الولاء و البراء .:. سؤال و جواب .:.

عبدَ الله

<b><font color="#FF00FF">فرسان النهار</font></b>
إنضم
5 يناير 2008
المشاركات
559
التفاعل
6 0 0
بيع بطاقات أعياد النّصارى
السؤال: أنا أعمل محاسب. وفي العمل يوجد بطاقات عيد ميلاد المسيح عليها عبارات شركية مثل (عيسى هو الله - وهو يحبك)… الخ . إذا كان العميل يحضر لي هذه البطاقات فأبين له أنصحه) ، وأضع النقود في آلة التسجيل. فهل أنا كافر ؟ أنا أكره الشرك ، وأكره المسيحية ، وأكره المسيحيين ، فهل أنا كافر ؟



الحمد لله
ما دمت مؤمنا كارها للشرك كارها لدين النّصارى فلست بكافر بل أنت مسلم ما دمت على التوحيد ولم ترتكب ما يُخرج من الدّين ، ولكن لا بدّ أن تعلم أنّه لا يجوز لمسلم أن يعين الكفار بأي وسيلة على إقامة أعيادهم والاحتفال بها ومن ذلك بيع ما يستخدمونه في أعيادهم . قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " فأمّا بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والرّيحان ونحو ذلك أو إهداء ذلك لهم فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرّم . وهو مبني على أصل وهو : أنّه لا يجوز أن يبيع الكفّار عنبا أو عصيرا يتخذّونه خمرا . وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما . "
ثمّ نقل عن عبد الملك بن حبيب من علماء المالكية قوله : " ألا ترى أنّه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا من النصّارى شيئا من مصلحة عيدهم ؟ لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يُعارون دابّة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأنّ ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم .." الاقتضاء ص: 229 ، 231 ط. دار المعرفة بتحقيق الفقي .
نسأل الله أن يثبتك على الحقّ ويجنبّك الباطل ويرزقك من لدنه رزقا حسنا . وصلى الله على نبينا محمد .


الشيخ محمد صالح المنجد



حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
ما حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ؟ .


الحمد لله
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } وقال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .
والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .​


الشيخ محمد صالح المنجد



حكم مشاركة الكفار في أعيادهم
شاهدت الكثير من المسلمين يشاركون في احتفالات الكريسمس وبعض الاحتفالات الأخرى .
فهل هناك أي دليل من القرآن والسنة يمكن أن أريه لهم يدل على أن هذه الممارسات غير شرعية ؟



الحمد لله​
لا يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم للأمور التالية :
أولاً : لأنه من التشبه و " من تشبه بقوم فهو منهم . " رواه أبو داود ( وهذا تهديد خطير ) ، قال عبد الله بن العاص من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجاناتهم وتشبه بهم حتى يموت خسر في يوم القيامة .
ثانياً : أن المشاركة نوع من مودتهم و محبتهم قال تعالى : ( لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء … ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق … ) الآية .
ثالثاً : إن العيد قضية دينية عقدية وليست عادات دنيوية كما دل عليه حديث : " لكل قوم عيد و هذا عيدنا " و عيدهم يدل على عقيدة فاسدة شركية كفرية .
رابعاً : ( و الذين لا يشهدون الزور …) الآية فسرها العلماء بأعياد المشركين ، و لا يجوز إهداء أحدهم بطاقات الأعياد أو بيعها عليهم و جميع لوازم أعيادهم من الأنوار و الأشجار و المأكولات لا الديك الرومي ولا غيره و لا الحلويات التي على هيئة العكاز أو غيرها .
وقد سبقت إجابة عن سؤال مشابه فيها مزيد من التفصيل تحت رقم .


الشيخ محمد صالح المنجد



إيضاح القاعدة العظيمة : " تحريم موالاة الكفّار "
السؤال:
نرجو التوضيح بالأمثلة ما المقصود من العبارة التالية : " موالاة الكفّار حرام " .



الجواب:
الحمد لله
نعم الأمثلة توضّح المقصود وتجلّيه ولذلك ننتقل إليها مباشرة وننقل بعضا من أهمّ ما ذكره أهل العلم وأئمة الدّعوة من صور الموالاة الكفار :
ـ الرضا بكفرهم أو الشك فيه أو الامتناع عن تكفيرهم أو الإقدام على مدح دينهم قال الله تعالى عن كفر الراضي : ( ولكن من شرح بالكفر صدرا ) . وقال تعالى موجبا ومشترطا الكفر بالطاغوت : ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) . وقال عن اليهود في تفضيلهم المشركين على المسلمين: ( ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا).
ـ التحاكم إليهم : كما في قوله تعالى : ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به )
ـ مودتهم ومحبتهم ، قال تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله .. الآية )
ـ الركون إليهم والاعتماد عليهم وجعلهم سندا وظهيرا ، قال تعالى : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) .
ـ إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين . قال الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) وقال عن الكفار : ( بعضهم أولياء بعض ) . وقال : ( ومن يتولّهم منكم فإنه منهم ) .
ـ الانخراط في مجتمعاتهم والانضمام إلى أحزابهم وتكثير سوادهم والتجنُّس بجنسياتهم ( لغير ضرورة ) والخدمة في جيوشهم والعمل على تطوير أسلحتهم .
ـ نقل قوانينهم وتحكيمها في بلاد المسلمين ، قال تعالى : ( أَفَحُكم الجاهلية يبغون )
ـ التولي العام لهم واتخاذهم أعوانا وأنصارا وربط المصير بهم ، قال الله تعالى ناهيا عن ذلك ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء . بعضهم أولياء بعض ) .
ـ مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين ، قال تعالى : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) . ويدخل في ذلك مجالستهم والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله ، قال الله تعالى : ( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُسْتهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) .
ـ الثقة بهم واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين وجعلهم مستشارين . قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون . ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضُّوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور . إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها }
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلِقْ . " رواه مسلم 3388 .
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار الأعمال التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم .
ـ توليتهم المناصب الإدارية التي يرأسون بها المسلمين ويذلونهم ويتحكمون في رقاب الموحدين ويحولون بينهم وبين أدائهم عباداتهم . قال الله تعالى ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ، وروى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قلت لعمر رضي الله عنه : لي كاتب نصراني ، قال : مالك قاتلك الله ، أما سمعت قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } ( المائدة :51 ) ألا اتخذت حنيفاً ، قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه ، قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله .
وكذلك جعلهم في بيوت المسلمين يطلعون على العورات ويربون أبناء المسلمين على الكفر ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين وجعلهم عمالاً وسائقين ومستخدمين ، ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل والأسر المسلمة .
وكذلك ضمّ الأولاد إلى المدارس الكفرية والمعاهد التبشيرية والكليات والجامعات الخبيثة وجعلهم يسكنون مع عوائل الكفار .
ـ التشبه بالكافرين في الملبس والهيئة والكلام وغيرها وذلك يدل على محبة المتشبه به ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) .
فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من عاداتهم ، وعباداتهم ، وسمتهم وأخلاقهم ، كحلق اللحى ، وإطالة الشوارب ، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة ، وفي هيئة اللباس ، والأكل والشرب وغير ذلك .
ـ الإقامة في بلادهم بغير حاجة ولا ضرورة ، ولهذا فإن المسلم المستضعف الذي لا يستطيع إظهار شعائر دينه تحرم عليه الإقامة بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة ، قال تعالى :{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً . إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً } .
فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة . وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم .
فالإقامة بين ظهرانيهم محرمة لغير ضرورة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين ) .
ـ السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس : أمّا الذّهاب لحاجة شرعية - كالعلاج والتجارة وتعلّم التخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم - فيجوز بقدر الحاجة ، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين .
ويشترط للذّاهب في هذه الحالة أن يكون معه علم يدفع به الشبهات وإيمان يدفع به الشهوات وأن يكون مُظهِراً لدينه معتزاً بإسلامه مبتعداً عن مواطن الشر ، حذِراً من دسائس الأعداء ومكائدهم ، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام .
ـ مدحهم والذبّ عنهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد . قال تعالى :{ ولا تمدن عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربِّك خيرٌ وأبقى } .
وكذلك تعظيمهم وإطلاق ألقاب التفخيم عليهم والبدء بتحيتهم وتقديمهم في المجالس وفي المرور في الطرقات ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ " . رواه مسلم 4030
ـ ترك تاريخ المسلمين والتأريخ بتأريخهم واعتماده خصوصاً التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي ، وهو عبارة عن ذكرى مولد المسيح عليه السلام ، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح عليه السلام ، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم .
ولتجنب هذا لما أراد الصحابة رضي الله عنهم وضْع تاريخ للمسلمين في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه عدلوا عن تواريخ الكفار وأرخوا بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم ـ والله المستعان .
ـ مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أوتهنئتهم بمناسبتها أو حضور أماكنها .
وقد فُسَّر الزور في قوله تعالى :{ والذين لا يشهدون الزور } بأعياد الكفار .
ـ التسمي بأسمائهم المُنكَرة ، وقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم الأسماء الشركية كعبد العزّى وعبد الكعبة .
ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم : قال الله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ).
فهذه طائفة من الأمثلة التي توضّح قاعدة تحريم موالاة الكفّار ، نسأل الله سلامة العقيدة وقوّة الإيمان والله المستعان .


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد



تعلم اللغة الأجنبية
السؤال :
هل تعلم اللغة الإنجليزية حرام أم حلال ؟ .



