تنظيم الدولة واستراتيجية العمل الامني لما بعد الكيان:
عمر الفلاحي
امر لافت هو ذلك العمل العمل الامني المتصاعد في المدن التي انحاز منها تنظيم الدولة الاسلامية في شطريه العراقي والشامي، فقدان تنظيم #الدولة_الإسلامية السيطرة اكثر من ٧٠٪ من الاراضي التي سيطر عليها بعد عام ٢٠١٤ في شطره العراقي مقارنة بما فقده في شطره الشامي فأن سمة العمل الامني في العراق تعتبر انموذجا متقدما لمعرفة ما سيكون شكل عمله واستراتيجيته المقبلة خصوصا اذا استمر فقدانه لأراضيه وانحيازه عن المدن الكبرى كما هو الحال الذي مرت به نسخته الاولى عام ٢٠٠٧ والتي كانت تحت اسم (دولة العراق الاسلامية) عقب ظهور قوات الصحوة بشطريها العشائري والفصائلي ( الفصائل السرورية والاخوانية). بالعودة لنشاط تنظيم الدولة الامني في العراق نجده قد نجح بشكل باهر من الانتقال من استراتيجية السيطرة ومسك الارض الى العمل الامني وعمليات الاختراق وحرب العصابات خاصة في ديالى والرمادي والفلوجة والرطبة وتكريت وشرق تكريت وسامراء (الجلام) وغربها في الجزيرة وصولا الى شمالها في مدينة بيجي اضافة الى ديمومة عمله الامني في بغداد وجنوبها وشمالها كونها استمرت على منوالها الامني ولم تدخلها قوات الدولة. يتمثل نجاح الدولة الاسلامية بهذا الانتقال هو بنجاحها في تهيئة نسختها الامنية ابان سيطرتها على تلك المناطق وهذا يدل على ان قياداتها وضعت في حساباتها امكانية خسارة بعض او كل الاراضي لاختلال ميزان القوى بينها وبين اعدائه، كما تمكن من توطين وتهيئة مقاتليه على المرونة اللازمة والخبرات الضرورية لاستيعاب طبيعة العمل الامني الذي يختلف كثيرا عن اسلوب وطبيعة مسك الارض وبهذا يكون مسمى الجندي الشامل او العنصر المرن اقرب لوصف اسلوب عنصر التنظيم القتالي، وايضا نجاح التنظيم بالتهيئة النفسية لمقاتليه من الاثار الجانبية التي كان من المحتمل ان تحدث نتيجة فقدان الاراضي وخسارتهم للكثير من مكتسباتهم بعد عام ٢٠١٤ وبالتالي فأن الجانب المعنوي كان عاملا مهما باستيعاب العودة للعمل الامني وبسرعة لافتة للنظر وهذا يدل على ان الخطاب المعنوي والنفسي الذي استخدمته الدولة لمخاطبة عناصرها نجح بالتقليل من الاحباط وتحويله الى تقبل لمرحلة حرب العصابات بعد قتال مؤلم وشاق سبقها. من الاهمية بمكان ان يوضع في الحسبان ان العمل الامني في العراق قد يختلف عنه في الشام بالنسبة للدولة الاسلامية وذلك لأمر بديهي وهو ان الارث والمحاكاة الامنية تحت كل الظروف التي اكتسبتها الكوادر القتالية في العراق سابقا من جراء انحيازهم الاول عام ٢٠٠٧ بعد ظهور الصحوات كما اشرنا اعلاه والتي لم يمر بها شطر التنظيم الشامي حتى الان ولم يوضع على المحك للوقوف على تقييم حقيقي وموضوعي لنشاطه الامني هناك خصوصا وانه يعاني تذبذبا من حيث نسق العمليات ومقدار الاختراق من منطقة لاخرى فنحن شاهدنا عمليات امنية مستمرة في عمق مناطق النظام في حمص لكن قابلتها شحة لنفس العمل في العاصمة دمشق، ولهذا قد يلتحق الشطر الشامي للتنظيم امنيا كما هو الحال في العراق بشكل طردي مع فقدانه المحتمل للاراضي التي سيطر عليها ليكون مستقبلا ذلك الحيز الجغرافي الممتد من ريف حمص الشرقي مرورا بصحراء تدمر وصولا لجزيرة البادية الغربية وصحراء الانبار شرقا ووصولا الى ضواحي نينوى شمالا هو الموطن البديل لتنظيم الدولة وسينطلق منها عمله الامني مستقبلا في كُلاً من العراق وسوريا.