الأمر نفسه يتكرر منذ عقود مع كل مرة يُراد فيها الإمعان في استهداف المسلمين في مختلف بقاع العالم , حيث يتم اختراع عدو مزعوم عابر للقارات لا يحلو له أن يظهر إلا في قلب ديار المسلمين أو في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية في الدول غير الإسلامية , ليصار بعد ذلك إلى تسليط ضوء الإعلام العالمي على بعض جرائمه التي يحاول من خلالها الزعم بأنه الخطر الأكبر على الأمن والسلم العالمي المفقود , و"الإرهاب" الأوحد الذي تجب محاربته ومواجهته دون غيره من إرهاب بعض الحكومات والدول المستمر منذ عقود ضد المسلمين !!
لا يبدو أن هذا السيناريو المعمول به منذ عقود للنيل من الهوية والوجود الإسلامي قد طرأ عليه شيء من التبديل أو التغيير , اللهم إلا مزيدا من عدم الاكتراث بضعف نص وإخراج مسلسل مبرر استهداف المسلمين "داعش الآن" الذي بات أمر افتضاح مصدر صناعته وتمويله وتوجيهه من الظهور والانكشاف بمكان .
قد لا يحتاج جواب سؤال العنوان إلى تحليل أو تخمين أو انتظار مرور وقت أو زمان , فنماذج ما حل بالمسلمين في كل من سورية والعراق وغيرهما بعد ظهور ما يسمى "داعش" بينهم على الأرض مشاهد ومنظور , إذ تداعت أمم الأرض وجيوش العالم على عواصم وحواضر الأمة باسم مواجهة "داعش" , لتكون النتيجة قتل مئات الآلاف من المسلمين وتشريد الملايين منهم من أرضهم , وتدمير مدن وبلدات وقرى بأكملها فوق رؤوس أهلها ......في الوقت الذي ما زال فيه مقاتلوا "داعش" على قيد الحياة , وما زالت التحالفات الدولية تقتل المسلمين وتستهدفهم في أرضهم باسم مواجهتها لما يسمى "داعش" !!!!!
جميعنا يتمنى أن لا يكون ما يجري من أحداث وتطورات في الفلبين مؤخرا غطاء ومبررا لمزيد من استهداف المسلمين هناك , إلا أن معرفة العدو ومدى حقده وكيده لدين الله وأتباعه , واستحضار نماذج ما فعل بالمسلمين في كل بقعة أرض ظهرت فيها "داعش" وأخواتها بدعوى مواجهته ومحاربته .....يجعل المتابع يخشى أن يكون الدور اليوم على مسلمي الفلبين .
إن قيام السلطات الفلبينية بفرض حالة الطوارئ بجزيرة "مينداناو" ذات الغالبية المسلمة جنوبي البلاد ، على خلفية الاشتباكات القائمة في مدينة ماراوي الجنوبية بين القوات الحكومية وجماعة "ماوتي" وجماعة "أبو سياف" اللتان بايعت "داعش" ......يوحي بأن المسلمين سيواجهون في الأيام القادمة مزيدا من التضييق والاضطهاد والاستهداف .
وإذا ما أضفنا إلى إعلان فرض حالة الطوارئ إطلاق الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرت" يد جنوده في ارتكاب ما يحلو لهم من جرائم في سبيل مواجهة من يسميهم "الإرهابيين" حسبما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عنه قائلة : إن رئيس الفلبين أثار جدلا جديدا عندما سعى لطمأنة الجنود الذين ربما يكونون متهمين بارتكاب انتهاكات في ظل تطبيق الأحكام العرفية في جزيرة "مينداناو" ذات الغالبية المسلمة فقال لهم : إنه إذا اتهم أحدهم باغتصاب ثلاث نساء فإنه سيتحمل عنه المسؤولية" ...فإن هذا التحليل والتوقع يبدو أكثر واقعية ورجحانا .
بل إن واقع ما يجري على الأرض هناك يشير بشكل واضح إلى بداية ظهور آثار هذه الهجمة الشرسة الجديدة على المسلمين هناك باسم مواجهة ومحاربة "داعش" , فقد أسفر إعلان الأحكام العرفية في مدينة "ماراوي"، ذات الغالبية المسلمة بجزيرة "مينداناو" جنوبي الفلبين، عن نزوح قرابة 85 ألف شخص من المدينة حسبما ذكر بيان صادر عن منطقة "مينداناو" .
وحتى تكتمل مبررات النظام في الفلبين لاستهداف المسلمين تبنى "داعش" الهجوم المسلح الذي استهدف منتجعاً سياحياً في العاصمة الفلبينية مانيلا الخميس الماضي , والذي أصيب فيه 25 شخصاً على الأقل حسبما نقلت صحيفة "مانيلا تايمز" عن المسؤول في الصليب الأحمر الفلبيني "باساي تشابتر" .
لم يكن المسلمون في الفلبين الذين تبلغ نسبتهم حوالي 25% من مجموع السكان ويشكلون غالبية في جنوب البلاد إذ تفوق نسبتهم 85% في منطقة "مينداناو" التي تجري فيها الأحداث .... بمنأى عن الاضطهاد والاستهداف قبل الأحداث الأخيرة , فهم يعانون منذ قرون من استهداف صليبي لهويتهم و وجودهم على تلك البقعة من الأرض تمثل أولا في هجمات البرتغاليين ثم في الاحتلال الإسباني فالأمريكي , لتنتقل مهمة الاضطهاد والاستهداف بعد ذلك إلى عملاء وأذناب المحتل بعد رحيله , والذي تمثلت ذروته في عهد الرئيس "ماركوس" الذي شن حملة إبادة ضد المسلمين عبر عصابات الفئران والأخطبوط التي مارست أبشع جرائم القتل والنهب والتهجير بحق المسلمين.....وما زالت مظاهر ومعالم هذا الاستهداف ظاهرة ومستمرة حتى يومنا هذا .