الجواب :
الحمد لله
إذا كان هناك حاجة دينية أو دنيوية إلى تعلم اللغة الإنجليزية ، أو غيرها من اللغات الأجنبية فلا مانع من تعلمها ، أما إذا لم يكن حاجة فإنه يكره تعلمها .​


من فتاوى اللجنة الدائمة 12/133.



الخدمة العسكرية في جيوش الكفار وتولي وظائف دينية فيها
السؤال:
ما حكم الخدمة العسكرية في جيوش الكفار ؟ وما هو دليل الإباحة أو التحريم ؟
وما هو الحكم إذا كان الشخص يعمل ليساعد الذين يعملون في الجيش على أدائهم لحقوق الله أثناء عملهم في الجيش أو البحرية ؟



الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بما يلي:
الحمد لله رب العالمين : الأمور العسكرية مشكلة لأنه يلزم منها مساعدة هؤلاء الكفار في حروبهم مع المسلمين أو مع من بينهم و بين المسلمين عهد ، و أما إذا كان لا يلزم هذا فقد يكون من المصلحة أن يشتغل في العسكرية ليعرف أسرارهم و يحذر من شرهم . أي إذا كان عمله يفيد المسلمين وإلا فلا . أهـ
وبناء عليه فإذا كان يعمل واعظا أو داعية أو إمام أو مؤذنا ينفع المسلمين ويدعو غير المسلمين فلا بأس بذلك .


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد



هل يسمح المسلم لضيفه الكافر بأداء شعائر الكفر في بيته
إذا زارك شخص كافر ليبقى في بيتك لعدة أيام فهل يجوز للمسلم المستضيف أن يسمح له بأن يؤدي صلاته وشعائر دينه التعبدية ؟
هل يعتبر المسلم المستضيف مذنباً ؟ لأن بعض الصلوات والشعائر التعبدية لدين آخر لا تتوافق مع الإسلام .



الحمد لله عرضنا هذا السؤال على الشيخ محمد صالح العثيمين فأجاب بقوله : الحمد لله ، لا يجوز أن توافقه على ذلك لأن هذا كفر فإنه لا دين له كما قال الله عز وجل " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه " وقال تعالى " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره " ولأن هذا الزائر امتهن كرامتك لأنه يعلم أنك لا ترضى بهذا فلا تدعه يمتهن كرامتك . أهـ والله أعلم.


الشيخ محمد صالح العثيمين



حكم الحصول على الجنسية الكافرة
ما حكم الحصول على الجنسية الكافرة ؟


الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله بقوله :
من اضطر إلى طلب جنسية دولة كافرة كمطارد من بلده ولم يجد مأوى فيجوز له ذلك بشرط أن يظهر دينه ويكون متمكنا من أداء الشعائر الدينية ، وأما الحصول على الجنسية من أجل مصلحة دنيوية محضة فلا أرى جوازه . والله أعلم .​


الشيخ عبد الله بن جبرين



ما حكم الشراء من كفار مع وجود مسلمين
ما حكم ترك المسلمين التعاون فيما بينهم بأن لا يرضى ولا يحب أن يشتري من المسلمين ويرغب في الشراء من دكاكين الكفار ، هل هذا حلال أم حرام ؟ .



الحمد لله
الأصل جواز شراء المسلم ما يحتاجه مما أحل الله له من المسلم أو من الكافر ، وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود لكن إذا كان عدول المسلم عن الشراء من أخيه المسلم من غير سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إلى محبة الشراء من كافر والرغبة في ذلك وإيثاره على المسلم دون مبرر - فهذا حرام لما فيه من النقص على تجار المسلمين وكساد سلعهم ، وعدم رواجها إذا اتخذ المسلم ذلك عادة له ، وأما إن كانت دواع للعدول من نحو ما تقدم فعليه أن ينصح لأخيه المسلم بترك ما يصرفه عنه من العيوب ، فإن انتصح فالحمد لله ، وإلا عدل عنه إلى غيره ، ولو كان كافر يحسن تبادل المنافع ويصدق في معاملته .​


من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/18.



جمع التبرعات لشراء هدايا للعوائل الفقيرة في الكريسمس
مدرستي فيها تقاليد في أعياد الميلاد فكل عام يقوم أحد الفصول بتولي أمر أسرة فقيرة يجمع لها التبرعات لشراء هدايا أعياد الميلاد ولكني رفضت ذلك لأن الأسرة حينما تتلقى هذه الهدايا تدعو "بارك الله في النصارى" فهل فعلي صحيح ؟.


الحمد لله
يظهر أنك تعني ميلاد المسيح عليه السلام الذي تعظمه النّصارى وتتخذه عيداً . وأعياد النصارى من دينهم ، وتعظيم المسلمين لأعياد الكفّار بإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا هو من التشبُّه بهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) . فيجب على المسلمين أن يحذروا من التشبه بالنصارى في أعيادهم ، وفي العادات المختصة بهم ، وقد أحسنت وأصبت حيث لم توافق على جمع التبرعات للأسر الفقيرة بمناسبة أعياد الميلاد ، فاستقم على طريقك ، وناصح إخوانك وبيِّن لهم أن هذا العمل لا يجوز فنحن المسلمين ليس لنا سوى عيد الفطر ، وعيد الأضحى وقد أغنانا الله عن أعياد الكافرين بهذين العيدين . انتهى .
كتبه : الشيخ عبد الرحمن البراك
ونحن المسلمين إذا أردنا الصّدقة فإننا نبذلها للمستحقّين الحقيقيين ولا نتعمد جعْل ذلك في أيام أعياد الكفار بل نقوم به كلما دعت الحاجة وننتهز مواسم الخير العظيمة كرمضان والعشر الأوائل من ذي الحجّة وغيرها من المواسم الفاضلة التي تُضاعف فيها الأجور ، وكذلك في أوقات العسرة كما قال الله تعالى : فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ(11)وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ(12)فَكُّ رَقَبَةٍ(13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ(14)يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ(15)أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ(16)ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ(17)أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ(18) سورة البلد
وصلى الله على نبينا محمد.​


الشيخ محمد صالح المنجد



هل يجوز دخول الكنائس لأجل الدعوة ، أو لأجل الفرجة
توجد هنا كنائس كثيرة ، فهل يجوز الدخول فيها ومناقشة القساوسة الذين فيها ؟ هل يجوز دخولها للنظر فيها ومعرفة ما يفعل هؤلاء ؟.


يجوز دخول الكنائس لأهل العلم لدعوة أهلها إلى الإسلام ، أما دخولها لأجل الفرجة فقط فلا ينبغي ؛ لأنه لا فائدة من ورائه ، ولأنه يُخشى على المسلم أن يتأثر بهم ، لا سيما إذا كان جاهلاً بأمور دينه ، ولا يستطيع رد الشبهة التي يوجهونها إليه .​


من فتاوى اللجنة الدائمة 13/257.



حكم الدعوة إلى وحدة الأديان
السؤال :
ما حكم الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) ؟.



الجواب :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات ، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى( وحدة الأديان ) : دين الإسلام ، ودين اليهودية ، ودين النصارى ، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد ، في رحاب الجامعات والساحات العامة ، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة و الإنجيل في غلاف واحد ، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة ، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب ، وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي :
أولاً : إن من أصول الاعتقاد في الإسلام ، المعلومة من الدين بالضرورة ، والتي أجمع عليها المسلمون : أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى الإسلام ، وأنه خاتمة الأديان ، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع ، فلم يبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام ، قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) وقال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) . والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان .
ثانياً : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن كتاب الله تعالى : ( القرآن الكريم ) هو آخر الكتب نزولاً وعهداً برب العالمين ، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل ؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها ، ومهيمن عليها ، فلم يبق كتاب منزل يُتعبد الله به سوى القرآن الكريم ، قال الله تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ) .
ثالثاً : يجب الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن الكريم ، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان ، كما جاء ذلك في آيات من كتاب الله الكريم ، منها قول الله تعالى : ( فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذُكِّروا به ولا تزال تطّلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم ) ، وقوله عز وجل : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) وقوله سبحانه : ( وإن منهم فريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) . ولهذا فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام ، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة ، وقال عليه الصلاة والسلام : " أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ ألم آت بها بيضاء نقية ؟! لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي " رواه أحمد والدارمي وغيرهم .
رابعاً : من أصول الاعتقاد في الإسلام : أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، كما قال تعالى : ( ما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) ، فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان أحد من الأنبياء حياً لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم ، وإنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك ، كما قال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) ، ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وحاكماً بشريعته ، وقال الله تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) . كما أن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين ، قال الله تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وقال سبحانه : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) وغيرها من الآيات .
خامساً : ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم ، وتسميته كافراً ممن قامت عليه الحجة ، وأنه عدو الله ورسوله والمؤمنين ، وأنه من أهل النار ، كما قال تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) وقال جل وعلا : ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ) ، وقال تعالى : ( وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) ، وقال تعالى : ( هذا بلاغ للناس وليُنذَروا به ) وغيرها من الآيات ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة : يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار " . ولهذا فمن لم يُكَفِّر اليهود والنصارى فهو كافر ، طرداً لقاعدة الشريعة : " من لم يُكفِّر الكافر بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر " .
سادساً : وأمام هذه الأصول الاعتقادية ، والحقائق الشرعية ، فإن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) والتقارب بينها وصرفها في قالب واحد ، دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجرّ أهله إلى ردة شاملة ، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) وقوله جل وعلا : ( ودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) .
سابعاً : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر ، والحق والباطل ، والمعروف والمنكر ، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين ، فلا ولاء ولا براء ، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله ، والله جل وتقدس يقول : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، ويقول جل وعلا : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ) ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتّم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) .
ثامناً : إن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام ؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد ، فترضى بالكفر بالله عز وجل ، وتُبطل صدق القرآن ونَسْخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان ، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً ، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع .
تاسعاً : وبناءً على ما تقدم :
1 - فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن الله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة ، والتشجيع عليها ، وتسليكها بين المسلمين ، فضلاً عن الاستجابة لها ، والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها .
2 - لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين ، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد ؟ فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد ؛ لما في ذلك من الجمع بين الحق ( القرآن الكريم ) والمحرف أو الحق المنسوخ ( التوراة والإنجيل ) .
3 - كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة : ( بناء مسجد وكنيسة ومعبد ) في مجمع واحد ؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام ، وإنكار ظهوره على الدين كله ، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ، لأهل الأرض التدين بأي منها ، وأنها على قدم التساوي ، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان ، ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفر وضلال ؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين ، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله ، تعالى الله عن ذلك . كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ( بيوت الله ) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله ، لأنها عبادة على غير دين الإسلام ، والله تعالى يقول : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ، بل هي بيوت يُكفَرُ فيها بالله ، نعوذ بالله من الكفر وأهله ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ( 22/162 ) : " ليست - البِيَع والكنائس - بيوتاً لله ، وإنما بيوت الله المساجد ، بل هي بيوتٌ يُكفر فيها بالله ، وإن كان قد يُذكر فيها ، فالبيوت بمنزلة أهلها ، وأهلها الكفار ، فهي بيوت عبادة الكفار " .
عاشراً : ومما يجب أن يُعلم : أن دعوة الكفار بعامة ، وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين ، بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، ولكن لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن ، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام ، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ، ودخولهم فيه ،أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ عن بينة ، قال الله تعالى : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون ) ، أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم ، وتحقيق أهدافهم ، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون والله المستعان على ما يصفون ، قال تعالى : ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) .
وإن اللجنة إذ تقرر ما تقدم ذكره وتبينه للناس ؛ فإنها توصي المسلمين بعامة ، وأهل العلم بخاصة بتقوى الله ومراقبته ، وحماية الإسلام ، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته ، والكفر وأهله ، وتحذرهم من هذه الدعوة الفكرية.​


اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء



حكم أكل المسلم مع الكافر
السؤال : هل إذا أكل المسلم مع نصراني أو غيره من الكفرة أو شرب معه يعتبر ذلك حراماً ؟ وإذا كان ذلك حراماً فما نقول في قول الله تعالى : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) المائدة/5 ؟.


الحمد لله
ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .
وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية والله ولي التوفيق .​


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/324.



الفرق بين موالاة الكفار والاستعانة بهم
ما هو الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم ؟.


الحمد لله المولاة معناها : المناصرة والمساعدة على أمورهم الكفرية ، ومن ذلك أن يقاتل المسلمون مع الكفار ، يعني مثلاً يقوم الكفار بغزو بلد من البلدان الإسلامية فيتولاهم هذا المسلم وينصرهم ويساعدهم على هذه البلدة في القتال سواءً بالسلاح أو بإمدادهم بأي شيء يساعدهم على قتال المسلمين ، هذا من موالاتهم ، وهو أيضاً من توليهم ، فإن المولاة والتولي يراد بها هنا المناصرة وأن يكون يداً معهم على المسلمين .
أما الاستعانة بهم فهذا يرجع إلى المصلحة ، إن كان في ذلك مصلحة فلا بأس ، بشرط أن نخاف من شرهم وغائلتهم وألا يخدعونا ، وإن لم يكن في ذلك مصلحة فلا يجوز الاستعانة بهم لأنهم لا خير فيهم .


لقاءات الباب المفتوح للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 20.



حضور أعياد المشركين وتهنئتهم بها
هل يجوز حضور الاحتفال بأعياد النصارى وتهنئتهم بها ؟.


الحمد لله
قال ابن القيم رحمه الله : ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله . وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم . . . وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) . وقال عمر أيضاً : (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم) . وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) اهـ أحكام أهل الذمة 1 /723-724 .
وأما تهنئتهم بأعيادهم فقد تقدم جواب عن ذلك برقم ( ) فننصح السائل بمراجعته.


الشيخ محمد صالح المنجد



هل تحضر الكريسمس لتسلم على أقاربها
أريد أن أسلم وعائلتي تجتمع في عيد الكريسمس ، وأريد أن أحضر وأسلم عليهم ، ليس بنية الاحتفال ولا المشاركة ، لكن فقط لا نتهاز فرصة اجتماع أقاربي ، هل هذا مسموح ؟.


الحمد لله
وجهت هذا السؤال لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فأجاب :
لا ، لا يجوز ، إذا من الله عليها بالإسلام أول ما تفعله التبرؤ من ( دينها الأول وأعياده ) . والله أعلم .​


الشيخ محمد بن صالح العثيمين


 
التبرع بالدم للكافر المسالم الذي ليس بيننا وبينه حرب
ما حكم التبرع بالدم في بلاد الكفر حيث سيعطى الدم لكافر على الأرجح ؟ توجد حالات يعاني فيها أطفال من أمراض في الدم ، ويكون أولئك الأطفال في حاجة ماسة للصفيحات (اللويحات) الدموية ؟ فهل حكم (التبرع في هذه الحالة) هو نفس الحكم الخاص بالسؤال السابق ؟ أخبرني أحد الأئمة بأن الدم يجب ألا يتبرع به ، (هل قوله صحيح) ؟.


الحمد لله
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن ذلك فقال :
" لا أعلم مانعاً من ذلك ، لأن الله تعالى يقول في كتابه العظيم : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) الممتحنة /8
فأخبر الله سبحانه أنه لا ينهانا عن الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرَّهم ونُحسن إليهم ، والمضطر في حاجة شديدة إلى الإسعاف ، وقد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها إلى بنتها وهي كافرة ، في المدينة في وقت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة ـ تسألها الصلة ، فاستفتت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فأفتاها أن تصِلها ، وقال : ( صلي أمك وهي كافرة )
فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب ، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم ، كما لو اضطر إلى الميتة ، وأنت مأجور في ذلك ، لانه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة ."
من كتاب فتاوى نور على الدرب ج 1 ص 376
وبناء عليه ، فإن الكافر المحارب الذي بينه وبين المسلمين حرب لا يجوز له التبرع بالدم ، لأن في هذا إعانة على عدوانه على المسلمين ، وهو أمر خطير جداً ، نسأل الله السلامة والعافية .


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد



حكم السكن مع العوائل في الخارج
ما حكم السكن مع العوائل لمن سافر إلى الخارج للدراسة لأجل الاستفادة من اللغة أكثر ؟.


الحمد لله
لا يجوز السكن مع العوائل لما في ذلك من تعرض الطالب للفتنة بأخلاق الكفرة ونسائهم ، والواجب أن يكون سكن الطالب بعيدا عن أسباب الفتنة ، وهذا كله على القول بجواز سفر الطالب إلى بلاد الكفرة للتعلم ، والصواب أنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار للتعلم إلا عند الضرورة القصوى ، بشرط أن يكون ذا علم وبصيرة وأن يكون بعيدا عن أسباب الفتنة ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقبل الله من مشرك عملا بعدما أسلم أو يزايل المشركين ) أخرجه النسائي بإسناد جيد . ومعناه : حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
فالواجب على المسلمين الحذر من السفر إلى بلاد أهل الشرك إلا عند الضرورة القصوى ، إلا إذا كان المسافر ذا علم وبصيرة ويريد الدعوة إلى الله والتوجيه إليه فهذا أمر مستثنى ، وهذا فيه خير عظيم . لأنه يدعو المشركين إلى توحيد الله ويعلمهم شريعة الله ، فهو محسن وبعيد عن الخطر لما عنده من العلم والبصيرة والله المستعان .​


كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/381 .



حكم عيادة المريض الكافر
يحدث أن يمرض أحد النصارى معنا في العمل أو الدراسة فهل تجوز زيارته وما حكم عيادة المريض الكافر ؟.


الحمد لله
تجوز العيادة بقصد دعوته وعرض الإسلام عليه .
وهذا توسط في المسألة فلا يصح المنع مطلقاً لأنه لم يرد في ذلك دليل بل هو خلاف الأدلة الصحيحة .
والقول بالجواز مطلقاً فيه شيء من النظر فلم يبق إلا جواز عيادته إذا كان يعرض عليه الإسلام أو يرتجيه .
وقد جاء في صحيح البخاري من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال . كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمَرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له . أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم . فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول . الحمد لله الذي أنقذه من النار .
وهذا الحديث فيه فوائد .
الأولى : حُسنُ خُلقه صلى الله عليه وسلم .
الثانية : حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق .
الثالثة : أن اليهود إذا مات على يهوديته كافر مخلد في النار وهذا لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم قال النبي صلى الله عليه وسلم . والذي نفسي بيده لاَ يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة .
الرابعة : عيادة اليهودي إذا رجيت المصلحة . قال أبو داود رحمه الله سمعت الإمام أحمد سئل عن عيادة اليهودي والنصراني ؟ قال إن كان يريد أن يدعوه إلى الإسلام فنعم .
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما من طريق ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءَه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى لله عليه وسلم لأبي طالب ياعم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما والله لأستغفرنّ لك مالم أُنه عنك فأنزل الله تعالى فيه { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى .. } .
والحديث فيه دليل على عيادة القريب المشرك إذا رُجي إسلامه قال الفضل بن زياد سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الرجل المسلم يعود أحداً من المشركين ، قال : إن كان يرى أنه إذا عاده يعرض عليه الإسلام يقبل منه فليعده كما عاد النبي صلى الله عليه وسلم الغلام اليهودي فعرض عليه الإسلام .​


الشيخ سليمان العلوان



هل يعتبر التأريخ بالتاريخ الميلادي موالاة للكفار
هل التأريخ بالتاريخ الميلادي يعتبر من موالاة الكفار ؟.


