يضــرب حيــث يكــون التــدريع أدنــى سماكــة !!
قابليـــــــــــــــات الهجـــــــــــــوم العمـــــــــــــودي .. الصــــــــــاروخ TOW-2B كمثـــــــــــال
التقنية المتقدمة جعلت من ذخيرة الهجوم العمودي Top attack الخيار المفضل للعديد من المقذوفات الحديثة الموجهة المضادة للدروع . فمع التقدم المتحقق في أنواع وأنماط دروع دبابات المعركة الحديثة ، فقد بات من الصعب هزيمتها من القوس الأمامي front attack الأكثر ثخانة وتدريع . وعليه فإن جميع مطلقي القذائف المضادة للدروع باتوا يتمنون دائماً استهداف المناطق أو الأجزاء الأقل سماكة في أهدافهم المدرعة weakest part (صواريخ الجيل الأول والثاني المضادة للدروع التي نشرت على منصات المروحيات helicopterplatforms ، تمتعت بميزة وأفضلية الهجوم من الأعلى بفضل ارتفاع منصة الإطلاق) . مواضع الاستهداف هذه حددت ولفترة قريبة بجانبي البرج ومؤخرته ، أما الآن ومع أنظمة صاروخية حديثة نسبياً من أمثال TOW-2B وBILL 2 ، فقد بات بالإمكان مهاجمة الأهداف المدرعة من قمة السقف حيث أوهن التدريع أولاً والمقطع العرضي الكبير ثانياً (صفيحة التدريع التي تغطي موقع السائق في الدبابة Abrams على سبيل المثال تقدر سماكتها بنحو 64 ملم ، لذلك تبدو هذه الأسلحة مناسبة للهجوم السقفي . في حين دروع الهيكل الجانبية لذات الدبابة يمكن أن تتراوح ما بين 150-200 ملم ، دون احتساب السمك الإضافي للعجلات والجنازير) . هذه الأنظمة بعضها مصمم للطيران فوق الهدف مباشرة ومن ثم تحفيز وإطلاق رأسها الحربي نحو الأسفل ، وكما هو الحال مع الأمريكي TOW-2B والسويدي BILL 2 . البعض الآخر يمتلك أفضلية أكثر ونمط انقضاض قوسي ، مثل الأمريكي Javelin والإسرائيلي Spike ، حيث يتوفر لهذه الصواريخ القدرة على اكتساب صورة الهدف الحرارية ثم تخزينها في ذاكرتها وتتبعها بعد الإطلاق . الصاروخ Javelin على سبيل المثال في نمط الهجوم من الأعلى يستطيع بلوغ ارتفاع 150 م ، حيث يرتفع الصاروخ بحدة فور إطلاقه للأعلى ، ليطير بعدها بشكل مستقيم ثم يغطس للأسفل مرة أخرى ليضرب هدفه بشكل انحنائي أو قوسي curve mode نحو قمته الضعيفة ، بحيث يمنع الهدف من الاختباء خلف أي غطاء أمامي . وفي نمط الهجوم المباشر ينطلق الصاروخ بارتفاع منخفض lower altitude يصل إلى 50 م ، ثم ينحرف الصاروخ في اتجاه طيرانه نحو الأسفل لينقض على هدفه بشكل مباشر في مقدمته أو مؤخرته أو الجوانب . ويسمح هذا النمط في الهجوم بالاشتباك مع الأهداف المستترة خلف تل رملي أو أسفل تركيب إنشائي protective structure .قابليـــــــــــــــات الهجـــــــــــــوم العمـــــــــــــودي .. الصــــــــــاروخ TOW-2B كمثـــــــــــال
الرأس الحربي في بعض نماذج الصواريخ ذات الهجوم العمودي ، يعتمد على شحنتين ثنائيتين نوع EFP موجهتين نحو الأسفل ، حيث يشير مفهوم مصطلح EFP للخارق المشكل انفجارياً ، وهو شكل من أشكال الشحنة المشكلة لكن مع بطانة غير عميقة shallow liner وأكثر انفراجاً من البطانة المخروطية العميقة للشحنات المشكلة التقليدية . وعند تفجير الرأس الحربي للشحنة EFP فإن البطانة تنهار لتتحول لكتلة معدنية مضغوطة compact slug على هيئة مقذوف طاقة حركية منطلق بسرعة تتجاوز 2000 م/ث أو نحو ذلك . هذه الكتلة المعدنية لا تحقق اختراقات عميقة كتلك التي يحققها النفاث التقليدي (وإن كانت هي لا تحتاج لهذه القدرات بسبب ضعف سماكة سقف الهدف المدرع) ، لكنها في المقابل تحقق فجوات بقطر أكبرlarger hole من تلك التي يحققها النفاث التقليدي ، وتسبب أضرار أكثر عمقاً داخل تجويف الهدف .
