا قدوة. مؤيدو أولمرت يتذرعون بكافة أنواع الحجج مثل ضرورة مواصلة عملية التسوية مع الفلسطينيين أو مكافحة حماس أو إيران، لكن لا شيء يبرر بقاءه في السلطة".
وبالنظر إلى أن إجراء انتخابات مبكرة قد يأتي باليمين الإسرائيلي وعلى رأسه زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو ألد أعداء باراك ، فهناك تقارير صحفية حول خطة لباراك تعتمد على إقناع أعضاء في حزب كاديما لاستبدال أولمرت بشخصية أخرى من الحزب لامتصاص غضب الرأى العام قد تكون وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التى كانت قد طالبت أولمرت بالاستقالة بعد التقرير المبدئي.
وتصريحات باراك وتحركات أولمرت ترجح فيما يبدو صحة التقارير السابقة ، فقد أعلن باراك في منتصف يناير أنه سيمنح حزب كاديما ستة أسابيع لانتخاب رئيس جديد بدل أولمرت إذا ماكان تقرير لجنة فينوجراد خطيرا ، كمانقلت صحيفة "هآرتس" على لسان مقربين من أولمرت أن الأخير نقل رسالة واضحة لباراك مفادها أنه إذا لم يتوقف عن تأليب أعضاء كاديما ضده فإنه سيدعو لانتخابات مبكرة بالإضافة إلى محاولته إحباط مخطط باراك عبر تجنيد أعضاء بارزين في كاديما وعلى رأسهم رئيسة الكنيست داليا ايتسك لنشر عريضة تحمل تواقيع مئات الأعضاء المؤيدين له.
ويرى مراقبون أنه حتى ولو نجح أولمرت في الإفلات من مخطط باراك واستمر في رئاسة الحكومة فإن هناك منغصات أخرى سوف تطارده ليل نهار أبرزها استطلاعات الرأى العام الإسرائيلي التى نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" وتظهر أن 65% من الإسرائيليين يؤيدون استقالته ، ولذا فإنه في حال خروج مظاهرات غاضبة ، فإن حكومته لن تصمد طويلا وقد تنهار بين لحظة وأخرى .
ولاننسى أن أولمرت تلقى بالفعل مؤخرا صفعة قوية من داخل ائتلافه الحكومى الذى يضم خمسة أحزاب عندما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف افيغدور ليبرمان في 17 يناير انسحابه بسبب ما أسماه عدم اتفاقه مع أولمرت حول قضايا سياسية فيما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين.
وبانسحاب حزب ليبرمان تقلص عدد أعضاء الائتلاف في البرلمان من 78 عضواً إلى 67 ، ولذا فإن أية انسحابات جديدة تحت وطأة الضغط الجماهيري من شأنها إسقاط الأغلبية البرلمانية التى يتمتع بها أولمرت وبالتالى لن يكون أمامه حينئذ سوى خيار الاستقالة والدعوة لانتخابات مبكرة .
وإلى حين يتكشف أى من السيناريوهات السابقة هو الذى سيجد له موطىء قدم على أرض الواقع ، يبقى التساؤل الذي يشغل العرب جميعا وهو من الذي سيدفع الثمن أو بمعنى أصح ماهى الانعكاسات الخارجية لتقرير فينوجراد؟.
الإجابة تبدو محسومة وهى أن مابدأته إسرائيل في الثاني عشر من يوليو 2006 باعتباره حملة معاقبة لحزب الله ترمي إلى تغيير صورة الشرق الأوسط، حسب تعبير إيهود أولمرت ، انتهى بهزيمة قاسية لإسرائيل ، ولذا فإن ماحدث هو مجرد انتهاء معركة والثأر قادم لامحالة.
هنا تظهر عدة خيارات أمام قادة إسرائيل يأتي في مقدمتها احتمال الإقدام على مغامرة عسكرية جديدة ضد حزب الله وقد تشمل أيضا إيران أو سوريا خاصة إذا نجح زعيم المعارضة اليمينية بنيامين نتنياهو في الإطاحة بحكومة أولمرت ووصل للسلطة فهذا معناه تصاعد شوكة اليمين المتطرف الذى لن يتوانى عن فعل أي شيء حتى وإن كانت الحرب لاستعادة صورة إسرائيل ككيان قائم على البطش والتوسع .
