أحد أسباب تصعيد ترامب ضد قطر: الفشل في عقد صفقات استثمارية مع الدوحة
=================
2017-6-14 |
خدمة العصر
كشف موقع
"هافينغتون بوست"، الإخباري الأمريكي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وابنته إيفانكا ترامب، وزوجها جاريد كوشنر قد سعوا مراراً للحصول على تمويل لاستثمارات مختلفة خلال السنوات الأخيرة من شخصيات بارزة في قطر، وذلك وفقا لما نقلته مصادر مطَلعة على الاجتماعات التي عُقدت بين الطرفين.
وكتب صاحب التقرير، المحقق الصحفي كلايتون سويشر، أن هذه المزاعم ستضفي على الأزمة الدبلوماسية التي أثارها ترامب بُعدا جديدا، وتسبَّبت في عزل ومحاصرة قطر من جانب خصومها. فقد وصف ترامب قطر بأنها كانت ممولا للإرهاب خلال الأعوام الماضية، وقد صدر عنه هذا التصريح بعد ساعة من مناشدة وزير خارجيته ريكس تيلرسون بعدم تصعيد الخلاف الدائر بين دول مجلس التعاون الخليجي، وحثه على الحوار لحل الأزمة سريعا.
كما أثنت وزارة الدفاع الأميركية على التزام قطر بمحاربة تنظيم داعش، إذ أعرب وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عن ثقته في أنَ هذا الاضطراب لن يُعيق مساهمة قطر في تلك الجهود. وبناء على هذا، يعتقد البعض أن ما وراء هذا التصعيد من جانب "ترامب" صفقاته التجارية مع أطراف النزاع المختلفة.
وفي هذا السياق، أفادت تقارير أن منظمة ترامب، التي تُدار الآن من طرف ابنه، تجري محادثات مع كبار رجال الأعمال الإماراتيين لتتلقى استثمارات بعدة مليارات دولار، بالإضافة إلى امتلاك ملعبين للغولف في دبي. وقد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترامب كان يمتلك سابقاً ثمانية كيانات تجارية مُسجَلة في مدينة جدة السعودية فقط. وتحدَّث ترامب عام 2015 عن إعجابه بالسعوديين، وعزا ذلك إلى تعاملاته التجارية معهم قائلاً: "أتمتع بعلاقاتٍ طيبة مع السعودية. إنَّهم يشترون المنازل مني، وينفقون 40 مليوناً و50 مليون دولار. هل يُفترض بي أن أكرههم؟ أنا أحبهم كثيراً".
وهنا يكمن مصدر قلق القطريين، إذ عبر العديد من الأشخاص الذين أُجريتْ معهم مقابلات صحفية في هذا الشأن عن قلقهم من أنَ تحيز ترامب ضد بلادهم ربما نتاج سلسلة من المقترحات والصفقات التجارية التي لم يُكتَب لها النجاح، والتي عرضها ترامب وصهره جاريد كوشنر على القطريين منذ 7 سنوات، وما كُشفت إلا مؤخرا.
ففي العام 2010، وبينما الأسواق تترنح بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت عام 2008، كانت قطر تتمتع بسيولة نقدية ضخمة، ولجأ عدد من رجال الأعمال والحكومات الأجنبية إليها لطلب المساعدة. وجاء البعض إلى قطر للحصول على السيولة، بينما كان البعض الآخر يبحث عن الأمل وسط الفوضى العالمية، وكان ترامب ضمن الفريق الأخير، إذ كان وقتها المدير التنفيذي لمنظمة ترامب، ومُقدّم ونجم برنامج تلفزيون الواقع الأميركي الشهير "The Apprentice".
زار، وقتها، ترامب الدوحة برفقة ابنته إيفانكا عام 2010 لعقد اجتماعات منفصلة مع الدكتور حسين العبد الله، عضو مجلس الإدارة التنفيذي في جهاز قطر للاستثمار، بالإضافة إلى الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الذي كان يشغل منصبي وزير الخارجية ورئيس الوزراء بالبلاد، ويمكن وصفهما بأنها العقل المدبر، حينها، لقطاع الاستثمارات والأموال في قطر. ويُذكر أن جهاز قطر للاستثمار هو ثاني أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم (تُقدر أصوله حالياً بقيمة 338 مليار دولار أمريكي).
ونقل مصدر مطلع على المحادثات التي جرت بين ترامب وقطر عام 2010، أن الرئيس الأميركي الحالي زار الدوحة (وأيضا دبي وأبو ظبي) لجمع المال من أجل صندوق عقارات متعثر كان يحاول إنشاءه. وبدأ ترامب مناقشاته مع جهاز قطر للاستثمار متباهياً بنجاح منظمته الدولية والصفقات العديدة التي أبرمها بنفسه. واستكمل ترامب سرد سيرته الذاتية بالكاد عندما قاطعه الدكتور حسين العبد الله ليقول له عبارات من قبيل: "نعلم من أنت، وما قمت به. أخبِرنا ما يمكنك فعله من أجلنا الآن".
وهذه المقاطعة الوحيدة جعلت أذهلت ترامب، لأنه توقع أن يكون مضيفوه منبهرين، إن لم يكونوا ممتنين لزيارة شخص بمكانة ترامب للعاصمة القطرية، لينتهي الاجتماع بشكلٍ مفاجئ، وغادر ترامب الغرفة غاضباً بشكلٍ واضح حسبما ذكر أحد المصادر.