أحد أمثلة الصواريخ الحديثة المضادة للدروع التي تستخدم نمط الهجوم العمودي هو الأمريكي TOW-2B . عقد تطوير هذا الصاروخ منح إلى شركة هيوز للطيران Hughes Aircraftفي العام 1988 ، في حين تم استكمال اختبارات الطيران في شهر أكتوبر العام 1990 ، لتبدأ عملية إنتاجه المحدودة في ديسمبر العام 1990 والتسليم الأول بوشر في العام 1992 (في العام 1997 قامت شركة رايثون Raytheon بشراء إلكترونيات هيوز من شركة جنرال موتورز ، لذا تطوير وإنتاج مجمل أنظمة صواريخ TOW الآن تقع تحت مظلة رايثون) . الصاروخTOW-2B ورغم استعانته بنظام توجيه ونظام دفع مماثل لذلك المستخدم في نسخ الصاروخ TOW السابقة ، إلا أنه كان مميزاً في نمط عمله وآلية قتله أو ما يطلق عليه "الطيران فوق ثم إطلاق النار" Fly-Over-Shoot-Down (التعبير مجازي ويعني أن الصاروخ سيطير فوق الهدف ويسقط متى ما تم تفجير رأسه الحربي) . إذ يتعقب الرامي الهدف تماما مثل أي صاروخ TOW آخر مع وضع خطي التصالب في منظار التسديد باتجاه الهدف ثم يطلق الصاروخ ، ليطير هذا الأخير على ارتفاع 2.25 م فوق خط التسديد البصري LOS كما هو مبرمج له(مسار طيران الصاروخ يضعه إلى حد ما فوق كتلة الهدف المدرع) ليتم بعد ذلك تفجير الرأس الحربي فور بلوغ الصاروخ قمة الهدف . إن نمط الطيران هذا يناسب كثيراً مهاجمة الأهداف المستترة أو المختبئة خلف تل رملي sand berm أو ما شابهه . ومع لحظة بلوغ النقطة المسدد عليها ، تكتشف مجسات الصاروخ المغناطيسية والبصرية الهدف لتبدأ عملية الهجوم من القمة وإطلاق شحنتين بخوارق مشكلة انفجارياً بشكل آني ومتزامن simultaneously ، حيث تطلق أحدى الشحنات مباشرة للأسفل ، في حين تطلق الأخرى (الأمامية) بزاوية ميلان مقدرة لتعزيز احتمالية الإصابة والقتل .
المجس المغناطيسي magnetic sensor في الصاروخ TOW-2B يعمل على كشف وتحسس كتلة الحديد المكدسة للأسفل منه قبل عميلة تفجير الرؤوس الحربية الثنائية ، في حين يعمل المجس البصري optical sensor على قياس مسافة المباعدة عن السطح باستمرار ويميز التغيرات الحاصلة في هذه المسافة بعد إدراك الصورة الجانبية للهدف target profiles ومن ثم العمل على تسليح الرأس الحربي ومباشرة الهجوم (عمل مشترك وآني بين المجسين بعد رصد التحول التصاعدي للسطحوقبل تفجير الرأس الحربي فوق قمة الهدف). المجس المغناطيسي في شكله المبسط هو عبارة عن مقياس لكثافة أو شدة الفيض المغناطيسي magnetometer . في المقابل ، المجس البصري هو عبارة عن مقياس ارتفاع ليزري ، أو تحديداً مقياس ليزري نشط لوعورة سطح الطريق active-laser profilometer وذلك لتبيان انحرافات وتذبذبات الارتفاع والانخفاض في مسار الطريق .
الرأس الحربي للصاروخ يبلغ وزنه 6.14 كلغم ، ومن أجل ضمان قابلية التدمير القصوى ، زود بشحنتين مع خوارق مشكلة انفجاريا EFP يبلغ قطر كل منهما 127 ملم ، يطلقان عند انفجارهما خوارق عالية الكثافة بسرعة مرتفعة نسبياً لثقب دروع الهدف السقفية . فخلال مرحلة الطيران ، يزود جيرسكوب الصاروخ gyroscope معلومات الاستقرار والاتزان إلى إلكترونيات توجيه الطيران وذلك طوال زمن مسير الصاروخ إلى الهدف . هذا الأمر يبقي الرؤوس الحربية المزدوجة موجهة بشكل صحيح وملائم نحو الأسفل وبالتالي إنجاز هجوم سقفي دقيق ..مقطع الرأس الحربي والشحنات الانفجارية في الصاروخ TOW-2B هما من تطوير وإنتاج شركة Aerojet Rocketdyne (شركة أمريكية مقرها كاليفورنيا، تختص بمنتجات الدفاع والفضاء وعموم الأنظمة الإستراتيجية والتكتيكية العسكرية منها والمدنية) التي تولت أيضاً تصنيع الرؤوس الحربية للمغايرات الثلاثة السابقة الخاصة بالصاروخ TOW . إن عمق الاختراق depth of penetration في هذا النوع من الرؤوس الحربية يعتمد من ضمن عوامل أخرى ، على كثافة مادة البطانة المستخدمة وسماكتها . لذا ، شحنات الخوارق المشكلة انفجاريا في الصاروخ TOW-2B تستعين ببطانة من عنصر التانتالم tantalum الذي يمتلك كثافة مرتفعة مقدارها 16,654 كلغم/م3 ، مقارنة على سبيل المثال بالنحاس copper الذي يمتلك كثافة لنحو 8,960 كلغم/م3 ، أو الحديد iron بكثافة قدرها 7,874 كلغم/م3 . إن التانتالم مفضل في أنظمة التسليم التي تحمل تقييدات في الحجم ، كما هو الحال مع الرأس الحربي للصاروخ TOW-2B ، مع قابلية اختراق تبلغ نحو ضعفي ما يمكن تحقيقه مع بطانة الحديد .