وبالنظر إلى أن هذا الأمر تقف بوجهه عقبات كثيرة أبرزها التقارير الإسرائيلية المتزايدة حول تصاعد قوة حزب الله وإيران وسوريا وتحذيرات الشيخ حسن نصر الله من "حرب تغير مسار المعركة ومصير المنطقة كلها " ، يرجح البعض أن إسرائيل قد تكثف في الفترة المقبلة محاولاتها لاغتيال الأمين العام لحزب الله إلا أن فرص نجاح هذا الخيار تبدو ضئيلة أيضا .
صحيح أن أسلوب الاغتيالات طالما استخدمته إسرائيل ضد رموز المقاومة سواء الفلسطينية أو اللبنانية ، إلا أن الوضع مختلف مع نصر الله ، فحزب الله دأب على استخدام تكنولوجيا متطورة جدا لتأمينه بعد مقتل الزعيم السابق للحزب عباس الموسوي بغارة إسرائيلية عام 1992 ، وتعتمد خطة التأمين على عنصرين رئيسيين أحدهما الخداع والتمويه على تحركات الامين العام ، والآخر إحكام دائرة الحراسة وتشديدها حوله وعلى مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية ببيروت حيث يقيم نصر الله .
ويبدو الخيار الثالث الأكثر ترجيحا وهو أن غزة المحاصرة هى التي ستدفع ثمن الأزمة التى يواجهها أولمرت حيث تعتبر من وجهة نظره الجهة الأضعف لتحقيق إنجازات على أطلالها ، وهذا ماألمح إليه الجنرال "عوزي ديان" الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) حينما أشار إلى أن تقرير فينوجراد يفرض على الحكومة الحالية ـ في حال لم تسقط ـ أن تبادر إلى تصعيد الحملة العسكرية على قطاع غزة، لمنع حركة حماس من مواصلة بناء قوتها العسكرية، ومنع حركات المقاومة الفلسطينية من مواصلة إطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية اليهودية.
تقرير فينوجراد
بعد نحو عامين من انتهاء العدوان على لبنان في صيف 2006 ، أصدرت اللجنة المستقلة التى أجبر أولمرت على تشكيلها للتحقيق في الإخفاقات التى منيت بها إسرئيل على يد حزب الله اللبناني تقريرها النهائي في 30 يناير 2008 .
وجاء في التقرير الذي عرضه رئيس اللجنة القاضي المتقاعد إلياهو فينوجراد خلال مؤتمر صحفي عقده في القدس المحتلة " إسرائيل خرجت إلى حرب طويلة بادرت إليها وانتهت الحرب بدون أن تنتصر إسرائيل بشكل واضح من الناحية العسكرية وصمدت منظمة شبه عسكرية طوال أسابيع في وجه الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، وتواصل إطلاق الصواريخ طوال فترة الحرب، بدون أن يوفر الجيش أي رد فعال على ذلك. وحصل تشويش في حياة السكان، وغادر عدد كبير من السكان بيوتهم وجلسوا في الملاجئ. وبعد فترة جرت فيها عمليات محدودة، ومع اقتراب موعد وقف إطلاق النار، خرجت إسرائيل في حملة برية واسعة لم تحقق النتائج التي كانت مطلوبة منها".
وأضاف فينوجراد " إسرائيل كان أمامها أحد طريقين بعد اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين: إما توجيه ضربة سريعة مدمرة لحزب الله، أو القيام بعملية برية متواصلة، لكنها لم تحسم أمرها حول الطريق الذي تختاره . حقيقة أن إسرائيل ذهبت إلى الحرب قبل أن تحسم خيارها، وبدون وضع استراتيجية خروج تمثل إخفاقا خطيرا أثر على مسار الحرب كلها".