ولكن وفقا لمصدر آخر، انتهى الاجتماع بشكلٍ ودي، وكان سبب قرار القطريين بعدم الاستثمار في منظمة ترامب هو عدم تمتع ترامب بسجلٍ سابق في إدارة الصناديق العقارية. وقال المصدر نفسه إن المشاعر الباردة تجاه ترامب كانت بسبب العبد الله وملله من اقتراحات ترامب، فجهاز قطر للاستثمار كان يتلقَّى عروضا كثيرة. وبالنسبة للقطريين، إن لم يكن هذا مجرد تصور لدى ترامب بالأساس، كل ما كان يُميِّز مقترحات ترامب عن المقترحات الأخرى هو شهرته وفقط.
وانتهى اجتماع لاحق ذاك اليوم بين ترامب والشيخ حمد بن جاسم بالمزاح بينهما، ولكنَ مع تمسك أكبر رجال أعمال قطر بموقفه الرافض. ولم يستطع ترامب الحصول على أي تمويل قطري لدعم مؤسسة ترامب، ويقول المراقبون إنَه بعد أشهر من رحلته هذه تخلى فكرة صندوق العقارات المتعثر بعد فشله في إقناع أي داعمين بتمويله.
واستمرت تعاملات عائلة ترامب مع قطر بعد عودة إيفانكا ترامب إلى الدوحة بعدها بأشهر، وبصحبتها زوجها جاريد كوشنر، رجل الأعمال الثري والمستثمر الذي صنع لنفسه مكاناً في مجالي الإعلام والعقارات. وكان لدى جاريد عرض جديد ليقدمه، ولكنَّ الصفقة العقارية كانت مختلفة هذه المرة.
والأمر المثير للسخرية هو أنَ بعض عروض كوشنر في قطر سهلها أحد أمراء السعودية. ذلك أن الصداقة الشخصية بين جاريد وخالد، نجل الأمير السعودي بندر بن سلطان، الذي كان يعرف جاريد وبقي في أميركا بعد انتهاء ولاية والده الأسطورية سفيرا للولايات المتحدة عام 2005، استطاع جاريد خلال رحلته الوصول إلى مجموعة من رجال الأعمال القطريين الناجحين صغار السن.
ونزل كوشنر وزوجته إيفانكا في فندق فورسيزونز بالدوحة، وقال مراقبون على اطِّلاع مباشر على الزيارة إن الشعور العام بينهما وبين مضيفهم كان أفضل بشكل ملحوظ، إن لم يكن ودياً. وكان لدى جاريد عرضه الخاص ليقدمه إلى مضيفيه القطريين. فقد كان يئس من تأمين الأموال لإعادة تمويل ممتلكاته في بناية 666 "فيفث أفينو" بنيويورك، التي كانت وقتها كما هي الآن لا تساوي قيمتها قيمة قروض رهنها العقاري. لكن خلال اجتماعات الدوحة رفيعة المستوى، لم يُظهر جهاز قطر للاستثمار، ولا الشيخ حمد بن جاسم، أي اهتمامٍ ببناية جاريد. وكان هذا هو الحال نفسه في الاجتماعات التي عُقِدَت لاحقاً عام 2011 بنيويورك بين إيفانكا والمستثمرين القطريين.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن "شركات كوشنر اشترت البناية في يناير 2007، وأتمَّت الصفقة بالتزامن مع ذكرى مولد جاريد، ودفعت سعراً هو الأعلى بين صفقات شراء المباني المكتبية بنيويورك". ونقلت عن كوشنر قوله آنذاك إنَّه "استحواذ كبير لشركتنا"، زدفعت الشركة 500 مليون دولار في صفقة الشراء.
وعانت ناطحة السحاب الفاخرة منذ ذلك الحين من ديون ضخمة، ودفعت عائلة كوشنر دفعت الكثير لتسديدها، مما يفسر سبب لجوء جاريد إلى مصادر خارجية للمساعدة في إنقاذ الأمر. وقال مصدر على اطّلاع على المحادثات إن المناقشات لشراء الأسهم في بناية 666 "فيفث أفينو" بين جاريد والشيخ حمد، والذي ترك الحكومة القطرية عام 2013 لمتابعة مهام أعماله التجارية الضخمة، استمرت حتى إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
لكن، وفقا لما نقله الكاتب الصحفي، مطاردة رأس المال استمرت حتى بعد أن أنهى كوشنر مطاردته للمستثمرين القطريين العام الماضي. وذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية، في مارس 2017، أن شركات كوشنر كانت قريبةً من توفير "شروطٍ مناسبة بشكلٍ غير اعتيادي" لإتمام الصفقة خلال المحادثات مع شركة أنبانغ للتأمين الصينية، رغم كونها على علاقاتٍ بـ"أعلى مستويات الحزب الشيوعي الصيني".
وفي اليوم ذاته، هاجم ترامب قطر باعتبارها ممولاً للإرهاب، وقدم له محامون من وزارة العدل رأيا استشاريا مفاده أنّه بإمكانه قبول مبالغ مالية من حكومات أجنبية، والتي من الممكن أن تتضمن دولاً مثل قطر والصين.
ومع تحالف ترامب والولايات المتحدة، اليوم، مع أولئك الذين يحاصرون قطر، لا يمكن للقطريين سوى التساؤل: هل هذا مرتبط بغضب ترامب من صفقاته التجارية التي لم تر النور؟
** رابط التقرير الأصلي:
http://www.huffingtonpost.com/entry...et-it-to-fund-him_us_593d6691e4b0c5a35ca06118