الحمد لله​
لا يعتبر موالاة ، لكن يعتبر تشبهاً بهم .
والصحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلادي موجوداً في عصرهم ، ولم يستعملوه ، بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجري .
وضعوا التاريخ الهجري ولم يستعملوا التاريخ الميلادي مع أنه كان موجوداً في عهدهم ، هذا دليل على أن المسلمين يجب أن يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار ، لاسيما وأن التاريخ الميلادي رمز على دينهم ، لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السنة ، وهذه بدعة ابتدعها النصارى ، فنحن لا نشاركهم ولا نشجهم على هذا الشيء . وإذا أرّخنا بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم .
وعندنا والحمد لله التاريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد بحضرة المهاجرين والأنصار ، هذا يغنينا . انتهى


فضيلة الشيخ صالح الفوزان في كتاب المنتقى 1/257 .



البقاء في البلد الإسلامي ولو كان مخالفاً لرغبة الوالدين
ولدت في بريطانيا وعشت هناك كل عمري، تزوجت في باكستان .
والداي لا يزالان في بريطانيا ويتمنيان أن أعيش بقربهما ، أنا كذلك أفتقدهم جداً وأجده من الصعب أن أعيش في بلد نامي (لأنني تعودت على المعيشة في الغرب طوال حياتي، ومع هذا فأنا أعيش حياة زوجية سعيدة ) .
أزورهما كل سنة وأبقى هناك على الأقل شهرين (هما يفضلان ثلاثة أشهر) فهل هذا جائز ؟
هل يجوز لي ولعائلتي أن ننتقل للعيش في بريطانيا حيث أنني أستطيع تأدية فرائضي الدينية كما أفعلها هنا تماماً ؟.



الحمد لله لا تجوز الإقامة بين ظهراني المشركين ، وفي بلادهم إلا لعذر شرعي ، وأنت ما دمت تتمكنين من الإقامة في بلاد الإسلام ، وليس هناك ما يضطرك للإقامة في بريطانيا ، فاحمدي الله على نعمة الإسلام ، وابقي في البلد المسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام : " أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ، لا تتراءى نارهما " .


الشيخ : سعد الحميد .



ضوابط التشبّه بالكفار
ما هي حدود التشبه بالغرب ؟؟ هل كل ما هو حديث وجديد ويأتينا من الغرب فهو تشبه بهم ؟؟ بمعنى آخر : كيف نطلق الحكم على شيء ما بأنه محرم لأنه تشبه بالكفار ؟.


الحمد لله
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (اللباس / 3512) قال الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح . برقم (3401)
قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيّ : أَيْ تَزَيَّى فِي ظَاهِره بِزِيِّهِمْ , وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيهمْ فِي مَلْبَسهمْ وَبَعْض أَفْعَالهمْ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسه بِالْكُفَّارِ مَثَلا مِنْ اللِّبَاس وَغَيْره , أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوْ الْفُجَّار أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّف وَالصُّلَحَاء الأَبْرَار ( فَهُوَ مِنْهُمْ ) : أَيْ فِي الإِثْم وَالْخَيْر .
قَالَ شَيْخ الإِسْلام اِبْن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم : وَقَدْ اِحْتَجَّ الإِمَام أَحْمَد وَغَيْره بِهَذَا الْحَدِيث , وَهَذَا الْحَدِيث أَقَلّ أَحْوَاله أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيم التَّشَبُّه بِهِمْ كَمَا فِي قَوْله { مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } وَهُوَ نَظِير قَوْل عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ : مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوت حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَقَدْ يُحْمَل هَذَا عَلَى التَّشَبُّه الْمُطْلَق فَإِنَّهُ يُوجِب الْكُفْر , وَيَقْتَضِي تَحْرِيم أَبْعَاض ذَلِكَ , وَقَدْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْر الْمُشْتَرَك الَّذِي يُشَابِههُمْ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَة أَوْ شِعَارًا لَهَا كَانَ حُكْمه كَذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّشَبُّه بِالأَعَاجِمِ , وَقَالَ : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى . وَبِهَذَا اِحْتَجَّ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة أَشْيَاء مِنْ زِيّ غَيْر الْمُسْلِمِينَ . أهـ . انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود .
والتشبه بالكفار على قسمين :
تشبه محرَّم ، وتشبه مباح .
القسم الأول : التشبه المحرّم : وهو فعل ما هو من خصائص دين الكفار مع علمه بذلك ، ولم يرد في شرعنا .. فهذا محرّم ، وقد يكون من الكبائر ، بل إن بعضه يصير كفراً بحسب الأدلة .
سواء فعله الشخص موافقة للكفار ، أو لشهوة ، أو شبهة تخيل إليه أنّ فعله نافع في الدنيا والآخرة .
فإن قيل هل من عمل هذا العمل وهو جاهل يأثم بذلك ، كمن يحتفل بعيد الميلاد ؟
الجواب : الجاهل لا يأثم لجهله ، لكنه يعلّم ، فإن أصر فإنه يأثم .
القسم الثاني : التشبه الجائز : وهو فعل عمل ليس مأخوذاً عن الكفار في الأصل ، لكن الكفار يفعلونه أيضاً . فهذا ليس فيه محذور المشابهة لكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة .
" التشبه بأهل الكتاب وغيرهم في الأمور الدنيوية لا يباح إلا بشروط
1- أن لا يكون هذا من تقاليدهم وشعارهم التي يميّزون بها .
2- أن لا يكون ذلك الأمر من شرعهم ويثبت ذلك أنه من شرعهم بنقل موثوق به ، مثل أن يخبرنا الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله أو بنقل متواتر مثل سجدة التحية الجائزة في الأمم السابقة .
3- أن لا يكون في شرعنا بيان خاص لذلك ، فأما إذا كان فيه بيان خاص بالموافقة أو المخالفة استغنى عن ذلك بما جاء في شرعنا .
4- أن لا تؤدي هذه الموافقة إلى مخالفة أمر من أمور الشريعة .
5- أن لا تكون الموافقة في أعيادهم .
6- أن تكون الموافقة بحسب الحاجة المطلوبة ولا تزيد عنها ."
انظر كتاب السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار لسهيل حسن ص 58- 59.​


الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد



حكم مساعدة الكفار في عدوانهم على المسلمين
تاجر مسلم عرض عليه فرص تجارية ذهبية عبر بيع معدات أو أغذية أو القيام بعقود صيانة ونقليات وتركيبات لجيش كافر يحارب المسلمين ، فما حكم هذه الأعمال التجارية ؟.


الحمد لله​
قرر علماء الإسلام أنه لا يجوز مظاهرة الكفار على المسلمين وأن ذلك كفر وردة لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) الآية المائدة / 51
وقد نص فقهاء الإسلام في كتبهم من أئمة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم من فقهاء الإسلام على تحريم بيعهم ما يستعينون به على المسلمين سلاحاً أو عتاداً أو دواباً فلا يجوز أن يعطوا طعاماً ولا أن يباع لهم طعام ولا شراب ولا ماء ولا خيام ولا شاحنات ولا نقل ولا أن تعقد معهم عقود صيانة أو نقليات ونحو ذلك كله حرام في حرام وآكله يأكل سحتاً ، والسحت النار أولى به .
فلا يجوز أن يباعوا تمرة و لا أن يعطوا ما يستعينون به على عدوانهم ومن فعل ذلك فالنار النار وكل كسب خبيث فالنار أولى به بل إنه من أخبث الخبث .
لا يجوز أن يعطوا شيئاً فيه أدنى إعانة على المسلمين
قال النووي في "المجموع" :
وَأَمَّا بَيْعُ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ فَحَرَامٌ بِالإِجْمَاعِ ..اهـ .
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" :
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ السِّلاحِ فِي الْفِتْنَةِ . . . وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَتَضَمَّنُ الإِعَانَةَ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ , وَفِي مَعْنَى هَذَا كُلُّ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَبَيْعِ السِّلاحِ لِلْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ . . . أَوْ إجَارَةُ دَارِهِ لِمَنْ يُقِيمُ فِيهَا سُوقَ الْمَعْصِيَةِ , وَبَيْعِ الشَّمْعِ أَوْ إجَارَتِهِ لِمَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَيْهِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إعَانَةٌ عَلَى مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيُسْخِطُهُ اهـ
وفي الموسوعة الفقهية (25/153) :
يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ وَلِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ إثَارَةَ الْفِتْنَةِ بَيْنَهُمْ , وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْمِلَ إلَى عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ سِلَاحًا يُقَوِّيهِمْ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَلا كُرَاعًا , وَلا مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى السِّلاحِ وَالْكُرَاعِ (الكراع هي الخيل) ; لأَنَّ فِي بَيْعِ السِّلاحِ لأَهْلِ الْحَرْبِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَبَاعِثًا لَهُمْ عَلَى شَنِّ الْحُرُوبِ وَمُوَاصَلَةِ الْقِتَالِ , لاسْتِعَانَتِهِمْ بِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ .
وهذه المسألة ليست من المعاصي العادية أو الصغائر بل إنها مسألة متعلقة بأصل العقيدة والتوحيد وموالاة المسلم لدين الله وبراءته من أعداء الله هكذا نص الأئمة في كتبهم على هذا .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274) :
"وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة / 51 ".


