الفساد المشرعن في العراق
حمودي جمال الدين
المتتبع للمناقشات والحوارات الدائرة الأن بين الفرقاء السياسيين والمسؤولين الكبار واعضاء مجالس النواب وكل الكتل و الشلل والاحزاب الحاكمة منذُ سقوط النظام البائد والى الان يحس بان الفساد في العراق ليس دخيلا أو مرتجلا و مفتعلا وإنما كان ومنذُ نشأته مشرعنا ووفق ضوابط وأحكام سياسية ومحاصصاتية وكان الهدف الرئيسي الذي تبوأت به هذه الرؤوس والشلل مناصبها هو لاقتسام خيرات العراق و قوت أبناء شعبه وليس ادارة حكمه وبناء مستقبله ومستقبل أجياله كما هي عليه المناصب والامتيازات التي استولوا عليها بغير وجه حق ,ولم تكفهم او تقنعهم التشريعات التي وضعوها لأنفسهم و لمصالحهم الخاصة بفساد ليس له شبيه او مثيل في العالم حيث ينفرد به النظام العراقي الجديد بعد 2003‘وهو النوع الذي تسبب وما زال في تبديد ثروة البلد ومعظم موازنة الدولة من رواتب وامتيازات للمسؤولين الحكوميين والنواب ومخصصات ونفقات وامتيازات ‘في 70% من أموال الموازنة تخصص سنويا للنفقات التشغيلية للحكومة و40% من هذه الأخيرة تذهب لمصروفات الرئاسات الثلاث ‘رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب .
والا ماذا يعني ان يطلب من الحكومة أن تحيل موضوع مكافحة الفساد الى مجلس النواب لمناقشته واستحصال الموافقة على مكافحته ومن ثم إصدار تشريع خاص للقضاء عليه ، وكأنه ليس من صلب عمل الحكومة وواجباتها في مكافحة هذه الآفة التي تنخر باقتصاد الدولة والمجتمع ، ومنذ تأسيس الدولة الحديثة والتي تلكأت الحكومات المتعاقبة كل هذه السنوات بالمساس به وبالمسؤولين عن اقترافه والتغطية عليه وعلى منفذيه وكأن هذه الهيئات الرقابية التي أسستها الحكومة من أجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تفشت وتمددت على كل المرافق والبنى التحتية والثقافية والاجتماعية والسياسية طيلة هذه السنين كخيال المآتة ليس لها وجود او تأثير وإنما هي لإخافة العصافير فقط! أو للزينة والرتوش وان تأسيسها ما هو إلا عبء ثقيل على كاهل الدولة والمجتمع بأجهزتها الإدارية وتضخمها البشري لغرض استيعاب الأعداد الغفيرة من المسؤولين والموظفين وبالأخص من المنتسبين لهذه الأحزاب والسياسيين بغية ارضائهم وكسب ودهم .
ثم أين هو التشكيل الكبير الذي طبل له اعلاميا وسياسيا و وسموه ب (المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) والمعول عليه إنقاذ العراق وانتشاله من هذا المرض/الفساد ، الذي أغرق العراق وشعبه بالوحل والدمار طيلة هذه السنين.
وعلى فرض أن مجلس النواب لم يصوت بالأغلبية على الموافقة لترويج قرار مكافحة الفساد فماذا تفعل الحكومة إزاء عدم الموافقة هل تستسلم للقرار ؟؟ وتجعل الحبل على الغارب ، عندها سيأخذ الفساد تشريعا ضمنيا ساطعا وعلنيا ليس مستورا وتكون الدولة بكل مرافقها ومنافعها وأجهزتها الخدمية والسياسية والاقتصادية موظفة فعليا تحت سلطة الفاسدين وسطوتهم وسيكون الشعب بأجمعه بخدمتهم وطوع بنانهم !!!!! .
بطبيعة الحال فإن هؤلاء المسؤولين و نتيجة لانتفاخ ثرواتهم سيتحولون مع الوقت الى اصحاب: اعمال /شركات/ شركاء/تجار/مضاربين، إضافة إلى مسؤولياتهم ومهامهم في السلطة ‘بالتالي يتحول اتجاههم بالبحث عن طرق و أساليب تنمي ثروتهم وتزيد من أموالهم الخاصة على حساب اهتمامهم بمصلحة الشعب والوطن ‘ثم يلتجئون لتغطية وتمويه ما اكتسبوه من السحت الحرام الى البحث عن نوافذ في تهريب عملة البلد الى الخارج والتي تؤدي بدورها الى تدمير الاقتصاد العراقي وتقويض تنميته.
هنيئا للشعب العراقي بحكومته و قادته و أحزابه !!!!!!.
عن موقع كتابات