أخرج الإمام أحمد في مسنده حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر. قال الألباني: رواه جماعة منهم الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ثم قال . فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار إلى آخر الحديث .
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ: " قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ ".
النص العظيم -وهو من دلائل النبوة الساطعة- يقبل احتمالين لتفسير المراد ببلوغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار – أي جميع أرجاء الأرض- .. فقد يكون المقصود خضوع العالَم كله لسلطة الإسلام وهذا لم يتحقق ..وقد يكون وصول حقائقه إلى البشرية في كل مكان، وهذا ما نراه اليوم واقعاً ملموساً، وكان من قبل أشبه بالخيال لولا وعد النبي الكريم الذي لا ينطق عن الهوى!!
ألح عليَّ هذا الحديث الشريف، وأنا أتابع مشاهد آسرة لحشود المسلمين وهم يؤدون صلاة العيد في عواصم كبرى أصلها نصراني متعصب وحاضرها نصراني أشد غلواً ولكن بغلاف علماني سرعان ما يذوب ليكشف حقداً شديد السواد ..
فقد توقعت دراسة أعدها مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية تزايد عدد المسلمين في العالم بشكل أسرع من أتباع الديانات الأخرى، ليقارب عددهم بحلول عام 2050 عدد النصارى في العالم.
وأضاف المركز المختص بمتابعة نمو الديانات في العالم أنه خلال العقود الأربعة المقبلة ستبقى النصرانية الديانة الأكبر في العالم، لكن عدد المسلمين سيزداد زيادة أسرع من أي ديانة أخرى. واعتمدت الدراسة على معدلات الولادة لدى أتباع الديانات المختلفة، واتجاهات التحول الديني لديهم.
ووفقا لنتائج الدراسة، فإن أعلى نسبة للتحول بين الأديان توجد بين النصارى، وتوقعت أن يتحول 106 ملايين شخص عن الديانة النصرانية بين عامي 2010 و2050، مقابل تحول 40 مليونا إلى النصرانية.
ومن المتوقع أن تخسر الديانة اليهودية 300 ألف نتيجة للتحول الديني، في حين سينضم ثلاثة ملايين للدين الإسلامي.
وبحلول عام 2050م سيكون نسبة المسلمين في أوربا كلها 10 % ..وكان عددهم فى عام 2010 م : 43.3 مليوناً ومن المرجح ان يصل إلى71 مليوناً .
وهنا تكمن "معضلة" الغرب مع الإسلام .. فهم يشنون عليه حرباً ضروساً، ليس لها نظير في تاريخهم البشع نفسه.. فحربهم الشرسة السابقة على المنظومة الشيوعية لم تبلغ عشر معشار هجومهم الضاري على الإسلام .. مع أن تلك المنظومة كانت تضم دولاً كبرى تمتلك أسلحة نووية تنافس مثيلاتها في الغرب الرأسمالي.. بينما المسلمون يتوزعون على زهاء 50 دولة مبعثرة وليس لديها مشروع يجمع قواها ولو في أدنى الحدود.. وبينها دولة نووية واحدة -باكستان- لكنها لا تستطيع توظيف سلاحها للذود عن أي قضية إسلامية جامعة، كقوة ردع !!
والأنكى أن كثيراً من الحكومات المتسلطة على الشعوب المسلمة هي حكومات جبانة تخضع لتهريب الغرب فتتبرأ من دينها وهويتها بذريعة مواكبة العصر ومجاراة النظام الدولي !! ويتصدر بعضها عملاء يحاربون دين الله سبحانه بغلظة، بعد أن يضعوا على قطعياته ملصقات تصفه بأنه إرهاب!!
والأعجب من ذلك أن إعلام الغرب الذي يشارك بقوة في محاربة الإسلام، لا يخلو من أصوات لديها شيء من شرف الكلمة، فتنطق بنقيض الصورة النمطية المزيفة التي ترتكز عليها حرب تشويه الإسلام .. بينما لا نجد وسيلة إعلامية واحدة في ديار الإسلام تستطيع الجهر بالحق ولو على استحياء..
فالإعلام في أكثريته معلمن حتى النخاع .. والجزء الذي ينجو من جراثيم التبعية، يَجْبُن عن المواجهة حفاظاً على رأسه، فالجميع له بالمرصاد .وما أسهل اتهامه بالإرهاب وتكميم فمه والتنكيل بالقائمين عليه..
لكل ما سلف، يغدو سخط صانع القرار الغربي على الإسلامي مفهوماً . فكيف يصمد دين لا نصير له من البشر كل هذا الصمود، حتى لو لم تكن هنالك حرب عالمية هائلة لاجتثاثه أو السماح لبقايا العجائز بالصلاة في مساجد معزولة، على غرار ما أبقاه الغرب الاستئصالي من " مستوطنات" فولكلورية للسكان الأصليين، لكي يستطيع الادعاء أنه " متحضر" و "متسامح" ويعشق " التعددية"!!