الإسلام سؤال وجواب



خطر الدراسة في مدارس الكفّار
ابنتي تدرس في مدرسة حكومية وكي تشعر بالراحة كونها مسلمة بين غير المسلمين ، اقترحت على المدرسة أن أفعل شيئاً لفصلها في رمضان والعيد ، هل لديك أي اقتراح لما يمكن أن أفعله لروضة الأطفال ؟.


الحمد لله​
أولاً :
لا شك أن الإقامة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه ، ولذلك ينبغي الحذر من ذلك والتحفظ منه ، ووضع الشروط التي تمنع من الوقوع في ذلك الخطر المتحتم ، فلابدّ لمن يقيم في بلاد الكفر أن يتوفر فيه شرطان هما :
1- أن يأمن على دينه بأن يكون عنده من العلم والإيمان ما يقوى على الثبات على دينه والبعد عن الانحراف والزيغ .
2- أن يتمكن من إظهار دينه المتمثّل في إقامة شعائر الإسلام دون وجود مانع ، وإلاّ لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، قال ابن قدامة رحمه الله في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : ( أحدها من تجب عليه ، وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار ، فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) النساء /97 ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورات الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) . انظر : المغني (8/457) ومجموع فتاوى ابن عثيمين (3/25–30) .
وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وهناك حالات يجوز فيها للمسلم أن يقيم في بلاد الكفار وللأهمية راجع سؤال رقم ( )
ثانياً :
أن الذي يقيم هناك بين الكفار لحاجة كالدراسة مثلاً فإن الخطر أعظم ، لأن المتعلم سيشعر بحاجته إلى معلمه مما يؤدي إلى التودد إليه بل ومداهنته فيما هو عليه ، وكذلك فإن المتعلم يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة مدرسه ومعلمه فيحصل تعظيمه والاقتناع بآرائه ، ثم إن المتعلم لابد وأن يكون له في مقر دراسته أصدقاء يتخذهم ، ولهذا كله كان وجوب التحفظ أكثر والحذر أشد ، فيشترط فيه بالإضافة لما سبق شروط منها :
1- أن يكون المتعلم على مستوى كبير من النضوج العقلي ، حتى يميز بين الحق والباطل ، ولهذا كان بعث صغار السن فيه خطر عظيم على دينهم وأخلاقهم وتصوراتهم ومعتقداتهم .
2- أن يكون لديه علم بالشريعة يتمكن به من مقارعة الباطل بالحق ، لئلا يلتبس عليه وينخدع بهم .
3- أن يكون عنده دين وإيمان يحميانه من الكفر والفسوق ، فضعيفهما لا يسلم .
4- أن تكون عنده حاجة إلى العلم الذي أقام من أجله ، بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد مثله في مدارس المسلمين ، وإلا لم تجز الإقامة عندهم .
ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) رواه أبو داود ( 2645 ) والترمذي ( 1604 ) وصححه الألباني في الإرواء ( 1207 ) .
ولهذا كله وجب التحفظ والحذر في هذا الأمر ، خاصة في بعث الأحداث وصغار السن للانضمام في مدارسهم أو حتى ما يسمى بروضة الأطفال ، إذ فيه خطر على سلوكهم وتصوراتهم وأخلاقهم
ولا يخفى عليك أن الخطر الذي يلحق أولادك غير مقتصر بمشاركتهم لهم في أعيادهم ، بل إنه حاصل بمجرد المخالطة والتعايش معهم ، فعليك أيها الأب الكريم أن تكون فطناً في ذلك كله مدركاً لهذه الأخطار قائماً على وقاية أبنائك من أن يتلوثوا بأفكارهم ويتأثروا بهم ، والله تعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) التحريم /6 .
وأبناؤك أمانة في عنقك ، فإن استطعت ألا يدرسوا إلا بمدرسة إسلامية وألا يتعلموا إلا من معلمين مسلمين فافعل ، والسلامة لا يعدلها شيء ، فكن حذراً من كل ما يضر دينهم وسلوكهم ، وأسأل الله لك الإعانة وأن يسددك وييسر لك الخير أينما كنت .
وبالله التوفيق .


الإسلام سؤال وجواب



الاستفادة مما عند الكفار
كيف نستفيد مما عند الكفار دون الوقوع في المحظور ؟ وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟.


الحمد لله​
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : عبادات .
القسم الثاني : عادات .
القسم الثالث : صناعات وأعمال .
أما العبادات : فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم ، ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم فقد يكون ذلك مؤدياً إلى كفره وخروجه من الإسلام .
وأما العادات : كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى الله عليكم وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
وأما الصناعات والحِرَف : التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه ، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة التي لا يعد مَن قام بها متشبهاً بهم .
وأما قول السائل : " وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟ ".
فنقول : إن المصالح المرسلة لا ينبغي أن تجعل دليلاً مستقلاً ، بل نقول : هذه المصالح المرسلة إن تحققنا أنها مصلحة فقد شهد لها الشرع بالصحة والقبول وتكون من الشرع .
وإن شهد لها بالبطلان فإنها ليست مصالح مرسلة ولو زعم فاعلها أنها مصالح مرسلة .
وإن كان لا هذا ولا هذا فإنها ترجع إلى الأصل ، إن كانت من العبادات فالأصل في العبادات الحظر ، وإن كانت من غير العبادات فالأصل فيها الحل ، وبهذا يتبين أن المصالح المرسلة ليست دليلاً مستقلاً . "


انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/40 .



حكم القول بان أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين
هل يجوز أن يقول المسلم أن بعض الكفار أحسن خلقاً من بعض المسلمين ؟ .


الحمد لله​
إذا قال إن أخلاق الكفار أفضل من أخلاق المسلمين – بهذا الإطلاق - فهذا محرم لا شك في ذلك ، بل يستتاب صاحبه ، لأن رأس الأخلاق وأهمها الخلق مع الله تعالى ، والأدب معه وترك عبادة ما سواه ، وهذا متحقق في المسلمين دون الكافرين ، كما أن فيه تعميما على كل المسلمين ، ولا بد أن يكون منهم من هو قائم بأخلاق الإسلام ، وبشرع الله تعالى .
وإن فضل بعض أخلاق الكفار على أخلاق بعض المسلمين ، فهذا من الخطأ ، إذ يكفي الكفار سوء خلق ما فعلوه مع ربهم جل وعلا وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، فقد سبوا الله تعالى ، وادعوا له الولد ، وقدحوا في أنبيائه وكذبوهم ، فأي خلق يفيدهم مع الناس إذا كانت أخلاقهم مع ربهم جل وعلا من أسوأ الأخلاق .
ثم كيف نرى أخلاق عشرة أو مائة من الكفار ، ونحكم عليهم بأن أخلاقهم جيدة ، ونسينا أخلاق أكثرهم من اليهود والنصارى ، فكم غدروا بالمسلمين ، وكم أفسدوا ديارهم ، وكم فتنوهم عن دينهم ، وكم أضاعوا من ثرواتهم ، وكم مكروا وتربصوا وتجبروا وطغوا ....
إن خلق بعضهم الجيد لا يساوي شيئا أمام خلق أكثرهم القبيح ، فضلا على أن خلقهم هذا لا يقصدون منه نفس الخلق ، وإنما يقصدون منه نفع أنفسهم ، واستقامة أمورهم الدنيوية ، وتحصيل مصالحهم ، في أغلب أحوالهم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن سائل يعقد مقارنة أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماما ، فما رأيكم سماحة الشيخ ؟
فأجاب : " هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة ، هؤلاء يدعون الإسلام ، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من الكفار ، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله ، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم ، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين ، فهذه لمصلحتهم ؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم ، حتى يأخذوا الأموال وحتى ترغبوا فيهم .
فالواجب عليكم ألا تستقدموا إلا الطيبين من المسلمين ؛ وإذا رأيتم مسلمين غير مستقيمين فانصحوهم ووجهوهم فإن استقاموا وإلا فردُّوهم إلى بلادهم واستقدموا غيرهم ، وطالبوا الوكيل الذي يختار لكم أن يختار الناس الطيبين المعروفين بالأمانة ، المعروفين بالصلاة، المعروفين بالاستقامة؛ لا يستقدم من هبّ ودبّ .
وهذا لا شك أنه من خداع الشيطان، أن يقول لكم : إن هؤلاء الكفار أحسن من المسلمين ، أو أكثر أمانة ، أو كذا أو كذا ؛ كله لما يعلمه عدو الله وجنوده من الشر العظيم في استقدام الكفرة واستخدامهم بدل المسلمين ؛ فلهذا يرُغِّب فيهم ويزين لكم استقدامهم حتى تدعوا المسلمين ، وحتى تستقدموا أعداء الله ، إيثارا للدنيا على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد بلغني عن بعضهم أنه يقول : إن المسلمين يصلون ويعطلون الأعمال بالصلاة ، والكفار لا يصلون حتى يأتوا بأعمال أكثر ، وهذا أيضا من جنس ما قبله ، ومن البلاء العظيم ؛ أن يعيب المسلمين بالصلاة ويستقدم الكفار لأنهم لا يصلون ، فأين الإيمان ؟ وأين التقوى ؟ وأين خوف الله ؟ أن تعيب إخوانك المسلمين بالصلاة ! نسأل الله السلامة والعافية . " فتاوى نور على الدرب
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل ؟
فأجاب بقوله : هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم ، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام ، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب . أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرا ماديا فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم .
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمرا شرعيا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر .
أما ما زعم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حق من حقه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – { إن الشرك لظلم عظيم } . فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم ، وكفرهم ، وظلمهم فلا خير فيهم . مجموع الفتاوى 3
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها ، وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل الخراج فقال : لا يستعان بهم في شيء " الفتاوى الكبرى 5/539
وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك : " وتفضيل الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين فهو ردة وإلا فلا " 2/348
وراجع السؤال رقم ( ).