وتطرق إلى أداء المستويين السياسي والعسكري حيث أشار إلى أنه تم وضع أهداف وصفها بـ"طموحة" ولم تجر مناقشات جدية حول أهداف الحرب كما تأخر الاستعداد للحرب البرية وبذلك تقلصت الإمكانيات أمام إسرائيل ، واستطرد يقول :" إن هناك نتائج مقلقة تكشفت بشأن أداء المستوى السياسي والمستوى العسكري والعلاقة بينهما. فقد تبين أن هناك إخفاقات، وخاصة في القوات البرية، ونوعية الجاهزية، والتنفيذ ، وغياب التفكير الاستراتيجي، علاوة على إخفاقات خطيرة بكل ما يتصل بالدفاع عن الجبهة الداخلية ومواجهة الضربات التي تصيبها".
وهنا سلط الضوء بقوة على الإخفاقات في العملية البرية التى انطلقت في 11 أغسطس قبل توقف الحرب بساعات وتسببت في مقتل 33 جنديا إسرائيليا ، قائلا :" هذه العملية لم تحسن موقف إسرائيل، ولم تقلص إطلاق صواريخ الكاتيوشا، ولم تحقق إنجازات ملموسة، هل كان من المعقول توقع تحقيق إنجازات مهمة خلال 60 ساعة فقط ؟".
وامتنع عن تحميل رئيس الوزراء إيهود أولمرت مسئولية شخصية عن الفشل في هذه الحرب ، قائلا :" إن رئيس الوزراء الذي لم يؤيد الحرب البرية ووزير الحرب في تلك الفترة عمير بيريتس الذي أيدها تصرف كل منهما وفقا لمصالح إسرائيل " ، وانصب جل انتقاده على الجيش وحمله المسئولية الأساسية ، قائلا:" إن الجيش فشل في توفير رد فعال على صواريخ حزب الله التي تواصلت طيلة فترة الحرب مما أدى إلي اضطراب الحياة على الجبهة الداخلية وقضاء المواطنين أوقاتهم في الملاجئ".
ورغم ما سبق ، فإن هذا لايعني إعفاء أولمرت تماما من مسئولية الهزيمة حيث أشار إلى أن القيادة السياسية تشارك الجيش الفشل في تحقيق إنجاز عسكري واضح ، واختتم فينوجراد تقريره بتوصية طالب خلالها بإجراء تغييرات "منظمة وجذرية" في تفكير القيادات السياسية والعسكرية إذا ما أرادت إسرائيل مواجهة التحديات التي أمامها ، قائلا :" إن إسرائيل لن تستطيع البقاء دون الإيمان بأن لديها القيادة السياسية والعسكرية والإمكانيات العسكرية والمناعة الاجتماعية كي تردع (المعتدين)".
وتباينت ردود الأفعال حول التقرير النهائي ، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إصراره على عدم الاستقالة من منصبه ، موضحا أنه يأخذ "مأخذ الجد" ما ورد في تقرير اللجنة وأنه سيبدأ في غضون الأيام المقبلة إجراءات تنفيذ ماتضمنه من توصيات.
وفي المقابل ، أعلن حسين رحال المتحدث باسم حزب الله أن التقرير يصادق على كل ما أعلنه الحزب قبل ذلك بشأن الحرب ، مؤكدا أن إسرائيل عجزت تماما عن تحقيق أي من أهدافها وأن الجيش الإسرائيلي لحقت به هزيمة عسكرية على يد حزب الله.
ومع أنه بهذا حمل الجيش المسئولية الأولى إلا أن هذا لايعني أن حكومة أولمرت ستستقر لها الأمور فهناك مؤشرات قوية حول احتمال تصاعد حالة الغليان ليس داخلها فقط وإنما على مستوى إسرائيل بأكملها خلال الأيام المقبلة.
