بسم الله الرحمن الرحيم،
يقول الشاعر السعودي عبدالرحمن العشماوي:
الليلة سوف يدور الوهم على السمار
ستمزق صورة وجه الظلمة كل إطار
وستكشف كل الأسرار
سيقبل ثغر الناي فم المزمار
سأحرك شوق البحر إلى الإبحار
سأريكم كيف يكون الإصرار!
الليلة يا أصحاب سنعشق
وسنبحر حتى نغرق
سنعلم هذا البحر الاعمق
كيف نكون الأعمق
سنقول لواعظنا الأحمق
دعنا نغرق!
مقلة الراوي .. ترى شيئا عجيبا ...
وترى في البحر إشعاعا غريبا ...
كل من كان بعيدا .. صار في نظرته الآن قريبا ...
الملايين التي تعبر جسر الوهم تزداد انبهارا ...
وجبين القمر الحالم يشتد اصفرارا ...
وشعاع البحر يشتد احمرارا ...
ودوي الموج يوحي أن طوفاناً سيجتاح الديارا ...
صارت الليلة شلالا من الظلمة قد جن انحدارا ...
أوغلت في دربها الحالك والناس حيارا ...
يتحدث بعض الاطباء النفسيين الذين درسوا تقنيات علاج نفسي لم يتم الاعتراف بها علميا حتى الآن عن شيء اسمه العلاج بخط الزمن. وبغض النظر عن جدوي هذا العلاج أعجبتني فكرة أن الانسان بامكانه ان يسافر عبر خط الزمن (على الاقل ذهنيا) ليتخذ قرارات جديدة محل القرارات التي اتخذها في السابق. ومن هذا المنطلق قررت أن أذهب في رحلة تاريخية لأقرر بشكل ارتجالي دعم الجيوش الوطنية عبر التاريخ.
نبدأ بالجيش الصربي: عندما اندفع الجيش الصربي الوطني في ليقصف الالبان ويمزقهم كل ممزق، قرر العالم أن يقف في وجه هذا الجيش الوطني ويهاجمه ويدمر آلته العسكرية. كما ترى عزيزي القارئ هناك فلسفة انسانية غريبة نوعا ما، تتحدث هذه الفلسفة عن اهمية حماية الجيش للمواطنين وفي حال توقف ذلك فإن هذا الجيش يفقد شرعيته ويحق لكل فرد ان ياخذ السلاح ليدافع عن نفسه. مضحك صح؟ مواطن يقف في وجه الجيش الوطني الشريف الذي يمطره بالقنابل الخارقة للتصحينات.
فكرت، ماذا لو لم يتدخل العالم في صربيا ويوقف التطهير العرقي الذي حصل هناك؟ تخيلوا معي ان العالم قرر ان يترك صربيا وشأنها. ستختفي البانيا من الوجود، ويعيش المسيحيين اخوة متحابين في كامل الوطن الصربي العظيم تحت حماية الجيش الوطني الصربي المبجل. للاسف ان العالم لم يفهم هذه الفكرة واتخذ قرارا تاريخيا خاطئا بيقاف المجازر في البانيا. ):
دعونا نعرج على الجيش الوطني الكمبودي العظيم. هذ الجيش بالذات تحت راية الحكومة الوطنية الطاهرة تسبب في قتل 8 مليون نسمة إرهابية بسبب سياساته الوطنية الكيوت. لماذا يا لماذا يا لماذا تدخلت فيتنام وأنهت ذلك الحكم؟ لماذا لا نترك المجال للجيوش الوطنية التي تحكم كمبوديا للاستمرار في الامور الرائعة التي تقوم بها؟ ماذا لو قررت فيتنام عدم التدخل في كمبوديا؟ سيعيش الكمبوديين تحت حكم السيد بول بوت المعظم وسيستمر الجيش الكمبودي في صموده الاسطوري ضد الامبريالية ويواصل في منع الدواء والماء المقطر الامبريالي عن المواطنين الذين لا يفهمون شيئا.
ننتقل دون تطويل للسيد العظيم امبراطور الجماهيرية الشعبية العظمى السيد المشير معمر القذافي وجيشه الوطني. السيد معمر القذافي قال بلسانه أن ما حدث في ميدان ماء السماء مقبول دوليا وان ما حدث في البرلمان الروسي شيء يجب ان يتم تشجيعه لا ادانته. وصاح بأعلى الصوت وثار قائلا: بنخلي ليبيا نار حمراء. وابتدأ بعدها بدك شعبه بالطيران.
لماذا تدخل الغرب؟ للنفط؟ لاسكات معمر الذي عرف اسرار القادة الاوروبيين؟ لخلق ثقب اسود في شمال افريقيا يبتلع من حوله؟ قد يكون كل هذا الكلام صحيح. ولهذا كان من الاولى بالعالم قبول بضعة الاف من الصرعى من اجل بقاء الجيوش الوطنية اللذيذة تحكم دولها الكيوت. ماذا لو لم يتدخل العالم؟ لماذا لا يموت 50% من الشعب؟ اتسائل وانا كلي حيرة واستغراب! ألهذه الدرجة الانسان اهم من الجيوش الوطنية التي تلقي عليه اطنانا من القنابل؟ سأبقى لم افهم هذه الفلسفة الغريبة.
ماذا عن راوندا التي اندفع فيها الجيش الوطني والحكومة الوطنية التي يسيطر عليها الاخوة الهوتو ليقتلوا ما يقارب المليون من التوتسو. لماذا لم ندعم تلك الحكومة الوطنية وجيشها الوطني ضد الاقلية؟ يعني هل من المعقول ان يكون هناك جبهة تقودها مليشيا تطرد الجيش الوطني والحكومة الوطنية؟ لماذا وافق العالم الغريب على هذا التصرف؟
لماذا يا راوندا لماذا لماذا؟ اتسائل وانا كلي حيرة لماذا لم يقبل الهوتو بان يقتلوا جميعا؟ كلي حيرة من امري من هذا التصرف الاهوج من عدم دعم الجيش الوطني والحكومة الوطنية والمجزرة الوطنية!
أخيرا أتذكر ما قاله الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته "أنشودة المطر":
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
مطر ..
شكرا،
Alucard