الإسلام سؤال وجواب



يعاني من كسل زملائه المسلمين في الدراسة فهل يعمل مع غير المسلمين؟
أنا طالب بإحدى المدارس في الغرب ، والحمد لله أقضي جل وقتي مع المسلمين ، لكن أعاني من كسلي وكسل زملائي المسلمين هنا ، ولذلك بدأت بتفضيل العمل مع غير المسلمين هنا في مجال الدراسة فقط ، فهل هذا يعتبر موالاة للكفار ؟ وماهي شروط العمل معهم في هذه الحالـة ؟.


الحمد لله​
إن من أهم ما يؤثر في أخلاق الإنسان وطبائعه ، بل ودينه أيضاً : بيئته المحيطة به ، من أشخاص يتعاملون معه ويتعامل معهم ، ومكان يعيش فيه ويتردد عليه ، وتتردد معالمه على حسه ، بحيث يتأثر شعور الإنسان ، وتتكون قِيَمُه التي يؤمن بها ، وتتلون أخلاقه التي يتخلق بها بهذه المؤثرات المختلفة من حوله ، وأخطر ما في ذلك أن هذه العملية تتم من حيث لا يدري ، ولا يلقي لها بالاً ، ولأجل ذلك قالوا : الطبع لص ، يعني أنه ينقل مما حوله خفية ، من حيث لا يشعر به الإنسان .
ولأجل ما ذكرنا حدد الشرع للإنسان بيئته التي ينبغي أن يحرص على الحياة فيها ، من حيث اختيار الصديق الصالح ، والبيئة المسلمة التي يعيش فيها ، وحذره من الإقامة بين أظهر المشركين ، أومصادقتهم . [ راجع أسئلة في قسم العقيدة ] ، وانظر الأسئلة رقم ( ) ، ( ) ، ( ) .
وهذا إنما يمكن للمرء أن يتحراها ويتحكم فيها في حال السعة ، وأما حين يكون الإنسان في حال الضرورة ، أو ما يشبهها ، وليس في يده أمر الاختيار ، فهنا يكون الكلام عن تحصيل أقصى ما يستطيع من المصالح ، ودفع أقصى ما يمكنه من المفاسد . انظر للأهمية السؤال ( )
وفيما يتعلق بسؤالك ، قبل أن تفكر في العمل مع غير المسلمين ، لِمَ لا تحاول أن تدفع الكسل عنك وعن إخوانك المسلمين ؟!
لِمَ لا تحاول أن تقدم ـ مع إخوانك ـ صورة طيبة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من جد واجتهاد ؟!
إن أخشى ما أخشاه أن تؤكد بذلك السلوك صورة الكسل والتهاون والضعف التي تُنْقل عن المسلمين ، ولعمر الله إنها شكوى قديمة ، اشتكاها عمر رضي الله عنه من قبل : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة !! راجع السؤال رقم ( )
أما إن دار الأمر بين أن تعمل وتجد مع الكفار ، أو تنام وادعاً بين المسلمين ، فلتعمل ولتجتهـد ، واحرص على دينك وأخلاقك التي تعلمتها من دينك ، وكن شحيحاً بدينك أشد من شحك بمالك ودمك ، وانتبه إلى :
1- لا تجعل أصدقاء عملك من النساء ، فأنت خبير بأحوالهن ، تعرف ما يترتب على صحبتهن والاختلاط بهن ، ثم فوق ذلك تعرف أن مثل هذه العلاقات مرفوضة في الشرع .
2- حاول أن تقلل من الأوقات التي تقضيها بينهم ، قدر المستطاع .
3- اقتصر في حدود هذه العلاقة على ما يتطلبه العمل والدراسة منك .
4- حاول أن تكون صورة صحيحة للمسلمين : في دينهم وأخلاقهم ، واربط كل خير عندك بما يأمرك به دينك .
5- اعلم أن استقامتك وحرصك على دينك من أسباب احترام الآخرين لك ، ومن يدري لعل منهم من يتأثر بك ، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها .
والله الموفق .


الإسلام سؤال وجواب



هل يدعو لصديقه النصراني بالشفاء
لدي صديق نصراني أحبه جدا وهو من النصارى الذين مدحهم القرآن ، وهو الآن مريض جدا فهل يسمح لي الإسلام أن أدعو الله له بالشفاء ؟ .


الحمد لله​
عقيدة الولاء والبراء من آكد أصول الدين ، وأوثق عرى الإيمان ، وكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك تحقيق الناس لهذا الأصل العظيم يزيد وينقص ، وأما هدم هذا الأصل في قلب العبد وترك ما يوجبه على المؤمن من الأعمال فهو هدم للإيمان كله الذي هو مبني على محبة أولياء الله تعالى ، ومعاداة أعدائه ، وقد دل على هذا الأصل عدة آيات من كتاب الله ، وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك :
قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً ) النساء/144 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بِحَرَّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال فارجع فلن أستعين بمشرك " رواه مسلم (1817)
بل اتهم الصحابة - رضي الله عنهم – مالك بن الدخشن بالنفاق ، بسبب كثرة صحبته لبعض المنافقين ، ولقائه بهم ، كما ثبت في الصحيحين ( البخاري برقم 415 ، ومسلم 33 )
كل ما سبق وغيره كثير ، يدل على تحريم موالاة الكافرين ، أو محبتهم وتوليهم ، وهذه الموالاة لها صور عدة ، فمنها : الرضا بكفرهم ، أو مخالطتهم مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على المؤمنين أو مودتهم ، أو تحكيم قوانينهم وغير ذلك ، وانظر السؤال رقم ( )
ومما سبق تعلم أن محبة الكافر أمرها خطير جدا ، لأنها تناقض باباً عظيما من أبواب التوحيد ، ألا وهو الولاء للمؤمنين ، والبراء من المشركين .
وقولك إن هذا الكافر من النصارى الذي مدحهم الله في كتابه ، جوابه أن الذين مدحهم الله في كتابه هم صنف معين لهم أوصاف محددة ، وقد بين الله تعالى هذه الأوصاف بعد آية مدحهم مباشرة ، قال تعالى : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ) ثم قال : ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) المائدة/86 فتمام الآيات يبين أن المراد بهؤلاء من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثر بسماع القرآن ودعوته .
قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية : " يقول تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبتهم وأبعدهم من ذلك : لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .
فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين ، وأكثرهم سعيا في إيصال الضرر إليهم ، وذلك لشدة بغضهم لهم بغيا وحسدا وعنادا وكفرا .
( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى )
وذكر تعالى لذلك عدة أسباب : منها : أن منهم قسيسين ورهبانا ، أي علماء متزهدين وعبادا في الصوامع متعبدين . والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة ، فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود وشدة المشركين .
ومنها : أنهم لا يستكبرون أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد للحق ، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم ، فإن المتواضع أقرب إلى الخير من المستكبر .
ومنها : أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا للذي تيقنوه ، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا : ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به ، ويشهدون على الأمم السابقة بالتصديق والتكذيب .... وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسم - كالنجاشي وغيره ، ممن آمن منهم ، وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام ، ويتبين له بطلان ما كانوا عليه ، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام " [ تفسير السعدي 1 / 511 ]
أما الدعاء للكافرين فينقسم إلى قسمين :
الأول : أن تدعو له بالهداية إلى الإسلام ونحو ذلك ، فهذا جائز ، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ) رواه الترمذي (3681) ، وصححه الألباني ، وهذا دعاء لأحدهما بالهداية
الثاني : أن تدعو له بالمغفرة ونحو ذلك ، فهو حرام بالإجماع .
قال النووي : " وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع " [ المجموع 5 / 120 ]
وقال في تحفة المحتاج :" ويحرم الدعاء بأخروي لكافر وكذا من شك في إسلامه ولو من والديه " [ 3 / 141 ]
أما الدعاء له بالشفاء من مرض والعافية منه ، فهو جائز للمصلحة ، كرجاء إسلامه وتأليف قلبه ، ونحو ذلك ، ويدل لهذا حديث الصحابي الذي رقى سيد القوم من لدغة العقرب ، وقد سبق بيانه في السؤال رقم ( ) ، والدعاء بالشفاء من جنس الرقية .
بل يجوز لك أن تزوره في مرضه هذا ، والإنسان في مرضه يرقُّ قلبه ويضْعُف ، ويقرب قبوله للحق ، وقد كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلام يهودي يخدمه ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (1356)
قال ابن حجر : " وفي الحديث جواز استخدام المشرك وعيادته إذا مرض ، وفيه حسن العهد "
لكن الدعاء للكافر بالشفاء لا يعني موالاته أو محبته أو تقديمه أو مودته كما سبق ذلك ، والله أعلم .
وللمزيد راجع الأسئلة رقم ( ، ، ، ، ، ، ، )
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن حكم موالاة الكفار ؟
فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء ، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير .
ولا ينبغي أبدا أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ). ويقول سبحانه لنبيه ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه ، وألا تأخذه فيه لومة لائم ، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
( انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 3 / 31 - 46 ، الولاء والبراء في الإسلام ص 352 ) .