ومن الأمور التي ترجح صحة هذا الأمر أن وزير الحرب عن حزب العمل إيهود باراك يتعرض الآن لضغوط من داخل حزبه كي يفي بوعده الذى كان قد أطلقه قي أعقاب التقرير المبدئي للجنة فينوجراد وهدد خلال بإسقاط أولمرت بعد نشر التقرير النهائي .
وهذا ماعبر عنه بوضوح الأمين العام لحزب العمل إيتان كابل ، قائلا :" التقرير المبدئي للجنة طلب من أولمرت تحمل مسئولياته حول إخفاقات الحرب في لبنان صيف 2006 ، وقد منحته الطبقة السياسية فرصة حتى صدور التقرير النهائي، والآن لانستطيع الحديث عن معايير سلوك في ممارسة السلطة إذا لم يكن رئيس الوزراء شخصيا قدوة. مؤيدو أولمرت يتذرعون بكافة أنواع الحجج مثل ضرورة مواصلة عملية التسوية مع الفلسطينيين أو مكافحة حماس أو إيران، لكن لا شيء يبرر بقاءه في السلطة".
وبالنظر إلى أن إجراء انتخابات مبكرة قد يأتي باليمين الإسرائيلي وعلى رأسه زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو ألد أعداء باراك ، فهناك تقارير صحفية حول خطة لباراك تعتمد على إقناع أعضاء في حزب كاديما لاستبدال أولمرت بشخصية أخرى من الحزب لامتصاص غضب الرأى العام قد تكون وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التى كانت قد طالبت أولمرت بالاستقالة بعد التقرير المبدئي.
وتصريحات باراك وتحركات أولمرت ترجح فيما يبدو صحة التقارير السابقة ، فقد أعلن باراك في منتصف يناير أنه سيمنح حزب كاديما ستة أسابيع لانتخاب رئيس جديد بدل أولمرت إذا ماكان تقرير لجنة فينوجراد خطيرا ، كمانقلت صحيفة "هآرتس" على لسان مقربين من أولمرت أن الأخير نقل رسالة واضحة لباراك مفادها أنه إذا لم يتوقف عن تأليب أعضاء كاديما ضده فإنه سيدعو لانتخابات مبكرة بالإضافة إلى محاولته إحباط مخطط باراك عبر تجنيد أعضاء بارزين في كاديما وعلى رأسهم رئيسة الكنيست داليا ايتسك لنشر عريضة تحمل تواقيع مئات الأعضاء المؤيدين له.
ويرى مراقبون أنه حتى ولو نجح أولمرت في الإفلات من مخطط باراك واستمر في رئاسة الحكومة فإن هناك منغصات أخرى سوف تطارده ليل نهار أبرزها استطلاعات الرأى العام الإسرائيلي التى نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" وتظهر أن 65% من الإسرائيليين يؤيدون استقالته ، ولذا فإنه في حال خروج مظاهرات غاضبة ، فإن حكومته لن تصمد طويلا وقد تنهار بين لحظة وأخرى .
ولاننسى أن أولمرت تلقى بالفعل مؤخرا صفعة قوية من داخل ائتلافه الحكومى الذى يضم خمسة أحزاب عندما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف افيغدور ليبرمان في 17 يناير انسحابه بسبب ما أسماه عدم اتفاقه مع أولمرت حول قضايا سياسية فيما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين.
وبانسحاب حزب ليبرمان تقلص عدد أعضاء الائتلاف في البرلمان من 78 عضواً إلى 67 ، ولذا فإن أية انسحابات جديدة تحت وطأة الضغط الجماهيري من شأنها إسقاط الأغلبية البرلمانية التى يتمتع بها أولمرت وبالتالى لن يكون أمامه حينئذ سوى خيار الاستقالة والدعوة لانتخابات مبكرة .
وإلى حين يتكشف أى من السيناريوهات السابقة هو الذى سيجد له موطىء قدم على أرض الواقع ، يبقى التساؤل الذي يشغل العرب جميعا وهو من الذي سيدفع الثمن أو بمعنى أصح ماهى الانعكاسات الخارجية لتقرير فينوجراد؟.
