أثارت مندوبة عن الأمين العام للأمم المتحدة، هلعا داخل صفوف بوليساريو حينما ألمحت، خلال زيارتها إلى تندوف، أن المغرب بات من حقه اللجوء إلى القوة العسكرية في مواجهة ميلشيات بوليساريو المتمركزة على المنطقة الحدودية بـ”الكركرات”، تطبيقا لمقتضيات القانون الدولي. وأثارت تلميحات المسؤولة الأممية، كيم بلدوك، التي وصلت إلى مخيمات تندوف لأجل حث بوليساريو على سحب قواتها من المعبر الحدودي، كما فعل المغرب، استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، مخاوف حقيقية لدى الجزائر وبوليساريو، بشأن اللجوء إلى استخدام ورقة الدفاع الشرعي عن النفس تطبيقا لمقتضيات المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
ومما يزيد في احتمال التصعيد، بالاستخدام المشروع للقوة، أن الرباط وضعت هذا الخيار ضمن الخيارات المطروحة لإدارة أزمة النقطة الحدودية، مضيفة أن الدفاع عن النفس هو ما دفع المغرب إلى سحب عناصر الدرك الحربي المرابطة في “الكركرات”، بينما احتفظ بكامل قواته العسكرية على طول الشريط الحدودي بالحزام الأمني، الذي يفصل الأراضي المغربية عن المنطقة العازلة، شرق الجدار، بوصفها خاضعة للقوات الأممية.
وتعتبر الأمم المتحدة أن دفاع الدولة عن نفسها، حق طبيعي لا يُضعفه أو ينتقص منه شيء. ووفقا للمادة 51 من الميثاق فإنه يحق للدول «فرادى أو جماعات، الدفاع عن أنفسها إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا». وبموجب هذا النص الصريح فإن المغرب يكفيه الإبلاغ عن الاعتداءات التي يتعرض لها المواطنون من سائقي الشاحنات العسكرية، التي تعبر النقطة الحدودية نحو موريتانيا، وعمليات الاستفزاز العسكري التي تقوم بها ميلشيات عسكرية هاوية، قبل مباشرة تحركات عسكرية لإطلاق عملية الدفاع الشرعي.
ووضع المغرب جبهة بوليساريو في مواجهة مباشرة مع الأمانة العامة للأمم المتحدة، وهو ما تؤكده الزيارة التي تقوم بها الممثلة الخاصة للأمين العام، أنطونيو غوتيريس، إلى تندوف، حيث التقت بعدد من المسؤولين العسكريين، ونقلت إليهم رسالة وحيدة تقضي بانسحاب ميليشياتها من معبر «الكركرات». وجددت كيم بلدوك مطالب الأمانة العامة للأمم المتحدة بالتنفيذ الفوري لهذا الانسحاب، كما نقلت استياءها إلى وزير دفاع بوليساريو من تصرفات مليشياته في المنطقة العازلة واعتراض حركة السير وعرقلة الأنشطة التجارية داخل تراب يخضع لمراقبة قوات المينورسو.
وتَصف بلاغات الأمانة العامة للأمم المتحدة، منطقة “الكركرات” بأنها “أراض عازلة” وليست محررة كما تدعي جبهة بوليساريو، التي أحبطها هذا التوصيف، ذلك أن الصفة القانونية “للمنطقة العازلة”، سوف تسري مستقبلا على كافة المناطق العازلة التي ضمتها جبهة بوليساريو، ونقلت إليها السكان على طول الشريط الحدودي شرق الجدار الأمني، وأطلقت عليها اسم أراض محررة، سواء تعلق الأمر بتيفاريتي أو الميجق أو بئر لحلو والمهيريز، وهي كلها مناطق سلمها المغرب إلى القوات الأممية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.