الإسلام سؤال وجواب



بدء إلقاء التحيّة على الكافر
هل يجوز للمسلم أن يحي غير المسلم أولاً ؟.


الحمد لله​
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم السلام على غير المسلمين ، فأجاب بقوله :
البدء بالسلام على غير المسلمين محرّم ولا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ) ، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم ، لعموم قوله تعالى : ( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها ) ، وكان اليهود يسلّمون على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليك يا محمد ، والسام بمعنى الموت . يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم "
فإذا سلّم غير المسلم على المسلم وقال : " السام عليكم " فإننا نقول : وعليكم " . وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وعليكم " دليل على أنهم إذا كانوا قد قالوا : السلام عليكم فإن عليهم السلام فكما قالوا نقول لهم ، ولهذا قال بعض أهل العلم : إن اليهودي أو النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح : " السلام عليكم " جاز أن نقول : عليكم السلام .
ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن السلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .
إذا فنقول في خلاصة الجواب : لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم ، والمسلم أعلى مرتبة عند الله ـ عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلّ نفسه في هذا . أما إذا سلّموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلّموا .
وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحيّة مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيهم فهو كابتداء السلام عليهم "
( مجموع الفتاوى 3/33)
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها حينئذٍِ ، ولتكن بغير السلام ، كما لو قال له : أهلاً وسهلاً أو كيف حالك ونحو ذلك . لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (25/168) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :
( و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ) اهـ .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب



مسلم يقوم بجمع التبرعات للكنيسة فهل يقبل صومه؟
لي صديق مسلم مشارك في النادي الدولي في المدرسة . وقد استفسر المعلم من جميع المشتركين في النادي إن كانوا يريدون جمع التبرعات للكنيسة . وتطوع المذكور لذلك . وسيقوم بجمع التبرعات في رمضان . فهل يقبل صيامه ؟.


الحمد لله​
الكنيسة : هي البناء الذي يمارس فيه النصارى شعائرهم وطقوسهم ، بما تشتمل عليه من الكفر والتثليث وعبادة غير الله .
وعليه فبناء الكنائس ، أو جمع التبرعات لإنشائها أو إصلاحها أو دعمها ، منكر عظيم ، لما فيه من الإعانة على نشر الكفر وتقريره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" من اعتقد أن الكنائس بيوت الله , أو أنه يعبد فيها ، أو أن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله , أو أنه يحب ذلك , أو يرضاه فهو كافر ; لأنه يتضمن اعتقاده صحة دينهم , وذلك كفر ، أو أعانهم على فتحها ; أي : الكنائس ، وإقامة دينهم ; واعتقد أن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر ، لتضمنه اعتقاد صحة دينهم " .
وقال : الشيخ في موضع آخر:
" من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله ; فهو مرتد , وإن جهل أن ذلك محرم عُرِّف ذلك , فإن أصر صار مرتدا ; لتضمنه تكذيب قوله تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) آل عمران/91 " انتهى من " مطالب أولي النهى" (6/281) بتصرف .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (14/482) :
" لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبني كنيسة أو محلا للعبادة ليس مؤسسا على الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ، والله عز وجل يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
فعليك تذكيره بالله ونصحه أن يتوب إلى الله تعالى ، ويقلع عن العمل المذكور حذراً من وقوعه هو في الكفر والردة ، فيحبط عمله وهو لا يشعر .
وعلى هذا ، فإنه يُخشى على صاحبك ما هو أعظم من عدم قبول صيامه ، ألا وهو الكفر .
نسأل الله أن يهديه ، ويوفقه لكل خير .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
 
ما معنى اتخاذ الكفار أولياء ؟ وحكم مخالطة الكفار
ورد في القرآن أنه لا يجوز لنا اتخاذ الكفار أولياء ، لكن ماذا يعني ذلك ؟ أقصد إلى أي حدٍّ ؟ هل يجوز لنا التعامل معهم ؟ أنا أدرس ، فهل يجوز لنا لعب كرة السلة معهم ؟ هل يجوز أن نتحدث معهم فيما يتعلق بالسلة وما إلى ذلك ؟ هل يجوز أن نصاحبهم طالما أنهم أبقوا أمور اعتقاداتهم لأنفسهم ؟ .
أسأل عن ذلك لأني أعرف شخصاً يصاحبهم بمثل هذه الطريقة وتواجده معهم لا يؤثر على اعتقاده ، لكني مع ذلك أقول له : " لماذا لا تبقى مع المسلمين بدلا من هؤلاء ؟ " وهو يرد قائلا : إن أغلب - أو العديد - من المسلمين يشربون الخمر ويتناولون المخدرات في أماكن تجمعهم ، كما أن لهم صديقات ، وهو يخاف من أن معاصي هؤلاء المسلمين قد تغويه ، لكنه متأكد تماما أن كفر الكفار لن يغريه لأنه شيء لا يُعتبر مغريا بالنسبة له ، فهل تواجده ولعبه وحديثه حول أمور الرياضة مع الكفار يعتبر " من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين " ؟.



الحمد لله​
أولاً :
حرم الله تعالى على المؤمنين اتخاذ الكافرين أولياء ، وتوعد على ذلك وعيداً شديداً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" ذكر في هذه الآية الكريمة أن من تولى اليهود والنصارى مِن المسلمين فإنه يكون منهم بتوليه إياهم ، وبيَّن في موضع آخر أن توَلِّيهم موجب لسخط الله ، والخلود في عذابه ، وأن متوليهم لو كان مؤمناً ما تولاهم ، وهو قوله تعالى : ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) المائدة/80 ، 81 .
ونهى في موضِع آخر عن تَوليهم مبيناً سبب التنفير منه ، وهو قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ) الممتحنة/13 .
وبيَّن في موضع آخر أن محل ذلك فيما إذا لم تكن الموالاة بسبب خوف ، وتقية ، وإن كانت بسبب ذلك فصاحبها معذور ، وهو قوله تعالى : ( لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) آل عمران/28 . فهذه الآية الكريمة فيها بيانٌ لكل الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقاً وإيضاحٌ ؛ أن محل ذلك في حالة الاختيار ، وأما عند الخوف والتقية فيرخص في موالاتهم ، بقدر المداراة التي يكتفي بها شرهم ، ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة ، ومن يأتي الأمور على اضطرار فليس كمثل آتيها اختياراً .
ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم " انتهى .
"أضواء البيان" ( 2 / 98 ، 99 ) .
ومن صور مولاة الكفار المحرمة : اتخاذهم أصدقاء وأصحاباً ، ومخالطتهم في الطعام واللعب معهم .
وفي جواب السؤال رقم ( ) نقلنا عن الشيخ ابن باز قوله :
" ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .
وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية " . انتهى .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟
فأجاب :
لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم ؛ لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم ، قال الله تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/4 . وقال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) المجادلة/22 .
وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) الممتحنة/1 .
أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم : فهذا لا بأس به ؛ لأنه من باب التأليف على الإسلام ، ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به ، وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم رحمه الله " . انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 3 / السؤال رقم 389 ) .
ثانياً :
وأما قول هذا القائل : إنه لا يخالط العصاة من المسلمين خوفا من أن تغويه معاصيهم ، وأما الكفار فإن كفرهم لن يغريه .
فجوابه أن يقال :
أما عدم مخالطته لأهل المعاصي من المسلمين فَلَنِعْمَ ما فَعَلَ ، إذا لم يكن قادراً على نصيحتهم ، ونهيهم عن المنكر ، وخاف على نفسه من الوقوع في معاصيهم واستحسانها .
وأما مخالطته للكفار ، فليست العلة في منع مخالطة الكفار هي الخوف من الوقوع في الكفر فقط ، بل مِنْ أظهرِ عِلَلِ هذا الحكم : عداوتُهم لله ورسوله والمؤمنين ، وقد أشار الله تعالى إلى هذه العلة بقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) الممتحنة/1 .
فكيف يليق بمسلم أن يصاحب عدو الله وعدوه ويصادقه ؟!
ثم مِنْ أين يأمَنُ هذا مِنِ استحسانِ طريقتهم ومذهبهم ؟ وقد وقع كثير من المسلمين في الكفر والإلحاد وارتدوا عن الإسلام بسبب مصاحبتهم للكفار ، وإقامتهم في بلدانهم . فبعضهم تَهَوَّدَ ، وبعضهم تَنَصَّر ، وبعضهم اعتنق مذاهب فلسفية ملحدة .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه .
وانظر جواب السؤال رقم ( ) ففيه إيضاح القاعدة العظيمة : " تحريم موالاة الكفّار " وفيه ذِكر صور كثيرة من تلك الموالاة المحرَّمة .
وفي جواب السؤال رقم ( ) تجد حكم القول بأن أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين ، وفيه النقل عن الشيخ ابن باز بتحريم هذا القول .
وفي جواب السؤال رقم ( ) ، ( ) بيان تحريم مصاحبة الكافر ومصادقته .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب



هل تفضيله للعمل مع غير المسلمين يعتبر من موالاتهم ؟
هل العمل في شركة يملكها رجل كافر يعتبر من موالاة الكفار ؟.