الإجابة تبدو محسومة وهى أن مابدأته إسرائيل في الثاني عشر من يوليو 2006 باعتباره حملة معاقبة لحزب الله ترمي إلى تغيير صورة الشرق الأوسط، حسب تعبير إيهود أولمرت ، انتهى بهزيمة قاسية لإسرائيل ، ولذا فإن ماحدث هو مجرد انتهاء معركة والثأر قادم لامحالة.
هنا تظهر عدة خيارات أمام قادة إسرائيل يأتي في مقدمتها احتمال الإقدام على مغامرة عسكرية جديدة ضد حزب الله وقد تشمل أيضا إيران أو سوريا خاصة إذا نجح زعيم المعارضة اليمينية بنيامين نتنياهو في الإطاحة بحكومة أولمرت ووصل للسلطة فهذا معناه تصاعد شوكة اليمين المتطرف الذى لن يتوانى عن فعل أي شيء حتى وإن كانت الحرب لاستعادة صورة إسرائيل ككيان قائم على البطش والتوسع .
وبالنظر إلى أن هذا الأمر تقف بوجهه عقبات كثيرة أبرزها التقارير الإسرائيلية المتزايدة حول تصاعد قوة حزب الله وإيران وسوريا وتحذيرات الشيخ حسن نصر الله من "حرب تغير مسار المعركة ومصير المنطقة كلها " ، يرجح البعض أن إسرائيل قد تكثف في الفترة المقبلة محاولاتها لاغتيال الأمين العام لحزب الله إلا أن فرص نجاح هذا الخيار تبدو ضئيلة أيضا .
صحيح أن أسلوب الاغتيالات طالما استخدمته إسرائيل ضد رموز المقاومة سواء الفلسطينية أو اللبنانية ، إلا أن الوضع مختلف مع نصر الله ، فحزب الله دأب على استخدام تكنولوجيا متطورة جدا لتأمينه بعد مقتل الزعيم السابق للحزب عباس الموسوي بغارة إسرائيلية عام 1992 ، وتعتمد خطة التأمين على عنصرين رئيسيين أحدهما الخداع والتمويه على تحركات الامين العام ، والآخر إحكام دائرة الحراسة وتشديدها حوله وعلى مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية ببيروت حيث يقيم نصر الله .
ويبدو الخيار الثالث الأكثر ترجيحا وهو أن غزة المحاصرة هى التي ستدفع ثمن الأزمة التى يواجهها أولمرت حيث تعتبر من وجهة نظره الجهة الأضعف لتحقيق إنجازات على أطلالها ، وهذا ماألمح إليه الجنرال "عوزي ديان" الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) حينما أشار إلى أن تقرير فينوجراد يفرض على الحكومة الحالية ـ في حال لم تسقط ـ أن تبادر إلى تصعيد الحملة العسكرية على قطاع غزة، لمنع حركة حماس من مواصلة بناء قوتها العسكرية، ومنع حركات المقاومة الفلسطينية من مواصلة إطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية اليهودية.
تقرير فينوجراد
بعد نحو عامين من انتهاء العدوان على لبنان في صيف 2006 ، أصدرت اللجنة المستقلة التى أجبر أولمرت على تشكيلها للتحقيق في الإخفاقات التى منيت بها إسرئيل على يد حزب الله اللبناني تقريرها النهائي في 30 يناير 2008 .
وجاء في التقرير الذي عرضه رئيس اللجنة القاضي المتقاعد إلياهو فينوجراد خلال مؤتمر صحفي عقده في القدس المحتلة " إسرائيل خرجت إلى حرب طويلة بادرت إليها وانتهت الحرب بدون أن تنتصر إسرائيل بشكل واضح من الناحية العسكرية وصمدت منظمة شبه عسكرية طوال أسابيع في وجه الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، وتواصل إطلاق الصواريخ طوال فترة الحرب، بدون أن يوفر الجيش أي رد فعال على ذلك. وحصل تشويش في حياة السكان، وغادر عدد كبير من السكان بيوتهم وجلسوا في الملاجئ. وبعد فترة جرت فيها عمليات محدودة، ومع اقتراب موعد وقف إطلاق النار، خرجت إسرائيل في حملة برية واسعة لم تحقق النتائج التي كانت مطلوبة منها".
وأضاف فينوجراد " إسرائيل كان أمامها أحد طريقين بعد اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين: إما توجيه ضربة سريعة مدمرة لحزب الله، أو القيام بعملية برية متواصلة، لكنها لم تحسم أمرها حول الطريق الذي تختاره . حقيقة أن إسرائيل ذهبت إلى الحرب قبل أن تحسم خيارها، وبدون وضع استراتيجية خروج تمثل إخفاقا خطيرا أثر على مسار الحرب كلها".
وتطرق إلى أداء المستويين السياسي والعسكري حيث أشار إلى أنه تم وضع أهداف وصفها بـ"طموحة" ولم تجر مناقشات جدية حول أهداف الحرب كما تأخر الاستعداد للحرب البرية وبذلك تقلصت الإمكانيات أمام إسرائيل ، واستطرد يقول :" إن هناك نتائج مقلقة تكشفت بشأن أداء المستوى السياسي والمستوى العسكري والعلاقة بينهما. فقد تبين أن هناك إخفاقات، وخاصة في القوات البرية، ونوعية الجاهزية، والتنفيذ ، وغياب التفكير الاستراتيجي، علاوة على إخفاقات خطيرة بكل ما يتصل بالدفاع عن الجبهة الداخلية ومواجهة الضربات التي تصيبها".
وهنا سلط الضوء بقوة على الإخفاقات في العملية البرية التى انطلقت في 11 أغسطس قبل توقف الحرب بساعات وتسببت في مقتل 33 جنديا إسرائيليا ، قائلا :" هذه العملية لم تحسن موقف إسرائيل، ولم تقلص إطلاق صواريخ الكاتيوشا، ولم تحقق إنجازات ملموسة، هل كان من المعقول توقع تحقيق إنجازات مهمة خلال 60 ساعة فقط ؟".
وامتنع عن تحميل رئيس الوزراء إيهود أولمرت مسئولية شخصية عن الفشل في هذه الحرب ، قائلا :" إن رئيس الوزراء الذي لم يؤيد الحرب البرية ووزير الحرب في تلك الفترة عمير بيريتس الذي أيدها تصرف كل منهما وفقا لمصالح إسرائيل " ، وانصب جل انتقاده على الجيش وحمله المسئولية الأساسية ، قائلا:" إن الجيش فشل في توفير رد فعال على صواريخ حزب الله التي تواصلت طيلة فترة الحرب مما أدى إلي اضطراب الحياة على الجبهة الداخلية وقضاء المواطنين أوقاتهم في الملاجئ".
ورغم ما سبق ، فإن هذا لايعني إعفاء أولمرت تماما من مسئولية الهزيمة حيث أشار إلى أن القيادة السياسية تشارك الجيش الفشل في تحقيق إنجاز عسكري واضح ، واختتم فينوجراد تقريره بتوصية طالب خلالها بإجراء تغييرات "منظمة وجذرية" في تفكير القيادات السياسية والعسكرية إذا ما أرادت إسرائيل مواجهة التحديات التي أمامها ، قائلا :" إن إسرائيل لن تستطيع البقاء دون الإيمان بأن لديها القيادة السياسية والعسكرية والإمكانيات العسكرية والمناعة الاجتماعية كي تردع (المعتدين)".
وتباينت ردود الأفعال حول التقرير النهائي ، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إصراره على عدم الاستقالة من منصبه ، موضحا أنه يأخذ "مأخذ الجد" ما ورد في تقرير اللجنة وأنه سيبدأ في غضون الأيام المقبلة إجراءات تنفيذ ماتضمنه من توصيات.
وفي المقابل ، أعلن حسين رحال المتحدث باسم حزب الله أن التقرير يصادق على كل ما أعلنه الحزب قبل ذلك بشأن الحرب ، مؤكدا أن إسرائيل عجزت تماما عن تحقيق أي من أهدافها وأن الجيش الإسرائيلي لحقت به هزيمة عسكرية على يد حزب الله.