الحمد لله​
العمل عند الكفار ومشاركتهم في التجارة لا يعد من موالاتهم ، وعلى المسلم أن يحسن اختياره للأشخاص ، ولطبيعة العمل ونوعية التجارة ، ولا يجوز أن تكون أعماله أو تجاراته في المحرمات ، ولا يحل له أن يوادهم في قلبه ، ولا أن يثني عليهم ثناء مطلقاً ، ويجب عليه أن يتحلى بالصدق والإتقان في عمله ليكون أنموذجاً طيباً لأخلاق المسلمين .
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومن الموالاة المحرمة‏ :‏ مناصرتهم على المسلمين ومظاهرتهم أو الدفاع عنهم بالقول بتبرير ما هم عليه والاعتزاز بما هم عليه ، كل هذا من أنواع الموالاة المحرمة والتي تصل إلى الردة عن الإسلام - والعياذ بالله - قال الله تعالى ‏:‏ ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .
‏أما ما يجوز لنا من التعامل مع الكفار فهو التعامل المباح ، نتعامل معهم بالتجارة ، ونستورد منهم البضائع ، ونتبادل معهم المنافع ، ونستفيد من خبراتهم ، نستقدم منهم من نستأجره على أداء عمل كهندسة أو غير ذلك من الخبرات المباحة ، هذا حدود ما يجوز لنا معهم ولابد من أخذ الحذر ، وأن لا يكون له سلطة في بلاد المسلمين إلا في حدود عمله ، ولا يكون له سلطة على المسلمين ، أو على أحد من المسلمين ، وإنما تكون السلطة للمسلمين عليهم ‏.
"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2/252) .
وعلى أصحاب الأعمال من المسلمين أن يتقوا الله في أعمالهم وموظفيهم ، وأن يقيموا الأعمال المباحة ، وأن يعطوا موظفيهم وعمالهم حقوقهم كاملة غير منقوصة ، وأن لا يتسببوا في انتقال العمال والموظفين المسلمين إلى غيرهم من الكفار .
فالكثير من المسلمين يرى أن ما يحصل عليه من راتب وامتيازات عند الكافر هي التي تدفعه إلى العمل عنده ؛ لأنه يرى أنه يأخذ ما يستحقه ، وفي هذا من المفاسد ما فيه من مدح هؤلاء الكفار والثناء عليهم في خلقهم ومعاملاتهم ، وقد يؤدي ذلك إلى الوقوع في موالاتهم ، وهو ما سبب فتنة لكثيرين في دينهم بعد ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم ( ) ففيه تفصيل مهم في موالاة الكفار وأنواعها .
وانظر جواب السؤال رقم ( ) ففيه حكم العمل عند الكفار ، وجواب السؤال رقم ( ) ففيه بيان جواز مشاركة المسلم للكافر بشروط .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب



قبول هدية الكافر في يوم عيده
جارتي أمريكية مسيحية ....، هي وعائلتها قدموا لي هدايا بمناسبة الكريسمس ، وأنا لا أستطيع رده هذه الهدايا ، حتى لا تغضب مني !!
فهل لي أن أقبل هذه الهدايا ، كما قبل الرسول عليه الصلاة والسلام هدايا الكفار ؟.



الحمد لله​
أولا :
الأصل هو جواز قبول الهدية من الكافر ، تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام ، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا بعض الكفار ، كهدية المقوقس وغيره .
وبوب البخاري في صحيحه : باب قبول الهدية من المشركين ، قال رحمه الله : " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ ، وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ ، وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ " وذكر قصة اليهودية وإهداءها الشاة المسمومة للنبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيا :
يجوز للمسلم أن يهدي للكافر والمشرك ، بقصد تأليفه ، وترغيبه في الإسلام ، لاسيما إذا كان قريبا أو جارا ، وقد أهدى عمر رضي الله عنه لأخيه المشرك في مكة حلة (ثوبا) . رواه البخاري (2619).
لكن لا يجوز أن يهدي للكافر في يوم عيد من أعياده ، لأن ذلك يعد إقرارا ومشاركة في الاحتفال بالعيد الباطل .
وإذا كانت الهدية مما يستعان به على الاحتفال كالطعام والشموع ونحو ذلك ، كان الأمر أعظم تحريما ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كفر .
قال الزيلعي في "تبيين الحقائق" (حنفي) (6/228) : " ( والإعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز ) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام بل كفر , وقال أبو حفص الكبير رحمه الله لو أن رجلا عبد الله خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز , وأهدى لبعض المشركين بيضة ، يريد به تعظيم ذلك اليوم ، فقد كفر , وحبط عمله . وقال صاحب الجامع الأصغر : إذا أهدى يوم النيروز إلى مسلم آخر , ولم يرد به التعظيم لذلك اليوم , ولكن ما اعتاده بعض الناس لا يكفر , ولكن ينبغي له أن لا يفعل ذلك في ذلك اليوم خاصة , ويفعله قبله أو بعده ، كي لا يكون تشبها بأولئك القوم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } . وقال في الجامع الأصغر رجل اشترى يوم النيروز شيئا ، لم يكن يشتريه قبل ذلك ، إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظمه المشركون كفر , وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر " انتهى .
وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/319) : " وكره ابن القاسم أن يهدي للنصراني في عيده مكافأة له ، ونحوه إعطاء اليهودي ورق النخيل لعيده " انتهى .
وقال في "الإقناع" من كتب الحنابلة : " ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه ، ومهاداتهم لعيدهم " انتهى .
بل ولا يجوز للمسلم أن يهدي للمسلم هدية لأجل هذا العيد ، كما سبق في كلام الحنفية ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالِفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد : لم تقبل هديته ، خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم ، مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد ، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم ، وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد ، لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/227).
ثالثا :
أما قبول الهدية من الكافر في يوم عيده ، فلا حرج فيه ، ولا يعد ذلك مشاركة ولا إقرارا للاحتفال ، بل تؤخذ على سبيل البر ، وقصد التأليف والدعوة إلى الإسلام ، وقد أباح الله تعالى البر والقسط مع الكافر الذي لم يقاتل المسلمين ، فقال : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8.
لكن البر والقسط لا يعني المودة والمحبة ؛ إذ لا تجوز محبة الكافر ولا مودته ، ولا اتخاذه صديقا أو صاحبا ، لقوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقّ ) الممتحنة/1 ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118
وقال عز وجل : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هود/113
وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم مصادقة الكافر أو مودته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فقد قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتي بهدية النيروز فقبلها .
وروى ابن أبي شيبة .. أن امرأة سألت عائشة قالت إن لنا أظآرا [جمع ظئر ، وهي المرضع] من المجوس ، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا فقالت : أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا ، ولكن كلوا من أشجارهم .
و.. عن أبي برزة أنه كان له سكان مجوس فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان ، فكان يقول لأهله : ما كان من فاكهة فكلوه ، وما كان من غير ذلك فردوه .
فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم ، بل حكمها في العيد وغيره سواء ؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم ... ".
ثم نبه رحمه الله على أن ذبيحة الكتابي وإن كانت حلالا إلا أن ما ذبحه لأجل عيده : لا يجوز أكله . قال رحمه الله : " وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم ، بابتياعٍ أو هديةٍ أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد . فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة ، وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى ، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة ، فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله وإن لم يسم عليه غير الله تعالى ، ونقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر ..." انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/251).
والحاصل أنه يجوز لك قبول الهدية من جارتك النصرانية ، في يوم عيدهم ، بشروط :
الأول : ألا تكون هذه الهدية من ذبيحةٍ ذبحت لأجل العيد .
الثاني : ألا تكون مما يستعان به على التشبه بهم في يوم عيدهم ، كالشمع ، والبيض ، والجريد ، ونحو ذلك .
الثالث : أن يصحب ذلك شرح وتوضيح لعقيدة الولاء والبراء لأبنائك ، حتى لا ينغرس في قلوبهم حب هذا العيد ، أو التعلق بالمُهدي .
الرابع : أن يكون قبول الهدية بقصد تأليفها ودعوتها للإسلام ، لا مجاملة أو محبة ومودة .
وفي حال كون الهدية مما لا يجوز قبولها ، فإنه ينبغي أن يصحب رفضها توضيح وبيان لسبب الرفض ، كأن يقال : إنما رفضنا هديتك لأنها ذبيحة ذبحت لأجل العيد ، وهذا لا يحل لنا أكله ، أو أن هذه الأمور إنما يقبلها من يشارك في الاحتفال ، ونحن لا نحتفل بهذا العيد ؛ لأنه غير مشروع في ديننا ، ويتضمن اعتقادا لا يصح عندنا ، ونحو ذلك ، مما هو مدخل لدعوتهم إلى الإسلام ، وبيان خطر الكفر الذي هم عليه .
والمسلم يجب أن يكون معتزا بدينه ، مطبقا لأحكامه ، لا يتنازل عنها حياء أو مجاملة لأحد ، فإن الله أحق أن يُستحيى منه .
وراجعي السؤال رقم ( ) ورقم ( ) لمزيد الفائدة .
والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب

 
شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
 
جزاك الله ألف خير على المجهود الطيب أخي عبدالله الله لايحرمك الأجر ان شاء الله..
 
الولاء والبراء موضوع خطير جدا في حياتنا كثيرا من يرتكب أخطاء الوقوع في ولاء الكافرين وبراء المسلمين

المسلم يوالي المسلم حتى لو كانت بينهم عداوة
 
رد: الولاء و البراء .:. سؤال و جواب .:.

موضوع رائع لقد علمنى اشياء كثيرة لم اكن اعلمها شششششششششششششكككككككككرررررررررررااااااااااااااااااااااااااا
 
رد: الولاء و البراء .:. سؤال و جواب .:.

جزاك الله خير
علي هذا الموضوع المتميز

 
عودة
أعلى