ومن جانبه ، وصف فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس التقرير بأنه دليل على هشاشة وضعف إسرائيل ويدفع الحركة للاصرار على خيار المقاومة ، قائلا :" لانجد تفسيرا لإعلان القاضي الإسرائيلي فينوجراد الفشل السياسي والعسكري الذي مني به الاحتلال الإسرائيلي في حربه على المقاومة اللبنانية سوى الكشف عن هشاشة وضعف هذا الكيان الصهيوني وكرتونية المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية".
وأضاف" نتائج التقرير يجب أن تدفعنا باتجاه الاستمرار في التمسك بحق المقاومة بكافة أشكالها في مواجهة الحرب المعلنة من قبل الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا دفاعا عن حقوقنا وثوابتنا. ونتائج التقرير يجب أن تكون أيضا مدعاة للسلطة الفلسطينية وحكومة سلام فياض لإعادة تقييم مواقفهم من التفاوض والتنسيق مع هذا الكيان الهش وأن يرفعوا قبضتهم الحديدية عن المقاومة الفلسطينية ووقف كافة الاعتقالات التي تستهدف المقاومين الفلسطينيين".
يذكر أن لجنة فينوجراد كانت قد وجهت في التقرير المبدئي ا
لذينشرته في إبريل 2007 انتقادات قاسية لأولمرت ووزير الحرب حينذاك عمير بيريتس ورئيس الأركان السابق دان حالوتس ، حيث حملت أولمرت المسئولية الأكبر عن إخفاقات الحرب واتهمته بسوء الإدارة واتخاذ قرارات متسرعة وغياب الرؤية، مشيرة إلى أن الحرب التي استمرت 34 يوما بأهداف معلنة وهي تحرير الجنديين اللذين أسرهما حزب الله وسحق الجماعة الشيعية كانت مبالغة في الطموح ومستحيلة التحقيق.
كما اتهمت عمير بيرتس ودان حالوتس بارتكاب إخفاقات خطيرة في الحرب وشددت على افتقار بيرتس لأية خبرة عسكرية ، وقد استقال بيريتس وحالوتس على إثر تلك الاتهامات بينما رفض أولمرت تلك الخطوة مع أن التقرير المبدئي طالبه بتحمل مسئوليته تجاه الفشل في إدارة الحرب ، وتشير تقارير صحفية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية مارس ضغوطا كبيرة على لجنة فينوجراد لتخفيف حدة الانتقادات ضده في تقريرها النهائي.
وتبقى الحقيقة المهمة وهى أن حزب الله دشن لما بات يعرف عند البعض بسابقة في تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى ألا وهى إيجاد حالة من توازن الرعب مع إسرائيل التى كانت تتغنى ليل نهار باحتكارها لأكبر قوة عسكرية في المنطقة ، وهذا مايجب أن يعيه العرب في إدارة الصراع مستقبلا.
كما اتهمت عمير بيرتس ودان حالوتس بارتكاب إخفاقات خطيرة في الحرب وشددت على افتقار بيرتس لأية خبرة عسكرية ، وقد استقال بيريتس وحالوتس على إثر تلك الاتهامات بينما رفض أولمرت تلك الخطوة مع أن التقرير المبدئي طالبه بتحمل مسئوليته تجاه الفشل في إدارة الحرب ، وتشير تقارير صحفية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية مارس ضغوطا كبيرة على لجنة فينوجراد لتخفيف حدة الانتقادات ضده في تقريرها النهائي.
وتبقى الحقيقة المهمة وهى أن حزب الله دشن لما بات يعرف عند البعض بسابقة في تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى ألا وهى إيجاد حالة من توازن الرعب مع إسرائيل التى كانت تتغنى ليل نهار باحتكارها لأكبر قوة عسكرية في المنطقة ، وهذا مايجب أن يعيه العرب في إدارة الصراع مستقبلا.